خبرات إساءة المعاملة الأسرية في طفولة الأحداث الجانحين

دراسة ميدانية بمراكز رعاية الأحداث بالجزائر

Experiences of Family Abuse in The Childhood of Juvenile Delinquents. A Field Study in Juvenile Care Centers in Algeria

Maltraitance familiale dans l'enfance des jeunes délinquants. Une étude de terrain dans les centres de soins pour mineurs en Algérie

سامية شينار – Chinar Samia-

p. 401-416

Citer cet article

Référence papier

سامية شينار – Chinar Samia-, « خبرات إساءة المعاملة الأسرية في طفولة الأحداث الجانحين », Aleph, 10 (1) | 2023, 401-416.

Référence électronique

سامية شينار – Chinar Samia-, « خبرات إساءة المعاملة الأسرية في طفولة الأحداث الجانحين », Aleph [En ligne], 10 (1) | 2023, mis en ligne le 30 décembre 2022, consulté le 21 novembre 2024. URL : https://aleph.edinum.org/7723

هدفت الدراسة لتقصي حجم وأنواع خبرات الإساءة التي تعرض لها الأحداث الجانحون في طفولتهم باعتبارهم الفئة الأكثر خصوبة لتقصي آثار إساءة المعاملة الأسرية، ومعرفة حجم إساءة كل من الأب والأم والإخوة إلى عينة الدراسة، وكذا التعرف على أي الجنسين من عينة الدراسة أكثر تعرضا للإساءة في الطفولة.

وأجريت هذه الدراسة على عينة قوامها 91 حدثا جانحا (68 ذكور و23 إناث)، نزلاء في 7مراكز للأحداث موزعة على 5 ولايات في الشرق الجزائري (باتنة، سطيف، قسنطينة، خنشلة، أم البواقي)، وباستخدام المنهج الوصفي، والاستعانة بقائمة خبرات الإساءة في الطفولة بصورها الثلاث (صورة الأب، صورة الأم، صورة الإخوة) لبشير معمرية 2007، توصلت النتائج إلى أن أكثر الإساءات التي تعرضت لها عينة الدراسة هي الإهمال والإساءة اللفظية والبدنية، وأنه لا توجد فروق بين إساءة الأب وإساءة الأم وإساءة الإخوة لدى عينة الدراسة، كما أنه توجد فروق بين الذكور والإناث في تعرضهم للإساءة في الطفولة لصالح الإناث.

L’étude visait à enquêter sur la quantité et le type d’expériences d’abus vécues par les jeunes délinquants dans leur enfance, d’identifier l’étendue des abus de la part du père, de la mère et des frères, et d’identifier le sexe de l’échantillon de l’étude qui souffre le plus de maltraitance infantile.
Cette étude a été menée sur un échantillon de 91 jeunes délinquants (68 garçons et 23 filles), issus de 7 centres pour mineurs répartis sur 5 Wilaya de l’est Algérien (Batna, Sétif, Constantine, Khenchela, Oum El Bouaghi). En utilisant l’approche descriptive, et la liste d’expériences d’abus pendant l’enfance sous ses trois formes : du père, de la mère, des frères, par Bashir Maamariah 2007. Les résultats ont montré que les abus les plus subis par l’échantillon de l’étude étaient la négligence et les abus verbaux et physiques ; et qu’il n’y avait pas différences entre les abus du père, de la mère et des frères ; et il y avait des différences entre les sexes dans leur exposition à l’abus dans l’enfance en faveur des filles.

The study aimed to investigate the amount and type of abuse experiences experienced by juvenile delinquents in their childhood, to identify the extent of abuse on the part of the father, mother, and brothers, and to identify which gender from the study sample suffers more from childhood abuse.
This study was conducted on a sample of 91 juvenile delinquents (68 males and 23 females), from 7 juvenile centers distributed over 5 states in eastern Algeria (Batna, Sétif, Constantine, Khenchela, Oum El Bouaghi). Using the descriptive approach, and a list of childhood abuse experiences in its three forms: of father, mother, brothers, by Bashir Maamaria 2007. The results showed that the most abuse suffered
by the study sample was neglect and verbal and physical abuse, and that there were no differences between the abuse of the father, mother and brothers, and there were gender differences in their exposure to abuse in favor of females.

مقدمة

يؤكد علماء النفس أن طفولة الإنسان هي أهم مرحلة من مراحل حياته، لأنها المرحلة التي يتحدد فيها مفهوم هذا الإنسان للحياة ونظرته إليها، حيث يتعرض الطفل بمجرد ولادته إلى سيل عارم من المثيرات الداخلية والخارجية، ويكون عاجزا تماما عن ترجمة هذه المثيرات أو الاستجابة لها استجابة ملائمة نظرا لضعفه وهشاشة بنيته النفسية، لذلك يكون بحاجة إلى أفراد آخرين يقدمون له الرعاية والاهتمام، ويساعدونه على ضمان نمو سليم يسمح بتطوير قدراته وإشباع حاجاته المختلفة. وللتمكن من ذلك فهو بحاجة إلى أسرة ترعاه وتحميه إلى أن يبلغ النضج، فتواجد الطفل ضمن أسرة يكفل له الحماية والتوازن النفسي والتوافق الاجتماعي. «فالطفل عبارة عن منتج اجتماعي بمعنى أنه حصيلة مدخلات ومخرجات مادية واجتماعية ونفسية وحتى عقائدية» (حمزة، 2000، 148)، حيث أن الطفل يتأثر خلال نموه البيولوجي وتفاعله النفسي والاجتماعي بالعوامل والظروف التي تحيط به وتحكمه داخل الأسرة باعتباره عضوا فيها يستدخل قيمها ومعتقداتها ويستجيب لتفاعلاتها وفق قوانينها.

