مقدمة
تعد صعوبات التعلم من الموضوعات المهمة في مجال التربية الخاصة وعلم النفس العصبي
وحظيت باهتمام كبير من طرف المهتمين بهذا المجال من أجل كــشف وتشخيص وعلاج هذه الصعوبات، التي أصبحت تؤرق الأولياء والمعلمين، نتيجة لما يترتب عنها من مشاكل على مستوى التحصيل الأكاديمي للتلاميذ الذين يعانون من هذه الصعوبات.
ويشير مفهوم صعوبات التعلم إلى فئة غير متجانسة من الأفراد، الذين يعانون من وجود خلل أو اضطراب في العمليات المعرفية الأساسية التي لها فعالية كبير في التحصيل الدراسي (كالانتباه- الإدراك- الذاكرة- اللغة)، وهذا ما يؤثر على المهارات الأكاديمية (كالقراءة أو الكتابة أو الحساب) دون أن يكون ذلك مرتبطا بنقص في الذكاء، ولا مشكلات حسية ( كنقص السمع أو البصر)، أو وجود اضطرابات انفعالية أو حرمان ثقافي أو اقتصادي أو اجتماعي أو تربوي ( لوزاعي، 2018).
ويظهر الأطفال ذوي صعوبات التعلم اضطرابات واضحة في العمليات التي تتطلب الاعتماد على الذاكرة، فمنهم من يعاني من صعوبة في تذكر المعلومات المعتمدة على الذاكرة السمعية أو الذاكرة البصرية أو المعلومات المعتمدة على الذاكرتين السمعية والبصرية معا، ومثل هؤلاء الأطفال قد تكون لديهم مشكلات في تعلم القراءة أو الكتابة أو التهجي أو إجراء العمليات الحسابية (معروف، 2020).
ومن بين الصعوبات التي يعاني منها التلاميذ ذوي صعوبات التعلم نجد «صعوبات القراءة» والتي تعرف حسب المنظور النفسي العصبي، بأنها
«صعوبة تعود إلى تلف مخي، أو خلل وظيفي بسيط للمخ دون أن يكون ذلك مرتبطا بمعوقات بصرية أو سمعية أو حركية أو تخلف عقلي، أو اضطرابات نفسية أو حرمان ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي» (جلجل، 1994، ص4).
لذلك نهدف من خلال هذه الدراسة إلى علاج الذاكرة البصرية الفضائية لدى التلاميذ الذين يواجهون صعوبات في القراءة في المرحلة الابتدائية.
1. الجانب المنهجي
1.1. الإطار العام للدراسة
1.1.1. الاشكالية
أثبتت دراسات التصوير الدماغي الوظيفي بواسطة التصوير بالبث البوزيتروني (tep)، أن دماغ المصابين بعسر القراءة يعالجون الأصوات اللغوية بطريقة مختلفة عن القراء العاديون، حيث وجد لديهم اضطراب في الاتصال بين المناطق الخلفية للدماغ، والتي تقوم بالتعرف البصري للكلمات والمناطق الأمامية التي تقوم بتقطيع الكلمات إلى وحدات فونولوجية. (Lussier f & Flessas J 2002 : 17)
وينتج عن هذا الخلل الوظيفي الدماغي صعوبات في العمليات المعرفية التي لها فعالية في عملية القراءة، من بينها نجد صعوبات الذاكرة البصرية الفضائية.
