مقدمة
كنتيجة حتمية للتقدم الحضاري وانتشار التعليم وظهور مبادئ الديمقراطية من جهة والتطورات الهائلة التي حققها الإنسان في مجال التقنية والمعلومات والاتصال من جهة أخرى، حيث أصبح العالم أشبه ما يكون قرية صغيرة بظهور شبكة الانترنيت أو كما يسميها المختصين بالقارة السادسة. ناهيك عن الاستخدام المكثف لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات ووصولها إلى كل فرد ومؤسسة بتكلفة معقولة. فقد ظهرت إلى الوجود تعابير علمية جديدة لعل أهمها على الإطلاق ما بات يعرف بـ : صناعة المعلومات الإلكترونية
وقد يبدو هذا المصطلح التكنولوجي من أكثر الموضوعات سخونة في وقتنا الحالي، كما يعد بؤرة التركيز لجهود أطراف متعددة بوجهات نظر مختلفة على وجه الخصوص العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات ونظم المعلومات والمكتبات، وتبدو كلمة صناعة المعلومات الإلكترونية كلمة ذات وقع ثقيل على أسماع مسيري نظم المعلومات في الفترة الأخيرة ويرجع ثقل هذه الكلمة إلى اعتبارها إحدى المبادرات المطروحة بكثرة خلال السنوات الأخيرة، هذا المفهوم الذي غير جذريا طرق التعامل مع المعلومات في جميع القطاعات بصفة عامة وقطاع المؤسسات الوثائقية بصفة خاصة. والتي أصبحت بمثابة جسر للتحول نحو العالم الرقمي والإلكتروني أو إحدى الأدوات الأساسية لإرساء قواعد مجتمع المعلومات.
وتعتبر صناعة المعلومات الإلكترونية من أهم المؤشرات الحيوية على الوعي المعلوماتي في أي دولة من الدول، إذ يقاس تقدم الأمم بمدى قدرتها على جمع المعلومات وتنظيمها ومعالجتها وإخراجها في قالب يخدم الفئات المستهدفة على كافة الأصعدة، وتتأكد أهمية هذه الصناعة الفتية في هذا العصر الذي يطلق عليه عصر المعلومات، وهو ما يتجلى بوضوح من خلال " توصية اجتماع الدول السبع الأكثر تصنيعا الذي أقيم ببروكسل في فيفري 1995 والذي نادى بإنشاء مجتمع المعلومات من خلال (تكثيف الربط الرقمي بين مختلف المكتبات لتوسيع الزاد المعرفي على أوسع الحدود) (01) وهو ما يعني التوجه نحو حفظ الإنتاج الفكري برمته على أوعية إلكترونية ورقمية على كافة المحاور من خلال الاستثمار في صناعة المعلومات الإلكترونية. وهذا ما يؤكد الازدياد يوم بعد يوم الحاجة إلى التوظيف الأمثل للمعلومة الإلكترونية من خلال إنتاجها وتجهيزها وتسويقها بشكل يلبي احتياجات المستفيدين.
ومن الملاحظ أن المؤسسات الوثائقية تعد من أهم المؤسسات التي استفادت من هذا التطور التقني بصفة عامة، وذلك من خلال توظيفها لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مختلف أنشطتها للارتقاء بمستوى الأداء وتقديم خدمات بأفضل الوسائل حتى يتسنى لها تحقيق السرعة والدقة والشمولية المطلوبة. والمؤسسات الوثائقية بدأت تركز في الآونة الأخيرة على صناعة المعلومات الإلكترونية، بما في ذلك إنشاء نظم وقواعد المعلومات المختلفة، وتطوير البرامج التقنية وتطويعها، وتوظيف التقنية في تقديم خدمات المعلومات المتنوعة، وتبني برامج البحوث والتطوير والاستشارات، وبرامج التعليم الإلكتروني والتدريب، ودعم التأليف الرقمي وتطبيقات الويب 2.0، والنشر الإلكتروني وغير ذلك من أوجه النشاطات الأخرى التي تندرج تحت مظلة الصناعة المعلوماتية بمفهومها الواسع، وتشكل البنية والتجهيزات الأساسية لهذه الصناعة الحيوية، الأمر الذي يوحي بأن أغلبية تلك المؤسسات قد تخطت مرحلة التنظيم والمعالجة إلى مرحلة صناعة المعلومات الإلكترونية، واستطاعت خلال المسيرة التي قطعتها تحقيق إنجازات ملموسة في هذا الصدد.
1. الدراسات السابقة، أهمية الدراسة وأهدافها
1.1.مشكلة الدراسة
أدركت المؤسسات الوثائقية الأهمية التي تكتسيها صناعة المعلومات الإلكترونية في تطوير الخدمات المعلوماتية والمكتبية بنا يتماشى وتطلعات مستفيديها، وهذا ما يتجلى من خلال انطلاق أغلبية المؤسسات الوثائقية في تبني وتجسيد هذا الجيل الجديد من الصناعة. وتوحي الحقائق التي وضحتها السطور السابقة بوجود مشكلة ملحة تستدعي سبر غورها، ووضعها تحت مجهر البحث العلمي، فهي تشكل ظاهرة غير صحية، وقد أثارت هذه الظاهرة انتباهنا، وأشعلت همتنا لدراستها وبالتالي نشأت فكرة هذه الدراسة. ولكن رغم كل ما قيل ويقال عن متطلبات والضروريات اللازمة لبناء صناعة معلومات إلكترونية ناجحة في المؤسسات الوثائقية ككل. إلا أن التساؤل الجوهري لا يزال يطرح :فما هي متطلبات والضروريات اللازمة لتجسيد مشاريع صناعة معلومات إلكترونية ناجحة في مختلف المؤسسات التعليمية والوثائقية والاعلامية؟
1.2.تساؤلات الدراسة
كتحليل للتساؤل الجوهري المطروح في المشكلة، بمعنى تفريع وتبسيط الغموض العام إلى أسئلة فرعية تساعد على تحليل وخدمة مشكلة الدراسة وحتى يمكن تحقيق الأهداف المرسومة سلفا لهذا الجهد العلمي من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية :
-
ما هي الاتجاهات المختلفة في مفهوم صناعة المعلومات الإلكترونية وأسباب ذلك الاختلاف؟
-
ما هي المتطلبات التجهيزية والبرامجية الضرورية لتبني صناعة معلومات إلكترونية في المؤسسات الوثائقية وكيفية التحول إليها؟
-
ما هي المؤهلات البشرية وشروط التأهيل الأكاديمي الواجب توفها لبناء صناعة معلومات إلكترونية؟
-
ما هي المتطلبات المالية والمعايير المعمول بها دوليا في تبني صناعة معلومات إلكترونية بنجاح؟
-
ما أهم المقترحات والتوصيات التي قد تسهم في تطوير وبناء صناعة المعلومات الإلكترونية ناجحة؟
1.3. أهمية الدراسة
لم يعد هناك أدنى شك في أن تقدم الشعوب وازدهار المجتمعات يتوقف على مدى مسايرة مؤسساتها الوثائقية لأحدث التطورات في المجالات العلمية المتصلة بجميع جوانب الحياة، وتأتي أهمية هذا البحث من الثورة المطردة في المجالات المختلفة وعلى رأسها مجال المعلومات وازديادها، ولا شك أن المعلومات ثروة وطنية شأنها شأن الثروات الأخرى، التي ينعم بها المجتمع من طبيعية وصناعية، وزراعية وغيرها. بل أن المعلومات الإلكترونية اليوم تعد بمثابة الشريان الحيوي للحياة المعاصرة والدعامة الأساسية لصنع القرار سياسيا واجتماعيا وعلميا.
وإن دعم التنمية والتطوير ينبغي أن ينطلق من قاعدة تطوير مؤسسات المعلومات ولأن التيار نحو العالم الإلكتروني أو العالم الرقمي أصبح قويا ومؤثرا فإنه لزاما على المكتبات ومؤسسات المعلومات أن تتفاعل معه وتطور نفسها بما يتماشى مع هذه التطورات وإلا وجدت نفسها خارج الحلبة كاملها وعليه تنبع أهمية الدراسة من خلال عدة جوانب نوجزها في النقاط التالية :
-
يرتبط موضوع الدراسة مباشرة بجانب مهم من الجوانب التي تحظى باهتمام كبير من طرف المختصين في ميدان المكتبات والمعلومات والمتمثل في صناعة المعلومات الإلكترونية.
-
ما يعزز من أهمية الموضوع محط البحث عدم وضوح الرؤية لدى البعض تجاهه، وذلك بسبب ندرة الدراسات العلمية حوله، مما أوجد حافزا لهذا الموضوع، والسيطرة على أبعاده الواسعة، ويمكن أن يتأتى هذا من خلال معرفة متطلبات ومستلزمات الصناعة المعلوماتية الإلكترونية بالمؤسسات الوثائقية ومدى إسهامها ودعمها في تقديم وترقية الخدمات الفنية وما تمارسه من الأنشطة ذات الصلة بإنتاج المعلومات الإلكترونية وتنظيمها وتحليلها وتوثيقها، ومن ثم إتاحتها للراغبين فيها.
-
لقد أصبح التوجه العالمي للمؤسسات الوثائقية في الوقت الراهن نحو الاندماج في شكل تكتلات أو اتحادات أو شبكات تضمن العمل المشترك في الموارد مع انخفاض التكلفة، ويمثل هذا الأسلوب الجماعي روح العصر بما يمتاز به من تعقيدات، وارتفاع النفقات، وشح الموارد المالية؛ إذ ثبت أن الجهود الفردية أقل نفعا وأكثر تكلفة؛ فضلا عن أن الأسلوب المشار إليه يمنع تكرار الجهود في كل مؤسسة وثائقية على حدى، ويحفز على توزيع الأعباء على جميع المشاركين، الأمر الذي يعزز أهمية التخطيط وتوفير كل الإمكانات لتبني صناعة المعلومات الإلكترونية التي تقوم على مبدأ المشاركة في المصادر وتبادل الخبرات، وتقديم خدمات معلومات متميزة للباحثين وللمستفيدين، والإسهام في إرساء الدعائم الأساسية لقيام منظومة المعلومات ناجحة.
حداثة تطبيق صناعة المعلومات الإلكترونية داخل المؤسسات الوثائقية ومرافق المعلومات، والتطلع لمعرفة والتفصيل أكثر لمتطلبات وضروريات هذا الجيل الجديد من الصناعة وهذا للوقوف على السلبيات ومحاولة تجاوزها ومعرفة الجوانب الإيجابية والعمل على تعزيزها
2. أهداف الدراسة
كل دراسة تبدأ عند هدف محدد وتنتهي عنده، وتسعى الدراسة الحالية إلى معرفة متطلبات ومستلزمات تبني المؤسسات الوثائقية للصناعة المعلوماتية، خاصة فيما يتعلق بالمتطلبات البرامجية والتجهيزية، المالية والبشرية، إضافة إلى التأكيد على ضرورة وجود تكامل وتنسيق بين المؤسسات المعنية (المؤسسات الوثائقية) بصناعة المعلومات الإلكترونية، ويمكن تحقيق هذا الهدف الرئيس من خلال مجموعة أهداف فرعية يمكن تلخيص أبرزها في الآتي :
-
تهدف الدراسة إلى طرح موضوع صناعة المعلومات الإلكترونية وهذا من خلال المتطلبات والضروريات لبنائها وتبني هذا الجيل الجديد من الصناعة، وهي بذلك تحاول أن ترسم رؤية واضحة للمتطلبات ومستلزمات هذه الصناعة الفتية.
