التناص الصوفي في ديوان ما في الجبة غير البحر للشاعر فاتح علاق

الحلاج على الصليب - أنموذجاً

Dissonance soufie dans un diwan au front autre que la mer par le poète Fateh Allaq - Halaj sur la croix - modèle

Sufi dissonance in a diwan in the forehead other than the sea by the poet Fateh Allaq - Halaj on the cross - model

سامية قاع الكاف

Citer cet article

Référence électronique

سامية قاع الكاف, « التناص الصوفي في ديوان ما في الجبة غير البحر للشاعر فاتح علاق  », Aleph [En ligne], 9 (3) | 2022, mis en ligne le 30 juin 2022, consulté le 21 novembre 2024. URL : https://aleph.edinum.org/6339

تُحَاوِلُ هَذِهِ الوَرَقَةُ البَّحْثِيَةُ البحث في عالم الشعر الجزائري المعاصر، وكَيْفَ رَسَمَ لنفسه شَكْلاً خَاصًا بِهِ يُعَبِّرُ عن موقفه مِنْ قضايا عدَّة. إلاَّ أنَّ هذا التَّعْبٍيرَ أَخَذَ أَوْجُهًا مُتنوعةً ومُتعددةً وذلك بحسب انتماءات الشعراء الفكرية والثقافية، كما كان لهذا التعبير أدواتٌ متنوعةٌ منها التَّنَاصُ، هذا الأخير الَّذِي شَغَلَ بَالَ الشعراءِ وبخاصة التناص الصوفي، الَّذِي فَتَحَ مجالاً واسعًا للنقاشِ بين الدارسين والنُّقاد.

هذا النِّقَاشُ الَّذِي سَأُحَاوِلُ أَنْ أُسَاهِمَ فيه مِنْ خِلاَلِ البَحْثِ عَنْ آلياتِ تَوْظِيفِ الشاعر الجزائري المعاصر للتناص الصوفي؟ وكيف فَهِمَ العلاقة بين الشعر والتَّصوف ؟ حيث العَالَمُ المِثَالِيُّ والكَمَالُ هُمَا حُلمَا الشاعر والمتصوف، هَادِفَةً بذلك الولوج إلى المتن الشعري الصوفي بوصفه خطابا أدبيا مميِّزاً ؛هذا الأخير الذي تَمنَّعَ وشَفَّرَ لُغَتَهُ وكَسَرَ النَّمَطية ممَّا حَفَّزَ الشَّاعر الجزائري على صَبْغِ إبْدَاعِهِ بمَسْحَةٍ صُوفِيَةٍ، ودَفَعَ المتلقي لتأويل هذا المغلق وخَلْقِ نَصٍّ جديدٍ.

ومن هؤلاء الشعراء الَّذينَ اكْتَسَتْ إبْدَاعَاتُهُمْ بِصبْغَةٍ دينيةٍ صُوفِيَّةٍ الشَّاعِرُ « فاتح علاق »، والَّذِي سيكون محور هذه المقالة الموسومة «  التناص الصوفي في ديوان ما في الجبة غير البحر _ الحلاج على الصليب _ أنموذجاً  »

Ce document de recherche tente de faire des recherches sur le monde de la poésie algérienne contemporaine et sur la façon dont il s’est peint une forme qui lui est propre et qui exprime sa position sur plusieurs questions. Cependant, cette expression a pris une variété de visages selon les affiliations intellectuelles et culturelles des poètes, et cette expression avait également une variété d’outils, y compris la dissonance, cette dernière, qui était remplie de poètes, en particulier la dissonance soufie, qui a ouvert un large éventail de discussions entre les érudits et les critiques.

Ce débat auquel je vais essayer de contribuer en cherchant des mécanismes pour employer le poète algérien contemporain pour la fusion soufie ? Et comment comprenez-vous la relation entre poésie et soufisme ? Là où le monde parfait et la perfection sont le rêve du poète et mystique, visant à entrer dans le corps poétique soufi comme un discours littéraire distinctif, ce dernier, qui empêche et crypte son langage et brise le stéréotype, qui a motivé le poète algérien à teindre sa créativité avec une teinte mystique, et pousser le destinataire à interpréter ce fermé et à créer un nouveau texte .

Parmi ces poètes dont les créations ont été balayées par un caractère religieux soufi se trouve le poète 'Fateh Allaq', qui sera au centre de cet article étiqueté 'Dissonance soufie dans un divan dans le front non-mer - halaj sur la croix - un modèle'

This intervention attempts to explore the world of contemporary Algerian poetry, and how he has drawn his own form expressing his position on several issues. However, this expression took various aspects according to the intellectual and cultural affiliations of the poets, and this expression had a variety of tools, including the dissonance, which was filled with poets, particularly sufi sins, which opened up a wide range of discussion between scholars and critics.

This discussion, which we will be referring to by searching for the mechanisms of employing the contemporary Algerian poet for Sufi sufism, and how to understand the relationship between poetry and sufism, where the ideal and perfect world is the dream of the poet and mystic, aiming to gain access to the Sufi poetry as a literary discourse. The latter, who has been masked and encrypted his language and broken stereotypes, prompted the Algerian poet to dye his creativity with a mystical tinge, and pushed the recipient to interpret this closed and create a new text.

Among these poets, whose creations are encrusted with a mystical religious character, is the poet Fateh Allaq, who will be at the center of this intervention, tagged 'Sufi dissonance in a diwan other than the sea- halaj on the cross- a model.

مقدمة 

تتعالق التجارب الفنية وتتلاقى في مواطن متعددة، فتنهل كل واحدة من الأخرى، ولا شك أنَّ التجربة الصوفية هي الأشد اقترابا من نوازع الإنسان باعتباره إنسانا متدينا ورعا يحاول الخلاص من العالم المادي الحسي إلى عالم روحي يناشد فيه الكمال، وهو بهذه الصورة يحاكي الشاعر الذي يأبى تحمل الأزمات التي تعصف بالمجتمع العربي أملا في الفرار من واقعه المرير إلى واقع مشرق.

ومن ثُمَّ كان للتصوف تأثير واسع في تجربة الشعر العربي، «  ففي الشعر الجزائري المعاصر تؤسس للحل الفوري لتعاسة الواقع وبؤس الحياة من خلال فعالية الواقع، ورفضه ومجاهدته، ويتجلى ذلك في شيوع معاني الحزن والإحساس بالغربة والظمأ النفسي لمعانقة المطلق في المتن الشعري  »1 ، فيمتزج في شعره التراث الصوفي بالواقع الإنساني.

لقد اتَّسع نطاق تأثير التصوف ليشمل جُلَّ الشعراء العرب المحدثين والمعاصرين، وخصوصا شعراء التجربة الجديدة، إلا أنَّ طبيعة هذا التأثير والتأثر اختلفت من شاعر لآخر، تبعا لاختلاف وجهات النظر الخاصة بكل شاعر تجاه الحياة أولا، وتجاه ما تطرحه كلتا التجربتين ( الشعرية والصوفية) من رؤى ومواقف ثانيا.

استعان المتصوفة بالشعر للتعبير عن مجاهداتهم وشطحاتهم العرفانية، لأنَّ الصوفية « سعي متواصل لكشف الغامض والمبهم، والتعبير عن عوالم النفس الداخلية، والجمال المطلق بأساليب رمزية، لا تحدها حدود العقل، ولا تطالها المقاييس الضيِّقة، وهي غاية الفن ككل  »2

إن التجربة الصوفية هي « عملية استبطانية منظمة لتجربة روحية، غايتها ليست سوى تهيئة النفس لاتخاذ موقف من الوجود ومن الواقع المزيَّف بغية الوصول إلى الخيال الحقيقي، ومحاولة كشف الحقيقة عن طريق تجاوز العالم المحسوس  »3.

