تعليميّة نشاط القراءة بين السّياسة التّربويّة والتّصوّر النّظري للمنهاج وترجمتهما في الكتاب المدرسي السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط

La lecture : du référentiel et sa mise en oeuvre dans le manuel de 4e

Reading: from the reference framework to its implementation in the 4th grade textbook

قاضي هاجر

p. 159-178

Citer cet article

Référence papier

قاضي هاجر, « تعليميّة نشاط القراءة بين السّياسة التّربويّة والتّصوّر النّظري للمنهاج وترجمتهما في الكتاب المدرسي السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط », Aleph, 8 (1) | 2021, 159-178.

Référence électronique

قاضي هاجر, « تعليميّة نشاط القراءة بين السّياسة التّربويّة والتّصوّر النّظري للمنهاج وترجمتهما في الكتاب المدرسي السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط », Aleph [En ligne], 8 (1) | 2021, mis en ligne le 25 janvier 2021, consulté le 27 novembre 2024. URL : https://aleph.edinum.org/3565

إن نجاح النّظام التّربويّ الجزائريّ في شقّه المتعلّق بتعليم اللّغة العربيّة، لا يمكن أن يتحقّق إلا بإجادة عمليّة الهندسة اللّغويّة، الّتي تقتضي التّوفيق في ترجمة مبادئ السّياسة التّربويّة، في الوثائق المؤسّسة لها، ثم القدرة على تجسيد ما تضمّنته هذه الوثائق في المناهج، الّتي يجب أن تتبلور أهدافها في الكتاب المدرسيّ، من خلال إيجادة إعداد الأنشطة المحققة لها، وعلى رأسها نشاط القراءة.

Le succès du système éducatif algérien dans sa partie liée à l'enseignement de la langue arabe ne peut être atteint que par la maîtrise du processus d'ingénierie linguistique, qui nécessite de réussir à traduire les principes de la politique éducative dans ses documents fondateurs, puis la capacité d'incarner ce que ces documents contiennent dans les curricula, qui doivent être Ses objectifs sont cristallisés dans le manuel, en générant la préparation des activités qui sont réalisées pour lui, en particulier l'activité de lecture

The success of the Algerian educational system in its part related to teaching the Arabic language can only be achieved through mastering the linguistic engineering process, which requires success in translating the principles of the educational policy into its founding documents, and then the ability to embody what these documents contain in the curricula, which must be Its objectives are crystallized in the textbook, through generating preparation of activities that are achieved for it, on top of which is the reading activity.

مقدّمة

تعدّ المناهج التّعليميّة ركائز النّظام التّربويّ، والمرآة العاكسة للغايات الّتي ترمي الدّولة إلى تجسيدها، في متعلّم اليوم مواطن الغد، كما أنّها من بين الوسائل الّتي تعمل على ترسيخ قيّم المجتمع ومبادئه وسياسته وعاداته، ولمّا كانت القيّم تتطوّر تبعا للتغيّرات الحضاريّة والثّقافيّة والعلميّة، كان لزاما على المناهج التّعليميّة أن تواكب هذا التّطوّر، وأن تعكس بحقّ حركيّة المجتمع، وتتلاءم والمعطيات الجديدة الرّاهنة.

وقد نالت المناهج التّعليميّة اهتماما كبيرا، من قبل الباحثين البيداغوجين، وعلماء التّربية، كونها السّندات الّتي تعكس غايات الدّولة، المجسّدة في السّياسة التّربوية، وكذا المرجعيّة الّتي ترسم معالم الكتاب المدرسيّ، وتؤطّر حدوده العامّة والخاصّة.

فالمنهاج هو الأداة المترجمة لمبادئ السّياسة التعليميّة، وذلك من خلال ما يحدده من أطر عامّة وخاصّة، تفصّل فيما بعد في شكل موارد(Resources)، وهي عبارة عن مجموعة من المعارف (savoirs)، والمعارف الفعليّة (savoir faire)، والمعارف السّلوكيّة(savoir être) فعندما نتكلم عن محتوى المنهاج، لا نفهم هذا المحتوى على أساس أنّه مجموعة مواد للتّعليم وإنّما مجموعة أهداف، الغرض منها تنميّة الكفاءات المختلفة الّتي يجب أن يكتسبها المتعلّم والّتي تتجسّد في الكتاب المدرسيّ.

يهدف هذا المقال إلى تسليط الضّوء على مدى تحقّق أهداف ومرامي وغايات السّياسة التّربويّة في منهاج وكتاب اللّغة العربيّة للطّور الثالث من التّعليم المتوسّط من خلال نشاط القراءة.

نسعى من خلال هذا المقال إلى الإجابة عن مجموعة من التّساؤلات تتمثّل فيما يلي:

  • ما معنى السّياسة التّربويّة وما هي معاييرها ومبادؤها؟.

  • كيف هندست الوثائق المؤسّسة للسّياسة التّربويّة لتعليميّة اللّغة العربيّة في مرحلة التّعليم المتوسّط؟

  • كيف ترجمت مبادئ السّياسة التّربويّة في شقّها المتعلّق بتعليم اللّغة العربيّة في المنهاج والكتاب المدرسي الموجّه للطّور الثالث من التّعليم المتوسّط؟.

1. نشاط القراءة في ميزان السّياسة التّربويّة

إنّ مفهوم السّياسة التّربويّة (la politique éducative ) منبثق من فلسفة التّربية، والأهداف العامّة لها وإن الدّولة من خلال الهيئات الرّسمية المخولة، هي الّتي تمنهج أطرها، وتسطّر غاياتها وأهدافها، لتبني بذلك تصوراتها للمستقبل.

1.1. معايير ومبادئ السّياسة التّربوية

إن الإعداد لسياسة تربويّة ليس بالأمر الهيّن، كونه يحتاج إلى تخطيط وتركيز وخبرة وعناية في انتقاء الغايات والمرامي، الّتي تسعى الدّولة إلى تكريسها في تلميذ اليوم مواطن الغد، ومراعاة ترتيب الأهداف بما يجعلها مُمكنه التّجسيد في الواقع، بالموازاة مع ملاءمتها الغايات والأهداف-، ومتطلبات التّنميّة ومواكبة العصرنة والانفتاح على الغير مع الحفاظ على الخصوصيّة الممثّلة في الهويّة.

كون السّياسة التّربويّة عاكسة لاختيارات السّياسيّة للبلاد، وعلاقتها وثيقة بالهويّة الوطنيّة والقوميّة، وهذه المعايير والمبادئ ترتكز على الأسس الآتية:

  • الخيارات: وتتمثّل في المبادئ الّتي تتبناها سياسة الدّولة وفق ما يتناسب ومقوّمات سيادتها، وتتآلف والغايات الّتي تسطّرها، مثل: خيار الدّين أو معتقد الدّولة وكذا النّظام الإقتصادي، النّمط الإجتماعي...إلخ.

  • الغايات: والّتي هي تعبير عن إجماع(consensus) اجتماعي يتعلّق بالتّربية تصف المشروع الّذي ينشده المجتمع بكيفيات مختلفة، إما بوصف مواطن الغد أو الإشارة إلى قيم ما، أو بذكر فلسفة الوجود الّتي يراد أن يتحلّى بها كل عضو من أعضاء المجتمع. (Pocztar1987 : 30-31)
    فهي بهذا أهداف تعبر عن فلسفة المجتمع وتعكسُ تصوراته للوجود والحياة أو تعكس النّسق القيمي السّائد، مثلا قولنا: (على المدرسة أن تنمي لدى الفرد روح الدّيموقراطيّة) أو (على المدرسة أن تكوّن مواطنين صالحين)، فهذه أهداف عامّة تتموضع في المستوى السّياسيّ والفلسفيّ العام، وتسعى إلى تكوين مواطني المستقبل للحفاظ على قيّم المجتمع ومقوّماته الثّقافيّة والحضاريّة.

  • المرامي:« وهي أهداف أقل عمومية من الغايات ومتوسطة المدى وتحتاج إلى فترة أقصر لكي تتحقّق، وتندرج تحتها أهداف التّربيّة، وأهداف المراحل التّعليميّة مثال: إعداد التّلميذ إعدادا متكاملا من النّواحي النّفسيّة والجسميّة والعقليّة».( حسن شحاتة 2012 :44)

فهي تتموضع في مستوى تجريديّ، وهي عبارة عن صياغات مجرّدة تتعلّق بالتّغييرات المرجوّ حدوثها في الفرد وتكون تبعا لذلك مصدرا للأنشطة التّعليميّة .

