مقدمة
عرفت المنظومة الإعلامية خلال العقدين الأخيرين تحولات جذرية تمس البنى التحتية، الممارسة، والأدوات، بفعل التداخل المتسارع بين الرقمنة والإنتاج الثقافي، وهو ما أسس لما يمكن تسميته بـ« التحول نحو الإعلام الإبداعي »، الذي تجاوز منطق المؤسسات التقليدية إلى أنماط إنتاجية مرنة، فردية، ولا مركزية. ويُعدّ هذا التحوّل جزءًا من موجة أوسع طالت الاقتصاد العالمي، تعرف بـ اقتصاد الإبداع أو Creative Economy، والذي يقوم على توظيف المعرفة، التكنولوجيا، والمهارات الثقافية في إنتاج سلع وخدمات ذات قيمة رمزية وتجارية في آنٍ واحد. وفي هذا السياق، ظهر الإنتاج الصوتي الرقمي، وعلى رأسه البودكاستت، كأحد أبرز تجليات هذه البيئة الجديدة، جامعًا بين البساطة التقنية، والثراء السردي، والقدرة على التخصيص والانفتاح على جمهور متعدد الاهتمامات.
ولعل ما يمنح هذا النوع من الإنتاج خصوصيته، هو قدرته على إعادة تشكيل العلاقة بين المبدع والجمهور خارج القوالب التقليدية للمؤسسات الإعلامية الكبرى. فهو يقوم على فلسفة « التمكين الإعلامي من الأسفل » (media empowerment from below)، حيث يمكن لأي فاعل امتلاك الأدوات التقنية، والتعبير بحرية، واستهداف جمهور متخصص دون وساطة تحريرية أو مالية. ومع ذلك، فإن هذا المسار الإبداعي لا يخلو من التحديات، أبرزها هشاشة التمويل، محدودية التكوين المهني، وصعوبة الاستمرارية في بيئات غير مستقرة رقميًا أو تشريعيًا. وهنا تبرز الحاضنات الإعلامية كآليات مؤسساتية بديلة، تهدف إلى تمكين الفاعلين الإعلاميين الناشئين، من خلال توفير بيئة متكاملة للدعم والتوجيه، بما في ذلك التكوين، التسهيلات التقنية، الشبكات المهنية، وأحيانًا حتى التمويل الأولي.
وإذ تتجه العديد من الدول إلى تعزيز البنية التحتية للحاضنات في القطاعات التكنولوجية والإبداعية، تبقى الحاضنات الإعلامية مجالا ناشئا في العالم العربي، يطرح عدة رهانات نظرية وتطبيقية، في سياق هذا التحول الرقمي المتسارع الذي يشهده الإعلام العربي، ومع بروز منصات البودكاستت كأحد أبرز أشكال التعبير الإبداعي المستقل، تطرح مسألة الحاضنات الإعلامية كآليات بديلة لدعم هذا الشكل الإعلامي وتمكينه. وتتقاطع هذه الحاضنات مع عدة رهانات، تتعلق بقدرتها على بناء مشاريع إعلامية مستدامة، وتحويل المحتوى الإبداعي إلى قيمة اقتصادية، ومدى استجابتها لخصوصيات الإنتاج الصوتي من حيث آليات الإنتاج، طبيعة الجمهور، وشروط السوق الرقمي. بناء عليه، تتمحور إشكالية هذه الدراسة حول :
كيف تساهم الحاضنات الإعلامية في دعم وتطوير الإنتاج الصوتي العربي ضمن اقتصاد الإبداع الرقمي؟ وما هي محددات فعالية هذا الدور من حيث الشروط، والقيود، والإمكانات المتاحة؟ وللإجابة عن الإشكالية المطروحة، تستند هذه الدراسة إلى مجموعة من الفرضيات النظرية، تتمثل في :
-
إن الحاضنات الإعلامية تعد بنى مؤسساتية بديلة تتيح للمبدعين في مجال الإنتاج الصوتي فضاءً داعمًا لتطوير مشاريع إعلامية مبتكرة، بما يتماشى مع منطق اقتصاد الإبداع الرقمي ويستجيب لمتطلبات التحول الإعلامي.
-
إن فاعلية هذه الحاضنات في تحقيق القيمة الاقتصادية للمحتوى الصوتي ترتبط بقدرتها على توفير أدوات التمويل، والتسويق، والتوزيع الرقمي، بما يعزز من فرص تحويل المبادرات الإبداعية إلى مشاريع قابلة للاستثمار ضمن السوق الرقمي.
-
إن مدى توافق الحاضنات مع الخصوصيات التقنية والسردية للإنتاج الصوتي يشكل عاملا حاسما في مرافقة هذه المشاريع نحو الاستدامة، لا سيما فيما يتعلق ببناء الجمهور واستراتيجيات التوسع داخل الفضاء الرقمي.
