مقدمـة
في ظل التطورات التكنو معرفية التي يشهدها العالم في كافة الميادين السياسية والاقتصادية ; الاجتماعية والثقافية وفي ظل التحول إلى مجتمعات المعرفة ; هذا التحول غيّر من مفهوم التنمية التي لم تعد تعتمد على الجانب المادي بقدر ما تعتمد على الجانب المعرفي والثقافي إذ أنّنا لا نستطيع أن نقيم تنمية هادفة ومستدامة ; إلاّ في إطار التعامل مع المعلومات من خلال تفعيل سياسات واستراتيجيات وآليات رصد المعلومات والمعارف والعمل على تنظيمها ; حفظها واسترجاعها وحسن استثمارها الاستثمار الأمثل باعتباره الهدف الأساسي الذي أنشأت من أجله المكتبات ومراكز المعلومات واعتبار هذه الأخيرة الحلقة الوسطى التي تصل العديد من التخصصات والحلقة الكفيلة بنقل وإتاحة المعلومات وحفظها وضمان استدامتها للأجيال المستقبلية الأمر الذي جعلها شريكاً تنموياً مهماً في العديد من المبادرات والمشاريع الناجحة ; ليظهر أخصائي المعلومات عنصراً فاعلا لديه القدرة على مشاركة منظمات المجتمع المدني والأكاديمي وإدارة الأعمال في تحقيق أهدافهم وذلك عبر إتاحة المعلومات والمعارف وتقديم الخدمات الضرورية وتعميم ونشر الوعي المعلوماتي لكافة أفراد المجتمع ; ذلك أن أعضاء هيئات التدريس والطلاب صناع القرار ; الإعلاميون الأطباء المحامون والمحاسبون يجمعهم شيء واحد مشترك ألا وهو الاحتياجات المعلوماتية الدقيقة لأخذ القرار وحل المشكلات المعلوماتية وبالطبع أخصائيو المكتبات والمعلومات هم الذين يسهلون الوصول إلى المعلومات والمعارف ; من هنا من هنا كان التقدير البالغ للدور الإيجابي الذي تقوم به المكتبات في تطوير قدرات الفرد والمجتمع وتحديثهما معاً.
في هذا السياق برزت هذه المقاربة والممارسات الجديدة كمفاهيم أكثر اهتماماً وتركيزاً في العديد من المجالات والتخصصات وبامتياز مهن المكتبات والمعلومات خاصة في ظل التطورات المستمرة لنظم المعلومات الرقمية واتساع مجال النشر الإلكتروني خاصة ما تعلق منها بتطبيقات الويب التفاعلي ومواجهة التزايد المتواصل لحاجة المستخدم في الحصول على معلومات فورية ودقيقة وفي ظل تنامي الخدمات المعرفية الافتراضية وما أفرزتـــه شبكة الأنترنيت من طرق للنفاذ الحر للمعلومات وتزايد مستودعات المعرفة الرقمية ; فتأثــرت دورة المعلومـات بشكل كلــي فتغيرت على إثرها طبيعة المعلومات ومصادرها وطرق النفاذ إليها وسلوكيات وممارسات البحث عنها والاستفادة منها ; أين أصبح قطاع المكتبات والمعلومات مطالب بمواكبة تغيرات البيئة المعرفية الرقمية المركبة والانسجام مع مختلف التغيرات التقنية والممارسات الجديدة لخلق بيئة أكثر فاعلية ومرونة ; إذ أنّ الرهان الذي يطرح نفسه اليوم على المكتبات ليس البحث عن الوسائل التقنية والمتطلبات المادية المتطورة وإنما العمل بالأساس على تأسيس ثقافة معلوماتية رقمية لأخصائي المعلومات وتأهيله مهنياً عبر منظومة التكوين المستمر ورفع الكفاءة المهنية من خلال برامج التعليم والتدريب وذلك من أجل التكيف ومواكبة متطلبات سوق العمل المطلوبة في عصر مهن المعلومات الرقمية وتحقيق الأمن والاستقرار الوظيفي.