ويكون دور الأسرة حاسما وكبيرا في السنوات الأولى من حياة الطفل لأنه يرتبط بوالديه ارتباطا كبيرا، فيشعر أنهما الملجأ الوحيد له من أي خطر يهدده. وعندما يشعر بوجود الأمن والحماية والرعاية معهما، يصبح مستعدا لمواجهة تحديات النمو، وتتوثق علاقاته بأفراد أسرته مما يشعره بالراحة النفسية، ويسهم ذلك في نمو شخصيته في طريق السواء في بقية مراحل حياته.

ولكن في بعض الأحيان لا تسير الأمور بهذا الشكل الإيجابي، فقد يتعرض الطفل للخطر والأذى والإساءة بأنواعها المختلفة، ويحدث هذا كثيرا للأطفال في كل مجتمعات العالم، حيث يتعرض الأطفال لأصناف التعذيب والإهمال الوالدي والحرمان والإهانة، مما يؤثر سلبا على إشباع حاجاتهم الأساسية جسديا ونفسيا. (معمرية، 2007، 7-8)

وقد عرف كيمب C.H.Kempe 1962 الإساءة للطفل على أنها فعل عنيف يؤدي إلى الإصابات أو الجروح التي يمكن ملاحظتها إكلينيكيا. كما عرف المركز القومي الأمريكي للصحة النفسية الطفل المساء إليه على أنه كل طفل تحت سن الثامنة عشر يتعرض للجروح الجسدية أو العقلية، أو للاعتداء الجنسي أو الإهمال، أو إساءة معاملته من الشخص المسؤول عن رعايته، بحيث تؤدي إلى الإضرار بالطفل أو التهديد لصحته وسعادته.( معمرية، 2007، 12)

وتتعدد أشكال الإساءة الممارسة على الطفل من الإهمال والحرمان والإساءة اللفظية إلى الإساءة الجنسية والجسدية البسيطة، وصولا إلى الاعتداء الوحشي كالضرب المبرح والحرق وتكسير العظام والخنق من قبل الراشدين أو الأولياء. وتشير الإحصاءات أن من 6٪ إلى 10 ٪ من الأطفال يتعرضون للاعتداء وعادة ما يكون المعتدي الأم أو الأب. (Ariès,1997,168)

وتشير التقارير إلى ارتفاع ظاهرة إساءة معاملة الطفل، حيث جاء في دراسة حول «تعزيز حقوق الأطفال وحمايتها » مقدمة للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الواحدة والستون لسنة 2006 أن: (الدورة 61للأمم المتحدة، 2006)

  • عدد الأطفال الذين يتعرضون للعنف الأسري، سنويا على نطاق العالم، بما يتراوح بين 133و 275 مليون طفل.

  • ما يتراوح بين 80 إلى 98 في المائة من الأطفال يعانون من العقوبة البدنية في منازلهم مع معاناة الثلث أو أكثر من العقوبة البدنية القاسية الناتجة عن استخدام أدوات.

  • 150 مليون فتاة و73 مليون صبي تحت سن الثامنة عشرة عانوا من علاقة جنسية قسرية أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي أثناء عام 2002.

  • الأطفال في سنواتهم الأولى هم الأكثر عرضة لمخاطر العنف الجسدي، بينما يصيب معظم الضرر الناتج عن العنف الجنسي الأطفال الذين وصلوا سن البلوغ أو المراهقة.

  • الأولاد أكثر عرضة لمخاطر العنف الجسدي من البنات، بينما تواجه البنات قدرا أكبر من مخاطر العنف الجنسي والإهمال والبغاء القسري.

  • تؤدي أنماط السلوك الاجتماعي والثقافي، والنماذج النمطية للأدوار، والعوامل الاجتماعية والاقتصادية، كمستوى الدخل والتعليم مثلا، دورا هاما أيضا.

  • ومع ذلك تبقى الأرقام الحقيقية لإساءة معاملة الطفل غير معروفة بدقة، ذلك أن الإحصائيات الجنائية –خاصة العربية منها- مرتبطة بعدة أسباب، أهمها:

  • قد لا يأخذ الوالدين الطفل إلى مركز الرعاية الصحية.

  • الوالدين متكرري الإساءة قد يغيّران المستشفى أو الطبيب المعالج تفاديا لتصنيفهم كمسيئين، ووقوعهم تحت طائلة القانون، ويحاولان إظهار ما وقع لأطفالهم من أذى وضرر على أنه حادث.

  • نوع الإساءة الحادثة قد لا يمكن اكتشافها بسهولة.

  • تعريفات الإساءة تختلف باختلاف المنطقة الجغرافية وباختلاف المؤسسة الصحية العامة.

  • خصوصية الطفل في المجتمع العربي الذي يعيش تقوقعا تاما ضمن أسرته، فما يحدث له داخل الأسرة لا يخرج عن نطاقها.