تهدف هذه الدراسة إلى بناء تصور نظري حول الدور الذي تضطلع به الحاضنات الإعلامية في تمكين الإنتاج الصوتي العربي، انطلاقا من التحولات التي فرضها اقتصاد الإبداع الرقمي، وسعيا لفهم كيفية مساهمة هذه الحاضنات في تحويل المشاريع الإبداعية إلى مبادرات قابلة للاستمرار والتطور داخل بيئة إعلامية متجددة. وبما أن هذه الدراسة تتأسس على منظور نظري استكشافي، فإنها تسعى إلى الإحاطة بالمرتكزات المفاهيمية والمنهجية التي تمكن من تحليل فاعلية الحاضنات الإعلامية في دعم المحتوى الصوتي العربي. وانطلاقا من هذه الخلفية، تهدف الدراسة إلى :
-
تحليل الدور البنيوي للحاضنات الإعلامية في دعم الإنتاج الصوتي العربي في ظل تحولات الاقتصاد الرقمي القائم على الإبداع والابتكار.
-
استكشاف آليات تحويل المحتوى الصوتي الإبداعي إلى قيمة اقتصادية داخل بيئات الحاضنات، من خلال تتبع أنماط الدعم المؤسسي والتقني والتسويقي.
-
فهم العلاقة بين بنية الحاضنة الإعلامية ومتطلبات الإنتاج الصوتي المعاصر، لا سيما من حيث الجمهور المستهدف، استراتيجيات النشر، وإمكانات التوسع ضمن السوق الرقمي العربي.
تندرج هذه الدراسة ضمن البحوث الوصفية التي تسعى إلى فهم الظواهر من خلال تحليل مكوناتها وأبعادها وتفسير علاقاتها الداخلية ويعد هذا النوع من الدراسات مناسبا للظواهر الإعلامية المعقدة، حيث يسمح بفهم السياقات النظرية والبنيوية المحيطة بها. « فإن البحث الوصفي يهدف إلى التعرف على الظاهرة كما هي، دون التدخل في تغييرها، مع محاولة شرحها وتحليلها ضمن بيئتها الخاصة. » (أنجرس، 2006، ص. 115)
تم توظيف المنهج الوصفي؛ فهو المنهج الذي « يهتم بوصف الظواهر وصفا دقيقا من خلال جمع المعلومات عنها، وتحليلها، واستخلاص النتائج التي تساهم في تفسير الواقع أو تقديم حلول لمشكلات قائمة » (سالم، 2011، ص. 102)، وعليه تركز هذه الدراسة على تحليل الأدبيات المتاحة حول الحاضنات الإعلامية وكيفية تأثيرها في دعم الابتكار والإنتاج الصوتي في الاقتصاد الرقمي. فاستخدام المنهج الكيفي في هذا السياق يمكّن من استكشاف العوامل التي قد تؤثر في المحتوى الإبداعي والتحول الرقمي في الإنتاج الصوتي العربي.
تعتمد هذه الدراسة، بصفتها مقاربةً نظريةً، على مراجعة أدبياتٍ متعددة المصادر (أبحاث أكاديمية، تقارير مؤسساتية، وأدلة مهنية) وتقوم بتجميعها موضوعاتياً (التكوين، الدعم التقني، التمويل، التسويق والتوزيع) قصدَ بناء إطار مفاهيمي يسمح بفهم شروط تمكين الإنتاج الصوتي داخل الحاضنات.
انطلاقا من الإشكالية والمعطيات المنهجية المشار إليها أعلاه، تقتضي الضرورة الأكاديمية ضبط المفاهيم الأساسية التي تشكل الأساس النظري للمداخلة، وذلك تفاديا لأي التباس دلالي، وضمانا لوضوح البناء المفاهيمي. وتتمثل هذه المفاهيم في : الحاضنات الإعلامية، البودكاستت، الاستثمار في المشاريع الإعلامية، والإبداع الإعلامي
تتمثل إضافة هذا المقال في وصل مفهوم الحاضنة الإعلامية بسلسلة القيمة الخاصة بالمحتوى الصوتي ضمن اقتصاد الإبداع الرقمي، واقتراح مؤشراتٍ تحليلية قابلة للاستخدام في توصيف نماذج الدعم وتقويم الاستدامة.