وفي الإطار يرى Baddeley (2003) أن النظام البصري الفضائي يتدخل في قراءة النصوص وبالخصوص في الاحتفاظ بالتمثيل الثابت للصفحة وتصورها وهذا ما يسهل الحركات البصرية التي تضمن الانتقال من سطر إلى آخر (Zebib R 2009: 58)
وفي حالة اضطرابه يؤثر على المهارات الأكاديمية المرتبطة به لدى التلاميذ ذوي صعوبات القراءة. وفي هذا السياق يرى (هاريس وساييه) أن ضعف مهارات الذاكرة من أهم مميزات الأفراد الذين يعانون من صعوبات في القراءة، حيث أنهم لا يستعملون استراتيجيات تلقائية للتذكر، كما يكون أداؤهم في اختبارات الذاكرة قصيرة المدى في الغالب ضعيفا. وتلعب الذاكرة البصرية الفضائية دورا هاما في عملية القراءة، لذلك فان اضطرابها يؤدي صعوبات في القدرة على تذكر الحروف والكلمات، بينما تؤثر قدرة الذاكرة على تسلسل الأحداث وعلى ترتيب الحروف في الكلمة وعلى ترتيب الكلمات في الجملة (الخزرجي، 2010). كما أشارت الأبحاث إلى أن الذاكرة البصرية القصيرة المدى هي اقل كفاءة وفاعلية لدى المصابين بصعوبات تعلمية، بسبب الافتقار إلى الاستراتيجيات الملائمة المتعلقة بالتسميع والتنظيم والترميز وتجهيز ومعالجة المعلومات وحفظ المعلومات. (سالم وآخرون، 2008، ص 84). وهذا ما أكده كل من ((Catts & Kamhi 1999 أن النظام البصري هو النظام الحسي الأساسي المتضمن في عملية القراءة. وفي نفس الإطار يرى (Evans ; 2001) أن الأطفال الذين يعانون من صعوبات القراءة النمائي يعانون مظاهر وأعراض بصرية أكثر من القراء الجيدين ( أبو الديار، وآخرون، 2012)، كما أشارت دراسة كل من(Helene & Xavier, 2006) إلى أن هناك علاقة بين النجاح المدرسي وسعة الذاكرة العاملة اللفظية والذاكرة العاملة البصرية والمكانية ( الحويلة وأبو الديار، 2015).
وأمام هذا الوضع يجدر بنا كباحثين محاولة تشخيص هذه الصعوبات التي يعاني منها التلاميذ الذين يعانون من صعوبات القراءة، وعلاجها لكي يتحسن مستواهم في المهارات الأكاديمية. وفي هذا الإطار أثبتت دراسة Loosli, Buschkuel, Perrig et Jaeggi (2012) : أن إعادة تربية إحدى مكونات الذاكرة العاملة( الذاكرة العاملة اللفظية أو البصرية الفضائية أو المركز التنفيذي) بإمكانها أن تؤدي إلى تحسن الوظائف الأخرى التي ترتبط بالذاكرة العاملة، مثل القراءة والحساب واللغة الشفهية، وهذا ما نسميه تحول التعلم (transfert des acquis) ومن خلال التدريب الذي قاموا به على أطفال يتراوح سنهم بين 9 و11 سنة خلال أسبوعين بوقع 5 حصص في الأسبوع، أثبتت النتائج أن تدريب الذاكرة العاملة يحسن قدرات قراءة الكلمات وقراءة النصوص (Bussy G: 51.
ونظرا لانتشار صعوبات التعلم في الوسط المدرسي الجزائري، وقلة الدراسات التي تناولت الموضوع في حدود علمنا، جاءت الدراسة الحالية لتحاول تصميم برنامج علاجي ينطلق من أسس نفسية عصبية لعلاج اضطرابات الذاكرة البصرية الفضائية لدى التلاميذ ذوي صعوبات القراءة في المرحلة الابتدائية.
ولتناول الموضوع نطرح التساؤل التالي: هل للعلاج النفسي العصبي فعالية في تحسين صعوبات الذاكرة البصرية الفضائية لدى التلاميذ الذين يعانون من صعوبات القراءة؟
وقصد الإجابة على هذا التساؤل نطرح التساؤل الجزئي التالي: هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات التلاميذ ذوي صعوبات القراءة في القياسين القبلي والبعدي بالنسبة لاختبار الذاكرة البصرية الفضائية؟
2.1.1. الفرضيات وأهداف الدراسة وأهميتها
للعلاج النفسي العصبي فعالية في تحسين صعوبات الذاكرة البصرية الفضائية لدى التلاميذ الذين يعانون من صعوبات القراءة.
توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات التلاميذ ذوي صعوبات القراءة في القياسين القبلي والبعدي بالنسبة لاختبار الذاكرة البصرية الفضائية (اختبار المستقيمات).
نهدف من خلال هذه الدراسة إلى معرفة فعالية العلاج النفسي العصبي في تحسين صعوبات الذاكرة البصرية الفضائية لدى التلاميذ الذين يعانون من صعوبات القراءة في المرحلة الابتدائية.