  • العيب الاجتماعي في الإبلاغ عن الإساءة، والحرص على إخفاء كل أنواع الإساءات داخل نطاق الأسرة وعدم الخروج بها إلى العلن. (أبو شامة والبشري، 2005، 113)

والطفل المتعرض للإساءة قد تظهر عليه آثارها آنيا في شكل اضطرابات سلوكية، ولكن عادة ما يختزن الطفل خبرات الإساءة المؤلمة لتظهر آثارها عليه فيما بعد في مرحلة المراهقة أو النضج حين تجد لها متنفسا غالبا يكون انحرافا سلوكيا فيما يعرف بالجنوح. حيث أن العديد من الدراسات حاولت تفسير جنوح الأحداث بربطه بعوامل وأساليب المعاملة الأسرية خاصة الوالدية منها، كدراسة أمينة القندوز 2007 حول أساليب التنشئة الأسرية وعلاقتها بجنوح الأحداث، حيث أظهرت النتائج شدة العلاقة الارتباطية للمعاملة السيئة للأطفال في الأسرة بميلهم المستقبلي إلى الجنوح. (القندوز، 2008)

والجنوح هو تعبير يعني عادة انتهاك الأحداث (الصبية الذين لم يتجاوزوا سن الرشد الجنائي) للقانون، ويشمل تلك الأفعال التي تعتبر جرائم إذا قام بارتكابها البالغون، وأيضا تلك الأفعال التي تعتبر غير الأوبئة قانونية فقط للأحداث دون سن الرشد الجنائي، مثل شراء المشروبات الكحولية في البلاد التي لا تمنع قوانينها تعاطي المشروبات الكحولية للكبار. ويستخدم معظم الناس تعبير جنوح الأحداث ليشمل أي شيء يقوم بها الأحداث يتعارض مع معايير المجتمع وقيمه المتعارف عليها، بغض النظر عن كونه قانونيا أو غير قانوني. وقد جاء هذا البحث للتقصي عن خبرات إساءة المعاملة الأسرية في طفولة الأحداث الجانحين، وذلك بالإجابة عن مجموعة من التساؤلات تمثل مشكلة البحث.

1. الإطار العام للدراسة

1.1. الإطار المنهجي والنظري

1.1.1. أهداف الدراسة وأهميتها

  1. مشكلة البحث: جاء هذا البحث للإجابة عن التساؤلات التالية:

  • ما هي أشكال إساءة المعاملة الأسرية التي تعرضت لها عينة الدراسة في الطفولة، سواء من الأب أو الأم أو الإخوة؟

  • هل توجد فروق بين إساءة الأب وإساءة الأم وإساءة الإخوة لدى عينة الدراسة؟

  • هل توجد فروق بين الذكور والإناث من عينة الدراسة في تعرضهم لإساءة المعاملة الأسرية في الطفولة؟

  1. فرضيات البحث:

  • الإهمال والإساءة اللفظية من أكثر أشكال خبرات إساءة المعاملة الأسرية التي تعرضت لها عينة الدراسة في طفولتها.

  • توجد فروق بين إساءة الأب وإساءة الأم وإساءة الإخوة لدى عينة الدراسة.

  • توجد فروق بين الذكور والإناث من عينة الدراسة في تعرضهم لإساءة المعاملة الأسرية في الطفولة.

  1. أهمية البحث: تظهر أهمية هذا البحث في أنه يتناول مرحلة نمو نفسي ذات أهمية بالغة بالنسبة لمراحل النمو المقبلة، من حيث أنها الأساس الذي تبنى عليه جميع مكونات الشخصية جسميا ونفسيا في بقية مراحل العمر. فمرحلة الطفولة بجهلها وضعفها من ناحية، واندفاعها نحو النمو والنضج من ناحية أخرى تمثل مرحلة ذات أهمية كبير بالنسبة لنمو الشخصية في الطريق السوي أو اللاسوي، وفقا لما يتعرض له الفرد في هذه المرحلة من حماية ورعاية واهتمام، أو إساءة وإهمال وحرمان.
    كما تنبع أهمية هذا البحث من كونه يسلط الضوء على ظاهرة اجتماعية تعتبر من أهم الظواهر الإنسانية المنتشرة بين المجتمعات عبر الأزمنة، كما أن هذه الظاهرة تتسم بالغموض والتناقض كونها ترتبط في كثير من الأحيان بمحددات ثقافية واعتبارات مجتمعية. فبالرغم من أن المجتمع يدين انتهاك وإساءة معاملة الأطفال، فإنه يتغاضى عما يتعرض له الطفل من إساءة معاملة داخل المنزل. وتتأكد أهمية هذه الدراسة من خلال عينتها وهم الأحداث الجانحين بالبحث والتدقيق في أنواع الإساءات التي تعرضوا لها في طفولتهم من ذويهم.

  2. أهداف البحث: هدف البحث الحالي إلى:

  • التعرف على أنواع الإساءة التي تعرضت لها عينة الدراسة من طرف والديهم وإخوتهم.

  • التعرف على حجم إساءة معاملة كل من الأب والأم والإخوة إلى عينة الدراسة، وأيهم الأكثر إساءة.

  • التعرف على أي الجنسين من عينة الدراسة أكثر تعرضا لإساءة المعاملة الأسرية في مرحلة الطفولة.

2.1.1. الإجراءات الميدانية 

  1. المنهج: سعيا لتحقيق أهداف البحث، تم استخدام المنهج الوصفي، الذي يقوم على جمع المعلومات والبيانات (خبرات الإساءة) من عينة البحث (الأحداث الجانحين) والتعبير عنها بشكل كمي من خلال المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية والمقارنة بينها من خلال حساب الفروق.