ومن أبرز السّمات الّتي يجب أن تتسّم بها أي سيّاسة تّربوية، لتكون ناجحة وناجعة أن تشكّل قالبا تذوب فيه المقومّات القوميّة، والمقوّمات الدّوليّة، والمقوّمات الأكاديميّة حيث تتمّثل المقومات القوميّة في: « المرجعية المجتمعية بمعنى أن النّظام التّعليمي جزء من المنظومة المجتمعية، يؤثر في المجتمع، ويتأثّر به وبظروف هو تطلّعاته ». (عبد الجواد بكر: 7 2000 )

و يعني هذا أن المجتمع بمؤسساته، يؤسس لصناعة السّياسة التّربويّة ويحدد المبادئ الّتي تنبني عليها، بما يستجيب لخصوصيّة المجتمع الثّقافيّة، واللّغويّة اللّسانيّة والعقائديّة، كما يجب مراعاة الأبعاد الاقتصاديّة والاجتماعيّة، للسّياسات التعليميّة كمقوم آخر يضمن لها الاستمراريّة، وتنفيذ الأهداف الخاصّة عند ارتباطها بخطط التنميّة واحتياجات سوق العمل.

2.1. السّياسة التّربوية الجزائريّة وتدريس اللّغة العربيّة

أولت إصلاحات سنة 2003، اهتماما كبيرا لتعليميّة اللّغات، استجابة لمبادئ السّياسة التّربويّة الّتي تنصّ على تنويع المكتسبات، والتّفتح على العالم، ومواكبة العولمة، الأمر الّذي أكّد عليه القانون التّوجيهي، وترجمته المرجعيّة العامّة للمناهج، من خلال تبنّيها لنظرة نّسقية شّاملة في تعليميّة اللّغات عامّة واللّغة العربيّة على وجه الخصوص، كونها اللّغة الوطنيّة والرّسميّة، ولغة المدرسة الجزائريّة، وإحدى المركبات الأساسيّة للهويّة الوطنيّة الجزائريّة،و أحد رموز السّيادة الوطنيّة.

وقد وضّحت المرجعيّة العامّة للمناهج، التّصوّر التّعليميّ المتعلّق بتعليم الّلغة العربيّة والمتمثل في:« ... تحسين تعليم اللّغة العربيّة قصد إعطائها دورها البيداغوجي والاجتماعي الثّقافي الكامل لسدّ حاجات تعليم ذي نوعيّة، قادر على التّعبير عن عالمنا الجزائريّ، العربيّ الافريقيّ، المتوسطيّ، والعالميّ، ثم امتصاص النّجاحات العلميّة والتكنولوجيّة والفنيّة عبر العالم ونقلها، وستمكن الممارسة الرّشيدة للّغة العربيّة من التكفّل بمحتويات اللّغات الأخرى، من خلال التّحوّيل المعرفيّ الّذي يساعد على التّنميّة الشّاملة للتعلّم، ويساهم بذلك في تعزيز الشّعور بالانتماء إلى أمّة واحدة »1.

على هذا الاعتبار وعلى غرار ما نصّ عليه الدّستور، والقانون التّوجيهي للتّربية ألقي على عاتق المدرسة تحقيق هذه الغايةّ من خلال المنهاج، كونها فضاءً تعليميّا وهي المناخ المناسب لتجسيده، و« ذلك بأن تجتهد في تغذية البعد الثقافي للتلاميذ وصقل أذواقهم ووجدانهم، وذلك بتبني استراتيجيات تثمن اللّغة العربيّة، وتجعلها تنافس اللّغات الأخرى، لتتمكّن من استيعاب التّطورات العلميّة والتكنولوجيّة والحضارية»2.

كما أنّه يتعيّن على المدرسة أن تعمل على استعادة التلّاميذ الثّقة بلغتهم والاعتزاز بثقافتهم ممّا يدعّم لديهم، الشّعور بالانتماء للأمّة تأكيدا لهويّتهم الثّقافيّة والحضاريّة، الأمر الّذي من شأنه، أن يزوّدهم بالثّقة الكافيّة لتفتّحهم دون عقدة، على مختلف الثّقافات واللّغات الأجنبية3.

غير أنّ الهدف الأسمى لتعليم الّلغة العربيّة، هو« تزويد المتعلمين بكفاءة يُمكنهم استثمارها في مختلف وضعيات التّواصل الشّفهي والكتابي، فلم يعد الهدف من تعليم اللّغة العربيّة، يقتصر على معرفة بعض النّماذج الأدبيّة وبلاغتها(مهما كان المستوى والنّوع)، ولا معرفة القواعد النّحويّة والصّرفية فحسب، بل جعل التّلميذ يبلغ أعلى مستوى من الفهم والإدراك، واستعمال المعرفة، سواء على المستوى الشّفهي أو الكتابي فبهذا المنطق يصير استعمال اللّغة العربيّة كلغة حية في العملية التعليمية، وليس مقررا إجباريا أجوفاً»4.

كما أنه ينبغي على المدرسة، أن تزوّد المتعلّم بمعرفة متينة في الآداب والثّقافة العربيّة القديمة، والحديثة، والمعاصرة، ولابد من إعادة الاعتبار للجانب الكتابي خاصة، أن المكتوب أهم من الشّفهي في العربية المنمّطة، ولابد أيضا من تخصيص مكانة لائقة في المناهج الجديد،ة للأنواع الأدبية الحديثة مثل: الرّواية، والقصّة والشّعر الحر، والمسرح...الخ. حتى يتمكن أطفالنا من معرفة من يمثل هذه الفنون5.

3.1. أهداف تعليم اللّغة العربيّة في المرحلة التّعليم المتوسّط

وضحت المرجعيّة العامّة للمناهج على غرار الوثائق المؤسّسة للسّياسة التّربويّة6، أن تعليم اللّغة العربيّة في مرحلة التّعليم المتوسط يهدف إلى:

  • « إدماج المكتسبات اللّغوية المعيشية للتلميذ في بداية التمدرس.

  • ضمان الكفاءات الأساسية الأربع(فهم المنطوق، فهم المكتوب، التعبير الشفهي التعبير الكتابي).

  • تمكين المتعلم من المكتوب وقراءة النصوص مبكرا(الأولوية للكتاب الجزائريين ذوي المكانة المعترف بها)

  • تنويع أنماط النصوص المدروسة أو المنتجة ( السردية، الوصفية، العرضية الحجاجي)، وكذا المكتوب الوظيفي (الملخص، الخلاصة، التقرير، الالتماس الطلب...الخ)»7.

وتحقيقا لما سبق، صار لزاما على منهاج اللّغة العربيّة أن يصوغ الأهداف التعّليمية مراعيا:

  1. أولا: أن يكتسب المتعلّم الكفاءات والقدرات والمهارات ويترجمها في مواقف ذهنيّة وأفعال سلوكيةّ وحركيّة، ويستثمرها في مختلف وضعيات التّواصل الشّفهي والكتابي.

  2. ثانيا: مراعاة مجالات النّمو الثّلاث لشخصّية المتعلّم، والمتمثلّة في المجال المعرفيّ والوجدانيّ والحسي الحركيّ.

  3. ثالثا: صوغ كفاءات تتناسب وآليات النّمط الحجاجي، مثلما تنص عليه الكفاءة الختامية.

2. القراءة في السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط

1.2نشاط القراءة في منهاج السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط

القراءة عمليّة ذهنيّة ونشاط عقليّ مركب، إذ تتآلف فيه قدرات الفرد المختلفة كالقدرة على التّعرف والفهم والتّمييز والتّحليل والتّركيب والإدراك.

و نشاط القراءة مركز الثّقل في إطار المقاربة النّصيّة المعتمدة في إصلاح 2003، فمن النّص8 تستلهم كل فروع اللّغة العربية مادتها، كونه « إنتاج متّسق ومنسجم وليس مجرّد ترتيب اعتباطي للمفردات والجمل، القضايا وأفعال تلفظّ » .(Adam 1990 : 107) كما أنّه « وحدة تواصلية تفاعلية للّغة »9، ولمكانته هته أولاه منهاج اللّغة العربيّة أهمية بالغة، من خلال التّركيز على مهارة القراءة في الملمح ــ سواء ملمح دخول أو ملمح خروج ــ وفي الكفاءة الختامية.