1. الإطار المفاهيمي وتقديم المشروع
1.1. الحاضنات الإعلامية
هي منظمات تدعم المشاريع الإعلامية الناشئة عن طريق توفير الدعم المالي والتدريبي والمساعدة الاستشارية، مما يساعد الشركات الناشئة على التغلب على التحديات الاقتصادية والتقنية. فالحاضنات الإعلامية تساهم في تحفيز الابتكار في الإعلام الرقمي، من خلال توفير موارد تعليمية وتقنية مهمة مثل برامج التدريب والاستشارات. (leighton R. &. 12)
وتذهب اليونسكو إلى تعريفها « كـفضاءات حرة تشجع على الابتكار وتدعم الإعلام المستقل، خصوصا المشاريع الصغيرة ذات الإمكانيات الواعدة في الفضاء الرقمي. » (UNESCO. 2021)
وتعد الحاضنات الإعلامية بنى مؤسساتية توفر بيئة دعم متكاملة للمشاريع الإعلامية الناشئة، من خلال توفير التمويل، التأطير، والموارد التكنولوجية، بما يسهم في تحويل الأفكار الابتكارية إلى منتجات إعلامية قابلة للحياة الاقتصادية. (الربابعة، 2019، ص. 112)
في حين يرى الشامي (الشامي، 2022، ص. 66) أن الحاضنات الإعلامية هي « وحدات استراتيجية توفر دعما تحريريا وتقنيا وإداريا للمبدعين الإعلاميين بهدف مرافقة مشاريعهم من الفكرة إلى التوزيع التجاري الرقمي. »
انطلاقا من هذه التعاريف، نلاحظ أن الحاضنات الإعلامية تؤدي دورا محوريا في دمج الإنتاج الإعلامي بالمقومات الاقتصادية الرقمية، لذا يمكننا تعريفها إجرائيا ضمن هذه الدراسة على النحو التالي :
الحاضنة الإعلامية هي مؤسسة منظمة تعمل على احتضان مشاريع إعلامية ناشئة، عبر توفير البنية التحتية والخبرة والإسناد المالي والتقني، بهدف مرافقة هذه المشاريع نحو النضج والاستدامة ضمن منطق اقتصاد الإبداع الرقمي.
2.1. البودكاستت (Podcast)
يعرف البودكاستت على أنه شكل من أشكال البث الرقمي يعتمد على نشر حلقات صوتية أو مرئية عبر الإنترنت، يمكن الوصول إليها وتحميلها حسب الطلب، وغالبا ما ينشر عبر منصات متخصصة ويستمع إليه في أوقات مرنة. (الخطيب، 2020، ص. 88)
ويقدمه جيك شابيرا (Jake Shapiro)، أحد مؤسسي Radio Public، على أنه وسيط إعلامي جديد يعيد توزيع القوة من المؤسسات الإعلامية الكبرى إلى الأفراد، بفضل انخفاض تكاليف الإنتاج وحرية التوزيع. (Shapiro, 2018, p. 5)
في المقابل، يعتبر نويل فريدلي (Noel Friedline) البودكاستت « بيئة تفاعلية تُعيد خلق التجربة الإذاعية التقليدية ضمن أنماط سردية أكثر حرية وتخصصًا، ما يمنح الجمهور إحساسًا أكبر بالتخصيص والمشاركة. » (Friedline, 2017, p. 91)
إذن البودكاستت هو وسيلة بث رقمية مرنة، تتيح إنتاج محتوى صوتي متخصص وقابل للاشتراك، يعتمد على السرد الإبداعي ويتسق مع خصائص الإعلام الجديد من حيث التفاعلية، قابلية التخصيص، والاستدامة الاقتصادية.
3.1. الدعم الاستثماري للمشاريع الإعلامية :
يقصد بالدعم الاستثماري في الحقل الإعلامي « مجموعة المساعدات المالية والتقنية والإدارية التي تقدم للمشاريع الإعلامية الناشئة من قبل مؤسسات أو جهات حكومية وخاصة، بهدف تمكينها من الانطلاق والنمو وتحقيق استدامة اقتصادية. » (رقية، 2021، ص. 141)
ويشير Yves Gassotإلى أن الاستثمار في الإعلام الرقمي يرتكز على « توفير بيئة ملائمة للإنتاج الإبداعي عبر التمويل، الحاضنات، ودعم القدرات التكنولوجية والتسويقية. » (Gassot, 2017, p. 23)
كما تعتبر KPMG Media Outlook Report (2019) أن تمويل المبادرات الإعلامية الناشئة « أحد مفاتيح بناء اقتصاد رقمي متكامل، يربط بين المحتوى الإبداعي والطلب السوقي عليه، ضمن رؤية استثمارية قابلة للقياس والربح. » (KPMG, 2019)
وعليه في سياق هذه الدراسة، يفهم الدعم الاستثماري على أنه الآلية التي تربط بين الإبداع الإعلامي والإمكانات الاقتصادية التي تتيح له التحول من مبادرة فردية أو جماعية إلى مشروع إعلامي رقمي مستدام، من خلال توفير أدوات التمويل، التطوير، التوزيع، والتسويق.
4.1. الإبداع الإعلامي
يشير الإبداع الإعلامي إلى القدرة على إنتاج محتوى إعلامي جديد، أصيل، وفعال في التأثير، باستخدام أفكار غير تقليدية وأساليب عرض مبتكرة. ( سعد الدين، 2017، ص. 86)
ويعرفه Terry Flew بأنه استخدام الإبداع في صناعة المحتوى الإعلامي بحيث ينتج أشكال جديدة أو رسائل مبتكرة أو طرق تفاعل فريدة، ويكون ذلك غالبًا مدعوماً بالتقنيات الرقمية. (Flew, 2012, p. 34)
كما يوضح (McIntyre, 2008) أن الإبداع في العمل الإعلامي لا يختزل في الفكرة فقط، بل يشمل العملية كلها من إنتاج وتوزيع واستقبال، إذ يتم فيه تفاعل بين المهارات الفردية والبُنى المؤسسية والتكنولوجية.