1. الجانب المنهجي
1.1. الإطار العام للدراسة
1.1.1. الإشكاليـة
إن التطورات المستمرة لنظم المعلومات الرقمية ساهمت في توسيع الفضاء العام للمعرفة وهذا نظراً للكم الهائل للبيانات البحثية المنتجة يومياً ; خاصة في ظل تطبيقات الويب التفاعلي والنشر الذاتي ; إذ وفرت هاته الأخيرة فرصة أمام الباحثين للتزود بالمعلومات الحديثة وإثراء بحوثهم العلمية ومواكبة التطورات والأبحاث العلمية الحديثة ; خاصة إذا علمنا أنّ المعلومات والأبحاث بدأت تتقادم بسرعة فائقة وباستمرار في كل العلوم ; وافتقار الكثير منها إلى الدقة والمصداقية ومواقع مجهولة المصدر في كثير من الاحيان ; هاته الأخيرة وضعت الباحثين والمستخدمين في مواجهة تحديات جديدة وصعوبة بالغة في تقييم المعلومات اللازمة لأي بحث أو قرار ما ; حيث أصبح وقت البحث وتقييم المعلومات يوازي أو يفوق الوقت المطلوب لكتابة البحث نفسه ; هذه العوامل وأخرى أصبحت تهدد موثوقية الاتصال العلمي خاصة عندما يعتمد الطلبة الباحثون وصناع القرار على معلومات تنقصها الدقة، الأصالة والموثوقية ; فكل هذا لابد أن يستند على ثقافة معلوماتية كسلوك وممارسة والرجوع إلى وسطاء أكفاء من أجل الوصول إلى معلومات ذات جودة علمية وأكثر رقابة وإدراك قيمة وجودة المعلومات العلمية والتقنية وضرورة إلمام أخصائي المعلومات بثقافة معلوماتية رقمية ذات جودة عالية.
من هذا المنطلق وباعتبار المكتبات الجامعية هي المعني الأول دائماً بأي تغيير نظراً لارتباطها بمجال البحث العلمي والتطوير وأهم صرح للتعليم والتعلم وإنتاج القدرات والكفاءات العلمية واعتبارها جزء لا يتجزأ من الجامعة وأداة لتبليغ رسالتها وتحقيق أهدافها المختلفة ; حيث أصبحت من أهم المعايير التي يمكن من خلالها تقييم وتقويم الجامعات وهذا من خلال الخدمات الأنشطة والبرامج التي يقدمها أخصائي المعلومات ومن أجل تحقيق هذا الهدف حاولنا رسم الملامح الجديدة للممارسات المهنية الفعلية الناتجة عن تفعيل هذه المقاربة حيث يمثل المفهوم الصحيح للثقافة المعلوماتيـــــــــــة بعدًا وهدفا استراتيجيـــــاً في الأداء الفعال والجيد في الممارسة المهنية.
في هذا السياق ومن أجل البحث في التغيرات والتحولات واستقراء المستجدات التي مست مهنة المكتبات والمعلومات في ظل مفهوم الثقافة المعلوماتية وأهمية اعتمادها كاستراتيجيات فاعلة لتطوير الممارسات المهنية وضرورة رصد المهارات والكفاءات الجديدة الواجب على أخصائي المعلومات اكتسابها لممارسة مهنته على أحسن وجه ; وعلى هذا الأساس جاءت دراستنا معنونة بـــــــ :« مهارات الثقافة المعلوماتية وتأثيرها على تطوير الممارسات المهنية لأخصائي المعلومات : المكتبات الجامعية بالغــرب الجزائــري نموذجـا غليـــزان – مستغانـــم – وهران » وتستطلع إلى الكشف عن مدى وعي المهنيين بهذا المفهوم من خلال امتلاك القدرات والمهارات اللازمة لتوظيفه وممارسته والتمكن من التحكم في الوصول إلى المحتوى الرقمي وإنتاجه بالجودة المطلوبة.
من هنا انبثقت إشكالية دراستنا لتتمحور أساساً حول السؤال الجوهري الآتي :
-
هل يوجد هناك تأثير لمهارات الثقافة المعلوماتية على تطوير الأداء المهني لأخصائي المعلومات وماهي جوانب هذا التأثير؟ والذي تتفرع عنه مجموعة من التساؤلات :
-
ما مفهوم الثقافة المعلوماتية وماهي مبررات اكتسابها لدى اخصائي المعلومات بالمكتبات الجامعية محل الدراسة؟
-
هل تتوافر مهارات الثقافة المعلوماتية لدى المهنيين بالمكتبات الجامعية محل الدراسة ؟
-
هل توجد علاقة بين الثقافة المعلوماتية وتطوير الخدمات المعلوماتية المقدمة للمستفيد؟
2.1.1. الإطار العام للدراسة: الأهمية، الأهداف والفرضيات
من أجل تحقيق منهجية واضحة في دراستنا سنستند على الفرضيات التالية:
-
توجد علاقة ارتباط إيجابية بين مهارات الثقافة المعلوماتية وتفعيل جودة الممارسات المهنية لأخصائي المعلومات.
-
تتوافر مهارات الثقافة المعلوماتية لدى المختصين بالمكتبات الجامعية محل الدراسة.
-
تساهم مهارات الثقافة المعلوماتية في تطوير أداء الخدمات المعلوماتية المقدمة للمستفيد.
تستمد الدراسة أهميتها من أهمية الموضوع الذي تعالجه باعتباره أحد الموضوعات الحيوية والراهنة في الوقت الحالي في مجال علم المكتبات والمعلومات ذلك أنّ الثقافة المعلوماتية تعتبر الهدف الرئيسي لمهنة المكتبات في الوقت الحالي.
