مقدمة
تؤلف الاتحادات الطلابية مكوناً أساسياً من مكونات البيئة التربوية التي توفرها الجامعة لطلابها، فهي تقدم مجموعة من المؤثرات الثقافية والاجتماعية والفنية والرياضية وغيره من المؤثرات التي تؤدي عدداً من الوظائف التربوية (شيحة، 1986)، فهذه الاتحادات بكل فروعها وتعدد تسمياتها وإختلاف إتجاهاتها داخل الحرم الجامعي تلعب دورا هاما وفعالا إن لم نقل حاسما في تحريك الوسط الطلابي إنطلاقا من وضعها، الذي يقوم على أساس تمثيلها لفئة الطلبة بممارسة العمل النقابي في الدفاع عن حقوقهم قصد إشباع حاجاتهم الضرورية ولتحسين الوضع الخدماتي لهم، وكذلك المساهمة في تطوير العملية التعليمية الجامعية.
1. الجانب المنهجي
1.1. مشكلة الدراسة وتسؤلالتها وفروضها
لقد شدد عدد من النقابيين الجامعيين على أهمية العمل النقابي الجامعي الذي تنتهجه المنظمات الطلابية الجزائرية ودوره الفعال في توعية الطلبة، مشيرين إلى أنه يصقل مهارات العمل الجماعي ويطورها، ويصقل شخصية الطالب، ويجعله متميزاً في عمله، وتكون لديه خبرة بالعمل الاجتماعي والتطوعي ومؤسسات المجتمع المدني، وكذلك يلعب دور مهم في تطور الأداء التعليمي والبيداغوجي والأكاديمي الجامعي ويساهم في ضمان جودة التعليم العالي، ومن هنا تحدد هذه الدراسة مشكلتها على النحو التالي : ما أهمية العمل النقابي الطلابي ؟ وما دوره في تحسين الأداء البيداغوجي داخل الجامعة الجزائرية ؟
وبناءا على ذلك تحاول الدراسة الإجابة على التساؤلات الآتية :
-
ما هو واقع العمل الطلابي بالجامعة الجزائرية؟
-
ما هو دور ومهام التنظيمات الطلابية في الجامعة وما مدى أهميتها فيها؟
-
ما هو دور العمل النقابي الطلابي في تطوير وتحسين الأداء البيداغوجي في الجامعة الجزائرية؟
-
و بناءا على الإشكالية المطروحة حاولنا صياغة الفرضيتين التاليتين :
-
للتنظيمات الطلابية دور كبير وأهمية بارزة داخل الجامعة الجزائرية.
-
العمل النقابي لدى التنظيمات الطلابية له اثر كبير في تحسين الأداء البيداغوجي الجامعي.
2.1. أهمية الدراسة
تتجلى أهمية الدراسة في كونها بحثا تربويا واجتماعيا، وخطوة أساسية للكثير من الدراسات والبحوث اللاحقة حول موضوع العمل النقابي الطلابي ودوره في تحسين الأداء البيداغوجي في الجامعة الجزائرية، إذ أنها تهتم بدارسة شريحة مهمة في الحقل التربوي الجامعي ألا وهي التنظيمات الطلابية، فهذه الدراسة قد تساهم في تحسین الأوضاع التعليمية والتربوية للطالب وزیادة تحصيله وتوافقه في المحیط الجامعي من جهة، ومن جهة أخرى تساعد على الارتقاء بالتعليم الجامعي الجزائري إلى أعلى مستوى من التطور والرقي، لذلك نتوقع من هذا البحث أن يكون كأرضية للبحوث اللاحقة إما في نفس الموضوع أو مواضيع تشمله نوعا ما، لان البحوث العلمية دائما تكون مرتبطة ومتكاملة فيما بينها.
3.1. أﺳﺒـﺎب اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻤﻮﺿـﻮع
ﻳﻌﻮد اﺧﺘﻴﺎرﻧﺎ لموضوع اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت الطلابية لما تكتسبه ﻣﻦ أهمية ﺑﺎﻟﻐﺔ في الجامعة الجزائرية ودورها الكبير في التغير نحو اﻷﻓﻀﻞ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى التعليم داخل الجامعة الجزائرية، وهذا من خلال :
-
معرفة علاقة التنظيمات الطلابية بالجامعة.
-
دور التنظيمات الطلابية في تطور أداء التعليم الجامعي.
-
اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ في معرفة الواقع الخفي ﻟﻠﺘﻨﻈﻴﻤﺎت الطلابية.
-
ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻣﻌﺎرﻓﻨﺎ ﺣﻮل اﻟﻮاﻗﻊ الاجتماعي المرتبط بموضوع الدراسة وإﻋﻄﺎءﻩ بعدا أكاديميا.
4.1. أهدف الدراسة
تهدف الدراسة إلى تحقيق الآتي :
-
معرفة واقع العمل النقابي الطلابي بالجامعة الجزائرية.
-
معرفة دور ومهام التنظيمات الطلابية داخل الجامعة الجزائرية.
-
ما مدى أهمية العمل النقابي الطلابي في الوسط الجامعي.
-
معرفة أثر وفعالیة العمل النقابي للتنظيمات الطلابية في تطور النظام التعليمي الجامعي وتحسین الأداء ومواجهة التغير المستمر بالجزائر.
5.1. أبعاد الدراسة
بالنسبة لأبعاد الدراسة فهي تتجسد في بعدين أساسين وهما :
-
بعد تربوي : ويشمل النشاطات التعليمية والتدريسية المتعلقة بالمنظمات الطلابية داخل الجامعة.
-
بعد بيداغوجي : ويشمل مهام البيداغوجية للجامعة وبرنامج التنظيمات الطلابية والمتمثل في معالجة المشاكل البيداغوجية، تقيم جهود الطالب والتنسيق بين الأستاذ والطالب والإدارة الجامعية.
6.1. منهج الدراسة
إنطلاقا من طبيعة الدراسة والأهداف التي تسعى إليها تم إستخدام المنهج الوصفي التحليلي لأنه الأنسب لهذا النوع من الدراسات والمناسب لفهم المشكل، فضلا عن استخدام المنهج التاريخي للتعرف على التطور التاريخي للتنظيمات الطلابية الجزائرية، بدءا بجمع المعارف العلمية اللازمة عن طريق البحث المكتبي أو مواقع الوايب حول اثر العمل النقابي الطلابي على الأداء البيداغوجي بالجامعة الجزائرية.
