صورة الجزائر في آخر مسرحية لشكسبير « العاصفة »

L’Algérie dans la dernière pièce de Shakespeare : La tempête

The image of Algeria in the last play of Shakespeare : The Tempest

عبد الكريم كريمي

Citer cet article

Référence électronique

عبد الكريم كريمي, « صورة الجزائر في آخر مسرحية لشكسبير « العاصفة »  », Aleph [En ligne], 7 (1) | 2020, mis en ligne le 21 juin 2020, consulté le 16 avril 2024. URL : https://aleph.edinum.org/2366

يبدو أن وليام شكسبير في اّخر مسرحية له « العاصفة » والتي نشرها سنة 1611 تكلم عن الجزائر من خلال شخصياته حيث حصرها في شخصيتي « سيكوراكس » وابنها « كاليبال » اللذين جعلهما أصحاب الأرض الأصليين « الجزائر » إلا أنه أضفى عليهما صفات القبح واستعمال السحر والعنف وصورهما في أبشع الصور بحيث شبه « كاليبال » بالوحش الذي يقترب من الحيوان في خلقته. وبالمقابل صور الوافدين الجدد على الجزيرة بالتحضر والجمال وغيرها... وهذا في اعتقادنا يرجع أساسا للخلفية الذهنية الاستعمارية والنظرة الدونية للآخر هذا من جهة ومن جهة أخرى بسبب الأحداث التي جرت في البحر المتوسط في تلك الحقبة من التاريخ حيث كان الأوروبيون يطلقون على البحارة الجزائريين آنذاك القراصنة، إضافة إلى هذا، يبدو أن سبب القبض على زميله الروائي الإسباني الشهير « ميغال دي سرفانتاس » الذي سجن في الجزائر مدة خمس سنوات كان له وقع خاص في ذهن شكسبير.كل هذه العوامل جعلت شكسبير يعطي صورة سيئة عن الجزائر ويمثلها في شخصيتي سيكوراكس التي جعلها ساحرة مشعوذة قبيحة الخلقة ومتسلطة ، أما ابنها كاليبال

فهو أشبه للحيوان منه للإنسان. في حين صور الوافدين الجدد إلى الجزيرة بأحسن الصفات وجعلهم يتمتعون بالذكاء الخارق. السؤال المطروح هل كان شكسبير يمهد للغزو الأوروبي أو الفرنسي للجزائر؟ و هل يصح لنا اعتبار هذا النوع من الأدب أدب ما قبل الكولونيالي تيمما بالأدب الكولونيالي و ما بعد الكولونيالي. فإذا كان الأمر كذلك فسوف نكتشف نوعا أدبيا ثالثا وهو كما اشرت « أدب ما قبل الكولونيالي ».pre colonial literature

Dans sa dernière pièce « La Tempête »1611, William Shakespeare a décrit métaphoriquement ou de manière indirecte l’Algérie comme la source du diable à travers ses deux personnages Sycorax et son fils Calibal. Sycorax est une sorcière laide et son fils ressemble à un monstre, alors que les nouveaux venus sur l’île (les Européens) sont des gens bien, beaux et séduisants. De plus, les comportements de Sycorax et de son fils Caliban sont brutaux, grossiers et inhumains. Mais de l’autre côté, il a décrit les autres personnages comme étant intelligents, polis et compréhensifs. Les raisons de cette description du peuple algérien - à mon avis - viennent de l’idée que Shakespeare avait en tête à travers les événements historiques qui se sont déroulés à cette période particulière en Méditerranée où son collègue, le célèbre romancier espagnol Miguel De Cervantes, a été capturé et emprisonné par les « Pirates » à Alger. D’un côté, Shakespeare avait l’idée du colonialisme et que l’Europe et la Grande-Bretagne représentent la civilisation et devraient envoyer cette civilisation aux autres nations, même par la force, et ce uniquement pour donner un prétexte à leur invasion et la rendre légitime. Et si c’est le cas, nous allons découvrir un autre type de littérature qui est la littérature pré-coloniale qui s’oppose à la littérature post-coloniale.