-
الكشف ورصد المستوى المعرفي للثقافـــة المعلوماتية لدى المهنيين بالمكتبات الجامعية محل الدراسة هذا من جهة ; من جهة اخرى تحديد طبيعة العلاقة ( الارتباطية والتأثيرية ) بين مهارات الثقافة المعلوماتية والممارسة المهنية لأخصائي المعلومات وما نتج عن هذا التأثير من تحول في المهارات والأدوار.
تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التي من شأنها الإسهام في فهم وتحليل واقع الثقافة المعلوماتية لدى أخصائيي المعلومات في المكتبات الجامعية. تهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على الوضع المهني لهذه الفئة، مع التركيز على مدى توفر المهارات المعلوماتية لديهم. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الدراسة إلى تقليل الفجوة بين التصور النظري لمفهوم « الثقافة المعلوماتية » كما تحدده المعايير والمفاهيم الرسمية، وبين التطبيق العملي لهذا المفهوم في الواقع المهني.
-
الوقوف على الوضع المهني لأخصائي المعلومات بالمكتبات الجامعية ومعرفة مستواه من الثقافة المعلوماتية.
-
محاولة سد الفجوة بين ما يمثله مفهوم « الثقافة المعلوماتية » رسميا وفقاً للمعايير والقواعد والمفاهيم المتعارف عليها من جانب، وبين ما يحدث فعلياً على أرض الواقع من ممارسات من جانب آخر.
3.1.1. أدوات وأساليب جمع البيانـــات
تم الاعتماد في دراستنا على الاستبيان والملاحظة كأدوات بحث رئيسية ; فقد كان من الضروري إجراء بعض الملاحظات على سلوك المهنيين أثناء التفاعل مع المستفيدين وكيفية توجيه وإرشاد المستفيد، النقاط التي ركزنا عليها اهتمامنا هي سلوكيات كيفية تحديد الحاجة المعلوماتية للمستفيد والإرشاد والتوجيه المعلوماتي وذلك لأنّ البحث عن المعلومات هو عملية معقّدة ينطلق من التحديد الدقيق للحاجة المعلوماتية وصولاً إلى كيفية استخدام هذه المعلومات بكفاءة وفاعلية ; إذ تم استخدام الملاحظة من أجل فهم أفضل للممارسات الفعلية الموجودة في الميدان.
-
منهـــج الدراسة: اتجهنا إلى اعتماد المنهج المسحي والذي يستخدم لفهم لتفسير وتشخيص الوضع الراهن لمؤسسات المعلومات وذلك بالوقوف على الوضع المهني لأخصائي المعلومات ومعرفة مستواه من مهارات الثقافة المعلوماتية ومدى مساهمة هذه الأخيرة تطوير الممارسات المهنية اليومية.
-
عينــــة الدراســـة: هي الجزء من الكل وهي السبيل الأمثل الذي يسهل العمل الميداني وفي دراستنا هذه وقع تمثيل العينة كالآتي:
-
بلغ العدد الإجمالي لعينة الدراسة 72 مكتبي ; وقد مثلت فئة ملحق بالمكتبات الجامعية مستوى (01) أعلى نسبة في معظم المكتبات ثم تليها في المرتبة الثانية رتبة ملحق بالمكتبات الجامعية مستوى (02) ; إذ نجد أنّ معظم هاته الرتب يتولون مسؤولية تسيير مكتبات المعاهد والكليات بالإضافة إلى تسيير مصالح الجرد ; المعالجة ; التوجيه والبحث الببليوغرافي داخل المكتبات أما عن رتبة محافظ ومحافظ رئيسي بالمكتبات الجامعية فهي محدودة نوعاً ما.
2.1. الدراسـات السابقة
بحكم أنّ طبيعة العلوم هي تكاملية تراكمية يستوجب استطلاع الدراسات السابقة التي تناولت نفس الموضوع أو أحد جوانبه ; إذ أنّه لا ننكر بأنّ عدد الأبحاث والدراسات التي تناولت الموضوع لا يستهان بها خاصة في الدراسات الغربيــة لكن معظم هاته الأبحاث والدراسات عامة ركزت بالدرجة الأولى على الأسس النظريـــة لمفهوم الثقافة المعلوماتية ومهاراتها وبالنظر إلى طبيعة موضوعنا تبقى في حدود معرفتنا قليلـــة ; إذا ما استثنينا منها بعض المقالات العلمية المنشورة في مجلات علمية مختلفة وفيما يلي استعراض بعض الدراسات السابقة :
-
Olivier, Le Deuff. La Documentation dans le numérique. Villeurbanne : presse de l’enssib , 2015 , 223P.