-
التأكيد على أهمية التعاون والتنسيق بين مؤسسات المعلومات صناعة المعلومات الإلكترونية، والكشف عن المستوى التعاون ومجالاته.
-
رصد أبرز الصعوبات الخاصة بتوفير المتطلبات والتي قد تعرقل مشروعات صناعة المعلومات الإلكترونية على أرض الواقع، إضافة إلى الحلول التي يمكن أن تسهم في تذليل تلك الصعوبات.
-
الخروج ببعض المقترحات والتوجيهات والتوصيات التي يؤمل أن تسهم في توفير متطلبات ومستلزمات بناء وتطوير صناعة المعلومات الإلكترونية في مؤسسات المعلومات، وتعزيز عملية التعاون والتنسيق بين الجهات المعنية بهذه الصناعة، وذلك بغية تحسين الخدمات المقدمة.
.3. الدراسات السابقة
لقد حظيت صناعة المعلومات الإلكترونية في بداية ظهورها باهتمام خاص من طرف المختصين في مجال المكتبات والمعلومات، حيث أن المؤسسات الوثائقية لم تدرك أهمية هذا الجيل الجديد من الصناعة المعلوماتية إلا بعد مضي وقت من الزمن، وعلى الرغم من صدور عدد كبير من الأبحاث والدراسات التي تهتم بصناعة المعلومات إلا أن القليل منها يرتبط بصناعة المعلومات الإلكترونية والنادر جدا المرتبط بمؤسسات المعلومات وخاصة باللغة العربية، وذلك عن طريق نشر بعض المقالات في بعض من الدوريات.
وقد استطعنا الاطلاع الدقيق على ما نشر من أدبيات الموضوع صناعة المعلومات الإلكترونية في هذا السياق، حصرها في ثلاث فئات رئيسية وذلك على النحو الآتي :
-
الفئة الأولى : وتتمثل في الأدلة والموجزات والتقارير والنشرات والكتابات الإعلامية التي تتحدث عن صناعة المعلومات الإلكترونية في العالم والوطن العربي من منطلق إعلامي ويغلب عليها الأسلوب الدعائي واللغة الإنشائية لكونها تعكس تجارب لدى بعض الجهات والهيئات التجارية في نظم المعلومات والتقنية، بعض المعلومات والإحصاءات الواردة في تلك الكتابات لا تخلو من المبالغات وتضخيم الأرقام.
-
الفئة الثانية : وتتمثل البحوث والمقالات النظرية التي صدرت عن المختصين في مجال المكتبات والمعلومات والإعلام الآلي ومعظمهم من الأكاديميين، وهي تعكس في الغالب تجاربهم الشخصية وانطباعاتهم الذاتية من خلال معايشتهم للواقع، وملاحظة ما يجري على الساحة من تطورات.
-
الفئة الثالثة : وتتمثل الدراسات الميدانية التي تعتمد على المنهجية العلمية في تناول الموضوع، وهي على أي حالة نادرة، وتثار حولها الملاحظات العلمية والمنهجية كما ستكشف عن ذلك السطور القادمة.
4. مفهوم صناعة المعلومات الالكترونية
إن إدراك المجتمعات المعاصرة لأهمية المعلومات الإلكترونية وزيادة الاعتماد عليها كمورد حيوي أدى إلى ظهور صناعة المعلومات الإلكترونية وتنظيمها وتغليفها وتسويقها وإيصالها إلى من يطلبها كالسلع الأخرى، وتزدهر صناعة المعلومات الإلكترونية في المجتمعات الحديثة التي تعتمد إنتاجية الاقتصاد فيها على مورد المعلومات الإلكترونية بصورة أساسية، وقد أصبح الاستثمار في صناعة المعلومات الإلكترونية من الاستثمارات المهمة والمربحة لما تحققه من إسهامات في زيادة الدخل القومي، ويذهب بعضهم عند تقييمه للمقومات الأساسية للإنتاج القومي وهي : المواد الخام والطاقة والمعلومات، إلا أن الأخيرة أصبحت تتبوأ المكانة الأولى من حيث الأهمية، ولا غرابة أن تولي اليوم معظم اهتمامها حول هذا المورد الإستراتيجي، ولهذا فإن المعلومات الإلكترونية هو المعيار الذي يعتمد عليه الآن في التميز والتمييز بين المجتمعات المتقدمة من جهة والمجتمعات المتخلفة من جهة أخرى. وإذا كانت المجتمعات والدول المتقدمة صناعيا في القرن الماضي هي الأعظم ثروة والأقوى اقتصاديا، فإن القرن الحالي سيشهد تحولا في الغنى والثروة للدول المتقدمة معلوماتيا.
لقد سجل بعض علماء المعلومات والاقتصاد في العالم الغربي والعربي موقفهم من صناعة المعلومات الإلكترونية، وبينوا وجهة نظرهم من هذا المفهوم المعقد وتفاوتت أساليب معالجتهم في هذا الصدد، فبعضهم تناوله بشكل منفرد بوصفه ظاهرة قائمة بذاتها، والبعض الأخر تناوله ضمن مفاهيم أخرى تتعلق باقتصاديات المعلومات، التخطيط الوطني للمعلومات، السياسة الوطنية للمعلومات، مجتمع المعلومات، قطاع المعلومات...الخ.
مصطلح صناعة المعلومات الإلكترونية Electronic information Industry، مصطلح عريض يغطي كل الهيئات والأفراد المعنيين بأنشطة وأعمال ترتبط بتقديم المعلومات الإلكترونية وإتاحة الوصول إليها بغرض الربح، بما في ذلك وسائل الاتصال الجماهيري والناشرين والتجار ومنتجي البرمجيات وقواعد البيانات والموردين وخدمات والتكشيف والاستخلاص وسماسرة أو وسطاء المعلومات. (02)
والمقصود بصناعات المعلومات الإلكترونية "هي تلك الصناعات التي تتعامل مع المعلومات الإلكترونية بدءا من إنتاجها وجمعها وتحليلها وتنظيمها ثم تسويقها وبيعها أو إيصالها إلى المستفيدين على هيئة سلع أو خدمات معلوماتية تكون على وسائط إلكترونية مختلفة".(03)
وتغطي صناعة المعلومات الإلكترونية حسب تعريف الجمعية الأوروبية لمزودي خدمات المعلومات EURIPA، ومثيلتها الأمريكية جمعية صناعة المعلومات IIA : "إنتاج قواعد وبنوك البيانات ونظمها، وكذلك تسيير خدمات المعلومات المحسبة، وأيضا إعداد وإنتاج وتخزين وبث أو توزيع مُنْتَجَات المعلومات الإلكترونية، الموضوعة أو سيتم وضعها في المستقبل القريب تحت تصرف الجمهور"؛ وبعبارة أخرى، صناعة المعلومات هي : " إنتاج وتسيير والتوزيع التجاري لقواعد وبنوك البيانات".(04)
وجاء في الخطة الخماسية الأولى للعلوم والتكنولوجيا بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا بالمملكة السعودية التي أعدها فريق عمل، بأن صناعة المعلومات الإلكترونية تغطي جميع أوجه الاهتمام بالمعلومات الإلكترونية من حيث الإنتاج والنشر والتجميع والتعريف والتنظيم والتجهيز والاسترجاع والاستثمار. (05)
ومن التعريفات الأخرى لصناعة المعلومات الإلكترونية، أنها صناعة تقوم بها مؤسسات حكومية أو خاصة، تنتج المحتوى المعلوماتي Information Content، وتقدم التسهيلات لوصول المعلومات الإلكترونيةInformation Delivery Electronic إلى المستفيدين، وتنتج الأجهزة والبرامج التي تساعد على معالجة المعلومات الإلكترونية Electronic Information Processing. (06)
وبشيء من التفصيل، تنتج مؤسسات من القطاعين العام الخاص في صناعات المعلومات الإلكترونية عن طريق الكُتَّاب والملحنين والفنانين والمصورين بمساعدة المحررين والمخرجين، هؤلاء يبيعون أعمالهم للناشرين والموزعين والإذاعات وشركات الإنتاج التي تأخذ الملكية الفكرية وتجهزها بطرق مختلفة ثم توزعها وتبيعها لمستهلكي المعلومات الإلكترونية؛ أما القسم الثاني من صناعة المعلومات الإلكترونية فهو الذي يعنى بالتسليم أي إنشاء وإدارة شركات الإتصال والبث التي يتم من خلالها توصيل المعلومات الإلكترونية وتشمل شركات التي تدير شبكات تلفزيون الكابل، وشركات البث بالأقمار الصناعية ومحطات الراديو والتلفزيون، فضلا من مجموعة أخرى من المؤسسات التي تهتم بإستخدام هذه القنوات لتوزيع محتوياتها المعلوماتية، مثل بائعي الكتب والمكتبات وشركات الإذاعة؛ وهناك نوع ثالث من هذه الصناعات يتمثل في صناعة معالجة المعلومات التي تقوم على منتجي الأجهزة والبرمجيات، ويؤدي منتجو هذه الأجهزة تصميم، صناعة، تسويق الحواسيب وتجهيزات الاتصالات بعيدة المدى والإلكترونيات. (07)
أيضا، من بين تعريفات صناعة المعلومات الإلكترونية، بأنها الصناعة التي تتشكل من أربعة قطاعات كبيرة وتقوم عليها، هي : (08)
-
صناعات مهتمة بتوزيع المعلومات الإلكترونية : وتشمل النشر، وخدمات المعلومات العلمية والتكنولوجيا، وغيرها.
-
صناعات مهتمة بإنتاج المعرفة : وتتضمن البحث والتطوير والتعليم.
-
صناعات تهتم بالجانب الإعلامي : وتضم الإذاعة، والتلفزيون والاتصالات عن بعد.
-
صناعات تركز على الجوانب المالية : وتشمل البنوك وشركات التأمين والكفالة والعقار.
ويمكن أيضا استخدام صناعة المعلومات الإلكترونية بطريقة تبادلية مع مصطلح صناعة المعرفة الإلكترونية، هو ما يذهب إليه ماكلوب روبين Machlup Rubin، أن مصطلح صناعة المعلومات الإلكترونية يستخدم بطريقة تبادلية مع مصطلح صناعة المعرفة، التي تتشكل بدورها من خمسة أقسام رئيسة هي : التعليم، البحوث والتنمية، وسائل الإعلام والاتصال، آلات المعلومات، خدمات المعلومات الإلكترونية. (09) كما يورد نيك مور Nick Moor أن قطاع صناعة المعلومات الإلكترونية تشكِّله المؤسسات العامة والخاصة، التي تنتج محتوى المعلومات الإلكترونية، وتلك التي تقدم التسهيلات لتسليم المعلومات الإلكترونية للمستهلكين، وتلك التي تنتج الأجهزة والبرامج التي تمكننا من معالجة المعلومات الإلكترونية. (10).