إذ عبّر المنهاج عن ذلك من خلال صوغ كفاءات تدعو في مجملها، إلى الحثّ على القراءة الإعرابية السّليمة المسترسلة المعبرة، لتنمية القدرة على اكتشاف كل معطيات النّص والأمر ذاته نستشفه من خلال صوغ منهاج اللّغة العربية للطور الثالث من التعليم المتوسط لنشاط القراءة، كفاءة قاعدية تتمثل في:« قراءة نصوص متنوعة وفهم ما تشتمل عليه من أفكار ومعطيات»10.

و قد رصد لذلك أربعة عشر (14) هدفا تعليما على النّحو الآتي:

الكفاءة القاعدية

نوع الكفاءة

الأهداف التعليمية

نوع الهدف

قراءة نصوص متنوعة وفهم ما تشتمل عليه من أفكار ومعطيات

مـــعــرفــيـة

يقرأ نصوصا مشكولة نسبيا قراءة إعرابية مسترسلة وصحيحة وبأداء معبّر.

سلوكي/وجداني

- يستعمل استراتيجية القراءة السريعة (القراءة الانتقائية) أثناء بحثه عن المعلومات.

معرفي

يرغب في المطالعة الحرة ويتفاعل مع النصوص.

وجداني

يطالع نصوصا مستقاة من سندات متنوعة (صحف، مجلات، إعلانات إشهارية، وصفة استعمال دواء، بطاقة تشغيل جهاز، الشرائط المرسومة.)

سلوكي

يحدد موضوع النّص، وبناؤه الفكري، والفني واللّغوي.

معرفي

يتفاعل مع النّص ويصدر بعض الأحكام النّقديّة في مضمونه.

وجداني

- يميز بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي.

معرفي

- يشرح مدلول المفاهيم المجرّدة.

معرفي

- يميز بين المعنى اللّغوي والمعنى الاصطلاحي.

معرفي

- يميز بين النّصوص العلميّة والنّصوص الأدبيّة .

معرفي

- يبرز بعض مميزات النص الأدبي.

معرفي

- يصنف النصوص إلى إخبارية، وسردية، ووصفية، وحجاجية.

معرفي

- يستخرج مميزات النص الحجاجي ويقارنها بمميزات الأنماط الأخرى( الإخباري، والحواري، والوصفي).

معرفي

الجدول رقم01 يمثّل الكفاءات القاعديّة المرصودة لنشاط القراءة.

باستنطاق معطيات الجدول السّابق، سنحاول استقراء الكفاءة القاعدية، وما سطّر لها من أهداف تربوية11، لمعرفة مدى تجانسهما وفاعليّتهما في إكساب المتعلّم الكفاءات والقدرات والمهارات،الّتي تمكّنه من أن يترجمهما في مواقف ذهنيّة، وأفعال سلوكيّة وحركيّة، ويستثمرهما في مختلف وضعيات التّواصل الشّفهي والكتابي، ومدى تطابق ذلك والكفاءة الختامية.

الكفاءة القاعدية

"قراءة نصوص متنوعة وفهم ما تشتمل عليه من أفكار ومعطيات

الهدف التّعليميّ

قراءة النصوص

نصوص منوّعة

فهم ما تشتمل عليه من أفكار ومعطيات

العدد

02

02

10

النسبة

14.28

14.28

71.42

العدد الإجمالي

14

خصّص المنهاج لكفاءة "القراءة" نسبة 14.28% من الأهداف التّعليميّة، مست جانب الفيزيولوجيّ، من خلال القراءة المسترسلة، الإعرابية الصّحيحة، المعبّرة وإستراتيجية القراءة الانتقائيّة أثناء البحث عن المعلومات، ونفس النسبةـ14.28 % عبّر بها عن االشّق الثّاني للكفاءة، المتعلّق بــ" قراءة نصوص منوّعة" والّتي أوجب أن تكون منوّعة الموضوعات، ومستقاة من سندات عديدة: (صحف، مجلات، إعلانات إشهارية وصفة استعمال الدّواء، بطاقة تشغيل جهاز، الشرائط المرسومة...)، ومنوعة الأنماط مع التّركيز على النّمط الحجاجي.

في حين شكّل الشّق الثاّلث لكفاءة " فهم ما يشتمل عليه النّص من أفكار ومعطيات" عشرة أهداف أي ما نسبته 71.42%، مقسمة إلى قسمين هما:

  1. أولا: أهداف تغذي "فهم محتوى الأفكار" ممثلة في تحديد موضوع النّص وبنائه الفكريّ والفنيّ واللّغويّ، الأمر الّذي من شأنه أن يجعل المتعلّم يتفاعل مع النّص، ويصدر بعض الأحكام النّقدية في مضمونه.

  2. ثانيا: كفاءات تغذي" فهم معطيات النّص" تتقاسم هذه الكفاءة ثلاثة مؤشرات تضم أهدافا تعليمية والمتمثلة في:

    • " تحديد طبيعة النّص": بالإعتماد، أولا على "مادته"، وذلك بالتّمييز بين النّصوص العلميّة والنّصوص الأدبيّة، مع التّركيز على مميزات النّص الأدبيّ، وثانيا بالإعتماد على" النّمط"، ومنه تصنيف النّصوص إلى إخباريّة وسرديّة ووصفيّة وحجاجيّة مع التّركيز على النّمط الحجاجيّ، واستخراج مميزاته، ومقارنتها بمميّزات أنماط الأخرى (الإخباري والسردي والحواري والوصفي).

    • الجانب المصطلحيّ: من خلال التّمييز بين المعنى اللّغوي والمعنى الإصطلاحي وشرح مدلول المفاهيم المجرّدة.

    • الجانب الفنيّ: من خلال التّمييز بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي وكذا تفسير معاني الكنايات ومختلف إيحاءاتها.

كما شملت الأهداف التعليميّة المسطّرة لنشاط القراءة المستويات الثلاثة المتعلقة بنمو شخصية المتعلم، مراعية في ذلك توازن المحتوى المعرفي في جوانبه الثلاثة، السّلوكية والمعرفيّة والوجدانيّة.

غير أنّ حصّة الأسد كانت من نصيب الأهداف المعرفيّة، إذ بلغت نسبتها78.57 % كونها نشاط فكريّ يهدف إلى إكتساب المتعلّم للمعرفة العلميّة المتعلقة بمهارات التّفكير الدّنيا من خلال التّذكر، والفهم، والتطبيق، أو من خلال مهارات التفكير العليا، المتمثلة في التّحليل، والتّركيب، والتّقويم، من أجل اكتساب الملكة اللّغويّة، والرقيّ بالذّوق الفنيّ، من خلال مطالعة المتعلّم لسندات مستقاة من مصادر متنوّعة ومنوّعة الأنماط أمّا الأهداف السّلوكية فقد بلغت نسبة 7.14 %، بينما بلغت نسبة الأهداف الوجدانية 14.28% وكلّها تؤكّد على تفاعل المتعلّم مع محتوى النّص.

وفيم تعلّق بالجانب المهاريّ، فنلاحظ اشتمال نشاط القراءة من خلال الكفاءة القاعديّة المسّطرة له مهارتين هما:

  • المهارة الفيزيولوجية: والمتعلقة بالجانب الأدائي من خلال القراءة الإعرابيّة المسترسلة السّريعة المعبّرة عن معاني النّص،و بأداء سليم. وقد شغلت نسبة 21.42%.

  • ب.المهارة العقلية: من خلال تحديد موضوع النّص، وبنائه الفكريّ واللّغويّ، والتمييز بين المعاني الحقيقية والمجازية، وإدراك مكنونات المفاهيم المجردة، وضبط نمط النّص ونوعه، ومميزات كل منها، وقد شغل هذا الجانب نسبة 78.57 %.

نلاحظ من خلال ما سبق ذكره، وبالاحتكام إلى المعايير المذكورة آنفا،أنّ الكفاءة القاعديّة المسطرة لنشاط القراءة تتلاءم وما ورد في ملمح الخروج، إذ من خلالها يمكن للمتعلّم اكتساب مهارات وقدرات من شأنها أن تحقّق الهدف المسطر لهذا الطّور والمتمثل في – تعميق التّعلمات، كما نتلمّس تطبيقها لما ذكرته الكفاءة الختاميّة، وبهذا يكون المنهاج -ترجم فعليا ما سبق وأوردته الوثائق الرسمية.

