دور جورج بادمور وجومو كينياتا في بلورة الفكر التحرري الافريقي

Le rôle de George Padmore Jomo Kenyatta dans la cristallisation de la pensée libérale africaine

The role of George Padmore Jomo Kenyatta in crystallizing African liberal thought

أحمد فار

للإحالة المرجعية إلى هذا المقال

بحث إلكتروني

أحمد فار, « دور جورج بادمور وجومو كينياتا في بلورة الفكر التحرري الافريقي  », Aleph [على الإنترنت], 7 (4) | 2020, نشر في الإنترنت 05 décembre 2020, تاريخ الاطلاع 24 novembre 2024. URL : https://aleph.edinum.org/3083

تعالج

هذه الدراسة شخصيتين بارزتين في مجال التاريخ الافريقي الاولى في كينيا جومو كينياتا والثانية في جزر الهند الغربية جورج بادمور اللذان يعدان حلقتا محوريتين في بلورة الفكر التحرري خارج القارة الافريقية من خلال المؤتمرات الافريقية خاصة مؤتمر مانشيستر 1945م وداخلها ضد الامبريالية البريطانية بالاضافة الى الفكر المشترك لشخصيتين وتبني الاشتراكية الماركسية وصولا الى الاشتراكية الافريقية.

Cette étude porte sur deux personnalités du monde de l’histoire africaine, la première au Kenya, Jomo Kenyatta, et la seconde aux Antilles, George Padmore, qui jouent un rôle central dans le développement de la pensée libérale à l’extérieur du continent africain par le biais de conférences africaines, en particulier la conférence de Manchester de 1945 et dans l’impérialisme anti-britannique. Le socialisme marxiste est descendu au socialisme africain.

This study focuses on two personalities from the world of African history, the first in Kenya, Jomo Kenyatta, and the second in the West Indies, George Padmore, who play a central role in the development of liberal thought outside the African continent. through African conferences, particularly the Manchester conference of 1945 and in anti-British imperialism. Marxist socialism descended to African socialism.

مقدمة 

إن تاريخ إفريقيا من بين الدراسات القليلة في الجزائر نظرا إلى احتكاره من طرف المؤرخين الأوربيين بعدما حدث التكالب على القارة الإفريقية حيث سخرت أقلام أوربية وبكل ذاتية التطرق إلى كتابة التاريخ الإفريقي الذي يساعدهم في السيطرة على هذه القارة، هذا ما هز في أنفسنا فكرة استنطاق بعض المصادر العربية والإفريقية والخوض في تجربة كتابة التاريخ الإفريقي بأقلام إفريقية، كما نجد انا تاريخ إفريقيا قد ميزه الغموض خاصة بعد استقلال جل الدول مطلع الستينيات خاصة فيما يخص دراسة الشخصيات التي كانت تعتبر في حد ذاتها حلقة محورية في استقلال البلاد من نير الاستعمار من خلال بعث الفكر التحرري.

ومن بين الدراسات التي تكاد تكون منعدمة تلك المتعلقة بدراسة الشخصيات الإفريقية في المكتبات الوطنية هذا مادفعنا إلى التطرق إلى أحداهما والمتمثلة في الشخصيتين جومو كينياتا وجورج بادمور ودورهما في بعث الوعي التحرري المشترك خارج القارة الافريقية وذلك من خلال المؤتمرات الافريقية خاصة مؤتمر مانشيستر عام 1945 الذي يعد الحلقة الحاسمة في مسار الحركات التحررية من خلال اجتماع قادة الدول الأفارقة فيه، الأمر الذي ساعدهم في التوجه الى بلدانهم ومناهضة الاستعمار.

كما نجد ان الشخصيتين تبنتا الاتجاه الماركسي الاشتراكي فهما نادرا ما يفرق بينهما في لغة الجناح الاسير للقومية الافريقية، كما هي الحال بين الاشتراكية الماركسية والاشتراكية الديمقراطية إن ماؤكدونه دائما تأكيدا قاطعا هو الاشتراكية الأفريقية.

هذا الفكر الذي اتبعه الشخصيتان خارج القارة الافريقية والتوجه به الى داخلها لمواجهة الاستعمار الانجليزي كينياتا في كينيا وبادمور في غانا بمعية كوامي نكروما.

1. السمات الشخصية لجورج بادمور 

1.1. نشأته 

كان جورج بادمور رجلًا أسودا من جزر الهند الغربية البريطانية، ولد في عام 1903 في ترينيداد وتلقى تعليمه في الولايات المتحدة، ودرس التاريخ والعلوم السياسية في جامعة فيسك ثم في جامعة هوارد. لقد ترك النقابة مبكراً جدًا للسياسة والصحافة، وشارك بنشاط في جميع الصراعات في عموم إفريقيا أو ببساطة معادٍ للاستعمار، ولعل من اشهر اعماله « ثورة جولد كوست » و« عموم افريقيا أو الشيوعية.» (Decraene 1964 : 30)

وفي الاطار هذا، عمل جورج بادمور كمستشار لكوامي نكروما وهذا بعد وصوله لدولة غانا، وكان يرافقه بانتظام في رحلاته الرسمية وغالبًا ما خدمه كمبعوث خاص ممثل شخصي في الخارج : ففكر بادمور له تأثير كبير على الجيل الجديد من القوميين الأفارقة في أراضي أفريقيا الناطقة باللغة الإنجليزية، وهي معروفة بدرجة أقل في المناطق الناطقة بالفرنسية، وتبعته الطبقة المثقفة السوداء من جميع أنحاء العالم.

2.1. كتبه 

ومن الكتب التي كتبها بادمور عموم افريقيا او الشيوعية الذي نشر سنة 1955 هو اول كتاب يتناول المذهب الافريقي من زاوية سياسية ويعطي تعريفا للوحدة الافريقية لكن هذا الكتاب يكشف في كثير من الاحيان عن المؤرخ العقائدي واذا كان جورج بادمور قد استحق لقب المنظر فهذا يرجع الى الدور المهم الذي لعبه مع الدكتور نكروما (Decraene 1964 : 31).