عرف ميدان المكتبات والمعلومات في السنوات الأخيرة حركية سريعة نتيجة التطور والتغيير الجذري في المقاييس العالمية المعتمدة في التعامل مع المعلومات ومن حيث أساليب وطرق وتقنيات معالجتها واسترجاعها وبثها في ظل التطورات التكنولوجية الحديثة وما أفرزته من تطبيقات وممارسات رقمية جديدة ; تطرق المنظر في هذا المصنّف إلى مفهوم التوثيق باعتباره تراث يجب الحفاظ عليه ثم يعرض التحولات التي مست هذا القطاع في ظل بيئة الويب إذ أنّه مع ظهور وتطور مفهوم الوثيقة الرقمية ستتغير وظائف أخصائي المعلومات وتزداد ثراءاً من خلال عدد من المداخل أهمها الثقافة المعلوماتية، الثقافة الرقمية وما تنطوي عليه مهارات وكفاءات جديدة وجب على أخصائي المعلومات اكتسابها لممارسة مهنته على أحسن وجه.
-
Françoise, Chapron Éric, Delamotte. L’éducation à la culture informationnelle. Villeurbanne : Presses de l’enssib , 2010,308p
- يعرض هذا المصنف أراء الباحثين والممارسين ويبحث في العلاقة بين الثقافة المعلوماتية الثقافة الإعلامية والثقافة الرقمية ; وعليه فإنّ هناك حاجة ماسة للتدريب والتكوين في الثقافة المعلوماتية حيث أنّ هذه الثقافة أعادت تشكيل بنية وظائف وأنشطة مهنة المكتبات وتغيير العديد من إجراءات العمل حيث تتخذ المكتبات قيمتها وأهميتها من تنظيم ومعالجة المعلومات والوصول إليها بكفاءة وفعالية وتقديم خدمات معلومات ذات جودة عالية .
-
Choo , Chun Wei. « Information culture and organizational effectiveness International Journal of Information Management .Volume 33, Issue 5 , October 2013, Pages 775-779
تستكشف هذه الدراسة النوعية بأنّ الثقافة المعلوماتية بكل ما يحتويه هذا المصطلح من مفاهيم ومجالات وعلاقات متداخلة بمثابة المكون الرئيسي للمنظمات في الوقت الحالي حيث تتبع المنظمات العديد من الاستراتيجيات من أجل تحقيق أهدافها(الجودة التميز والمنافسة) عبر مجموعة من المدخلات المتمثلة في الآلات الموارد التقنيات والمتطلبات المالية ليبقى العنصر البشري من أهم هذه المدخلات وأكثرها تأثيراً على المنظمة ونظراً لكونها (الثقافة المعلوماتية) تتضمن أنظمة المعلومات الصريحة والضمنية فقد أصبح لها دورها الهام في مساندة ودعم القرارات في أي منظمة مهما كان نشاطها ; وعليه أصبحت العديد من المنظمات تبدي اهتمامها بالثقافة المعلوماتية وتعطيها الأولوية في الدراسة والتحليل من جهة أخرى ارتباط هذا المفهوم بإدارة واستخدام المعلومات بكفاءة وكذا تقاسمها ومشاركتها والتفاعل معها لأنها من سلوكيات بيئة المعلومات الناجحة وأخيرا يختتم دراسته بالنجاح الذي حققته العديد من المنظمات المختلفة باعتمادها على الثقافة المعلوماتية وأنّ المنظمات الفاشلة بحاجة إلى تفعيل هذا النوع من الثقافة من أجل الاستجابة لمتغيرات البيئة الخارجية وتحقيق التكامل الداخلي فهي بذلك تعتبر من المحددات الرئيسية لنجاح أو فشل المنظمات في الوقت الراهن.
3.1. مفاهيم ومصطلحات الدراسة
-
المهـــــارة: هي القدرة على وضع المعارف والمفاهيم النظرية حيز التنفيذ في محيط مهني تترجم إلى ممارسات تكون قابلة للقياس والملاحظة والتركيز بشكل أكبر على المهارات التطبيقية (olivier , 2014,p145).