وتجدر الإشارة هنا، أن الملمح والكفاءة الختاميّة، حاولا الإلمام بكل الجوانب المعرفيّة، الّتي تنصّ عليها النّظريّة البينويّة الاجتماعيّة، وكذا طبّقت إلى حدّ ما أنواع المعرفة المحدّدة في صنافة بلوم، من خلال صياغة أهداف تغذّي المهارات العقلية الدّنيا: التّذكر والفهم والتّطبيق، وتحاول الإرتقاء بتفكير المتعلّم لمصاف المهارات العقليّة العليا، ونقصد بذلك "التّحليل" و"الترّكيب" و" التّقويم"، من خلال القدرة على تحويل المقروء إلى اتصال شفوي، بمراعاة الآليات اللّغويّة، وفهم مضمون المكتوب، والقدرة على الغوص في مكنونه والحكم عليه وبيان جوانبه الجمالية.

وقد فسّر المنهاج ما سبق، من خلال تحديد الإطار العام للنّصوص المقرّرة والّتي تجعل التّلميذ يستنبط منه الأحكام، كقصديّة صاحب النّص، للانتقال بعد ذلك للمستوى الأكثر تجريدا، لإدراك الآليات المتحكّمة في ترابط البنيات النّصية، وفهم الكيفيّة الّتي تعمل بها النّصوص، والمنطق الّذي يحكم عملها، ممّا يمكّنه حينها أن يستثمر ذلك في إنتاج نصوص على منوال المدروسة منها، على أن تتصف بطابع التّماسك والانسجام12.

إضافة إلى ما سبق أكّد المنهاج صراحة أنّ نشاط القراءة في هذا المستوى، يتعدى القراءة بالأداء والشّرح اللّغوي لاكتشاف المعنى المتستر في النّص، إلى بناء المعنى انطلاقا من العناصر الّتي يتضمنها كون المعنى، موزعا في كل النّص، وتدللّ عليه مجموعة من العلامات التي يستند إليها القارئ في إعادة بنائه13.

كما أعاد المنهاج التّذكير بأهم الكفاءات الواجب توخيها في نشاط القراءة، وهي نفسها الّتي سبق وأن حدّدها في الملمح وكذا في الكفاءة القاعديّة، الّتي سطّرها لهذا النّشاط وزاد عليها كفاءات تتعلّق بالتّمييز بين أنماط النّصوص المختلفة، من حيث بنائها وأغراضها ووظائفها في الجانب الفنيّ.

كما أكّد على تعرّف المتعلّم على الكناية النّصية، وبعض أنواع الدّلالات (النّحوية، الصّرفيّة، السّياقيّة)، وكذا التّمييز بين المعاني الكليّة والمعاني الجزئيّة وتفسير المقروء واستغلاله في حلّ المشكلات14 .

تعرّض منهاج اللّغة العربيّة لطبيعة النّصوص الّتي تسمح بتحقيق الكفاءات الّتي سطرها في الملمح، والكفاءة الختاميّة، وفي الكفاءة القاعديّة وأهدافها التربويّة ويتعلق الأمر بنصوص تواصليّة وأخرى أدبيّة.

  • فالنّصوص التّواصلية: قصد بها «... تلك النّصوص الّتي تعالج الظّواهر المتعلّقة باهتمامات المتعلّم والمتربطة بواقعه المعيش في جوانبه الثّقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة لتحقيق التّفاعل معها واستثمارها في أداء نوايا تواصليّة»15.
    و يرمي هذا النّوع من النّصوص إلى تحقيق أهداف عديدة منها: بعث الفضول، وتغذية حب الاطلاع لدى المتعلّم، وتزويده برصيد لغوي ثري، وجديد، ومفيد، قصد توظيف المكتسب في واقعه اليومي.
    و أشار المنهاج في هذا الصّدد إلى أنّه«... ينبغي على النّصوص التّواصلية أن تتوافر على النّصيب الّلازم من الصّيغ والتّركيب والمفردات الوظيفيّة، وأن تستوفي بعض الجوانب الجماليّة»16.

  • أما النّصوص الأدبيّة، فلم يعرفها المنهاج بل اكتفى بالدّعوة للمحافظة عليها، لأهميتها في إنماء الحس الجمالي عند المتعلم ومن خلالها يستكشف المبادئ الأدبية الأوليّة واشترط المنهاج لذلك نصوصا تكون «... ذات طابع إبداعي، لتغذيّ خيال المتعلّم وتصقل ذوقه وتستثير مشاعره وتنمي قدرته على التّحليل، والنّقد وتبعث قراءتها البهجة والسّرور في نفسيته»17.

كما أكّد على ضرورة تغطيّة هذه النّصوص لكلّ الأنماط النّصيّة، والمتمثّلة في النّمط السّردي، والوصفيّ والحواريّ، والإخباريّ، والحجاجيّ، وأن تعالج القضايا الاجتماعية والثقافيّة والفكريّة وذلك في حدود ما يستقطب اهتمامات المتعلم، ويناسب قدرته على الاستيعاب18. كما وضّح المنهاج أنّ وظيفة هذه النّصوص، تعود إلى تغذيّة كفاءة المتعلّم فيما يخصّ تحديد أنماط النّصوص وتميز الأنواع الأدبيّة، إضافة إلى اكتشاف معاني النّص وإبراز أبعاده المختلفة.

إن المتأمّل في هذه الكفاءات المرصودة لنشاط القراءة، يستشعر رغبة منهاج اللّغة العربية في تجاوز البعد الخطيّ، وأمله في الوصول بالمتعلم إلى آفاق القراءة الإبداعيّة النقديّة، الّتي تغذي المهارات العليا، وتكسب المتعلّم القدرة على التّحليل والتّركيب والتّقويم، من خلال استيعاب المادّة المقروءة وتحليلها، واستثمار ذلك في إنتاجاته الشّفوية والمكتوبة على حد سواءّ، وهو الأمر الّذي رغّبت فيه كل الوثائق المؤسّسة للسّياسة التّربوية.

2.2. نشاط القراءة في كتاب اللّغة العربيّة للسّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط

يتألف الكتاب المدرسيّ من نصوص تتميّز بطبيعتها التّعليمية،حيث يعدّ النّص التّعليمي وسيلة تواصل وأداة إبداع، ولسان حال مركّبات الهويّة الوطنيّة ورموز سيادتها، كونه الحامل لها المدافع عنها والرّاسم لأبعادها، حيث أنّه يشارك إلى أبعد الحدود في تربيّة النّاشئة، على ترسيخ القيّم الدّينيّة والتّاريخيّة والاجتماعيّة والثقافيّة، ممّا يعزّز لديه روح الافتخار بانتمائه إلى هذه الأمّة العريقة بتاريخها وخصوصيّتها الحضاريّة، لذا فإنّ معالم السّياسة التّربويّة تتجسّد في الكتاب المدرسيّ من خلاله.

كون النّص التّعليمي يعدّ جانبها التّطبيقي ومن خلال محتواه تتحقّق غاياتها وأهدافها، وفيما يخصّ تعليم اللّغة العربيّة، فهذا المطلب تحقّقه النّصوص، في إطار المقاربة النّصيّة والمقاربة التّواصليّة، الّتي تبناها إصلاح سنة2003، والّتي يشترط فيها معالجة العديد من الموضوعات، الّتي تتناسب ومستوى المتعلّم وقدراته من جهة، وميوله ورغباته واهتماماته من جهة أخرى، حيث تبعث فيه الفضول، وحبّ الإطلاع، وتزوّده برصيد لغوي جديد ومفيد، وبثقافة تنفعه في مجالات متنوّعة.

ويمكننا استشفاف ما سبق، من خلال نوعيّة مواضيع الوحدات المقترحة، والّتي نلاحظ أنها تنقسم على المحاور الآتية:

الرّقم

مجال الوحدة

عدد الوحدات

النسبة المؤوية

عدد النصوص

النسبة المؤوية

01

معاملات

02

8.33%

04

8.33%

02

الهوية الوطنية

02

8.33%

04

8.33%

03

أحداث كبرى

01

4.16%

02

4.16%

04

قضايا الشباب

02

8.33%

04

8.33%

05

الواقع المعيشي

02

8.33%

04

8.33%

06

التّطوّر العلميّ والتكنولوجي

02

8.33%

04

48.33%

07

السّير والتّراجم

01

4.16%

02

4.16%

08

العمل

02

8.33%

04

8.33%

09

الدّين

01

4.16%

02

4.16%

10

قضايا معاصرة

01

4.16%

02

4.16%

11

التّفتّح على الآخر

02

8.16%

04

8.16%

12

الانسان وبيئته

04

32.64%

08

32.64%

13

تنميّة الذّوق الفنّي

02

8.16%

04

8.16%

الجدول رقم 02 يمثّل المجالات المفاهيميّة في كتاب القراءة للسّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط

باستقراء معطيات الجدول أعلاه، يتبيّن لنا المحتوى المعرفي والثّقافي والقيمي للنّصوص المبرمجة لهذا الطّور، والّتي تعالج موضوعات من صميم اهتمامات متعلّمي هذه المرحلة العمريّة بالذات، «معرفيا» من خلال تنوّع المادة المدرجة وفق المجالات المفاهيميّة المسطّرة.