ويعرف محمد غنيمي هلال التجربة الشعرية بأنَّها «  الصورة الكاملة النفسية أو الكونية التي يصوِّرُها الشاعر حين يفكر في أمر من الأمور تفكيرا ينم عن عميق شعوره وإحساسه، وفيها يرجع الشاعر إلى اقتناع ذاتي، وإخلاص فني، لا إلى مجرد مهاراته في صياغة القول ليعبث بالحقائق أو يجاري شعور الآخرين بل ليغذي شاعريته  »4، ولذلك نجد القصيدة تعبِّرُ عن إحساس الشاعر وانفعالاته، ولمَّا كانت التجربة «  خاضعة للفرد يعيشها ويحاول أن ينجح في إيصالها إلى الآخرين قصيدة، فإنَّ التجربة ستكون – ولا شك- متفاوتة ومتنوعة تحمل خبرة وتنقل إلى الآخرين هذه الخبرة الإنسانية على أزمنة متفاوتة قد تتباين تجربة الفرد عن غيره وقد يكون التباين في تجارب الفرد نفسه  »5 و«  يتحول الانفعال الذاتي إلى انفعال تعبيري وسيلته اللغة  »6.

تبدو التجربة الشعرية الحديثة غامضةً بطبيعتها، ذلك أنها تجربة ما ورائية تصدر عن الذات الباطنة بسبب الانفعال الشعري الذي يتطلب « قدرًا ضروريًا من الغموض، لأنَّه ينبثقُ من أغوار النفس، ومن حيِّز المعاناة الصادقة بفوضاها وتداخلها، وفي محاولة تحويل هذا الانفعال من خلال الرؤيا إلى حيز التشكيل يحدث الغموض »7.

يلازم الغموض اللغة في الشعرية الخيالية القائمة على المجاز والمفارقة للغة العقل والمنطق، فهو أنسب المسالك للتعبير عن الأغوار الذاتية للنفس، لأن جوهر الشعر ينحى منحى غير واضح وغير محدد المعالم، فلغة الشعر الفنية تختلف عن لغة التواصل العادية القائمة على المنطق والوضوح ؛ فالغموض عند محمد بنيس ناتج عن انتقال نوعي من قوانين اللغة المعجمية المتداولة والاستهلاكية إلى قوانين اللغة الشعرية التي تنحو نحو الحداثة وما تقتضيه من شروط معقدة8.

1. طبيعة التجربة في الخطاب الصوفي والشعري 

يؤكد أدونيس أنَّ التجربة الصوفية تُمثِّلُ جوهر الشعر ومنبعه،

« نستطيع أن نرى كثيرا من القيم الحضارية العربية مستمرة في الحركة الشعرية العربية الجديدة، لكن هذه القيم لا تنبع من النصوص الشعرية بالمعنى التقليدي القديم، بقدر ما تنبع من نصوص التصوف، فالتصوف حسٌّ شعري ومعظم نصوصه نصوص شعرية صافية، ولهذا فإنَّ القيم التي يُضِيفُهَا الشِّعر العربي الجديد أو يحاول أن يضيفها، إنما يستمدها من التراث الصوفي في الدرجة الأولى »9.

ويشير القشيري إلى العلاقة بين التجربة الصوفية والتجربة الشعرية فيقول «  توازي كل منهما، بل وتمازجهما في كثير من الأحيان تمازجا يصعب الفصل بينهما  »10.

تلخص هذه العبارة عن وجود علاقة وطيدة بين التجربتين الصوفية والأدبية عموما، فالتوازي يشير إلى أن أحد الطرفين (المتصوف/ الأديب) يقوم ببناء تجربة تحاكي عناصرها الأساسية تجربة الآخر ولكنها لا تتطابق معها، والامتزاج يشير إلى تقمص أحد الطرفين تجربة الآخر ممتزجا بها رؤيةً وأسلوبًا وغايةً.

ويرى عاطف جودة نصر

«  أن ثمَّة وشائج قربى تجمع بين التصوف والفن بشكل عام وبينه وبين الشعر بشكل خاص ؛ هذه الوشائج تتمثل أن كليهما يحيل إلى العاطفة والوجدان... ومعنى هذا أن التصوف والشعر كليهما لا ينتميان لنسقين مختلفين، ففي التجربة الصوفية أو التجربة الشعرية على حد سواء، نحصل على ضرب من الجد المكثف وننخرط بواسطته في وعينا الداخلي الذي لا يفتأ يأخذ في الاتساع والنمو والتمدد  »11.

ويرتكز الحديث عن طبيعة العلاقة بين التجربتين الصوفية والشعرية على ثلاث مرتكزات أساسية هي : اللغة، والخيال، والرؤية. ويجمعها عبد الحكم العلامي في قوله :

«  إن العلاقة بين التصوف والأدب هي علاقة حميمة تفرضها مجموعة من العوامل المشتركة... والتي تتمثل في الطابع الذاتي للتجربة لدى كل من المتصوف والأديب، وفي فاعلية الخيال، وفي ميل كل من المتصوف والأديب إلى التعبير بالرمز، وفي توقد العاطفة، وصدق التجربة والمعاناة فيها  »12.

1.1. اللغة 

أوجد الشاعر والصوفي قوالب لغوية جديدة محطمين العلائق المعجمية

«  إن هذا الانفجار يوازي على مستوى الممارسة الخطابية منطق البوح، الذي لاحظناه في شعر المتصوفة، وخاصة الحلاج الذي فجَّر على المستوى الدلالي العلاقة التقليدية بين الكلمات ووسائط المجاز، وتعتيم الاسترسال لذلك جاء خطابهم يتجاوب كميا مع هذا الوضع المعرفي، لنقرأ مقطوعات شعرية تستفز أكثر ما تمتع »13،

وهو خطاب يؤول ولا يُؤخَذُ على ظاهره، فيكون متلقيه – من الخاصة – قادرًا على سبر أغواره وفهم مدلولات الخطاب الجديدة التي تخضع لحال المريد أو الشيخ أو القطب، كما تخضع لطبيعة التجربة الشعورية والواقية للشاعر المعاصر.

وفي هذا الصدد يقول أدونيس :

«  لقد استخدم الصوفيون في كلامهم عن الله وعن الوجود والإنسان والفن، الشكل والأسلوب، المجاز والصورة، الوزن، القافية والقارئ يتذوق تجاربهم ويستشف أبعادها عبر فنيتها، وهي مستعصية على القارئ الذي يدخل إليها معتمدا على ظاهرها اللفظي، أي يتعذر الدخول إلى عالم التجربة الصوفية عن طريق عبارتها، فالإشارة – لا العبارة- هي المدخل الرئيس...  »14.

يتجلى الفرق الجوهري بين اللغة العادية من جهة واللغة الصوفية واللغة الشعرية من جهة أخرى، والذي يتمثل في خروجها عن السياق المألوف لاسيما الصوفية والتي لا يمكن فهمها إلا بمنطق الباطن وحقائقه وأبعاده «  ولذلك تخرج اللغة عندهم من الإطار التوصيلي وتشكِّل في مجموعها بناءً مختلفا يتألف من المفردات العادية ولكن باستخدامات جديدة، وبدلالات جديدة، تفضي إلى دلالات وعلاقات أكثر جدة  »15.

يتقاطع الشعر والتصوف في اللغة بحيث تستحيل إلى مجموعة من الإشارات والرموز الموحية «  فالشاعر الصوفي يعمل على التعمية المتعمدة في أكثر الأحيان، والشاعر الرمزي يستفزنا إلى تسريح الضباب عن المعنى الذي يرمي إليه من خلال رموزه وتعابيره أو صوره الرؤيوية16.

إنَّهُمَا يجتمعان على أنَّ اللُّغة العادية عاجزةٌ على تحمل آلام وآمال الصوفي والشاعر، ولذلك انتصر كليهما لاستعمال الرمز، حيث يعملان على نقض اللغة اليومية والقوالب المتعارف عليها، وحياكتها من جديد في ديباجة تتسع لتحتوي عمق التجربة التي ترتوي من فرات المعاني بتراكيب مغامرة محملة برؤى استشرافية عميقة، وبعيدا عن الواقع الذي دفعهما للعيش في جو يغشاه الاغتراب   «فالمتصوفة والشعراء استعملوا اللغة الشعرية الإيحائية، وذلك للتعبير عن تجاربهم وأحوالهم ومقاماتهم كل بمجاهدته الخاصة به، وبذوقه، وباتصاله وبانفصاله » 17.