In his last play “The Tempest”1611, William Shakespeare described metaphorically or in an indirect way Algeria as the source of devil through his two characters Sycorax and her son Calibal. Sycorax is an ugly witch and her son resembles to a monster, whereas the new comers to the island (the Europeans) are good people, beautiful and handsome. Beside this the behaviours of Sycorax and her son Caliban are brutal, rude and unhuman. But on the other side he described the other characters are intelligent, polite and comprehensive. The reasons for this description of the people of Algeria – in my point of view – comes from the idea which Shakespeare had in mind through the historical events which took place at that particular period in the Mediterranean sea where his colleague the famous Spanish novelist Miguel De Cervantes was captured and jailed by the “Pirates “ in Algiers. This is in one side, on the other side Shakespeare had the idea of colonialism and that Europe and Britain represent the civilisation and should send this civilisation to the other nations even by force, and this is only to give a pretext to their invasion and make it looks legitimate. And if this is so, we are going to discover another kind of literature which is the pre-colonialism literature which opposes the post colonialism literature.

المقدمة

يبدو أن الادباء والمكتشفين الأوروبيين في فترة ما قبل الاستعمار كانوا على رأي واحد وهو تمهيد الأرضية وافتعال المسببات لغزو عسكري مسلح للظفر على أكبر عدد ممكن من البلدان والاستيلاء على ثرواتها وخيراتها، فما كان لهم من بد إلا افتعال حجج واهية ومبررات غير مشروعة وشيطنة هذه المجتمعات ووصفها بالتخلف والبدائية وبالتالي يجب « إنقاذها » وإخراجها من حالتها، والدفع بها إلى التحضر والرقي.

السؤال المطروح هل مارس الأديب الإنجليزي وليام شكسبير هذه السياسة أم أنه خرج عن القاعدة ونأى بنفسه عن هذه الآفة الاستعمارية؟

  • وكيف وظف شكسبير قلمه في هذا الموضوع؟

  • وما هي البلدان التي أشار إليها بطريقته الخاصة وكيف؟

هذا ما ستكتشفه هي آخر مسرحياته « العاصفة » The Tempest

1. محتوى المسرحية

في اّخر مسرحياته « العاصفة » (The Tempest) 1611 تكلم شكسبير عن دوق ميلان بروسبيرو الذي كان برفقة ابنته ميراندا وكانا على متن سفينة وتاها في البحر حتى رست بهما في جزيرة تكاد تكون خالية من السكان. مكث بروسبيرو رفقة ابنته ميراندا في تلك الجزيرة النائية عدة سنين واتخذا كهفا ملجأ لهما. كان بروسبيرو شديد الاطلاع على كتب السحر وقد جلب معه مجموعة كبيرة من هذه الكتب وخصص لها ركنا من أركان الكهف الذي كان يقيم فيه. وهذا الاهتمام بالسحر والاطلاع الكبير على خباياه هوالذي جعله يهمل شؤون مملكته وكان سبب استيلاء أخيه على العرش ونفيه بعيدا في البحر كي لا يعود أبدا إلى موطنه. وكي ينتقم من أخيه وظف هذا السحر لصالحه. وفي أحد الأيام علم أن أخاه كان في رحلة بحرية هو وبعض حاشيته فأحدث عاصفة هوجاء في البحر وأثار موجا عاليا وريحا عاتية جعل سفينة أخيه تتحطم على صخور الجزيرة التي كان يقيم فيها. وأسر كل من فيها، وجعلهم عبيدا يخدمونه هو وابنته.

شخصيات المسرحية كلها تقريبا جاءت من خارج الجزيرة سواء التي كانت في السفينة الأولى أو التي جاءت في السفينة الثانية إلا شخصيتا « اريال »Ariel و« كاليبان » Caliban اللذين كانا من السكان الأصليين، غير أن شكسبير وصف كاليبان بأنه مخلوق مشوه وهو إنسان أقرب منه إلى الحيوان : يشبه إلى حد كبير القردة، فهو مشوه الخلقة، لا يعرف الكلام، وجده بروسبيروتائها في الغابة. واستعمله في جلب الخشب والماء والأعمال الشاقة واضطر ليعلمه اللغة والديانة المسيحية والكلام. وجعله تحت تصرف « اريال » فهو الذي يأمره وينهاه ويعاقبه إن خالف الأوامر.

واسم « كاليبان » هذا هو في حقيقة الأمر تسمية مقصودة من شكسبير ولم تأت جزافا أو بالصدفة فالاسم يقترب كثيرا من الكلمة الإنجليزية : cannibal التي تعني اّكل لحوم البشر. وحورها شكسبير قليلا لكي لا تكون صادمة، وتثبت بالتالي الاتجاه العنصري لديه.