7.1. تحديد المفاهيم
1.7.1. العمل النقابي(Syndical action)
هو تشكيل عمالي ينتظم في إطاره العاملون في منشاة معينة وفق قانون محدد يتم الاتفاق عليه في إطار هيئة تأسيسية تتمتع بصلاحيات مستقلة، والعمل النقابي هو ممارسة يومية تحصل في إطار التشكيل النقابي، من اجل التعرف على المشاكل والمطالب العمالية، والعمل وفق برنامج محدد في إطار النقابة لإيجاد حلول للمشاكل وتلبية المطالب المختلفة (خلفادير، 2009)، وأما جون دانيال رينو(R.J.Daniel) فيرى بأن العمل النقابي يتجسد في أدوار النقابات التي ترمي إلى الحد من تدهور الحالة المهنية والاجتماعية للعمال عن طريق المفاوضات الجماعية وترسيخ الديمقراطية الصناعية وتهيئة الظروف الملائمة للعمال ورفع أجور العمال وتهيئة الظروف الملائمة للعمال (Reynand, 1995, p. 113) .
2.7.1 العمل النقابي الطلابي ( الحركة الطلابية (Student union work)
لم يتفق الباحثون على تعريف محدد للحركة الطلابية، وإن ما تم تناوله في عدد من الدراسات يتعلق بالممارسة العملياتية للحركات الطلابية،حيث تم تعريف الحركة الطلابية بالاحتجاجات الطلابية وينظر للعمل الطلابي على أنه جهد جماعي ومنظم ويؤشر إلى أن العمل الطلابي يعبر عنه من خلال الاحتجاجات والرفض الذي يمارسه الطلبة ضد سياسيات وإجراءات يتخذها الغير ضد الطلبة، أو ضد الأفكار التي يؤمنون وتأخذ هذه الاحتجاجات أشكالا مختلفة مثل المظاهرات والمؤتمرات والإعتصامات (فتحي محمد، 2008)، كما يمكن تعريفها بأنها هيئة نقابية طلابية تضم مجموعة من الطلبة ذوي أهداف مشتركة ومتفق عليها، تم انتخابهم من قبل الطلبة المنخرطين قصد تمثيلهم والارتقاء إلى أفضل مستوى ممكن من الخدمات الاجتماعية، التي يمكن تقديمها لهم بالوسط الجامعي بشتى الأساليب والنشاطات، وكذا الدفاع عن مختلف مطالبهم واحتياجاتهم (ابوشمالة، 2001).
3.7.1 الأداء البيداغوجي (Pedagogical performance)
يعرف الأداء بصفة عامة بأنه ما يصدر عن الفرد من سلوك لفظي أو مهاري، وهو يستند إلى خلفية معرفية ووجدانية معينة، وهذا الأداء يكون عادة على مستوى معين، ويظهر منه قدرته أو عدم قدرته على أداء عمل ما (اللقاني والجمل، 2003)، أما البيداغوجيا، فقد تطور مفهومها عبر العصور من معنى إعداد الطفل للـذهاب إلى المدرسة، إلى أن أصبحت مادة مستقلة بذاتها معتمدة في مدارس ومعاهد الترشيح للأساتذة باعتبارها مادة للدراسة، وهذا ما يسمى الجانب النظري من البيداغوجيا .أما الجانـب التطبيقي لها يعني الممارسة التربوية بشكل عام مع التركيز على أداء هيئة التدريس، وكما يعرفها دويس (Dwis) : بأنها تمثل الجانب الفني للتربية فهي لا تعدوا أن تكون مجموعة من والوسائل المستعملة لتحقيق التربية (وناس وبوصنبورة، 2006).
2. العمل النقابي الطلابي في الجزائر
1.2. تاريخ العمل النقابي الطلابي في الجزائر بعد سنة 1988
بعد أحداث أكتوبر سنة 1988، دخلت الجزائر مرحلة سياسية هامة وجديدة، حيت تميزت هذه المرحلة بإصلاحات سياسية عميقة تمثلت في إقرار حرية التعبير والتعددية الحزبية، وجاء دستور 1989 وقانون الجمعيات 1990 ليضمن هذه الحرية للجزائريين، فشهدت الساحة الجامعية الوطنية ظهور عدة نقابات طلابية جديدة منها : التحالف الوطني من اجل التجديد الطلابي الوطني (AREN)، الإتحاد الطلابي الحر(UEGL)، الرابطة الوطنية للطلبة الجزائريين(LNEA)، المنظمة الوطنية للتضامن الطلابي(ONSE)، الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين (UNEA)، وبعدها وفي سنة 1993 تأسست منظمة طلابية جديدة وهي الإتحاد العام للطلبة الجزائريين(UGEA)، وقد تم اعتماد جل هذه المنظمات الطلابية، غير أنه وبعد التطورات السياسية التي عرفتها البلاد في العشرية السوداء ( بعد سنة 1992)، توقفت بعض النقابات الطلابية عن النشاط ووقفت أخرى لأسباب ودواعي متعلقة بالأحداث السياسية التي عرفتها البلاد بصفة عامة والجامعة بصفة خاصة أنداك، بينما اعتمدت بعضها وضلت تمارس نشاطاتها بصفة عادية إلى يومنا هذا.
2.2. أهداف العمل النقابي الطلابي
إن التنظيمات الطلابية بكل فروعها وتعدد تسمياتها ووإختلاف مشاربها السياسية والإيديولوجية هدفها المشترك واحد ألا وهو الدفاع عن حقوق الطالب الجامعي وترقية الفضاء التعليمي الجامعي وعموما تتجسد هذه الأهداف في عدة جوانب أهمها :
1.2.2. الجانب التعليمي والبيداغوجي
يعتبر من أهم الأهداف، فسياسة الإصلاحات التي مرت بها الجامعات الجزائرية والنقلة النوعية للنظام التعليمي في سنة 2004 من النظام كلاسيكي إلى نظام ل.م.د (L.M.D)، جعلت المنظمات الطلابية تواكب هذه التطورات الحادثة بإهتمام كبير وهذا من خلال المساهمة بشكل مباشر في نجاح هذه الإصلاحات، والوقوف على العديد من النقائص كنقص التأطير البيداغوجي، النوعي وعدم مواكبة البرامج البيداغوجية وغيرها، ومن أهم هذه الأهداف ما يلي :
-
الوقوف على المشاكل التعليمية والبيداغوجية للطالب ومحاوله إيجاد الحلول الكفيلة لها وهذا بالتنسيق مع الفريق البيداغوجي والإداري للجامعة، والمساهمة في تحسين التحصيل العلمي للطالب الجامعي ورفع مستواه العلمي والبيداغوجي
-
العمل على تحديث البرامج الجامعية والمشاركة في إصلاح المنظومة الجامعية والتربوية والتكوينية.
