مقدمة
تعدّ السّياحة واجهة البلدان وناقلة هويّتها، وهي ميدان خصب بإمكانه أن يدرّ كثيراً من الأموال، ويصبح مورداً اقتصادياً أساسياً إذا أُحسن استثماره، ومن بين الوسائل التي يحتاجها الخدمة اللغويّة؛ التي تعدّ عنصراً بالغ الأهميّة في مدّ جسور التّواصل مع الآخرين.
فالمجتمعات في العصر الحالي تتميز باستعمال لغات متعددة في كافة مجالات الحالات اليومية، مثل التعليم والخدمات والإدارة، والتجارة وغيرها. ولا تشكل السّياحة استثناء عن هذه القاعدة، بحيث أصبحت قضية التعدد اللّغوي مركزية في اهتمامات المؤسسات العاملة في المجال السّياحيّ، وبصفة خاصة مع ظهور مفاهيم جديدة مثل : السّياحة الرقمية، والتسويق السّياحيّ الالكتروني.
لقد أصبحت مسألة التعدد في الخطاب السّياحي أمرا حتميا، وذلك بعد أن فتحت العولمة أبوابها على جميع بقاع المجتمع الإنسانيّ الذي بات أفراده ومؤسساته في تواصل مستمر من خلال فضاء الإنترنت، إذ لا وجود لحدود جغرافية تقف عقبة أمام نشاطات المؤسسات السّياحية أو تحد من حركتها.
1. التعدد اللغوي
1.1. مفهوم التعدد اللغوي
التعدد اللّغوي (Multi lingualism) : وجود لغتين من نظامين لغويين مختلفين عند نفس المتكلم، في البلدان متعددة اللّغات فعلى سبيل المثال تنتشر الهولندية والفرنسية والألمانية في بلجيكا،أمّا في سويسرا فتنتشر الفرنسية والألمانية والإيطالية وفي إسبانيا تنتشر الإسبانية والكتالونية والبشكنشية والغاليسية. فيما تعتبر كندا دولة ثنائية اللّغة حيث تُستخدم اللّغة الفرنسية والإنجليزية كلغتين رسميتين للبلاد. أما في الوطن العربي فاللّغة العربية هي اللّغة الأم بالإضافة إلى اللّغة الموروثة عن المستعمر فنجد الإنجليزية في بلدان المشرق والفرنسية في البلدان المغاربية بالإضافة إلى الإيطالية في ليبيا والإسبانية في المغرب والفرنسية في لبنان.
والتعدد اللّغوي لا نعني به الازدواجية اللغوية لأن الازدواجية هي وجود لغتين من نفس النظام اللّغوي، كالعامية والفصحى. ويتميز الشخص ثنائي اللّغة بقدرته على التواصل والتحدث مع الآخرين بشكل أكبر لأنه يمتلك أكثر من لغة تساعده فيه ذلك، وقد أثبتت الدراسات بأن الأفراد الذين يتحدثون أكثر من لغة هم أكثر ذكاءَ من غيرهم، فهي تحسن من مهارتهم المعرفية وتساعدهم في الوقاية من الخرف في سن الشيخوخة. (بورويس، د.ت، صفحة 5)
يعدّ التعدّد اللّغوي من أهم الظواهر التي تميّز أغلب المجتمعات؛ لأنّها مسألة تخصّ الإنسان ولغته وهويته، أسهمت في ظهوره عدّة عوامل وأسباب، ومن النادر جدا أن نجد مجتمعا يمتلك نظاما لغويا واحدا. وقد أكّد الإسلام على قيمة التعدد اللّغوي حينما ربطه باختلاف الألسنة ويتجلى ذلك في قوله تعالى :﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾[الروم : 22]، فالتعدد اللّغوي خلق إلهي وواقع إنساني، متعلّق بعملية التأثير والتأثر بين المجتمعات.
تعدّ اللّغة العربية عنصرا حيويا ومهما في الحياة الاجتماعية، لأنّها وسيلة للتعبير والتواصل، ورمز للهوية الفردية والاجتماعية والثقافية، إذ يعتبر مكونا أساسيا من مكونات كلّ مجتمع إنساني يميزه عن غيره، وبالنسبة لنا فاللّغة العربية هي رمز وحدتنا وهويتنا.