إِنَّ نقاط الالتقاء بين التجربة الصوفية والتجربة الشعرية جعلت كلٌّ منهما تنهل من الأخرى وتستقي ما يخدم تطلعاتهما ويسرد معاناتهما

 « وليس أن يعبر شاعرنا المعاصر في بعض أبعاد تجربته من خلال أصوات صوفية، فالصلة بين التجربة الشعرية خصوصا – في صورتها الحديثة التي يغلب عليها الطابع السرياني – وبين التجربة الصوفية جد وثيقة، وتتجلى هذه الصلة أوضح ما تتجلى في ميل كل من الشاعر الحديث والصوفي إلى الاتحاد بالوجود»18 ،

وهذا التسخير للشعر الصوفي في الخطاب المعاصر ليس من باب المعتقد الديني بقدر ما هو تقنية فنية تضفي جمالا وعمقا على الخطاب الشعري المعاصر.

ومع هذا تظل اللغة الخاصة بالمتصوفة بألفاظها وتراكيبها عاجزة عن إيصال الفكرة، وقد عانى المتصوفة أشدَّ المعاناة في البحث عن لغة جديدة تعكس معاناتهم ومنهم من لجأ إلى الصمت.

ونحن نجد هذه المعاناة اللغوية في الشعر الجزائري قديما وحديثا، بل إننا نجد ذلك لدى شعرائنا في التسعينات من هذا القرن. فهذا أحمد عبد الكريم يعبِّرُ عن مشكلة التعبير اللغوي عندما يحسُّ بعظم التجربة الصوفية وعجز اللغة إزاءها فيقول :

« من يعطيني نارا لفراشاتي
من.... يمنحني لغة بشساعة أهوالي؟  »19

إِنَّ اللُّغة الصُّوفية واللُّغة الرَّمزية في الشعر المعاصر تلتقيان في توجيه الخطاب لفئة خاصة باستعمال الرمز الذي كان الوسيلة المثلى لتحقيق حاجات الشاعر والصوفي الوجدانية والوجودية.

2.1. الخيال 

اتسع مفهوم الخيال عند الشاعر والصوفي، فالشاعر

«  يصل إلى البعيد المجهول، ويرى الأشياء بطريقة جديدة من خلاله، حيث يرى ما لا نستطيع رؤيته، فيحقق إشباعًا ولذَّةً تنتقل منه – عبر القصيدة – إلى القارئ، فيتعمق وعيه وينسحب القارئ إلى أرض بِكْرٍ مليئة بالتَّصورات فيغنى إحساسه، ويشعر أن كلَّ شيء أمامه يبدو جديدا »20.

كما يمثل الخيال بالنسبة للصوفي الحضرة التي يتجلى فيها الله للإنسان كما يعتقد ابن عربي

«فالصوفي مثل الشاعر لا همَّ لَهُ إلاَّ اكتشاف الحقيقة الكلية وراء المحسوسات ولتحقيق تلك الغاية يقوم برحلة لتصفية النفس وترويضها وتهذيبها حتى تكتشف روحه»21.

لقد مثلت التجربتان الصوفية والشعرية الحداثية فعلا قطيعة مع الممارسات السابقة من خلال سموِّها عن الواقع الحسي واتخاذها عالم الخيال منطلقا لها ودعوتها لرفض كل ما هو متعارف عليه.

3.1. الرؤية

تَعْتَمِدُ التَّجربةُ الشِّعْرِيَةُ المعاصرة على الرُّؤْيَا الاستكشافية التي يتخذها الصوفي أداة ليتجاوز المحدود والمعقول ويتخطى الرَّاهن الرَّاكد « 22، فالرؤية عند الصوفي وسيلة للعبور إلى عالم أفضل لمعاينة المطلق والوصول إلى النَّقاء الرُّوحي، أما عند الشاعر فهي وسيلة للهروب من الواقع إلى عالم الذات والميتافيزيقيا.

لقد استمد الشعراء من المتصوفة أداتهم الفاعلة في تجاوز الواقع الحقيقي لأن:

 « العقل قاصر على استكناه الحقائق ومن ثمة كانت الرؤيا الداخلية تبعد عن الشكل وترتبط بالحقيقة المستترة وراء الشكل والثبات فيجمع فيها ما لا يجتمع ويوصل ما لا يتصل لإثارة الدهشة عن طريق تفجير اللغة المعيارية وإنشاء علائق احتمالية مفارقة»23 

إنَّ كُلاًّ من التجربتين تعبِّران عن معاناة ووجد وشوق، ومن رحم المعاناة تولد الكلمات وتنفجر ينابيع الحكمة، التي تأتي بعد هذه التجارب درسا مفيدا، وإحساسا دفينا يصور انفعالات النفس، وخطرات الحس، ومشاعر الأفراح والأتراح. من هنا كانت الصوفية والحداثة الشعرية تبحثان عن غايات مشتركة، منها : هذه الدعوة إلى الصفاء والنقاء، ومنها تلك الشفافية في القول غير المباشر، وهذا المثول بين يدي الكلمة24.

فالخطابان الشعري والصوفي يتميزان بصدق التجربة لكونها وليدة معاناة، بل أن هناك من رأى أن أهل الفن كأهل الطريق، وفي كليهما معاناة داخلية وصراع مع الذات للوصول إلى عمق التجربة، بيد أن هذا الصراع على ما فيه من تفاوت يلازم الفنان في أغلب تجاربه الإبداعية ولا يتخلص منه إلا في حالات عالية من الصفاء والتركيز والاستغراق وهو بذلك يقترب من الرؤيا الصوفية في أعماله الفنية، في حين أن الصوفي لا يهمه أن يكون له منجز يشعر به كمعادل، إنما يتخلص من ذلك الصراع إما بالفناء بالعالم والامتزاج بالروح الإلهية أو يحرم من مراده حسب مفاهيم الصوفية... لكن الشاعر يتعمق الوجود كما يتعمقه الصوفي، وهنا يلتقيان، وربما سمى المفكر والفيلسوف صوفيا بهذا المعنى أيضا، بمعنى إن الصوفية إذا كانت هي عمق التجربة، فكل صاحب تجربة ورؤية عميقة في الفن والحياة والدين، لذا فالمفكر والفيلسوف هو متصوف بهذا المعنى25.

2. التناص 

يقصد بالتناص الوقوف على حقيقة التفاعل بين النصوص في استعادتها أو محاكاتها لنصوص أخرى سابقة لها، حيث يمثل النص –على حد تعبير جوليا كريستينا – قطعة من الفسيفساء تداخلت فيها الاقتباسات التي أشربت المعاني الجديدة المطروحة في النص بعد أن أعاد الشاعر تشكيلها، وأحكم نسجها، حتى بدت جملة متآلفة.

و يشكل التناص ظاهرة تركيبية بارزة في لغة الخطاب الشعري المعاصر، فكل خطاب يتضمن تناصا، سواء جاء هذا التناص عفويا أم متعمدا نتيجة مرجعيته الثقافية، فلم يعد الخطاب الشعري نصا منغلقا بل أصبح مفتوحا يعتمد على خلفية ثقافية مكتنزة في ذهن المبدع، لامتصاص خطابات أخرى غائبة تدخل في ثنايا النص الحاضر، وتصبح جزءا من نسيجه اللغوي، وتظهر براعة المبدع في توظيف التناص عبر السياق والاستفادة من سماته في دعم النص. لذا يتفق بعض الدارسين

«على أنَّ التناص شيء لا مناص منه، لأنه لافكاك للإنسان من شروطه الزمنية والمكانية ومحتوياتهما، ومن تاريخه الشخصي أي من ذكرياته فأساس إنتاج أي نص هو معرفة صاحبه للعالم ؛ وهذه المعرفة هي ركيزة تأويل النص من قبل المتلقي»26 .

إنَّ استحضار الصور المتناصة يثري النص الشعري ف  «إذا كان النَّص مقولة، يكون التناص هو الإجراء الذي تفرضه هذه المقولة» .27

إنَّ تعدد الوعي في الخطاب الشعري يعود إلى التداخلات النصية ويحمل النص الحاضر أكثر من وعي، لذا يرى شكري عزيز ماضي :

 « إن التناص يقدم مفهوما جديدا لمصطلح الكتابة، ليست رسما للأصوات اللغوية على الورق، بل تمثل وجودا كليا، له تفاعلاته الذاتية وقوانينه النوعية، كما يقدم مفهوما جديدا لمصطلح النص فالنص المكتوب حتما يتصف بصفات محددة بدونها قد يكون أثرا أو عملا أو ما شئت لكن النص الذي يستحق هذه التسمية ذو سمات جديدة تماما» 28.