-
تطوير البحث العلمي بإشراك الأساتذة والطلبة وذلك بتنظيم ملتقيات وندوات علمية مختصة، وربط الجامعة بالمؤسسات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، من خلال إستثمار المشاريع العلمية الجامعية (أطروحات التخرج، دراسات علمیة،....).
-
تشجيع وتكريم المواهب المبدعة و إبراز الكفاءات الوطنية وإشراكها في التنمية الوطنية.
-
المساهمة في رفع المستوى العلمي والثقافي للطلبة والشباب، والعمل على بعث النشاط الثقافي والرياضي والترفيهي داخل المؤسسات الجامعية والتعليمية والتكوينية والشبانية.
2.2.2. الجانب الاجتماعي
تعتبر الحياة الاجتماعية للطالب أحد المقومات الفعالة في ترقية فكره وتفجير إبداعاته وتجسيد طموحاته، ومن خلال ذلك فان المنظمات الطلابية تهدف في هذا الجانب إلى ما يلي :
-
الدفاع عن حقوق الطلبة المادية والمعنوية والسعي معهم لحل مشاكلهم الاجتماعية.
-
التكفل الفعلي بالشباب الجامعي خاصة في ميدان الشغل والتكوين وتأطيره خارج الجامعة.
-
غرس ثقافة الحوار والتسامح في الوسط الجامعي، لبعث رسالة أمل من أجل التلاحم والوحدة الوطنية في وسط الطلاب والمساهمة في ترقية المجتمع المدني.
-
المساهمة في تقرير مصير الأمة، بإشراك الطلبة والشباب في الحیاة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للبلاد.
3.2.2. الجانب الثقافي
أهم أهدافها في هذا الجانب ما يلي :
-
المساهمة في رفع المستوى العلمي والثقافي والفكري للطلبة والعمل على تكوين شخصية طلابية وشبانية واعية بمتطلبات العصر وتحديات المستقبل .
-
تطوير الحركة الطلابية للمحافظة على مكتسباتها والمساهمة في دفع الحركة الشبانية .
-
وإضافة إلى ذلك، يهدف العمل الطلابي إلى تقوية العلاقات بين التجمُّعات الطلابية المختلفة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، ودعم قضايا السلام وتوحيد جهود الحركة الطلابية العالمية وتبادل الخبرات وتوحيد المفاهيم والاستراتيجيات (العوضي، 2012).
-
ترقية الشاب الجزائري وتوفير أسباب تفتح شخصيته على أسس القيم الحضارية والعناية بالثقافة الوطنية.
4.2.2. الجانب السياسي
يتجلى الهدف السياسي للتنظيمات الطلابية في ما يلي :
-
توحيد صفوف الطلبة وتجميعهم من أجل تجسيد مشروع الوحدة الوطنية.
-
الدفاع عن المصالح العليا للبلاد وحرية الرأي في الوسط الطلابي في إطار مبادئ الديمقراطية وإحترام ثوابت الأمة.
-
تكريس الحريات الأساسية والدفاع عن حقوق الإنسان ومناصرة القضايا العادلة في العالم، وتثمين العلاقات مع كل الهيئات الوطنية والعالمية.
3.2. أسس العمل النقابي الطلابي
هناك جملة من الأسس والقواعد اتخذنها التنظيمات الطلابية كأسلوب للعمل والنشاط على مستوى الحرم الجامعي ويمكن يجازها في ما يلي :
-
الجدية والشعور بأهمية العمل : وتعني الرغبة والميول نحو النشاط والإحساس بأهمية العمل.
-
المشاركة : من الأسس الهامة التي ترتكز عليها التنظيمات الطلابية وكانت وراء نجاح عملها، وتتخذ المشاركة مجالات متعددة انطلاقا من تحديد أهداف التنظيم وبناء خطة العمل وصولا إلى اتخاذ القرار.
-
إتخاذ القرار : يشارك فيه الجميع مع الإستخدام الجيد لمصادر المعلومات مع إلتزام الجميع بتنفيذ القرارات الصادرة، ويبقى هناك مجالا قد تكون للقيادة التنظيمية رؤى أوضح تختلف عن باقي أعضاء التنظيم.
-
المنافسة وجو العمل : كلما زاد شعور الطلبة بأنهم جزء لا يتجزأ من بيئتهم ومرتبطين بأهداف التنظيم الذي يسعى لخدمتهم مما يولد فيهم المثابرة وهذا يؤدي إلى نجاح التنظيمات الطلابية في تحقيق أهدافها (فتحي مبروك، 2000).
-
الحوافز :كانت التنظيمات الطلابية عبر مسيرتها تتزايد نجاحاتها بالحصول على مختلف المكاسب، والحوافز وهي التشجيع على الإلتزام بالأهداف التي حددها التنظيم، وإشباع حاجات الإنتماء وإتاحة فرصة أكبر للإنجاز من خلال التنظيم أو خارجية باعتبار أن المجتمع يعلق أمالا كبيرة على نتائج الجهد الذي يبذله أفراد التنظيم.
-
علاقات العمل :تقوم على أسس الإحترام الثقة، التعاون، والدعم والخلاف وتقبل النقض والرأي الأخر.
3. الجامعة الجزائرية والأداء البيداغوجي
1.3. تمهيد
إن المدرس هو جوهر الفعل البيداغوجي وسيد الموقف التعليمي، وتحسين أداء المتعلم مرهون بتحسين كفاءة المعلم أولا، فالفعل البيداغوجي متعلق بهيئة التدريس، فهي المرتكز الأساسي في العملية التربوية، لكن هذا لا يعني أنه لا توجد أطراف أخرى تتدخل وتؤثر عليه كالمناهج، الطلاب والعمال، التنظيمات الطلابية (الإدارة ككل)، أما الأداء البيداغوجي فهو قابل للملاحظة والقياس، فتقويمه ركن أساسي في العملية التعليمية وحلقة من حلقاتها لا يمكن فصله عنها، فالتقويم التربوي لدى الكثيرين مرتبط بتقويم المتعلم فقط من خلال الإختبار، فباعتقادهم هي عملية يجريها المعلمون على المتعلمين فحسب، أما تقويم أداء المدرس فهو موضوع محظور لدى الكثيرين، ولذلك فالأداء البيداغوجي في الجامعة يعني درجة أو مستوى الممارسة التربوية فيها، ومـدى تحقيقها للأهداف العامة بالتركيز خصوصا على أداء هيئة التدريس، باعتبارها المورد الأساسي في النشاط التعليمي دون إغفال دور الأطراف الناشطة المؤطرة للعملية التعليمية من مستخدمين.
