مقدمة
إن الاهتمام بقضايا اللغة يقتضي الاهتمام بقضايا تدريسها، وإن الاهتمام بقضايا تدريسها يلزم الإلمام بمعطيات مستمدة من عدة علوم، حيث يعتبر التدريس نقطة تقاطع بين مجموعة من المعارف التي تطرح عدة إشكالات، فمنها ما يتعلق بالمتعلم كذات مفردة متعلمة متفاعلة مع ذوات أخرى، ومنها ما يتعلق بموضوع التعلم نفسه وباستثماره كبنيـات للتلقي، ومنها ما يتعلق بنشاط المعلم من حيث هو منظم للفصل وموصل للمعارف ومسؤول عن تطبيق برنامج دراسي له أهدافه وطرائقه، ويتطلب تقويما مرحليا ويستلزم نشاطا دائما، وذلك لأن التعلم نشاط استراتيجي يوصل بين القديم والجديد، وممارسة لتسهيل هذا الوصل ووسيلة لتعديل معارف المتعلم وقيمه وسلوكه، من خلال تشغيل مجموعة من الآليات النفسية والتربوية. وهكذا، ارتبطت تعليميات اللغات بعلم النفس ونظريات التعلم، واستعارت مفاهيمها من علوم ومجالات معرفية أخرى، وأسند إليها دور بناء الاستراتيجيات البيداغوجية المساعدة على بلوغ الأهداف.
1. المبادئ الأساسية لإعداد البرامج اللغوية
يقوم تعليم اللغة على إعداد برامج وطرائق تعليمية تأخذ في الاعتبـار مقاييس استعمالها وممارستها، حيث تؤدي التمارين اللغوية النحوية دورا هاما في النهوض بتعليم اللغة، لا سيما إذا ما توفرت في منهجيـة إعدادها المقاييس التعليمية الضرورية التي تجعل من المحتوى مناسبا لأهداف التعليم والتعلم ومناسبا لحاجات المتعلمين وخصائصهم، فيترتب عن الإعداد المناسب الطريقة التعليمية المناسبة.
وفي هذا الإطار يؤكد دينيس جيرار Gerard Denis على التمسك بثلاثة أفكار أساسية تسمح بحل مشاكل تعليمية اللغات في المجال التطبيقي وهي :
« 1. يجب أن يضع كل مدرس للغة نصب عينيه بأنه لا يعمل في ميدان اللسانيات وإنمـا يقوم بتدريس لغة، أي تعليم كيفية استعمال هذه اللغة استعمالا صحيحا.
2. أن لا يلتزم مدرس اللغة بإتباع نظرية معينة بأسسها ومبادئها، بل يقوم بانتقاء كل ما يراه مفيدا في عملية التدريس.
3. أن يعتمد المدرس على سيكولوجية التعلم التي تقوم بتسهيل النمو الطبيعي للمتعلم، وبالتالي المزاوجة بين اللسانيات ومعطيات علم النفس التعليمي وطرائق التدريس »1.
وإذا كان المقصود من تعليم اللغة هو إكساب المتعلم السلامة اللغوية، فلابد من إعادة النظر في تدريسها، وهنا نتساءل عن: كيف نخطط للتدريس وكيف ننجزه وكيف نقيّم ما تم إنجازه؟
إن الجواب عن هذه التساؤلات يقودنا إلى التساؤل عن أية مقاربة بيداغوجية يمكن أن نؤطر داخلها هذه الطرائق والأدوات والتقنيات الموظفة في التخطيط والإنجاز والتقييم؟
على العموم، هناك مقاربتان نموذجيتان للتدريس، الأولى ترى أن المدرس هو مركز فعل التعليم والتعلم (يخطط، يسيّر، ويقيّم)، والثانية ترى أن المتعلم هو مركز فعل التعليم، على أساس أنه يمتلك ذاتا فاعلة وقادرة على المبادرة والبحث والاكتشاف...، بينما يقود تحليل الـبرامج والمناهج إلى تحديد مقاربـات بيداغوجية مختلفة تتعدد داخلها الطرائق والتقنيات، فإذا كانت أنماط البرامج والمناهج متعددة، فإن الدرس أيضا متعدد ومتنوع علـى اعتبـار أن كل مقاربة بيداغوجية تتضمن جملة من الطرائق والتقنيات التي تنسجم معها، وليست هناك تقنية أو طريقة واحدة لتخطيط الدرس، وإنما هناك تقنيات متعددة تختلف باختلاف الأهـداف التي نتوخى بلوغها.
