مقدمة
حرص العرب القدماء منذ اهتمامهم بجمع اللغة على ترتيب تلك المادة في معاجم تختلف باختلاف ترتيب مداخلها، وقد أقرّ بتفوقهم غيرهم من علماء اللغات الأخرى، ومنهم المستشرق الألماني (أوجست فيشر) الذي قال عن ذلك: «وإذا استثنينا الصين فلا يوجد شعب يحقّ له الفخار بوفرة كتب علوم لغته، وبشعوره المبكّر بحاجته إلى تنسيق مفرداتها، بحسب أصول وقواعد غير العرب ».1 ولكن مع التطور الحضاري الذي عرفته الحياة الجديدة، اهتدى اللغويون إلى المختصرات المعجمية التي تعد بمثابة اللبنة الأولى للتأليف المتخصص لفئة بعينها. ولا بأس أن نشير هنا إلى أهمها والتي تمثّل إرهاصا للمعجمات المدرسية:
يعدّ (مختار الصحاح) للرازي (ت 666ه) من الجهود المبكرة التي بذلت لتذليل صعوبات المعجمات القديمة باختصاره معجم الجوهري (ت393ه) (الصحاح) والذي بقي مرجعا للتلاميذ إلى أن ألّف مجمع اللغة العربية بالقاهرة (المعجم الوسيط) سنة 1960، ثمّ المعجم الوجيز سنة 1980.2
وكان (المصباح المنير) للفيومي (ت 770ه) في الأصل اختصار كتاب جمعه الفيومي نفسه في (غريب شرح الوجيز) الذي ألّفه عبد الكريم الرافعي الشافعي (ت 625ه).3 كما ألّف البستاني (قطر المحيط) اختصارا لمعجمه (محيط المحيط)، واختصر أحمد الطاهر الزاوي القاموس المحيط للفيروز آبادي في كتاب واحد سمّاه (مختار القاموس المحيط) معتمدا فيه الترتيب الألفبائي، ومستغنيا عن كثير ممّا حشي به من أسمــاء البلدان والأمـــاكن والشواهد.4
واختصر الشيخ عبد الله البستاني معجمه (البستان) الذي وضعه سنة 1930 في (فاكهة البستان)، ثمّ طبعته مكتبة (لبنان ناشرون) بعنوان (الوافي).5
واختصر جبران مسعود معجمه (الرائد) في (رائد الطلاب)، ووضع لويس المعلوف سنة 1980 (المنجد) الذي «اكتسى صبغة مدرسية منذ ظهوره، فتعدّدت أحجامه من كبيرة إلى وسيطة وصغيرة، سائرا في ذلك على نهج المعجمات الفرنسية »6، ومن مختصراته(المنجد الأبجدي) 1968، و(منجد الطلاب) 1968، و(المنجد الإعدادي) 1969، والمنجد المصور للأطفال.7
وألّف خليل الجرّ (لاروس: المعجم العربي الحديث) تقليدا لمعجم (لاروس) الفرنسي، معتمدا فيه المنهج النطقي في ترتيب معاجم اللغات الأجنبية،8 فقد « اتبع المؤلف منهج الترتيب الألفبائي النطقي في ترتيب مواد معجمه، وقُسّم المعجم وفق هذا المنهج إلى ثمانية وعشرين بابا، ثمّ رُتبت الكلمات ألفبائيا كما تنطق حسب حروفها الأولى دون مراعاة الحروف الأصلية أو المزيدة، ويبدو أن هذا المنهج قد بُعث على يد بعض المؤلفين الذين تأثّروا بالمعجميين الغربيين الذين يرتبون كلمات معجماتهم حسب نطقها، رغم أنّ اللغة العربية ليست كنظيرتها الأوروبية من جهة الخصائص، إلّا أننا نجد العرب، قد تأثروا بالغربيين فألّفوا ورتبوا على منوالهم ».9
وألّف مجموعة من الأساتذة التونسيين (القاموس الجديد للطلاب)، الذي ضمّ الآلاف من الآيات، والمئات من الأحاديث، وكذا الأمثال والأبيات الشعرية.10
لم يكن الهدف من هذا العرض حصر جميع ما أُلّف للطلاب في الوطن العربي، بقدر ما هو تأكيد على الجهود المعجمية التي جعلت المتعلّم والمدرسة في بؤرة الاهتمام.