2.3. التعليم العالي
يقصد بالتعليم العالي التعليم الذي يتم داخل كليات أو معاهد جامعية بعد الحصول على الشهادة الثانوية، وتختلف مدة الدراسة في هذه المؤسسات من سنتين إلى أربع سنوات، وهو آخر مرحلة من مراحل التعليم النظامي (الموسوعة العربية، 1999)، فهو كل أنواع الدراسات، التكوين أو التكوين الموجه التي تتم بعد المرحلة الثانوية على مستوى مؤسسة جامعية أو مؤسسات تعليمية أخرى معترف بها كمؤسسات للتعليم العالي من قبل السلطات الرسمية للدولة (UNESCO, 1998).
3.3. مفهوم الجامعة
الجامعة هي أعلى قمة الهرم الأكاديمي والأصل في الجامعة إنها مجموعة من العلماء وهبوا أنفسهم للدراسة والبحث والمعرفة وينظرون إلى الحياة ومشاكل المجتمع نظرة علمية شمولية متكاملة ويستعينون في الإضافة إلى المعرفة مع طلابهم بالكتاب والمعلومات والمختبر أو الدراسة الميدانية وهناك والبعض الأخر يعرفها هي تلك المؤسسة التربوية التي تقدم لطلابها الحاصلين على شهادة الثانوية العامة وما يعادلها تعليما نظريا معرفيا ثقافيا يتبنى أسسا إيديولوجية وإنسانية يلازمه تدريب مهني، يهدف إخراجهم إلى الحياة العامة كأفراد منتجين، فضلا عن مساهمتها في معالجة القضايا الحيوية التي تظهر على فترات متفاوتة في المجتمع وتؤثر على تفاعلات هؤلاء الطلاب المختلفة (البرادعي، 2002)، وفي رأي رابح تركي الجامعة هي عبارة عن جماعة من الناس يبذلون جهدا مشتركا في البحث عن الحقيقة، والسعي لاكتساب الحياة الفاضلة للأفراد والمجتمعات« ، فنلاحظ أن هذا التعريف ربط الجامعة بالجماعة، ومنطلقة من الهدف التي تسعى إلى تحقيقه ألا وهو البحث عن الحقيقة والسعي للحياة الفاضلة (تركي، 1997)،، وحسب سعيد التل الجامعة مؤسسة تقوم بصفة رئيسية على توفير تعلم متقدم لأشخاص على درجة من النضج، يتصفون بالقدرة العقلية، والاستعداد النفسي على متابعة دراسات متخصصة في مجال، أو أكثر من مجالات المعرفة (التل، 1997).
الجدول 1 : يبين تطور شبكة المؤسسات الجامعية في الجزائر (2015-2018).
الموسم الدراسي |
الهياكل الجامعية |
المجموع |
|||||
الجامعة |
المركز الجامعي |
المدرسة العليا للأساتذة |
المدرسة العليا للتعليم التقني |
المدرسة الوطنية العليا |
المدرسة التخصيرية |
||
2015 - 2016 |
50 |
13 |
10 |
01 |
20 |
12 |
106 |
2016 - 2017 |
50 |
13 |
11 |
- |
31 |
01 |
106 |
2017 - 2018 |
50 |
13 |
11 |
- |
31 |
01 |
106 |
المصدر : الديوان الوطني للإحصائيات، الجزائر بالأرقام، 2018، الصفحة (https://www.ons.dz)
4.3. الجامعة الجزائرية حسب المشرع الجزائري
لقد عرف المشروع الجزائري، الجامعة في المرسوم رقـم 83-544 المـؤرخ في 17 ذي الحجة عام 1403، الموافق لـ 24 سبتمبر سنة 1983، المتضمن القانون الأساسي النمـوذجي للجامعة، على أنها : مؤسسة ذات طابع إداري تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المـالي (الجريدة والرسمية، 1983) والجامعة كمؤسسة تعليمية، تتكون من ثلاث بنيات هي :
1.4.3. البنية البشرية
تتكون هذه البنية من
-
العمال الإداريين : إذ تحتاج كل مؤسسة إلى تنظيم إداري، ويختص العمال الإداريون لتسيير الشؤون الجامعية من الناحيتين الإدارية والمالية، وهؤلاء لا تربطهم أية علاقة تقريبا بالأمور التربوية، وإنما يكلفون بالنظر في أوضـاع العمـال الماديـة والإدارية منهم أو البسطاء أو المدرسين.
-
العمال البسطاء : وهؤلاء يختصون في الأعمال البسيطة كالنقل والخـدمات...الخ وقـد تكون لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بكل فئات العـاملين في الجامعـة، الإداريـين منـهم والتربويين وحتى الطلاب في كثير من الأحيان.
-
الأساتذة العاملين في التدريس : وهؤلاء يمثلون الفئة المهنية بالجامعة، ويقومـون بتنفيـذ العمليات التربوية، وهم على نوعين : فئة تباشر العملية التربوية، وفئة تشرف على حسن سيرها من بعيد، مثل مديري الكليات، ورؤساء الأقسام...الخ.
2.4.3. البنية القانونية
الجامعة مجموعة من القوانين والأنظمة تضبط أعمالها وعلاقات عمالها، ذلـك لأنهـا مؤسسة رسمية تنشأ بموجب مرسوم من الحكومة.أن كل منظمة تنطوي على تنظيم رسمي يتلخص في الخطط والأساسات والبناء التنظيمي والإجراءات (كيت، 1997) والمحدد في المراسيم والقوانين الخاصة،كما تضم تنظيم غير رسمي، ينشأ من التفاعل الاجتمـاعي ويكتسي هذا التنظيم قوة أو سلطة، تعطى عن طريق أعضاء الجماعة بدلا من التفويض، فالتنظيم غير الرسمي يشتمل على معايير اجتماعية وطقوس خاصة، وتضـبطه تقاليـد ومشاعر وتؤثر في أدائه لوظائفه جماعات فرعية لا تنال اعترافا رسميا (غيث، 1979).
3.4.3. بنية الجامعة المادية :
وهي عبارة عن منشأة وهياكل وأبنية الجامعة، وهي موجودة للقيام بعدة وظائف منها :
-
وظيفة تعليمية : وأهمها وظيفة التدريس وهي أول وظيفة للتعليم العالي، فمن المتوقع أن تقوم الجامعات بإعداد الكوادر المطلوبة التي ستقوم بشغل الوظائف العلمية والتقنية، المهنية والإدارية ذات المستوى العالي (ماثيرو، موانجي، وشيليتي، 2002)، وهذه الوظيفة تشترط وجود عدد من الطـلاب ومجموعة من المعلمين يختصون لتنفيذ هذه الوظيفة.