نظرا لانتشار صعوبات التعلم في الآونة الأخيرة في الوسط المدرسي الجزائري نحاول من خلال هذا الموضوع لفت انتباه السلطات والمختصين إلى ضرورة تصميم برامج علاجية، تعتمد على أسس نفسية عصبية من أجل علاج الصعوبات التي يعاني منها التلاميذ ذوي صعوبات التعلم، ومن بينها صعوبات الذاكرة، وهذا نظرا للعلاقة الموجودة بين هذه الأخيرة وحدوث الصعوبات الأكاديمية كصعوبات القراءة، وبالتالي المساهمة في تجاوزها وتحسين مستوى التحصيل الدراسي لدى هذه الفئة من التلاميذ ذوي صعوبات التعلم. كما نحاول من خلال هذه الدراسة إلى التعريف بأهمية الذاكرة البصرية في تعلم القراءة.
2.1. تحديد المفاهيم
1.2.1. الذاكرة البصرية الفضائية قصيرة المدى
الذاكرة البصرية الفضائية قصيرة المدى، أو ما يعرف بالنظام البصري الفضائي حسب نموذج الذاكرة العاملة ل Baddeley هو » نظام مسؤول عن التخزين قصير المدى للمعلومات البصرية الفضائية ويشترك في إعادة تنظيم ومعالجة الصور الذهنية، أما وظيفته فتعتمد على نظام التخزين البصري وميكانزيم المراجعة الفضائية.
ويقصد بها إجرائيا الدرجات التي يتحصل عليها التلاميذ في اختبار الذاكرة البصرية (اختبار المستقيمات).
2.2.1. صعوبات القراءة
يرى (Katz, & Carlisle, 2009) حسب ما ورد في : (عبد الله محمد ومعروف، 2020) أن :
«صعوبات القراءة هي قصور واضح ومستمر في القدرة على التقدم في قراءة الكلمات المطبوعة بحيث يحول بطء تقدم الطالب في النطق والطلاقة وعدم القدرة على فهم المعنى، فهي عجز جزئي في القدرة على القراءة أو فهم ما يقوم التلميذ بقراءته، وأن يكون هذا العجز مستمرًا ولا يتناسب مع القدرة العقلية والصف الدراسي، ويستبعد التلاميذ الذين ترجع صعوبات القراءة لديهم إلى القدرة العقلية المنخفضة أو الإعاقة السمعية والبصرية أو الاضطرابات الانفعالية أو الاضطرابات الناتجة عن ظروف اجتماعية سيئة».
ويقصد إجرائيا بالتلاميذ ذوي صعوبات القراءة في الدراسة الحالية: الدرجات التي يتحصلون عليها في اختبار القراءة نص العطلة للباحثة صليحة غلاب، إضافة إلى استبعاد العوامل التي تحددت من خلال الأدب النظري، كضعف الحواس، نقص الذكاء، عدم ملائمة الفرص الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية.
3.1. إجراءات الدراسة الميدانية
-
منهج الدراسة: للقيام بهذه الدراسة تم الاعتماد على المنهج شبه التجريبي (التصميم التجريبي مع حالات فردية)، لمناسبته للدراسة الحالية. حيث يستخدم في بناء هذه التصميمات المنطق نفسه المستخدم في بناء تصميمات البحث التجريبية الحقيقية، ويعتمد هذا التصميم على مجموعة واحدة بقياس قبلي وبعدي (الدامغ، 1999).
-
مجموعة الدراسة: تتكون مجموعة الدراسة من 5 تلاميذ يعانون من صعوبات القراءة، يتراوح سنهم من 8 إلى 12 سنة، يدرسون في الطور الثاني من التعليم الابتدائي، وتم اختيارهم بطريقة قصدية بحيث يجب أن تتوفر فيهم بعض الشروط والتي ندرجها فيما يلي:
-
السن: يجب أن يكون عمر الأطفال يتراوح بين 8 سنوات إلى 12 سنة.
-
مستوى الذكاء: يجب أن يكون عادي أو فوق العادي.
-
المستوى الدراسي: أن يكونوا متمدرسين في الطور الثاني من التعليم الابتدائي، وقمنا باختيار هذه المستويات الدراسية: لأنه يتم الكشف عن الصعوبات الأكاديمية بعد سنتين من التمدرس.
-
عدم وجود إعاقات حسية.
-
ملائمة الفرص الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية.
