منهجية معجم الشارقة التاريخي للغة العربية : دراسة تحليلية إحصائية

Méthodologie du Dictionnaire historique de l’arabe de Sharjah : étude analytique d’échantillons sélectionnés du corpus du dictionnaire

Methodology of the Sharjah Historical Dictionary of Arabic : An Analytical Study of Selected Corpus Samples

كاهنة محيوت

p. 141-156

كاهنة محيوت, « منهجية معجم الشارقة التاريخي للغة العربية : دراسة تحليلية إحصائية », Aleph, 141-156.

كاهنة محيوت, « منهجية معجم الشارقة التاريخي للغة العربية : دراسة تحليلية إحصائية », Aleph [], 20 December 2025, 22 December 2025. URL : https://aleph.edinum.org/15245

يتناول هذا المقال المنهجية المعتمدة في « المعجم التاريخي للغة العربية » الصادر عن مجمع اللغة العربية بالشارقة، بوصفه مشروعا معجميا قائما على مدونة رقمية واسعة تهدف إلى تتبع تاريخ الألفاظ العربية وتحولات دلالاتها واستعمالاتها عبر العصور. واعتمادا على منهج وصفي تحليلي مدعم بإجراءات إحصائية، تستثمر الدراسة بعض معطيات المنصة الرقمية للمعجم، ولا سيما التوزيعات العددية المتعلقة بحروف المعجم، ثم تقدم نماذج تطبيقية مختارة من المدونة (جذور ومعالجاتها) لإبراز آليات الاشتغال المعجمي (التأريخ، التوثيق، الاستشهاد، والتعليل الدلالي). وتخلص الورقة إلى إبراز وجوه الخصوصية المنهجية للمشروع، واقتراح جملة من آفاق التطوير التي تعزز الإفادة البحثية من المعجم في اللسانيات والمعجمية والدراسات النصية، مع التأكيد على قيمة البنية الرقمية في الإتاحة، والبحث المتقدم، وربط الشواهد بمصادرها.

Cet article examine la méthodologie adoptée par le Dictionnaire historique de la langue arabe (Sharjah), un important projet lexicographique fondé sur un vaste corpus numérique visant à retracer les mots arabes ainsi que l’évolution de leurs sens et de leurs usages au fil du temps. S’appuyant sur une démarche descriptive et analytique, étayée par des indicateurs quantitatifs, l’étude mobilise des données sélectionnées issues de la plateforme en ligne du dictionnaire — notamment des répartitions par lettres — puis commente quelques entrées illustratives fondées sur le corpus afin de mettre en évidence des procédures clés telles que la datation, la documentation, la sélection des citations et la justification sémantique. L’article se conclut par la mise en lumière de la spécificité méthodologique du projet et par la proposition d’un ensemble d’améliorations destinées à renforcer son usage scientifique en linguistique, en lexicographie et dans les études fondées sur les textes, tout en soulignant l’intérêt de l’infrastructure numérique pour l’accessibilité, la recherche avancée et les attestations reliées à leurs sources.

This paper examines the methodology adopted by the Historical Dictionary of the Arabic Language (Sharjah), a major lexicographic project built upon a large digital corpus aimed at tracing Arabic words and their semantic and usage changes over time. Using a descriptive-analytical approach supported by quantitative indicators, the study draws on selected data from the dictionary’s online platform—notably letter-based distributions—and then comments on a few illustrative corpus-based entries to highlight key procedures such as dating, documentation, quotation selection, and semantic justification. The paper concludes by outlining the project’s methodological specificity and proposing a set of improvements to enhance scholarly use in linguistics, lexicography, and text-based studies, while emphasizing the value of the digital infrastructure for accessibility, advanced search, and source-linked attestations.

مقدمة

يُعدّ إنجازُ معجمٍ تاريخيٍّ للغة العربية من المشاريع العلمية الكبرى التي سعت إليها مؤسساتٌ لغويةٌ عربية منذ عقود، غير أنّ محاولاتٍ سابقة—مؤسساتيةً وفردية—ظلّت جزئيةً أو غير مكتملة لأسبابٍ متعدّدة، من بينها العوائق التنظيمية، ونقص الموارد البشرية المتخصصة، وصعوبات التمويل، وضعف التنسيق المؤسسي، وهو ما أبقى الحاجة قائمة إلى مشروعٍ يُمكّن من تأريخ المفردة العربية وربطها بمصادرها وشواهدها عبر العصور. وفي هذا السياق يأتي المعجم التاريخي للغة العربية بالشارقة بوصفه مشروعًا مؤسسيًا جماعيًا، أتاحته شراكاتٌ علمية عربية واسعة، ووفّر منصةً رقمية تُيسّر الوصول إلى مادته ومؤشراته العامة. وتنطلق هذه الورقة من إشكاليةٍ مركزية مفادها : كيف بُني مشروع المعجم التاريخي للغة العربية بالشارقة، وما أبرز ملامح المنهجية العلمية المعتمدة في إنتاج مادته ومعالجتها؟ وللإجابة عن ذلك، تفترض الدراسة—بوصفها فرضياتِ عملٍ قابلةٍ للفحص في حدود المعطيات المتاحة—أنّ المعجم ينهض على مقاربةٍ منهجية تقوم على التأطير الزمني للشاهد وتنظيم المداخل وفق بنيةٍ معلوماتيةٍ متكرّرة تسمح بإعادة بناء المسار الدلالي والاستعمالي للمفردة عبر العصور، وأنّ المؤشرات الرقمية التي تعرضها المنصة يمكن أن تُقرأ قراءةً وصفية-تحليلية تُضيء بعض خصائص المدونة وتوزيعاتها شرطَ ضبط وحدة القياس المعلَنة (مدخل/كلمة/شاهد) وتحديد تاريخ استخراج البيانات، كما تفترض الورقة أنّ تثبيت دعوى “التفرّد المنهجي” لا يكتمل بالوصف وحده، بل يحتاج إلى معايير مقارنة واضحة واستحضارٍ انتقائي للأعمال السابقة في صناعة المعاجم التاريخية. وانطلاقًا من هذه الفرضيات، تهدف الدراسة إلى وصف البنية العامة للمشروع وآليات اشتغاله كما تظهر في وثائقه ومنصته، وتقديم قراءة وصفية-تحليلية لبعض المؤشرات الرقمية المتاحة، ثم اختبار ذلك عبر نماذج تطبيقية من مداخل المعجم للكشف عن كيفية تنظيم المادة والشاهد والامتداد الزمني، مع التنبيه إلى أنّ نتائج الورقة تظلّ مرتبطة بما هو متاح في المنصة وقت جمع البيانات وحدود المؤشرات المعروضة.1.1. الأهداف :