-
وظيفة بحثية : وتوكل وظيفة البحث العلمي للجامعة زيادة على وظيفتها التعليمية، فهو : »عملية فكرية منظمة يقوم بها الباحث من أجل تقصي الحقائق بشأن مسألة أو مشكلة معينة - موضوع البحث- بإتباع طريقة علمية منظمة - منهج البحث- بغية الوصول إلى حلول ملائمة للعلاج وإلى نتائج صالحة للتعميم على المشاكل المماثلة- نتائج البحث- (العبادي، 2008).
-
وظيفة تثقيفية : تضطلع الجامعة بمهمة نشر الثقافة، هذا من خلال قيامها بأنشطة علميـة أخرى كالمحاضرات، والمعارض والندوات الوطنية والدولية، والمؤتمرات وغيرها من الأنشطة.
-
وظيفة خدمة المجتمع : تتأقلم الجامعات لتتلاقى كل احتياجات المجتمع بتوفير تعليم في تخصصات فرضتها الوظائف الجديدة التي ظهرت، منها : العلوم، الهندسة، المحاسبة. ففي القرن العشرين، أصبحت الجامعة تدرس تقريبا جميع التخصصات التي يتطلبها المجتمع الجديد بما فيها علم الاجتماع، إدارة الأعمال، تنمية الموارد البشرية وغيرها (Forest & Altbach, 2007).
5.3. الأداء البيداغوجي تقويمه وأدوات قياسه
سنتناول فيه معنى الأداء البيداغوجي وبعض معايير تقويمه، هذه الأخيرة نركز فيها على معايير تقويم أداء الأستاذ الجامعي لأنه أساس تقويم الأداء البيداغوجي، وأخيرا نعرض بعـض الصعوبات التي تواجه تحسينه.
الجدول 2 : يبين الطلبة المسجلين وحاملوا الشاهدات في الجامعة الجزائرية (2015-2018).
الموسم الدراسي |
عدد الطلبة المسجلين |
المجموع |
||
في التدرج |
ما بعد التدرج |
حاملوا الشهادات |
||
2015 - 2016 |
1 315 744 |
76 961 |
292 683 |
1 685 388 |
2016 - 2017 |
1 356 081 |
76 202 |
303 100 |
1 735 383 |
2017 - 2018 |
1 447 064 |
76 921 |
............ |
1 523 985 |
المصدر : الديوان الوطني للإحصائيات، الجزائر بالأرقام، 2018، الصفحة (https://www.ons.dz)
6.3. تقويم الأداء البيداغوجي في الجامعة
تقويم الأداء البيداغوجي هو عملية منظومية، وتعتبر من مراحل العمليـة التعليميـة في الجامعة يتم فيها إصدار الحكم على منظومة التدريس أو أحد مكوناتها أو عناصرها، بغية إصدار قرارات تدريسية تتعلق بإدخال تحسينات أو تعديلات على تلك المنظومة ككل، أو على بعض مكوناتها أو عناصرها بما يحقق الأهداف، بالتركيز خصوصا على تقويم أداء هيئة التدريس.
ومن أهم أغراض تقويم الأداء البيداغوجي في الجامعة هو تحسين التدريس من خلال تنقيح وتعديل الأهداف التدريسية، محتوى التدريس، إستراتيجيات التدريس، الوسائط التعليمية، وأساليب التقويم، حتى تمسي منظومة التدريس أكثر كفاءة وفاعلية في إحداث التعلم المرغـوب لدى الطلبة، ومساعدة الأستاذ في معرفة مدى تقدمه نحو بلوغ الأهداف، كـذلك الإداريـين بتزويدهم بالمعلومات عن الظروف المحيطة بالعملية التدريسية، بالإضافة إلى المعوقات التي تحـول دون تنفيذ الأهداف التدريسية بفاعلية وكفاءة بغية تطوير التدريس، وتزويد القـائمين علـى العملية التعليمية بتغذية رجعية عن مستوى أداء الهيئة التدريسية.
الجدول (03) : يبن عدد الأساتذة داخل المؤسسات الجامعية في الجزائر في أواخر سنة 2018.
الصفة |
الدائمين |
الأجانب |
الشركاء |
عدد الأساتذة |
58 647 |
120 |
3 178 |
المجموع |
61 945 |
المصدر : الديوان الوطني للإحصائيات، الجزائر بالأرقام، 2018، الصفحة (https://www.ons.dz)
7.3. الأداء البيداغوجي في ظل نظام ل. م. د (L.M.D)
الأداء البيداغوجي لنظام ل. م. د (L.M.D) هو تطبيق تلك التقنيات والطرق والأساليب التعليمية المختلفة بطريقة جديدة وفعالة فرضها هذا النظام الأوربي على كل الجامعات العاملة به، وحاول جاهدا التغيير فيها، بالتحسن والتحسين والتعديل حتى يدرك النقائص التي عددها فيما سبقه، ومن هذا المنطلق تعتبر جودة الأداء البيداغوجي رهانا تربويا من الدرجة الأولى يسعى إلى بلوغ مختلف الآليات المعتمدة في التدريس حتى يتمكن من بلوغ الأهداف المنشودة ويبرز تميزه، وينبغي بنا هنا الإشارة إلى بعض القرارات الوزارية التي جعلت لهذه العملية مكانة كبيرة واعتبرتها ذات أولية بالغة يجدر الاهتمام بها، وسنلقي الضوء على النصين التاليين :
قرار رقم 132 مؤرخ في 62 جمادي الثانية 1430 ه الموافق لـ 60 جوان 2006 م، يحدد القواعد المشتركة للتنظيم والتسيير البيداغوجين للدراسات الجامعية لنيل شهادتي الليسانس والماستر، ثم جدد هذا القرار وأصبح القرار رقم 111 مؤرخ في 3 نوفمبر 2011 م يحدد نفس الهدف السابق ويلغي أحكام القرار الأول (Didane, 2013)، في المادة 26 من القرار تنص المادة الأولى(1) منه على عملية تحديد القواعد المشتركة في عملية التنظيم والتسيير البيداغوجين التي من شأنها أن تحسن في أداء الدراسات الجامعية لنيل شهادتي الليسانس والماستر.
1.7.3. الفرق البيداغوجية (Pedagogical teams)
-
الفریق البیداغوجي (Pedagogical teams) : یتكون من كل الأساتذة القائمین على تدریس الدفعة محاضرا أو مطبقا للمقیاس، الرئیس ینتخب أو یعین من بین أساتذة وحدة التعلیم، وهذا الفریق یشكل لجنة المداولات لوحدة التعلیم.