-
مهارات الثقافة المعلوماتيــة: هي مجموع الكفاءات المطلوبة لتحقيق الثقافة المعلوماتية والتي تتمثل فيما يلي :- القدرة على فهم الحاجــــة من المعلومات والتعبير عنها بدقــــــة ووضوح ;
-
القدرة على الوصول لأنسب المصادر المتوفرة واختيارها والتعامل معها ;
-
القدرة على تقييـــــــم المعلومات وتنظيمــــــها ;
-
القدرة على استخدام المعلومات بكفاءة وفعالية ;
-
إدراك المعايير الأخلاقية القانونية السياسية الخاصة بالمعلومات. (Ailleries, 2015,p96)
-
أخصائي المعلومات: يشمل جميع فئات العاملين في المكتبات ومراكز المعلومات والذين يقومون بأعمال تتعلق بتحليل نظم المعلومات ; دراستها وتصميمها وتنفيذها ويتولون الإشراف الفني والتقني على هذه النظم. (أعراب،2013، ص68)
2. الثقافـة المعلوماتيـة بين المفاهيم النظريـة والممارسـات التطبيقية
إنّ دراسة العلاقة بين الثقافة والمعلومات ليست بعلاقة خطية سطحية بسيطة ; بل هي علاقة مركبة ديالكتيكية تنطوي على إشكاليات عميقة وأطراف متعددة المجالات والتخصصات ; هذا التعدد بسبب الطبيعة المستعرضة والمفهوم الشامل والواسع للثقافة من جهة كونها (الكل المركب الذي يشمل المعارف ; القيم السلوكيات الفن الأدب ; الأخلاق والعادات والتقاليد التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع (Alexandre , 2014,125p) ; من جهة أخرى المعلومات كونها البيانات التي تمت معالجتها(علماء الكومبيوتر) المعلومات هي فعل الإعلام (الصحفيين) المعلومات هي المعرفة (علماء التوثيق) وهناك مفهوم آخر ناتج بشكل خاص عن الاستخدام الواسع لتطبيقات الويب 2.0 والشبكات الاجتماعية (المعلومات بمعناها الاجتماعي الذي يركز على تقاسم ومشاركة المعلومات عبر شبكات التواصل الاجتماعي). (Olivier, 2010,p10)
في هذا السياق تعتبر الثقافة المعلوماتية من أهم المحاور الأساسية المتداولة في السنوات الأخيرة نتيجة العديد من التحديات والمنافسات التي عرفتها بيئة المكتبات في ظل التحول الرقمي للمعرفة والوصول إلى شبكة الإنترنت باعتبارها منصة تعليمية وفرت العديد من التطبيقات والبرامج التعليمية ; هذا من جهة ومن جهة أخرى تزايد الإتاحة المجانية لمصادر المعلومات والعديد من المشاريع المستحدثة في هذا المجال ; هذه العوامل وأخرى أدت إلى انخفاض ميزانيات المكتبات وتجميد العديد من المشاريع والشراكات وانخفاض عدد المستخدمين بالمكتبات ; في هذا الإطار ظهرت ممارسات ومشاريع تطوير جديدة تسعى إلى الاستجابة للرغبة في التجديد التي عبر عنها المستفيدون والبحث عن نموذج قادر على تلبية الاحتياجات المعلوماتية والتحكم في مواجهة الكم الكبير للمعلومات الضخمة والتي يستمر نمو محتواها يوماً بعد يوم ; إذ يرتبط هذا المفهوم ارتباطاً وثيقاً بنظم المعلومات الرقمية والممارسات والسلوكيات والممارسات الجيدة للبحث عن المعلومات العلمية والتقنية في البيئة الرقمية عبر استخدام فهارس المكتبات على الخط، كيفية الاستعلام في قواعد البيانات ; استخدام محركات البحث الذكية بكفاءة وتطوير استراتيجيات بحث فاعلة وناجحة وأخيراً تقييم مصادر المعلومات في بيئة الويب.
-
وفي هذا الإطار لابد من التركيز »على البعد والمكون التعليمي بالمعنى الواسع لهذا المفهوم فقد كانت هذه الأخيرة موضوع بحث لعدد متزايد من الفعاليات العلمية والمهنية المختلفة في هذا الإطار تم تشكيل لجنة بحثية على المستوى الأوروبي حول ثقافة وتعليمية المعلومات. : Groupe de recherche sur la Culture et la Didactique de l’Information (GRCDI )
-
والتي تسعى أن تصبح مركزاً للبحث في الثقافة المعلوماتية وذلك بالتركيز على الأبعاد التربوية والمناهج والمقررات الدراسية في كافة الأطوار التعليمية وخلق مناصب شغل لأخصائي المعلومات ; في الأطوار التعليمية« (Alexandre, 2010,p26).