2.1. تأثير التعدد اللّغوي في النشاط الاقتصادي
جاء في دراسة نشرتها مجلة المنتدى الاقتصادي العالمي أنّ تعدد اللّغات مفيد للاقتصاد فالبلدان التي يوجد بها تنوع لغويّ تجني فوائد مالية أكثر من نظيراتها أحادية اللّغة؛ فهذا التّنوع مهم على المستوى الوطني بالنسبة للأعمال الكبيرة والصغيرة على السواء. (منتدى الاقتصاد العالمي)
ولاشك أنّ كثيرا من الحكومات قد تنبّهت للدور الاقتصادي الذي تلعبه اللّغة في العصر الحديث، عند استثمارها بشكل فعّال وناجع؛ فحرصت بعض الدول على تفعيل دور اللّغة في رسم سياسة لغوية اقتصادية متطورة، ولهذا أقامت تكتلات اقتصادية وسياسية وثقافية مبنية على اللّغة من بينها : الكومنولث والفرنكفونية والجامعة العربية، مع اختلاف أهميّة الدّور الاقتصادي بين تكتل وآخر. (المراياتي، 2002، صفحة 20، 21)
كما لا يمكننا إغفال دور اللّغة في الصفقات التّجارية فسرعة التّواصل والتّفاهم مهمّة جدا ذلك أنّ التأخير أو عدم التّفاهم التّام يمكن أن يضيّع كثيرا من الصفقات؛ فالعولمة فرضت مفهوما جديدا لدور اللّغات في رسم الأنشطة الاقتصادية، فزادت أهمية اللّغة في رسم اقتصاديات الدول من خلال اقتصاديات اللّغة التي تنوعت وتشكّلت في كثير من الصور.
ومن مظاهر علاقة اللّغة بالاقتصاد ما يلي :
-
اللّغة وسيلة للتّسويق الاقتصادي عبر الشبكة العنكبوتية، مثل : التجارة الإلكترونية والترجمة الآلية.
-
للّغة قيمة اقتصادية في المجالات الفكرية والتّربوية والحضارية والثّقافية.
-
زاد الطلب على تعلّم اللّغات باعتبارها سلعة دولية في سوق اللّغات الأجنبية، كما زاد حجم الانفاق العالمي على تعليمها وتعلّمها.
2. الاستثمار اللّغوي
1.2. ماهية الاستثمار اللّغوي وأشكاله
عند الحديث عن كلمة الاستثمار فإنّ الذهن يتّجه مباشرة إلى الاستثمار المادي و دوره في اقتصاد البلدان؛ فالاستثمار هو إنفاق المال في وجه من الوجوه بقصد الحصول على دخل، وعلى ذلك يدخل فيه : إنشاء مصنع أو شراؤه، كما يدخل فيه شراء أسهم أو سندات، وغير ذلك من وجوه الاستغلال (غربال و آخرون، 1965). لكن دلالة هذه الكلمة قد توسعت في عصرنا هذا لتشمل الاستثمار في الأفراد والأفكار والرؤى، وفي اللّغة أيضا؛ ونقصد بالاستثمار اللغوي توظيف اللغة والمعرفة والأفكار لتنمية الأفراد فكريا، وماديا.
2.2. إستراتجيات الاستثمار في اللّغة
لقد أصبحت اللّغة أداة إنتاج وتنمية؛ إذ تعد مشروعا للاستثمار الرأسمالي من خلال ما يسمى بالأسواق اللّغوية التي تعرض سلعا لغوية وخدمات معرفية، ونستطيع رصد المظاهر اللّغوية في مجالات تُؤسّس لاستثمارات مادية في المجتمعات الحديثة ومن بينها :
-
صناعة المعاجم اللّغوية : ذات الاستعمال العام أو المتخصص، إلكترونية كانت أو ورقية.
-
الترجمة الآلية والنشر الورقي :
-
تعليم اللغة للناطقين بغيرها
-
برامج الذكاء الصناعي والمعالجات اللّغوية
-
إنشاء نظم وبنوك المعلومات
-
تطويع لغات الحاسوب للغة العربية
-
السياحة.
3. الاستثمار اللّغوي في المجال السياحي
لقد أعطت المنظمة العالمية للسّياحة سنة 2005 صفة الإنتاج الصناعي للنشاط السّياحي وذلك باعتبار مجموع الأنشطة السّياحيّة صناعة تساعد على سد حاجيات السائح. (منظمة السياحة العالمية)
ومع تزايد التّطور الحاصل في مجالات عديدة أصبحت السّياحة قطاعا استثماريا في الكثير من بلدان العالم،وأصبحت معها لغة السّياح القادمين إلى تلك البلدان رأسمال له وزنه الاقتصادي وجب التفكير في طريقة يمكنها تسهيل التعامل مع هذا السائح من أجل جذبه لاكتشاف هذا البلد دون عناء مع الاستمتاع بكل مقوماته السّياحية ولنأخذ على سبيل المثال تركيا فقد أدرك القائمون على قطاع السّياحة فيها أهميّة « الخدمة اللّغوية » بالنسبة للسائح التي تمكنه من التّواصل مع الآخر من أجل اكتشاف البلد.