-
فریق التكوین (Pedagogical Team) : یتكون من رؤساء الفرق البیداغوجیة ینتخب أو یعین من بین أساتذة فریق التكوین.
-
لجنة المداولات (Deliberations committee) : تعتبر تشكل هذه الفرق لجنة مداولات لوحدة التعلیم، تقوم بتقييم نشاطات الطالب بطريقة سرية.
-
لجنة الترتيب والتوجيه (Arrangement and guidance committee) : تقوم هذه اللجنة بترتيب وتوجيه الطلبة، تجتمع مرة في السنة ويمكنها القيام بدورة استثنائية عند الحاجة، وتتكون من نائب رئيس الجامعة أو نائب المدير المكلف بالدراسات، رؤساء الأقسام المعنية، مسؤولو الميادين والشعب والتخصصات المعنية، حسب المادة 81 من القرار الوزاري 711 والذي يحدد قواعد التنظيم والتسيير البيداغوجي (قرار وزاري، 2001).
-
اللجنة البیداغوجیة (Pedagogical committee) : تتكون من كل أعضاء الفریق البیداغوجي بالإضافة إلى ممثلین الطلبة من كل فوج ( عضو دائم وعضو نائب)، ومن المواد ومن الأعمال الموجهة والأعمال التطبيقية للدفعة المعنیة، یحضرون إجتماعات اللجان البیداغوجیة (Harzallah & Baddari, 2007)، وهذا ما نصت عليه المواد 44 و42 من القرار الوزاري سالف الذكر، بحيث نلخص في الأخير أن القانون الجزائري أعطى مهمة الأداء البيداغوجي في التعليم الجامعي إلى أساتذة المواد العادية وأساتذة الوحدات التعليمية، وكلفت الرئاسة للأساتذة المسؤولين عن الوحدات التعليمية وذو ي الكفاءات العليا لعظمة خبرتهم وقدرتهم على أداء هذه العملية والتوفيق في تحقيق سلسلة الواجبات البيداغوجية.
2.7.3. مهام الفرقة البيداغوجية
تتجدد كل سنة حسب المستوى الدراسي والتخصص، لقد أشار القانون السابق في بعض مواده على أهم المهام المتعلقة بأساتذة الفرقة البيداغوجية نذكر منها :
-
مساعدة الطالب في تنظيم أعماله، "مراقبة الدروس وتحديد التمارين التطبيقية أو بعض النشاطات البيداغوجية التي تساهم في توسيع معارفهم.
-
تنسيق برامج التدريس وتقييمها على مستوى كل مقياس، وتقديم الاقتراحات البناءة للجان البيداغوجية.
-
ضمان تزويد الطلبة بالمعلومات المتعلقة بتنظيم التعليم وتقديم الاقتراحات الكفيلة بتحسين الأداء البيداغوجي.
-
تقدير مراقبة إجبارية حضور الطلبة للدروس خاصة أساتذة الأعمال الموجهة والأعمال التطبيقية لأن حساب الغيابات تؤخذ بعين الاعتبار أثناء عملية التقييم.
-
توعية الطلبة بضرورة تدوين رؤوس أقلام أثناء عرض الدرس والمواظبة على إنجاز الواجبات المقدمة، وضرورة البحث والمطالعة باستعمال الوسائل البيداغوجية المختلفة.
3.7.3. أهداف البيداغوجية :
ما دامت البيداغوجيا تساير التربية وتتماشي معها في مستوى واحد، فتعتبر من أهم أهدافها :
-
التقليص من ظاهرة الفشل المدرسي بالمراقبة والبحث عن الحلول الممكنة للحد منها.
-
تحديد العلاقة الموجودة بين المتعلم والمعارف المختلفة والمواد التعليمية بصفة خاصة.
-
تطوير المحتويات المعرفية للمناهج الدراسية بما يتلائم مع الأهداف والغايات (الفلسفي وبوشحيمة، 2003)، والتركيز على دقة الإختيار والتمييز لطرق وتقنيات وأساليب التدريس.
-
النظر وإعادة النظر في الطرق المعتمدة في عمليتي التقييم والإشراف والمراقبة.
-
تساهم العملية البيداغوجية في الرفع من المستوى العلمي والثقافي للطلبة وتحسين وتطوير النظام الإداري للمؤسسات التعليمية عموما والجامعية خصوصا.
-
تحديد علاقة التداخل والتكامل وصلة كل فئة بأخرى بين أفراد الأسرة المكونة للمؤسسات التعليمية من مدرسين، داريين دارسين والإداريين.
4. دور العمل النقابي الطلابي في تحسين الأداء البيداغوجي الجامعي
أصبح العمل النقابي داخل المنظمات الطلابية- ومنذ نشأتها- وسيلة الطلاب المباشرة لتحقيق رغباتهم وطموحاتهم، ونيل الثقة التي تؤهلهم للمزيد من التميز والنجاح داخل الجامعة وخارجها، وسهلت هذه المنظمات مهمة « التعليم الجامعي » عموماً على مختلف الأطراف التعليمية، وعززت النظرة المستقبلية لدى الطلبة في مراحل الدراسة المختلفة، لاسيما من خلال منح الطلبة صلاحيات وأدواراً تسهم في رفع حس المسؤولية لديهم، وتعزيز انتمائهم إلى الجامعة.
يعتبر العمل النقابي الطلابي في الجزائر أحد أهم ينابيع العملية التعليمية والتربوية، التي تغذي الجامعة بأفكار ومقترحات وسلوكيات تسهم في تعزيز الترابط بين أطياف المجتمع التربوي الجامعي؛ مشيراً إلى أن هذه المنظمات منحت العملية التعليمية والبيداغوجية داخل الجامعة توازناً أكثر؛ إذ أصبح بالإمكان الاستماع إلى ملاحظات الطلبة والصعوبات التي تواجههم من ممـــثليهم، ومن ثم العمل على تذليل هذه العوائق والمشاكل لتصبح العـــملية التعليمية مرنة أكثر، والطلبة أشد تمسكاً بمحـيطهم الدراسي، خاصة أن لهذه المنظمات دوراً إضافياً مهماً في جوانب إدارية وتربوية داخل الحرم الجامعي.
1.4. العمل النقابي الطلابي والتخفيف من الضغوطات والمشاكل التعليمية داخل الجامعة
إن للعمل النقابي لدى التنظيمات الطلابية دور محوري في تخفيف الضغوطات، وكمّ المشكلات عن الأساتذة والإدارة الجامعية، إذ أن الطلبة النقابيين تكون لديهم شعبية كبيرة بين زملائهم، ويمكن استغلال هذه الميزة في حل وإنهاء الخلافات البسيطة التي تنشأ بين الطلبة فيما بينهم وبين الأساتذة دون الرجوع إلى الإدارة، إضافة إلى توصيل بعض الرسائل غير المباشرة إلى بعض الطلبة للتوقف عن سلوكيات معينة، أو تصرفات تضر بلوائح وقوانين الجامعة بأسلوب ودي يسهل تقبله من الطرف الآخر، لافتاً إلى أن تجاوب بعض الطلبة مع بعضهم يبدو أفضل في كثير من الأحيان ويساهم في نشر الانضباط داخل الجامعة.