1. مفهوم المعجم المدرسي
يعرّف المعجم بأنّه: «الكتاب الذي يضم مفردات اللغة ترتيبا خاصا، كل مفردة منها مصحوبة بما يرادفها أو يفسرها ويشرح معناها ويبيّن أصلها واشتقاقاتها أو استعمالاتها وقد يوضّح ويبيّن طريقة نطقها ويذكر ما يناظرها ويقابل معناها في لغة أخرى ».11
للمعجم المدرسي تسميات مختلفة منها: المعجم الطلابي، المعجم التعليمي، المعجم المرحلي، معجم الناشئة... ويعرّف بأنّه مؤلف تعليمي يحتوي على مجموعة من الفقرات المستقلة عن بعضها البعض رغم وجود بعض الإحالات مرتبة ترتيبا ألفبائيا، تكون القراءة في المعجم عن طريق البحث، أمّا الشق الثاني من المصطلح (المدرسي) فهو صفة اقترنت بمصطلح المعجم، ويعود ذلك لارتباط المعجم المدرسي بالمدرسة وبالمنهاج الذي يدرس في مستوى معيّن.12
ويعرّف المعجم المدرسي أيضا بأنّه: «مجموع الوحدات المعجمية المتداولة فعليا في الكتب المدرسية في كلّ مستوى معيّن، وضمن السياق التعليمي لهـــذه الكتب والسيـاق المقامــي والمقالي ».13
إنّ هذا التعريف – حسب صونية بكال- يركّز على الكتب باعتبارها المدونة التي تؤخذ منها مداخل المعجم، وهذا فيه إجحاف في حق مصداقية المعجم المدرسي، لأنّه يستمدّ مدونته من مصادر عديدة: كالقصص وبعض الوسائل السمعية أو السمعية البصرية، وتقترح بدورها التعريف التالي: «قائمة من الكلمات مرتّبة ترتيبا ألفبائيا مستمدة من الاستعمال الفعلي للغة عند التلميذ مرفوقة بتعريفات تناسب مستواه واحتياجاته ».14
وفي سياق التعريف بالمعجم المدرسي يرى عبد الغني أبو العزم بأنّه « ليس مجرّد كتاب، أو كتاب من الكتب المقرّرة، فهو من حيث الشكل متميّز بضخامته وصوره ورسومه الإيضاحية، ومن حيث البنية له معالمه المحدّدة في ضوء منهجيته، إذ يتضمن نصا ذا محتوى، له خصوصية لغوية ومعرفية، نص موزع ومنعرج، إلّا أنّه مقدم حسب خطته بطريقة لها نسقها المعجمي الخاص بها وكلّ جزء من أجزائه متضامن مع باقي الأجزاء الأخرى، نص داخل نص لا يقرأ من أوله إلى نهايته، حيث يكتفي بفقرة تشرح مدخلا مستقلا، إلّا أن هذه الاستقلالية تجعله باستمرار وفي كلّ آن مبحثا قد يطول أو يقصر عن المعنى الحقيقي أو المجازي للكلمة، أو مبحثا عن الاستعمال الجيّد لعبارة من العبارات أو جملة مفيدة، أو عبارة مسكوكة، أو أمثال شائعة يمكن استخدامها شفويا أو كتابيا ».15
و بهذا المعنى يعدّ المعجم من النصوص التعليمية الكاشفة عن أوجه معاني الكلمات، ليصير نصا لغويا أو ثقافيا، يضمّ خطابات حول الموجودات، وينقل أقوالا جازمة حول الإنســان والمجتمع، وهي الأقوال المشكّلة لقيم القوانين الأساسية، يتمّ اخيارها بغية التواصل الثقافي والاجتماعي والحضاري بين جماعة القرّاء.16
إذن فالمعجم المدرسي هو القاموس المخصّص لتلاميذ المدارس باختلاف أطوارها (ابتدائي، متوسط، ثانوي)، إذ يضم مجموع الكلمات والمفردات التي يستعملها المتعلّم في الوسط المدرسي أو خارجه، أو التي تتناسب مع مرحلته العمرية، والتي يجدر به أن يدرك معانيها ودلالاتها.
وتعرف المعاجم المدرسية بالمعاجم المرحلية
و«هي في الواقع بمنزلة معجم واحد متدرج أو قاموس ذي أجزاء متسلسلة متنامية، ففي المعجم المرحلي تلتقي مجموعة من مفردات اللغة تتناسب مع عمر الناشئ ومستواه الإدراكي والعلمي وقدراته الاكتسابية وحاجته في التعبير ومدى قدرته على البحث وصبره على التتبع والفحص، وينمو هذا المعجم ويتسع مع نمو الناشئ ونمو قدراته الطبيعية والمكتسبة واتساع ثقافته، ليمده بثروة لغوية أكثر وأوسع وأعمق بشكل تدريجي، ونتيجة لذلك تتعدّد المعاجم المرحلية حسب تعدّد المراحــل الزمنية والتعليمية للناشئين ».17
إذا فهي معاجم خاصة كونها موجّهة إلى فئة معينة دون غيرها (فئة المتعلّمين)، وهو معجم يتماشى مع المراحل التعليمية للمتعلّمين، أي أنّه لكلّ فئة تعليمية معجم يتناسب مع مستواها التعليمي.
2. أهميّة المعجم المدرسي
ترتبط أهمية المعجم بالأهداف التربوية والنفسية والاجتماعية والثقافية المراد بلوغها، أهمها تعميم التربية بالتثقيف والتوجيه بما يحتويه من معلومات أساسية، كبيـان نطق الكلمات، والمعلومات النحوية والصرفية، والسياقات التي يمكن أن ترد فيها، وتعريفها، وذكر مرادفاتها، وكذا تأصيلها وتطوّر معانيها.