يُعْتَبَرُ كلُّ نَصٍّ بوابةً لنصوصٍ أخرى تغزوه وتلتحم في نسيج الدلالة والصياغة فينتج لدينا نص مكثف، نلمح من خلاله نصوصا غائبة ذابت في ثناياه، إلاَّ أنَّ هذا التأثر لا يعني تغييب الشاعر، لأنَّ لكل مبدع بصمة أسلوبية خاصة، كما أنَّ التناص لا يعني الاقتطاع أو التحويل أو الاعتداء على النصوص الأخرى، وإنَّما يتم ذلك التناص على وجه إبداعي يقوم على الاستيعاب والحوار ومن ثم الخلق والتصرف، وهذا يعني أن التناص يندرج فيما أسمته جوليا كريستيفا إشكالية الإنتاجية النصية التي تقوم على الحوارية وتعدد الأصوات.

3. التناص الصوفي

1.3. التناص الصوفي في ديوان ما في الجبة غير البحر

يُعَدُّ هذا النوع من التناص من أبرز التعالقات النصية التي تُبْرِزُ شدَّةَ تعلق الفرد بالدين الإسلامي عن طريق أصول المذهب الصوفي بهدف الوصول إلى أسمى درجات التصوف وهو اليقين، يتميز بلغة رمزية خاصة بالتراث الصوفي الذي يحاول من خلاله بيان الطريق السوي التي يسلكها للوصول إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى من عباده التقاة، فالمتصوف يجتهد بصفة دائمة ومستمرة في العبادات ويتجنب النواهي، كما يسعى باستمرار لتطهير نفسه وتهذيبها وتركيزها، فالتصوف يعنى بتهذيب الأخلاق وترقيتها، يقول عبد الوهاب الشعراني :« ... إنما التصوف التخلق بأخلاقهم، ومعرفة طرق استنباطهم لجميع الآداب والأخلاق التي تحلوا بها من الكتاب والسنة  »29.

فلا يكفي أن يكون الفرد مطلعا على ما جاء في الشعر الصوفي حتى يفهم لغتهم وما يرمون إليه، فالإطلاع على تراثهم يجعل الفرد متذوقا فقط بعيدا كل البعد عن أن يكون واحدا منهم، بل يجب أن يلتزم بما يلتزمون به بتتبع أخلاقهم وقواعدهم، وكل هذا خوفا وخشية من فهم الناس لقاموسهم اللغوي وما يقصدونه، وتأويل كلامهم في غير ما هو حقيقي.

ومن هذه المصطلحات التي يتداولها الصوفية، الخوف، الرجاء، المعراج، الطريق، الستر، المحبة، السوق، الأنس، السفر، الذكر، القلب، الغيبة... وكلُّ هذه المفردات تصبُّ في البعد الديني.

وقد أقدم شعراء التصوف على وضع أكثر من مصطلح بدلالات مختلفة؛ تتغير بتغير استخدامها حيث قام أغلبهم باستعمال أكثر من مصطلح والتعبير عن معنى واحد في صور متنوعة والتي قد تتمايز وتتباين، وذلك قصد زيادة المعنى وضوحا وتخصيصا بزيادة المبنى وملئ الثغرات الموجودة فيه جراء استخدامهم للرمز الصوفي والذي يتناص مع حوادث وشخصيات وأماكن وغيرها.

والشاعر فاتح علاق شاعر صوفي ملهم في دواوينه الشعرية بالألفاظ الصوفية، وقد انعكس ذلك قي قصائد كثيرة له، اتكأ فيها على اللغة الصوفية من خلال استخدام لغة الإيحاء والرمز التي تميز بها الصوفية.

وقد أدرك الشاعر عمق الصلة التي تربط تجربته الشعرية الخاصة بالتجربة الصوفية، وتجلى ذلك من خلال توظيفه للشخصيات الصوفية كالحلاج وابن عربي، والنفري، وتأثره الشديد بكتاباتهم.

حيث استطاع الشاعر (فاتح علاق) أن يستوعب ملامح التجربة الصوفية ودلالتها، وأن يستخلص السمات الدالة في هذه التجربة، وأن يتمثلها في شعره، محمِّلا إياها جوانب تجربته الشعرية الخاصة.

كما كان الحس الصوفي لدى الشاعر انعكاسا لاستمرارية الاغتراب، وانكفاء إلى الذات التي طالما انتظرت الخلاص من هذا الواقع، وبحثت عن عالم أفضل يتحقق فيه الأمن والحرية، وتسود فيه العدالة، وتزول غيمة الظلم والاستبداد للشعوب، وقد استطاع أيضا من خلال قصائده المتسمة بالمسحة الصوفية المكتنزة بالدلالات الروحية أن يتحرر من ربقة الجسد، ليصل إلى عالم المطلق، وأن يتجاوز المرئي إلى اللامرئي، وأن يتحرر من قيد الذات ليصل همَّه بهموم الآخرين.

يتخذ الشاعر في استحضاره للشعر الصوفي أو الشخصيات الصوفية من خلال الحديث عنها، أو عن طريق القناع، كما يستفيد أيضا من تقنية العنونة التي تكون محملة في كثير من الأحيان بالدلالات الصوفية، ويكشف لنا عن تناص العناوين الذي يستمد سلطته من مركزيته التي يوليها إليه النقد الحديث فهو «  علاقة جوهرية للمصاحب النصي »30.

من خلال دراستنا لديوان «  ما في الجبة غير البحر  » لاحظنا أن الشاعر فاتح علاق يحيلنا إلى مرجعيته الصوفية والتي استقاها من تأثره الشديد بكتابات النفري والحلاج.

2.3. عتبة العنوان 

إنَّ أول ما يُطَالِعُ القارئَ الذي يريد أن يقتحم عالم النص وسبر أغوارهِ «  العنوان » فهو :«  من هذه الناحية معلمٌ بارِزٌ لتحديد هوية النص، وإبراز معانيه التي يمكن أن يختصرها، ويركزها الشاعر في هذه العبارة الموجزة، وهي العنوان »31.

ولذلك نجد، العديد من الشعراء والأدباء قد أولوا أهمية كبيرة لعناوين كتبهم، حيث إهتموا به إهتماما بالغا، كما أنَّهُ الخيط الذي يربط بينه وبين القارئ. وقد أصبح العنوان ظاهرة فنية تتوفر على إستراتيجية بنيوية مكثفة بما يثيره من وظائف لفتت انتباه النقاد، الذي سعوا إلى إيجاد علم خاص به هو تقنية العنونة، فهو بمثابة المنارة التي تضيء النص الأدبي.

والذي نخلص إليه أن الشاعر فاتح علاق في تبنيه لهذه العناوين الصريحة في دلالتها الصوفية، إنَّما ينظر إليها من ناحية الوظيفة التناصية التي تؤديها : «  يمكن أن تشتغل العناوين علامات مزدوجة حيث أنَّها في هذه الحالة تحتوي القصيدة التي تتوجها، وفي الوقت نفسه تحيل على نص آخر »32 .

يُعد عنوان «  ما في الجبة غير البحر » العنوان الرئيسي للديوان، وهو تركيب اسمي مفعم بالدلالات الصوفية، حيث يفتح النص الشعري على تناسل تناصي- إن صح التعبير-.

يحيلنا التركيب الاسمي الأول إلى مرجعية صوفية أين تجسدت ثنائية (الحق/ الخلق) في العنوان من خلال هذا التوظيف غير التام لمقولة الحلاج الشهيرة [ ما في الجبة غير الله ]، لكنه عدل بالمعنى الصوفي من خلال مفردة « الله » وأبدله عن طريق توظيف مفردة « البحر » الموجودة في التركيب الاسمي الثاني ليوازي بين التجربتين الصوفية والشعرية، إذ أن الشاعر في تجربته ينشد السمو عن الواقع والتعالي بالنفس الانسانية التي تعيش حالة من الغربة الروحية والاجتماعية فكلا التجربتين تنبعان من المنبع نفسه وتنشدان الأهداف نفسها.