و«ثقافيا» من خلال تّنوع المواضيع وتغطيتها لمجالات متعدّدة المشارب، وعلى المستوى «القيمي»، سواء تعلّق الأمر بالقيم الحضاريّة للمجتمع الجزائري المسلم وخصوصيّته اللّسانيّة، أو بالقيم العالميّة التي لا تتعارض وخصوصيات هويتنا العربية الإسلامية وعاداتنا وتقاليدنا،المراد تكريسها في سلوكيّات متعلّم الطّور الثالث من التّعليم المتوسّط.

و كلّ النّصوص تغذي البعد التواصلي من خلال مواضيعها المربوطة بواقع المجتمع وقضاياه الرّاهنة والمستشفة مستقبلا.

ويصبّ ما سبق في صميم ما دعا إليه القانون التّوجيهي للتّربيّة الوطنيّة، في بابه الأوّل المتعلق بغايات التربية، ووضحه دليل الأستاذ، الّذي أكّد على أنّ من واجب نصوص كتاب اللّغة العربيّة للطور الثّالث من التّعليم المتوسّط، أن تعالج على هذا الأساس« الموضوعات الّتي تناسب مستوى المتعلّم وقدراته من جهة، وميوله ورغباته واهتماماته من جهة أخرى، حيث تبعث فيه الفضول وحبّ الإطلاع، وتزودّه برصيد لغوي جديد ومفيد وبثقافة تنفعه في مجالات متنوّعة»19.

الأمر الّذي لاحظناه محققا في الكتاب، حيث أنّ مواضيع الوحدات المختارة والمقدّر عددها بأربع وعشرين وحدة (24)، تندرج في ثلاثة عشرة(13) مجالا مفاهيميا كلها تصب في هذا المعين، وتتناسب وما دعت إليه السّياسة التّربويّة، من تكوين مواطن متشبّع بقيم الجمهوريّة، ومبادئ المواطنة، مطّلع على واقع مجتمعه متطلّع إلى ما هو أفضل، فالمواضيع الّتي تعالجها الوحدات ضمن هذه المجالات وتشرحها مداخل الوحدة والّتي ظهرت في الكتاب تحت عنوان "تمهيد"،تؤكّد ما سبق والّتي نوضحها فيما يلي:

  • المجال الأوّل المتعلّق بـ «المعاملات»، والّذي يضمّ وحدتين(02) تعلمتين، يكرّس مفهوم السّلم العالميّ، وأهمية الحفاظ على السّلام، من خلال الدّور البارز الّذي تلعبه هيئة الأمم المتّحدة في تحقيقه، وجهودها الجبارة في المحافظة عليه، من خلال إرسال جنود السلّم لفك النّزاعات، الّذين يدعون بالقبعات الزّرق، ومن خلال الدّور الفاعل للهيئات الرّسميّة مثل الهلال الأحمر والصّليب الأحمر، وكذا للجمعيات المحليّة الّتي ترمي إلى تجسيد مبدأ التّضامن والتّكافل الاجتماعيين، والّذي يبرز أكثر خلال الكوارث الطبيعية والحروب والأزمات.

  • المجال الثّاني: المتعلّق بـ «الهويّة الوطنيّة»، والّذي يضمّ وحدتين تعلّيميتين(02) بأربعة (04) نصوص، تعزّز في مجملها الاعتزاز بالهويّة الوطنيّة، من خلال استعراض المعالم التاريخيّة، التي تعدّ متاحف على الهواء الطّلق، تروي حكاية جمال الجزائر وتنوعها الحضاريّ، وتؤرخ للحضارات الّتي مرّت بها، وتغذّي حبّ هذا الوطن الأبيّ وتنمّي روح المواطنة، وتكرس في نفوسهم شرف خدمته من أي موقع كان.

  • المجال الثّالث: المتعلّق بـ « أحداث كبرى في القرن العشرين»، والّذي ضمّ وحدة واحدة(1)، تتألّف من نصين(2)اثنين، أوّلها تحدّث عن أهمّ حدث عالميّ بشهادة أمم العالم، والّذي يتعلّق بانتصار الثّورة الجزائريّة المجيدة، الأمر الّذي من شأنه إعلاء سقف حبّ الوطن والذّود عن حماه، ويجعل من المتعلّمين يفتخرون بثورة الفاتح من نوفمبر أعظم ثورة شعبيّة في القرن العشرين، ويعزز في نفوسهم المثل العليا من رفض الذّل والعبوديّة، ويشحذ الهمم للدفاع عن الحريّة والكرامة والأمن.

  • المجال الرّابع المتعلّق بــ «قضايا الشّباب»، والمؤلّف من وحدتين اثنتين(2) تناولت الأولى منها التّنويه بدور الشّباب، وأهميّة استغلال هذه الفترة الذّهبية من العمر في تحصيل العظائم، ونبذ كلّ أشكال التقاعس، والاستفادة من التكنولوجيات الحديثة، بما يفيد وفيما يفيد، قصد توعيّة متعلمي هذا الطّور، الّذين هم في فترة المراهقة ومقبلون على فترة الشباب.

  • المجال الخامس المتعلّق بــ « أمراض العصر» والّذي ضمّ وحدتين اثنتين (2) ناقشتا قضيتين مهمين، تتعلّق الأولى منها بـ «الصّحّة النّفسيّة»، والّتي كانت انعكاسا سلبيا لفقد القيّم الأخلاقيّة والمثل السّاميّة المتعلّقة بالتّنشئة الاجتماعيّة، والّتي عصفت بها «المدنيّة الحديثة» وذلك تشجيعا للمتعلّمين على الحفاظ على الفضائل، ومزاوجة التّقدّم العلميّ والتّكنولوجيّ بالأخلاق السّاميّة الرفيعة لأحداث التّوازن النّفسي.
    و القضيّة الثانيّة والمتعلّقة بــ «الصحّة الجسديّة»، من خلال استعراض أكثر الأمراض المعاصرة انتشارا، والمتمثّلة في «السّكّري« و«التّوتّر العصبي«، اللّذان تفشيا نتيجة للتطوّر التكنولوجي الرّهيب، وفقد الإنسان للرّاحة بمختلف أشكالها، سعيا منه لتحقيق نهم التّقّدم والتّحكّم في دواليب الحياة، فانعكس الأمر سلبا على الفرد والأسرة والمجتمع.

  • المجال السّادس المتعلّق بــ «التّطوّر العلمي والتّكنولوجي» والذي تبدّى في وحدتين (2)اثنتين، وأولاهما تبرز وتيرة التّقدّم المتسارعة، الّتي جعلت من المستحيل حقيقة، وهذا دفعا للمتعلمين وتحفيزهم على العمل الدّؤوب والبحث المستمر على التّطوّر، فيما تحذّر الثّانيّة بشدّة من الاستغلال الجنوني لهذه التكنولوجيا،التي حدّت من دور وسائل أخرى في مقدّمتها الكتاب.

  • المجال السّابع المتعلّق بــ «السيّر والتّراجم»، والّذي تناول شخصيّة جزائريّة كان لها فضل في التّصدي لأهداف المستعمر، الرّامية إلى طمس كل ما هو عربي وجزائري بريشته، وهذا لإعطاء المتعلمين نماذج حيّة يحتذي بها، ولتغذيَّتهم بحبّ التألّق رغم الظروف، ودفعهم للإصرار على النّجاح، من خلال سيرة شخصيات عالميّة كــ"موزار مثلا،

  • المجال الثّامن المتعلّق بــ «العمل» والّذي يندرج ضمنه محوران هامان يتعلّقان بالحثّ والتّحفيز على العمل في شتى المجالات المختلفة، وتحبيبه للمتعلّمين ليكونوا طاقة منتجة في المستقبل ولدفعهم لممارسة الهوايات مما يجعلهم دوما نشطاء.