وهنا نتساءل عن الطرق والتقنيات الـتي يمكن توظيفها في درس ما انطلاقا من مقاربة بيداغوجية محددة؟
وبما أن الطرائق والتقنيات تتعدد لابد من اختيار لكل مقاربة تعليمية طريقة تجسدها لأن الأهداف مختلفة، فمنها ما يخص تبليغ المعارف، ومنها ما يتعلق بتعديل السلوك، ومنها ما يتمركز حول نمط الشخص، ومنها ما يهتم بنشاط الجماعة...، فمن خلال هذه المعطيـات لابد من اقـتراح طرائق وتقنيات تختلف باختلاف المقاربات، وتحسس المتعلم بوجود هذه التقنيات التي تأخذ بعين الاعتبار المقاصد والمرامي التي يتوخاها من الـدرس، وتجلب انتباهه إلى الوعي بطبيعة ممارسته البيداغوجية وخلفياتها النظرية، مما سيمكنه من تحليل تلك الممارسة ومقارنتها بممارسات بديلة.
ومهما اختلفت طرائق تعليم اللغات، « فكل طريقة تتصف بأدنى شيء من الجدية، لابد أن يكون أصحابها قد اعتبروا فيها انتقاء العناصر وترتيبها واختيار كيفية ناجعة لعرضها وترسيخها في ذهن المتعلم، ثم خلق الآليـات الأساسية لاستعمالها بعفوية »2.
1.1. أهمية تعليم قواعد اللغة
نظرا لأهمية قواعد اللغة في حياتنا اليومية، فإننا ملزمون في تعليمها بانتهاج الأساليب التي تخوّل للمتعلم تحسين لغة قراءته وكتابته وتعبيره، لأن تعليمها اليوم يواجهه تحديات ضخمة بالنظر إلى مردود المتعلمين الكتابي ونوعية الأخطاء التي يقعون فيها.
فبعد ما كان تعليم القواعد في الطريقة المباشرة يقوم على الطريقة الاستنباطية، حيث يحاول المتعلم مساعدة المدرس في استنباط القـاعدة، وبعدما اهتمت طريقة حل الرموز بتعليم النحو والصرف والأصوات لتمكين المتعلم من التعبير خارج حدود التراكيب النمطية أو الأمثلة المحدودة، ظهرت الطريقة السمعية الشفهية وتلتها الطريقة السمعية البصرية اللتان ركزتا على تقديم التراكيب في قالب حواري يوفر لها سياقا لغويا وموقفيا يقربها من الاستعمال اللغوي الطبيعي، وبعدها جاء تشومسكي ليقول بأن اللغة تكتسب بواسطة تكوين قواعد وليس عن طريق تكوين عادات. وهنا ظهر الدور الخلاق للمتعلم، فأصبح هذا الأخير مركز اهتمام تعليمية اللغات.
2.1. الآليات المعرفية لاكتساب اللغة العربية
إن لعلماء العربية ونحاتها جهودا كبيرة في مسألة اكتساب اللغة وتعلمها، ولقد تركوا فيها آراء صائبة تتعلق بكيفيات إحداث الكلام وفهمه أو جريانه كآليـات معرفيـة عميقة، يستنبط المتكلم قوانينها ومثلها من خلال ممارسته للكلام.