وللمعجم المدرسي «دوره الأساسي في تنمية المهارات اللغوية للمتعلّمين وفي تحصيل المعارف العلمية والثقافية، فهو من هذا المنظور مكمّل للكتاب المدرسي وللعمل التربوي عموما في المدرسة، لذلك نجد بعض الدول في العقود الأخيرة توليه عناية خاصة، وتضعه ضمن خططها الشاملة في النهوض بمنظومتها التربوية، إدراكا منها أنّه يمثّل أداة بيداغوجية لا تقلّ أهمية عن الوسائل التعليمية الأخرى ».18
وهو وسيلة تثقيف بامتياز، لأنّه مرتبط عضويا بالعملية التعليمية في جميع مراحلها، ابتداء من التعليم الأساسي وصولا إلى التعليم الجامعي.19
ولكن الأمر مربوط بمدى مراعاته لمضامين المقرّرات التعليمية.
بالإضافة إلى أنّه صالح للاستعمال «في أي مكان وفي كلّ الأوقات، أثناء القراءة أو الكتابة، خلال أوقات الدراسة أو في فترات الراحة، لأنّ التلميذ أو الطالب في هذه الأماكن والأوقات، قد يحتاج إلى معرفة معنى كلمة ما أو كيفية نطقها أو كتابتها، كما أنّه قد يكون في حاجة إلى معرفة مرادف كلمة أخرى أو ضدّها، هل هي مستعملة أم لا. ثم إنّ الأساتذة قد يطالبون تلامذتهم وطلبتهم بالبحث عن العائلة الصرفية لكلمة معيّنة سبق لهم أن درسوها، أو حصر حقلها الدلالي، كما يمكن أن يطالبوهم بالبحث عن أصلها وعن أسلوب تركيبها ومقامات استعمالها ».20
وقد أشار عبده الراجحي إلى هذه الأهمية بقوله:
«يكفي أن نعرف أنّ استعمال المعجم مهارة يجب أن يكون اكتسابها من الطفولة، ومن ثمّ نعرف الآن معاجم للأطفال، وأخرى للتلاميذ الصغار، ومعاجم لطلاب المرحلة الثانوية، ثم نرى المكتبات زاخرة بأنواع لا تكاد تنحصر من المعجمات فضلا عن ظهور المعجم الإلكتروني الذي قد يفضي إلى ثروة في صناعة المعجم وفي استعماله، ونحن في العالم العربي نستغرق في حذر ممتع ننظر إلى ما يقدّمه الآخرون في بلاهة رائعة ».21
يشير المؤلف هنا إلى التأخر الواضح الذي تشهده حركة تأليف المعاجم العامة والمدرسية في الوطن العربي، بالرغم من تطوّرها في الدول الغربية.
3. مواصفات المعجم المدرسي المعاصر
يسعى المعجميون المعاصرون إلى جعل المعجم المدرسي جامعا لكلّ المعلومات التي يحتاجها المتعلّم في مختلف المراحل التعليمية التي يمرّ بها، متخذّين في ذلك أنجع الوسائل والأساليب سواء في المستوى النطقي أو الكتابي. بحيث أنّ المعجم المدرسي ليس مجرّد معجم موجّه إلى فئة المتعلّمين في مرحلة معيّنة من مراحل التعليم العام، باختصاره، أو تبسيط شروحه، أو تقليل عدد المعلومات اللغوية المصاحبة لكلّ مدخل – كما جرى به العمل عند المؤلفين التقليديين – بل هو نتيجة بحث علميّ متعدّد التخصصات، وتوظيف تقني لما يجب تقديمه لكلّ فئة من المتعلّمين ولطريقة تقديمه.22 وبالتالي فهو يخضع لمجموعة من المواصفات تتفرّع إلى:
1.3. المواصفات العامة
والتي تكون وفق معايير ومقاييس مضبوطة يمكن اختصارها في النقاط التالية:
-
التركيز على المتعلّم: ويتمّ ذلك بإنتاج معجم مدرسي ملائما للتلميذ، ملبّيا لاحتياجاته من معاني المفردات التي يهمّ بمعرفتها، مسايرا للدروس التي توافق مقرراته الدراسية، ومدعَّما بكلّ ما يجعله في متناوله.23
-
التبسيط والوضوح: وذلك بجعل المعجم المدرسـي واضحـا في الخطّ والتعريفات، بسيطا في التراكيب والعبارات، خاصة وأنّ التلميذ في سنواته الدراسية الأولى لن يكون بمقدوره فهم التراكيب الصعبة، وهو الأمر الذي يزيد من صعوبة مهمة المؤلّف المعجمي، الذي يضطر إلى تيسير العبارات الشارحة إلى أقصى درجة ممكنة.24
-