ينقل لنا الشاعر في تجربته الشعرية أحاسيسه المفعمة وتجربته الحياتية بآلامها وآمالها ؛ فوجد في التجربة الصوفية ملاذا وملجأ ومتنفسا للتعبير عن خوالج نفسه بما يطربها ويجعلها تنتشي روحيا وإبداعيا.

أما التناص الثاني في توظيف الشاعر للفظة «  يا بحر  » وهي تدل على التأثر الشديد للشاعر بكتابات عبد الجبار النفرِّي خاصة في موقف «  يا بحر »، حيث جعل فاتح علاق البحر معادلا موضوعيا للإنسان، يخاطبه ويتحدث إليه ويحاوره، لكن الشاعر استعاض بلفظة «  البحر  » اشارة منه إلى التجربة الشعرية التي تخضع لقيود الوزن والقافية (البحر الشعري)، فالشاعر ينشد التحرر من هذه القيود التي تَحُدُّ من تجربته كشاعر ففي توظيفه للتراث الصوفي دعوة لتحرير النفس وكسر القيود المفروضة عليه بمختلف أبعادها. إذا يكمن التعالق في النزوع الروحي إلى ما هو أفضل في كلا التجربتين.

إننا أمام تجربة شعرية متميزة امتزجت فيه الشاعرية بالعرفان في تناغم فني جميل؛ حيث نجد أن الشاعر فاتح علاق قد جعل من لفظة «  البحر  » رمزًا صوفيا،أين نجدها كثيرة التكرار في الديوان ويتجلى ذلك في قصيدة «  ما في الجبة غير البحر  » « هو البحر لا صوت لي »، «  لا شأن للبحر بي  »، «  أنت البداية...أنت الحكاية  »

يقول 33:

لا شأن للبحر بي
لا شأن للبر بي
لا شأن للبرٍّ والبحر بي.

فالبحر بالنسبة للشاعر هو حالة روحية انسجمت مع حالته الشعورية، واستعماله للبحر كثيرا جعل منه واقعا حسيًا يحيل إلى رؤية الله عز وجل، كما يمثل حالات مختلفة للنفس البشرية في سكناتها وحركاتها وهيجانها وإضطرابها.

وينحى الشاعر منحى المتصوفة في صياغة عناوين قصيدته «  ما في الجبة غير البحر  » مما يؤكد إصرار الشاعر على المعجم الصوفي في رسم تجاربه الشعرية :

ليس في البحر من أحد
غير جبته وهواه
غير نظرته الهائمه
في سَمَاء الإلهْ34 .

يتحدث الشاعر فاتح علاق عن لجوئه إلى الله سبحانه وتعالى في جميع أحواله الشعورية واللاشعورية بوصف الذات الإلهية تتجلى على الخلق بنورانيتها.

يرى فاتح علاق في تجربته الشعرية فيض من تجربته الصوفية الروحية باعتبار لسان حال المجتمع الذي يسمو بالواقع من الواقع المادي إلى واقع سامي راقي، وهو يمثل في ارتقاء الروح الانسانية وينشد الخلاص للنفس البشرية.

كما نجد أن الشاعر اعتمد الدلالة الصوفية في صياغة عناوين قصائده، ويتجلى ذلك في قصيدة « الحلاج على الصليب » وهي موضوع الدراسة، إشارة صريحة إلى حادثة صلب الحلاج، فالعنوان عبارة عن جملة مركبة من اسمين (الحلاج، الصليب) وحرف جرٍّ (على) ومعناه : العلو والاستعلاء، والحلاج شخصية صوفية، وإختار فاتح علاق الصليب عن قصد لأن الصليب هو المكان الذي قُتل وصُلِبَ فيه الحلاج.35

وهنا يصبح هذا العنوان «الحلاج على الصليب » يؤدي وظيفة تناصية، فهو في هذه الحالة«  دال إشاري وإحالي يومئ إلى تداخل النصوص، وارتباطها ببعض عبر المحاورة، والاستلهام ويحدد بالتالي نوع القراءة المناسبة له، ويعلن كذلك عن قصدية المنتج أو المبدع، وأهدافه الأيديولوجية والفنية، إنه إحالة تناصية، وتوضيح لما غمض من علامات، وليس عنصرا إضافيا متمماً.

تتصدر القصيدة باستحضار الشاعر للشخصية الصوفية (الحلاج) محاولا بذلك إقامة صلة بنائية ودلالية بين النص وعنوانه على حد تعبير عبد الحميد هيمة، ولعل من أكثر المواضيع ظهورا لهذه الشخصية الصوفية أو مأثوراتها، موضوع المعاناة والألم، الناشئان عن حالة الترقب والانتظار الذي يأت ولا يأت، وكذلك الإشارة إلى محدودية اللغة وضيقها في التعبير عن معانيه الواسعة المبحرة، ويقول فاتح علاق معبرًا عن هذا المعنى36

مصلوبا هنا مازلت أنتظر
وهذا الوقت يمضي مسرعا
والعمر والأحلام والمطر
وذي دنياي واقفة
فلا ريح تجرجر جثتي عبر المدى
لا نهر يجرفني إلى الأعماق
ليت الصوت ينفجر
فيسمع صرختي الناس
ويسمع ضجتي الحجر
أنا حي، أنا حي

هذه الأبيات كلها تناص صوفي مع النظرة الصوفية إلى اللغة التي يرى فيها الضيق والعجز عن التعبير عمّا يختلج في صدره، لذلك شهدنا منذ البداية أن عمليات الترقي التي حدثت مع الشاعر تشبه ما يحدث مع الصوفي، إذ أن هذا الاخير يبحث عن الله في الموجودات، والشاعر يبحث عن القصيدة في الموجودات أيضا وهو ينتظر بفارغ الصبر وقت الفرج، عودة الشعر إليه وهذا لإخراج مكبوتاته وما يحس به من ضغوطات نفسيةـ فهو يناشد وحي القلم معلنا عودته.

ويتكرر هذا المعنى في القصيدة كلها، حيث يتكلم الشاعر (فاتح علاق) على لسان الحلاج من أجل أن يخبرهم بأن حقيقة صلبهم له كانت صلبا لجسده الفاني وليست صلبًا لقيمه ومعتقداته، التي لا تزال حية في تاريخ البشرية.

وقد صوَّر الشاعر الحلاج وكأنَّه لم يقتل حيًا، وأقرّ بأن ما قتلوه هو همُّه وغمُّه الذي كان يحاصرهُ ويأسره من طرف جماعة المتصوفة، ويصرِّحُ الشاعر بانتصار الحلاج حيث صوره في بداية القصيدة بصورة المظلوم الذي صُلب ظلما ونكرانا، ومن ثم عاد وصوره بصورة الشخص السعيد الذي يخلص من كل مشاكله وهمومه.

وهنا أسقط الشاعر هذه التجربة الصوفية على تجربته الشعرية التي تعيش مخاضًا عسيرًا حتى تُخرج إلى الوجود، وتعلن ولادة النص الشعري. يقول 37.

فما صلبوا سوى همّي
وما قتلوا سوى غمّي
لهذا عشت واندثروا
أنا في الكون أغنية
دمي غدها
وشوقي النار تستعر
جفاني ما تزال هنا
وحولي الماء والثمر
هلموا أيّها الناس
فهذا القلب بستان
وهذا الشعر ينفجر.

استعمل الشاعر لغة الخيال وهي لغة صوفية تسعى إلى إظهار غوامض الذات والكشف عن جوهرها والسعي في التواصل مع الأعلى، هذا التواصل يتطلب المجاهدة للارتقاء من مكان لآخر، فنجد الشاعر بخياله حاول فهم الآفاق الروحية للكون محاولا أن يجد وجهات تفهم البعد والكشف الصوفي، واللجوء إلى الواقع. وتظل صوفية الشاعر دعوة إلى الترقي نحو أعلى المستويات، فالغياب تقابله العودة أي عودة الكتابة.

وقد تكرر هذا المعنى عند الشاعر باستعمال عبارة   «أنا حي»  38.