  2. العينة: أجري هذا البحث على عينة قوامها 91 حدثا جانحا (68 ذكور و23 إناث)، تراوح سنهم بين 8 و21 سنة، نزلاء في 7مراكز للأحداث موزعة على 5 ولايات في الجزائر (باتنة، سطيف، قسنطينة، خنشلة، أم البواقي)، وفيما يلي جدول يوضح توزعهم في كل مركز:

جدول رقم 1. يبين عدد أفراد عينة الدراسة في كل مركز

المركز

عدد الأحداث النزلاء

مركز إعادة التربية إناث – باتنة

14

مركز إعادة التربية إناث – قسنطينة

09

مركز إعادة التربية ذكور - سطيف

10

مركز إعادة التربية ذكور – عين مليلة

10

مركز حماية الطفولة ذكور – باتنة

23

مركز حماية الطفولة ذكور- العلمة

10

المركز المتخصص لرعاية الشباب – خنشلة

15

العدد الكلي

91

  1. أدوات البحث: للإجابة عن أسئلة البحث تم الاستعانة بقائمة خبرات الإساءة في الطفولة وهي من إعداد بشير معمرية (2007)، وتتكون من 57 عبارة موزعة بالترتيب على خمسة أشكال للإساءة وهي: الإساءة البدنية: 18 عبارة -الإساءة اللفظية: 15 عبارة -الإساءة الجنسية: 7 عبارات -الإهمال: 11 عبارات - الحرمان: 6 عبارات .ويجاب عنها وفق ثلاث بدائل تصحح كما يلي: لا =0، قليلا =1، كثيرا =2.

وتتمتع قائمة خبرات الإساءة في الطفولة بخصائص سيكومترية جيدة، حيث قام مصمم المقياس بحساب صدق القائمة بطريقة قدرتها على التمييز، فجاءت قيم « ت » لأشكال الإساءة الخمسة تتراوح بين 9.54-7.10، وكلها دالة إحصائيا عند مستوى 0.01. أما الثبات فتم حسابه بمعامل ألفا لكرونباخ، وجاءت قيم المعاملات الخمسة للإساءة تتراوح بين 0.53-0.62، وكلها مرتفعة ومقبولة، مما يجعل القائمة تتمتع بصدق وثبات جيدين.

2.1.مصطلحات الدراسة

  1. مرحلة الطفولة: هي المرحلة الأولى في حياة الكائن الإنسان، حيث يشهد فيها مجموعة من عمليات النمو على جميع الأصعدة. وهي تمتد من الولادة إلى 12سنة.

  2. إساءة المعاملة الأسرية: ويتضمن هذا المفهوم كل فعل أو فشل في فعل من شأنه تعريض صحة وتطور الطفل النفسي والجسدي للخطر. وهناك صور متعددة للإساءة للطفل هي:

  • الإساءة البدنية: أفعال يقوم بها الوالدان معا أو أحدهما أو الإخوة، تتسم بالعنف الموجه نحو الطفل مما يؤدي لإصابته بأذى جسدي، « ومن المظاهر الشائعة لهذه الإساءة (الكدمات - التجمع الدموي - الحروق - الجروح - الخدوش) فى أماكن مختلفة من الجسم » (سهى أمين، 2001، 36)

  • الإساءة اللفظية: أقوال يوجهها الوالدان أو أحدهما أو الإخوة تتسم بالعنف والصراخ والتوبيخ والاستهزاء والشتم بألفاظ قبيحة تؤذي الطفل نفسيا.

  • الإساءة الجنسية: «تتضمن القيام بأفعال تتراوح بين الإساءة غير اللمسية، مثل الاستعراض أمام الطفل بإظهار الأعضاء الجنسية، أو عرض مواقف جنسية، أو التحرشات الجنسية كلمس العضو الجنسي أو القيام بالفعل الجنسي مع الطفل » . (بشير معمرية، 2007، 13)

  • الإهمال: هو الفشل في إمداد الطفل باحتياجاته الأساسية الجسمانية أو التعليمية أو العاطفية ومن ذلك عدم الإمداد الكافي بالطعام أو توفير المأوى المناسب أو الملابس الملائمة أو الطرد من المنزل أو رفض تقديم الرعاية الطبية أو تأخيرها والسماح للطفل بالهروب المتكرر من المدرسة أو التشاجر والنزاع بين الكبار في المنزل أمام الطفل. (مسفر القحطاني، 2010)

  • الحرمان: ويقصد به الحرمان العاطفي والجسدي، كالحرمان من العناق والملاطفة، أو الحرمان من الحاجات الأساسية كالنوم والراحة، أو الحرمان من الأب أو من الأم، أو من التعليم ومن اللعب ومن الرعاية الصحية. (بشير معمرية، 2007، 14)

  1. خبرات إساءة المعاملة الأسرية في مرحلة الطفولة: يقصد بها تصرف قد عاشه الحدث في طفولته ضمن محيطه الأسري والذي أثر عليه في نفسيته وسلوكه. وإجرائيا هي الدرجة التي يحصل عليها المفحوص على قائمة خبرات الإساءة التي أعدها بشير معمرية 2007.

2. عرض نتائج البحث

1.2. عرض نتائج الفرضية الأولى

وقد نصت على: «الإهمال والإساءة اللفظية من أكثر أشكال إساءة المعاملة الأسرية التي تعرضت لها عينة الدراسة في طفولتها»

وللتحقق من صدق الفرضية تم حساب التكرارات والمتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للعينة الكلية لكل شكل من أشكال الإساءة سواء للأب أو للأم أو للإخوة، ثم تم تفصيل ذلك بحسب الجنس (ذكور/إناث).