ويشاطر محمد فتحي عبد الهادي الرأي السابق نفسه، ويستخدم مصطلح صناعة المعرفة الإلكترونية عوضا عن مصطلح صناعة المعلومات الإلكترونية، إذ لا يوجد في تصوره فرق بينهما، ويرى عبد الهادي أنه أصبح يطلق على المجتمع المعاصر مجتمع المعلومات أو المعرفة، حيث يتم الإعتماد على المعلومات الإلكترونية بصفتها موردا استثماريا وسلعة إستراتيجية، وخدمة، ومصدرا للدخل الوطني، ومجالا رحبا للقوى العاملة، وحينما تأصلت في المجتمع النظرة تجاه المعلومات الإلكترونية بوصفها موردا أساسيا يمكن أن يباع ويشترى برزت ظاهرة صناعة المعلومات الإلكترونية أو صناعة المعرفة الإلكترونية. (11)
ويقترب كل من الوردي والمالكي من تصور عبد الهادي، حيث يعتقدان أنه يمكن النظر إلى المعلومات الإلكترونية اليوم على أنها سلعة مثل بقية السلع، بمعنى يمكن إنتاجها وتجهيزها وتعبئتها في أوعية مختلفة وتسويقها واستخدامها، ولكن ما يميزها عن السلع الأخرى أنها لا تفنى ولا تنضب مع الاستخدام، بل تنمو بمرور الوقت وتتجدد، كما أن المعلومات الإلكترونية ليست سلعة استهلاكية تنتهي مع الاستعمال، وإنما هي سلعة يجب رعايتها وتوفير الأجواء لتنميتها بطرحها للاستعمال. (12)
وقد تندرج صناعة الثقافة الإلكترونية تحت مظلة صناعة المعلومات الإلكترونية، وذلك من منطلق إعادة إنتاج أو نقل منتجات ثقافية بالطرق الصناعية، الأمر الذي يسهم في تعميم الثقافة على المستوى الجماهيري " وقد كانت مصادر انتفاع الناس بأعمال الإبداع الثقافي في بدايات القرن العشرين مصورة على مجال بيع الكتب والمكتبات والمسرح وقاعات الموسيقى، أما اليوم فإن منتجات الثقافة الإلكترونية تصل جمهور يعد بالملايين، ويمثل ذلك ديمقراطية صناعة المعلومات الإلكترونية وانتشارها بين أواسط الجماهير بعد أن كانت وقفا على المثقفين وفئات محدودة في المجتمع".(13) إضافة إلى ارتباط صناعة المعلومات ارتباطا وثيقًا بصناعات : الطباعة، وإنتاج الورق، والصناعات الإلكترونية.
أما المقصود بصناعة المعلومات الإلكترونية في مجال المكتبات ومؤسسات المعلومات فهو يستخدم بطريقة تبادلية مع مصطلح التجهيز الإلكتروني للمعلومات بحيث يعني كل واحد منهما المعنى نفسه الذي يعنيه الأخر. (14)
وتذهب الباحثة ناريمان إسماعيل متولي في كتابها اقتصاديات المعلومات إلى مفهوم أدق لصناعة المعلومات الإلكترونية في المؤسسات الوثائقية بوصفها مجمل ومختلف الأنشطة المتعلقة بالسلسلة الوثائقية في بيئة إلكترونية جديدة تبدأ من المستفيد وتنته عنده"(15) وقد عدد أحد الباحثين أهم الوظائف والخدمات الأساسية التي تشملها هذه الصناعة في المكتبات والمعلومات وهي " الاقتناء والتزويد الإلكتروني، الفهرسة الآلية التصنيف والتكشيف الآليين، الإعارة الآلية، الاتصال المباشر، الإحاطة الجارية، البث الانتقائي للمعلومات، الإجابة عن الأسئلة والاستفسارات، التصوير والاستنساخ"(16).
في حين يذهب الدكتور حشمت قاسم إلى أبعد من ذلك في وصفه لصناعة المعلومات الإلكترونية أنها مختلف الأنشطة التي تعتمد على التقنية والانترنيت والويب 2.0 في تقديم الخدمات المعلوماتية عبر ثلاثة مسارات أساسية داخل المكتبات ومؤسسات المعلومات؛ صناعة المحتوي الرقمي، صناعة المعالجة الإلكترونية، صناعة النشر أو الإيصال"(17)
ومن خلال استقراء السطور السابقة التي حاولنا تحديد مفهوم صناعة المعلومات الإلكترونية نستطيع الخروج بالانطباعات التالية :
-
كثرة المعاني المرتبطة بكلمة المعلومات الإلكترونية، وذلك نتيجة لاستخدامها في مختلف مجالات الحياة المعاصرة.
-
البعد الاقتصادي للمعلومات الإلكترونية بوصفها موردا أو سلعة قابلة للتداول، إذ أن صناعة المعلومات الإلكترونية لا تمثل في الوقت الراهن سلعة ثمينة فحسب، بل إنها تمثل لب الاقتصاد العالمي والمصدر الرئيس للدخل القومي.
-
إذا كانت المعلومات الإلكترونية موردا ثريا، وغنيا لا ينضب، فينبغي العمل على استثمارها وتنميتها وتوظيفها لخدمة التقدم في مختلف المجالات. ذلك أن المعلومات الإلكترونية لا قيمة لهل في حد ذاتها، بل إن قيمتها الحقيقية تكمن في استخدامها من قبل الفئات المستهدفة الجمهور الفعلي أو المحتمل Actual or Expected Users، وبعبارة أخرى فلكي تكون المعلومات الإلكترونية مفيدة فلا بد أن يتحقق الاستثمار الأمثل لها من خلال معالجتها وتوظيفها في مشروعات التنمية وفي صنع القرارات، وهذا الاستثمار أو الاستخدام يتطلب تجهيز المعلومات في شكل منتجات أو خدمات من خلال الاستعانة بالتقنية.
-
بخصوص المترادفات في المصطلحات، واستخدام أكثر من مصطلح للتعبير عن الفكرة ذاتها، فهذه في رأينا قضية هامشية إذا نظرنا إليها في سياق التحولات التي طرأت على المجتمعات المتقدمة، حيث تحولت من الزراعة إلى الصناعة ثم إلى المعلومات والخدمات، الأمر الذي قلل من أهمية الجهد العضلي أو البدني ومن قيمة الأعمال الذهنية النمطية طالما أن الأتمتة Automation منتشرة في كل القطاعات وبخاصة التلاحم بين العلم والتقنية. ولذلك سواء قلنا صناعة المعلومات الإلكترونية أو صناعة المعرفة الإلكترونية فالنتيجة واحدة، إذ إن ما يميز مجتمع ما بعد الصناعة هو الرخاء وانتشار المعرفة الإلكترونية وتوافر المعلومات بمختلف أشكالها، لذا من الطبيعي أن تسمى صناعة المعلومات الإلكترونية أو صناعة المعرفة الإلكترونية.
-
مع أن التعريفات السابقة لمفهوم صناعة المعلومات تمثل اجتهادات لبعض الباحثين فهناك من يرى صعوبة وضع تعريف دقيق لهذا المفهوم، وذلك بسبب صعوبة تعريف مجتمع المعلومات Information Society، فهو لا يزال غير واضح المعالم بشكل تام.
-
ويمكن إرجاع أسباب هذا الغموض والاختلاف في تعريف مفهوم صناعة المعلومات الإلكترونية على النحو التالي :
-
العامل الأول الذي أسهم في الغموض والتباس المعنى هو أن صناعة المعلومات الإلكترونية كانت نقطة إهتمام العديد من الباحثين في حقول مختلفة من المعرفة، حيث إختلاف مفهوم صناعة المعلومات الإلكترونية بإختلاف اهتمامهم.
-
هو أن مجتمع المكتبات درج على إستعمال تعابير مختلفة خلال السنوات الأخيرة للدلالة على نفس المعنى، لكن تعبير صناعة المعلومات الإلكترونية يعتبر أحدث تعبير شاع استعماله بشكل واسع، وخاصة بعد أن شاع إستخدام مفهوم المكتبات الإلكترونية وغيرهما من وسائل الإتصال ونقل المعلومات عن طريق البرمجيات المتخصصة وعلى صعيد الخدمات المكتبية المباشرة On Line.
وقد تمت صياغة التعريف التالي لصناعة المعلومات الإلكترونية والذي تبناه البحث "مجمل ومختلف الأنشطة المتعلقة بالاقتناء والتزويد الإلكتروني للمعلومات سواء المنتجة أصلا في شكل إلكتروني أو التي تم تحويلها عن طريق الرقمنة، ومختلف الأنشطة المتعلقة بالمعالجة والضبط البيبليوغرافي والتجهيز والتنظيم والخزن والإتاحة التي تتم عن طريق إستخدام التكنولوجيات الحديثة والنظم الألية المتكاملة ومختلف شبكات المعلومات بما فيها الانترنيت، ويتاح الولوج للمستفيد من خلال قنوات متعددة، أي تحويل أنشطة السلسلة الوثائقية إلى بيئة إلكترونية".
5. متطلبات ومستلزمات صناعة المعلومات الالكترونية في مؤسسات المعلومات
تتعدد وتتفاوت وجهات نظر الباحثين والمختصين في مجال المكتبات والمعلومات تجاه العناصر والمتطلبات الأساسية لقيام صناعة المعلومات الإلكترونية في أي دولة من الدول، أو حتى على مستوى المؤسسات الوثائقية ذاتها. فهناك من يرى أن متطلبات هذه الصناعة تتمثل في الخطوط العريضة التالية :
-
توافر مؤسسات المعلومات بمختلف أنواعها.
-
توافر العاملين المؤهلين.
-
توافر المؤسسات التعليمية التي تدرس علوم المكتبات والمعلومات.
-
توافر أدوات الضبط الببليوجرافي.
-
وجود تشريعات تنظم عملية تدفق المعلومات الإلكترونية.
-
في حين يرى الدكتور محمد فتحي عبد الهادي متطلبات قيام صناعات المعلومات الإلكترونية ما يلي : (18)
-
دعم السلطة العليا في للدولة بشكل مستمر وقوي لرؤية وطنية لصناعة المعلومات الإلكترونية.
-
تأهيل كوادر بشرية وطنية، وبدرجات متفاوتة.
-
توفير بيئة مناسبة للبحث والابتكار والإبداع والتطوير.
-
توافر بنية تحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصال تمكن من القيام بالعمليات الإلكترونية بفاعلية ويسر.
-
أنظمة وتشريعات مناسبة تشمل حقوق الملكية، وبراءات الاختراع وغيرهما.
-
توفر آليات تمويل ملائمة.
-
توافر بيئة لوجستيكية جيدة، تسهم في القيام بالأعمال بسهولة وسرعة عالية.
-
توفر السوق المحلية التي تستهلك منتجات صناعات المعلومات، إضافة إلى صناعات مساندة وأخرى ذات علاقة.
في حين يستعرض أثرتون، بولين المقومات الأساسية لتبني صناعة معلوماتية فعالة، والتي ضمها في سبعة نقاط أساسية والمتمثلة في(19) :
-
نواة من المؤسسات التي تهتم بأوعية المعلومات (مكتبات ومراكز المعلومات ومراكز تحليل المعلومات...الخ.).
-
مدد من العاملين بالمعلومات المؤهلة لهذا النشاط.
-
قنوات اتصال بالمصادر الشخصية للمعلومات، كالمستشارين الفنيين والباحثين العلميين، والمهندسين، ورجال التكنولوجيا ومؤسسات البحث والتطوير، والمعاهد التكنولوجية.