إن للعمل النقابي الطلابي دور مهم في ترسيخ المزيد من القيم والاتجاهات الإيجابية لدى المجتمع التعليمي الجامعي أو المحيط الأوسع، مثل التعاون والاعتماد على النفس والاستقلالية، كما تعمل المنظمات الطلابية على تهيئة الطلاب الجامعيين لدخول المراحل التعليمية المختلفة داخل الجامعة عن طريق تعزيز قدراتهم، والوصول بهم إلى أرقى المستويات التعليمية، وتعديل سلوكيات الطلاب عن طريق إشراكهم في أنشطة فاعلة في الحرم الجامعي، وتخريج طلاب لديهم القدرة على القيادة والمبادرة والإنجاز، وتخريج جيل إيجابي وفاعل في المجتمع.
إن تقوية الروابط يهدف العمل النقابي الطلابي داخل المنظمات الطلابية إلى إعداد جيل قيادي قادر على تحمل المسؤولية، ويمتلك القدرة على الاتصال الفعال والتخطيط وإدارة المواقف المختلفة، وتعزيز روح الانتماء للوطن، وتنمية الممارسات الديمقراطية وروح الحوار البناء، واحترام الرأي الآخر وقيم التسامح والتعايش، بالإضافة إلى توثيق الروابط بين الطلبة والجامعة، والمشاركة الفاعلة مع الأساتذة ومجلس الإدارة في عمليات التطوير في الجامعة والمساعدة في تمكين الجامعة من أداء وظيفتها نحو الطلبة ومجتمعها.
المصدر :من إعداد الباحث
2.4. العمل النقابي الطلابي وتطوير مهارات الطالب وتحقيق التفوق الأكاديمي
لم يقتصر دور العمل النقابي للمنظمات الطلابية على الخدمات الجامعية فقط ؛ بل اتسع ليؤثر على نمو وتطوير مهارات الطلبة في مناح هامة تساعدهم على تحقيق التفوق الأكاديمي خلال دراستهم، والتفرد الوظيفي بعد تخرجهم، فالتواجد في بيئة الاتحادات الطلابية ينمي لدى الطلاب الحس بالمسئولية؛ وهو ما يساعدهم على اتخاذ القرارات المناسبة فيما يخص سلوكياتهم، والاعتراف بنتيجتها وتقبلها، وتحمل مسئولية أخطائهم ومسئولية تعلمهم، كما أنه يقود للاستقلالية وزيادة فهم الطلبة لقدراتهم وإمكانية احتياجهم للعمل مع الآخرين أو استشارتهم، أو مشاركتهم للوصول إلى النتائج المخطط لها بما يتلاءم مع متطلبات الفريق أو المنظمة التي يعمل معها.
3.4. العمل النقابي الطلابي واستراتجيات التعليم الجامعي
يساهم العمل النقابي الطلابي داخل الجامعة بتنفيذ مجموعة من المهام، منها المساهمة بالارتقاء بالعملية التربوية؛ من خلال المشاركة في إعداد الخطط التطويرية للجامعة، ومراجعتها ومناقشة القضايا التي تتعلق باستراتيجيات التعلم والتعليم والتقويم، والوقوف على اقتراحات وحاجات الطلبة، وتحسين آليات التواصل والاتصال معهم، والمشاركة في وضع اللوائح التنظيمية والبيداغوجية للجامعة. كما يساهم العمل النقابي الطلابي في عملية الضبط الذاتي، والمساعدة في معالجة السلوكيات غير المرغوب فيها، وإجراء أبحاث ودراسات، وإعداد تقارير طلابية حول قضايا عامة تهم الجامعة والمجتمع المحلي، وتحديد المشكلات، وطرح حلول لها بالتعاون مع الأساتذة وإدارة الجامعة، وإعداد وتنفيذ المبادرات والنشاطات التربوية التي تسهم في تحسين العملية التعليمية والبيئة الجامعية والعلاقة مع المجتمع.
4.4. دور العمل النقابي الطلابي في المساهمة في تطوير جودة التعليم الجامعي وازدهاره
بينت العديد من الدراسات والأبحاث العالمية المعاصرة في ميدان التعليم العالي على أهمية وجود التنظيمات الطلابية في الجامعة، نظرا لتناسق مبادئها وأهدافها مع أهداف التعليم العالي ورؤيته، وهو ما دفع بعض الجامعات التي لا تحتوي على منظمات طلابية لخلقها وصنع المكان المناسب لها، فقد كانت الاتحادات الطلابية سببا في إرتقاء بعض الجامعات إلى أعلى المراتب عالميا في جودة التعليم العالي ومن هذه الدراسات ما يلي :
-
فقد أستند موقع Which Universityعلى مسح شمل آراء قرابة 11.000 طالب لتحديد أفضل الاتحادات الطلابية في المملكة المتحدة، ونفذ المسح في شهر أكتوبر لعام 2014، ونشرت نتيجته خلال الفترة مارس وأبريل لعام 2016، وكانت أفضل الاتحادات بحسب تقييمات الطلبة :Leeds University, 2- University of Sheffield, 3- Loughborough University, 4- Cardiff University)
-
أما موقع Whatuni فلم يكتف بتصنيف الاتحادات الطلابية في المملكة المتحدة بل خصص لذلك جائزة قيمة تعرف باسم جائزة أفضل اتحاد طلابي في احتفاء منه بمدى رضى الطلاب عن تجربة التعليم العالي، وقد كانت الجائزة في سنة 2017 من نصيب اتحاد الطلاب بجامعة شيفلد الذي تفوق على 126 جامعة أخرى شملها التصنيف، واستند تقييم الاتحادات على آراء حوالي 26.000 طالب من مختلف الجامعات البريطانية.