2. تفكيك الرموز الخفية

حتى هذه اللحظة تبدو الأمور عادية إلى حد ما، ولكن عندما نواصل قراءة « العاصفة » ونصل إلى الجزء الخامس من المرحلة الأولى أين يشير « كاليبان » إلى اسم أمه « سيكوراكس » Sycorax ويقول في أحد أجزاء المسرحية غاضبا إنه يريد أن يتناول عشاءه، ويقول إن هذه الجزيرة هي ملك له ولأمه سيكوراكس، وإن القادمين على متن السفينتين قد أخذوا هذه الأرض منه عندما جاءوا إلى هناك أول مرة....وعلموه اللغة، لغتهم. علما أن أمه هي التي كانت تحكم الجزيرة قبل مجيء بروسبيرو.1

و في الجزء الثاني يودع كاليبان الجميع ويسأل بروسبيرو اريال أين ولدت سيكوراكس والدة كاليبان وما هو أصلها فيجيبه :« Argier »* وهي في اللغة الإنجليزية الحديثة الجزائر« .2

وفي طبعة أخرى مكتوبة بالإنجليزية الحديثة،توصف سيكوراكس عن طريق الشتم فيقال عنها :

« This damned witch Sycorax,/For mischiefs manifold,and sorceries terrible/To enter human hearings,from Algiers,/you know,was banished.For one thing shed did,/ They would not take her life.Is not this true ?” (the tempest 1.2–264-267)

فمن هي سيكوراكس وكيف وصفها شكسبير وكيف وظفها؟ ولماذا ربطها بعنصر الشر؟ هي شخصية غير مرئية، ساحرة، شريرة وقوية، قبيحة الخلقة عاثت في الأرض فسادا بسحرها قبل قدوم بروسبيرو، وهي والدة كاليبان أحد السكان الأصليين للجزيرة الخالية التي رست عليها سفينة الدوق بروسبيرو. ولعبت في المسرحية دورا صامتا فكان يُّتكلم عنها وعن سيرتها، وقد ذكر اسمها سبع مرات في هذه المسرحية وفي كل مرة لم تذكر بخير بل نعتت بأبشع الصفات وأقبح المواصفات. وكانت قصتها لا تسمع إلا من خلال غيرها من الشخصيات الأخرى كبروسبيرو واريال وكاليبان ابنها. لأنها كانت قد توفيت بضع سنين قبل وقوع أحداث المسرحية. ولقد وصفها بروسبيرو ’ إنها المرأة البشعة... ». وحسب أحداث المسرحية والمعلومات التي تقدمها فإن سيكوراكس – وهي حبلى بولدها كاليبان – نفيت من وطنها الأصلي إلى هذه الجزيرة (وهي كلها جزر جزائرية)3 التي تقع أحداث المسرحية على أرضها وذلك بسبب تصرفاتها الشريرة، وتحكمها في سكان الجزيرة بيد من حديد. وبما أن كاليبان هو ابنها البيولوجي فهو يطالب بحقه في ملكية الأرض وأحقيته عليها ممن سواه. ويستمر بروسبيرو في تذكير اريال بفظاعة سيكوراكس وتوحشها. علما أن اريال كان عبدا عند سيكوراكس وقد عاقبته هو وبعض الجن وحجزتهم جميعا في جذوع الأشجار الكبيرة لعدة سنوات ظلما وعدوانا لعدم طاعتهم إياها. وبعد قدوم بروسبيرو إلى هذه الجزيرة حررهم بواسطة سحره هو أيضا. وبالتالي تغلب سحر الغرب على سحر الشرق وتغلب الأبيض الجميل على الأسود القبيح. ونفهم من هنا أن شكسبير أراد أن يبعث من خلال هذه الفكرة رسالة مفادها أن الغرب قوي ومتحضر جاء ليحرر البشر ويعلمهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور. وهنا تتجلى الخلفية الذهنية التسلطية للغرب وتؤكد أن شكسبير انطلق – على الأقل في هذه المسرحية – بأفكار مسبقة عن الجزائر وشعبها، وعن افريقيا عموما. وبالتالي يبرر شكسبير استعمار الشعوب الغربية للشعوب الأخرى بحجج واهية لا تقوم على المنطق البتة.