-
قنوات اتصال بالمستفيدين في الاتجاهين.
-
تشكيل أو نمط تنظيمي يجمع هذه المصادر والموارد البشرية والقنوات معا ويدفعها للحركة.
-
إستراتيجيات وطنية ترعى التطور المنهجي المستمر للبنيات الأساسية وتشجعه.
أما الدكتور سعيد زاهر يسرد في حديثه عن متطلبات صناعة المعلومات الإلكترونية حيث يؤكد على مجموعة من مقومات أساسية يراها المنطلقات الأولى في تجسيد هذه الصناعة وهي(20) :
أولا ما يتطلبه الأمر، وجود "إنساناً مؤهلاً للتعايش في عصر المعلومات.
-
الثقافة المعلوماتية.
-
عقلية جماعية تشجع التجديد وترعى وتنمي طاقات الفرد.
-
التكوين والتكوين المستمر.
-
مؤسسات معلوماتية.
-
تشريعات وقوانين تسير هذه الصناعة.
-
شبكات اتصالات إلكترونية ورقمية سريعة ذات كفاءة عالية مع الاستخدام الجيد لتكنولوجيا المعلومات والاتصال.
-
في حين يذهب الدكتور نبيل علي أبعد من ذلك، ليصف بنوع من التفصيل متطلبات هذه الصناعة الفتية في ثلاثة أبواب رئيسية وهي(21) :
الباب الأول : السياسات والتنظيمات والتشريعات القانونية : وتشمل :
-
إستراتيجية وطنية لصناعة المعلومات الإلكترونية.
-
إستراتيجيات قطاعية لأنشطة صناعة المعلومات الإلكترونية.
-
تنظيم وإقامة منتدى وطني لصناعة المحتوى، والمحتوى الرقمي.
-
إقامة مراكز بحث وتطوير نظم معالجة اللغة العربية آليا.
-
إنشاء مواقع انترنيت لدعم أنشطة صناعة المحتوى وتبادل الخبرات بينها.
-
إرساء مراكز بحوث وتطوير ومساندة صناعة المحتوى مثل : مراكز تكنولوجيا الواقع الافتراضي، إلى جانب مراكز التوثيق والأرشفة، واعتماد مؤسسات التوثيق الإلكتروني (اعتماد البصمة الرقمية).
-
تشريعات حماية الملكية الفكرية، بما في ذلك التشريعات الخاصة بحقوق مستهلكي منتجات صناعة المعلومات والمحتوى.
الباب الثاني : الموارد البشرية : تتطلب صناعة المعلومات الإلكترونية الموارد البشرية المتخصصة والمتعددة المواهب والطاقات ذات التأهيل الجيد والمستمر في كل أصناف الوظائف. وفي هذا الإطار، تتكاثف جهود أطراف التنمية البشرية الثلاث، والتنسيق بينها إلى أقصى الدرجات :
-
مؤسسات التعليم الرسمي Formal من مدارس وجامعات ومعاهد.
-
تنظيمات التعليم غير الرسمي Non-Formal، أو المكمل، وتشمل مراكز التكوين المهني، ومعاهد التعليم الفني، ومراكز التعليم عن بعد، مواقع التعليم الافتراضي المنتشرة على ساحة الانترنيت.
-
مصادر التعليم اللارسمي Informal، من مؤسسات صناعة المحتوى وتشمل وسائل الإعلام الجماهيري، والمؤسسات الثقافية المتنوعة من مكتبات ومراكز توثيق ومتاحف وغيرها.
ويضيف في حديثه مجموعة من الحوافز وهي :
-
توفير المناخ المناسب والحوافز الكافية لإيقاف نزيف هجرة الأفكار والإبداع الوطنيين، وإستغلالها من خلال أساليب العمل والمشاركة.
-
تحويل بعض الجامعات أو بعض نظمها الفرعية إلى مراكز تميز Centers of Excellence لتكنولوجيات صناعة المعلومات والمحتوى.
-
مرونة برامج التعليم والتدريب، وتصميم برامج تكون منفتحة النهاية Open-Ended، حتى يمكنها مواكبة التغيرات السريعة في تكنولوجيات المعلومات وهو الوضع الذي يتطلب بدوره التقييم الدائم لتوجهات هذه صناعة المعلومات ورصد المهارات المطلوبة، ومقارنتها بمهارات العمالة المتوفرة.
-
تشجيع المبدعين والمبتكرين من خلال نظام المسابقات العامة لحل المشاكل التي تعوق تطور صناعة المعلومات الوطنية، والتوسع في إقامة الحضانات العلمية البحثية Incubators Scientific & Researched.
الباب الثالث : شبكات الاتصالات : تتطلب شبكات الاتصالات اللازمة لدعم صناعة المعلومات الإلكترونية إستراتيجية متطورة وذلك ضمانًا لتوفير مستويات متعددة من الخدمات الاتصالية وفقا لنوعية المحتوى المطلوب، وفئات المستخدمين المستهدفة. كذلك من الضرورة أن توفر الحكومات حدًا أدنى من الخدمات العامة Public Services حيث تركز شركات القطاع الخاص الموكل إليها إقامة شبكات الاتصال على خدمات المؤسسات ذات العائد العالمي. وليتم تجسيد صناعة المعلومات الإلكترونية لا بد من المرور بعدة مراحل أهمها إدخال المعلوماتية في الوظائف الرئيسية للمؤسسة الوثائقية الكلاسيكية، وتشمل التزويد والفهرسة والإعارة وغيره، وحوسبة أغلب إجراءاتها ثم رقمنة Digitalization محتويات المجموعات النصية وتحويلها إلى أشكال جذابة وصور متحركة ومن أجل الإحاطة أكثر بمتطلبات صناعة المعلومات الإلكترونية سنحاول حصر أهم في المتطلبات هذا الصدد في محاور أساسية :
1.5. السياسة الوطنية للمعلومات
في ظل التوجهات الهادفة إلى إقامة بنية أساسية للمعلومات الإلكترونية وتبني صناعة معلومات إلكترونية متكاملة على مستوى المؤسسات الوثائقية، تزايدت الحاجة لوضع وامتلاك سياسة وطنية للمعلومات، تستجيب لمتطلبات التنمية الشاملة وتواكب التطورات العالمية الجارية في نقل المعلومات الإلكترونية والتكنولوجيا، كما أنها ولا شك ستمكن من الاعتماد على رؤى واضحة في تحديد أولويات إنتاج وتبادل واستخدام المعلومات الإلكترونية بين مؤسسات المعلومات، إضافة إلى أنها ستشكل الإطار الذي ينظم ويوحد أنشطة مختلف الجهات في مجال المعلومات، ويحول دون تشتت جهودها وبعثرة إمكانياتها، وربما تعارض أهدافها في هذا المجال.
وتعد السياسة الوطنية للمعلومات الحاجة الملحة لتحديد نهج وطني لتطوير نشاط صناعة المعلومات الإلكترونية المعلومات واستغلال البيانات، وكل ما هو متاح من معرفة ونابع من الدولة استغلالا أمثل، يتيح الاستفادة من المعلومات كمورد للتخطيط واتخاذ القرار وحل المشكلات، فضلا عن المشاركة في النظم وشبكات المعلومات الإقليمية والعالمية.
من هذا المنطلق يمكننا تعريف السياسة الوطنية للمعلومات بأنها " خطة لتطوير مصادر المعلومات واستخدامها الاستخدام الأمثل، بواسطة جميع الأفراد والمؤسسات لتحقيق التنمية الوطنية الشاملة"(22). كما عرفت أيضا "بأنها مجموعة القواعد والمبادئ العامة التي تضعها الدولة لتنظيم وتوجيه المعلومات فيها بما يخدم أهدافها العامة، وتحدد على أساس واقع المجتمع وتطلعاته وظروفه وإمكاناته، احتياجاته ومتطلباته من المعلومات، وفي مختلف المجالات"،(23) وفي تعريف آخر هي " سياسة توجهها الدولة لتنسيق جميع المسائل المتعلقة بتنظيم وبث المعلومات، أي الاهتمام بوسائل الوصول إلى المعلومات"(24).
من هذه التعاريف يتضح لنا أن السياسة الوطنية للمعلومات تختلف من دولة لأخرى، فلكل دولة واقعها الاجتماعي والسياسي والثقافي الذي يختلف عن البلد الأخر. حيث أنه لا يمكن الاستفادة من التطبيق المباشر لسياسة ما وضعت في دولة ما، وإنما يمكن الاستفادة من تجربة هذه الدولة في إيجاد الحلول لبعض القضايا والمشاكل المتشابهة.
من هنا يجب أن تكون هذه السياسات مقبولة سياسيا وواقعية اقتصاديا، وأن تتم ضمن محيط النظام الاقتصادي والاجتماعي، التقني والإداري السائد في الدولة وأن تعالج جميع الأمور المتعلقة بالمعلومات ونظمها، خدماتها وعلاقاتها بالنظم والسياسات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها في الدولة.
ومنه يتبين لنا أن هناك علاقة وطيدة ومتينة بين السياسة والنظام، وهذه العلاقة هي علاقة متبادلة وعكسية، إذ يمارس كل منهما تأثيرا على الأخر فالسياسة هي خطة عمل أو بيان بالأهداف والغايات، أما النظام فهو مجموعة من العناصر أو الأجزاء المترابطة والمتكاملة والمتداخلة التي تعمل معا. ومنه فالسياسة بيان بالأهداف والغايات تنفذ في شكل خطة عمل تتكون من وحدات وأجزاء تكون كلا متكاملا، تسير جميعها معا لغرض تحقيق هدف معين في تناسق وتجانس أو في شكل نظام, لذا يمكن القول أن النظام ينبع من السياسة كما أن السياسة ضرورة حتمية أو استلزام منطقي لبناء النظام.
إن صياغة السياسة الوطنية للمعلومات، وبناء النظم الوطنية للمعلومات جهد وطني يضمن محيط مناسب وأرضية صلبة لتبني صناعة المعلومات الإلكترونية من خلال مجموعة من الأهداف نذكر منها:
كفالة الاستغلال الأمثل لرصيد المعلومات الإلكترونية : احتلت المعلومات الإلكترونية في مجتمعنا المعاصر موقعا متميزا ودورا رياديا داخل المجتمع، وأصبحت محور الارتكاز والمحرك الفعال في مختلف المجالات والأنشطة البشرية، بل أنها أصبحت عملة الألفية الثالثة لا يتعامل بها إلا من يملك الوسائل والإمكانيات لإنتاجها ومعالجتها وإتاحتها للمستفيدين، فلا قيمة لهذه المعلومات الإلكترونية ما لم يستفد منها أحد. لذلك يتعين على واضعي السياسات والإستراتيجيات كفالة تحقيق الاستغلال الأمثل للرصيد المعلوماتي لتوجيه دفة التطور الاجتماعي والاقتصادي، وذلك لن يتأتى إلا باعتراف السلطات الوطنية من واضعي السياسة وصانعي القرار وجميع فئات المجتمع بالمعلومات وبقيمتها في تطوير المجتمع. فبدون الوعي والثقافة المعلوماتية لا يمكن تنفيذ صناعة معلومات إلكترونية مؤثرة وفعالة على المستوى المطلوب. (25) فمن جانب يطلب من العاملين في المؤسسات الوثائقية أن يقوموا بدورهم بشكل أكبر وأكثر تأثيرا وفعالية، ومن الجانب الأخر فانه يطلب من المخططين للمعلومات وواضعي السياسات على مستوى الدولة أن يكونوا على علم بأهمية هذا الدور المهم لأخصائي المعلومات وعلاقة أعمالهم، وقراراتهم ومشاريعهم بأهمية صناعة المعلومات الإلكترونية وتقديم خدماتها ونظمها. بهذا يكون في الإمكان إيجاد الظروف والمناخ المناسبين الدور المهم لأخصائي المعلومات وعلاقة أعمالهم، وقراراتهم ومشاريعهم بأهمية صناعة المعلومات الإلكترونية.