التحيين المستمر: ويقصد به تحديث شكل ومحتويات المعاجم المدرسية عند كلّ طبعة جديدة، حتى تكون مسايرة للتطوّر فـي مجـال التأليـف والطباعة، ومواكبة للتغيّرات التي تجرى أو تكون في مضامين المقرّرات الدراسية، فلا تهتمّ بما هو مهمل، ولا تستثني ما هو مبتكر مستعمل.25
-
العناية بالإخراج: وهو ما يقتضي عنـاية خـاصة بنوع الورق المستعمل، وإضافة الصور والألوان، خاصة وأنّ التلميذ الصغير ينجذب إلى شكل المعجم قبل محتواه.26
-
إدخال المعلومات الموسوعية: تحتوي معظم المعاجم المدرسية على معلومات موسوعية تدرج إمّا في المتن أو فـي الملاحق، وتكـون غــالبا لأسماء الأعلام، والبلدان، والظواهر الطبيعية والكونية. بالرغم من أنّ بعض اللسانيين يرى عدم جدوى هذه المعلومات، لكونها خارج مفهوم اللغة.27
-
بعض المواصفات الخاصة بالمعاجم الإلكترونية: ظهرت في السنوات الأخيرة ما يعرف بالمعاجم المدرسية المحوسبة الإلكترونية التي تتميّز بالوضوح وسهولة البحث والمرونة ووفرة المعلومات الهامة والمفيدة للمتعلّم، مع إدراج مفاهيم جديدة كانت مستعملة في الشبكة العنكبوتية في هذا الصنف من المعاجم، مثل: (النص الفائق المستوى أو ما يعرف ب Hypertexte: وهي تقنية أو طريقة لتخزين المعلومات في الكمبيوتر تتيح الوصول إليها مباشرة من خلال كلمات أو رسوم معيّنة تظهر على الشاشة ).28
وهو ما يعمل على تسهيل استعمال المعجم الإلكترونـــي عند البحث عن معـــاني المفردات والانتقال من مفردة إلى أخرى، ومن كلمة إلى صورة حولها، ويتمّ كل هذا عن طريق الروابط المنطقية المصمّمة من طرف المهندسيـــن القائميـــن علــى إعداده وإخراجه. وقد عاد هذا المفهوم الإجرائي بالفائدة الكبيرة على المعجم المعاصر عامة، وذلك لإسهامه في حلّ مشكلات صعبة في التأليف المعجمي.29
2.3. المواصفات التي ترتبط بالواجهة والغلاف الخارجي
وتتعلّق بما يلي:
-
حجم المعجم: يعدّ المعجم المدرسي من أصغر أنواع المعاجم حجما، لأنّه يركّز على ما يهمّ التلميذ في مرحلة معيّنة من مراحل التعليم. إذ أنّه «يمتاز بصغر حجمه وخفّة وزنه وسهولة حمله بالقياس إلى المعجم العام، وهذا ما يسهل على الناشئ اصطحابه ومن ثمّ التعوّد على استخدامه، سواء في المدرسة أو في المكتبة أو البيت. من ناحية أخرى فإنّ الخيارات بين الألفاظ والمعاني المعروضة في المعاجم المرحلية محدودة، سواء من حيث الكمّ أو النوع وهذا ما يسهل على الناشئ الانتقاء، والتقاط المفردة المناسبة أو اختيار المعنى المراد بأسهل الطرق، وبجهد أقل ووقت أقصر، ودون الوقوع في الارتباك والحيرة أو اللبس ».30 فالمسألة إذن ليست مسألة حشو لأكبر عدد للكلمات، فعلى المعجمي تحديد احتياجات المتعلّم اللغوية أوّلا ثمّ الشروع في وضعها في معجم.
إلّا أنّه ليس هناك مقاس محدّد تلتزم به المعاجم المدرسية رغم الصغر الذي يميزها عموما. -
الإشارة إلى محتويات المعجم في الواجهة: وهي خاصية تتميّز بها المعاجم المدرسية، بحيث أنّه يشار في واجهاتها إلى ما تحتويه من عدد المفردات، وعدد الصـــور والرسومات الملـوّنة، وجـــداول التصريف، وأعلام الدول، والخرائــط واللوحات الفنية، بالإضافة إلى الجديد الذي يقدّمه المعجم.
-
تحديد سعر المعجم: يلاحظ أنّ المعاجم المدرسية محدّدة الأسعار، بحيث غالبا ما يكتب السعر في الصفحة الخلفية للغلاف.
-
المؤلف: كثيرا ما نجد في المعاجم المدرسية ذكر الناشر فقط دون ذكر اسم المؤلف، مثل قاموس (مرشد الطلاب) الصادر عن منشورات المرشد الجزائرية، لم يذكر اسم مؤلفه لا في طبعته العادية ولا في طبعته المنقّحة والمصوّرة. ويتكرّر الأمر فـــي (معجم الكنز) و(المعجم الكافي) أيضا.
كما قد يذكر أنّ المعجم قام بتأليفه مجموعة من اللغويين المختصين، دون ذكر أسمائهم.