  • المجال التّاسع المتعلّق بــ «الدّين» شمل وحدة واحدة (1)، تدعو إلى تكريس مفهوم الدّين المعاملة، والّذي ينشد السّلام، والأخوّة، وحسن المعاملة، ويدعو لنبذ كلّ أشكال الهمجيّة، والعنصريّة، والانتقام من خلال سيرة نبينا محمد صلّ اللّه عليه وسلم وتعاليم الإسلام السّمحة .

  • المجال العاشر المتعلّق بــ « قضايا معاصرة»، والّذي يضمّ وحدة واحدة(1) تتحدّث عن القيّم الأخلاقيّة بمفهومها العام، وبمفهوم الرّفق بالحيوان بشكل خاص وكيف أنّ الإنسان تخلّى عنها فتجرّد من إنسانيّته وآذى نفسه أولاً، وبني جلدته ثانيا والبيئة ككلّ.

  • يضمّ المجال الحادي عشر المتعلّق بـــ «التّفتّح على الآخر»، وحدتين اثنتين تتعلّق الأولى منها بالتّفتح على الآخر بما يناسب معطيات المجتمع الجزائري، ويغذي قيّمه، وعاداته وتقاليده، من بينها « الزّردة»، وكذلك التّفتح على ثقافات الآخر وآدابه لينهل منها ما يناسبه، وتكون له متنفسا يغذّي بهم موروثه دون الاضمحلال.

  • يشمل المجال الثّاني عشر المتعلّق بـ «تنميّة الحسّ الجمالي» وحدتين (2) اثنتين تتناولتا ميدان الفنون والموسيقى العربيّة، وميدان الإبداع الحرفي من خلال فن الفخار الذّي يعبّر عن موروثنا الحضاري الجزائر من جهة، ويؤكّد معاني الصّبر من جهة ثانيّة.

إنّ المجالات السّابقة الذّكر، كلها تصبّ في معين ما أوردته الوثائق المؤسّسة للسّياسة التّربويّة، وفي مقدّمتها القانون التّوجيهي للتّربية الوطنيّة، فهي تترجم بحق الأبعاد التي ناشد تحقيقها، والمتمثّلة في البعد الوطني، من خلال تفاعل مركبات الهويّة الوطنيّة الثلاث: الدّين،الوطن، اللّغة.إلا ما تعلّق باللّغة الأمازيغيّة وثقافتها فإننا لاحظنا عدم وجود مادة تغذّي هذا المكون الذي أكّدت كلّ الوثائق المؤسسة للسّياسة الترّبويّة على إدراجه« يتجاوز مجرّد تعليم لغة، بل المسألة تتعلّق بالهويّة، فالأمازيغيّة إرث وتراث مشترك بين جميع الجزائريين، وترتكز على العمق التّاريخي الرّاسخ في الواقع المعاصر للجزائر والمغرب ككلّ وبهذه الصّفة، فإنّ الأمازيغيّة تمثّل لغة أمّ، وواقعا لسانيا هاما، وواقعا ثقافيا وحضاريا وطنيا، وأحد الأبعاد الرّئيسيّة للهويّة الوطنيّة»20.

والبعد العصري، من خلال ضمان الآليات الّتي تسمح بدمج العمليّة التعليميّة في معطيات العالم الجديد وتطوّراته وكذا التّفتّح على اللآخر وثقافته مع الحفاظ على خصوصيّة الهويّة الوطنيّة.

كما تعكس المجالات الّتي صنّفنا النّصوص فيها، غايات التّربيّة جميعها على غرار حبّ الوطن، والوعي الجماعي والفردي، بالحفاظ على الهويّة والاعتزاز برموز الأمّة وإرساء مبادئ السّلم، و تعزيز قيم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.

و حققت جميع الأهداف الّتي صاغها القانون التوجيهي للتربية الوطنيّة، كما عكست المهام الّتي نصّت عليها المرجعيّة العامّة للمناهج، في شقها المتعلّق بالمهمّة التنشئة الاجتماعيّة، كذا الأهداف الإستراتيجيّة لتعليم اللّغة العربيّة وما دعا إليه الدّليل المنهجي لإعداد المناهج.

3.2. الأنماط النّصيّة في كتاب القراءة للسنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط

وفق البيداوجيا المعتمدة صار النّص يدرس بالتّركيز على النّمط الّذي تنتمي إليه على اعتبار أنّه« بنية مقطعيّة مركّبة تحتوي على عدد من المقاطع المقتضبة، أو المكتملة من نفس النّمط أو من أنماط مختلفة» (Adam 1990 : 109)، حيث يتعرّف المتعلّم على النّمط وخصائصه التّمييزيّة وينتج على منواله ويوظّف ذلك في الحياته اليوميّة.

أوجب منهاج اللّغة العربية ومن قبله الوثائق المؤسسّة للسّياسة التّربويّة، تنويع الأنماط النّصية كلها، مع التّركيز على النّمط الحجاجي21 ما يتعيّن على الكتاب تحقيقه.

فبالعودة إلى نصوص الكتاب والبالغة من ثمان وأربعين(48) نصا، نجد أنها غطّت جميع الأنماط النّصيّة والتّي سنصنّفها وفق أنواع النّصوص الواردة في الكتاب:

و بعد استقراء النّصوص، نورد الجدول الآتي الذي يحصي أنواعها حسب الأنماط.

أنواع النّصوص

نثري

قصائد شعريّة

عددها

43

05

النّسبة

89.58%

10.41%

المجموع

48

نوع النّص حسب النّمط

إخباري

سردي

وصفي

حواري

حجاجي

عددها

11

13

14

02

08

النّسبة

22.91%

27.08%

29.16%

4.16%

16.66%

الجدول رقم 03 يمثّل أنواع الأنماط النّصيّة في كتاب القراءة للسّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط

من خلال استقراء معطيات الجدول يتبيّن لنا أنّ حصّة الأسد كانت من نصيب النّصوص ذات النّمط الوصفي حيث بلغت نسبتها29.16%، تليها مباشرة النّصوص السّرديّة بنسبة تقدّر بـــــ27.08%، ثمّ النّصوص الإخباريّة بنسبة22.91 %، بينما حظي النّص الحجاجي هذا النّمط الّذي دعت إلى التّركيز عليه كلّ الوثائق المؤسّسة للسّياسة التّربويّة، وكذا المنهاج بنسبة 16.66%، وأخيرا النّمط الإخباري الّذي بلغت نسبته 16.04%.

ويعود السّبب خلف تصدّر النّصوص الوصفيّة أعلى النّسب بعدد يقدّر بــ14 نصا،إلى طبيعة القضايا الّتي تعالجها هذه النّصوص، والمتمثّلة في المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص، وتثمين قيمة الإنسان والحرص على صون كرامته، وإبراز أهميّة الحياة الاجتماعيّة، والحفاظ على البيئة، والاتصال والتّواصل كبعد إنساني اجتماعي حيوي.

و نفس الأمر لاحظناه فيما تعلّق بالنّصوص من النّمط السّردي، وإذا أخذنا بعين الاعتبار تواتر النّصوص، نجد أنّ النّمطين السّابقي الذكر شغلا نسبة 56 وهو ما يفوق نصف عدد النّصوص، ممّا يوحي بأهميّتها وضرورة إدراجها بالنّسبة للمتعلّم وهو ما يوافق الأهداف المعلنة في مقدّمة الكتاب الّتي تصرّح « إننا نأمل أن يجد أبناؤنا التّلاميذ في كتابهم هذا ما يلبي طموحهم المعرفي، وما يشبع نهمهم في القراءة والمطالعة بما يتوافر عليه من نصوص تعبّر عن واقعهم ومحيطهم، وعن روح العصر الّذي نعيش فيه وعن انشغالات الشّباب في عصر التّقدّم والتّكنولوجيا، والثورة المعلوماتيّة»22، إنّ هذه القضايا جميعها أكّدت على أهميّتها الوثائق المؤّسّسة للسّياسة الوطنيّة.

في حين تعلّقت مواضيع النّصوص من النّمط الإخباري والحواري بالتّطلّع إلى المستقبل وبعض الهوايات.

أمّا النّمط الحجاجي الّذي كان لزاما على معدي الكتاب التّركيز عليه، فقد ظهر من خلال ثمانية (08) نصوص تعالج في مجملها قضايا تتعلّق بالشّاب ووواقعه وبالأخصّ موضوع الهجرة، وما نلاحظه بخصوص هذه النّصوص أنّ معظمها يخدم الغايات الكبرى التّي أكّدت عليها الوثائق المؤسّسة للسّياسة التّربويّة والمتمثّلة :

  • غايات اتصاليّة.