توفير المعلومات الإلكترونية المناسبة : تعد المعلومات الإلكترونية من أهم مكونات حياتنا المعاصرة، إذ أنها تشكل عنصر التحدي لكل فرد في المجتمع لصلتها بكل المجالات والنشاطات البشرية، فهي العامل الرئيسي لصنع القرار المناسب حيث تتوقف نوعية القرار على طبيعة ما يتوافر للمسؤول من المعلومات عند عملية اتخاذه له، وقد عبر Lam Berton – أحد رجال الاقتصاد- عن الموقف بطريقة أكثر تحديدا حيث يقول" في عالم…نجد فيه كل شركة مرغمة على اتخاذ قرارات فريدة ومصيرية، ولتحقيق أعلى معدلات الكفاءة والابتكار فإن اتخاذ مثل هذه القرارات يدفع للاهتمام بالمعلومات الإلكترونية، حيث يصبح توافرها واختزانها والإفادة منها نشاطا استثماريا رئيسيا".
من هنا نجد إهتمام المؤسسات الوثائقية بالمعلومات الإلكترونية يعد هدفا رئيسا ضمن تخطيطها لصناعة المعلومات الإلكترونية حتى يكون المستفيد على دراية وعلم بالتطورات الحديثة الحاصلة في مجاله، كان لابد من إيجاد نظم معلومات فعالة تعمل على التحكم في هذا الكم الهائل من المعلومات الإلكترونية وتنظيم تدفقها، ومن ثمة إيصالها إلى طالبيها من باحثين ودارسين، وتتيح صناعة المعلومات الإلكترونية ذلك باعتبار لا فرق بين إنتاج المعلومة وإتاحتها.
توفير سبل التعاون : تعمل السياسة الوطنية للمعلومات، وذلك في إطار تحقيق أهدافها على توفير إمكانيات وسبل التعاون بين المؤسسات الوثائقية في مجال تبادل المعلومات الإلكترونية وتداولها داخل المحيط، حيث يعتبر التعاون "مفتاح أي تقدم في هذا الاتجاه، لأنه من الصعب على أية جماعة أن تطور الاستجابات الكافية بمعزل عن الجماعات الأخرى" وهو ما تنص عليه اليونسكو وذلك في سياق مشروع النظام الموحد للمعلومات UNISIST، وذلك في أكثر من توصية نذكر منها التوصية رقم 17 والتي تنص على ما يلي: "على الأجهزة الوطنية أن تولي اهتماما متزايدا لمتطلبات الشبكات الحديثة لتدفق المعلومات، كما ينبغي العمل بسرعة على وضع خطط متناسقة في هذا المجال، تقوم على التعاون بين المشاركين في النظام الدولي الموحد للمعلومات"(26)، ومنه فالتعاون مع المنظمات الدولية المهتمة بخدمات المعلومات من شأنه المساهمة في تطوير هذه الخدمات. ولقد لجأت في هذا السياق المؤسسات الوثائقية وذلك في المجتمعات الواعية إلى تشكيل تكتلات تعاونية لتقاسم الموارد، وذلك في إطار سياسة وطنية للمعلومات تعمل على دعم صناعة المعلومات الإلكترونية.
من هذا المنطلق تشكل السياسة الوطنية للمعلومات الركيزة والأرضية والمتطلب الأساسي نحو إرساء صناعة المعلومات الإلكترونية في المؤسسات الوثائقية في هذه المرحلة الحالية التي غدت فيها المعلومات وتقنياتها شعار نجاح أي مؤسسة وثائقية، وهذا كله مرهون بمقدار ما تمتلكه من معلومات إلكترونية، فالذين يمتلكون المعلومات هم الذين يحوزون مفاتيح القوة في المجتمع الأكاديمي.
2.5. التخطيط الإستراتيجي
لكل مرحلة ما يمزها، ولكل أمة ما يحدد ملامحها، ولكل مجتمع سماته وطبيعته التي تميزه عن غيره من المجتمعات، فإذا كانت الزراعة وحياة القنص والصيد أهم ما يميز المجتمعات الزراعية، وإذا كانت الصناعة وإذا كانت الصناعة أهم ما يميز الثروة الصناعية، فإن الاهتمام بالمعلومات الإلكترونية ومصادرها أهم ما يميز هذا العصر، فقد أصبح الاهتمام بصناعة المعلومات الإلكترونية من حيث إنتاجها وتداولها أحد أهم مؤشرات درجات التقدم لدى الدول والأمم. ومن ثم أصبح لزاما على أي مؤسسة وثائقية تريد أن تلحق بركب التقدم وتبني حاضرها، وتخطط لمستقبلها، أن تعتني بصناعة المعلومات الإلكترونية، فالتقدم يعني المعرفة، فلا معرفة بدون معلومات، ولا معلومات بدون إفادة منها، ولا إفادة منها بدون تخطيط جيد يكفل ضمان تدفقها وانسيابها في مؤسسات المعلومات والمؤسسات الوثائقية على وجه الخصوص والإفادة منها لصالح كل أفراد المجتمع الأكاديمي.
ومن المعترف والمسلم به أن الإدارة هي العملية الواعية التي تمكن من استغلال معارف البشر وخبراتهم وطاقاتهم لتحقيق أهداف معينة، وذلك باستخدام الموارد البشرية والمادية المتاحة أفضل إستخدام ممكن في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية السائدة في مجتمع ما، كما أنه من غير الممكن أن تكون هناك إدارة علمية صحيحة بدون تخطيط، فعندما حددت عناصر الإدارة ووظائفها والمتمثلة في التخطيط والتنظيم والإشراف والرقابة، كان أولها التخطيط نظرا لأهميته في العملية الإدارية، حيث يتم من خلاله تحديد الأهداف المراد تحقيقها مع رسم الطرق الكفيلة لتحقيقها.
ويشير التخطيط كمفهوم إلى "العملية التي تقوم المنظمة بمقتضاها باتخاذ التدابير اللازمة والإجراءات الكفيلة بتنظيم تدفق المعلومات في المجتمع"(27)، مع العمل على استثمارها لتحقيق أقصى إفادة ممكنة من هذا المورد لصالح كل أفراد المجتمع، ومنه يتضح لنا أنه بدون التخطيط لصناعة المعلومات الإلكترونية، تصبح المؤسسات الوثائقية مفتقرة إلى التنظيم غير مهيأة لتلبية متطلبات المستفيدين. وبدون تحديد واضح لوظائفها تصبح بلا هدف، عاجزة عن تقديم خدماتها، فلكي تؤدي أي مؤسسة وثائقية وظائفها على أحسن وجه، ولكي تسلك أنشطة صناعة المعلومات الإلكترونية في أي مجتمع أكاديمي المسار المطلوب، لا بد من وجود تخطيط وتخطيط إستراتيجي.
فالتخطيط الإستراتيجي هو أحد المهارات الأساسية للقيادة وهو عبارة عن خارطة تُرشد المكتبات الجامعية إلى الطريق الصحيح بين نقطتين، أولها أين هي الآن، والأخرى أين ترغب أن تكون في المستقبل وكيف يمكنها أن تحقق ذلك. (28) كما أن التخطيط الإستراتيجي أحد أهم العناصر الأساسية اليوم وأولها اللازمة لنجاح صناعة المعلومات الإلكترونية في أي مكتبة جامعية. ومن هذا المنطلق ينبغي على القائمين على تبني صناعة المعلومات الإلكترونية في المؤسسة الوثائقية طرح عدة استفسارات على هذا النحو:
-
ما هي وضعية صناعة المعلومات الإلكترونية في مؤسساتنا الوثائقية اليوم؟
-
ما الذي نريد أن تصبح عليه هذه الصناعة؟
-
وماذا ينبغي علينا القيام به لنجاح هذه الصناعة؟
وهذا لا يتأتى من دون تخطيط إستراتيجي مدقق لكل مرحلة من مراحل التجسيد (مرحلة البدء وهي المرحلة التي تنطوي على الرؤية وتحديد الأهداف- مرحلة النمو- مرحلة النضوج)، ففي ظل سعي المؤسسات الوثائقية نحو صناعة المعلومات الإلكترونية فإن التخطيط الإستراتيجي يشاركها الرؤية. ويقدم الدعم للإدارة الوصية. كما يعمل على زيادة الاهتمام بالالتزام تجاه المشاركة. ويحدد الأوليات، ناهيك عن إدارة الأزمات بشكل سليم.
ويتطلب التخطيط الإستراتيجي قيام كل مؤسسة وثائقية بوضع رؤية لما تحب أن ترى عليها نفسها في المستقبل بعيد المدى ويتم ذلك من خلال وضع خطة إستراتيجية سنوية أو فصلية يتم تنفيذها على مراحل لصناعة المعلومات الإلكترونية. ويكمن أن نبرز هنا المراحل التي يمكن أن نستخدم التخطيط الإستراتيجي في صناعة المعلومات الإلكترونية:
-
تعيين فريق العمل المختص بإدارة وتنفيذ مبادرة صناعة المعلومات الإلكترونية.
-
الاستعانة بمستشار من خارج المكتبة الجامعية في بعض الأحيان.
-
الموافقة على عملية التخطيط لصناعة المعلومات الإلكترونية من حيث الوقت والمسئوليات...إلخ.
-
جمع المعلومات اللازمة حول المشروع.
-
مراجعة الرؤية والرسالة وعوامل النجاح وعوامل الفشل.
-
تحليل البيانات.
-
تصميم خطة أولية.
-
مراجعة الخطة الأولية مع المعنيين بها وإمكانية التعديل عليها.
-
المراجعة بشكل نهائي.
-
تنفيذ خطة تطبيق صناعة المعلومات الإلكترونية.
-
مراجعة تنفيذ خطة صناعة المعلومات الإلكترونية والقيام بالتعديل عليها بحسب الحاجة إلى ذلك.
-
ويجب التنويه هنا عن عوامل فشل التخطيط الاستراتيجي في صناعة المعلومات الإلكترونية كالافتراضات الخاطئة، والتوقعات البعيدة والغير متصلة بالواقع. وعدم تحليل المخاطر بشكل سليم.
3.5. المتطلبات التجهيزية والبرامجية
تمثل التجهيزات والبرمجيات لصناعة المعلومات الإلكترونية الحلقة المفتاح لعمل وتنظيم ومعالجة وعرض منتجات هذه الصناعة من سلع وخدمات، وهنا يجب التركيز على:
-
أجهزة خاصة لربط المكتبة الجامعية بشبكة اتصالات داخلية وشبكة الانترنيت العالمية.