3. أصل كلمة « سيكوراكس »

يذهب كثير من علماء اللسان إلى أن اسم سيكوراكس ( Sycorax ) يجمع بين الكلمتين اليونانيتين « سو » ( Sus ) والتي تعني الخنزير، وكلمة « كوراكس » ( korax ) والتي تعني الغراب.4* وكلا المعنيين مرتبط بالأشياء القبيحة وبالشؤم وغيرها من الصور السلبية. فالأول أي الخنزير ارتبط اسمه بالوسخ والعفن والفوضى، حتى أنه في الإنجليزية عندما يصفون مكانا بالقذارة والوسخ يقولون عنه « إنه مكان خنزيري » :. a piggy placeأما الثاني أي الغراب فارتبط بالموت والشؤم والحزن، كما ورد في القراّن الكريم عندما قتل قبيل أخاه هابيل فأرسل الله غرابا هو الاخر قتل صاحبه و واراه التراب « فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه ».5 وجاء في قصيدة الشاعر الأمريكي روبارت فروست Robert Frost( 1874-1963) USA : dust of snowحيث يصف غرابا فوق شجرة ينفث الثلج عليه. The way a crow shook down on me the dust of snow from a hemlock tree.6 والمشهد يصف الموت والقسيس الذي يصلي على الأموات.

ومن الباحثين من نقب في تراث شمال افريقيا فوجد أن اسم سيكوراكس له علاقة بالكلمة العبرية NLIJX التي تعني الخداع. ويعتقد النقاد أن شخصية سيكوراكس هي شخصية مضادة لشخصية بروسبيرو في مسرحية العاصفة. انطلاقا من أن كلاهما يستعمل السحر والكهنوت غير أن بروسبيرو إنسان مثقف ولطيف وحكيم وله بنت رائعة الجمال، أما سيكوراكس فهي قبيحة الشكل شريرة الطباع أنجبت أسوأ مخلوق، شبيه بالحيوان. وأما بالنسبة لابنها كاليبان فجعله شكسبير يحمل صفات شريرة ورثها عن طريق الجينات من أمه وسماه الوحش The monster ويحمل في الوقت نفسه صفات حميدة تعلمها واكتسبها من بروسبيرو ( الذي يمثل الغرب). عن طريق الاحتكاك والتعليم والترويض.

4. الأسباب التي يُفترض أنها دفعت شكسبير إلى الوصف السلبي لسيكوراكس

فالسؤال المطروح لماذا وصف شكسبير هذه الشخصية - والتي جعلها جزائرية - بكل هذه الأوصاف القبيحة والمقرفة ووصفها بالساحرة (witch). وهل لشكسبير خلفية فكرية وذهنية مسبقة ومعلومات عن الجزائر وشعبها؟

إن كتب التاريخ الغربية تسرد لقرائها وغيرهم أن العرب المسلمين احتلوا جزءا كبيرا من الأراضي الأوروبية سواء من الجهة الشرقية أو الغربية. وأنهم نشروا ديانتهم بالقوة. ومن هذا المنطلق فقد ترمز سيكوراكس إلى العالم العربي الإسلامي المحتل في فترة الإمبراطورية العثمانية.

إن المنقب عن التاريخ ليجد أن هناك ارتباطا كبيرا بين ما جاء في مسرحية شكسبير« العاصفة » التي كتبها سنة 1611 والأحداث التي عاشها زميله الروائي الإسباني ميكال دي سرفانتاس Miguel de Cervantès (1616- 1547) الذي وقع في الأسر في الجزائر في 26 سبتمبر 1575 عند عودته من معركة « ليبونت » Léponte وكان جنديا في الجيش الإسباني، و اتهم بالجوسسة على الجزائر حيث ضبطت عنده وثائق سرية وخرائط عن الجزائر، وقد أصيب بجرح في يده اليسرى سبّب له عجزا فيها ولذا كان يطلق عليه أبتر الليبونت أي Le manchot de Léponte. وقد مكث في السجن في الجزائر هو وأخوه رودريغو Rodrigo وعدد من أصحابه عدد سنين. وقد حاول سرفانتس الفرار عدة مرات إلا أن محاولاته باءت بالفشل، ومكث في الأسر خمس سنوات في سجن برباروس. ولا تزال المغارة التي اختبأ فيها عند محاولته الفرار قائمه لحد الساعة في حي بلوزداد المعروف بحي بالكور7. ويقال إنه بدأ الكتابة في هذه الفترة فترة الأسر في الجزائر. لقد دفعت فدية كبيرة من أجل إطلاق سراحه. ومن هنا نستطيع أن نربط ما كتبه شكسبير عن شخصية سيكوراكس الجزائرية وعما وقع لزميله الكاتب سرفانتس من أسر وسجن ودفع فدية. وأغلب الظن أن قصة سرفانتس قد وصلت إلى بريطانية عن طريق البحارة الإنجليز الذين كانوا يجوبون العالم في تلك الحقبة من التاريخ. وتجب الإشارة إلى أن الإسبان كانوا يطلقون على الجزائر « وكر القراصنة ». وأما الأوروبيون فيطلقون عليها اسم « بلد البرباراسك » Barbaresques، ويعتقد أن هذه التسمية جاءت من اسم القائد بربروس وأخيه خير الدين اللذين كثفا من حملاتهما على السفن المعتدية في البحر المتوسط وتصديا بكل قوة للمعتدين الإسبان.8 وتقول بعض التقارير الغربية إن سفن العرب القراصنة وصلت حتى الدنمارك وكانت على بعد مائة وستين كيلومترا فقط من العاصمة لندن.9