-
زمان ومكان الدراسة: قمنا بإجراء الدراسة بداية من أواخر شهر ديسمبر 2022 إلى غاية شهر جوان 2022، بالمدرسة الابتدائية ولد اعمر مسعود بولاية البويرة.
4.1. أدوات الدراسة
-
أدوات تشخيص صعوبات القراءة: لتشخيص صعوبات القراءة تم تطبيق مجموعة من الأدوات، كالمقابلة، الملاحظة، الميزانية النفسية العصبية، اختبار القراءة نص العطلة للباحثة (غلاب قزادري،2012)، اختبار الذكاء، واستمارة المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للآسرة، كما سيتم تطبيق اختبار المستقيمات لتقييم وظيفة الذاكرة البصرية الفضائية.
-
أدوات تشخيص صعوبات الذاكرة البصرية الفضائية: قصد التحقق من الفرضية المطروحة سنعتمد في الدراسة الحالية على:
-
اختبار المستقيمات : صمم هذا الاختبار من طرف Baddeley، لقياس النظام البصري الفضائي، وكيف على البيئة الجزائرية من طرف قاسمي أمال 2001، وهو عبارة عن شبكة عليها نقطتين متجهتين في محور معين وعلى الطفل أن يكمل بوضع الخط واللون المناسب بالإشارة بأصبعه أين يضع النقطة الثالثة وعليه أن يحتفظ في ذاكرته بتموضع الخط واللون الذي كونه بالنقاط لان عليه إعادة بنائه فيما بعد على شبكة فارغة. يحتوي هذا الاختبار على 42 شبكة.
-
هدف الاختبار : يهدف هذا الاختبار إلى قياس الذاكرة العاملة على المستوى الفضائي المكاني.
-
بنية الاختبار: يتكون الاختبار من 5 سلاسل من الشبكات، بدءا بشبكتين، إلى غاية خمس شبكات، وفي نهاية كل شبكة يوجد شبكة فارغة من اجل الاسترجاع.
-
التعليمة: «أكمل بواسطة أصبعك رسم الخط وذلك بوضع النقطة الثالثة، ثم احتفظ بالوضعية لكي تعيدها في الأخير على الشبكة الفارغة على شكل مستقيمات، كما عليك الاحتفاظ بترتيب ألوان المستقيمات.»
-
التنقيط: تعطى نقطة واحة لكل إجابة صحيحة (استرجاع الإجابة الصحيحة والترتيب الصحيح).
-
تعطى 0 نقطة في حالة الإجابة الخاطئة. (استرجاع خاطئ وترتيب خاطئ، استرجاع صحيح وترتيب خاطئ، استرجاع خاطئ وترتيب صحيح).
5.1. الأداة العلاجية
لعلاج صعوبات الذاكرة البصرية الفضائية تم بناء برنامج علاجي استنادا إلى أسس نفسية عصبية، ويحتوي هذا الأخير على مجموعة من الأنشطة التي تنطلق من فكرة تنشيط المناطق الدماغية المسؤولة عن الوظيفة المعرفية المضطربة، وبالتالي إعادة التنظيم الهندسي للمخ، ويسمح التنشيط المتكرر والمكثف للأنشطة المقترحة بزيادة القدرة الوظيفية ويسهل إعادة التنظيم القشري
-
أهدافها: يهدف هذا البرنامج العلاجي إلى زيادة القدرة على تخزين المعلومات في الذاكرة البصرية الفضائية.
-
مدة التطبيق: تم تخصيص 16 حصة من أجل تطبيق البرنامج العلاجي، الذي كان بوقع حصتين في الأسبوع، مدة كل حصة تتراوح من 40 إلى 50 دقيقة.
1.5.1. محتوى الحصص العلاجية وتوزيعها الزمني
-
الحصة الأولى: التدريب على التخزين والاسترجاع البصري المكاني للصور. بحيث سنقدم للطفل بطاقات تحمل صور في ترتيب معين لمدة قصيرة، نبدأ العمل بصورتين، ثم نزيد عدد الصور في كل مرة حتى نصل إلى سبعة صور، وعلى الطفل أن يحتفظ بها، ثم أقدم له نفس البطاقات بطريقة غير مرتبة مفروقة بصور أخرى لم أقدمها له، وعليه إيجاد الصور التي رآها سابقا وترتيبها. نعمل في هذه الحصة على زيادة العبء الذهني تدريجيا.