  • غايات مهاريّة

  • غايات قيميّة

كما أننا تلمسنا حرص معدي الكتاب على تحقيق البعد التّواصلي في النّصوص، وما يحمله من خصوصيّة حمل الرّسالة وتوصيلها بشكل يسير بأقل جهد وبوضوح، الأمر اّلذي يفسّر انتقاء معدّي الكتاب الغالب الأعم منها من الجرائد والمجلات العلميّة ذات الاهتمام بانشغالات المتعلّقة بالواقع المعيش.

4.2.النصوص في كتاب القراءة

1.4.2. البعد القيمي والثقافي لنصوص كتاب القراءة

تلعب النّصوص دورا فاعلا في تغذيّة البعد القيمي والثقافي لدى المتعلمين عامة ومتعلّمي الطّور الثّالث من التّعليم المتوسّط عامة، وذلك لأنّهم في مرحلة عمريّة حساسة يتعيّن على معدي الكتاب مراعاتها، فشخصيّة مواطن الغد ترسم معالمها من خلال الكمّ المعرفيّ المقّدّم، والطريقة المنتهجة في تقديمها.

وما لاحظناه من خلال استقراء فحوى النّصوص أنها تغطي جلّ القيّم الواجب على المتعلّم أن يغذى بها من: الوطنيّة وحبّ الوطن والدّفاع عنه، وفاعليّته في الدّور المجتمعي، وكذا من خلال نبذ بعض الظّواهر الّتي تمسّ أمنه واستقراره في شتى المجالات، ولعلّ أبرزها الهجرة السّريّة وهجرة الأدمغة، والتّفتح على الآخر دون الاضمحلال، وكلها قيّم سبق وأكّدت عليها الوثائق المؤسّسة للسّياسة التّربوية.

إضافة إلى أنّ المضامين الثّقافيّة الواردة في الكتاب تناسب كثيرا متعلمي هذا الطّور وتراعي خصوصيّتهم وتمّدهم بالزاد المعرفيّ والملكات الثقافيّة الأمر الّذي يمكّنهم من تذليل صعوبات المرحلة التّعليميّة القادمة، سواء تعلّق الأمر بالجانب العلميّ أو الجانب الأدبي. وذلك من خلال تنوّع المادة العلميةّ في النّصوص القرائيّة. لكنّها لا تخدم النّمط الحجاجي الّذي دعى المنهاج إلى التّركيز عليه وقبله الوثائق المؤسّسة للسّياسة التّربويّة.

2.4.2. أصالة النّصوص ( دراسة المصدر)

إنّ تخيّر المصادر الّتي تقتطف منها النّصوص يلعب دورا هاما في تحديد القيمة المعرفيّة للنّص، ويقوي أسلوب المتعلّم من خلال الأثر الّذي يتركه في نفسيّته، كما أنه يبرز الهويّة الثقافيّة ويربط جيل اليوم بالأجيال السّابقة، ما من شـأنه تعزيز النّزعة العربيّة والوطنيّة والقوميّة والحضاريّة.

و من خلال استقراء المصادر الّتي اقتطفت منها النّصوص الّتي بين دفتي كتاب اللّغة العربيّة للطّور الثّالث من التّعليم المتوسّط نلاحظ، أنّ معدّي كتاب اللّغة العربيّة للسّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط، لم يولوا توثيق المصادر الّتي اقتطعوا منها نصوص أهميّة كبيرة، حيث أننا نجد ثمانية وعشرين (28) نصا تعليميا ما يعادل نسبة 58.33% كلها نصوص ذكر فيها اسم الكاتب فقط دون ذكر المؤلّف المقتطف منه، الأمر اّلذي من شأنه إضعاف رغبة الاطّلاع لدى المتعلّم، فتفاعل المتعلّم مع النّص يولّد لديه نهم المطالعة وذكر مثل هذه المعطيات من شأنه تغذيّة هذا المطلب، والأمر نفسه تكرّر فقد يذكر مألّفو الكتاب عنوان المؤّلف دون معطيات متعلّقة بالمؤلّف، مثلما نجد في نصّ " موزار الموهبة النّادرة" الّذي اختتم بذكر المعطيات الآتيّة: عن المعرفة المجلّد الأوّل23.

ونفس الملاحظة تكرّرت في كلّ نصوص الكتاب باختلاف المصادر المقتطف منها فنجدهم يقتطفون من الجرائد والمجلات، دون إيراد معطيات تتعلّق بتاريخ صدورها وعنوان المقال الّذي أُخذت منه، كما نلاحظ أنهم يدرجون لفظة " الأنترنيت" كمصدر للنّص دون أن يدرجوا الموقع ولا معطيات تتعلّق به، وأحيانا لا يوردون أيّ إشارة للمصدر مثلما كان في الوحدة التاسعة المتعلّقة بـ" الثروات الطّبيعيّة" في نصّ " البترول في حياتنا اليوميّة"24.

وما يجدر بنا التّنبيه إليه، هو أنّ كلّ النّصوص الواردة في الكتاب قد اقتطفت بتصرّف من مؤلّفيه، فهي ليست أصيلة، ولم يذكر مصدرها، الأمر الّذي يدفعنا للتساؤل عن الكيفيّة الّتي ندفع بها المتعلّم للمطالعة أولا، وكيف نحببه فيها ونرغّبه في تغذيّة هذا الحب، أليس خلال توجيهه إلى أمّهات الكتب؟، ومن خلال حسن انتقاء النّصوص التّعليميّة، وذكر المؤلّفين والمُؤلَّفَات وتقديم تعريفات موجزة، نغرس في المتعلّمين بذرة حب الأدب الجزائري والأدب العربي، والأدب العالمي، الأمر الّذي لم نجده محقّقا في الكتاب مثلما نصت عليه كلّ الوثائق المؤسسة للسياسة التّربويّة.

والّتي دعت إلى التّركيز على الأدب الجزائري وأن يكون للكتاب الجزائريين النّصيب الأكبر في المحتوى التعليمي. بيد أننا نلاحظ تغييب الأدب الجزائري وكتّابِه، وأمّا من ذكر منهم على قلّتهم- فلا يتعدّى الكتاب المغمورين وهذا عكس مادعت إليه المرجعيّة العامّة للمناهج «الأولوية للكتاب الجزائريين ذوي المكانة المعترف بها»25.

إنّ معايير اختيار المحتوى التعليمي في كتاب القراءة مفقودة، حيث لم يحترم معدّوا الكتاب الأساسيات الّتي أدرجتها الوثائق المؤسّسة للسّياسة التّربويّة، وفي مقدّمتها المرجعيّة العامّة للمناهج، سواءً تعلّق الأمر بتزويد المتعلّمين بمعرفة متينة في الآداب والثّقافة العربيّة القديمة والحديثة والمعاصرة، والّتي لدى استقرائنا لكلّ النّصوص ومن خلال المصادر المستقاه منها، لم نجد ما يلبي ذلك، وخاصّة أنها ليست نصوصا أصيلة على اعتبار أنّ مؤلفي الكتاب تصرّفوا في لغتها.

أو من خلال تنويع الأجناس الأدبيّة والّتي أكّد المنهاج وقبله الوثائق المؤسّسة للسّياسة التّربويّة تضمنها في هذا الكتاب المدرسي، و المتمثّلة في الرواية والقصّة والشعر الحرّ والمسرح، والتي وإن ظهرت لا تعكس بحق كلّ الكفاءات المراد إكسابها للمتعلّمين، كون الجانب الأدبيّ الفنيّ يغيب عنها، فمجملها يغذي البعد التّواصلي فقط.

خلاصة المقال

إنّ نشاط القراءة في إصلاح 2003 يعدّ حجر الزّاوية، هذا ما صرّحت به كلّ الوثائق المؤسّسة للسّياسة التّربويّة، الّتي رسمت المعالم الكبرى لتأطيره، غير أنّ ترجمة هذه المرامي في منهاج السّنة الرابعة من التّعليم المتوسّط و بالأخصّ في الكتاب المدرسي المعدّ لهذا الطّور، لم يكن متوافقا إلى حدّ ما لذا يجب على الهيئات المعنيّة تدارك الأمر تحقيقا للانسجام الأفقي و العمودي.