1. الجانب المنهجي (الأهداف والمنهج المتّبع)

تتمثل أهداف هذا البحث في : تعريف القارئ بالمشروع المعجمي المتمثل في « المعجم التاريخي للغة العربية بالشارقة » من حيث طبيعته ووظيفته العلمية، وتحفيز المختصين في علوم اللغة على استثمار مدونته الرقمية والاطلاع على تنظيم مادته وشواهده، والكشف—عبر نماذج تطبيقية—عن بعض الخصائص الدلالية والتاريخية التي تتيحها المادة المعجمية بما يساعد على إبراز إمكاناتها البحثية، فضلًا عن إبراز قيمة هذا الإنجاز من منظور معجمي-تاريخي في ضوء ما يتيحه من تأريخ للشاهد وتتبع للاستعمال. وتعتمد الدراسة المنهج الوصفي-التحليلي، مع الاستئناس بإجراءات إحصائية وصفية في عرض المعطيات. وقد استند الجانب الكمي إلى البيانات التي تتيحها منصة « المعجم التاريخي للغة العربية بالشارقة » ضمن قسم الإحصاءات، وتم تفريغها كما تظهر على المنصة بتاريخ 12 فيفري 2025. ويمثل « العدد » في الجدولين (01) و(02) المؤشر الرقمي الذي تعرضه المنصة لكل حرف ضمن صفحة الإحصاءات (لقطة زمنية قابلة للتغيّر مع تحديث المدونة)، دون إعادة احتساب خارج النظام. أما الجدول رقم (02) فقد تم توليده انطلاقًا من بيانات الجدول رقم (01) عبر إعادة ترتيب الحروف ترتيبًا تنازليًا وفق المؤشر ذاته، بغرض ضمان الاتساق الداخلي وتيسير القراءة المقارنة. وفي جانب التحليل النوعي، تم اختيار نموذجين من المداخل (الجذرين : ع ر ب د، وص أ ب ل) اختيارًا قصديًا (purposive sampling) لاعتبارات إجرائية، أهمها : غنى المادة بالشواهد، وتعدد العصور التي تغطيها، وقدرة المدخلين على إظهار بنية المعلومة المعجمية (الدلالة، التأريخ، الإحالة إلى المصدر) كما تقدمها المنصة. ولا يُقصد بهذا الاختيار تمثيلًا إحصائيًا شاملاً، بل تقديم أمثلة تحليلية كاشفة تساعد على توصيف بعض آليات الاشتغال المعجمي داخل المشروع.

2. الإطار المفاهيمي وتقديم المشروع

2.1 ماهية المعجم التاريخي للغة العربية

من نافلة القول إنّ المعجم التاريخي للغة العربية ديوان العرب قاطبة، يحمل بين دفتيه ألفاظ اللغة العربية المستوحاة من الاستعمال اللغوي العربي عبر العصور الخمسة المعروفة، والتي سيأتي لها ذكر لاحقًا، وذلك من أول ظهور لها—وهو عصر النقوش القديمة—إلى غاية آخر حضور لها عبر التاريخ، والمتمثل في العصر الحديث. مع العلم أن الألفاظ المؤرَّخة بمعانيها واستعمالاتها اللغوية في هذا المعجم تختلف من واحدة إلى أخرى باختلاف الفترة الزمنية التي ظهرت فيها أو خفت استعمالاتها أو دخلت في سبات؛ إذ يرى بعض اللغويين أن الألفاظ لا تموت، وإنما تدخل في مدة من عدم الاستعمال أو الركود الطويل، وقد تبقى كذلك وقد تحيا من جديد عبر الاستعمال.

وفي نهاية أكتوبر من سنة 2024م، وبعد إعلان رسمي عن استكمال مراحل الإنجاز، تم الانتهاء من المشروع، وتجسّد بالفعل ولم يعد حبرًا على ورق، بمشاركة قوية من عديد البلدان العربية التي أسهمت بخبرائها ولغوييها ومختصيها، في سبيل إخراج هذا المعجم المنتظر منذ زمن. ورغم الصعوبات التي رافقت الجانب التطبيقي، فإنها تبدو متجاوزة قياسًا بضخامة المنجز؛ إذ يتيح هذا العمل إمكانات واسعة لتتبع تطورات الألفاظ العربية في استعمالاتها ومعانيها، ويُسهم في ترسيخ حضور العربية في البحث العلمي المعاصر.