1.1.2. العينة الكلية: ن =91

جدول رقم 2. يبين ترتيب أشكال إساءة المعاملة الأسرية من حيث الأشكال ومصادرها لدى عينة البحث وفقا للمتوسطات الحسابية

أشكال الإساءة في الطفولة من حيث الأنواع ومصادرها

التكرارات «ت»

المتوسطات الحسابية «م »

الانحرافات المعيارية «ع »

1- الإهمال (الأب)

701

7.70

7.35

2- الإهمال (الإخوة)

648

7.12

6.17

3- الإساءة اللفظية (الأب)

602

6.61

7.64

4- الإهمال (الأم)

495

5.43

6.24

5- الإساءة البدنية (الأب)

490

5.38

7.00

6- الإساءة اللفظية (الأم)

487

5.35

6.87

7- الإساءة اللفظية (الإخوة)

404

4.43

6.75

8- الإساءة البدنية (الأم)

378

4.15

5.47

9- الإساءة البدنية (الإخوة)

331

3.63

6.25

10- الحرمان (الأب)

232

2.54

2.94

11- الحرمان (الإخوة)

164

1.80

2.28

12- الحرمان (الأم)

180

1.97

2.66

13- الإساءة الجنسية (الأب)

67

0.73

2.13

14- الإساءة الجنسية (الإخوة)

46

0.50

1.66

15- الإساءة الجنسية (الأم)

25

0.27

0.77

يتبين من الجدول رقم-2- أن الإهمال الصادر من الأب والإخوة والأم وكذا الإساءات اللفظية والبدنية للأب تتصدر قائمة الإساءات، بينما تقاسمت الإساءة اللفظية والبدنية للأم والإخوة المراكز المتوسطة، وحل الحرمان فالإساءة الجنسية في المراكز الأخيرة.

2.1.2. عينة الذكور: ن =68

جدول رقم 3 .يبين ترتيب أشكال إساءة المعاملة الأسرية من حيث الأشكال ومصادرها لدى الذكور من عينة البحث وفقا للمتوسطات الحسابية

أشكال الإساءة في الطفولة من حيث الأنواع ومصادرها

التكرارات «ت»

المتوسطات الحسابية «م »

الانحرافات المعيارية «ع»

1- الإهمال (الأب)

433

6.36

6.90

2- الإهمال (الإخوة)

408

6.00

5.73

3- الإساءة اللفظية (الأب)

372

5.47

6.46

4- الإساءة البدنية (الأب)

313

4.60

6.52

5- الإهمال (الأم)

307

4.51

5.21

6- الإساءة اللفظية (الأم)

291

4.27

5.88

7- الإساءة اللفظية (الإخوة)

265

3.89

6.52

8- الإساءة البدنية (الإخوة)

224

3.29

6.36

9- الإساءة البدنية (الأم)

212

3.11

4.90

10- الحرمان (الأب)

135

1.98

2.59

11- الحرمان (الأم)

106

1.55

2.27

12- الحرمان (الإخوة)

92

1.35

2.06

13- الإساءة الجنسية (الأب)

27

0.39

0.90

14- الإساءة الجنسية (الإخوة)

22

0.32

0.85

15- الإساءة الجنسية (الأم)

13

0.19

0.73

يتبين من الجدول رقم-3- أن الإهمال الصادر من الأب والإخوة والأم وكذا الإساءات اللفظية والبدنية للأب تتصدر قائمة الإساءات، بينما تقاسمت الإساءة اللفظية والبدنية للأم والإخوة المراكز المتوسطة، ووحل الحرمان فالإساءة الجنسية في المراكز الأخيرة.

3.1.2. عينة الإناث: ن =23

جدول رقم4. يبين ترتيب أشكال إساءة المعاملة الأسرية من حيث الأشكال ومصادرها لدى الإناث من عينة البحث وفقا للمتوسطات الحسابية

أشكال الإساءة في الطفولة من حيث الأنواع ومصادرها

التكرارات «ت»

المتوسطات الحسابية «م »

الانحرافات المعيارية «ع»

1- الإهمال (الأب)

268

11.65

7.36

2- الإهمال (الإخوة)

240

10.43

6.35

3- الإساءة اللفظية (الأب)

230

10.00

9.79

4- الإساءة اللفظية (الأم)

196

8.52

8.60

5- الإهمال (الأم)

188

8.17

8.12

6- الإساءة البدنية (الأب)

177

7.69

7.96

7- الإساءة البدنية (الأم)

166

7.21

6.02

8- الإساءة اللفظية (الإخوة)

139

6.04

7.29

9- الإساءة البدنية (الإخوة)

107

4.65

5.92

10- الحرمان (الأب)

97

4.21

3.31

11- الحرمان (الأم)

74

3.21

3.32

12- الحرمان (الإخوة)

72

3.13

2.43

13- الإساءة الجنسية (الأب)

40

1.73

3.84

14- الإساءة الجنسية (الإخوة)

24

1.04

2.94

15- الإساءة الجنسية (الأم)

12

0.52

0.84

يتبين من الجدول رقم-4- أن الإهمال الصادر من الأب والإخوة والأم وكذا الإساءة اللفظية للأب والأم تتصدر قائمة الإساءات، تليها الإساءة البدنية للأب والأم والإخوة وكذا الإساءة اللفظية للإخوة المراكز المتوسطة، وحل الحرمان فالإساءة الجنسية في المراكز الأخيرة.

2.2. عرض نتائج الفرضية الثانية

وقد نصت على: «توجد فروق بين إساءة الأب وإساءة الأم وإساءة الإخوة لدى عينة الدراسة. وللتحقق من صحة هذه الفرضية تم استخدام تحليل التباين الأحادي ANOVA للكشف عن مدى دلالة الفروق بين إساءة الأب وإساءة الأم وإساءة الإخوة».