-
أجهزة تقنية خاصة بتحويل مجموعات المكتبة الجامعية من تقليدية إلى إلكترونية ورقمية، وأجهزة الحواسيب ولواحقها المختلفة، وطابعات ليزرية متطورة، وماسحات ضوئية، وأجهزة تصوير.
-
برمجيات Software وبروتوكولات لربط نظم استرجاع المعلومات على الخط. بالإضافة إلى الإشتراك في الدوريات الإلكترونية، حيث يتم ربط المكتبة بالناشر أو مقدم الخدمة برقم النطاق IP/ ADRESS.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار عنصر التقادم التكنولوجي الذي أصبح يشكل هاجس لمثل هذه المشروعات فالتطور التقني والتكنولوجي السريع يجعل المكتبات الجامعية في كل مرة تعيد النظر في تجهيزاتها وبرمجيتها المستخدمة، وهنا يجب أن تؤدي المؤسسات الوثائقية دور مهم في الرصد المعلوماتي وتتبع كل ما ينتج من تقنيات وتطبيقات وتطويعها في مشروعاتها الصناعية ويقول الدكتور عبد اللطيف صوفي" إذا كنا نتقدم خطوة إلى الأمام فإننا نتراجع خطوتين إلى الوراء" وهذا يدل على الهوة التكنولوجية بين العالم المتقدم والمنتج لهذه التقنيات والعالم الثالث المستهلك. وعلى الرغم من التقنية المعاصرة قدمت خدمات جليلة لمؤسسات المعلومات، وساعدتها على القيام بمهمتها؛ إلا أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الوقت نفسه سلاح ذو حدين، حيث تؤكد التجارب أنها جرت معها العديد من الصعوبات والتحديات لبيئة العمل والعاملين، مما يدفع العاملين إلى الالتحاق بالبرامج التدريبية بغرض تعويض النقص وتطوير مهاراتهم، وهنا يؤكد الدكتور عبد اللطيف صوفي "أن الإنفاق على التكنولوجيا لا يواكبه للأسف إنفاق على التكوين". من هذا المنطلق على القائمين بصناعة المعلومات الإلكترونية الأخذ بعين النقلة النوعية لجيل الانترنيت الثاني والاندماج المتنامي بين الانترنيت والتليفزيون والجيل الثالث والرابع من الهواتف النقالة تزيد من أواصل العلاقة بين المكتبي والمستفيد، لأن هذه الصناعة الفتية تتطلب أقصى درجة من المشاركة في موارد الاتصالات وزيادة التواصلية البيئية بين كافة القطاعات ومستوياتها وذلك لتوسيع النطاق التسويقي لمنتجات صناعة المعلومات الإلكترونية واستهلاكها.
4.5. الموارد المالية
صناعة المعلومات الإلكترونية ليست وصفة جاهزة أو خبرة مستوردة يمكن لأي مؤسسة تطبيقها متى أرادت، بل هي عبارة عن تحول شامل في المفاهيم، الأطروحات، الأساليب، الإجراءات، والوظائف والخدمات التي طالما شكلت البنية التحتية للعمليات التقليدية في المكتبة الجامعية، فهي عملية معقدة تتطلب نظاما متكاملا من المكونات التقنية، المعلوماتية، المالية.
وتستوجب عملية بناء صناعة المعلومات الإلكترونية صرف ميزانيات معينة شأنها في ذلك شأن أي صناعة أخرى مهما كانت طبيعتها أو نشاطها، في سبيل تغطية كل التكاليف الممكنة داخل هذه الصناعة من توفير نفقات التجهيزات والبرمجيات، نفقات وسائل الاتصال، نفقات الصيانة، نفقات تدريب العاملين في مجال تشغيل الحواسيب والبرمجيات وتحليل المعلومات الإلكترونية وغيرها مع تدريب وتأهيل العاملين على استخدام نظم هذه الصناعة الإلكترونية بإقامة دورات تدريبية، نفقات الخبراء والاستشاريين، ومن هنا لابد من تقدير الموارد اللازمة لإنشاء صناعة المعلومات الإلكترونية.
ويعد الدعم المالي القوي الذي يساعد على تنفيذ مبادرة صناعة المعلومات الإلكترونية. وهنا يجب أن يؤدي القائمين عن شؤون هذه الصناعة دورا مهما في إقناع المسؤولين بتوفير الدعم المالي الكافي، وهذا من إظهار نتائج كل مرحلة وتقديم نسب الإنجاز وشروحات عن ما تم فعله من تجسيد هذه الصناعة، وإظهار النتائج باكرا لأن ذلك سيكون محفز كبير للقيادة العليا لضخ المزيد من الموارد المالية، لأنه ببساطة وراء كل مشروع صناعة معلومات ناجع دعم مالي كافي.
5.5. الكوادر البشرية المؤهلة
لا غرابة اليوم في أن تولي المؤسسات الوثائقية اهتماما خاصا لمواردها البشرية من خلال تقديم برامج تدريبية وتكوينية وإجراء التربصات الميدانية واهتماما خاصا لتجديد معرفهم، لأنه آن الأوان للاهتمام بالبشر مثل الاهتمام بالتكنولوجيا، تتطلب اليوم صناعة المعلومات الإلكترونية كوادر بشرية فنية مؤهلة وقادرة على التعامل مع التقنيات الحديثة بوجهيها المادي والفكري، وهنا يعتبر هذا العامل أهم عنصر باعتبار الكادر البشري هو الأساس لنجاح أي عملية.
6.5. التأهيل المهني والأكاديمي
يعد الكادر البشري المؤهل من أهم عناصر صناعة المعلومات، حيث يعمل على إدارة بقية العناصر الأخرى ومنه فهو محور الكفاءة الجوهرية لصناعة المعلومات الإلكترونية، كما تعتمد مدى كفاءة وفاعلية أي نظام على قدرات وكفاءة القوى البشرية العاملة فيه، وتمثل الموارد البشرية الدعامة الأساسية لصناعة المعلومات الإلكترونية، لما تمتاز به من إمكانات النمو والحركة والقدرة على التغيير، ويعد أكثر الاستثمارات عائدا هو ما يوجه لتنمية ويعمل على رفع كفاءتها، ومن هنا برزت أهمية تأهيل الكوادر البشرية باعتبارها إحدى الركائز الرئيسية لصناعة المعلومات الإلكترونية بالمؤسسات الوثائقية.
ولقد برزت أهمية إعداد وتأهيل الموارد البشرية القادرة على وضع صناعة المعلومات الإلكترونية على السكة الصحيحة، والتعامل معها لمواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة، لتحقيق أقصى إفادة من المعلومات الإلكترونية، مع تعقب تدفقها والتعرف على مصادرها بما يتناسب مع دور صناعة المعلومات الإلكترونية في التنمية.
واليوم يزداد الضغط على الكادر البشري مع ظهور ما يسمى بإدارة المعرفة التي تسعى لتحويل المعرف الذهنية والشخصية إلى معرف تعاونية من أجل الارتقاء بأداء المنظمة وتحتاج اليوم صناعة المعلومات لتبني مبادئ هذا المفهوم.
ويجب أن تؤدي اليوم أقسام المكتبات والمعلومات دورا هاما في التأهيل الأكاديمي من خلال تحيين برامجها لتتماشى والتطورات والتغيرات التي تشهدها المهنة المكتبية اليوم وهذا من خلال إدراج مقاييس يكون محتواها ذات طبيعة تكنولوجية كمقياس صناعة المعلومات الإلكترونية حتى تستطيع أن تعد العدة لتنشئة جيل جديد من المكتبيين قادرين على مجابهة التطورات التي يعرفها قطاع المكتبات والمعلومات والمؤسسات الوثائقية على وجه الخصوص.
7.5. توافر أدوات الضبط البيبليوغرافي
إن إصدار الأدوات البيبليوغرافية على مستوى الوطني وعلى مستوى المؤسسات الوثائقية بشكل إلكتروني ومحسب بما في ذلك الأدلة والفهارس والكشافات والمكانز أو قوائم رؤوس الموضوعات وكذلك القوائم الإسنادية والموجزات الإرشادية وقوائم أسماء الأفراد والهيئات، والبيبيلوغرافيا الوطنية وغيرها من أدوات الضبط البيبليوغرافي من شأنها تمهد الأرضية المناسبة لانطلاق مشروعات صناعة المعلومات الإلكترونية في المؤسسات الوثائقية، فهذه الصناعة لا يمكن أن تنطلق أو تأتي من فراغ، بل تنطلق من دعائم أساسية في مقدمتها أدوات الضبط البيبليوغرافي، دون أن ننسى في هذا المقام الانضمام وتبني المعايير العالمية المعمول بها دوليا في هذا الجانب، والتي سوف تؤدي بالمؤسسات الوثائقية المتبنية لصناعة المعلومات الإلكترونية للدخول في تكتلات والإتحاد والتحالف مع مشروعات إلكترونية مستقبلا.
8.5. التشريعات القانونية
يعد التشريع في المؤسسات الوثائقية شرطا ضروريا في عمل هذه المؤسسات وذلك لما يقدمه من تنظيم في تسيير مصالح هذه الأخيرة ومستخدميها، فهو قلب العمل ولبه، كما أنه يعمل على تنظيم العمل وتحديد العلاقة بين المؤسسة الوثائقية والهيئة التي تتبعها، وبينها وبين العاملين فيها، وكذا بين العاملين ببعضهم البعض، وبين المؤسسة والمستفيدين، وبين المؤسسة ومحيطها الخارجي فهو مجموعة القواعد المكتوبة التي تنظم العلاقة بين القائمة بين الأطراف المعنية والداخلة فيها.
ولقد قلبت صناعة المعلومات الإلكترونية والأشكال الحديثة لنشر ونقل المعلومات الإلكترونية التي فرضتها البيئة الإلكترونية عدة موازين في عالم المكتبات والمعلومات، واستدعت النظر في بعض المسائل والأمور التي كانت بمثابة البديهيات كمجانية تداول المعلومات في المكتبات ومؤسسات المعلومات، ولعل الأمور التي تستدعي التتبع والتمعن من طرف الوثائقيين وأخصائي المعلومات هو الكم الهائل من التشريعات على المستوى الدولي التي تعنى بالمعلومات والتي أصبحت تطبق هنا وهناك، فالعالم يتجه بقوة نحو فرض رسوم وقيود على عمليات نقل إلكتروني للمعلومات أو استخدامها في شكلها الإلكتروني من أشكال الاستنساخ يخضع بموجبه لقانون حقوق المؤلف.
فاليوم على القائمين على شؤون صناعة المعلومات الإلكترونية ضرورة الأخذ بعين الاعتبار هذا المتطلب القانوني والاستناد إلى حزمة من التشريعات القانونية والتنظيمية في عمليات التحول إلى هذه الصناعة أو في عمليات البث والإيصال وهذا من خلال عقد الاتفاقيات ودفاتر شروط مع أصحاب صاحب الحقوق أو الحصول على إذن خاص عملا بقوانين حقوق الطبع والحماية الفكرية. والتي تنظم وتسير عملية صناعة المعلومات ككل.