إن أية لغة في العالم، بما فيها العربية، يصيبها التطور الدلالي الذي يطرأ بالضرورة على المعاني المختلفة للفظ الواحد، وفي هذا الصدد يقول محمد حسن عبد العزيز : « التغير اللغوي هو انتقال شكل لغوي ما من حالة إلى حالة أخرى في مبناه أو في معناه، والمعجم التاريخي يختص بتسجيل ما يحدث للأشكال اللغوية من تغير، وتحديد الزمن والمكان الذي وقع فيه، وغير ذلك مما يعد تغيرًا، كالمستوى الاجتماعي للكلمات والأساليب بدقة ووضوح ». (عبد العزيز. 2012: ص 92). ويعني ذلك أن التغير قد يصيب الألفاظ في رسمها ومعناها، ويظهر ذلك في الاستعمال اليومي لها، وهو ما سعى العاملون على صناعة المعجم التاريخي إلى رصده وتدوينه عبر مجلدات/مادة رقمية تُوثّق هذه التحولات عبر العصور الخمسة.

وأردف قائلاً أيضًا : « وقد كان الاهتمام بتاريخ اللغات والمقارنة بينها، والذي بلغ غايته في القرن التاسع عشر، مظهرًا الكثير من التغيرات التي أصابت عددًا من لغات العالم، وبخاصة اللغات الهندو-أوروبية واللغات السامية، وكان ذلك ممهدًا لظهور المعجم التاريخي في إنجلترا وفرنسا ». (عبد العزيز. 2012: ص 92). ولا جرم أن بعض الأمم الأجنبية كانت سباقة إلى صناعة معاجمها التاريخية، على غرار معجم أكسفورد الإنجليزي، ومعجم اللغة الفرنسية التاريخي الصادر أول مرة عن الأكاديمية الفرنسية سنة 1851م، وهي أمم جنّدت فرقًا من الباحثين لرصد التطورات الدلالية المستجدة، وكذا تحيين معاجمها التاريخية وتدارك الهفوات المحتملة.

وبمجرد إلقاء نظرة على مدونة المعجم التاريخي للغة العربية الصادر عن الشارقة، يكتشف القارئ أنه معجم سياقي أكثر منه معجمًا تقليديًا؛ فهو يتضمن مداخل اسمية وفعلية مشروحة، غير أنّ الطابع السياقي يغلب عليه؛ لأنه يرصد تطورات الألفاظ العربية الفصيحة ويرفق معانيها بالشواهد المختلفة عبر العصور الخمسة المعيّنة في منهجيته.

ويقول أحمد شفيق الخطيب أيضًا :

« قرأت في ما قرأت مقولة لأحدهم مفادها أن المعجم العربي الحديث : جذوره، وجذعه، وساقه، وأغصانه، وفروعه، والكثير جدًا من أوراقه وزهره عتيق قديم، وأن جو البادية والمضارب يفوح منه عند تصفحه، ولعل في هذا شيئًا من الصحة، يزيد أو يقل تبعًا للمعجم موضوع البحث ». (الخطيب. 2003: ص 550)

ولعل الأوان قد حان من أجل صناعة معاجم تاريخية عربية متخصصة في مختلف العلوم والفنون، بالإضافة إلى ضرورة تشكيل فريق من الباحثين تكون مهمته المستقبلية تحيين المادة المعجمية وإضافة المستجدات اللغوية في الاستعمال العربي، على غرار ما تقوم به الأمم في معاجمها التاريخية.

لقد أورد أحمد شفيق الخطيب تعليق المستشرق الألماني فيشر، قائلاً :

« إن منتهى الكمال لمعجم عصري هو أن يكون معجمًا تاريخيًا يحوي كل كلمة تم تداولها في اللغة؛ إذ إن الكلمات المتداولة في لغة ما لها حقوق متساوية فيها، لكن المعجمات العربية بعيدة كل البعد عن وجهة النظر هذه ». ( الخطيب. 2003: ص 546)

وهنا يكون الحديث منصبًا على طموحٍ يتجاوز الفصيح إلى اللهجات، غير أن واقع التعدد اللهجي يقتضي جهدًا وزمنًا أكبر؛ لذلك يرى كثيرون أن العربية الفصحى تظل الإطار الرسمي الجامع في الصناعة المعجمية.

وبالعودة إلى مصادر المعجم التاريخي بصفة شمولية، نجد ما ذكره (الباتلي) قائلاً :

« تستقي المعاجم مادتها من : القرآن الكريم، السنة النبوية، أشعار العرب، لاسيما الجاهلي والإسلامي، كلام فصحاء الأعراب في البوادي وأخبارهم، أقوال أئمة اللغة العربية المتقدمين بالرواية عنهم مشافهة، أو النقل من مؤلفاتهم ». (الباتلي. 1992. ص 14)

وتعد هذه المصادر شاملة لمعظم المعاجم العربية، بما فيها المعجم التاريخي للغة العربية.