جدول رقم 5. يبين نتائج تحليل التباين الأحادي لحساب قيمة» ف «لدلالة الفروق بين المتوسطات الحسابية للعينة

الدلالة

قيمة ف

متوسط المربعات

درجة الحرية

مجموع المربعات

غير دالة

2.38

101.41

2

202.83

بين المجموعات

الإساءة بدنية

42.46

210

8918.44

داخل المجموعات

212

9121.27

المجموع

غير دالة

2.45

131.60

2

263.21

بين المجموعات

الإساءة لفظية

53.68

210

11273.44

داخل المجموعات

212

11536.65

المجموع

غير دالة

.600

1.93

2

3.87

بين المجموعات

الإساءة جنسية

3.21

210

675.77

داخل المجموعات

212

679.64

المجموع

غير دالة

.290

14.25

2

28.50

بين المجموعات

الإهمال

47.71

210

10019.04

داخل المجموعات

212

10047.54

المجموع

غير دالة

1.93

14.23

2

28.47

بين المجموعات

الحرمان

7.34

210

1542.70

داخل المجموعات

212

1571.18

المجموع

غير دالة

1.63

754.19

2

1508.39

بين المجموعات

مجموع الإساءات

461.15

210

96841.41

داخل المجموعات

212

98349.81

المجموع

يتبين من الجدول رقم -5- أن قيمة « ف »غير دالة إحصائيا، وهذا يدل على أنه لا توجد فروق بين إساءة الأب وإساءة الأم وإساءة الإخوة لدى عينة الدراسة.

3.2. عرض نتائج الفرضية الثالثة

وقد نصت على:«توجد فروق بين الذكور والإناث من عينة الدراسة في تعرضهم لإساءة المعاملة الأسرية في الطفولة». وللتحقق من صدق هذه الفرضية قامت الباحثة بحساب دلالة الفروق بين المتوسطات باستخدام اختبار«ت» T-test.

جدول رقم 6. يبين قيم «ت» لدلالة الفروق بين متوسطات الذكور والإناث في أشكال إساءة المعاملة الأسرية

الدلالة

قيمة ت

الانحراف

المتوسط

ن

الجنس

أشكال الإساءة في الطفولة

مصادر الإساءة

دالة عند 0.05

*1.85-

6.52

4.60

68

ذكور

الإساءة البدنية

الأب

7.96

7.69

23

إناث

دالة عند 0.01

**2.52-

6.46

5.47

68

ذكور

الإساءة اللفظية

9.79

10.00

23

إناث

دالة عند 0.01

**2.69-

.900

.390

68

ذكور

الإساءة الجنسية

3.84

1.73

23

إناث

دالة عند 0.01

**3.12-

6.90

6.36

68

ذكور

الإهمال

7.36

11.65

23

إناث

دالة عند 0.01

**3.31-

2.59

1.98

68

ذكور

الحرمان

3.31

4.21

23

إناث

دالة عند 0.01

**3.01-

20.94

18.82

68

ذكور

مجموع إساءة الأب

27.13

35.30

23

إناث

دالة عند 0.01

**3.26-

4.90

3.11

68

ذكور

الإساءة البدنية

الأم

6.02

7.21

23

إناث

دالة عند 0.01

**2.64-

5.88

4.27

68

ذكور

الإساءة اللفظية

8.60

8.52

23

إناث

دالة عند 0.05

*1.78-

.730

.190

68

ذكور

الإساءة الجنسية

.840

.520

23

إناث

دالة عند 0.01

**2.50-

5.21

4.51

68

ذكور

الإهمال

8.12

8.17

23

إناث

دالة عند 0.01

**2.66-

2.27

1.55

68

ذكور

الحرمان

3.329

3.21

23

إناث

دالة عند 0.01

**3.27-

15.38

13.66

68

ذكور

مجموع إساءة الأم

23.34

27.65

23

إناث

غير دالة

.89-0

6.36

3.29

68

ذكور

الإساءة البدنية

الإخوة

5.92

4.65

23

إناث

غير دالة

1.32-

6.52

3.89

68

ذكور

الإساءة اللفظية

7.29

6.04

23

إناث

دالة عند 0.05

*1.81-

.850

.320

68

ذكور

الإساءة الجنسية

2.94

1.04

23

إناث

دالة عند 0.01

**3.11-

5.73

6.00

68

ذكور

الإهمال

6.35

10.43

23

إناث

دالة عند 0.01

**3.40-

2.06

1.35

68

ذكور

الحرمان

2.43

3.13

23

إناث

دالة عند 0.01

**2.35-

18.17

14.86

68

ذكور

مجموع إساءة الإخوة

18.97

25.30

23

إناث

دالة عند 0.01

**2.84-

12.68

11.01

68

ذكور

الإساءة البدنية

درجة الإساءة الأسرية الكلية

11.72

19.56

23

إناث

دالة عند 0.01

**2.85-

14.66

13.64

68

ذكور

الإساءة اللفظية

18.93

24.56

23

إناث

دالة عند 0.01

**3.20-

2.13

0.91

68

ذكور

الإساءة الجنسية

4.98

3.30

23

إناث

دالة عند 0.01

**3.59-

14.65

16.88

68

ذكور

الإهمال

17.63

30.26

23

إناث

دالة عند 0.01

**3.81-

5.43

4.89

68

ذكور

الحرمان

7.97

10.56

23

إناث

دالة عند 0.01

**3.71-

42.80

47.35

68

ذكور

مجموع الإساءات

53.52

88.26

23

إناث

يتبين من الجدول رقم6 أن الفروق بين الذكور والإناث في تعرضهم للإساءة دالة إحصائيا عند مستوى0.01 ولصالح الإناث في الإساءة اللفظية والجنسية والإهمال والحرمان للأب، وفي الإساءة البدنية واللفظية والإهمال والحرمان للأم، وفي الإهمال والحرمان للإخوة. ودالة إحصائيا عند مستوى 0.05 ولصالح الإناث أيضا في الإساءة البدنية للأب، والإساءة الجنسية للأم والإخوة. في حين الفروق لم تكن دالة إحصائيا في الإساءة البدنية واللفظية للإخوة.