-
الحصة الثانية: نعيد نفس التمرين باستعمال صور أخرى، لكن هذه المرة نريد العبء الذهني مباشرة، بحيث نقدم للطفل 7 صور، وعليه أن يتعرف عليها ويسترجعها بالترتيب من بين صور أخرى نعرضها عليه.
-
الحصة الثالثة: التدريب على التخزين البصري المكاني للمثيرات وهذا من خلال عرض جداول بها خانات (مستطيلات) ملونة من اجل تخزينها، وجداول مطابقة للجداول المخزنة وفي كل جدول تنقص خانة، لا بد من تكملتها (استرجاع الشكل كما قدم).
-
الحصة الرابعة: نعيد تطبيق أنشطة مشابهة للأنشطة التي تم تطبيقها في الحصة السابقة بغرض تدريب الحالات أكثر وزيادة وحدة الحفظ البصري الفضائي.
-
الحصة الخامسة: التدريب على التخزين البصري المكاني من خلال عرض جداول بها نقاط، نقدمها للحالة من أجل تخزينها مدة معينة، بعد ذلك نعطيها نموذج فارغ من اجل استرجاع النقاط ضمن الجدول الفارغ الذي نقدمه لها.
-
الحصة السادسة: التدريب أكثر بواسطة أنشطة أخرى مشابهة، مع التدرج في الصعوبة بالنسبة للأنشطة.
-
الحصة السابعة: نعيد تطبيق أنشطة مشابهة للأنشطة المطبقة في الحصة السابقة باستعمال جداول أخرى مختلفة.
-
الحصة الثامنة: التخزين البصري المكاني من خلال عرض جداول بها أشكال ملونة بألوان مختلفة، نقدمها للحالة من اجل تخزينها مدة معينة، بعد ذلك نعطيها نموذج فارغ من اجل استرجاع أماكن وألوان الأشكال ضمن الجدول.
-
الحصة التاسعة: إعادة نفس النشاط، مع زيادة عدد الأشكال الملونة والتنويع في أماكنها ( التدرج في الصعوبة).
-
الحصة العاشرة: التدريب على زيادة قدرة الطفل على التخزين البصري المكاني للأشكال بعد رؤيتها، من خلال تعيين الطفل للمربعات التي بها نفس عدد النقاط التي يحملها المكعب الذي رآه.
-
الحصة الحادية عشر: تكثيف التدريب من خلال استعمال أنشطة أخرى مشابهة للأنشطة المستعملة في الحصة السابقة.
-
الحصة الثانية عشر: التدريب على زيادة قدرة الطفل على التخزين البصري المكاني للأشكال بعد رؤيتها، من خلال نماذج تعرض عليه، ثم يعطى له نموذج فارغ به بعض النقاط لمساعدته على إعادة رسم الشكل.
-
الحصة الثالثة عشر: يتم تطبيق أنشطة مشابهة للأنشطة السابقة من أجل تدريب الحالات أكثر.
-
الحصة الرابعة عشر: مضاعفة قدرة الطفل على التخزين والمعالجة البصرية المكانية للمثيرات من خلال عرض صورة لرف يحتوي على لعب وعليه رسم خطوط من مجموعة اللعب إلى الرفوف التي تنتمي إليها.
-
الرابعة الخامسة عشر: يتم إعادة نفس النشاط السابق مع إدراج ألعاب أخرى لا تنتمي إلى الألعاب الموجودة على الرفوف.
-
الحصة السادسة عشر: إعادة تطبيق أنشطة متنوعة من الحصص السابقة، من أجل اختبار مدى تمكن الحالات من التخزين والاسترجاع والمعالجة البصرية المكانية للمثيرات.
2.5.1. تحكيم البرنامج العلاجي
قمنا بعرض البرنامج العلاجي في صورته الأولية على 10 أساتذة محكمين مختصين في علم النفس المعرفي وعلم النفس العصبي وعلم النفس التربوي، من جامعة البويرة، وجامعة الجزائر 2، للحكم على مدى ملائمة الأنشطة للفئة العمرية المستهدفة، ومدى تحقيق كل نشاط لأهدافه. وقد اجمع المحكمون على أن هذا البرنامج ملائم لما صمم من اجله.