ومن هنا نقول أنّ السّياحة أصبحت تمثل جانبا مهما من جوانب الاستثمار اللّغوي، فهي تدخل ضمن أسباب الاهتمام بلغة السّائح وتعلمها، وتعد تركيا نموذجا واضحا أحسن الاستثمار في اللّغة العربية في المجال السّياحي، ثم تليه دول جنوب شرق آسيا والصين.
1.3. تجربة تركيا
1.1.3. إستراتيجية تركيا في الاستثمار في اللّغة العربية
أكدت وزارة الثقافة والسّياحة التركية أنّ عدد السّياح الذين زاروا تركيا خلال عام 2019، بلغ 42 مليونا، و910 آلاف، و408 سائحا. وذكرت الوزارة أنّ عدد زوار تركيا قد زاد بنسبة 14.31 %، مقارنة بالفترة نفسها من 2018، بما يشكل مليونين و190 ألف و622 سائحا.
كما كشفت إحصائيات قدمتها ذات الوزارة أنّ أعداد السّياح الوافدين إلى البلاد من مختلف أنحاء العالم خلال سنة 2018فاقت 46 ميون سائح محققة ارتفاعا بنسبة 22.3 % مقارنة بسنة 2017 بعائدات تقارب 30مليار دولار وذلك رغم حالات عدم الاستقرار التي تعرفها المؤشرات الاقتصادية. وكشف ذات المصدر أن تركيا وضعت خطة للاستقطاب 70 مليون سائح بحلول عام 2023 الذي يصادف الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية، وتحقيق إيرادات بقيمة 70 مليون دولار. وعن عائدات تركيا من السياحة في عام 2019 ارتفع بنسبة 17 % إلى 34.52 مليار دولار، وكان معظم الدخل من السياح الأجانب بنسبة 83.3 %، مقابل 16.7 % من المواطنين الأتراك الذين يعيشون في الخارج. (وزارة الثقافة والسياحة التركية) وحسب نفس المصدر، يتزايد عدد السّياح العرب القادمين إلى تركيا من سنة إلى أخرى،حيث أصبحت تركيا وجهتهم الأولى للسياحة، ويحتل العرب المرتبة الرابعة بنسبة 18 % بعد السّياح الألمان والروس والبريطانيون.
ومن الأهداف الإستراتيجية التي وضعتها تركيا لجذب السّياح العرب على وجه الخصوص :
-
أقرت تعليم اللّغة العربية في المدارس والمعاهد والجامعات.
-
أنشأت عدد كبير من المؤسسات لتعليم اللّغة العربية للنّاطقين بغيرها؛ كما أرسلت بعثات للبلدان العربية من أجل تعلّمها.
-
كما أنشأت أيضا بعض الصحف التركية مواقع إخبارية باللّغة العربيّة
-
مواقع إلكترونية رسمية باللّغة العربية.
-
أسست قناة حكومية تركية ناطقة باللغة العربية TRTعام 2010.
-
نظمت مشاريع وفعاليات خاصة باللّغة العربية، ومن هذه الفعاليات « قرية اللّغة العربية » التي انضم إليها أكثر من 62 ألف طالب.إذ يهدف هذا المشروع إلى جذب الراغبين في تعلّم اللغة العربيّة دون الحاجة إلى السفر إلى الدول الناطقة بالعربية. وكذلك مشروع (معلمي العربيّة ! هيا إلى تركيا) ومشروع (العربية لعرب تركيا).
-
افتتاح عدد جديد من كليات الإلهيات فقفز العدد من 21 إلى 95 كلية في تركيا، وهي الكليات المسؤولة في برامجها عن تعليم العربية. (الحلالشة، 2015، صفحة 129، 142)
-
تعمل دائما على توفير موظفين يتكلّمون اللّغة العربية في المطارات والأماكن السّياحية والفنادق والمطاعم.
2.1.3. انتشار اللّغة العربية في تركيا وتأثيرها على النّشاط السّياحي
تستقبل تركيا سنويا أكثر من 4 ملايين سائح عربي في أوقات مختلفة من السنة لغرض السّياحة، ومن أهم متطلبات التكيّف مع هؤلاء السياح،هو معرفة لغتهم حتى يتم التواصل معهم،ومن هذا المنطلق فرضت اللّغة العربيّة نفسها وزاد الاهتمام بتعليمها
فبعد سنوات من حظرها وحصرها في المؤسسات الدينية، أعلنت وزارة التربية والتعليم التركية عن إضافة مادة اللغة العربيّة في المدارس، كما أدرجت عدّة جامعات تركية تخصصات باللغة العربيّة.