وبناءا على ذلك، تم استنباط قوانين العربية من خلال كلام العرب، حيث يقول الخليل: « ماقيس على كلام العرب فهو من كلامهم، وما لم يكن في كلام العرب فليس له معنى في كلامهم، فكيف تجعل مثالا من كلام قوم ليس له في أمثلتهم معنى »3
وسميت تلـك القوانـين بـالنحو لأنها تعبر عن هذه الحقيقة العميقة، إذ: « إنها في جوهرها، تمثل واع وخلاق أو بنائي لكيفيات إنشاء الكلام وإحداثه، فإذا تم ذلك لأحد أمكن القول أن فلانا قد تمكّن من إعادة إنشاء الكلام وفهمه، وبالتالي فقد تعلم اللغة واكتسبها »4
1.2.1. آليات تعليم اللغة العربية وترسيخها عند عبد الرحمان الحاج صالح
نظرا لعدم نجاعة السبل المنتهجة في تعليم اللغة العربية ظهرت مساعي حثيثة لتيسير تعليمها عند الباحثين في هذا المجال، حيث اقترح عبد الرحمن الحاج صالح مقاييس في التبليغ التعليمي وفي وسائل الترسيخ التحليلية والتركيبية، وذلك بعد تطرقه للمشاكل التي تعترض اللسانيات التربوية، نذكرها كما جاءت عند الباحث فيما يلي :
-
مشاكل اللسانيات التربوية :
إن المشاكل التي تعترض اللسانيات التربوية، تتمثل في:
« التعرف الموضوعي على المشاكل اللغوية التربوية: ماذا يجب أن نعلم من اللغة؟ وكيف يجب أن نعلمه؟
- استغلال ما تثبته اللسانيات وما وصلت إليه بحوثها الميدانية، مع مراعاة الحقائق الثابتة، والوضع الراهن الذي هو عليه تعليمها للمادة اللغوية، إلى جانب الأخذ بمقاييس الاختبار للمادة اللغوية، وترتيب هذه المقاييس بحسب أهميتها.
- البحث في طريقة تبليغ المعلومات اللغوية وكيفية إكساب المتعلم الملكة اللغوية الكافية »5.
-
1مقاييس التبليغ التعليمي والترسيخ وخلق العادات السليمة :
لابد أن يراعي تعليـم اللغة العربية آليـات الإدراك للعناصر اللغوية وفهم مدلولاتها إلى جانب إكساب المتعلم لآليات الكلام. وعلى هذا، فإن: « التبليغ التعليمي يتناول أربعة أنواع من الآليـات اللغوية وهي :
-
الآليات التي تحصلها القدرة على الإدراك والفهم في مستوى المنطوق المسموع (السماع).
-
الآليات التي تحصلها القدرة على الإدراك والفهم في مستوى المكتوب المحرر (القراءة).
-
الآليات الـتي تتحصل بـالقدرة على التعبـير الشفاهي.
-
الآليات الـتي تتحصل بـالقدرة على التعبـير الكتابي.
-
وأهم المقاييس في هذا النطاق هو أسبقية المشافهة على القراءة والكتابة وأسبقية الإدراك على التعبير»6. و«أن يرتبط هذا المقياس الترتيبي بالمبدأ البديهي القاضي بالانتقال من الأقل إلى الأكثر صعوبة »7.
-
1وسائل الترسيخ التحليلية والتركيبية :
لابد أن تأتي وسائل الترسيخ التحليلية والتركيبية دائما بعد اكتساب المتعلم الآليات الأساسية، وذلك بالتدريب على التصرف العفوي في بنى اللغة، حيث يتدرّج هذا التدريب كما يلي:
-
يأتي التدريب مباشرة بعد إدراك المتعلم لمحتواه اللفظي والمعنوي واستئناسه به حتى لا يكون تدريبه على أشياء مجهولة لا يعرف لها معنى.
-
تترتب عملياته، بتقديم المدرس للعناصر الجديدة على شكل تقابل بـين الأصول والفروع، ويطلب من المتعلم استدلال عنصر بآخر في داخل الصيغة الواحـدة ويكرر ذلك حتى يستنبط المتعلم بنفسه المصفوفة التي يندرج فيها هذا التقابل.
-
يكتفي في كل حصة ترسيخية بالتدريب على التصرف في بنية واحدة بل ويكتفي في داخل القياس الذي يضبط هذا التصرف على تقابل بنوي واحد (كالانتقال من المفرد إلى صيغة واحـدة من جموع التكسير، ..)، ثم يعاد نفس التصرف عشر مرات علـى الأقل بتغيير المادة في كل إعادة، ويجري ذلك مشافهة في الصف أو في المخبر اللغوي. والمقصود هاهنا هو أن يتمكن المتعلم من إجراء هذا التصرف بدون أي تردد.
-
تنوع هذه التمارين وترتب على الشكل التالي:
-
الحكاية المجردة لما يسمعه المتدرب حتى يتشبع سمعه بها وتنشط ذاكرته بإعادة إطـار المسموع الدلالي إلى الشعور.
-
الاستبدال الساذج: وهو الذي يخص الموضع الواحد من الصيغة.