من خلال هذه الدراسة، نرى أن الإبداع الإعلامي لا يتعلق فقط بجمالية المضمون، بل هو أساس في التحول نحو اقتصاد الإبداع. فنجاح البودكاستت كمشروع إعلامي داخل الحاضنات، مرهون بمدى توفر الإبداع في الفكرة، المعالجة، والإخراج، بما يتماشى مع متطلبات الجمهور الرقمي.
2. الحاضنات الإعلامية كفضاء بديل لدعم الإنتاج الصوتي.
في عصر الإعلام الرقمي، أصبحت الحاضنات الإعلامية مراكز حيوية لدعم المشاريع الإعلامية المبدعة مثل البودكاستت، حيث تشكل بيئة مثالية لتنمية الأفكار الإعلامية وتحويلها إلى مشاريع قابلة للاستدامة والنمو. تدعم الحاضنات الإعلامية المبدعين في مراحلهم الأولى من خلال توفير الدعم المالي، التقني، والتدريبي، بالإضافة إلى تسهيل الاتصال بشبكات احترافية تساعدهم على التوسع والنمو في سوق الإعلام الرقمي. في هذا السياق، فإن دعم البودكاستت من خلال هذه الحاضنات لا يقتصر فقط على الدعم المادي، بل يشمل أيضًا التوجيه الأكاديمي والإبداعي الذي يساهم في جعل البودكاستت وسيلة إعلامية ناجحة وذات تأثير كبير على الجمهور.
1.2 دعم الحاضنات الإعلامية في البحث والتعليم
إذ تسهم الحاضنات الإعلامية في تعزيز الدور الأكاديمي للبودكاستت عبر عدة طرق :
-
التدريب الأكاديمي : تقدم الحاضنات الإعلامية برامج تدريبية وورش عمل مخصصة لتطوير المهارات الأكاديمية والإعلامية للمبدعين في مجال البودكاستت. يشمل التدريب عادة مجالات مثل كتابة السيناريوهات الإعلامية، تقنيات المونتاج الصوتي، استراتيجيات التسويق الرقمي، وفهم تحليلات الجمهور. هذه الدورات تهدف إلى تحسين جودة البودكاستت وزيادة مستوى الاحترافية في الإنتاج.
فالخبرة العملية تعد جزءا أساسيًا من البرامج الأكاديمية في الإعلام، حيث يُطلب من الطلاب الانخراط في تدريب عملي داخل مؤسسات إعلامية متنوعة في مجالات مثل الإعلام الرقمي، التلفزة، الإذاعة، والصحافة، تحت إشراف أكاديمي. هذا التدريب يمكّن الطلاب من تطبيق معارفهم النظرية في بيئة عمل حقيقية، مما يعزز من مهاراتهم العملية في إنتاج المحتوى الإعلامي، بما في ذلك البودكاستت. (القدس م، 2020، ص. 55) -
البحث الأكاديمي : تعمل الحاضنات الإعلامية على ربط المشاريع الإعلامية الأكاديمية مع الصناعات الإعلامية المبتكرة. من خلال التعاون بين الأكاديميين والمبدعين، يمكن توظيف البودكاستت في الأبحاث الأكاديمية في مجالات متعددة، مثل الإعلام الاجتماعي، الثقافة الرقمية، وتحليل الإعلام.
ولذلك يعد البحث الأكاديمي حجر الزاوية في تطوير الحاضنات الإعلامية، حيث يُسهم في تحليل الاتجاهات الحديثة من تقنيات جديدة في مجال الإعلام الرقمي والبودكاستت. وإمكانية تقييم فعالية البرامج التدريبية، ومدى فعالية البرامج التدريبية المقدمة داخل الحاضنات. بالإضافة إلى ابتكار نماذج عمل جديدة، فالبحث يساهم في تطوير نماذج عمل مبتكرة تتماشى مع التغيرات السريعة في صناعة الإعلام. (أحمد، 2020، ص. 3775-3776) -
الشراكات مع المؤسسات التعليمية : تقوم العديد من الحاضنات الإعلامية بتكوين شراكات مع الجامعات والمؤسسات التعليمية لتعزيز البحث والتطوير في مجال الإعلام الرقمي. من خلال هذه الشراكات، يتمكن المبدعون من الحصول على إشراف أكاديمي مستمر من الخبراء في المجال الإعلامي، مما يعزز من فعالية مشاريعهم، إذ تعمل الحاضنات على جذب الأفكار والمخترعات العلمية الجديدة، وتحويلها إلى مشاريع تسهم في دفع الاقتصاد الوطني.