أنا حي، أنا حي
أنا حي هنا في القفر
أنا حي أضيء الليل من جرحي
أنا حي
الله حي
وسواه يموت

احتفظ فاتح علاق بالضمير  «أنا»  وأردفه بمفرده  «حي»  التي هي بديل عن قول الحلاج  «أنا الله» ، لأن الحياة بالنسبة للصوفي هي في موته والاتصال بالذات الإلهية اتصالا أبديًا.

  • الحي : اسم الله تعالى، وهي صفة من صفاته (الحياة)

  • والحياة : عكس الموت وتفيد الديمومة والاستمرارية

يمكن القول أن في موت الحلاج انبعاث لحياة أخرى للصوفي، واتصاله بالذات الالهية وبالنسبة لفاتح علاق فإن حياته في استمراريته في الكتابة الشعرية، وبعث هذا النص من جديد وبموت الروح الشاعرة هو إعلان لموت الكاتب.

وسنوضح هذه العلاقة من خلال المخطط الآتي :

Image 1000020100000268000002809DAB493F963F95A4.png

ومن التناصات الصوفية التي وظفها الشاعر في قصيدته والتي تصب في حقل كتمان السر، قوله :

لا تترك بئرك عارية
فيأوي إليها الفأر
وسيكنها الثعبان
و احفظ سرك
حتى يصيح الديك
فترى يومك
وترى دربك
«والسر هو عبارة عن محل سر الإلهية وكشف الأنوار الملكوتية للخواص والسر لخواص الخواص» 39...

استحضر هذا المصطلح الصوفي للدلالة على ضرورة صون الأسرار وحفظها من تفشيها في غير أهلها.

وفي موضع آخر يقول40 :

أسوارك أسرارك
أشواقك أنوارك
فلا تغرس ألفاظك في الرمل
واحفظ قلبك من سكرات الليل
حتى يحين الفجر
ويخلد للنوم أصحاب الفيل

بالإضافة إلى مصطلح السر وكتمانه، فقد ربط الشاعر مصطلح  «السكرات»  أو  «السكر»  بالليل والذي نجده بشكل كبير في نتاج الصوفية، وهو ما يعرف كذلك بمصطلح  «الغيبة»  عند النفري والمقصود به  «إلهام إلهي ينطق به الصوفي في حالة الصحو بعد الغيبة» 41.

فالشاعر يُحذِّرُ من حال السكر الذي يؤدي إلى غياب العقل تضليل وللنفس، وهي الحالة التي غلبت على الحلاج (حالة الغيبة والسكر) حالة فناء صوفي، فناء الذات الصوفية وإتحادها بالذات الالهية وقد استعاض الشاعر هذا المصطلح للدلالة على الحالة التي يكون عليها حالة المخاض الشعري أو حالة الإلهام والذي يكون فيه مغيبا عن واقعه، ومتحدا مع الكتابة الشعرية.

كما نجد الشاعر فاتح علاق قد استحضر وقائع وشخصيات تاريخية من أجل إثراء قصيدته الشعرية والتي تصب في منحى التجربة الصوفية، وقد ظهر هذا في استحضاره : للهدهد وملكة سبأ بلقيس من قصة سيدنا سليمان يقول42

فرأيت الهدهد قربي مبتسما
وراءه بلقيس تبكي
وتسبح للرحمن

كما استحضر شخصية ذي النون وهو سيدنا يونس عليه السلام في قوله43

لا تعجل مثل ذي النون

إنَّ استدعاء الشاعر لقصة صلب الحلاج مع شخصيات صوفية أخرى كالجنيد، والسقطي، والشبلي، لم يكن مجرد سرد تقريري لمضمونها بل تجاوز ذلك، حيث وظَّف الشخصية وعناصرها التراثية وما تحمله من أبعاد توظيفا فنيًّا يُعبِّرُ عن هموم الإنسان المعاصر وقضاياه المعاصرة بعد تأويل هذه العناصر تأويلا معاصرا واستخلاص دلالاتها الشاملة المستمرة بعد تجريدها من ملابساتها ودلالاتها الوقتية العابرة44.

ولذلك فتوظيف الشاعر للحلاَّج هو توظيف خاص أسبغ عليه دلالات جديدة من واقع حياته ومعاناته ؛ يقول فاتح علاق مُوَّضِحًا استدعاءه لشخصية الحلاَّج :

«  إنَّ تناولي لشخصية الحلاّج يختلف عن طرح صلاح عبد الصبور الَّذي وظَّف الحلاج توظيفا مباشرا باهتا حيث إنَّه لم يخرج عن الجوانب التاريخية للشخصية، ولكن أنا وظفت الحلاج كرؤية خاصة مستفيدا من الرؤية الصوفية وأضفت عليه بعدا جديدا ورمزت به إلى معاناة الشعب الجزائري وكفاحه ضد الاستعمار حتى إنِّي أكملت قصيدة الحلاج يوم 5 جويلية 2016 في إشارة إلى الانتصار والاستقلال، فالقصيدة تحمل دلالات مباشرة وغير مباشرة، وتحررالحلاج هو تحرر الإنسان من الماديات. وانتصار على أعدائه انتصار على الحجب وبقاؤه حيا، وموت أعدائه . »

إن التفات الشاعر فاتح علاق إلى القصة القرآنية النبوية، واستحضار إشاراتها ودلالاتها في متنه الشعري ؛ إنَّما أراد أن يستعيد ما تحفل به نصوص شعراء المتصوفة الَّذين وجدوا في قصص الأنبياء رافدا من الروافد التي تفيد النص الشعري وتغنيه، وتملأ مضمونه بالإشارة البعيدة والدلالة العميقة.

فكما ينشد الصوفي الجمال المطلق كذلك الشاعر ينشد الجمال المعنوي أو القيم الفاضلة في قوله :

فاقرأ باسم الرحمن

وقد وظف الشاعر الخطاب الفهوي أو الفهواني الذي يقوم على ثنائية المخاطبة (المحاورة) باستخدام فعل القول إضافة إلى الضمائر، على شكل ما نجده في قوله45

فالتفت السقطي إلي وقال :

هل رأيت
قلت : نعم
هل سمعت
قلت : نعم
قال لي : البس حلمك واتبعني
أحمل نايك وابتعني

وسط هذا التناص الصوفي الواضح من خلال استعمال هذا الأسلوب الصوفي في المحاورة، نجد أن المخاطب في النص الصوفي هو الذات الإلهية بينما في النص الشعري هي الذات الشاعرة.

كما وظف فاتح علاق رمز الناي في عبارة « أحمل نايك واتبعني »، والذي يرمز به المتصوفة إلى الروح فكما تحن الروح إلى موطنها الأصلي أو إلى مقامها الأول (مقام ألست) وهذا المقام مرتبط بما ورد في القرآن الكريم « أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى »46.

وقد وظف هذا المفهوم الصوفي في قصيدته للتعبير عن حالة الاغتراب التي يعيشها الشاعر في تجربته الشعرية.

ونجد الكثير من المعاني والدلالات التي تشير إلى اتجاه الشاعر واتخاذه من التصوف سبيلا، والتي استطاع من خلالها الولوج إلى أعماق النفس واستكناه مكبوتاتها وضغوطاتها، وكذا الحصول على الراحة والطمأنينة، وهذا ما يؤكد لنا العلاقة الوطيدة الموجودة بين التجربة الشعرية والتجربة الصوفية كما نلاحظ أن معظم مفردات القصيدة تمثل مصطلحا صوفيا من بينها : (الدمع، الشمع، البحر، الشمس، القمر، الريح،.....) وقد استعملها الشاعر من أجل التعبير عن القيم المتضادة في المجتمع.

خاتمة 

تناولت الدراسة التناص الصوفي في شعر فاتح علاق عبر نماذج من ديوانه « مافي الجبة غير البحر »،وخلصت إلى أنَّ الشاعر أدرك عمق الصلة التي تربط تجربته الشعرية الخاصة بالتجربة الصوفية، وتجلى ذلك من خلال توظيفه للشخصيات الصوفية كالحلاج وابن عربي والنفري، وتأثره الشديد بكتاباتهم ؛ حيث استطاع أَنْ يستوعب ملامح التجربة الصوفية ودلالتها، وأن يستخلص السِّمات الدالة في هذه التجربة، وأن يتمثلها في شعره، محمِّلا إياها جوانب تجربته الشعرية الخاصة. كما عمل على استحضار الرموز الدينية والتاريخية في بناء رؤيته الشعرية مستفيدا من الطاقة الإيحائية والتخيلية التي تحتوي عليها الأسطورة.