3. مناقشة النتائج 

1.3. مناقشة نتائج الفرضية الأولى

لقد أظهرت نتائج البحث أن الإهمال ثم الإساءة اللفظية والبدنية من أكثر الإساءات التي تعرضت لها عينة البحث، مما يعني أن أسلوب التربية المسيئة التي خبرها الأحداث الجانحون من عينة البحث، قد اعتمد على القسوة النفسية واللامسؤولية والتجاهل واللامبالاة، إضافة إلى الإساءة بالكلام الجارح والتوبيخ والتهديد والشتم والإهانة، وكذلك الضرب والعقاب البدني.

ويعتبر الإهمال من النماذج الشائعة لإساءة المعاملة في الطفولة، وهو كما بينت الدراسات الشكل الأكثر انتشارا بين أسر الأحداث الجانحين، وهو شكل من أشكال الفشل في تأمين حاجات الطفل الأساسية، ويتمثل في إهمال حاجات الطفل الأساسية الغذائية والعاطفية والتعليمية والصحية. أو تركه بدون حماية من الأخطار، ويشمل عدم أظهار الحب له، وعدم مدحه والثناء عليه أو تشجيعه عندما يتصرف بطريقة مقبولة وعدم التحدث إليه وتجاهله أو عدم مشاركته ألعابه واهتماماته وبمعنى آخر أي معاملة تشعر الطفل على أنه غير مرغوب فيه، أو لا قيمة له، أو غير محبوب أو غير آمن. والتصرف الوحيد للإهمال لا يعتبر إساءة معاملة للطفل، لأن الحدث والخبرة المؤلمة المنعزلة قد لا ينتج عنها شيء، لاحتمال محوها من ذاكرة الطفل عندما يكبر ولكن التكرار هو بدون شك إساءة معاملة.

والإهمال من أشد وأخطر الإساءات ضررا على الطفل، وتكمن خطورته في كونه من جهة يعد نقطة بداية وتطور نحو أشكال الإساءة الأخرى، ومن جهة أخرى الإهمال متضمن وكامن في أشكال الإساءات الأخرى. كما أن الإهمال له صفة الديمومة بعكس بعض الإساءات الأخرى كالإساءة الجسدية والإساءة الجنسية التي تمارس على الطفل بشكل متقطع. إضافة إلى ذلك فملاحظة الإهمال أقل تحديدا وأكثر صعوبة في إثباته عند الجهات المسؤولة مقارنة ببعض الإساءات الأخرى.

وبالنسبة للإساءة اللفظية فهي كل سلوك من شأنه إيذاء مشاعر الطفل وإحساسه بذاته، ويتعارض مع الصحة النفسية للطفل ويؤثر في بنائه النفسي، قد يكون بالشتم، أو السخرية، أو الاستهزاء، والتعنيف والإرعاب، أو الإذلال، أو الانتقاد اللاذع المتواصل واستخدام ألفاظ النابية، وعبارات التهديد وعبارات تسئ إلي شخصية الفرد ومفهومه عن ذاته وتحط من كرامته وهي أشد وقعا أمام الآخرين.

أما الإساءة البدنية فهي إيقاع أثـر مؤلم على جسد الطفل وإصابته إصابة شـديدة قد تنتج عن أي اعتداء من أي نوع يتعرض له الطفل مثل الضرب بالسياط والصفع واللكم، كذلك الدفع بعنف والركل بالأرجل، والرمي على الأرض، كذلك القرص، والعض، والخنق، وشد الشعر، والحرق سواء بواسطة السجائر، والماء المغلي، أو أشياء أخرى ساخنة، أو غيرها.

2.3. مناقشة نتائج الفرضية الثانية

حيث أظهرت نتائج البحث أنه لا توجد فروق ذات دلالة بين إساءة الأب وإساءة الأم وإساءة الإخوة، إذ لا يوجد فرد من الأسرة قد أساء معاملة الحدث في طفولته أكثر من فرد آخر، فكل منهم قد أساء معاملته بدرجات متقاربة. وبالرغم من أن فرضية الدراسة التي افترضت وجود فروق بين مصادر الإساءة لم تتحقق، إلا أنه يمكن تقديم قراءة لهذه النتيجة على أن عينة الدراسة قد تلقت إساءة معاملة في الطفولة سواء من قبل الأب أو الأم أو الإخوة بنسب متقاربة، أي أن كل أفراد أسرة الحدث الجانح لهم دور فعال كمسيء في طفولة الحدث الجانح.