وتجسيدا لما ورد في تقرير وزارة السياحة لجذب السياح العرب وتسهيل إقامتهم بالبلاد سنّت الحكومة في بعض البلديات الكبرى كاسطنبول مجموعة من الإجراءات نذكرها في ما يلي :
-
قامت الحكومة التركية في بعض البلديات وعلى رأسها بلدية اسطنبول بتسمية الشوارع والمناطق السياحية في اللافتات الإرشادية باللّغة العربية إلى جانب اللّغة التركية والانجليزية؛ وذلك تشجيعا للسياحة العربية في تركيا وتيسيرا للسائح العربي الذي سيتجوّل بسهولة أكثر دون الحاجة إلى سؤال أو مساعدة. فسترشده هذه اللافتات إلى عناوين الطرق والشوارع والأماكن الأثرية في المدينة، والحدائق الشهيرة، ومراكز التسوّق والتّبضّع.
-
تفعيل اللغة العربية في اللّوحات الالكترونية في وسائل النّقل العموميّة بهدف نشر المعلومات الموجهة إلى الركاب من السّائحين.
-
كما أطلقت عدة مصارف تركية خدمات ناطقة باللّغة العربيّة إلى جانب تحديث الصرافات الآلية المنتشرة لتشمل اللّغة العربيّة.
-
انتشرت اللغة العربيّة في الدوائر الحكوميّة والمناطق السّياحية والمؤسسات التجارية والاقتصادية والمؤسسات العلاجية على لسان المترجمين العرب والأتراك المتحدثين باللّغتين.
-
من جهتها عملت المطاعم على توفير قوائم الطّعام باللّغة العربية إلى جانب اللّغتين التركية والانجليزية؛
-
أطلقت شركة الاتصالات التركية مشروعا جديدا باللّغة العربية، لخدمة زبائنها العرب واستقطاب المزيد منهم.
لقد استحسن السّياح العرب اهتمام الدولة التركية بضيوفها وبلغتهم، وتعتبر هذه الخطوة مهمة جدا في تنشيط السياحة العربية و تفعيلها نحو تركيا أكثر من ذي قبل وتحفز السّياح العرب على القدوم إليها بدلا من الذهاب إلى دول أخرى، فتكلفة السيّاحة في تركيا أرخص بكثير عن السياحة بالدول الأوربية مثلا كما يلعب العامل الديني والتاريخي بالإضافة لعوامل أخرى دوره في اختيار تركيا التي أصبحت تعدّ وجهة سياحية بامتياز.
2.3. الاستثمار اللّغوي في دول جنوب شرق آسيا
تعدّ كل من ماليزيا وأندونيسيا من أجمل البلدان الآسيوية بمناظرها الطبيعية الساحرة فأضحت وجهات سياحية عالمية بامتياز فبدأت هذه الدول تهتم بهذا القطاع لما يدرّه عليها من أموال طائلة.
1.2.3. ماليزيا وأسباب اختيار المسافرين العرب المسلمين السياحة في ماليزيا
تشتهر بالسياحية التّجميلية والعلاجيّة بمختلف أنواعها، وسياحة الطّعام في الأسواق الشعبية أضحت قبلة للسيّاح العرب فنجد مثلا في كوالالمبور شارع أطلقت عليه السلطات هناك شارع العرب به مطاعم وصرافات وكل الخدمات التي يحتاجها السائح العربي. ففي عام 2019، استقبلت ماليزيا 309.2 ألف سائح من منطقة الخليج، وقد بلغ إنفاقهم السياحي حينها 3,2 مليار رينغيت ماليزي (2,8مليار درهم) أي أن الإنفاق الفردي كان الأعلى مقارنةً بجنسيات السيّاح الأخرى. ويقصد السائح العربي ماليزيا عادة للعلاج الصحي والتسوق وقضاء الإجازة، حتى أن بعضهم يأتون إليها للعمل في مجال المطاعم، ولهذا يمكنك بسهولة العثور على مطاعم عربية، وقد صُنفت ماليزيا في « مؤشر ماستركارد كريسينت العالمي للسفر للمسلمين »كأفضل وجهة سفر للمسافرين المسلمين تسعة أعوام على التوالي، ويمكن العثور على الطعام الحلال بسهولة في البلاد ماليزيا. (مقال ماليزيا تستهدف السياحة الخليجية)
يفضل العرب السياحة في ماليزيا وذلك لسهولة التجوال في البلاد فهي دولة آمنة ومن بين الأسباب التي تجعل العرب يفضلونا كوجهة سياحية أولى بامتياز ما يلي :
-
كثرة المساجد متواجدة في كل مكان من أجل أداء فريضة الصلاة وهذا ما يسهل أداء الفرائض هناك.