ولعلّ إهمال اسم المؤلّف يعود إلى عدم اهتمام التلميذ بمعرفته بقدر اهتمامه بما يحويه المعجم من مفردات وشروح. -
المقدّمة والملاحق: عادة ما تتصدّر المعاجم مقدّمة تضم معلومات خاصة عن تأليف المعجم، والمنهج المتبع في اختيار المداخل، وطريـقة الترتيب المعتمدة، وكذا أهم مميزات المعجم وإرشادات عن استخدامه، بالإضافة إلى القيم الصوتية لرموز النطق، وبيان الاختصارات والرموز الاصطلاحية، أيضا أهمّ المصـــادر والمراجع المعتمدة في جمع مادة المعجم.
ويحرص معدّو المعاجم الحديثة الأوروبية منها والعربية على أن تشتمل الملاحق على: قائمة الكلمات غير القياسية، وقوائم الأعداد والأعداد الوصفية، وكذا قائمة مفردات القرابة، أسماء الأشخاص والأماكن ذات الأهمية الخاصة، بالإضافة إلى قائمة لأشهر المختصرات، ومعلومات موسوعية كالأوزان والمقاييس، والرتب العسكرية، وبعض المعلومات الجغرافية.31
وعموما فإنّ المقدمات في المعاجم المدرسية مختصرة مقارنة بالمقدمات الموجودة في المعاجم العامة، بل نجد من المعاجم المدرسية ما يخلو من المقدمات والملاحق أصلا.
3.3. المواصفات المتعلّقة بمكوّنات المعجم المدرسي، والتي يمكن حصرها في النقاط التالية
1.3.3. مادة المعجم المدرسي
إنّ الحديث عن مادة المعجم المدرسي يقودنا للحديث عما يفترض أن يتضمنه هذا الأخير من كلمـات تراثية قديـمة وكلمـات جديـــدة ومستحدثة، فالربط بين ما هو تراثي أصيل وما هو حديث ومعاصر يتطلّب أن يكون المعجمي ذا خبرة وممارسة كبيرة في اللغة، بالإضافة إلى امتلاكه رصيد لغوي كبير، بحيث « إنّ السعي لجعل اللغة وافية لمتطلبات العصر مواكبة للتطورات الجديدة لا يعني التركيز على المصطلحـــات وألفـاظ الحضارة الحديثة والصيـــغ المبتكرة والتراكيب الجديدة في مقابل التقليل من أهمية الألفاظ التراثية القديمة بحجة قلة تداولها أو ندرة استعمالها في ما يؤلف أو يكتب....... »32 وإدراج الألفاظ التراثية في المعجم المدرسي لا يعني أنّ المعجمي يقوم برصد كلّ الألفاظ التراثية في اللغة داخل المعجم، بل يجب أن لا يبالغ فـي الأمر حتـى لا يصبح عبئــا ثقيـلا علـــى مستعمله،
«... ولكنه في الوقت نفسه لا يبـــالغ فـي حشد الاستعمالات والصيغ والتراكيب الشاذة والكلمات المهملة والوحشية الجافة التي لم تعد تستسيغها الأذن العربية ولا تستوعبها مدنية الحياة الحاضرة، فليس من الضروري، بل ليس من المستساغ أن يضم مثل هذا المعجم كلمات خشنة مثل: الهعخع، العرندس، الجلفاط، الجحنبار.... »33
فمثل هذه الألفاظ تبقى عسيرة على المتعلّم سواء في نطقها أو قراءتها قراءة صحيحة، وحتى في فهمها وتوظيفها.
أمّا فيما يخص الألفاظ الحديثة، فعلى المعجمي أن يحرص على إيـراد ما استجدّ واستحدث في اللغة من مفردات ومصطلحات، بما يتناسب مع المرحلة العمرية للتلميذ، وكذا مع مقرراته المدرسية.
2.3.3. مصادر المعاجم المدرسية
إنّ بدايات المعاجم المدرسية كانت مجرد اختصار لمعاجم عامة- كما سبقت الإشارة إليه- ولكن أن يتمّ الاعتماد على المعــاجم العـــامة فقط أمر لم يحبّذه الكثيـر مـن اللغوييــن، بحيث إنّ
« الاستعمال هو الذي يفرض المعجم وليس العكس، فالتلميذ لا يتخذ المعجم وسيلة مطالعة، بل يلجأ إليه فيما لبس عليه من معان فحسب، لذا علينا إن رمنا إنشاء معجم شامل يلبي حاجات تلميذ المرحلة المتوسطة الانطلاق من محيطه ومن الاستعمال الفعلي بداية بالكتب المدرسية إلى أقرب المجلات والقصص إليه، إلى بعض البرامج التي تستهويه، فمن الخطأ أن ننطلق من المعاجم وحدها لإنجاز معجم مدرسي ».34
إذا فعلى مؤلف المعجم المدرسي الانطلاق من مصادر متعدّدة لاختيار مادته المعجمية:
-
المجتمع: يعتبر المجتمع المصدر الأوّل للغة، ذلك لأنّ اللغة « تـولد وتنشأ وتنمو وتتجدّد في أحضان المجتمع، والفرد يكتسب لغته من مجتمعه، بدءا من مجتمعه الصغير المتمثّل في أسرته، وإن توقف مدى اكتسابه لها على ما رُزق من ملكة في تلقُّنها وتمثًّلها، وما امتلك من قدرة على المحاكاة والتقليد فيها، وما وهب من قدرة على الفهم وسرعة في الحفظ وقدرة على التذكُر، ومـا لديه من صفـاء الخاطر وطموح النفس، ثمّ على قدر ما لدى هذه الأسرة من معرفة وإحـاطة باللغة ومــا تتـاح له من فرص فيـها للاكتسـاب والتحصيل ».35