2. عرض وتحليل النتائج ومناقشتها
1.2. عرض النتائج
لمعرفة فعالية العلاج النفس العصبي في تحسين الذاكرة البصرية المكانية لدى التلاميذ ذوي صعوبات القراءة، تم صياغة الفرضية التي مفادها «توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات التلاميذ ذوي صعوبات القراءة في القياس القبلي والبعدي بالنسبة لاختبار الذاكرة البصرية (اختبار المستقيمات)».
وفي الجدول الموالي سنعرض نتائج أفراد مجموعة البحث في القياسين القبلي والبعدي لاختبار المستقيمات.
الجدول 1 : يوضح دلالة الفروق بين متوسطي درجات التلاميذ ذوي صعوبات القراءة في القياسين القبلي والبعدي بالنسبة لاختبار المستقيمات
مستوى الدلالة |
قيمة t |
الانحراف المعياري |
المتوسط الحسابي |
عدد أفراد العينة |
القياس |
0.05 |
-15.49 |
1.20 |
19.33 |
6 |
القبلي |
1.96 |
27.33 |
6 |
البعدي |
المصدر: المؤلف،2022
يتضح من الجدول انه توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات التلاميذ ذوي صعوبات القراءة في القياس القبلي والقياس البعدي بالنسبة لاختبار المستقيمات لصالح القياس البعدي، بحيث قدر المتوسط الحسابي للقياس القبلي ب 19.33، والانحراف المعياري قدر ب 1.20، بينما قدر المتوسط الحسابي في القياس البعدي ب 27.33، بانحراف معياري قدره 1.96، وبلغت قيمة t المحسوبة -15.49 ووهي قيمة دالة عند مستوى الدلالة (0.05).
ويمكن توضيح نتائج الفروق بين متوسطات درجات التلاميذ ذوي صعوبات القراءة في اختبار المستقيمات في الرسم البياني التالي:
يتضح من الشكل أن نتائج الحالات تحسنت في القياس البعدي مقارنة بما كانت عليه في القياس القبلي، نتيجة للتدريب الذي قمنا به على أفراد مجموعة البحث. وبالرغم من أن التحسن لم يكن كبيرا إلا أنه يثبت فعالية البرنامج الذي تم تطبيقه.
2.2. تفسير ومناقشة النتائج
نصت الفرضية العامة لهذه الدراسة على أن: للعلاج النفسي العصبي فعالية في تحسين صعوبات الذاكرة البصرية الفضائية لدى التلاميذ الذين يعانون من صعوبات القراءة.
وللإجابة عنها تمت صياغة فرضية مفادها أنه توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات التلاميذ ذوي صعوبات القراءة في القياسين القبلي والبعدي بالنسبة لاختبار الذاكرة بصرية (اختبار المستقيمات).
وأسفرت نتائج تطبيق اختبار (t)، عن وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات التلاميذ ذوي صعوبات القراءة، في القياسين القبلي والبعدي لصالح القياس البعدي، بحيث قدرت نتيجة اختبار (t)، بـ -15.49، وهي قيمة دالة عند مستوى الدلالة (0.05).
هذه النتائج المحصل عليها تؤكد فعالية العلاج النفسي العصبي في تحسين قدرة الحالات في الذاكرة البصرية الفضائية قصيرة المدى، حيث أن التدريب الذي قمنا به، ساهم في زيادة وحدة الحفظ البصري الفضائي، وهذا ما جعل نتائج الحالات في القياس البعدي أحسن من نتائج القياس القبلي.
وبالرغم من أن التحسن لم يكن كبيرا، إلا أن هذه النتائج مشجعة نظرا للفترة التي تم فيها تطبيق البرنامج والتي لم تتجاوز شهرين، ونحن نعلم أن التكيف العصبي لا يحدث بشكل كبير إلا بعد خضوع الحالات لمدة 6 أشهر وبوتيرة مكثفة.
و تتفق النتائج التي توصلنا إليها مثلما ورد في: (لوزاعي، 2017) مع نتائج بعض الدراسات مثل دراسة Wersterberg وKlinberg(2003)، حيث قاما بتدريب الحالات على مهام الذاكرة العاملة البصرية الفضائية، مهام وحدة الحفظ للأرقام والحروف والكلمات عديمة المعنى. وأثبتت النتائج تحسن كفاءة الحالات في المهام التي دربت عليها (Aubin et al., 2007: 198- 199).