وتبقى هذه المجموعة الشعرية بحاجة للكشف عن القيم الجمالية والفنية ذات البعد الصوفي.

1 إبراهيم محمد منصور : الشعر والتصوف. الأثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر (1945-1990). دار الأمير للنشر والتوزيع. القاهرة. ص 95.

2 محمد كعوان : التأويل وخطاب الرمز. قراءة في الخطاب الشعري الصوفي العربي المعاصر. ط1. دار بهاء الدين. الجزائر. 1430هـ. 2009 م. ص 175

3 السعيد بوسقطة : الرمز الصوفي في الشعر العربي المعاصر. ط2. منشورات بونة للدراسات. 2008. ص186.

4 محمد غنيمي هلال : النقد الأدبي الحديث. (د.ط). دار العودة. بيروت. 1973. ص 290.

5 عبد العزيز إبراهيم : شعرية الحداثة. (د.ط). منشورات اتحاد الكتاب العرب. دمشق. 2005. ص 83.

6 محمد بن عمارة : الأثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر. ط1. شركة النشر والتوزيع المدارس. الدار البيضاء. 2001. ص 38.

7 إبراهيم رماني : الغموض في الشعر العربي الحديث.ط3. وزارة الثقافة. الجزائر. 2007. ص 151.

8 ينظر : محمد بنيس : ظاهرة الشعر المعاصر في الغرب. ط1. دار العودة. بيروت. لبنان. 1984. ص23.

9 أدونيس : زمن الشعر. ط5. دار الفكر. بيروت. لبنان. 1986. ص 130-131.

10 محمد علم الدين القشيري : تحقيق ديوان ابن عربي : ذخائر الأعلاق. شرح ترجمان الأشواق. عين للدراسات والبحوث. القاهرة. 1995. ص 35.

11 عاطف جودت نصر : الرمز الشعري عند الصوفية. ط3. دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت. لبنان. 1983. ص 53.

12 عبد الحكم العلامي : الولاء والولاء المجاور بين التصوف والشعر. ط1. الهيئة العامة لقصور الثقافة. 2003. ص 17.

13 آمنة بلعلى : تحليل الخطاب الصوفي في ضوء المناهج النقدية المعاصرة. ط1. منشورات الاختلاف. الجزائر. 2002. ص 20.

14 أدونيس : الصوفية والسورياليّة. ط1، دارالساقي للطباعة والنشر. 1992. ص 23.

15 السعيد بوسقطة : الرمز الصوفي في الشعر العربي المعاصر. ط2. منشورات بونة للدراسات. 2008. ص143.

16 نور سلمان : معالم الرمزية في الشعر الصوفي العربي. (د ط). الجامعة الأمريكية. بيروت. لبنان. 1954. ص 15.

17 منصور إبراهيم : الشعر والتصوف. ص 146.

18 لي عشيري زايد : استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر. دار الفكر العربي. القاهرة. مصر. 1997. ص 105.

19 فاتح علاق : في تحليل الخطاب الشعري. دار التنوير. الجزائر. 2018. ص 51-52.

20 فاتح علاق : في تحليل الخطاب الشعري. دار التنوير. الجزائر. 2018. ص 51-52.

21 السعيد بوسقطة : الرمز الصوفي في الشعر العربي المعاصر. ص 186.

22 عيسى الأخضري : الرؤية بين الصوفي والشاعر في التجربة الصوفية المعاصرة. مجلة الخطاب الصوفي. جامعة الجزائر. العدد 1. 2007. ص 188.

23 فاتح علاق : مفهوم الشعر عند رواد الشعر الحر. منشورات اتحاد الكتاب العرب. دمشق. 2005. ص 179.

24 ينظر : منصور إبراهيم : الشعر والتصوف. ( د ط). دار الأمين. القاهرة. 1999. ص 146.

25 المرجع نفسه. ص 146.

26 محمد مفتاح : استراتيجية التناص. ط1. دار التنوير للطباعة والنشر. بيروت. لبنان. (د ت ). ص 120.

27 محمد فكري الجزار : العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي. ط1. الهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة. 1998. ص 174.

28 شكري عزيز ماضي : اشكاليات النقد العربي الجديد. ط1. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. 1997. ص174.

29 عبد الوهاب الشعراني : لطائف المنن والأخلاق. ج1. دار التقوى. ص 149.

30 عبد الحميد هيمة : الخطاب الصوفي وآليات التأويل. قراءة في الشعر المغاربي المعاصر. موفم للنشر الجزائر. 2008. ص 274.

31 عبد الحميد هيمة : الخطاب الصوفي وآليات التأويل. قراءة في الشعر المغاربي المعاصر. موفم للنشر الجزائر. 2008. ص 274.

32 سعاد الحكيم : المعجم الصوفي. ط1. ندره للطباعة والنشر. بيروت. لبنان. 1981. ص189.

33 فاتح علاق : ديوان ما في الجبة غير البحر. ط2. دار التنوير. الجزائر. 2017. ص 53.

34 المصدر السابق. ص 17.

35 المشهور عن الحلاج فكرة الاتحاد والحلول، والكثير يقول أنه أخذها عن المسيحية، ومفادها: إتحاد الناسون باللاهوت ويتفق الحلاج مع المسيحية في هذه الفكرة.

36 المصدر نفسه. ص 65

37 المصدر السابق. ص 67.

38 ينظر : الديوان. ص 65. 66. 67. 73.

39 أحمد بن محمد العجية الحسني : معراج التشوق إلى حقائق التشوق. القاهرة. مصر. 1427ه. ص12.

40 فاتح علاق : الديوان. ص 70-71.

41 فاتح علاق : الديوان. ص 70.

42 عبد الجبار النفري : المواقف والخطابات. دار الكتب المصرية. القاهرة. 1924. ص51.

43 المصدر السابق. ص 68.

44 محمد بنعمارة : الصوفية في الشعر المغربي المعاصر (المفاهيم والتجليات، ط1) المدارس. الدار البيضاء. 2000. ص174

45 فاتح علاق : الديوان. ص 73

46 الأعراف. الآية 172

ابراهيم رماني : الغموض في الشعر العربي الحديث.ط3. وزارة الثقافة. الجزائر. 2007

ابراهيم محمد منصور : الشعر والتصوف. الأثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر (1945-1990). دار الأمير للنشر والتوزيع. القاهرة.

أحمد بن محمد العجية الحسني : معراج التشوق إلى حقائق التشوق. القاهرة. مصر. 1427ه.

أدونيس : الصوفية والسورياليّة. ط1، دار الساقي للطباعة والنشر. 1992.

زمن الشعر. ط5. دار الفكر. بيروت. لبنان. 1986.

آمنة بلعلى : تحليل الخطاب الصوفي في ضوء المناهج النقدية المعاصرة. ط1. منشورات الاختلاف. الجزائر. 2002.

حسين حسانين : العبارة الصوفية في الشعر العربي الحديث. ط1. دار الشرقيان. 2000.

سعاد الحكيم : المعجم الصوفي. ط1. ندره للطباعة والنشر. بيروت. لبنان. 1981.

السعيد بوسقطة : الرمز الصوفي في الشعر العربي المعاصر. ط2. منشورات بونة للدراسات. 2008.

شكري عزيز ماضي : اشكاليات النقد العربي الجديد. ط1. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. 1997.

عاطف جودت نصر : الرمز الشعري عند الصوفية. ط3. دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت. لبنان. 1983.

عبد الجبار النفري : المواقف والخطابات. دار الكتب المصرية. القاهرة. 1924.

عبد الحكم العلامي : الولاء والولاء المجاور بين التصوف والشعر. ط1. الهيئة العامة لقصور الثقافة. 2003.

عبد الحميد هيمة : الخطاب الصوفي وآليات التأويل. قراءة في الشعر المغاربي المعاصر. موفم للنشر الجزائر. 2008.

عبد العزيز إبراهيم : شعرية الحداثة. (د.ط). منشورات اتحاد الكتاب العرب. دمشق. 2005.