ومن كتبه ايضا حياة وكفاح الزنوج، كانت واحدة من مهام جورج بادمور في موسكو في يناير 1930لانتاج كتيب من شانه أن يفسر الظروف في افريقيا وهو واحد من العديد من كتبه الذي اعده بواسطة نقابات العمال، كان كتاب بادمور محاولة لرفع بعض اهم المشاكل الاقتصادية والسياسية.

كما كتب في الفصول الأربعة الأولى مقاومة من قبل الجماهير السوداء في الماضي وامكانياتها في المستقبل، وركز في الفصل الخامس على النموذج الثوري لاتحاد السوفياتي البلد الوحيد الذي لايعرف الظلم ولايعرف الاستغلال، وليس له اهداف امبريالية. (Kenyatta 2015 : 35)

يدعي بادمور من خلال كتابه حياة ونضال الزنوج أن الولايات المتحدة تحت مظلة شركة فايرستون، قدمت بجانب الطبقة الحاكمة اللبيرالية التهديد الرئيسي لاستغلال كل من جمهورية ليبيريا وشعبها كما اوضح في فصل « تحت نير الامبراطورية اليانكية » يقول فيه ان النخبة الأمريكية الليبرالية تعاونت مع فايرستون وهي شركة لإنتاج المطاط، وذكر أن حكـومة الليبرالية لن تتسامح مع تجارة الرقيق. (Rueten 2009 : 29)

3.1. أفكاره

انضم الى الحزب الشيوعي، ثم ادرك الحزب الشيوعي أنه يتمتع بقدرة كبيرة فأخذه الى موسكو حيث اصبح رئيسا لحركة الزنوج الأفارقة الدولية، وكان كل الشيوعيين يفعلون من اجل الشعب الافريقي والشعوب المنحدرة من اصل افريقي، لقد كان موقفا ذو أهمية كبيرة لقد نشر جريدة بعنوان العامل الزنجي وكان مهتما بجميع الزعماء السياسيين، ترك ترينداد في عام 1932 وذهب الى بريطانيا وهناك سرعان ما اصبح ماركسيا واصبح واحد من ابرز الأشخاص في الحركة التروتسكية في بريطانيا، كما كتب كتاب عن أفكار التروتسكي وكتاب عن الثورة في سان دومينقو والثورة في هايتي.

في الصراع التالي من أجل إفريقيا، ستكون القضية، كما سبق وأن أشرت، بين الوحدة الإفريقية والشيوعية، والإمبريالية هي نظام غير موثوق به يرفضه الأفارقة تمامًا فيما يتعلق بالاستعمار الأبيض، ولا يمكن إلا لدعم عسكري خارجي لقد فقد البيض في شرق ووسط إفريقيا كل الحق في إخلاص وحسن نية الأفارقة الذين لم يعد لديهم أوهام بشأن مهن الإيمان بالوصاية وتكوين الجمعيات بين هؤلاء المستعمرين البريطانيين كي لا يقولوا شيئًا عن لقد أوضح المتعصبون العنصريون أو دعاة الفصل العنصري الغاضبون في جــــنوب إفريقيا للأفـارقة أنهم يـعتبرون هذه مجرد مناورات في بلادهم. (Padmore 1956 : 27)

أما بالنسبة للشيوعية، فلا يتعين على الأفارقة أن يخافوا من الفزاعة الحمراء طالما ظل قادتهم السياسيون موالين لمُثُل ومبادئ الوحدة الإفريقية لأنه، من وجهة نظر سياسية، تسعى الوحدة الإفريقية إلى تحقيق حكومة الأفارقة من خلال الأفارقة من أجل الأفارقة، واحترام الأقليات العرقية والدينية الذين يرغبون في العيش في أفريقيا مع الغالبية السوداء من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وتؤيد عموم أفريقيا الأهداف الأساسية للاشتراكية الديمقراطية مع سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج الأساسية. والتوزيع يدعم حرية الفرد في إطار القانون ويوافق على الإعلان الأساسي لحقوق الرجل بالإصرار على الحريات الأربع. (Padmore 1956 : 28)

ان الاشتراكية متبناة كمذهب من طرف أغلبية الأفارقة كغيرها من الأيديولوجيات القادمة من أوربا القارة التي ظلت مرتبطة بإفريقيا لقرون ومن جهة أخرى لم يكن لهم تواصل مباشر بالروس لأن روسيا لم يكن لها مستعمرات في القارة الافريقية وبالتالي ما يعرفه الأفارقة عن الروس وعن الاشتراكية كان عبر الدعاية الغربية ،فالثورة التي تحدث في افريقيا هي ثلاثية ،اولا فيما يتعلق بالصراع لنيل الاستقلال، ثانيا الثورة الاجتماعية التي تأتي بعد تحقيق الاستقلال وتقرير المصير، وثالثا الأفارقة يبحثون عن نوع من الوحدة الإقليمية كالولايات المتحدة الإفريقية ،ولكن حتى يتحقق المطلب الاول الاستقلال فان الطاقات الشعبية لايمكن تحريكها لتحقيق الهدف الثاني والثالث اللذان هما اكثر صعوبة من الأول، وهذا مايعني القضاء على الإرث الاقتصادي والاجتماعي الاستعماري كالرشوة والفساد والجهل الفقر الأمراض وبناء مجتمع يتوافق مع تأملات الشعب لأجل دولة عادلة. (Petr 2001 : 229)

وقد ساهمت أفكار ماركس مساهمة كبيرة في تفكير كل من طلائع الداعين الى الوحدة الأفريقية من كل من الناطقين بالإنجليزية والفرنسية. فزعماء المؤتمر الخامس لحركة الجامعة الإفريقية 1945 من أمثال بادمور وجيمس وابراهامز وماكنونين ونكروما وجومو كينياتا تلقوا جميعا تعليما ماركسيا في بريطانيا. وكان كثير من زعماء حركة التجمع الديمقراطي الأفريقي في الاقاليم الأفريقية الفرنسية ماركسيين. وفيما يتعلق بالحركة الزنجية فإن إيمي سيزر وليوبولد سينغور الذي هو كاثوليكي في الوقت ذاته كانا اثنين من كثير من الماركسيين الذين ساهموا في التأثير على مجريات الامور. وعلى الرغم من أنه من المحتمل أن الماركسيين كانوا أغلبية صغيرة، الى انهم كانوا غالبا في مركز الصدارة في القيادة.