9.5. التعاون والتنسيق والتكتل
لقد فرض " تسونامي المعلومات" والثورة التكنولوجية التي لا تهدأ ولا تستقر، عبئا ثقيلا على كاهل المؤسسات الوثائقية، لابد أن تضطلع به لتواكب عصرها وتفي باحتياجاتها والمترددين عليها، فقد أضحت هذه الأخيرة خلية نشطة داخل المجتمع، تفرز فهارس إلكترونية وخدمات متطورة وأدوات استرجاع فعالة، تعكس تنظيم وإدارة داخلية موجهة لتطوير خدمات المؤسسة الوثائقية وتعزيز مكانها ضمن صناعة المعلومات الإلكترونية، ومنه لابد لها من وضع آلية للوصول إلى درجة مناسبة من التنسيق وتكثيف التعاون في مجال تبني صناعة المعلومات الإلكترونية من خلال مشاركة المصادر الإلكترونية والموارد المحلية والإعارة الإلكترونية التبادلية ونشر الفهارس الموحدة، والفهرسة التعاونية والدخول والانضمام لتكتلات المكتبية وتطوير الموارد البشرية وإدارة المعرفة، مع ضرورة وضع الضوابط والمواصفات والمعايير الموحدة في تطوير خدمات المعلومات الإلكترونية.
لقد بات التعاون والاستثمار المتبادل للموارد والإمكانات مطلبا ملحا في صناعة المعلومات الإلكترونية وخاصة في المؤسسات الوثائقية التي تكتسي فيها المعلومات أهمية كبيرة نظرا لطبيعة ومجتمع مستفيديها، ونظرا لما تعانيه المؤسسات الوثائقية في قصور في ميزانياتها عجزت مع عن مواكبة النمو السريع والمطرد في مجال المعلومات الإلكترونية، فلم يعد أمامها حل سوى التفكير الجدي في الدخول فيما بات يعرف بالتكتلات المكتبية تعمل على تحديد الهداف وتوزيع المهام والوظائف والأنشطة بما يحقق الاستثمار الأمثل للموارد والاقتصاد في النفقات والفعالية في تقديم الخدمات. من هذا المنطلق يعد التعاون والتنسيق والتكتل متطلب جوهري للمضي قدما في إرساء وتجسيد صناعة المعلومات الإلكترونية في المؤسسات الوثائقية.
10.5. اللغة والتعريب
تتجه المعلومات الإلكترونية المرمزة لتصبح من ركائز اقتصاد المعلومات الأساسية، والتعامل مع المعلومات الإلكترونية يتطلب التعامل مع اللغات، وتوافر المعلومات في اللغة الأم يسهل هذا التعامل. إن توليد ونقل ونشر واستثمار المعلومات الإلكترونية يتطلب معرفة اللغة الإنجليزية التي يتوافر فيها القدر الأكبر من المعلومات الإلكترونية والمعرفة حالياً، كما أن توسيع انتشار المعرفة الإلكترونية واستثمارها لدى طبقات الجمهور يتطلب التعريب. أي أن التعريب هام خاصة في مجالي نشر واستعمال المعلومات الإلكترونية أكثر منه في مجالي توليد ونقل المعلومات الإلكترونية.
فاللغة هي الأداة التي تصنع من المجتمع واقعا والوسيلة الأساسية التي تحدد صلة الإنسان بهذا الواقع. لم تَصْدُقْ هذه المقولات، ومثيلاتها عن أهمية اللغة في صياغة المجتمع الإنساني قدر ما تصدق على مجتمع المعرفة. فاللغة تؤدي دورا محوريا في صناعة المعلومات الإلكترونية، وذلك للأسباب الرئيسية التالية: (29)
-
كون اللغة أداه للإبداع؛ فاللغة هي وسيلة البشر لممارسة الإبداع على مدار حياتهم اليومية.
-
كون اللغة أداة أساسية لتحليل الخطاب؛ فهي بلا شك أكثر انسياق الرموز استخداما في تقديم محتوى النصوص، ويستخدم التحليل اللغوي البنيوي، وما بعد البنيوي، والمنطقي، والإحصائي؛ لكشف بنية النصوص، واستخلاص المفاهيم الأساسية وذلك تمهيدا لتمثيل هذه النصوص فيما يعرف بالمخططات المفاهيمية.
-
كون اللغة العربية هي الأمل في إحياء الإبداع الفني العربي، والفنون العربية اللغوية من أدب وشعر، هي أهم الفنون العربية بلا منازع؛ حيث الموسيقى العربية في ضمور، وفنون المسرح وأداء الإيقاع الحركي أكثر ضمورًا وفنون التشكيل مازالت مقصورة على النخبة. أما فن المعمار، فيعاني حاليا من تبعية جمالية وتكنولوجية شديدة. وحسم العلاقة بين اللغة العربية والإبداع شرط أساسي لحسم العلاقة بين الإبداع والدين؛ وذلك لما للنص الديني من أهمية بالغة في منظومة العقائد والقيم.
مما سبق تتضح الأهمية البالغة للغة في علاقتها بالدورة الكاملة لاكتساب المعرفة الإلكترونية والتي تشمل: النفاذ إلى المعلومات الإلكترونية ونقلها واستيعابها وتوظيفها وتوليدها. ومن أجل هذا، لا بد أن يأخذ أولي الأمر بجدية قضية التعريب الذي ما عاد بدافع الحمية الوطنية فحسب، بعد أنه ثبت للجميع كونه أي التعريب شرطا أساسيا لتنمية أدوات التفكير وتنمية القدرات الذهنية والملكات الإبداعية علاوة على سرعة استيعاب المعلومات الإلكترونية التي تتجدد بمعدلات متسارعة في مجتمع المعرفة فضلا عن ذلك إن عدم تعريب العلوم يمثل عقبة أمام إقامة جسور التواصل بين التخصصات العلمية المختلفة لكون اللغة هي رابطة العقد في منظومة المعرفة الإنسانية. من أكبر العوائق أمام التعريب، هو الموقف المناهض له من قبل كثير من الأفراد والجهات الوطنية والمستويات بما في ذلك أساتذة الجامعات، حجتهم في ذلك أن تعريب تدريس العلوم سيكون بمثابة حاجز يفصل بين الطالب والمصادر الأصلية للمعرفة الإلكترونية العلمية، ومعظمها باللغات الأجنبية، وهو موقف يتعارض في جوهره مع تضخم مصادر المعرفة الإلكترونية وتعددها مما لن يجد معه المستفيد مفرا من اللجوء إلى هذه المصادر وهو الأمر الذي يتطلب ضرورة أن تتوازى جهود التعريب مع زيادة الجهد المبذول في تدريس اللغات الأجنبية لجميع التخصصات العلمية.
إن تعريب المعرفة الإلكترونية اللازمة للمجتمع، إضافة إلى التمكن من اللغات الأجنبية وخاصة الإنجليزية أصبح من ضرورات التنمية أكثر من أي وقت مضى. وتشتمل جهود التعريب فيما تشتمل على الأمور التالية: (30)
-
وضع المصطلح العلمي وتوحيده ونشره: وفي هذا تقدم تكنولوجيا المعلومات الآن فرصاً جديدة لتسهيل جهود توحيد المصطلح ونشره، فوضع المعاجم على شبكة الانترنيت مثلاً سيساعد في نشر وتوحيد المصطلح، كما أن توفر النشر الإلكتروني باستعمال الأقراص المدمجة CD-ROM سيجعل تكلفة انتشار المصطلح أقل مما هي عليه الآن. وإن توحيد السوق العربية للكتاب وتسهيل انتقاله في الوطن العربي سيقلل من تكلفة النشر ويساعد في توحيد المصطلح. يضاف إلى هذا كله طبعاً جهود مؤسسات وضع المصطلح في العالم العربي ومؤسسات التوثيق.
-
الاهتمام بتقييس استعمال اللغة العربية في المعلوماتية والاتصالات: وهذا يساعد في عملية التعريب وتوحيد إستعمال النظم المعلوماتية وطنيا على مستوى المؤسسات الوثائقية. فلا بد مثلاً، من تقييس إستعمال الرموز الخاصة بإدخال اللغة العربية في قواعد البيانات وعلى شبكات الاتصال وفي البريد الإلكتروني وفي مواقع الانترنيت وغيرها. وغياب التقييس هذا يُضْعِف من انتشار اللغة العربية ومن جعلها لغة غنية معلوماتياً، ومن جعلها لغة تُجاري اقتصاد المعرفة المنشود، كما سيزيد من تكاليف النظم المعلوماتية العربية بشتى أشكالها بسبب تشتت السوق العربية المعلوماتية لعدة أسواق صغيرة مما يجعل تكلفة تطوير النظم عالية، وغير مناسبة لكل العالم العربي لاختلاف التقييس من دولة عربية لأخرى.
-
الإسراع في تكوين قواعد المعلومات الإلكترونية باللغة العربية في كل المجالات ووضعها على الشبكات ومنها الانترنيت، مما يسهم في انتشار واستثمار المعلومات وهو أحد دعائم اقتصاد المعرفة. إن وجود شبكات وحواسيب فقط غير كاف لدخولنا مجتمع المعلومات، فوجودها دون وجود قواعد معلومات عليها غير مفيد. كما أن وجود قواعد المعلومات باللغة العربية وتعريب قواعد المعلومات العلمية والتكنولوجية سيسرع في انتشار واستعمال المعرفة الإلكترونية وبالتالي الدخول في اقتصاد المعرفة. وعلى كل المؤسسات الوطنية العامة والخاصة الإسراع في وضع قواعد معلومات تخص ما لديها بهدف نشرها واستثمارها.
-
الاهتمام بالترجمة العلمية من اللغات العالمية وخاصة الإنكليزية إلى اللغة العربية: الاهتمام بالترجمة من وإلى اللغة العربية وكذلك الترجمة الآلية أو الترجمة باستعمال الحاسوب، كلها من الأمور التي تساعد في جهود التعريب، وبالتالي في عملية نقل المعرفة الإلكترونية وهي إحدى العناصر الأربعة اللازمة للوطن العربي في مجال المعرفة أي التوليد والنقل والنشر والاستثمار.
-
الاهتمام الجاد بتعليم العلوم باللغة العربية في مدارسنا وجامعاتنا وطنيًا وعربيًا، مع الاهتمام في ذات الوقت بتعليم اللغات الأجنبية وإتقانها وخاصة الإنكليزية. وهذا المطلب هام جدًا، بل لازم من لوازم دخولنا مجتمع المعلومات، وقد أثبتت بعض الدراسات أن دراسة العلوم باللغة الأم مع إتقان لغة أجنبية، أكثر جدوى من دراستها بلغة أجنبية، وعلينا معالجة هذه المسألة بجدية المطلوبة.
-
دعم البحوث القائمة واللازمة في مجالات اللغة العربية وتكنولوجيا المعلومات، مثل بحوث معالجة اللغات الطبيعية Natural Language Processing، وبحوث فرز وتصنيف المعلومات الإلكترونية العربية وفهرستها آلياً وبحوث تحليل النصوص العربية، وتركيب الكلام، وتعرف الكلام، والبحوث الحاسوبية في المجالات المعجمية والصرفية والنحوية والدلالية وبحوث هندسة التعريب، والترجمة الآلية.