بالإضافة إلى هذا فإن المكان الذي اختاره شكسبير لكي يكون مسرحا لأحداث مسرحيته العاصفة هو البحر الأبيض المتوسط وبالضبط « الجزائر » المكان الذي فعلا ألقي فيه القبض على سرفانتس، زيادة على هذا كانت الجزائر تسيطر على حوض البحر الأبيض المتوسط آنذاك. وكان قيام البحرية الجزائرية في صد العدوان الإسباني والغربي على الأراضي الجزائرية وشمال افريقيا قاطبة بمثابة ردة فعل على الحملات الاستعمارية الغربية التي كثفت هجوماتها خاصة بعد طرد العرب المسلمين من اسبانيا التي مكثوا فيها ثمانية قرون كاملة. وذهب ابن خلدون يصف هذه السيطرة البحرية الجزائرية على البحر الأبيض المتوسط بقوله « لا تسبح فيه لغير العرب ألواح. » إذن في اعتقادنا أن هذه هي الأسباب الرئيسية التي جعلت وليام شكسبير يتحدث عن الجزائر بهذه الطريقة ويمثلها في عنصر الشر الذي شخصه في « سيكوراكس » وابنها « كاليبال » والذي يذهب بعض المحللين إلى أن اختيار شكسبير لاسم « كاليبال » هو الآخر كان بقصد الاهانة والنظرة الدونية لأن Caliban « كاليبال » كما أسلفت تقترب كثيرا من كلمة « كنيبال » Cannibal التي تعني آكل لحوم البشر، وهذا ما ذهب إليه أيضا المتخصصون في أدب ما بعد الكولونياليPost Colonial أمثال هومي بابا وإيمي سيزار وادوارد سعيد وجاياتري سبيفاك وغيرهم10.... حاولوا جميعا تقويض المعتمد الأدبي الغربي. وذهب إيمي سيزار إلى كتابة مسرحية تعاكس تماما ما جاء من أفكار عند شكسبير في العاصفة، وأعطاها العنوان نفسه إلا أنه جعله ناكرة « عاصفة »11. وذهبت الناقدة والكاتبة الهندية نامجوشي سنيتي Namjoshi Suniti إلى إعادة تشخيص سيكوراكس و هذا في أحد قصائدها الشعرية (2006) كما أعادت بناء شخصية كاليبان وجعلته أنثى وأعادت الحياة لأمه سيكوراكس و أرجعتها إلى جزيرتها و أصبحت هي التي تحكي عن قصتها بنفسها لا كما جاء في عاصفة شكسبير كانوا يحكون عنها.12هذا من جهة ومن جهة أخرى إذا رجعنا في التاريخ إلى الوراء دون أن نخرج من الجزائر ونربط الأحداث بصورة سيكوراكس في العاصفة لشكسبير والتي شخصها في الجزائر « وجعلها تحكم تلك الجزيرة النائية وتسيطر عليها ولها علم بالسحر والكهنوت من هنا نستطيع ربطها بالملكة الأمازيغية »الكاهنة« التي كانت حقا تسيطر على مناطق كثيرة من شمال افريقيا وكان يعتقد أنها كانت تتوقع الأحداث المستقبلية لبعد نظرها وذكائها الخارق ،لذا سميت » الكاهنة « لأن اسمها الحقيقي هو »ديهية« ، فمن الممكن أن يكون شكسبير قد اطلع على هذه المعلومات والحوادث التاريخية التي وقعت في الجزائر في تلك الفترة من الزمن. خاصة أن الكاهنة تصدت للمد الإسلامي وهزمت العرب المسلمين القادمين من شبه الجزيرة العربية، وقُتل قائدهم عقبة بن نافع فيما بعد في الجزائر... غير أن الأهم من كل هذا هو أن هؤلاء البربر الأمازيغ الذين تصدوا للعرب المسلمين هم الذين فتحوا الأندلس بعد دخولهم في الإسلام واستقروا فيها مع إخوانهم العرب ثمانية قرون وشيدوا فيها أحسن العمارات وأجمل الحدائق والقصور، وحاولوا فتح فرنسا بحيث وصلوا إلى جنوبها الغربي. فكل هذه الحقائق يكون شكسبير قد اطلع عليها من دون أي أدنى شك. وترسخت هذه المعلومات عند البريطانيين بصفة عامة وبالتالي قد يكون احتلالهم لمضيق جبل طارق فيما بعد استراتيجية بعيدة المدى تحسبا لأي طارئ، ولمراقبة تحركات كل السفن في البحر المتوسط ورفعوا الراية البريطانية على أعلى قمة هذا الجبل وعلى أعلى قمة القلعة نفسها التي شيدها المسلمون، ولا زالت الكتابة العربية منحوتة عليها لحد اليوم. وبالرغم من أن جبل طارق gibraltar يقع في الأراضي الإسبانية إلا أن بريطانية صممت البقاء فيه رغم محاولات الحكومة الإسبانية استرجاعه إلا أن محاولاتها باءت بالفشل.