2.2. نشر المعرفة
يعتبر البودكاستت وسيلة فعّالة لنقل المعرفة الأكاديمية إلى جمهور واسع. تعمل الحاضنات الإعلامية على توفير بيئة تسمح للمبدعين الأكاديميين باستخدام البودكاستت لنشر الأفكار الجديدة والبحوث العلمية، مما يعزز من تأثيرها على المجتمع العلمي والجمهور العام. (فدوة ن. ر. 2024، ص. 10)
يتضح مما سبق أن تطور الحاضنات الإعلامية لم يكن وليد المصادفة، بل جاء استجابة لتحولات عميقة في بنية المعرفة، وسياقات إنتاجها، وتوزيعها، واستهلاكها في البيئة الرقمية المعاصرة. فقد أفرز التزاوج بين الإعلام والبحث العلمي مسارات جديدة لإنتاج المعرفة، لم تعد حكرا على المؤسسات الأكاديمية، بل أصبحت مجالا رقميا تفاعليا تديره جهات متنوعة تتقاطع فيها التخصصات وتتفاعل فيها الأدوار. وعليه، فإن فهم خصائص هذه الحاضنات، وأنماط اشتغالها، وشروط فعاليتها، يعد ضرورة لفهم آليات تشكل السلطة المعرفية الجديدة في الفضاء الرقمي، كما يضعنا أمام تحديات نظرية ومنهجية في دراسة العلاقة بين الإعلام وإنتاج المعرفة الأكاديمية.
3. تحويل المحتوى الصوتي إلى مشاريع استثمارية رقمية
1.3. البودكاستت كمنصة إبداعية مستقلة
أصبح البودكاستت اليوم من أكثر الوسائط الإعلامية مرونة وحرية، إذ يتيح لصانعي المحتوى التعبير الإبداعي بعيدًا عن قيود النماذج التقليدية للإعلام. يُعتبر البودكاستت وسيلة فعالة لنقل الأفكار بطرق مبتكرة، من خلال توظيف السرد القصصي، التأثير الصوتي، والحوار المفتوح. وقد أشار تقرير (Deloitte, 2023)إلى « أن المحتوى الصوتي الإبداعي يشهد نموا متسارعا، ويجذب جمهورًا يبحث عن العمق والتجربة الشخصية. »
فقد بلغت قيمة سوق البودكاستت العالمي حوالي2.22 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن تصل إلى 17.59 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 29.8 % خلال فترة التوقعات. (Entertainment, 2025)
2.3. دور الحاضنات في احتضان بودكاستتات إبداعية
يعد التدريب والتأهيل المهني من أهم أدوار الحاضنات الإعلامية، إذ تسعى إلى تمكين صناع البودكاستت عبر ورشات تقنية وتكوينية تدمج بين السرد الصوتي والتسويق الرقمي، بما يحول المبدع إلى رائد أعمال رقمي من خلال : (حجاج ع، 2021، ص. 72)
-
توفير التدريب والتأهيل المهني : تقدم الحاضنات الإعلامية برامج تدريبية متخصصة لصناع البودكاستت، تشمل :
-
تقنيات الإنتاج الصوتي : تعلم استخدام المعدات والبرمجيات اللازمة لتسجيل وتحرير الحلقات.
-
مهارات السرد القصصي : تطوير القدرة على بناء محتوى جذاب وشيق.
-
التسويق الرقمي : استراتيجيات نشر الحلقات والوصول إلى الجمهور المستهدف.
مثال على ذلك، حاضنة « سماوة » لصنّاع البودكاست (AMAWH Podcast., 2025)، التي تقدم ورش عمل نظرية وتطبيقية بإشراف خبراء في مجال إنتاج المحتوى، بهدف دعم وتطوير المحتوى الصوتي والمرئي للبودكاستت.
ويمثل بذلك هذا النوع من التأهيل مدخلا مهما لتحويل المبدع الصوتي إلى رائد أعمال رقمي، إذ إن المهارات التقنية وحدها لا تكفي ما لم تقترن بفهم ديناميكيات السوق.
-
توفير الموارد التقنية والدعم اللوجستي : تسهم البنية التحتية التي تقدمها الحاضنات في تحسين جودة الإنتاج، وتوفير بيئة احترافية للمبدعين، خاصة من خلال استوديوهات مجهزة ودعم فني متواصل إذ تتيح الحاضنات لصناع البودكاستت الوصول إلى : (UNESCO, 2022.)
-
استوديوهات تسجيل مجهزة : بيئة احترافية لتسجيل الحلقات بجودة عالية.
-
معدات حديثة : مثل الميكروفونات، وأجهزة المونتاج، والبرمجيات المتخصصة.
-
دعم فني : مساعدة تقنية مستمرة لضمان سير عملية الإنتاج بسلاسة.
بناء شبكات تواصل وتبادل الخبرات : تسهم الحاضنات في ربط صناع البودكاستت ببعضهم البعض، كما تتيح فرصا للتواصل بين صناع البودكاستت، بما يعزز من ثقافة التعاون، ويساهم في بناء منظومات إبداعية تشاركية. من خلال : (الشريف ر.، 2023، ص. 89)
-
تبادل الخبرات : مشاركة التحديات والحلول بين المبدعين.