ويشترك الزعماء الماركسيين الذين أشرت اليهم في شيء واحد :فهم يرفضون الشيوعية الدولية وزعامة موسكو صراحة وقد كان بعضهم في وقت أو في أخر أنصارا بارزين في الكومنترن (بادمور وجيمس وريتشارد رايت ) أو من أنصار الكومنفورم الحديث وعلى الأخص سيزر. انهم جميعا قد انهوا صلتهم بالشيوعية الدولية. ولذلك نجد أن قوة مناهضتهم للشيوعية تتوغل جذورها في أعماق تجارتهم الخاصة عنها، وينكر أولئك الذين ضلوا ماركسيين للشيوعية في صورتها الروسية، ويحدد بادمور بعنوان كتابه الساسي البالغ الأهمية – الجامعة الافريقية أو الشيوعية ؟ طبيعة التحدي كما رآه. (ليجوم 1964 : 56)

 2. نشأة جومو كينياتا وحياته السياسية

 1.2. نشأة جومو كينياتا 

ولد جوموكينياتا بمدينة كيامهو عام 1890م ويبقى هذا التاريخ غير دقيق لأن الناس في تلك الفترة كانوا لايهتمون كثيرا بمسألة تاريخ الميلاد وإنما كان كل منهم ينتسب إلى مجموعة متقاربة أطلق عليهم اسم مجموعات السن.كان اسمه كاماو وامويغي نشأ يتيما وتعلم في إرسالية اسكتلندية فاعتنق المسيحية (الرزاق 2007 : 89) وأعطي اسم جونستون كاماو ولم يتبنى اسم جومو كينياتا ( معناها سهم كينيا الملتهب) إلى في ثلاثينيات القرن العشرين.

ينتمي كينياتا إلى قبيلة الكيكويو ينحدر من أبوين مزارعين فأبوه كان يمتلك بعض الأراضي الزراعية إلى جانب قطيع من الماشية أما جده موندو موجو أي الطبيب الساحر الصالح الذي طالما كان يصطحب حفيده جومو كينياتا معه لكي يتعلم على يده أعمال السحر وفي سن العاشرة التحق كعضو بالكنيسة الاسكتلندية فورت هول التي كانت وكان شديد الصلة في طفولته بالعادات والتقاليد الإفريقية. (ريد1962 : 15)

عندما أعلنت بريطانيا حمايتها على كينيا عام 1895م كان كينياتا يبلغ من العمر خمس سنوات ولما اشتد عوده ترك قبيلته والتحق بإحدى مدارس الإرساليات التبشيرية التابعة للكنيسة الاسكتلندية، ولضيق العيش أضطر كينياتا إلى أن يشتغل بعدة وظائف لكي يؤمن لنفسه ولأسرته لقمة العيش فاشتغل خادما عند أحد المستوطنين الأوربيين ثم نجارا وبعد فترة وجيزة استطاع أن يحصل على عمل حكومي وهو مفتش لشبكة مياه نيروبي. (وايدثر: 1976)

من خلال تواجده في نيروبي استطاع إن يتحصل على قدر من التعليم حيث كان التعليم في تلك الفترة ينتقل مشافهة من الأجداد إلى الآباء هذا فضلا عن ما تحصل عليه من الثقافة السياسة الغربية عن طريق البعثة الاسكتلندية التي كانت أغلبها ثقافة دينية تهتم بدراسة الإنجيل والانجليزية وبعض قواعد الرياضيات والمعارف الأخرى وبما تحصل عليه من علوم ومعارف جعله متميز عن أقرانه وأمثاله في مجموعة السن نفسه هذا التميز دفعه إلى اعتناق المسيحية وأطلق عليه المبشرون اسم جونستون كاماو وعلى أيدي المبشرين تلقى تعليمه الديني ومن أهم ماتعلمه على أيديهم أن الإنجيل باعتباره رسالة سماوية لأي فرق بين البشر على أساس اللون. (محمد 2002 : 101)

مما يجدر الإشارة إليه أن اسم جومو كينياتا هو لقب أطلقه عليه أفراد قبيلته الكيكويو نسبة إلى الحزام المزخرف الذي كان يرتديه وبذلك تخلى عن اسمه المسيحي ليصبح جومو أي الرمح المشتعل، وعلى الرغم من اعتناقه المسيحية إلا أنه كان شديد التمسك بالتقاليد الإفريقية التي نشأ عليها حيث كان يتحدث عن مدى علاقة قومه بالتراث الذي توارثه أبناء قبيلة الكيكويو جيلا بعد جيل.