-
أذ أنّ هذه الثقافة ألقت بأعباء ومسؤوليات بأعباء ومسؤوليات مهنية جديدة جعلت من المهنيين في مجال المكتبات في حاجة إلى مرجعية ومفاهيم وممارسات واضحة تحدد لهم الواجبات ومستويات الأداء المطلوبة والالتزام بمعايير قادرة على وضع ممارسات عمل متميزة سعياً لتقديم مستوى مثالي للأداء والخدمات ; وهو ما صرحت به الإفلا في تقريرها الخاص بالثقافة المعلوماتية وبناء مجتمع مكتبات أقوى : « إنّنا نؤمن بأنّ المكتبات تنفرد في مدى مناسبتها للقيام بدور الترويج ونشر برامج الثقافة المعلوماتية ; وأنه جزء من مهامها كما أنّها مهمة جميع المكتبات بأنواعها المختلفة من مكتبات مدرسية ; عامة ومتخصصة بحثية جامعية وطنية وفي كل الأحوال يطور استخدام هذا المفهوم من إثراء مشاريعها ويزيد من فرص نجاحها ويساعد المكتبيين على جمع المعلومات وأن يقوموا بالتقييم لعملهم بكفاءة وبناء الجهود لإعطاء مبررات ذات قيمة تحظى بالثقة لما يقومون به جهود في الترويج وتطبيق برامج الثقافة المعلوماتية. (Françoise, 2010,p208),
-
هذا ومن خلال القراءة الواسع لمفهوم الثقافة المعلوماتية توصلنا إلى انّها ثقافة الثقافات
وهي في سياق جمعي ثقافا(ت) المعلومات لتشمل الثقافة المكتوبة ; الثقافة الإعلامية، ثقافة الصورة ; ثقافة الأنترنيت ; ثقافة الشبكات ; ثقافة البرمجيات إذ أنّه لا توجد معارضة بين هذه الثقافات بل هي علاقة تكاملية وتداخل وتقارب هذه الثقافات مع بعضها البعض من خلال تداخل الأدوات التطبيقات والوسائط التقنية ; إذ أنّه لابد من التركيز البعد الأساسي (البعد التواصلي) لهذه الثقافات وبلوغ ثقافة مشاركة المعلومات ; إذ لايزال هذا المفهوم موضوع بحث ونقاش جاري من أجل ترقيتها إلى مفاهيم أكثر حداثة مثل الثقافة التشاركية (Transliteracy) الثقافة الاستشرافية المتطلعة (Metaliteracy) الثقافة المتعددة المجالات والنماذج (Multimodal). (olivier , 2008 ,16-18)
-
وعليه يمكننا تحديد المقومات الأساسية التي تستند عليها الثقافة المعلوماتية لأخصائي المعلومات وهي كالآتي :
-
التأهيل العلمي عن طريق الدراسة الأكاديمية (التدرج وما بعد التدرج) والتعلم الرسمي عن طريق المحاضرات النظرية.
-
التأهيل العملي المبني على الممارسة الفعلية في التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التدريب في مكان العمل إذ يؤدي التعليم المهني والتدريب دوراً هاما في تشكيل الثقافة المعلوماتية على المستوى التنظيمي أذ أنّ هناك ارتباط وثيق بين الثقافة التنظيمية والثقافة المعلوماتية.
-
تراكم الخبرة وذلك من خلال الممارسات المتكررة والتحسين المستمر للمنتجات والخدمات الوثائقية.
-
التعلم والتكوين الذاتي والتعهد بالتعلم المستمر مدى الحياة من أجل مواكبة كل ما هو جديد ومتغير.
1.2. مهارات الثقافة المعلوماتية في بيئـة الويب 1.0
-
في ظل النظام الحالي المعقد للمعلومات وبيئة الويب وتطوراتها المستمرة التي أصبحت جزءأً مهماً وفاعلاً في عملية البحث عن المعلومات ; من جهة أخرى الكم الهائل للبيانات والمعلومات التي يتم إنتاجها يومياً مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة مصداقية وموثوقية هذه المعلومات ; لذلك فإنّ المختصين في المعلومات يتحملون مسؤولية أكثر من أيّ وقت مضى في مجال توجيه وتدريب المستفيدين حول معرفة كيفية البحث وتقييم المعلومات » في هذا الإطار بادرت العديد من المنظمات والجمعيات المهنية بوضع المعايير ومؤشرات الأداء الخاصة بالثقافة المعلوماتية حتى يستطيع أخصائي المعلومات استخدام تلك المعايير والمواصفات ; ومن أهم هذه المعايير تلك التي وضعتها رابطة مكتبات الكليات والبحث ACRL وهي عبارة عن خمسة معاييرو22 مؤشر للأداء« . (Annette, 2012,p262.)
-
تركز هذه المعايير على المهارات المطلوبة للتحكم في الوصول إلى المعلومات وبناء المعارف العلمية باعتبارها جزء أساسي لتطوير الممارسات المهنية لأخصائي المعلومات والارتقاء بالمستوى العلمي ضمن معايير عالية الجودة.
-
يشمل» نموذج ACRL المعايير والمؤشرات الأتية :
-
المعيار الأول: الطالب المثقف معلوماتيا يحدد ويوضح الحاجة إلى المعلومات.
-
المعيار الثاني : الطالب المثقف معلوماتيا يمكنه الوصول إلى المعلومات المطلوبة بكفاءة وفعالية.
-
المعيار الثالث : الطالب المثقف معلوماتيا يقيم المعلومات ومصادرها تقييما نقديا ويدمج المعلومات المختارة ضمن نظامه المعرفي.
-
المعيار الرابع : الطالب المثقف معلوماتيا كفرد أو عضو في جماعة يستخدم المعلومات بكفاءة لإنجاز هدف معين.