2.2 معلومات حول المعجم التاريخي العربي بالشارقة

لقد ورد في الصفحة الرئيسة للموقع الرسمي الإلكتروني للمعجم التاريخي للغة العربية الصادر عن دولة الإمارات العربية المتحدة أن عدد الجذور فيه قد بلغ (11950) جذرًا، وأن عدد الكلمات وصل إلى (77277) كلمة، بالإضافة إلى (402557) شاهدًا، سواء كان من الشعر أو النثر، أو من القرآن الكريم، أو السنة النبوية الشريفة، وحتى من كلام العرب. ويُفهم من ذلك أن مادة المعجم استمدت من مصادر ومدونات مختلفة شعرية ونثرية، قديمة وحديثة، تم مسحها ضوئيًا وإدخالها في منصة المعجم الرقمية التي تم الاعتماد عليها في مراحل الإنجاز إلى غاية انتهاء الأشغال.

ولقد بلغ عدد الأفعال (28208) فعلًا، وعدد الأسماء (48911) اسمًا، وعدد الأدوات (158) أداة.

2.3 إحصائيات لكل حرف في معجم الشارقة التاريخي

عند اطلاعي على منصة المعجم التاريخي للغة العربية بتاريخ 12 فيفري 2025، وجدت مجموعة من الإحصائيات الخاصة بكل حرف من مدونة المعجم (28 حرفًا). وتجدر الإشارة إلى أن المنصة تعرض لكل حرف مؤشرًا عدديًا واحدًا ضمن صفحة الإحصاءات؛ وقد اعتمدته الدراسة كما هو.

الجدول رقم (01) : حروف المعجم والمؤشر العددي كما تعرضه المنصة ضمن صفحة الإحصاءات

حروف المعجم

العدد

ء

2607 كلمة

ب

3499 كلمة

ت

769 كلمة

ث

4501 كلمة

ج

2858 كلمة

ح

4382 كلمة

خ

3708 كلمة

د

3306 كلمة

ذ

4765 شاهدا

ر

3610 كلمة

ز

2262 كلمة

س

4324 كلمة

ش

2882 كلمة

ص

2615 كلمة

ض

7552 شاهدا

ط

2146 كلمة

ظ

1795 شاهدا

ع

5272 كلمة

غ

2317 كلمة

ف

2999 كلمة

ق

5208 كلمة

ك

2658 كلمة

ل

2723 كلمة

م

2866 كلمة

ن

4748 كلمة

ه

10854 شاهدا

و

3117 كلمة

ي

1797 كلمة

وبناء على هذه الإحصائيات، يظهر أن المؤشر يختلف من حرف إلى آخر من حيث عدد الكلمات والشواهد؛ ويمكن ترتيب الحروف وفق هذا المؤشر ترتيبًا تنازليًا لتيسير القراءة المقارنة.

الجدول رقم (02) : ترتيب الحروف حسب المؤشر العددي ذاته (إعادة ترتيب لبيانات الجدول رقم 01)

الحرف

العدد

المرتبة

ه

10854

1

ض

7552

2

ع

5272

3

ق

5208

4

ذ

4765

5

ن

4748

6

ث

4501

7

ح

4382

8

س

4324

9

خ

3708

10

ر

3610

11

ب

3499

12

د

3306

13

و

3117

14

ف

2999

15

ش

2882

16

م

2866

17

ج

2858

18

ل

2723

19

ك

2658

20

ص

2615

21

ء

2607

22

غ

2317

23

ز

2262

24

ط

2146

25

ي

1797

26

ظ

1795

27

ت

769

28

وبعد قراءات متكررة، يظهر أن أعلى حرف وفق المؤشر العددي من حيث عدد الكلمات والشواهد هو الهاء (10854)، بينما أدنى حرف هو التاء (769).

وألاحظ بعد قراءات متكررة أن أكبر حرف وفق هذا المؤشر هو الهاء (10854)، بينما أصغر حرف هو التاء (769).

4.2. القائمون على معجم الشارقة التاريخي العربي

يقتضي تقديمُ « المعجم التاريخي للغة العربية بالشارقة » النظرَ إليه بوصفه مشروعًا مؤسسيًا مركّبًا لا تقوم به جهة واحدة، بل تنهض به منظومةٌ من الإشراف العلمي والإدارة التنفيذية واللجان المتخصصة، إلى جانب فرق تقنية تُؤمّن التشغيل الرقمي وإدارة المنصة والتدريب والمراجعة. وتُظهر البنية التنظيمية الآتية—من الراعي الأعلى للمشروع إلى اتحاد المجامع ومجلسه العلمي، مرورًا باللجان التنفيذية والعلمية، ثم اللجان النوعية (النقوش، النظائر السامية، الدخيل والمعرّب، المصطلحات)—كيف جرى توزيع الأدوار بين مستويات القرار والتخطيط، وبين مستويات الإنجاز والتحرير والتدقيق. كما تُبرز هذه القائمة الطابع العربي الجماعي للمشروع عبر تمثيل خبراء من دول متعددة، وهو ما يمنح المعجم بُعدًا تشاركيًا ويُفسّر القدرة على إنجاز عملٍ معجمي واسع يتطلب موارد بشرية عالية التخصص وتنسيقًا مستمرًا بين الفرق العلمية والتقنية، وقد تم ذكر القائمين على المعجم بالتفصيل في الموقع الإلكتروني الخاص به.

  1. أولاً : راعي المشروع والرئيس الأعلى له : الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي—حفظه الله ورعاه—وهو صاحب السمو حاكم الشارقة، عضو المجلس الأعلى للاتحاد والرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية بالشارقة.