وبالتالي فإنّ مراعاة المفردات المتداولة في المجتمع أمر ضروري ليكون المعجم عاكسا للغة حية في الاستعمال. -
المدرسة: يعتبر المحيط المدرسي من الروافد الأساسية التي يكتسب منها التلميذ الكثير من المفردات والكلمات، إذ إنّه « على الرغم من أنّ المدرسة في حقيقتها مجتمع صغير يدخل في كيـان المجتمع فإن لهـا طبيعتها الخاصة ومعطياتها المتميزة، فهي مؤسسة تهدف إلى تكثيف وتطوير عملية التلقيـــن والتثقيف الاجتماعي وإخضاعها لنظم مدروسة ترتقي بها عن العفوية أو العشوائية وقانون المصادفة الذي يخضع له التعليم في المجتمع العام، فالناشئ يكتسب ما يكتسب من مهارات اللغــة فـي هذه المؤسسة علــى نحو مكثّــف ومنتظم ومتوازن ومتدرج ومستمر، ويتوافر لديه من البواعث والحوافز لهذا الاكتساب ما لا يتوافر في المجتمع في إطاره العام، وهذا ما جعل المدرسة مصدرا أساسيا لمفردات اللغة وصيغها وأساليبها جديرا بالاهتمام حريا بالدراسة ».36
وبالتالي فإنّ للمدرسة دور هام في إثراء مفردات ووحدات المعجم المدرسي. -
الكتاب المدرسي: يعتبر الكتاب المدرسي أهم وسيلة في العملية التعليمية، لذلك يجب التركيز عليه، وعن أهمّيته يحدّثنا صالح بلعيد قائلا: «إنّ مصدر لغة التلميذ تكمن في المقام الأوّل في الكتاب المدرسي، ومن هنا وجب الاهتمام به لأداء وظيفته المتمثّلة في تبليغ المعرفة ودعم المكتسبـــات وتقويـمها وأداة للتثقيف وحصول الملكة اللغوية. فكان من الضروري بناءه وفقا لفلسفة التربية الحديثة والتي تستهدف تنمية شخصية المتعلّم وتعمل على توفير أدوات التوافق الاجتماعي والثقافي والفلسفي، بالتركيز على الأساس السيكـولوجــي والعلمي. وإذا قلنا الكتاب فنعني به كذلك الكتب العاملة على دعم الكتاب المدرسي مثل القاموس المدرسي الذي يبنى على خصائص ومواصفات تربوية من حيث المضمون والشكل تجعل التلميذ على علاقة وطيدة بتوظيف هذا القاموس ».37
إذن هناك علاقة ترابط وتبادل بين الكتاب المدرسي والمعجم المدرسي، بحيث يفيد الكتاب المعجم بالمفردات المقرّرة، بينما يفيد المعجم الكتاب بتعريف وشرح هذه المفردات.
ولابد من الإشارة إلى أنّ المقصود بالكتاب المدرسي جميع كتب المراحل التعليمية – كل مرحلة على حدي- باختلاف تخصصاتها، بحيث أنّ تنمية الرصيد اللغوي للتلميذ لا تكون عن طريق دروس اللغة العربية فقط بل تكون كذلك عن طريق دروس غيرها من المواد والفروع العلمية التي يتعلّمها التلاميذ. وعلى جميع الأساتذة باختلاف تخصصاتهم العمل على إكساب التلاميذ لغة صحيحة وسليمة شأنهم في ذلك شأن اللغة العربية.38
إلّا أنّ اعتماد المعجم المدرسي في حصر مفرداته على الكتب المدرسية فقط غير كاف باعتبار أنّ مستواها غير محدّد بدقة، وغير موحّد، بالإضافة إلى أنّها غير مبنية على أساس علمي أو تعليمي أو نفسي.39
أمّا عن اختيار المفردات في المعاجم المدرسية، وما أُلّف في الوقت الحاضر فيها ف «يمكن أن يُصنف ضمن المحاولات الجيدة النافعة غير أنّ أكثرها لا يخضع إلى المقاييــس العلمية والتقنية، بل يخضع إلى الاعتبارات في الذاتية في الغالب، إذ يقوم المؤلفون باختيار جملة من المفردات يعتقدون بالحدس أنّها معروفة شائعة تلائم الطفل، ويتركون ما يظنون أنّه غير ملائم ثم يضيفون إلى ذلك بعض الألفاظ المعبّرة عن المفاهيم الجديدة والوسائل المستحدثة ».40
وتؤكد «صونيه بكال» على ضرورة اختيار المداخل الموجهة للتلميذ من المحيط الذي يعيش فيه، وأن يتم التعامل بحذر مع المصطلحات المعبرة عن مفاهيم دينية، وفكرية.41
2.3.3-منهج المعجم: يرغب كلّ تلميذ عند استعمال المعجم المدرسي والبحث عن معاني المفردات والكلمات أن يجدها مرتبة وفق منهج سهل وبطريقة ميسّرة، فترتيب المعجم وفق منهج سهل يريح التلميذ ويجعله لا يملّ من استعماله كلّما اقتضت الضرورة ذلك. وإذا تأمّلنا المعجمية العربية منذ بدايتها نجد أنها اتبعت عدّة طرق ومناهج في ترتيب مادتها، منها: المنهج الصوتي، والمنهج الألفبائي، والمنهج الموضوعي..... وكان هدف أتباع كلّ منهج وترتيب تسهيل استعمال المعجم على مستخدميه. إلاّ أنّ المعاجم الحديثة تغلب عليها الطريقة الألفبائية بحسب الأوائل في ترتيب موادها اللغوية.