عبد الوهاب الشعراني : لطائف المنن والأخلاق. ج1. دار التقوى.

علي عشيري زايد : استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر. دار الفكر العربي. القاهرة. مصر. 1997.

عيسى الأخضري : الرؤية بين الصوفي والشاعر في التجربة الصوفية المعاصرة. مجلة الخطاب الصوفي. جامعة الجزائر. العدد 1. 2007.

فاتح علاق : في تحليل الخطاب الشعري. دار التنوير. الجزائر. 2018.

 : مفهوم الشعر عند رواد الشعر الحر. منشورات اتحاد الكتاب العرب. دمشق. 2005. ص 179.

: ديوان ما في الجبة غير البحر. ط2. دار التنوير. الجزائر. 2017.

محمد بنعمارة : الأثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر. ط1. شركة النشر والتوزيع المدارس. الدار البيضاء. 2001.

: الصوفية في الشعر المغربي المعاصر (المفاهيم والتجليات)، ط1. المدارس. الدار البيضاء. 2000.

محمد بنيس : ظاهرة الشعر المعاصر في الغرب. ط1. دار العودة. بيروت. لبنان. 1984.

محمد علم الدين القشيري : تحقيق ديوان ابن عربي : ذخائر الأعلاق. شرح ترجمان الأشواق. عين للدراسات والبحوث. القاهرة. 1995.

محمد غنيمي هلال : النقد الأدبي الحديث. (د.ط). دار العودة. بيروت. 1973.

محمد فكري الجزار : العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي. ط1. الهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة. 1998.

محمد كعوان : التأويل وخطاب الرمز. قراءة في الخطاب الشعري الصوفي العربي المعاصر. ط1. دار بهاء الدين. الجزائر. 1430هـ. 2009 م.

محمد مفتاح : استراتيجية التناص. ط1. دار التنوير للطباعة والنشر. بيروت. لبنان. (د ت ).

منصور إبراهيم : الشعر والتصوف. ( د ط). دار الأمين. القاهرة. 1999.

نبيل منصر : الخطاب الموازي للقصيدة العربية المعاصرة. ط1. دار توبقال للنشر. 2007.

نور سلمان : معالم الرمزية في الشعر الصوفي العربي. (د ط). الجامعة الأمريكية. بيروت. لبنان. 1954.

1 إبراهيم محمد منصور : الشعر والتصوف. الأثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر (1945-1990). دار الأمير للنشر والتوزيع. القاهرة. ص 95.

2 محمد كعوان : التأويل وخطاب الرمز. قراءة في الخطاب الشعري الصوفي العربي المعاصر. ط1. دار بهاء الدين. الجزائر. 1430هـ. 2009 م. ص 175

3 السعيد بوسقطة : الرمز الصوفي في الشعر العربي المعاصر. ط2. منشورات بونة للدراسات. 2008. ص186.

4 محمد غنيمي هلال : النقد الأدبي الحديث. (د.ط). دار العودة. بيروت. 1973. ص 290.

5 عبد العزيز إبراهيم : شعرية الحداثة. (د.ط). منشورات اتحاد الكتاب العرب. دمشق. 2005. ص 83.

6 محمد بن عمارة : الأثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر. ط1. شركة النشر والتوزيع المدارس. الدار البيضاء. 2001. ص 38.

7 إبراهيم رماني : الغموض في الشعر العربي الحديث.ط3. وزارة الثقافة. الجزائر. 2007. ص 151.

8 ينظر : محمد بنيس : ظاهرة الشعر المعاصر في الغرب. ط1. دار العودة. بيروت. لبنان. 1984. ص23.

9 أدونيس : زمن الشعر. ط5. دار الفكر. بيروت. لبنان. 1986. ص 130-131.

10 محمد علم الدين القشيري : تحقيق ديوان ابن عربي : ذخائر الأعلاق. شرح ترجمان الأشواق. عين للدراسات والبحوث. القاهرة. 1995. ص 35.

11 عاطف جودت نصر : الرمز الشعري عند الصوفية. ط3. دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت. لبنان. 1983. ص 53.

12 عبد الحكم العلامي : الولاء والولاء المجاور بين التصوف والشعر. ط1. الهيئة العامة لقصور الثقافة. 2003. ص 17.

13 آمنة بلعلى : تحليل الخطاب الصوفي في ضوء المناهج النقدية المعاصرة. ط1. منشورات الاختلاف. الجزائر. 2002. ص 20.

14 أدونيس : الصوفية والسورياليّة. ط1، دارالساقي للطباعة والنشر. 1992. ص 23.

15 السعيد بوسقطة : الرمز الصوفي في الشعر العربي المعاصر. ط2. منشورات بونة للدراسات. 2008. ص143.

16 نور سلمان : معالم الرمزية في الشعر الصوفي العربي. (د ط). الجامعة الأمريكية. بيروت. لبنان. 1954. ص 15.

17 منصور إبراهيم : الشعر والتصوف. ص 146.

18 لي عشيري زايد : استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر. دار الفكر العربي. القاهرة. مصر. 1997. ص 105.

19 فاتح علاق : في تحليل الخطاب الشعري. دار التنوير. الجزائر. 2018. ص 51-52.

20 فاتح علاق : في تحليل الخطاب الشعري. دار التنوير. الجزائر. 2018. ص 51-52.

21 السعيد بوسقطة : الرمز الصوفي في الشعر العربي المعاصر. ص 186.

22 عيسى الأخضري : الرؤية بين الصوفي والشاعر في التجربة الصوفية المعاصرة. مجلة الخطاب الصوفي. جامعة الجزائر. العدد 1. 2007. ص 188.

23 فاتح علاق : مفهوم الشعر عند رواد الشعر الحر. منشورات اتحاد الكتاب العرب. دمشق. 2005. ص 179.

24 ينظر : منصور إبراهيم : الشعر والتصوف. ( د ط). دار الأمين. القاهرة. 1999. ص 146.

25 المرجع نفسه. ص 146.

26 محمد مفتاح : استراتيجية التناص. ط1. دار التنوير للطباعة والنشر. بيروت. لبنان. (د ت ). ص 120.

27 محمد فكري الجزار : العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي. ط1. الهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة. 1998. ص 174.

28 شكري عزيز ماضي : اشكاليات النقد العربي الجديد. ط1. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. 1997. ص174.

29 عبد الوهاب الشعراني : لطائف المنن والأخلاق. ج1. دار التقوى. ص 149.

30 عبد الحميد هيمة : الخطاب الصوفي وآليات التأويل. قراءة في الشعر المغاربي المعاصر. موفم للنشر الجزائر. 2008. ص 274.

31 عبد الحميد هيمة : الخطاب الصوفي وآليات التأويل. قراءة في الشعر المغاربي المعاصر. موفم للنشر الجزائر. 2008. ص 274.

32 سعاد الحكيم : المعجم الصوفي. ط1. ندره للطباعة والنشر. بيروت. لبنان. 1981. ص189.

33 فاتح علاق : ديوان ما في الجبة غير البحر. ط2. دار التنوير. الجزائر. 2017. ص 53.

34 المصدر السابق. ص 17.

35 المشهور عن الحلاج فكرة الاتحاد والحلول، والكثير يقول أنه أخذها عن المسيحية، ومفادها: إتحاد الناسون باللاهوت ويتفق الحلاج مع المسيحية في هذه الفكرة.

36 المصدر نفسه. ص 65

37 المصدر السابق. ص 67.

38 ينظر : الديوان. ص 65. 66. 67. 73.

39 أحمد بن محمد العجية الحسني : معراج التشوق إلى حقائق التشوق. القاهرة. مصر. 1427ه. ص12.

40 فاتح علاق : الديوان. ص 70-71.

41 فاتح علاق : الديوان. ص 70.

42 عبد الجبار النفري : المواقف والخطابات. دار الكتب المصرية. القاهرة. 1924. ص51.

43 المصدر السابق. ص 68.

44 محمد بنعمارة : الصوفية في الشعر المغربي المعاصر (المفاهيم والتجليات، ط1) المدارس. الدار البيضاء. 2000. ص174

45 فاتح علاق : الديوان. ص 73

46 الأعراف. الآية 172

سامية قاع الكاف

جامعة الجزائر2Alger

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article