-
وجود رحلات مباشرة من بعض المطارات العربية إلى مطار كوالالمبور الدولي لجلب المزيد من السياح من الدول العربية.
-
ماليزيا دولة ودودة غنية ثقافياً فالبلد عبارة عن مزيج من ثقافات الملايو، والثقافة الهندية، والصينية، والعربية، والأوروبية، وغيرها من الثقافات، كما تشتهر بالمناظر الطبيعية الخلاّبة.
-
تمتلك ماليزيا معالم جذب شهيرة عالميًا تجعل الرحلة مجزية للغاية، فهي تمتلك أشهر المواقع السياحية في جنوب شرق آسيا، فيمكنك زيارة أطول برجين توأمين في العالم، أو الغطس في المياه النقية للساحل الشرقي، أو زيارة جبل كينابالو.
-
تعتبر السياحة في ماليزيا فرصة تذوق طعام أسطوري، حيث يتنقل الباعة المتجولون على الأقدام، والدراجات، والشاحنات الصغيرة لبيع طعامهم.
2.2.3. إندونيسيا
أما إندونيسيا فاستثمارها في تعليم اللّغة العربية للغرض الديني بالمقام الأوّل فهي بلد مسلم، وهذا ما يساعد السيّاح العرب أمّا من الناحية الاقتصادية تعمل على تكوين المرشدين السياحيين باللغة العربية خاصة المرافقين للسّائح العربي وهذا من أجل تسهيل عليه الاستمتاع بالبلد. كما أطلقت نوع جديد من السياحة وهو« السياحة الحلال » فكما نعلم أنّ إندونيسيا بلد به غالبية مسلمة وفقًا لوكالة الإحصاء المركزية في عام 2019، كانت نسبة المسلمون في إندونيسيا حوالي 87.18٪، بينما الذين يعتنقون المسيحية (6.96٪) والكاثوليك (2.91٪) والهندوس (1.69) والبوذيين (0.72) والبقية يتبعون إلى ديانات أخرى، وتستخدم إندونيسيا هذه النسبة العالية والإمكانية الضخمة لمواصلة السّعي لتطوير حملتها التي اسمتها « السياحة الحلال »، ويلعب الموقع الجغرافي الاستراتيجي لإندونيسيا وامتلاكها لأكبر قوة بشرية مسلمة دورا محوريا في نجاح حملتها الترويجية للسياحة الحلال
عملت إندونيسيا على زيادة وجود الفنادق الإسلامية حول الوجهات السياحية. وفي إطار محاولتها لتنفيذ هذا المشروع القيم، قامت الحكومة من خلال لائحة وزير السياحة والاقتصاد الإبداعي في إندونيسيا بنشر وتوزيع مبادئ توجيهية في شكل بيان وملصقات للفنادق الإسلامية من أجل تنفيذ برنامج الحكومة في نشر حملة السياحة الحلال، فتم وضع الديباجة التي استخرجها مجلس علماء اندونيسيا والتي كتب عليها عبارة (حلال) على واجهة المشروبات، المأكولات، وبقية الأدوات الأخرى، وبذلك أصبحت تتوفر الأطعمة والمشروبات التي تتضمن كلمة حلال للسياح المسلمين. أما ما يخص الإيواء والإطعام ففي عام 2018، كان هنالك حوالي 57 فندق شريعة معتمد ديباجة حلال و150 فندق نحو عملية التطبيق، وهناك 2916 مطعم حلال حول الوجهات السياحية و303 منهم معتمد ديباجة حلال، و1800 يستعدون للحصول عليها. (مقال أندونيسيا وجهة السياحة الحلال)
خاتمة
إن اهتمام الدول بالاستثمار اللّغوي في المجال السّياحي أضحى مطلبا استراتيجيا من حيث كونه مرتكزا ثقافيا من جهة، ومرتكزا اقتصاديا مدرا للمليارات من الدولارات من جهة أخرى، فالنشاطات السّياحية لا يمكن لها أن تتم خارج الأنظمة اللّغوية، لأن ذلك يوفر خطابا متعددا في عملية الاتصال، وهذا ما يعتبر قيمة مضافة تدعم قدرتها التنافسية في هذا المجال فإذا كانت السّياحة قطاعا حيويا يستثمر العملة، فإن الكلمة هي أيضا عملة لها وزنها في السوق العالمية.