-
فرص التعاون : إنشاء مشاريع مشتركة وتوسيع نطاق التأثير.
-
الوصول إلى جمهور أوسع : من خلال الترويج المتبادل والتعاون في التسويق.
-
دعم المحتوى المتنوع والمستقل : تشجع الحاضنات على إنتاج محتوى يعكس التنوع الثقافي والاجتماعي، وتُوفر بيئة داعمة للمبادرات المستقلة. على سبيل المثال، مبادرة « أصواتنا بودكاستت » تهدف إلى ربط مقدمي البودكاستت في منطقة شمال إفريقيا وغرب آسيا، وتقديم الدعم لهم لإنشاء شبكة عابرة للأوطان لتبادل الخبرات والأفكار (Podcast, 2022).
-
تحفيز الابتكار في المحتوى : فمن خلال الدعم المستمر، تحفز الحاضنات صناع البودكاستت على الابتكار والتجريب، سواء في أساليب السرد أو في الموضوعات والقضايا التي يطرحونها، وهو ما يشكل لبنة أساسية في بناء اقتصاد إعلامي تنافسي من خلال : (Jenkins, 2020, p. 154)
-
أنماط السرد : تجربة أساليب جديدة في تقديم القصص والمعلومات.
-
الموضوعات : تناول قضايا جديدة ومهمة تهم المجتمع.
-
التقنيات : استخدام أدوات وتقنيات حديثة لتحسين جودة المحتوى.
وهكذا يتضح أن التحول من مجرد إنتاج محتوى صوتي إلى مشروع رقمي استثماري يتطلب أكثر من موهبة سردية أو تقنيات تسجيل حديثة؛ بل يستدعي منظومة دعم متكاملة تشمل التأهيل المهني، التمكين المعرفي، وتوفير البيئة الحاضنة للابتكار. وفي ظل هذا الواقع، أضحت الحاضنات الإعلامية بمثابة رافعة حقيقية تُسهم في نقل المبادرات الفردية إلى فضاءات ريادة الأعمال الرقمية. وفي هذا الإطار، يبرز التساؤل حول الأبعاد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لهذا التحول، وهو ما سنحاول مقاربته من خلال المحور الثالث.
4. آليات الاستدامة والتوزيع في مشاريع البودكاستت داخل الحاضنات الإعلامية
في خضم التحول الرقمي الذي يعيد تشكيل المشهد الإعلامي العالمي، تبرز الحاضنات الإعلامية بوصفها آلية مؤسساتية داعمة للمبادرات الإعلامية المستقلة، خاصة في مجال الإنتاج الصوتي الرقمي، فقد أصبح البودكاستت أكثر من مجرد وسيط بديل؛ بل هو امتداد حي للاقتصاد الإبداعي القائم على المعرفة والمحتوى النوعي، الأمر الذي تطلب تطوير بيئات احتضان تمكن صُناعه من أدوات الإنتاج والتوزيع والتمويل.
في هذا السياق، لا تقتصر مهام الحاضنات الإعلامية على الدعم التقني، بل تتعداه إلى توفير رؤية استراتيجية للمشروع الإعلامي الناشئ، وذلك من خلال التدريب على تقنيات السرد، الترويج الرقمي، التمويل الجماعي، والربط بمنصات التوزيع العالمية، بما يحول البودكاستت من تجربة فردية إلى مشروع إعلامي مستدام. (Martin Spinelli, 2021. pp. 88-90)
ولذلك استدامة مشاريع البودكاستت داخل الحاضنات الإعلامية متعلقة بالمستويات الآتية :
-
على مستوى الاستدامة : تعتمد الحاضنات على توفير دعم مباشر عبر تقديم منح إنتاجية أو احتضان تقني مجاني، إضافة إلى تأطير صناع البودكاستت لإطلاق حملات تمويل جماعي (Crowdfunding)، أو البحث عن رعاة تجاريين ومعلنين يشاركون في دعم المحتوى ذي الطابع المتخصص. (Barrett J., 2022, p. 37)
-
على مستوى التوزيع : فتسعى الحاضنات إلى تمكين المنتج الصوتي من الوصول إلى جمهور أوسع من خلال ربطه بمنصات نشر عالمية، والتي تعمل على توسيع نطاق البودكاستت من مثيل Spotify) Apple Podcasts,، Google Podcasts) ومع دعم صناع المحتوى في إعداد مواد ترويجية مناسبة للنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، مقاطع قصيرة لزيادة التفاعل والمشاركة. (Spinelli, 2019, p. 82)
لذلك تسهم بعض الحاضنات كذلك في تعزيز هذه الآليات من خلال شراكات استراتيجية مع جامعات، ومؤسسات مجتمع مدني، ومهرجانات إعلامية، مما يتيح للمحتوى فرصا أكبر للاحتراف والاستمرارية، كما هو الحال مع حاضنة « إنكيوب ميديا » في تونس، (Yahia, 2021) ومنصة « صوت » في الأردن التي تعد نموذجا لنجاح البودكاستت في بيئة احتضان إبداعي وإعلامي. (Abujbara, 2020)
1.4. الجزيرة بودكاستت – نموذج رائد لتمكين البودكاستت في بيئة احتضان إعلامي مؤسساتي
يُستعمل مثال « الجزيرة بودكاست » في هذا المقال بصفته مثالاً توضيحياً/إرشادياً على نمط احتضانٍ مؤسساتي، ولا يرقى إلى « دراسة حالة » مكتملة الأدوات ما لم يُدعَّم بوثائق أولية/ثانوية محددة ومعايير مقارنة صريحة.