كما شبه جومو كينياتا المستعمر الأوربي الذي أختصب أرض الأفارقة بالفيل الذي دخل كوخا فقي الغابة لاتقاء شر المطر واستأذن صاحبه في دخول الكوخ لحين انتهاء العاصفة إلا ان الفيل مالبث أن دفع صاحب الكوخ إلى الخارج وجلس هو في هدوء وراحة داخل الكوخ الذي لايمتلكه ويذكر في النهاية أن حرق الكوخ بمن فيه من المغتصبين كان أمرا لازما كينياتا بهذا التعبير قد ترجم مشاعره اتجاه المستعمرين البيض ضد أفراد قبيلته من حيث أن خروجهم من بلاده لن يكون إلا باستخدام العنف وكما يقال ما أخذ بالقوة لايسترد إلا بيها أما الوسائل السلمية فلم تجدي معهم نفعا وهذا مايعبر نشاط كينياتا بعد عودته من انجلترا في إعداد كوادر عسكرية من أعضاء اتحاد كينيا الإفريقي الذي أطلق عليهم فيما بعد جماعة الماوماو واستخدام العنف ضد المستعمرين لإشاعة الضعر بينهم لإجبارهم على الرحيل من كينيا. (هاتش تاريخ افريقيا بعد الحرب العالمية الثانية، د.ت : 140)

كان المستعمرون الأوربيون يرون وجهة نظر أخرى خلاف مايراه الأفارقة خاصة كينياتا فهم يرددون القول إن كينيا كانت في أدنى درجات البأس والاضطراب والفوضى ولم تستقر الأمور بيها إلى أن وصل الأوربيون الذين نهضوا بها علميا واقتصاديا وصحيا، ويضيفون بان السكان كانوا يحترفون الزراعة المتناقلة والرعي وبتالي فإنهم لم يعرفون نظام الملكية الفردية للأرض بل عرفوا الملكية العامة التي كان يمارس من خلالها كل شخص، هذا علاوة على تفشي الأوبئة البشرية والحيوانية واشتعال الحروب بين القبائل. (Kenyatta 1961 : 47)

2.2. حياته السياسية 

كانت مشكلة استيلاء المستوطنين البيض على أراضي المواطنين الكينيين وانتزاع أراضي المرتفعات الخصبة من أصحابها في مقدمة القضايا التي تعرض لها جومو كينياتا وأكد أن كل شبر من كينيا له مالك من أفراد الشعب وقد توصل إلى هذه المعرفة عن طريق بعض الحكام الخاصة بملكية الأرض وبما انه أكبر أبنائه فقد كان والده حريصا على تزويده بكل المعلومات الضرورية عن ملكية الأرض كما شاهد وشارك في مناقشات عديدة خاصة بالأرض سواء كانت خاصة أم عامة في أجزاء عديدة من أرض الكيكويو. (كار، د.ت :17)

انضم إلى اتحاد كينيا الإفريقي حيث أنشأ في عام 1922 سنوات قليلة أصبح هو نفسه رئيسا لاتحاد وفي عام 1928 أصدر صحيفة في نيروبي بلغة الكيكويو وفي عام 1929 سافر الى انجلترا والتحق في لندن بمدرسة الاقتصاد وأصدر كتابا أشاد بقبيلته الكيكويو في مواجه جبل كينيا واتصل أثناء وجوده هناك بعصبة مكافحة الامبريالية مما أثار خنق السلطات عليه عاد إلى كينيا. 1930 (البيطار، د.ت : 917)

تميز نشاط كينياتا في دخوله قبيلة الكيكويو للدفاع عن حقوقها بعد صدور قانون الأرض الذي خول للتاج البريطاني حق الإستلاء على الأراضي الكينية، لم يقف عند مشكلة الإستلاء فقط بل تعداها إلى أبعد من ذلك فقد منح الأوربيون لأنفسهم امتيازات متعددة تسهل لهم سبل البقاء في هذه البلاد وبذلك تحول المواطن الأفريقي في كينيا بعد هذا القانون إلى أجير بدلا من مالك للأرض. (مراد 1961: 39)

من خلال هذه الجمعية بدأ كينياتا والزعيم الثائر هاري ثوكر دعوتهما المنظمة لتبصير أبناء الشعب الكيني بحقوقهم المسلوبة ومن هنا بدأ فتيل الثورة في الاشتعال وانطلقت المظاهرات المنددة بالاستعمار البريطاني في أرجاء نيروبي غير أن الحكومة البريطانية أحكمت السيطرة عليها وألقت القبض على هاري ثوكر وزجت به في السجن فخرج جومو كينياتا ومعه الآلاف من أبناء الشعب الكيني في مظاهرات حاشدة يطالبون بالإفراج عن الزعيم إلا أن القوات البريطانية استخدمت الذخيرة الحية لتفريق هؤلاء المتظاهرين. (محمد 2002 : 021)

استمر جومو كينياتا في نضاله السياسي ففي عام 1928 أصدر جريدة تتحدث باسم الشعب الكيني أمام السلطات البريطانية وتعدد نشاطه السياسي فصرعان ما أنتخب سكرتيرا عاما لمنظمة الكيكويو المركزية مما أتاح له فرصة التجول في كل أنحاء البلاد فقابل بذالك كل فئات الشعب الكيني وتناقش معهم في كثير من المشاكل الثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية بل انه اشترك في مجالس الشيوخ. (البيطار، د.ت : 917)

في ظل هذه الظروف الصعبة التي يئن تحت وطأتها الشعب الكيني كان أبناء الشعب الكيني وعلى رأسهم جومو كينياتا يناضلون بكل ما أوتوا من قوة من أجل استقلال بلادهم، فعندما وصلوا مع الحكومة البريطانية في كينيا إلى طريق مسدود ن كان السفر إلى لندن هو الحل الأنسب لتقديم مطالب الشعب الكيني.

وصل كينياتا إلى انجلترا في فبراير 1929 وكان قد تجاوز الثلاثين ونشرت جريدة التايمز في عددها 21 فبراير 1928 الغرض من زيارة كينياتا إلى لندن هو مقابلة وزير المستعمرات لعرض المشاكل التي تواجه قبيلة الكيكويو وخصوصا المشكلات المتعلقة بملكية الأرض كذلك مسألة تمثيل الإفريقيين في المجلس التشريعي بنيروبي وطاب أن يكون الانتخاب مباشرا بواسطة الإفريقيين وان يكون عددهم الغالب ولم يتمكن كينياتا من مقابلة وزير المستعمرات لعرض مطالبه هذه بل قدم مذكرة لوزارة المستعمرات ضمنها أرائه (بدر د، ت : 36).