-
ج- الاستبدال المتعدد المواضيع: وهو تغيير للمادة في عدة مواضيع وعلى التوالي.
-
الزيادة أو الحذف، والمقصود منه تثبيت العناصر المكتسبة لفظا ومعنى مع تثبيت العناصر الجديدة وبصفة خاصة البنية الجديدة.
-
التصريف والتحويل البنوي، وهو جوهر التمارين الجارية على البنية لأنه تدريب علـى تغيـير صيغة القبيل الواحد من العناصر في داخل الوحدة اللغوية بدون زيادة ولا حذف على هذه الوحدة، أو بزيادة أو حذف. أي، مزج التحويل بالنوع الرابع، وهو تغيير لصيغة هذا القبيـل لا لمادته. والتحويل عند العرب لا يتم إلا على مثال سابق مقيس على كلام العرب وهو ما يسمى بالقياس أو الحد (وهو حمل شيء على شيء في الحكم لجامع بينهما)« 8.
ويتفاعل هذا الوضع التراكمي ليفرز ظاهرة مقلقة، فالطالب المتخرج من الجامعة لا يقرأ كما ينبغي ولا يكتب بدون أخطاء ولا يحسن استخلاص مضمون ما يسمع.
ولقد تقدم نهاد الموسى بمشروع لتجاوز هذا الوضع، لما لاحظه من تقصير فادح في مجال تعليـم اللغة العربية على المستوى الجامعي في الوطن العربي، ومازالت دروسه تجاهد في أن تستكمل في الطلبة تحصيل النمو بمقدار يكفي لتقويم ألسنتهم وأقلامهم...
2.2.1. مستويات التحليل اللغوي عند نهاد الموسى
ينطلق هذا المشروع من طبيعة الموضوع وطبيعة اللغة العربية في تحديد محتوى المنهاج والكتاب ورسم طريقة التدريس، ويتمثل في تطبيق هذا المنطلق اللساني على مستويات ثلاثة:
-
المستوى الموضوعي: لضبط صورة العربية في عمل منهجي يستضفني القواعد الصوتية والصرفية والنحوية والمفردات الدلالية والأنحاء الأسلوبية والاعتبارات السياقية التي إن جرى عليها المعلـم أنشأ كلاما فصيحا لا تخالطه أوضاع أصبحت تصنف في العامية، أو أصبحت مهجورة لا تكـاد تجري في الاستعمال. ويقوم هذا العمل، ابتداء من فرز عينة ممثلة للاستعمال الجاري في العربية على المستويات الصوتية والصرفية والنحوية والمعجمية والأسلوبية جميعا...، لكي نسوي للعربية صورة رشيقة محددة الملامح، متدرجة العناصر وفقا لنسبة دورانها في الاستعمال ووفقا لمقاصدنا العلمية من درس العربية وتدريسها.
-
المستوى الوظيفي: نميز فيه أوجه استعمالنا للغة وتحليلاتها الوظيفيـة، وهي القراءة الجهرية والقراءة الصامتة والاستماع والتعبير الشفوي والتعبير الكتابي، ثم نحلل هذه الوظائف إلى عناصرها البسيطة بالتفصيل، ولكي نضمن لمعالجتها أن تكون محددة متكاملة وتفصيلية تؤدي إلى القيام بها قياسا صحيحا في نهاية الأمر.
-
مستوى الطريقة في التأليف والتعليم: وهذا المستوى يستمد من مقولتين لسانيتين:
-
-
وحدة الشكل والمضمون: هذان العنصران، وإن لزم تمييزهما وتحليلها إلى بسائطهما، لغايـات الدرس النظري والضبط المنهجي، لا يمكن لأحدهما أن يقوم بـدون الآخر في الواقع الطبيعي لاستعمال اللغة، ذلك أن بينهما علاقة عضوية أو علاقة قائمة على التحقق الجدلي، فاللغة ليست رموزا مكتوبة وحسب، كما أنها ليست معاني أثيرية أو مضامين مجردة مطلقة قائمة بذاتها.
-
وحدة مستويات اللغة: الأصوات في حالتها المفردة وفي حال اجتماعها، والأبنية التي تتخذها هذه الأصوات، والدلالات التي يصطلح عليها لكل كلمة، ونظام التـراكيب الجملي، وأساليب أداء المعنى الواحد على أنحاء متفاوتة، هذه المستويات يتحقق بها النظام اللغوي في هيئته المنطوقة وتتخذ عند الكتابة شكل الرسم، وهو يجري وفقا لقواعد الإملاء »9.