الخاتمة

وانطلاقا من هذه المعطيات وهذه التحليلات والقراءة التفكيكية لمسرحية شكسبير »العاصفة« نستطيع القول إن شكسبير كان يمهد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للغزو الأوروبي أو الفرنسي للجزائر مثله مثل أصحاب الحملات التبشيرية وبعض الرحالة الأوروبيين والمكتشفين الذين سبقت حملاتهم ودراساتهم الغزو الأوروبي على البلدان الإفريقية والآسيوية وأمريكا الجنوبية. والسؤال المطروح هل أن أدب الرحلات هو الاّخر كان يمهد للغزو الأوروبي وهل هو مرتبط بأدب الاستشراق والمستشرقين عموما؟ علما أن الحملات الاستعمارية سبقتها حملات جوسسة كبيرة. وقد تطرق لهذا الموضوع ادوارد سعيد في كتابه « الاستشراق13 .» وقد أشارت كذلك الباحثة رانة قباني في كتابها «أدب الخيال الإمبريالي» أن المستشرق البريطاني اللورد كرومر Lord Cromerفي كتابه »مصر الحديثة « مثلا شوّه العرب والمسلمين وعمل على شيطنتهم.14و من هنا نستطيع القول إنه فعل ما فعله زميله شكسبير في تصويره لسيكوراكس وابنها كاليبال في « العاصفة.  » وقد أشارت الباحثة أن الرحالة الأوروبيين اللذين زاروا البلدان العربية في القرون الوسطى أمثال السير ماندفيل Sir Mandeville وماركوبولو Marco Polo صوروا العرب والمسلمين في أبشع الصور. ومن هنا نستطيع القول إن بعض الرحالة والمستشرقين مهدوا بذلك لحجج واهية وهي فكرة ترويض هذه المجتمعات وتحضيرها وتمدينها ممهدين الطريق أمام الحملات العسكرية على هذه الدول بما فيها الجزائر وهذا قبيل احتلالها بأعوام. وإذا كان الأمر كذلك فنحن الاّن بصدد صنف أدب من نوع ثالث و هو أدب ما قبل الكولونيالي pre-colonialismكأدب يقابل الأدب ما بعد الكولونيالي post colonialism ;الذي أسهم في تفصيله وتفكيكه العديد من النقاد والأدباء والمفكرين المناوئين للاستعمار والمقاومين لفكره ولخطابه ومخلفاته أمثال ادوارد سعيد و فرانز فانون و هومي بابا وعبدالرحمن منيف ومالك بن نبي وغياتاري سيفاك و غيرهم.

1 1- William Shakespeare, The Tempest, act 1, section 5, Peguin popular classics, London, 1994 pp. 17-18.

2 2- ibid. p. 18.