في الواقع أن كينياتا لم يتوقع هذا الجفاء من جانب الرسميين الانجليز ومع ذلك استطاع من خلال فترة إقامته القصيرة في انجلترا ان يتصل ببعض الأصدقاء الانجليز الذين تعرف عليهم أثناء إقامتهم في كينيا أمثال (ماكر يوجوروس ) مدير دائرة الأشغال في كينيا التي عمل فيها كينياتا كاتبا في فترة من فترة حياته فعن طريقهم استطاع أن يتصل بالجمعيات الانجليزية والتي على رأسها رابطة محاربة الاستعمار التي ساعدته خلال فترة إقامته في انجلترا حيث نظمت له اجتماعات وساعدته في إلقاء الخطب ومدته بمساعدة مالية بسيطة وبذلك استطاع جومو كينياتا أن يكسب عطف محبيه خاصة عندما تناول نظام الكيباندي وموضوع إختصاب الأراضي من المواطنين وموضوع التعليم ولم يكتف كينياتا بما حققه في بريطانيا من تعاطف المنظمات الإنسانية معه فشد الرحال إلى دول أوربية أخرى فزار كل من بلجيكا وهولندا وسويسرا وايطاليا وفرنسا وبولندا وبلغاريا والدنيمارك والسويد والنرويج وعرض خلال زيارته لهذه الدول مطالب شعبه، كما أوضح لهم حقيقة جمعية الكيكويو التي صورها الإعلام الغربي بأنها منظمة إرهابية تثير الفوضى والاضطرابات. (مراد 1961 : 40)

أهداف جمعية الكيكويو قد استهوت الكثيرين فازداد أتباعها وانتشرت أفكارها فيما بين الحربين العالميتين وكان منهجها يقوم على الوسائل السلمية في صورة تقديم الالتماسات وعقد المؤتمرات والندوات وقد تبنت فيما بين الحربين مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي للعمل المتساوي لمواجهة موجة النشاط الاستعماري في المواد الأولية والتعدين الذي شهدته كينيا في هذه الفترة. (الرفاعي 1962 : 334)

في سبتمبر 1930عاد كينياتا إلى بلاده بعد نفاذ نقوده ومع إننا لانستطيع القول أنه قد حقق شيئا ملموسا من الناحية السياسية إلا انه أثار اهتمام بعض الدوائر الرسمية للقضية الكينية واستطاع بحيويته ونشاطه أن يكسب عددا من الأصدقاء المؤيدين لحقوق بلاده، ولعل من أهم ثمرات رحلته الأولى إلى لندن أنه عندما عاد إلى كينيا استطاع أن يؤسس أول مدرسة كينية غير انه اصطدم بالمبشرين المسيحيين الذين كانوا يعارضون بعض العادات والتقاليد الإفريقية. (محمد، د.ت : 60)

مع تزايد الممارسات القمعية من قبل الحكومة البريطانية وبعد ستة أشهر من عودة كينياتا إلى كينيا قررت الرابطة إرسال نفس الممثلين لها إلى لندن لعرض وجهة نظرها على اللجنة المشكلة من قبل الحكومة البريطانية للنظر في مشاكل كينيا ،وفي الثامن والعشرين من أبريل 1931 سافر جومو كينياتا وزميله بارميناس إلى لندن لعرض وجهة نظر الرابطة وعندما وصل إلى وجد ان اللجنة المشكلة قد اقتصرت في سماعها على عدد محدود من الشهود، إلا أنهما استطاعا تقديم المذكرة التي معهما إلى اللجنة وقد ذكر كينياتا وزميله في هذه المذكرة كل الصعاب والمشاكل التي تواجه المواطنين في كينيا وتواجه رابطة الكيكويو، كما وضحا فيها كل المظالم التي يعاني منها الشعب الكيني من عدم السماح لهم بحرية الكلام، إلا منعهم من عقد الاجتماعات، الأمر الذي جعلهم يصلون إلى حقيقة مفادها أن حضارة المادية التي قال الانجليز أنهم نقلوها إلى كينيا لم تكن إلا وبالا على الشعب الكيني فمن خلال هذه الحضارة فقد الكينيون أرضهم وحريتهم الشخصية.

خلال إقامته فيها حاول أن يتأقلم مع الحياة في مجتمع غريب عنه، لقد مكث هناك حوالي خمسة عشر عاما كرسها للنضال والدراسة حيث سافر عام 1932الى روسيا ودرس هناك في معهد الشيوعية الدولية حتى عام 1936 وبعدها عاد إلى انجلترا عمل مدرسا بقسم اللهجات الإفريقية بجامعة لندن واستغل كينياتا وظيفته حيث كان يتحدث في محاضراته عن معاناة ومشاكل الشعب الكيني ودافع عن العادات الإفريقية التي تعتبر معلما من معالم بلاده التراثية ولم يكتف بما تحصل عليه من علوم ومعارف حيث كان طموحه يدفعه إلى تعلم كل ما هو جديد ومفيد فالتحق بمدرسة الاقتصاد في لندن حيث تتلمذ على أيدي عدة أساتذة مشهورين أمثال البروفيسور « مالينوفكس » ولم يمض وقت طويل حتى ألف كتابه في مواجهة جبل كينيا هذا فضلا عن مقلاته الهامة والتي حلل فيها تقاليد وعادات الكيكويو. (محمد 2002 :2 10)

ففي صيف 1932 سافر بادمور مع جومو كينياتا لحضور اجتماع الكومنترن والذي كان بادمور احد اعضائه ومن هناك ذهب الى لندن حيث التقى مع الوريثة البريطانية نانسي كونارد واعضاء جمعية الزنوج الخيرية.