كما تتفق مع دراسة Olsen وآخرون (2003) والتي تم فيها تدريب 3 حالات على إنجاز ثلاث مهام للذاكرة العاملة البصرية الفضائية خلال 5 أسابيع وفي نهاية فترة التدريب، لاحظوا وجود تحسن ملحوظ لديها، حيث كشفت تقنيات التصوير الدماغي الوظيفي عن مضاعفة النشاط في القشرة قبل الجبهية، كما لوحظ زيادة نشاط المناطق قبل الجبهية (التلفيف الدماغي الجبهي الأيمن المتوسط) والمناطق الجدارية (القشرة الجدارية السفلى اليمنى والقشرة الجدارية الداخلية الثنائي (Azouvi et al., 2007).
هذه النتائج تعكس أهمية العلاج النفسي العصبي في تحسين الذاكرة البصرية الفضائية، وهذا التدريب حسب ما أشارت إليه الدراسات التي أجريت بواسطة التصوير البوزيتروني وتقنيات التصوير الدماغي الوظيفي، ينشط النصف الأيمن من المخ وبالتالي فان مناطق مختلفة يمكنها أن تنشط في المخ(Smith et al., 1996: 11)، كما أن التدريب على المهام البصرية الفضائية حسب دراسة Olsen وآخرون (2003) ينشط المناطق قبل الجبهية ( التلفيف الدماغي الجبهي الأيمن المتوسط) والمناطق الجدارية (القشرة الجدارية السفلى اليمنى والقشرة الجدارية الداخلية الثنائية) (Azouvi et al., 2007).
وبما أن الأنشطة التي تضمنها البرنامج العلاجي الذي قمنا بتطبيقه على أفراد مجموعة البحث، هي أنشطة تعمل على تحسين الذاكرة البصرية الفضائية، فإننا نتوقع تحسن النشاط العصبي في تلك المناطق الدماغية.
هذه النتائج التي تحصلنا عليها تبين تحقق فرضية الدراسة، وبالتالي فان العلاج النفسي العصبي له فعالية في تحسين الذاكرة البصرية الفضائية لدى التلاميذ ذوي صعوبات التعلم.
خاتمة
تلعب الذاكرة البصرية الفضائية دورا هاما في المهارات الأكاديمية ومن بينها القراءة، لذلك أثبتت الدراسات ان التلاميذ ذوي صعوبات التعلم يواجهون صعوبات واضحة في العمليات التي تتطلب الاعتماد على الذاكرة البصرية الفضائية، ومن منها القراءة.
وبعد تطبيق اختبار الذاكرة البصرية الفضائية على أفراد مجموعة بحثنا، توصلنا إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات التلاميذ ذوي صعوبات القراءة في القياسين القبلي والبعدي بالنسبة لاختبار المستقيمات. وهذا ما يثبت فعالية العلاج النفسي العصبي في تحسين صعوبات الذاكرة البصرية الفضائية لدى التلاميذ الذين يعانون من صعوبات القراءة.
وبالرغم من هذا التحسن إلا أن الحالات مازالت بحاجة إلى التدريب أكثر على وظيفة الذاكرة البصرية الفضائية، لأن العلاج النفسي العصبي يحتاج إلى وقت طويل وعمل مكثف من أجل أن يتحسن النشاط العصبي بشكل أفضل.
وتبقى النتائج التي تحصلنا عليها غير قابلة للتعميم نظرا لصغر حجم مجموعة البحث، لذلك نوصي ب:
-
توسيع العينة التجريبية على عدد أكبر من الحالات التي تعاني من صعوبات القراءة.
-
العمل على تدريب الأطفال على مهام الذاكرة البصرية الفضائية في مرحلة الروضة، لأن ذلك من شأنه أن يساهم في تدارك صعوبات التعلم الأكاديمية التي يمكن أن تعترض التلميذ في المدرسة.
-
ضرورة الكشف والتكفل المبكر بالحالات التي تعاني من صعوبات في الذاكرة البصرية الفضائية، لتفادي وقوع التلميذ في الصعوبات الأكاديمية على اختلاف أنواعها: قراءة، كتابة، أو حساب.