-
المعيار الخامس: الطالب المثقف معلوماتيا يفهم العديد من القضايا الاجتماعية القانونية المحيطة باستخدام المعلومات بطريقة قانونية وأخلاقية. « (Association, 2000,p69-71)
2.2. مهــارات الثقافة المعلوماتيــة فــي بيئـة الويب 2.0
نموذج مهارات الثقافة المعلوماتية في بيئة الويب2.0 : يعتبر هذا النموذج الجديد من الأنظمة الفعالة للبحث عن المعلومات والتدريب على الثقافة المعلوماتية من خلال التركيز على تطبيقات الويب التفاعلي إذ » أنّ المستفيد هو في موقع السلطة والمسؤولية فيما يتعلق بالمعلومات التي ينتجها يراجعها ; ينشر ويكتب من خلال التفاعل المباشر مع أدوات الوصول إلى المعلومات وزيادة فرص المشاركة والتعلم مع الآخرين سواء من العمل الجماعي وجها لوجه أو من خلال الفرق الافتراضية وتوسيع ثقافة الويب 2.0. (Thierry & Gabriel, 2014)
الجدول رقم (02) يمثــل نمــوذج مهارات الثقافــة المعلوماتيـة في بيئـة الويب2.0.
Compétences |
1مهـــــــارات |
البحث عن المعلومـــــات (Recherche de l’information) |
Conceptuelle |
مهارات حول المفاهيــــــم |
|
Stratégico – informationnelle |
مهارات معلوماتية استراتيجية |
|
Techno - informationnelle |
مهارات تقنية معلوماتية |
|
Organisationnelle |
مهارات تنظيــميــــة |
معالجـــة المعلومــات Traitement de l’information |
Analytique |
مهارات تحليليـــــــــة |
|
Socio- Informationnelle |
مهارات سوسيومعلوماتية |
|
Synthétiser Information |
مهـــارات تجميــع المعلومـــات |
|
Planifier l’usage de l’information |
مهارات التــخطيـــط |
استخدام المعلومات (Utilisations de l’information) |
Pratique |
مهارات تطبيـــقيــة |
|
Déontologique |
مهارات أخـلاقيـة |
|
Communicationnelle |
مهارات اتصاليــة |
تقاسم المعلومات Transmission de l’information |
Diffusionnelle Collaborative |
مهارات العمــل الجمــــاعي |
|
Compétence Autoévaluative |
مهارات التقييـم الذاتــي |
تقييـم العمليات السابقة Évaluation du processus effectué |
En évaluation collective |
مهارات التقييـــم الجماعـي |
-
يشتمل هذا النموذج على خمسة مراحل أساسية وكل مرحلة ترتبط بسلسلة من المهارات ; هذه المهارات في طبيعتها الديناميكية والمتطورة ; تمكن من تطوير الممارسات المهنية اليومية لأخصائي المعلومات في ظل تعقد نظم المعلومات الرقمية وتطور بيئات الويب.
3. تأثير مهارات الثقافة المعلوماتية على تطوير الممارسات المهنية لأخصائي المعلومات
-
تطور وتحديث الوظائف والمهـــام (ظهور مهن المعلومات الرقمية) : التي تعتبر اليوم أساسية لتحديد الهوية المهنية ; إذ ساهمت هذه الممارسات الجديدة في إحداث توسع كمي ونوعي لدور مهني المعلومات.
-
اقتراح نموذج جديد لمهارات أخصائي المعلومات وإعادة تعبئة وتوسيع شبكة المهارات المهنية نموذج مهارات الثقافة المعلوماتية الرقمية ; إذ تؤسس الثقافة المعلوماتية على المهارات الآتية (بدءاً بتحديد الحاجة المعلوماتية البحث والوصول، التحليل وتقييم مصداقية وموثوقية مصادر المعلومات وصولاً إلى مرحلة إنتاج وخلق معارف) وصولا إلى المهارات التحريرية وإنتاج محتوى رقمي ذو جودة عالية (Konstantina, 2013).
-
توسيع دائرة عمل المهنيين من خلال التحكم في المجال الواسع لإدارة المعلومات العلمية والتقنية والتمكن من وساطة المعلومات وتطوير أنظمة إدارة المحتوى الرقمي إذ يتطلب الأمر من المهنيين المشاركة في تطوير البيئات التعليمية وتصميم البرامج والمقررات الدراسية، تقديم خدمات مبتكرة والوصول إلى مجتمعات جديدة من المستخدمين خارج جدران المكتبة والتحول نحو البيئة المهنية الرقمية وتعميم ونقل هاته الممارسات والمهارات وتفويض هذا التدريب لأخصائي المعلومات باعتباره عمالة لا غنى عنها في ظل اقتصاديات المعرفة.
-
منح المسؤولية الكاملة لمهني المعلومات في عملية التعلم والتدريب على هذه الثقافات بالنسبة للطلبة والأساتذة فمثلا على مستوى المجتمع الأكاديمي لابد على مهني المعلومات أن ينشطوا في العديد من الوحدات كمختبرات البحث مثلا والانخراط في المبادرات الناجحة وتدريب المستخدم الرقمي على بعض العمليات المعقدة والتي تحتاج إلى وقت لشرحها مثل خطوات البحث المتقدم، تنزيل البرامج، كيفية إعداد خريطة مفاهيم وتحديد العلاقات بين المفاهيم والاستفادة بشكل أفضل من الخبرة المعلوماتية التي يقدمها أخصائي المعلومات
-
أصبح أخصائي المعلومات طرفاً فاعلاً في ترقية وتطوير بيئة الإتصال العلمي الحديث والاستفادة من موارد المعلومات الرقمية ثقافة المصدر المفتوح وزيادة تداول المحتوى الرقمي من خلال النشر على الويب « إذ يعتبر غياب الثقافة المعلوماتية أحد المؤثرات السلبية في مدى استخدام مصادر المعلومات والموارد المعرفية فغياب الثقافة المعلوماتية يعني عدم الوصول إلى الموارد المعلوماتية » (لؤى، مها،2018، ص221) إذ يمتلك الأشخاص المنخرطين في هذه الثقافة مهارات اتصال وتواصل قوية.