ومن خلال استقراء نتائج الجدول رقم04 الذي يبين ترتيب أشكال الإساءة في الطفولة من حيث الأشكال ومصادرها لدى عينة الدراسة، نجد أن هناك تكافؤا في ظهور مصدر الإساءة، فالمراتب الأولى تداول عليها الأب والأم والإخوة على السواء مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأب قد تصدر كل أنواع الإساءات. وتعد الأسرة الوحدة الاجتماعية الأولى والبيئة الأساسية التي ترعى الفرد، فهي تشتمل على أقوى المؤثرات التي توجه نمو طفولته، هذه المؤثرات تتجسد أساسا في الأم والأب والإخوة، الذين يساهمون في بناء قدرات الطفل وتكوين شخصيته، ومن المفروض أن تكون طريقة وأسلوب بناء وتنمية شخصية هذا الطفل إيجابية وليست هدامة.

3.3. مناقشة نتائج الفرضية الثالثة

حيث أظهرت النتائج وجود فروق بين الذكور والإناث من عينة البحث في تعرضهم لإساءة المعاملة في الطفولة، وأن الإناث كن الأكثر تعرضا للإساءة من الذكور. حيث أن كل إساءات الأب وكل إساءات الأم وإساءات الإخوة الجنسية والإهمال والحرمان هي إساءات تعرضت لها الإناث من عينة الدراسة أكثر من الذكور. ويمكن تفسير هذه النتيجة بالرجوع إلى البيئة الاجتماعية والثقافية للأسرة، فأغلب الأسر الجزائرية تكرم الذكر على الأنثى باعتباره رجل البيت وصاحب الأولوية، وتشجع الأنثى على أن تكون سلبية وترضخ للإساءة الأسرية وتتقبلها، إضافة إلى النظرة الراسخة حول المواقف المنتشرة التي لا تنظر لإساءة معاملة الأنثى على أنها إساءة بل نمط شرعي مقبول، يقوم بها أفراد الأسرة من أجل تربيتها وضبط سلوكها.

إضافة إلى أن الإناث أكثر احتكاكا بالوسط العائلي بحكم قوانين المجتمع والعادات والتقاليد التي تفرض مكوث الفتاة في البيت فترة أطول منها لدى الذكور، واعتبارها كعنصر ضعيف سهل الاستهداف في علاقة الإساءة. إضافة إلى أن الأنثى بطبيعتها أكثر حساسية إزاء الإساءة، كما أن تركيبتها النفسية بامتزاجها مع طبيعة البيئة والمجتمع تجعلها أكثر استشعارا للإساءة. وبالتالي فمكانة الأنثى في المجتمع جعلها أكثر استقطابا للإساءة الأسرية، حيث التي يفرض عليها دورها الاجتماعي أن تكون مستسلمة وأن تحاسب على كل كبيرة وصغيرة، على عكس الذكر الذي يكون التسامح من نصيبه، باعتباره رجل الأسرة والقيم عليها. إضافة إلى كون الأنثى الأكثر استهدافا وضعفا في علاقة الإساءة من الذكر.

خاتمة

إن لإساءة المعاملة التي يتلقاها الطفل ضمن محيطه الأسري من طرف إخوته أو والديه أو القائمين على تربيته، أثر كبير على شخصيته في المستقبل، ولقد تعددت الدراسات المتعلقة سواء بالطفولة أو المراهقة والدراسات كثيرة أيضا تلك التي تدور حول الأحداث الجانحين، إلا أن ميزة هذه الدراسة هي الربط بين إساءة المعاملة الأسرية في الطفولة وآثارها المستقبلية رغم اختلاف المراحل والفترات، وذلك بدراسة رواسب الطفولة التي تبقى عالقة في نفسية الفرد، ومدى تأثيرها في ظهور الانحراف والجنوح في المراهقة.

إن صدور هذه الدراسة عن واقع المجتمع الجزائري يجعل تشخيص إساءة معاملة الأطفال أقرب للواقع، ويعطي الأساس العلمي لتصميم خطط وبرامج وقائية ونمائية وحتى علاجية، تتناسب مع ثقافة المجتمع الجزائري وقيمه ومعاييره الأخلاقية والدينية، حتى يمكن الحد من ظاهرة الإساءة للطفولة، وبالتالي تجنب ما ينتج عنها من مشكلات نفسية واجتماعية وأمنية على حاضر ومستقبل المجتمع.

أبو شامة، عبد المحمود عباس. البشري، محمد الأمين. 2005. «العنف الأسري في ظل العولمة». الرياض: دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب.

القحطاني، مسفر القحطاني. 2006. «خبرات الإساءة في مرحلة الطفولة». أطروحة (ماجستير). جامعة أم القرى. كلية التربية: قسم علم النفس

القندوز، أمينة محمد عبد القادر .2008. «أساليب التنشئة الأسرية وعلاقتها بجنوح الأحداث». في موقع:

http://www.elssafa.com/index.php ?option =com_content&view =category&id

الدورة 61للأمم المتحدة. 2006. «البند 62 من جدول الأعمال المؤقت الخاص بتعزيز حقوق الطفل وحمايتها» https://www.un.org/ar/ga/61

أمين، سهى أحمد. 2001. «المتخلفون عقليا بين الإساءة والإهمال التشخيص والعلاج». القاهرة: دار قباء.

حمزة، جمال مختار. 2000. «أطفال معرضون للتشرد في مصر رؤية نفسية»، مجلة علم النفس. القاهرة: الهيئة المصرية للكتاب. المجلد 14، العدد53.

معمرية بشير. 2007. «بحوث ودراسات متخصصة في علم النفس». ج4. الجزائر: منشورات الحبر.

Ariés, P .1997. Déni d’enfance. Paris : Golias.

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article