  2. ثانيًا : اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية : ويتكون من الأستاذ الدكتور العلامة حسن عبد اللطيف الشافعي، والأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية.

  3. ثالثًا : المجلس العلمي لاتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية : ويتكون من الدكاترة الأساتذة التالية أسماؤهم : الخليل النحوي من موريتانيا، أحمد عبد العظيم عبد الغني من مصر، محمود الربيعي من مصر، عبد الحكيم راضي من مصر، حسن عبد اللطيف الشافعي من مصر، محمد عبد الحليم من مصر، صالح بلعيد من الجزائر، امحمد صافي المستغانمي من الإمارات العربية المتحدة، مأمون عبد الحليم وجيه من مصر، محمد خليفة الدناع من ليبيا، أحمد الضبيب من السعودية، بكري محمد الحاج من السودان، أحمد شحلان من المغرب، محمد حسن عبد العزيز من مصر، عبد الحميد مدكور من مصر، محمود السيد من سورية.

  4. رابعًا : اللجنة التنفيذية : وتتكون من الأساتذة الدكاترة التالية أسماؤهم : محمد حسن خلف : مدير عام هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، مصطفى بن عاشور : باحث لغوي في مجمع اللغة العربية بالشارقة، توفيق الحوراني : المحاسب العام لهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، مهند أبو سعيدة : مدير منشورات القاسمي، امحمد صافي المستغانمي : الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة.

  5. خامسًا : اللجنة العلمية : الخليل النحوي : رئيس مجلس اللسان العربي بموريتانيا، أحمد عبد العظيم عبد الغني : عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، حسن عبد اللطيف الشافعي : رئيس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، صالح بلعيد : رئيس المجلس الأعلى للغة العربية بالجزائر، امحمد صافي المستغاني : الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، مأمون عبد الحليم وجيه : عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، أحمد الضبيب : عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، محمد حسن عبد العزيز : عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، عبد الحميد مدكور : أمين عام اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية.

  6. سادسًا : المقررون العامون : وهم السادة الدكاترة : الخليل النحوي من موريتانيا، عبد الفتاح الحجمري من المغرب، محمد شندول من تونس، محمد السعودي من الأردن، محمد ابن الحاج من ليبيا، صالح بلعيد من الجزائر، امحمد صافي المستغانمي من الإمارات، مأمون عبد الحليم وجيه من مصر، بكري محمد الحاج من السودان.

  7. سابعًا : لجنة النقوش العربية : محمود عبد الباسط عطية من مصر، دينا زين العابدين مصطفى من مصر، أسمهان سعيد الجرو من متحف عمان، زياد مهدي السلامين من الإمارات.

  8. ثامنًا : لجنة النظائر السامية : فاروق عباس إسماعيل من جامعة حلب سابقًا وبرلين الحرة حاليًا، إيمان رمزي أبو زيد من جامعة عين شمس، باسم ميخائيل جبور من جامعة حلب، السيد عبد الله عبد العزيز من جامعة عين شمس، محمد محمود السامي من جامعة عين شمس، أحمد محمد الجمل من جامعة الأزهر، إبراهيم سعد سنجر من جامعة المنوفية، أحمد أبو غدير حسين من جامعة الأزهر، هدى رجب زكريا من جامعة الأزهر، ماري جرجس قليني من جامعة عين شمس، أحمد شحلان من جامعة محمد الخامس، عبد السيد عبد الفتاح من جامعة القاهرة.

  9. تاسعًا : لجنة الدخيل والمعرب : وتتكون من الدكاترة الأساتذة التالية أسماؤهم : عبد العزيز مصطفى بقوش من جامعة القاهرة، محمد حسن إبراهيم من جامعة الأزهر، أحمد عبد العزيز بقوش من جامعة الفيوم.

  10. عاشرًا : لجنة المصطلحات : وتتكون من الأساتذة الدكاترة التالية أسماؤهم : عبد الله الحمادي : رئيس لجنة المصطلحات الشرعية، الأخضر الأخضري في أصول الفقه والمقاصد، غسان محمد الشيخ في الفقه الإسلامي، عبد الستار الشيخ في علوم الحديث، عبد الرحيم بوقطة في علوم القرآن والقراءات، خالد حسين الخالد في أصول الفقه.

وبالإضافة إلى كل ما تم ذكره سابقًا من رؤساء ولجان ومسؤولين، هناك فريق يعمل على تسيير الجوانب التقنية لمنصة المعجم، أذكر منه :

  • الفريق الهندسي والتقني : باسل عبد الرزاق حايك، أحمد نمير خالد شغليل، في الشارقة.

  • لجنة التدريب العلمي والتقني : باسل عبد الرزاق حايك (مدرب تقني على المنصة)، امحمد صافي المستغانمي (مدرب علمي)، مأمون عبد الحليم (مدرب علمي).

  • خبراء التدقيق والمراجعة : كثيرون من مختلف الدول العربية المشاركة، ولا يسع المقام لذكر كل أسمائهم.

وقد عمل على تحرير جذور هذا المعجم محررون من مختلف البلدان العربية، وتعد الجزائر من أكبر الدول العربية المشاركة عددًا؛ حيث بلغ عدد المشاركين ما بين محرر وخبير (127) عضوًا، مع العلم أن عدد مجلدات المعجم يبلغ (127) مجلدًا من الألف إلى الياء في صيغته النهائية.