-
وهكذا، يتعين على من يسعى لمعرفة اللغة أن يعرف هذه العناصر جميعا. وإن وقع تمييزها لأغراض الـدرس النظري والضبط المنهجي في مستويات يتناول كلا منها علم خاص، فإنها جسم اللغة الحي الذي تتوحد أجزائه كلّها ولا تنفصل أبدا.
3.1. اقتراح وقفة نحوية نموذجية
ما دام الهدف العام من تعليم اللغات هو تلقين التراكيب الأساسية للغة الهدف، وبما أن استخدام اللغة مرتبطا بالقواعد التي تحكم التراكيب اللغوية، فإن معرفة المتعلم لمجموعة من القواعد يساعده على فهم وإنتاج الكثير من التراكيب والعبارات. وفي هذا الإطار يقول الطاهر لوصيف :
« من المعارف التعليمية التي صارت متداولة ومشهورة أن المعرفة النحوية إما أن تكون عفوية سليقية لنظام اللغة موضوع التعلم بفعل ممارسة المرء للغة وهو ما يحصل مع أولئك الذين يكتسبون لغات محيطهم من خلال معايشتهم لها، أو أن تكون المعرفـة النحوية تأملية واعية يحصلها الفرد بفعل تعلمه لقواعدها النحوية التركيبية والمعنوية وهو شأن من يتعلمها في المدارس والمخابر اللغوية »10.
وانطلاقا من هذه الرؤية، أقترح نموذجا لدرس أهدف من خلاله إلى التفكير في طبيعة الممارسة التعليمية، وسأعمل على تطبيقه والحكم على مدى فعاليته.
وبما أن الأسماء هي الأولى في الوضع، اقترحت في هذه الوقفة دراسة الاسم من حيث العدد، ثم من حيث أحكام العـدد لأن الأسماء كلها أصلها التذكير، والمفرد هو أصل المثنى والجمع، والمؤنث يحصل بزيادة شيء على المذكر، وكذلك المثنى والجمع بالنسبة للمفرد حسبما هو مشهور عند سيبويه.
ولقد اقترحت هذه المسألة بالذات، لأن العرب عامة وحتى أو لائك الذين يتحدثون بالعربية يلجؤون إلى اللغة العامية متى وجب عليهم تعداد عدد أصلي، والذين يعددون العدد الأصلي تعدادا صائبا وفقا للقواعد قليلون...، ولأن: « من الظواهر التي تأثر في تعليم اللغة العربية في مجال الأسماء ظاهرة الجمع الذي يشترط فيه أن يكون على صيغة لا يكون عليها الآحاد، وهو نوعان: مفاعل، كمساجد ودراهم، ومفاعيل، كمصابيح وطواويس »11
وظاهرة جمع التكسير ليس لها قاعدة توضح ما إذا كان المفرد يجمع على وزن معين، وذلك لأنه في اللغة العربية سماعي. فمثلا: « يمكن جمع المفرد الذي على وزن فعل- أفعـال مثل ولد- أولاد، كما يمكن أن يكون جمعه على وزن فعال وفعلان مثل بلد وبلدان »12. لذا، وجب التدرّب على هذه الأوزان على اختلافها لتجنب الأخطاء فيها.
2. النموذج
-
المادة: لغة عربية.
-
الفئة المستهدفة: متوسطة.
-
موضوع الدرس: دلالة الاسم على العدد.
-
الحصة: نحو.
-
الهدف العام: حسن استخدام الاسم من حيث دلالته على العدد.
1.2. المقاطع التمهيدية
-
الهدف العام: معرفة اسم العدد من الأسماء.
-
الهدف الإجرائي: ضبط أقسام الاسم الدال على العدد.
-
الأنشطة: تدريبات حول الاسم المفرد، فالاسم المثنى، ثم الاسم الجمع.
-
التقييم: مدى قدرة المتعلم على حسن استخدام أسماء الأعداد.
2.2. المقاطع الوسيطية
-
الهدف العام: معرفة حكم العدد في جميع الحالات.
-
الهدف الإجرائي: ضبط أقسام أحكام العدد.