في عام 1933 ألقي عليه القبض في المانيا حيث كان ينشر منذ فترة في صحيفة بعنوان العامل الزنجي وقد انتقد القوميين الاشتراكيين بسبب انتقاده للنظام بشأن سياسة هتلر العنصرية ضد اليهود وضد الزنوج وضد السكريتير العام للجنة الدولية النقابية للعمال السود في هامبورغ عام. 1945

(pilippe، 1964 : 30) كما قام بادمور بتولي رئاسة اللجنة النقابية الدولية للعمال الزنوج حيث اقام علاقات دائمة مع كل من جومو كينياتا وكوياتي منم العمل في جنوب افريقيا.

قام كذلك كينياتا وبادمور وكوياتي بتاسيس المكتب الدولي للخدمات الفريقية فمن مهامه هو لم شمل الشتات الافريقي وذلك من خلال تبني الماركسية للطبقة السوداء الراديكالية في الاطار الاجتماعي، كما قام الكومنترن ببناء هيكل قادر على جلب الأشخاص المضطهدين في اسيا وافريقيا وأوربا والولايات المتحدة في حركة واحدة. (Makalani 2003 186)

3. كينياتا وبادمور وعلاقتهما بالجامعة الإفريقية

إن عبارة الجامعة الإفريقية تثير لكثير من الناس في أوربا أشباح حركات أخرى لعبت دورا رجعيا في التاريخ مثل حركة الجامعة الألمانية أو حركة الجامعة السلافية بيد أن حركة الجامعة الإفريقية لا يمكن النظر إليها من نفس الزاوية فهي قد نشأت كتعبير عن كفاح شعوب مقهورة ضد التفرقة العنصرية وكانت لأكثر من ستين عاما قسمة لكفاح إفريقية في سبيل الاستقلال. (الأسيوطي د.ت : 56)

كانت هذه الحركة في نشأتها تضم جميع من هم من أصل زنجي ولم تكن مقصورة على إفريقيا والحقيقة أن مقدماتها المبكرة قدمت من جزر الهند الغربية أو من الولايات المتحدة الأمريكية ونفس تعبير الجامعة الإفريقية استخدمه في أول الأمر محام من ترينداد اسمه وليام سيلفستر، وبحنكته السياسية سطع اسم كينياتا على الصعيدين الوطني والعالمي وأصبح رمزا من رموز الثورة في كينيا حيث انضم عام 1945 إلى حركة الوحدة الإفريقية إلى جانب عدد من الزعماء الأفارقة أمثال كوامي نكروما وجورج بادمور حيث كونوا أول جمعية تنادي باستقلال القارة الإفريقية وكان شعارهم ( ارفعوا أيديكم عن الأفارقة ) واتخذوا من مدينة مانشستر مقرا لهذه الجمعية. (اوديس 1966: 70)

مع أن كينياتا يعد من كبار المناضلين الإفريقيين إلا انه في المؤتمر الخامس للوحدة الإفريقية الذي عقد بمقر الجمعية لم يبد أراء معاديه للأوربيين في كينيا وأبدى أمله في ان يستمر الأوربيون في مزاولة نشاطهم الاقتصادي في كينيا بعد حصولها على الاستقلال.

انعقد المؤتمر الخامس لعموم أفريقيا في قاعة مدينة تشورلتون بمانشستر بإنجلترا في الفترة من 15 إلى 21 أكتوبر 1945، وهو يمثل اللحظة التاريخية التي أصبحت فيها الوحدة الإفريقية فكرة قد حان وقتها. كان للحرب العالمية الثانية أصل أفريقي وإفريقي، وسيتم تحقيق هذا الصراع بالقوة إذا لزم الأمر. انعكس المؤتمر على القيادة الناشطة الجديدة في إفريقيا التي جعلت كلمات الكونغرس حقيقة واقعة، لكن المندوبين كانوا غائبين. كوامي نكروما (الزعيم المستقبلي لغانا)، جومو كينياتا (الزعيم المستقبلي لكينيا) والدكتور هاستينغز باندا (ملاوي)، كرئيس للمؤتمر الأفريقي لدول غرب إفريقيا. تذكر دو وود أن « جورج بادمور كان ينظم روح ذلك المؤتمر ». وأصر دو بوا، المؤتمر الخامس لعموم أفريقيا، على جعل عام 1945 « عامًا حاسمًا في حرية تقرير إفريقيا وتاريخ بادمور في المؤتمر يحمل رسائل » التي يجب أن لا تموت، ولكن يجب أن تنتقل إلى البشرية « (Padmore. 1947: 5)

في الواقع إن هذا المؤتمر كان يعكس الشعور الوطني المتزايد في البلدان غير المستقلة خصوصا بين طبقتي العمال والمثقفين ومما يجدر الإشارة إليه أن ما طرحه وأبداه كينياتا في هذا المؤتمر يعتبر تحولا في مسيرة النضال السياسي فبعدما كانت لهجته تتسم بالتحدي والمواجهة أصبح مهادنا ويسعى للتفاوض والوسطية (بدر د.ت )، وقد قضى كينياتا الشطر الأكبر من صيف 1945 في مانشستر يعاون نكروما وبادمور في مهمة تكوين المؤتمر الإفريقي.