3. الحاسوب والمنصة الرقمية في صناعة المعجم

1.3. الحاسوب ودوره في صناعة المعجم التاريخي للغة العربية

لا يختلف باحثان حول أهمية الحاسوب في الدراسات اللغوية الحديثة عمومًا، ودوره المحوري في الصناعة المعجمية على وجه الخصوص، وبخاصة هذا المعجم التاريخي العربي الصادر مؤخرًا عن الشارقة. ولا ينكر أحد ما يقتصده الحاسوب لفائدة العمل البشري من جهد ووقت، فضلًا عن السرعة الفائقة التي يتميز بها كآلة مطواعة لخدمة الإنسان في شؤون متعددة؛ فلا جرم أنه استُعمل أداة تقنية لصناعة هذا الكنز العربي الذي طال انتظاره. والدليل على ذلك أن المشروع انتقل من طور الفكرة إلى الإنجاز في مدة وجيزة نسبيًا (حوالي ثماني سنوات)، ولا يزال الحاسوب يقدم خدماته للدراسات اللغوية والمعجمية المعاصرة في سبيل تطوير مشاريع جديدة.

2.3. المنصة الرقمية للمعجم التاريخي العربي الصادر عن الشارقة

قبل الشروع في العمل في هذا المعجم الكبير، كانت هناك أشغال تقنية وفنية باشرها المسؤولون عن هذا الجانب في الشارقة، فقاموا بجمع المصادر والمراجع العربية المؤلفة بالعربية في مجالات الشعر والنثر وكلام العرب والمخطوطات، وتم مسحها ضوئيًا وتخزينها في المنصة الرقمية للمعجم. كما تم تخزين المصحف الشريف، وكتب الحديث، ومؤلفات الأئمة، وغيرها من المدونات، بما يتيح للمصدر الواحد طبعات متعددة ومحققين وشارحين. وقد مثلت هذه المنصة الرقمية المساعد الأساس للباحث المحرر والخبير للوصول إلى الشواهد والمعاني والكلمات بأقصر طريق وأسرع وقت ممكن، مع العلم أنها تُحيَّن في مراحل دورية من قبل الجهات المسؤولة عنها أثناء إنجاز هذا المعجم.

وبالنسبة للعاملين في هذا المعجم التاريخي للغة العربية، فهم من النخبة العلمية من كل بلد مشارك في هذا الإنجاز، مختصون في علوم اللغة مثل النحو والصرف والدلالة والبلاغة والأسلوب، وقد بذلوا جهودًا معتبرة في سبيل إنهاء هذه الصناعة المعجمية. كما كان الباحثون يستعينون بمصادر رقمية مساعدة خارج المنصة مثل موقع العنقاء، والمكتبة الشاملة، وغيرها من المواقع والكتب.

4. المنهج المعتمد في معجم الشارقة التاريخي

يُعدّ تحديدُ الإطار الزمني الذي تُؤرَّخ في ضوئه الشواهدُ والمعاني حجرَ الزاوية في كل معجمٍ تاريخي؛ إذ لا يمكن تتبّع التطور الدلالي أو رصد التحولات الاستعمالية من غير تقسيمٍ مضبوط للعصور يتيح إسناد الشاهد إلى زمنه، ومقارنة الاستعمالات عبر مراحل متعاقبة. ومن هذا المنطلق، يعتمد « المعجم التاريخي للغة العربية بالشارقة » تقسيمًا مرحليًا للعربية إلى عصورٍ كبرى تُستعمل رموزُها داخل المداخل لتأشير تاريخ الشاهد وتمييز طبقات الاستعمال، بما يضمن اتساق التأريخ داخل المدونة ويجعل قراءة التحول الدلالي ممكنة على نحوٍ منهجي. وفيما يأتي عرضٌ لهذا التقسيم كما ورد في المنهج العلمي المعتمد في صناعة المعجم.

1.4. عصور اللغة العربية

ورد في المنهج العلمي المعتمد في صناعة المعجم التاريخي الصادر عن مجمع اللغة العربية بالشارقة تقسيمٌ للعصور كما يأتي :

  1. عصر ما قبل الإسلام، رمزه : (ق س) : (قبل الهجرة إلى غاية القرن 1 هجري).

  2. العصر الإسلامي، رمزه : (س) : (من 1هـ إلى 132هـ).

  3. العصر العباسي، رمزه (ع) : (من 133هـ إلى 656هـ).

  4. عصر الدول والإمارات، رمزه (د م) : (من 657هـ إلى 1213هـ).

  5. العصر الحديث، رمزه (ح) : (من 1214هـ/1798م إلى غاية 1441هـ/2020م).

2.4. الوحدات المعجمية

الوحدات المعجمية في المنهج المعتمد تشمل : الكلمات الحاملة للمعاني، الكلمات الوظيفية، الكلمات المنحوتة والمركبة، العبارات السياقية والاصطلاحية، والأمثال، والمتصاحبات اللفظية، والرموز والمختصرات اللفظية.

وتجدر الإشارة إلى أن القائمين على صناعة هذا المعجم قد سهروا على رصد تطورات الألفاظ العربية عبر العصور الخمسة المذكورة، والتركيز على المعاني السياقية والشواهد المرافقة لها، ويظهر من النظر في المدونة أن ترتيب المواد والمداخل يتم وفق منهجية منظمة تشمل الأفعال ثم الأسماء، إلى جانب المصطلحات والتعابير الاصطلاحية والنقوش القديمة وغيرها مما تم تأثيله ورصد تطوراته عبر العصور.