1 اللّجنة الوطنية للمناهج، المرجعية العامة للمناهج، (معدلة وفق القانون التوجيهي للتربية رقم 08-04 المؤرخ في 23 يناير 2008، مارس 2009،ص31.

2 المرجع نفسه، الصفحة نفسها

3 ينظر: المرجع نفسه، الصفحة نفسها

4 المرجع نفسه، ص 43

5 المرجع نفسه، الصفحة نفسها

6 نقص بذلك القانون التّوجيهي للتّربيّة الوطنيّة رقم 04-08 المؤرّخ في 23 جانفي 2008، والدّليل المنهجي لإعداد المناهج .

7 المرجع السّابق،ص46

8 يعتبر النّص وفق المقاربةالنّصيّة، بؤرة النّشاطات اللّغويّة المختلفة، كالقواعد والبلاغة والعروض والإملاء، ويكون ذلك في حلقة حلزونيّة لا تراكميّة.

9 المرجع نفسه، الصّفحة نفسها.

10 وزارة التّربيّة الوطنيّة، اللّجنة الوطنيّة للمناهج، مناهج السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط-منهاج اللّغة العربيّة-، الديوان الوطني للمطبوعات

11 تتفرّع الكفاءة القاعدية إلى عدّة مهام، كل مهمة تتصلّ بإنجاز عدة أفعال سلوكية يمكن ملاحظتها وقياس آدائها، وهنلك رابط متين بين الكفاءة والأهداف، و في

12 ينظر: وزارة التّربيّة الوطنيّة، اللجنة الوطنيّة للمناهج، مناهج السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط- منهاج اللّغة العربيّة-،ص11/12.

13 ينظر: المرجع نفسه، ص12.

14 ينظر: المرجع نفسه، الصفحة نفسها

15 ينظر: المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

16 ينظر: المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

17 ينظر: المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

18 المرجع نفسه، ص13.

19 وزارة التّربيّة الوطنيّة، دليل الأستاذ-اللغة العربيّة السنة الرابعة من التعليم المتوسّط، الديوان الوطني للمطبوعات المدرسيّة،الجزائر، ص39.

20 . وزارة التربيّة الوطنيّة، اللجنة الوطنيّة للمناهج، المرجعيّة العامّة للمناهج، ص44.

21 حدّد منهاج اللغة العربيّة للسّنة الرّابعةمن التّعليم المتوسّط ذلك من خلال الكفاءة الختاميّة الّتي تنصّ على أن يكون المتعلّم في نهاية هذا المستوى

22 وزارة التّربيّة الوطنيّة، اللّغة العربيّة للسنّة الرّابعة من التّعليم المتوسّط، الديوان الوطني للمطبوعات المدرسيّة، الجزائر، تقديم.

23 المرجع نفسه،ص58.

24 المرجع نفسه،ص81.

25 وزارة التربيّة الوطنيّة، اللجنة الوطنيّة للمناهج، المرجعيّة العامة للمناهج، ص44.

شحاتة, ح. (2012). أساسيات التعليم و التعلم- توجيهات حديثة و تطبيقاتها (01 ط). مصر: دار العالم العربي.

وزارة التربية, ا. (2013). مناهج السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط-منهاج اللّغة العربيّة-،. الجزائر: الديوان الوطني للمطبوعات المدرسيّة.

بكر, ع. ا. (2000). السياسات التعليميّة و صنع القرار. الاسكندرية -مصر-:، دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر و التوزيع.

وزارة التربية, ا. (2008). القانون التوجيهي للتربية الوطنية رقم 08-04 المؤرّخ في 23 جانفي 2008. الجزائر : المركز الوطني للوثائق التربوية .

. وزارة التّربيّة , ا. (2013). دليل الأستاذ-اللغة العربيّة السنة الرابعة من التعليم المتوسّط. الجزائر: الديوان الوطني للمطبوعات المدرسيّة.

اللّجنة الوطنية, ل. (2009). المرجعية العامة للمناهج، (معدلة وفق القانون التوجيهي للتربية رقم 08-04 المؤرخ في 23 يناير 2008. المركز الوطني للوثائق التربويّة.

ADAM, J.-M. (1990). Eléments de linguistique textuelle. col philosophie et langage. Mardaga Liège Belgique,.

1 اللّجنة الوطنية للمناهج، المرجعية العامة للمناهج، (معدلة وفق القانون التوجيهي للتربية رقم 08-04 المؤرخ في 23 يناير 2008، مارس 2009،ص31.

2 المرجع نفسه، الصفحة نفسها

3 ينظر: المرجع نفسه، الصفحة نفسها

4 المرجع نفسه، ص 43

5 المرجع نفسه، الصفحة نفسها

6 نقص بذلك القانون التّوجيهي للتّربيّة الوطنيّة رقم 04-08 المؤرّخ في 23 جانفي 2008، والدّليل المنهجي لإعداد المناهج .

7 المرجع السّابق،ص46

8 يعتبر النّص وفق المقاربةالنّصيّة، بؤرة النّشاطات اللّغويّة المختلفة، كالقواعد والبلاغة والعروض والإملاء، ويكون ذلك في حلقة حلزونيّة لا تراكميّة.

9 المرجع نفسه، الصّفحة نفسها.

10 وزارة التّربيّة الوطنيّة، اللّجنة الوطنيّة للمناهج، مناهج السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط-منهاج اللّغة العربيّة-، الديوان الوطني للمطبوعات المدرسيّة، جوان 2013، ص09.

11 تتفرّع الكفاءة القاعدية إلى عدّة مهام، كل مهمة تتصلّ بإنجاز عدة أفعال سلوكية يمكن ملاحظتها وقياس آدائها، وهنلك رابط متين بين الكفاءة والأهداف، و في هذا يقول محمد الراجي: « تستفيد بيداغوجيا الكفايات من بيداغوجيا الأهداف، قواعدها الإجرائية على أساس دمج الأهداف الإجرائية في وحدة متكاملة، يكون فيها المتعلّم عنصرا فعالا في المعرفة ذاتيا، فإذا كانت الأهداف هي سلوكات قالبة للملاحظةو القياس حالا، فإنّ الكفاءة لا يمكن ملاحظتها حالا إلا باعتبارها مجموعة من الأفعال المركبة يتداخل فيها ما هو معرفي، وما هو حركي وما هو وجداني، كما تتجلى قي القدرة على توظيف هذه الأفعال في وضعيات متشابهة أو جديدة »، محمد الراجي، بيداغوجيا الكفايات من أجل الجودة في التربية والتعليم، توب بريس للنشر والتوزيع، المغرب، ص100.

12 ينظر: وزارة التّربيّة الوطنيّة، اللجنة الوطنيّة للمناهج، مناهج السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط- منهاج اللّغة العربيّة-،ص11/12.

13 ينظر: المرجع نفسه، ص12.

14 ينظر: المرجع نفسه، الصفحة نفسها

15 ينظر: المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

16 ينظر: المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

17 ينظر: المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

18 المرجع نفسه، ص13.

19 وزارة التّربيّة الوطنيّة، دليل الأستاذ-اللغة العربيّة السنة الرابعة من التعليم المتوسّط، الديوان الوطني للمطبوعات المدرسيّة،الجزائر، ص39.

20 . وزارة التربيّة الوطنيّة، اللجنة الوطنيّة للمناهج، المرجعيّة العامّة للمناهج، ص44.

21 حدّد منهاج اللغة العربيّة للسّنة الرّابعةمن التّعليم المتوسّط ذلك من خلال الكفاءة الختاميّة الّتي تنصّ على أن يكون المتعلّم في نهاية هذا المستوى قادرا على إنتاجنصوص-شفويّة وكتابيّة- وفق كلّ الأنماط الّتي سبق ودرسها :الإخباريّة، الوصفيّة، السّرديّة والحواريّة والحجاجيّة مع التنّركيز على النّمط الحجاجي.

22 وزارة التّربيّة الوطنيّة، اللّغة العربيّة للسنّة الرّابعة من التّعليم المتوسّط، الديوان الوطني للمطبوعات المدرسيّة، الجزائر، تقديم.

23 المرجع نفسه،ص58.

24 المرجع نفسه،ص81.

25 وزارة التربيّة الوطنيّة، اللجنة الوطنيّة للمناهج، المرجعيّة العامة للمناهج، ص44.

قاضي هاجر

كليّة اللّغة العربيّة وآدابها واللّغات الشّرقيّة

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article