أمّا بالنسبة إلى المعجم المدرسي فيتّفق أغلب الباحثين والمختصين في مجال الصناعة المعجمية على أنّ المنهج الأنسب والطريقة المثلى التي يجب اتباعها في ترتيب مداخل المعجم المدرسي هي طريقة الترتيب الألفبائي بحسب أوائـل الكلمـــات، وهي أسهل الطرق وأنجعها بالنسبة للمتعلّمين أو بالأحرى التلاميذ. فانتهاج المعجمي لمنهج علمي سهل وبسيط ودقيـق يسهل عملية البحث فيـــه ويجعل التلميذ في أريحية تامة عند استخدامه، خــاصة ونحن اليوم نعيش في زمن السرعة واقتصاد الوقت والجهد.
3.3.3. طريقة الشرح والتفسير
إنّ الغاية الأساسية من وضع المعاجم هي شرح المادة اللغوية وتفسير معانيها، إذ «يقع المعنى في بؤرة اهتمام المعجمي، لأنّه يعدّ أهمّ مطلب لمستعمل المعجم»42. ولابد ِأن يتمّ ذلك وفق منهج محدّد، وبالتالي فعلى المعجمي الالتزام ببعض النقاط أثناء عملية الشرح والتفسير حتى يتمكّن من إيصال المعنى للمتعلّم بطريقة بسيطة وسهلة:
-
الدقة في شرح المفردات واستيفاءه للمعنى المراد، وسهـــولته وبسـاطته، «ومن جملة ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في صناعة المعاجم وخاصة معاجم الطلاب سهولة ودقة تعريف الكلمات وبساطة شرحها واستيفاء هذا الشرح، لكي يستطيع الناشئ أو القارئ عامة إدراك مدلولاتها من غير عناء أو وقوع في اللبس أو اضطراب ».43 فالغاية هي إزالة اللبس عن المفردات عن طريق شروح وتفسيرات بسيطة وسهلة وغير معقّدة باستعمال كلمات أقلّ تعقيدا من المفردات المراد شرحها. «إنّ الشرح كما يقول صموئيل جونسون في مقدّمة معجمه يتطلّب استعمال مفردات أقلّ إبهاما من الكلمة المراد شرحها وهذا النوع من المفردات لا يمكن العثور عليه بسهولة دائما ».44 وهو ما يتطلّب من المعجمي الكثير من البحث والتنقيب عن كلمات شارحة سهلة ودقيقة ولكن أقلّ غموضا وتعقيدا من نظيرتها المشروحة.
-
شيوع التركيب اللغوي: بمعنى اختيار التركيب اللغوي الشائع عند شرح المفردات وتفسيرها، « ولذلك يفترض التأنّي في اختيارها والنظر إلى مستوى شيوع التركيب اللغوي المفسر وقابليته في توصيل المعنى المراد إيضاحه، إضافة إلى ذلك فإنّ تحديد معنى الكلمة وتسهيل عملية إدراكها وتمييز مدلولها المراد يتطلّب تقليل المفردات المستخدمة في الشرح والتعريف إلى أدنى حدّ ممكن، أو الاكتفاء بالمألـــوف منـــها وترك النادر أو المهجور أو الغريب ».45 فاختيار مفردات الشرح الشائعة من شأنه أن يسهّل مـن عملية إيـــصـــال المعنـــى وإدراكه.
-
التدرج في ذكر معاني الكلمات: وذلك بعرضها حسب مستوى شيوعها وتداولها واستعمالها، «وينبغي ترتيب معاني الكلمة، وعرضها بنحو متدرج لا يحتاج القارئ معه إلى كثرة التفتيش والبحث وبذل ما يمكن أن ينفّـره ويبعده عن المعجم من الجهد والوقت »46، بحيث أنّه إذا لجأ صاحب المعجم إلى ذكر المعاني القليلة الاستعمال أو المهجورة أصلا، فيضطر الطالب حينها إلى البحث عن شرح لهاته الشروح « فالتذوّق والاستعمال والقرب من الأذهان هو المعيار في التقديم والتأخير. ويقصد بالشيوع هنا كثرة تداول المعنى أو استعماله في الوقت الحاضر مــن قبـــل الكتــاب والأدباء وفئات عامة المثقفين أو طوائف كثيرة مميزة منهم، وشيوعه على المستوى القومي العام، وليس على المستوى الإقليمي المحدود ».47
أي أنّ ترتيب معاني الكلمات المشروحة والتدرج في عرضها بدءا من الأكثر شيوعا وتداولا إلى أقلّه، من شأنه أن يسهّل المهمة على المتعلّم عند استخدامه للمعجم.