5. نماذج تحليلية مختارة

يُعدّ الانتقال من المؤشرات الكمية العامة إلى فحص المداخل المعجمية في صيغتها الفعلية خطوةً ضرورية لاستجلاء “المنهج” كما يُمارَس داخل المعجم، لا كما يُعلن عنه في الوثائق العامة فقط؛ إذ إن بنية المدخل، وطريقة عرض المعنى، وآليات إسناد الشاهد وتأريخه، وتوزيع المعلومات بين الفعل والاسم والعبارات الاصطلاحية، هي التي تسمح بتقويم طبيعة الاشتغال المعجمي ودرجة انتظامه. وانطلاقًا من هذا المبدأ، يعتمد هذا القسم نماذج تطبيقية مختارة من المداخل، قصد إبراز كيفية بناء المعلومة المعجمية، وتبيّن مستويات التوثيق التي تتيحها المنصة، ومدى ارتباط الدلالة بالسياق الزمني والنصي، وذلك بما يخدم هدف الدراسة في توصيف بعض سمات المنهجية المعتمدة في المعجم التاريخي للغة العربية بالشارقة.

1.5. النموذج الأول : الجذر (ع ر ب د)

اختير الجذر (ع ر ب د) بوصفه نموذجًا غنيًا يتيح اختبار أكثر من مستوى من مستويات التنظيم داخل المدخل؛ فهو يضم مادّة فعلية وأخرى اسمية، ويقدّم عبارات سياقية واصطلاحية، فضلًا عن تنوّع في الدلالات وتعدّد في الامتداد الزمني عبر العصور. ومن شأن هذا الغنى أن يوضح آليات تصنيف الوحدات (فعل/اسم/عبارات)، وكيفية تقديم المعنى، وطريقة إيراد الشواهد وربطها بالعصور، بما يسمح بملاحظة انتظام البناء المعجمي وإبراز ملامح المنهج السياقي الذي يميز هذا المعجم، حيث لا تُعرض الدلالة منعزلة، بل تُقرأ في شبكة من الشواهد والتأريخ والاستعمال.

الجذر

عدد الأفعال

الأفعال/الدلالات

عدد الأسماء

عدد العبارات السياقية/الأمثال

أمثلة العبارات

العصور

ع ر ب د

01

عربد : (1) ثار وهاج واشتد غضبه. (2) آذى نديمه عند السكر.

09

02

« ركب فلان عصوده وعربده »، « ركبت عربدي »، « عربدة الجليس »

الفعل : ما قبل الإسلام/العباسي/الدول والإمارات/الحديث. الاسم : العصور الخمسة

2.5. النموذج الثاني : الجذر (ص أ ب ل)

في مقابل نموذجٍ غنيّ من حيث التفرّعات والتمثيل الزمني، يقدَّم الجذر (ص أ ب ل) بوصفه نموذجًا محدود التمثيل، يقتصر على مدخل اسمي واحد دون أفعال أو عبارات سياقية، وبامتداد زمني محصور في عصرين. وتكمن قيمة هذا النموذج في أنه يتيح اختبار الجانب الآخر من بناء المعجم : كيفية التعامل مع الجذور ذات الحضور القليل في المدونة، ومدى ثبات بنية العرض حتى عند محدودية المادة، وما الذي تكشفه هذه الحالات عن طبيعة التغطية وتفاوت الكثافة بين الجذور، وعن علاقة “غنى المدخل” بتعدد الشواهد والعصور ضمن المنهجية المعتمدة.

الجذر

عدد الأفعال

عدد الأسماء

الدلالة الاسمية

عدد العبارات السياقية/الأمثال

الرموز/المختصرات

العصور

ص أ ب ل

00

01

الصئبل/الصئبل : الداهية

00

00

الإسلامي والعباسي

تعليق تحليلي موجز : تُبرز هاتان العيّنتان انتظامًا في تقديم المدخل بحسب نوع الوحدة (فعل/اسم/عبارات)، وربط الدلالة بالشاهد ضمن أفق زمني محدد؛ كما يظهر أن بعض الجذور غنيّ بالشواهد وتعدّد العصور (مثل ع ر ب د)، في حين تأتي جذور أخرى بتمثيل محدود وظيفيًا وزمنيًا (مثل ص أ ب ل)، وهو ما يعضد فكرة أن كثافة الشواهد وتوزّعها التاريخي عنصران حاسمان في إبراز “السياقية” داخل بناء المعجم.