قد افتتح المؤتمر فعلا في 13من أكتوبر واستمر مدة ثمانية أيام وحضره حوالي مائتين من كل أنحاء العالم ورأس هذا المؤتمر العالم الزنجي الأمريكي الدكتور ديبوا والدكتور مليارد وحضره كينياتا بصفته السكرتير العام لرابطة الكيكويو المركزية والتي كانت ومازالت ممنوعة من مزاولة نشاطها في كينيا وأخيرا رئيسا للجنة أوراق الاعتماد ومقررا للجنة شرقي إفريقية ،وخلال هذا المؤتمر لم يبد كينياتا أراء معادية للأوربيين أو يحث على كراهيتهم وقد ذكر أنه يدرك أهمية النشاط الذي يقوم به الأوربيون في كينيا وأبدى أمله في أن يستمر الأوربيين في مزاولة نشاطهم في كينيا بعد حصولهم على الاستقلال وان يندمجوا في مجتمع اشتراكي يضم شعب كينيا كله وأيد الحاضرون في المؤتمر المبادئ الديمقراطية التي وردت في إعلان حقوق الإنسان وفي ميثاق الأطلنطي وقد وافق الحاضرون بالإجماع على وثيقة الاشتراكية الإفريقية واقترحوا الحصول على وسائل العمل الإيجابي السلمي والواقع ان هذا المؤتمر كان يعكس الشعور الوطني المتزايد في البلاد غير المستقلة، وقد مكث كينياتا في مانشستر بعد انقضاء المؤتمر الذي أصبح الهدف الرئيسي له التنسيق الحركات التحررية. (بدر د ت : 32)

انتهى المؤتمر بعد أن وضع برنامجا للقومية الإفريقية لأول مرة وغادرنا مانشيستر تاركين فيها بعض الزملاء بينهم جومو كينياتا زعيم حركة التحرير في كينيا، يعدون لإقامة مؤتمر موحد لكل الشعوب الإفريقية، وتكونت نتيجة توصيات المؤتمر لجنة دائمة انتخب سكرتيرا عاما لها ثم، اقترح البعض تكوين سكرتارية خاصة بغرب أفريقيا لتضع قرارات المؤتمر موضع التنفيذ فيما يتعلق بمستعمرات أفريقيا الغربية الانجليزية والفرنسية معا وانتخبوا أيضا سكرتيرا لها وغرقت في دوامة العمل. (عيسى د.ت : 21-22)

وبالإضافة الى ذلك فان عددا من المندوبين الموفدين الى مؤتمرات الجامعة الافريقية قد عادوا فيما بعد الى بلادهم ليصبحوا زعماء لحركات التحرر الوطني، التي بدءوها هم انفسهم في كثير من الحالات. ومن بين هؤلاء الزعماء الذين تربوا الى حد ما في مؤتمرات الجامعة الافريقية «جومو كينياتا » ودكتور كوامي نكروما ودكتور ايزكوي ودكتور هاستنجز باندا.

وفقا للمكتب المركزي للإعلام، لندن، أول تجمع كبير لعموم أفريقيا منذ عام 1927 عقدت في مانشستر في مارس 1945. وحضرها أكثر من 200 المندوبون ، الدكتور نكروما وجورج بادمور (كأمينين مشتركين للمؤتمر)، جومو كينياتا من كينيا وجو أبياه (جولد كوست، غانا الآن)، والرئيس س. ل. أكينتولا (نيجيريا)، وت أ. والاس جونسون من سيراليون (Womber 2016 : 10). الرئيس المقدام الاتحاد العمال وشاعر التوغو الدكتور رفائيل أرماتو واومتو ماكنونين الذي هو الأن مدير مركز شؤون الافريقية في أكرا وكان من بين الحاضرين من جنوب افريقيا بيتر ابراهامز القصصي الشاعر الذي أدار ظهره للشيوعيين مثل بادمور وجيمس وماركو هاوبي ممثلا للمؤتر الوطني الافريقي. ويقدم لنا المؤتمر ايضاحات كثيرة للأفكار المتطورة للجامعة الافريقية ولأول مرة نجد هذا التحدي المباشر » اننا نطالب بالحكم الذاتي والاستقلال لأفريقيا السوداء الذي يمكن أن تتمتع به حتى الأن الجماعات والشعوب في هذا العالم الواحد السائر في طريق الوحدة العالية الحتمية ولا أكثر من ذلك. (ليجوم 1964 : 37)

وقال السيد جورج بادمور إنه طُلب منه إصدار إعلان. يتذكر المندوبون أنهم قرروا تشكيل لجنة من الرؤساء، والإجراء هو أن يرأس كل من هؤلاء الرؤساء جلسة المؤتمر. أبلغت لجنة الطلبات الدائمة الآن أنه على سبيل الاحترام والاحترام، ينبغي لنا أن ننتخب ضيفنا الموقر الدكتور دو بوا الرئيس الدائم للمؤتمر. واقترح كذلك دعوة كل رئيس من الرؤساء الأصليين بدوره للمجيء إلى المنبر كرئيس داعم للمؤتمر. في هذه المناسبة، رحب بالسيد والاس جونسون لينضم إلى الدكتور دو بوا على المنصة. (Padmore 1947 : 5)

السيد جومو كينياتا (كينيا) :« قال إن مهمته في ذلك الصباح كانت مهمة صعبة، لأنه اضطر إلى الإبلاغ عن ستة أقاليم. أرض الصومال، كينيا، أوغندا، تنجانيقا، نياسالاند، وروديسيا.

قبل أن يشرع في توضيح الظروف التي يعيش فيها شعبنا في شرق إفريقيا، يود أن يقول قليلاً عن الناس أنفسهم وكيف عاشوا قبل مجيء الأوروبيين. في كل شرق إفريقيا تم تجميع الناس أو تقسيمهم إلى ثلاثة أقسام : مجموعة زراعية ؛ مجموعة رعوية عاشت تربية الماشية والأغنام والماعز ؛ ومجموعة من الصيادين. كل مجموعة لها أراضيها الخاصة، والتي تعتبرها ملكًا لها، والتي يمكنها أن تتحرك فيها كما تشاء، تزرع هنا اليوم وهناك غدًا تبني قراها هنا وهناك كما تشاء، أو تصيد كما تشاء. كثير من هؤلاء الناس عاشوا بسعادة ورضا ».