6. نتائج ومقترحات الدراسة
-
من خلال دراستنا يظهر لنا أن المؤسسات الوثائقية تسير بخطى بطيئة وغير مضبوطة وغير متكاملة المتطلبات خاصة المالية والمادية والتجهيزية والبرامجية وضعف التخطيط في هذا الجانب، وغياب التعاون والتنسيق بشكل كامل في تطبيق صناعة معلومات إلكترونية ناجعة وفعالة، وهذا ما يجعل مستقبلها على كف عفريت إن صح التعبير حتى تقوم بتلبية احتياجات المستفيدين وتطوير خدماتها ووظائفها في ظل التطورات التكنولوجية الحاصلة. ونحن من جهتنا حاولنا تقديم بعض المقترحات التي من شأنها أن تساهم في النهوض بواقع صناعة المعلومات الإلكترونية بالمؤسسات الوثائقية ورفع التحدي وإخراجها من عنق الزجاجة إلى غد مشرق يسهم في إرساء مجتمع معلوماتي قادر على مواجهة متغيرات القرن الواحد والعشرين. وقد تمثلت هذه الاقتراحات فيما يلي:
-
وضع برامج مكثفة للتوعية بأهمية صناعة المعلومات الإلكترونية على كافة المستويات، حيث بدون هذا الوعي والإدراك لا يمكن تنفيذ وتطبيق صناعة المعلومات الإلكترونية مؤثرة وفعالة على المستوى المطلوب.
-
التأكيد على أهمية الإعلام واعتماد نشاطات تحسيسية وأبواب مفتوحة وإقامة محاضرات وندوات وملتقيات ومؤتمرات تعرف وتعالج قضايا صناعة المعلومات الإلكترونية.
-
ضرورة توفير الدعم المالي الكافي لهذه الصناعة التي تتطلب رصد مبالغ مالية ضخمة والتأكيد هنا على ضرورة التخطيط الجيد لهذه الموارد، والبحث عن مصادر تمويل خارجية.
-
ضرورة وحتمية التخطيط وإجراء دراسة جدوى لمثل هذه الصناعة المعلوماتية والاعتماد على دفتر الشروط أو الأعباء بشقيه التقني والإداري، مع ضرورة تحديد المسؤوليات بدقة وصرامة.
-
ضرورة إنشاء مراصد وطنية أو جهة وطنية ترعى شؤون التعاون والتنسيق سيما بشكل الإلكتروني وتؤدي دور المشرف على المؤسسات الوثائقية وتشكل هذه الجهة المرجعية والسند في تجسيد صناعة المعلومات الإلكترونية.
-
توفير العدد الكافي من الكوادر البشرية المؤهلة مع ضمان التكوين وإعادة التكوين والتدريب المستمر لها لمسايرة التطورات التكنولوجية الحاصلة على مستوى صناعة المعلومات الإلكترونية.
-
إصدار دليل وطني حول منتجات صناعة المعلومات الإلكترونية في المؤسسات الوثائقية ويتم تحينه بشكل دوري.
-
اقتراح تنصيب لجنة اليقظة المعلوماتية وتكون مهمتها متابعة المستجدات التكنولوجية والبرامجية ذات العلاقة بصناعة المعلومات الإلكترونية مع ضرورة رفع التقارير حول إشكاليات تقادم العتاد التكنولوجي المستخدم في صناعة المعلومات الإلكترونية على مستوى المؤسسات الوثائقية. واعتبار التخطيط للتكنولوجيا والتجهيزات والبرمجيات جزء لا يتجزأ من التخطيط العام لصناعة المعلومات الإلكترونية الذي له بالغ الأثر في بناء صناعة معلوماتية ذات جودة عالية.
-
ضرورة إشراك المستفيد في صناعة المعلومات باعتبار أن الخدمة المكتبية تبدأ من معرفة احتياجات المستفيد وتنتهي عند تلبية احتياجاته لذا يجب تركيز هذه الصناعة على المستفيد داخل هذه المكتبات الجامعية الجزائرية.
-
العمل على اكتساب الخبرات والتجارب وهذا من خلال التعاون مع المكتبات الجامعية الأخرى على الصعيد العربي والدولي والمؤسسات المعنية بهذه الصناعة، وتشجيع الدخول في تكتلات مكتبية إلكترونية تساهم في التخفيف من عبء التكاليف المالية والاستفادة أكبر قدر الإمكان.
-
الحث على الانضمام إلى المعايير الخاصة بإدارة العناصر الإنتاجية لصناعة المعلومات الإلكترونية كل ما أمكن ذلك، مما يسهل مستقبلا على عملية التشابك بين المؤسسات الوثائقية وقواعد وبنوك المعلومات.
-
تدعيم برامج التكوين في أقسام المكتبات والمعلومات بمقاييس جديدة خاصة بصناعة المعلومات الإلكترونية، من أجل تكوين مكتبيين مؤهلين في مجال تسيير وإدارة صناعة المعلومات الإلكترونية وبما يتلاءم مع متطلبات العمل في بيئة العصر الرقمي.
-
ضرورة توفير ترسانة من التشريعات تتماشى والبيئة الإلكترونية، والأطر القانونية التي تضمن لكل طرف حقه خاصة فيما يتعلق بحقوق التأليف الرقمية وحقوق الاستغلال في بيئة الإلكترونية لصناعة المعلومات.
-
تشجيع البحوث التطبيقية لتطوير صناعة المعلومات الإلكترونية تتلاءم وتتوافق مع المعايير الدولية لأهم الأنشطة والوظائف المختلفة لصناعة المعلومات الإلكترونية.
-
تشجيع ثقافة العمل الجامعية وفرق العمل لتوفير خدمات ذات قيمة فعالة من صناعة المعلومات الإلكترونية، تحفز الحاجة والرغبة لدى المستفيدين الذين يرتادون المكتبات الجامعية.
-
العمل على توحيد وضبط المصطلحات اللغوية قبل الدخول في تجسيد معالم هذه الصناعات المعلوماتية لأن الفهم الصحيح والمعمق للمفهوم ينعكس بالإيجاب على تطبيق هذه الصناعات على أكمل وأتم وجه.
-
إنها جملة من التوصيات كانت عصارة عمل وجهد متواصل نضعها بين أيدي القائمين على المكتبات الجامعية الجزائرية، وعلى المهمتين بإقامة صناعة معلومات على مستوى مؤسسات المعلومات، لعل تلقى صدى أو آذانا صاغية تطمح في التكوير والتغيير والتحسين، ومنه إيجاد الظروف والمناخ المناسبين حتى تستطيع المكتبات الجامعية تقديم خدمات أفضل لمستفيدها وأن تسهم في إرساء معالم مجتمع المعلومات ومنه إحداث التنمية الوطنية الشاملة، إنها جملة من الاقتراحات نأمل وأملنا كبير في أن يأخذ بها القائمين على شؤون صناعة المعلومات الإلكترونية ضمن مخططاتهم ومبادراتهم.
خاتمة
إن تطبيق وتجسيد صناعة المعلومات الإلكترونية في المؤسسات الوثائقية، قد أصبح حاجة وحيوية ملحة وأكيدة، وهذا للمزايا العديدة التي تمنحها للمؤسسات الوثائقية، كالمصادر والمنتجات المعلوماتية المتنوعة وحداثة المعلومات وتوفير الجهد والوقت على المكتبيين والمستفيدين على حد سواء وغيرها من المزايا التي لم تكن تحلم بها المؤسسات الوثائقية في الأمس القريب.
إن رغبة القائمين على المؤسسات الوثائقية وطموحهم في الارتقاء بمستوى الوظائف والخدمات المكتبية يزداد يوما بعد يوم، وإن هذا الطموح هو الذي يعطي فرصة لعمليات التجديد والابتكار للاستمرار، وعند ترجمة هذا الطموح وتجسيده إلى أفكار علمية ينبغي ألا تغيب عن الأنظار والأذهان المتطلبات الضرورية والأساسية لصناعة المعلومات الإلكترونية في مجتمع المعلومات والمعرفة والعصر الرقمي بصفة عامة وعلى مستوى المؤسسات الوثائقية، فتطبيق وتجسيد صناعة المعلومات بالمؤسسات الوثائقية أدى إلى انبهار العديد من الشرائح العلمية بها بما في ذلك مختصي المعلومات أنفسهم وعليه، بات الباحثون ينسجون أساطير وأوهاما حول مزايا هذه الصناعة المعلوماتية السحرية. ويبدو أن هذه الأساطير جاءت نتيجة لنظرة شديدة المغالاة بالنسبة للمستقبل ولعدم الإلمام بكل المتطلبات الضرورية لهذه الصناعة. ويبقى تطبيق صناعة المعلومات الإلكترونية في المكتبات الجامعية الجزائرية يحتاج إلى المزيد من الفعالية، وتوفير الإمكانات المالية والمادية والبشرية اللازمة وتكثيف التعاون والتنسيق وتوحيد الجهود حتى تستطيع المكتبات الجامعية الرفع حتما من مستوى الخدمات الإلكترونية المكتبية المقدمة، وتلبية أكبر قدر ممكن من رغبات المستفيدين الذين تتعقد إحتياجات يوما بعد يوم، سيما في ظل متطلبات والتحديات التي يفرضها العصر الحالي وتماشيا مع التطور المعرفي والتكنولوجي من جهة. بما يسمح لها من تحقيق القيمة المضافة من وراء صناعة المعلومات الإلكترونية وتفعيل دورها أكثر في التكوين وترقية البحث العلمي داخل المحيط الأكاديمي، والتي ستحقق قفزة كبيرة ونوعية في مجال إستخدام التكنولوجيا الرقمية الحديثة وتحقيق التنمية الشاملة من جهة أخرى.
وهذه الدراسة النظرية قد سمحت لنا بالتعرف عن قرب على متطلبات وضروريات قيام صناعة المعلومات الإلكترونية في المؤسسات الوثائقية بشكل ناجح، وذلك للوقوف على بعض مواطن الضعف والقصور التي تقف حجر عثرة أمام تجسيد هذه الصناعة الفتية، فمن خلال نتائج الدراسة بصفة خاصة والواقع المعاش في المؤسسات الوثائقية بصفة عامة يلاحظ أن أغلبية هذه المؤسسات بعيدة كل البعد في تجسيد هذا المفهوم التكنومكتببي والنمط الحديث من صناعة الألفية الثالثة وإن لم نقل تحتاج إلى عقود أو سنوات، وهذا لاجتماع عدة الأسباب أهمها تخبط هذه المكتبات في مشاكل عديدة: الوعي بأهمية المعلومات والثقافة المعلوماتية، غياب الدعم المالي الكافي والتجهيزات والبرمجيات اللازمة، وغياب جهة وطنية راعية لهذه الصناعة المعلوماتية وجهود التعاون والتنسيق وتوحيد الجهود.
وأخيرا وفي نهاية هذه الدراسة، نرجو أن نكون قد وفقنا في تغطية الموضوع، ولو بجزء يسير، يزيل اللبس عن موضوع متطلبات وضروريات بناء صناعة المعلومات الإلكترونية في المؤسسات الوثائقية، ويعطي صورة واضحة عنها، علما أن الموضوع مازال بحاجة إلى مزيد من الدراسات خاصة وأن هذه الصناعات المعلوماتية لا تزال في بدايتها هذا من جهة، ومجال صناعة المعلومات الإلكترونية يشهد تسارعا كبيرا سواء على مستوى الإنتاج الفكري أو على مستوى التطبيقات.