6. مناقشة النتائج وحدود الدراسة

تظل هذه الورقة وصفية-استكشافية من جهتين : أولاهما أنّ المؤشر العددي المعروض في صفحة الإحصاءات يعكس حالة المدونة في لحظة زمنية محددة، وقد يتبدل مع عمليات التحيين والتحديث؛ وثانيتهما أنّ التحليل النوعي اقتصر على نموذجين إيضاحيين من المداخل. وعليه، فالنتائج لا تدعي الإحاطة بكل خصائص المعجم أو تمثيلًا إحصائيًا شاملاً، بل تمهّد لبحوث لاحقة أوسع تعتمد عينات أكبر وإجراءات كمية أدق، وتستثمر أدوات استخراج بيانات (data extraction) أكثر انتظامًا عند إتاحتها. وعلى الرغم من هذه الحدود، تُظهر المعطيات أن المنصة الرقمية تتيح إمكانات بحث وتوثيق متقدمة (بحث مركب، إحالات إلى المصادر، وربط الدلالة بسياقاتها الزمنية)، وأن بناء المدخل يراعي تدرّج الشاهد عبر العصور ويُبرز التحول الدلالي بوصفه مسارًا تاريخيًا. كما أنّ الجمع بين العمل المؤسسي الجماعي والواجهة الرقمية يمثل انتقالًا نوعيًا مقارنة بمحاولات سابقة ظلّت جزئية أو متعثرة؛ وهو ما يعزز قابلية المعجم للاستخدام البحثي والتعليمي، ويفتح إمكانات جديدة للدراسات المعجمية الحاسوبية واللسانيات التاريخية. وفي سياقٍ أوسع، تندرج الأسئلة المتصلة بمكانة العربية في إنتاج المعرفة—من قبيل ما الذي يميز لغاتٍ أخرى في الحقل العلمي والتقني وما الذي يعوق العربية عن توسيع وظائفها المعاصرة—ضمن بنيةٍ مؤسسية ومعرفية تتصل بإنتاج المصطلح وتداول المعرفة؛ وقد عرفت العربية أوج ازدهارها في مراحل تاريخية، غير أن تراجع الإنتاج العلمي بها في العصر الحديث، وضعف الاستثمار البحثي والتقني، أفسحا المجال لهيمنة المصطلحات الأجنبية والاكتفاء بالتعريب والترجمة مع اضطراب مصطلحي. وفي هذا الإطار، يكتسب المعجم التاريخي أهمية تتجاوز التوثيق إلى دعم مسارين متكاملين : ترسيخ الوعي بتاريخ الدلالة والاستعمال بما يحدّ من الاضطراب المصطلحي ويقوّي الدقة المفهومية، وتوفير بنية رقمية قابلة للاستثمار في التعليم والبحث بما يوسّع من إمكانات العربية في مجالات الاستعمال المتخصص، مع التأكيد على أنّ رهانات “لغة العلم” تبقى رهينة سياسات بحثية وإنتاج معرفي وتكنولوجي مستمر، لا ينهض بها المعجم وحده وإن كان يهيّئ لها شروطًا لغوية ومعرفية أكثر صلابة.

الخاتمة

بعد هذا العرض الوجيز حول المنهجية العلمية للمعجم التاريخي للغة العربية المنتهية أشغاله مؤخرًا من طرف مجمع اللغة العربية بالشارقة، يمكن استنتاج أنه معجم ضخم في مادته، وفريد في منهجيته العلمية، وهو متاح للبحث والاستعمال على الإنترنت، ويمكن تحميله على الهواتف والألواح الذكية، والاستنجاد به وقت الحاجة من قبل الباحثين والمهتمين بلغة القرآن الكريم. كما حظي هذا المعجم بحديث مطول عنه في وسائل الإعلام العربية المختلفة، ولقي استحسانًا وقبولاً حسنًا، بوصفه مشروعًا علميًا كبيرًا طال انتظاره، وتجاوز عراقيل متعددة بفضل تضافر القرار المؤسسي والعمل العلمي والتقني.

الاقتراحات واستشراف المستقبل

من جملة الاقتراحات التي يمكن الإدلاء بها في هذا المقال ما يلي :

  • ضرورة تشكيل فريق من الباحثين يتولى تحيين المعجم التاريخي للغة العربية، والسهر على تدارك بعض الهفوات المحتملة بعد صناعته.

  • وتبعًا لذلك، ضرورة إصدار طبعات/إصدارات جديدة منقحة لهذا المعجم.

  • تعريف القراء والباحثين المهتمين بمدونة هذا المعجم، من أجل إجراء البحوث والدراسات عليه.

  • التقرب أكثر من ألفاظ اللغة العربية من أجل استعمالها في الخطابات اليومية والرسمية.

تعجيل صناعة المعاجم التاريخية العربية المتخصصة.

أحمد بن عبد الله الباتليّ، المعاجم اللّغويّة وطرق ترتيبها، الرياض، 1992، ط1. دار الرّاية.

.عبد العزيز، محمد حسن. (2012). المعجم التّاريخيّ في ضوء المعجميّة الحديثة، مجلّة التعريب، القاهرة: دار الفكر العربي. ع 43.

عبد العزيز، محمد حسن. (2008). المعجم التاريخي للغة العربية : وثائق ونماذج. القاهرة : دار السلام.

الخطيب، أحمد شفيق. (2003). القواميس فن وعلم. مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد 78، الجزء 3.

مجمع اللغة العربية بالشارقة. (2025). المعجم التاريخي للغة العربية (منصة رقمية). تم الاطلاع في 12 فيفري 2025، من https://almojam.org/

مجمع اللغة العربية بالشارقة. (2025). منهج المعجم التاريخي للغة العربية. تم الاطلاع في 12 فيفري 2025، من https://almojam.org/about/curriculum

مجمع اللغة العربية بالشارقة. (2025). الموقع الرسمي لمجمع اللغة العربية بالشارقة. تم الاطلاع في 12 فيفري 2025، من https://www.alashj.ae/

كاهنة محيوت

جامعة مولود معمري، تيزي وزو - مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article