4.3.3. استعمال الشواهد
يحتاج المعجمي دائما عند تقديمه لمعاني الكلمات إلى استدلالات واستشهادات لتوضيح المعنى أكثر، حيث أنّه «يتعذّر علينا فهم معاني الكثير من الكلمات فهما صحيحا أو كاملا إذا ما اكتفينا بالحدود المعجمية لهذه المعاني، واقتصرنا على تفسير الكلمات كوحدات منفردة، من دون ألفاظ تجاورها وعبارات تخلق لها سياقات خاصة تؤكد أو تميز أو تحدّد أو توضح دلالاتها بنحو صريـح وتبيّن قيمتها الدلالية والوظيفية وطريقة استعمالها ».48 يستعمل الشاهد إذا لزيادة المعنى وضوحا وبيانا، ولإزالة اللبس والغموض.
وهناك نوعين من الشواهد في المعجم هما: الشواهد التوضيحية اللغوية، والشواهد التوضيحية الصورية الحسية.
وقد استعمل العرب الشواهد اللغوية منذ ظهور المعـــاجم العربية الأولــى، بحيث «إنّ الشاهد التوضيحي، سواء أكان نثرا أو شعرا، يعمل على تحديد أو تعيين معنى الكلمة وعلى وصف توزيعها الدلالي، بما يحتويه من قرائن لفظية أو معنوية مختلفة. وبهذا يكشف عن الطريقة أو الطرق المختلفة التي يمكن بها أن تستعمل الكلمة في نطاق التركيب أو التعبير بعد أن يعرف معناها المفرد، ومن هنا جاءت ضرورة توظيف الشواهد التوضيحية في المعجمات اللغوية عامة، ومعاجم الناشئة أو المعاجم المرحلية أو التعليمية على نحو أخص ».49 أي أنّه لتوظيف الشواهد اللغوية في المعاجم المدرسية بعض الخصوصية، بحيث يتم اختيار الشاهد من الاستخدامات الحقيقية والأمثلة الحيّة التي يعيشها التلميذ في الواقع، فلا يكون بعيدا عن محيطه وأجواء حياته اليومية، ولا عن مستواه العقلي والمعرفي حتى يتمكّن من استيعابه وإدراكه.50
أمّا الشواهد التوضيحية الصُورية فهي « فـي حقيقتها يمكن أن تكون من حيث الشكل صورا (فوتوغرافية) أو رسوما ملوّنة أو غير ملوّنة لأشخاص أو أشياء وأماكن وأدوات منظورة ومشاهد، كما يمكن أن تكون أرقاما وأشكالا هندسية وخطوطا مظلّلة أو غير مظلّلة، أو تكون رسوما بيانية وخرائط ووسائل إيضاح صورية أخرى ترفق بالتوضيحات اللفظية لتعبّر عنها أو لتزيدها بيانا وتساعد على فهمها واستيعابها »51 فتتمثّل الشواهد التوضيحية الصورية في الرسـومـــات والصور والأشكال الهندسية المختلفة والمخططات البيانية والخرائط المستعملة في المعجم بهدف التوضيح أكثر. ويعدّ معجم المنجد في اللغة والإعلام للويس المعلوف (1908 م) أوّل معجم عربي وُظّفت فيه الشواهـــد الصـــورية مــن صور ورســـوم وخرائط. وتزداد أهمية هذا النوع من الشواهد في المعاجم المدرسية، بحيث اعتبرت عند البعض لازمة ولا يمكن الاستغناء عنها في العملية التعليمية، وذلك لأنّهـــا تساهم في تعميق الفهم وتقريب المعنى عن طريق تجسيد المعاني في صورة محسوسة، وربط الألفاظ بمدلولاتها الحقيقية، مما يسهل عملية تثبيتها في ذهن المتعلّم وسرعة استحضارها عند الحاجة، فكثيرا ما يرتبط اللفظ بصورته الحسية.52
خاتمة
للمعجم المدرسي الدور الفعّال في تمكين المتعلّم من قراءة المتن التعليـــمي بكلّ مفرداتــه ومصطلحاته ومعانيه ومفاهيمه وسياقاته، وله أيضا الدور الفعّال في تنمية ملكة النقد لديه انطلاقا من البحث الذاتي في المعجم المدرسي، فلابدّ إذا من الاهتمــام بكلّ مكوّنـــاته والعمل على تقديمها في أحسن صورة حتىّ تلبّي كلّ احتياجات المتعلّم اللغوية والتعليـــمية وحتى ترقى إلى مستوى المعاجم الأجنبية بكلّ مواصفاتها.