تمثل تجربة « الجزيرة بودكاستت » إحدى أبرز النماذج في العالم العربي التي تعكس التفاعل المتكامل بين المؤسسات الإعلامية الكبرى وبيئة ريادة الأعمال الإبداعية. إذ أطلقت شبكة الجزيرة الإعلامية في سنة 2019 منصتها الصوتية تحت عنوان « الجزيرة بودكاستت »، وذلك ضمن رؤية استراتيجية للتحول الرقمي والاستثمار في المحتوى السمعي الذي يواكب تطورات المشهد الإعلامي العالمي، ويخاطب جمهورا عربيا متزايد الاهتمام بالبودكاستت كمصدر بديل للمعرفة والتثقيف والترفيه.
في مرحلتها الأولى، ضمت المنصة برنامجين رئيسيين :
-
« رموز » : يروي سيرة شخصيات تاريخية ذات تأثير، مع التركيز على الجوانب غير المألوفة في حياتهم ومساراتهم.
-
« لحظة » : يستعرض لحظات حاسمة في التاريخ الإنساني من خلال مقابلات مع شهود أو خبراء على صلة مباشرة بالأحداث. (قلالة، 2019)
2.4 دور الحاضنات الإعلامية في دعم المنصة.
في سياق التحوّلات العميقة التي يشهدها المشهد الإعلامي العربي، تبرز منصة « الجزيرة بودكاستت » بوصفها تجربة رائدة في مجال إنتاج المحتوى الصوتي الرقمي، مدعومة ببنية مؤسسية متكاملة تجمع بين التكوين المهني والدعم الاقتصادي والتقني. ومن أجل فهم دينامية هذا النموذج، من المهم الوقوف عند ثلاث ركائز أساسية شكّلت مرتكزات هذه التجربة : أولًا، دور معهد الجزيرة للإعلام في بناء الكفاءات السردية والتقنية من خلال برامج تدريبية متخصصة ومبادرات داعمة للإعلام المستقل؛ ثانيًا، الشراكة مع حاضنة قطر للأعمال التي وفرت فضاءً اقتصاديا ومؤسساتيًا حاضنًا لمشاريع الإعلام الناشئة؛ وثالثًا، أثر هذه المقاربة التكاملية على استدامة المنصة وتعزيز جودة الإنتاج. فيما يلي، نستعرض هذه المحاور بشيء من التفصيل، لإبراز كيف نجحت « الجزيرة بودكاستت » في التموقع كنموذج مرجعي في اقتصاد الإبداع الصوتي العربي.
-
معهد الجزيرة للإعلام :
يعد معهد الجزيرة للإعلام الذراع التدريبي والتطويري للشبكة، حيث يقدم برامج تدريبية متخصصة في إنتاج البودكاستت، تشمل :
-
تقنيات السرد الصوتي.
-
إعداد وتحرير المحتوى.
-
استخدام أدوات التسجيل والمونتاج الحديثة.
كما أطلق المعهد مشروع « سند »، وهو برنامج دعم يستهدف المبادرات الإعلامية المستقلة في العالم العربي، ويوفر لها تدريبًا، واستشارات، وتمويلًا جزئيًا، مع تركيز واضح على دعم البودكاستت كأداة تعبيرية جديدة. (للإعلام، 2021)
-
حاضنة قطر للأعمال :
عززت شبكة الجزيرة الإعلامية شراكتها في بيئة ريادة الأعمال من خلال توقيع اتفاقية مع حاضنة قطر للأعمال (Qatar Business Incubation Center - QBIC)، ما أتاح إطلاق حاضنة متخصصة في دعم شركات الإعلام الناشئة. وقد شمل هذا التعاون :
-
توفير الدعم المالي والتقني للمشاريع الإعلامية.
-
ربط الشركات الناشئة بمراكز الابتكار في الدوحة وسان فرانسيسكو.
-
تحويل الأفكار الإعلامية المبتكرة إلى مشاريع قابلة للتنفيذ والاستدامة. (مصطفى، 2019)
-
الأثر على استدامة المنصة ومهنية الإنتاج :
ساهم هذا الدعم المزدوج – التدريبي والمالي – في تمكين « الجزيرة بودكاستت » من :
-
الدعم المالي واللوجستي : تأمين الموارد اللازمة للإنتاج والتوزيع.
-
التدريب والتطوير المهني : رفع كفاءة الفرق العاملة وضمان جودة المحتوى.