-
الأنشطة: تدريبات حول الأعداد المفردة، فالأعداد المركبة، ثم الأعداد المعطوفة.
-
التقييم: مدى قدرة المتعلم على حسن استخدام أحكام العدد.
3.2. المقاطع النهائية
-
الهدف العام: قدرة المتعلم على استنتاج التعميمات من التراكيب المقدمة إليه.
-
الهدف الاجرائي: ضبط إسم العدد وأحكامه.
-
الأنشطة: تدريبات حول علاقة العدد بمعدوده من حيث الإعراب، ومن حيث التذكير والتأنيث، ثم من حيث الإفراد والجمع.
-
التقييم: مدى قدرة المتعلم على حسن استخدام المبادئ النحوية التي تعلمها في هذه الحصة.
قدمت هذا النموذج العام الذي يمكن أن يتعامل معه مدرسون من مختلف التخصصات. إذ قسم الدرس إلى ثلاثة مقاطع: تمهيدية، وسيطية، ونهائية، وكل مقطع تضمن هدفا عاما، وهدفا إجرائيا، وأنشطة يقوم بها المتعلم، وتقييما يقوم به المدرس من خلال أسئلة التقييم التي يقوم بها.
وعليه، فإن تعليم اللغة العربية في كل المستويات بحاجة إلى الإسفاد من كل أنواع
الاختبارات، فمن اختبارات التقدم والتحصيل، إلى اختبارات الكفاءة الـتي تحدد قدرة المتعلم اللغوية، إلى اختبار التتمة الذي يحدد مستوى الاجادة اللغوية عند المتعلم.
ومن خلال عملية التقويم يمكن الكشف عن العديد من نقاط الضعف ونواحي الخلل في تعليم العربية واستدراك ذلك بإجراء التقويم على مستويات مختلفة وبفترات غير متباعدة، وبالتالي تسهيل عملية تعديل المسار وتحسين مستوى الأداء في هذا الجانب من تعليم اللغة العربية.
وعند اختيار المحتوى التعليمي وطرائق وأساليب التدريس والتقويم، ينبغي على مصمم البرنامج أن يجد بدائل للعمل تقوم على أساس من بصيرة المصمم ورؤيته المستقبلية لكيفية عمل النظام وتوقعاته، فيخترق بصيرته حجب المستقبل، ويرى كيفية عمل النظام ويضع البدائل التي تسمح بأكبر قدر من المرونة من أجل تحقيق الأهداف المنشودة.
وإذا كان الهدف الرئيس من تعليم اللغة هو تغيير سلوك المتعلمين في الاتجاهات المرغوب فيها، عندها يصبح التقويم جزءا مهما من هذه العملية، وذلك لما يحدثه من التغيير والتقدّم والتحصيل. إنه يتناول كل عناصر التدريس من أهداف وطرائق ومحتويات وأدوات، فهو إجراء تصحيحي لكل مكونات العملية التعليمية وليس مقتصرا فقط على المتعلم وحده. وهو بذلـك أداة لاختبـار قيمة وفعالية ما نعلمه، وكيف نعلمه، وبآية وسيلة يحصل ذلك التعليم، وكيف نعدّل ونوجه ما اعوج منه.
خاتمة
إن العنصر الرئيس في تعليم اللغة هو اللغة بطبيعتها ونظامها وأشكال تحقيقها ونظريات تدريسها، ذلك أن النظر في طبيعة اللغة لا يقل أهمية عن النظر في طبيعة المتعلم عند محاولة تشكيل طريقة لتعليمه، لأن دوافع المتعلم وحوافزه تتدخل وبصفة جذرية وحاسمة في اختيار المادة التعليمية المراد تعلّمها. وإن الـذي يحتـاج إلى العلم النظري هو المدرس، حيث ينبغي أن تتوفر فيه الملكة اللغوية الأصلية، ولكي تتوفر فيه ملكة تعليم اللغة لابد أن يطلع على محصول البحث اللساني والتربوي وأن يطبقه بكيفية علمية منتظمة ومتواصلة. وينبعي أن يهتم المتخصص في مادة اللغة العربية اهتماما كبيرا وأن يتصل اتصالا وثيقا بما توصل إليه علم اللسان الحديث من نتائج مفيدة وما حققه علم العربية قديما من أصيل النظريات.