-
كما نشر موقع Collegerank قائمة بأفضل الاتحادات الطلابية في الولايات المتحدة، واستند الموقع على خمسة معايير في تقييم الاتحادات الطلابية وهي : التصميم المعماري لمبنى الاتحاد، والعروضات التي يحصل عليها الطلبة، والفعاليات والأنشطة المنفذة، ومدى تقارب الاتحاد مع سمات الجامعة، واشتملت القائمة على 25 اتحادا طلابيا على مستوى الولايات المتحدة، وقد برزت اتحادات هذه الجامعات في مقدمة القائمة (أبولبدة، 2017) : (1-Eastern Michigan Univrsity, 2- Florida State Univrsity, 3- Illinois Institute of Technology)
5.4. عوائق العمل النقابي الطلابي في الجامعة الجزائرية
هناك عدد من العوامل التي تساعد علي تهميش دور العمل النقابي للمنظمات الطلابية داخل الجامعة الجزائرية، بعض هذه العوامل مرتبط بالمناخ العام الذي يعيش فيه الطلبة، وبعضها مرتبط بالمناخ داخل الجامعة، وبعضها مرتبط باللوائح والقوانين التي تحكم الحياة الطلابية، ومن جملة هذه المعيقات ما يلي :
-
عدم جدیة الإدارة الجامعية في إعطاء أهمیة بالغة للتنظيمات الطلابية وإعطاء اهتمام أكبر لعملیة اختیار ممثلي الطلبة وحمایتهم من تدخلات الإدارة والأساتذة وتهدیداتهم.
-
ضعف في تعزیز عملیتي الإرشاد والإعلام بخصوص دور المنظمات الطلابية في الوسط الجامعي.
-
محدودية صلاحيته معظم الاتحادات الطلابية في اتخاذ القرار على الرغم من حقها في المشاركة فيه.
-
تراجع دور معظم المنظمات الطلابية داخل الحرم الجامعي يرجع إلى هشاشة بنائها التنظيمي، وضعف أداء ممثليها.
-
الظـروف الحاليـة خاصـة فيمـا يتعلـق بالحالـة المكبوحـة لأزمـة التعليم العالي بصفة عامة والخدمات الجامعية بصفة خاصـة يجعـل نـشاطها جـد محـدود ويتجاوز إمكانياتها.
-
تعدد تنظيمات طلابية في الجامعة الجزائرية خلق ظهور العديد من صراعات الفكرية والإيديولوجيات فيما بينها، والذي أثر سلبا على الأداء البيداغوجي وفي التحصيل العلمي لجمهور الطلاب.
حرمان التنظيمات الطلابية وعدم إشراكهم في المساهمة إعداد الخطط الإستراتجية للتعليم العالي قلل في جودة التعليم الجامعي.
5. نتائج الدراسة
ترجع أهمية الاتحادات الطلابية أنها عنصر هام وفعال في العملية التعليمية داخل الجامعة الجزائرية لأنها نتاج عملية لممارسة الديمقراطية لاختيار ممثليهم داخل الحرم الجامعي، مما يولد بث روح الديمقراطية والحوار البناء والمشاركة الفعالة في إعداد برنامج لنظام تعليمي جامعي راقي يتناسب والمعايير الدولية، ويمكن أن نجمل أهم النتائج المتوصل إليها من خلال هذه الدراسة والتي هي فيما يلي :
-
العمل النقابي داخل التنظيمات الطلابية يصقل مهارات العمل الجماعي ويطورها ويصقل شخصية الطالب، ويجعله متميزاً في عمله وفي دراسته وملماً بالتيارات الفكرية والنقابية.
-
العمل النقابي داخل التنظيمات الطلابية ينمي للطالب الخبرة بالعمل الاجتماعي والتطوعي ومؤسسات المجتمع المدني بالإضافة للعلاقات الاجتماعية داخل أسوار الجامعة وخارجها واحترام الرأي الآخر، وهي أمور يظل يستفيد منها الطالب النقابي ويطورها حتى بعد تخرجه وتساهم في تفوقه وبروزه.
-
العمل النقابي هو نشاط شامل يمكن من خلاله المشاركة بفاعلية على جميع الأصعدة، الأكاديمية والوطنية والسياسية والاجتماعية، ويساهم في التخطيط السليم والرؤية الواضحة لتحقيق ذلك.
-
نجاح العمل النقابي للتنظيمات الطلابية مرتبطا أشد الإرتباط بمدى الإنضباط الأخلاقي الصارم والعمق المعرفي للمناضلين وارتباطهم بجماهير الطلبة من خلال نضال ونشاط يومي دءوب ومتميز حتى تعزز ثقة المحيطين بهم.
-
5-العمل النقابي للتنظيمات الطلابية من خلال تعاونهم الفعال والإيجابي مع الإدارة الجامعية، ومساهمتهم الفعالة في تحسين المستوى البيداغوجي والتعليمي للجامعة يلعب دور مهما في إرتقاء الجامعة الجزائرية، فالنضال النقابي يضع نصب عينيه لا مجرد الحفاظ على الجامعة وحمايتها فقط بل والعمل على تأسيس البديل نحو الأفضل.
-
6-أن الاتحادات الطلابية تعمل على تفعيل العملية التعليمية في ضوء المتغيرات المحلية والعلمية للوصول إلى خطة إستراتيجية للتعليم، كما تعمل على دعم التواصل بين الجامعات ومؤسسات المجتمع والحركة الجمعوية.
-
7- ضرورة الاهتمام بالاتحادات الطلابية باعتبارها مكوناً أساسياً من مكونات البيئة التربوية التي توفرها الجامعة لطلابها.
-
8- العمل على إزالة العقبات التي تمنع مشاركة الطلاب بفاعلية في الاتحادات الطلابية.
-
9- إعـادة النظـر في وظـائف اتحـاد الطلبـة بحیـث تتعـدى وظائفـه الاهتمـام والاقتصـار علـى التصــویت في الانتخابــات الطلابیــة، وتقـدیم الخدمــة التطوعیـة إلــى مشــاركة الطلاب كمواطنین نشیطین داخل الحرم الجامعي وخارجه (عویس، 2013).
خاتمة
تعتبر التنظيمات الطلابية مؤسسة اجتماعية هامة في محيط معقد كالجامعة لارتباطها باهتمامات الطالب مباشرة، ولها أهداف وأبعاد تربوية، إذ تقوم بتربية وتنشئة الأفراد على أسس معينة منها البيداغوجية، الاجتماعية، الثقافية، السياسية، ويظهر ذلك من خلال تلقين أفرادها القيم والتعابير الاجتماعية والقوانين التي تسمح بتكييفهم مع الوسط الجامعي والمجتمع ككل بهدف المساهمة في تحسين التربية والتعليم في الجامعة الجزائرية، وهذا كله من خلال الفضاء التفاعلي الذي يتشكل داخلها، لذا يجب التركيز عليها واستغلالها بنجاعة وتفعيل دورها لما تنتجه من نخبة مؤهلة لفهم حاضرها وصناعة مستقبلها .