-
الوصول إلى جمهور واسع : الاستفادة من البنية التحتية الرقمية والشبكات الاجتماعية للمؤسسة. (UNESCO، 2021)
هذا النموذج يعد دليلا حيا على فاعلية الحاضنات الإعلامية المؤسسية في تحويل الأفكار الإبداعية إلى محتوى رقمي مستدام، حيث تتلاقى عناصر التدريب، التمويل، التوزيع، والدعم اللوجستي داخل منظومة واحدة.
تمثل تجربة الجزيرة بودكاستت نموذجا مركزيا لتحول المؤسسات الإعلامية الكبرى إلى فواعل حاضنة لمبادرات الإعلام الرقمي الصوتي. فمن خلال الدمج المتقن بين البنية التحتية المتطورة والدعم التكويني والمرافقة التمويلية، رسخت الشبكة مقاربة تشاركية في إنتاج المحتوى، تتجاوز منطق البث التقليدي إلى فلسفة التمكين الإعلامي. إن توافر بيئة احتضان ذات بعد مزدوج (مهني-اقتصادي)، أتاح لمنصة « الجزيرة بودكاستت » تحقيق شروط الاستدامة عبر تكوين جمهور وفيّ، وتطوير صيغ سردية مبتكرة تُعيد تعريف علاقة المتلقي بالمادة الصوتية. كما تكشف هذه التجربة عن وعي مؤسسي بأهمية اقتصاد الإبداع الصوتي في المشهد الإعلامي العربي، مما يجعلها حالة مرجعية قابلة للتحليل والتعميم، خاصة في سياقات تبحث عن نماذج للانتقال من البث إلى التمكين الإعلامي.
خاتمة
سعت هذه الدراسة إلى مقاربة دور الحاضنات الإعلامية في دعم وتطوير الإنتاج الصوتي العربي ضمن سياق اقتصاد الإبداع الرقمي، من خلال تحليل بنيتها الوظيفية، وآلياتها المؤسسية، وإمكاناتها التمكينية. وانطلقت الدراسة من فرضيات ترى في هذه الحاضنات كيانات بديلة تيسر لمبادرات البودكاستت للانتقال من الهواية إلى الاحتراف، عبر توفير بيئة حاضنة تراعي الخصوصيات التقنية والسردية للإنتاج الصوتي.
اعتمد البحث على مقاربة نظرية جمعت بين مدخل اقتصاد الإبداع والإعلام الرقمي، مع تحليل نموذجي لحاضنة « الجزيرة بودكاستت » باعتبارها إحدى أبرز التجارب العربية في هذا المجال. وقد تم التوصل إلى جملة من النتائج، أبرزها :
-
أن الحاضنات الإعلامية تتيح للمبدعين فضاء مؤسساتيا بديلا للتكوين، والتجريب، والتوزيع، في ظل غياب بيئات إعلامية تقليدية مرنة.
-
أن فعالية الحاضنة في تحقيق القيمة الاقتصادية يرتبط بمدى توفيرها لأدوات التمويل، والدعم التقني، والتسويق الرقمي، لا بمجرد الاحتضان الرمزي.
-
أن التوافق بين الحاضنة وخصوصيات الوسيط الصوتي (من حيث تقنيات الإنتاج، وأشكال السرد، وأساليب التفاعل مع الجمهور) يشكل شرطا أساسيا لضمان الاستدامة.
تبقى هذه النتائج نظريةً وتحتاج إلى تدعيمٍ ميداني (مقابلات، تحليل وثائق، أو بيانات منصات) وإلى مقارنة نماذج حضانة مختلفة داخل العالم العربي من أجل تعميم أكثر صرامة.
وبناء على هذه النتائج، توصي الدراسة بما يلي :
-
تطوير برامج تدريبية متخصصة في إنتاج المحتوى الصوتي داخل الحاضنات بالتعاون مع الجامعات، لتعزيز التكوين الأكاديمي والتطبيقي في هذا المجال.
-
إطلاق شراكات استراتيجية بين الحاضنات الإعلامية والمنصات الرقمية العالمية مثل Spotify وApple Podcasts لتوسيع نطاق الوصول والتوزيع.
-
تأسيس صناديق دعم وتمويل للمشاريع الصوتية الثقافية والتعليمية، خاصة تلك التي تفتقر إلى طابع تجاري لكنها تحمل قيمة مجتمعية.
-
تعزيز البحث الأكاديمي في موضوع الحاضنات الصوتية من خلال تشجيع مشاريع التخرج ورسائل الماجستير والدكتوراه في هذا المجال.
-
وضع مؤشرات تقييم نوعية لقياس تأثير الحاضنات على جودة المحتوى واستدامته، لتوجيه السياسات الإعلامية والاستثمارية المستقبلية.
وبهذا، يفتح البحث آفاقا نظرية وميدانية لمزيد من الدراسات حول بيئات الاحتضان الرقمية، ودورها في إعادة تشكيل اقتصاديات الإعلام العربي في العصر الرقمي.