ويضيف السيد جورج بادمور (ترينيداد) (تكلم بالانكليزية) : في جنوب روديسيا يوجد حوالي 60.000 أوروبي ويبلغ عدد سكانها حوالي مليوني أفريقي. قبل مشاريع القوانين المتعلقة بالسود، يجب أن يحصلوا على موافقة مكتب السيادة. تم الاستيلاء على الأراضي من الأفارقة وتم منحها للأوروبيين، وقد تم تعريف هؤلاء الأشخاص على زراعة مزارع التبغ، حيث تكون الأجور منخفضة للغاية (Padmore. 1947 :67)

سيتم تمديد جنوب روديسيا وجنوب روديسيا. في روديسيا الشمالية، السكان البيض أصغر من السكان السود بسبب المناخ. هنا يوجد حوالي 1.5 مليون من السود. إنها أفضل دولة منتجة في العالم، لكنها تسيطر عليها لندن وأيضًا الرأسماليون الأمريكيون. الأجور المدفوعة لعمال المناجم والنحاس الملون متوسط 002 / 6. في اليوم خلال العامين الماضيين كانت هناك سلسلة من الإضرابات التي تتطلب ظروف عمل أفضل لهؤلاء العمال. يحصل عمال المناجم البيض على جنيه إسترليني واحد في اليوم كحد أدنى للأجور. لا يُسمح للمنجمين السود أن يكون لهم منظمات، لكن عمال المناجم البيض لديهم نقابات خاصة بهم. (Padmore 1947 :68)

خاتمة 

مما سبق يمكننا ان نخرج بعدة نقاط حول هذه الدراسة :

  • كان جومو كينياتا سببا في قيام الحركة الوطنية في كينيا.

  • تصدى للمشاكل السياسية والاقتصادية خاصة مشكلة الاستيطان الأوربي والاستلاء على ارض الأفارقة خاصة في كينيا.

  • مناهضة اتحاد كينيا لتواجد البعثات التبشيرية على ارض كينيا للترويج للديانة المسيحية.

  • قاوم الاستعمار البريطاني من خلال عدة ثورات اهمها ثورة الماوماو.

  • كما دعى الى الغاء التفرقة العنصرية وضمان حرية التعبير للكينيين واطلاق الحريات النقابية.

  • وحاول التوفيق بين المطالب الداعية الى اقامة دولة موحدة مركزية وبين مطالب قيام دولة اتحادية تحفظ حقوق الأقليات القبلية.

يعتبر بادمور من اهم من اسهموا في الاشتراكية فقد كان يرى أهمية قيام حكومة افريقية من بين الأفارقة أنفسهم ومن اجلهم، على الرغم من ان الاشتراكية ترفض الرؤى القومية لكن بادمور كان يراها التوجه الأفضل لأفارقه.

كرس حياته للنضال ضد الرأسمالية التي تأتي من الغرب.

  • ساهم في بلورة الفكر التحرري للأفارقة خارج القارة من خلال مؤتمر مانشيستر وداخلها من خلال عمله كمستشار لكوامي نكروما في غانا.

  • قام بمناهضة الإمبريالية بشتى انواعها الفرنسية الانجليزية البرتغالية

البيطار , ف. (2000). الموسوعة السياسية والعسكرية (1 ط). عمان : دار اسامة للنشر.

ديفيد , ر. (1962). جومو كينياتا رجل إفريقيا الغامض. المختار 7(15), 13-15.

عيسى , م. (2002). الوحدة الإفريقية بين الفكر والتطبيق (1 ط). القاهرة : دتر الجمهورية.

مراد , أ. (1961). جومو كينياتا. نهضة إفريقيا 4(47), 37-39.

اوديس , ج. (1966). افريقيا على طريق المستقبل (1 ط). القاهرة: دار القومية للطباعة والنشر.

هاتش, ج. (1969). تاريخ افريقيا بعد الحرب العالمية الثانية (1 ط). القاهرة : دار الكتاب العربي للطباعة والنشر.

عطا الله الجمل , ش., & عبد الله , ع. ا. (2007). رواد التحرر الوطني الافريقي (1 ط). القاهرة: دار الجمهورية.

إبراهيم الاسيوطي , م. (1960). كينيا الثائرة (1 ط). القاهرة: دار القومية للطباعة والنشر.

مراد , أ. (1961). جومو كينياتا. نهضة إفريقيا 4(47), 37-39

كار , أ. (2002). جومو كينياتا يتحدث عن كينيا. أفاق إفريقية4(8), 15-17.

بدر , ن. (2002). جومو كينياتا الرمح الأسود في صدر الإسلام (1 ط). القاهرة : دار القومية للطباعة والنشر.

وايدثر , د. (1976). تاريخ افريقيا جنوب الصحراء (1 ط). القاهرة : مؤسسة سجل العرب.

ليجوم , ك. (1964). الجامعة الإفريقية (1 ط). لندن : دار المصرية للتأليف والنشر.

الرفاعي , ع. ا. (1962). الحركة القومية في افريقيا. اصولها نشأتها تطورها (1 ط). القاهرة : دار القومية للطباعة والنشر.

Decraene , P. (1964). Le panafricanisme (1 ط). Paris: Presses universitaires.

Kenyatta , J. (1961). Facing mount kenyu (1 ط). London : Secker warburg.

Leslie, J. (2015). Decolonization from below -panafricanism. the cold war. And the end of empire (1 ط). London : Basingstoke.

Minkah, M. (2003). In the cause of freedom radical black internationlism from harlem1917-1939 (1 ط). London : University of north carolina press.

Padmore, G. (1956). Panafricanisme ou communisme (1 ط). Paris : editions présence africaine.

Padmore , G. (1963). Colonial and coloured unity a progr amme of action. Action. history. Of the pan african congress (1 ط). London : hammersmith. Book shop.

Petr, A. (2001). Black expervence (1 ط). London : Indiana university press.

Peter, K. womber. (2016). The pan african congress of manchester. 1945 the outcry for independece (1 ط). London : Univeesity press.

Rueten Felicitas. (1930). Black america’s perceptions of africa in the 1920 and 1930 (1 ط). London : Présence african.

أحمد فار

جامعة الجزائر2 Alger

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article