* Argier = Algiers ( Oxford Dictionary of English, penguin books ltd, London, 1988 ).

3 -مؤيد محمود محمد المشهداني، مجلة الدراسات التاريخية والحضارية، المجلد 5 العدد 16، جامعة تقرت ،.2013

4 * Harder, Dan. The origin of Sycorax, the classical quaterly, jun 3, 2010.

5 - سورة المائدة الاية41.

6 - H.G. Widdowson, Stylistics and the teaching of literature, Longman group ltd., London 1979, p 38.

7 -http://casbah-alger.blogspot.com/2008/01/la grotte-refuge-de-miguel-de-cervantes

8 - وليم سبنسر، الجزائر في عهد رياس البحر، ترجمة عبدالقادر زبايدية، دار القصبة للنشر، الجزائر ،2006، ص74-75.

9 8-Robert Davis, British Slaves on the Barbary Coast, HTLM, 2011.

10 - ادوارد سعيد،الثقافة والإمبريالية ،ترجمة كمال أبوديب ،دار الآداب، بيروت، الطبعة 3، .2004

11 - Aimé CESAIRE, discours sur le colonialism suivis du discours sur la négrité, Paris Dakar, editions Présence Africaine, 2004.

12 -Gabriella Toth, Sycorax on stage, the unvoiced Shakespearean female in Sunity Namajosh’s poetry. Unversity of Szeged, Hungaria, 2013.

13 -Said Edward, Orientalism, London, Penguin Books, 1995, p59

14 -Rana Kabbani, Imperial Fictions, Europe’ Myths of Orient, London, Pandora, 1994, p10

المشهداني محمد محمود، مجلة الدراسات التاريخية والحضارية ،المجلد 5، العدد 16، جامعة تقرت، 2013

سعيد ادوارد، الثقافة والإمبريالية، ترجمة كمال أديب، دار الآداب، بيروت، الطبعة 3، 2004

سبنسر وليم، الجزائر في عهد رياس البحر، ترجمة عبدالقادر زبايدية، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2006

سعد الله أبو القاسم، محاضرات في تاريخ الجزائر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ط3.

شكسبير وليم، العاصفة.

CESAIRE Aimé, discours sur le colonialism suivis du discours sur la négrité, Paris- Dakar édition, présente africaine, 2004.

Davis Robert, British Slaves on the Babar Coast, HTLM, 2011

Shakespeare William, The tempest, Act1 Section 5 PDF 2019

http:// casbah-alger. Globspot.com/2008/01 la grotte-refuge-de- miguel- de- cervantes

1 1- William Shakespeare, The Tempest, act 1, section 5, Peguin popular classics, London, 1994 pp. 17-18.

2 2- ibid. p. 18.

* Argier = Algiers ( Oxford Dictionary of English, penguin books ltd, London, 1988 ).

3 -مؤيد محمود محمد المشهداني، مجلة الدراسات التاريخية والحضارية، المجلد 5 العدد 16، جامعة تقرت ،.2013

4 * Harder, Dan. The origin of Sycorax, the classical quaterly, jun 3, 2010.

5 - سورة المائدة الاية41.

6 - H.G. Widdowson, Stylistics and the teaching of literature, Longman group ltd., London 1979, p 38.

7 -http://casbah-alger.blogspot.com/2008/01/la grotte-refuge-de-miguel-de-cervantes

8 - وليم سبنسر، الجزائر في عهد رياس البحر، ترجمة عبدالقادر زبايدية، دار القصبة للنشر، الجزائر ،2006، ص74-75.

9 8-Robert Davis, British Slaves on the Barbary Coast, HTLM, 2011.

10 - ادوارد سعيد،الثقافة والإمبريالية ،ترجمة كمال أبوديب ،دار الآداب، بيروت، الطبعة 3، .2004

11 - Aimé CESAIRE, discours sur le colonialism suivis du discours sur la négrité, Paris Dakar, editions Présence Africaine, 2004.

12 -Gabriella Toth, Sycorax on stage, the unvoiced Shakespearean female in Sunity Namajosh’s poetry. Unversity of Szeged, Hungaria, 2013.

13 -Said Edward, Orientalism, London, Penguin Books, 1995, p59

14 -Rana Kabbani, Imperial Fictions, Europe’ Myths of Orient, London, Pandora, 1994, p10

عبد الكريم كريمي

جامعة الجزائرAlger 2

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article