-
تعتبر هذه الثقافة وسيلة محفزة لقيادة وابتكار العديد من المشاريع جديدة في بيئة المكتبات (مشاريع الرقمنة، مشاريع الحفظ الرقمي والمستودعات الرقمية).
-
تحول دور أخصائي المعلومات من تكوين وإدارة المجموعات الوثائقية إلى تصميم واجهات التفاعل مع المستخدم وتصميم أنظمة الوساطة الوثائقية الرقمية باعتبارها المهنة والنشاط المستقبلي
-
توجيه الممارسات المهنية نحو مفاهيم (التحكم – التحميل – التصميم - التحرير – الاتصال - الترويج للموارد الوثائقية الرقمية) والانتقال من الوظائف التي تركز على الوثيقة إلى الوظائف التي تركز على المستفيد أو الجمهور وتقديم الخدمة عن قرب أو بعد.
-
تساهم الثقافة المعلوماتية في دعم القيم المهنية لأخصائي المعلومات والمتمثلة في الوصول الديمقراطي إلى المعلومات، المسؤولية الفكرية والاجتماعية، تعزيز ثقافة المشاركة، العمل الجماعي وكل ما يتعلق بأخلاقيات المعلومات. (Konstantina, 2013, p319)
1.3. تأثيـر ثقافة المعلومات والثقافة المعلوماتية على سلوك المستفيدين والباحثين عن المعلومات
-
يرتبط تدريب المستفيد على مهارات الثقافة المعلوماتية بجودة أعلى في الحصول على موارد معلوماتية رقميـــــة تحقيــــــــق مفهوم «التعلم الموجه ذاتياً» « الاستقلاليـــة المعلوماتيـة » « الفعاليــة التعليميـــة » « النجاح والحصـــول علــى المنح الدراسية » « قابليـــة توظيف بشكل أكبر » (Thierry B. , 2017,p105).
-
يرتبط مفهوم الثقافة المعلوماتية بالنسبة للأساتذة «بجودة الإنتاجية العلمية» وإثراء المناهج والمقررات الدراسية ودعم النشاط التعليمي وتحسين مستوى الإشراف على مذكرات تخرج الطلبة وتفسير ذلك أن توجه مواضيع مذكرات التخرج نحو المواضيع الجديدة. (Gabriel, 2016,p152)
-
تطور عرض الخدمات المتخصصة والدقيقة للمستخدم وبناء علاقة أكثر دقة وتخصص والتركيز بشكل أكثر على النشاط والخدمة المرجعية الرقمية التي لها أسبقية.
4. الجانب التطبيقـي للدراسـة
1.4. تحليـــل نتائـــج الاستبيان
-
يمثل عامل الخبرة متغير أساسي في هذه الدراسة باعتبار أنّ الثقافة المعلوماتية هي ثقافة مكتسبة وتراكمية من خلال الممارسات اليومية المتكررة في محيط العمل ومن خلال فرص التدريب المهني والدورات التدريبية كما أنّها تنتقل من خلال تفاعل الأفراد والمجموعات وتقاسم المعلومات المعارف بين جميع الموظفين ومن خلال دراستنا فإنّ سنوات الخبرة لأكثر من (10 سنوات) مثلت أكبر نسبة في جميع المكتبات وهذا مؤشر إيجابي بالنسبة لدراستنا حيث تلعب الخبرة المهنية دوراً مهما في تطوير الممارسات المهنية والتحسين المستمر للخدمات والأنشطة المقدمة إذ يتوقع من المهنيين الأكثر خبرة تدريب المهنيين الجدد والالتزام بمعايير الكفاءة المهنية.
-
مختصو المعلومات بالمكتبات الجامعية محل الدراسة أغلبهم على وعي كامل بمفهوم الثقافة المعلوماتية بنسبة( % 88.9) إذ يجب على المهنيين امتلاك ثقافة معلوماتية قوية ذات جودة عالية تسمح لهم بالتكيف مع المواقف المهنية الجديدة والرد بطريقة مبتكرة على ممارسات واحتياجات المستخدمين من خلال خدمات تقديم معلومات عالية الجودة.
-
يمثل مفهوم الثقافة المعلوماتية لدى المهنيين بالدرجة الأولى على أنها منظومة متفاعلة من المهارات والقدرات والقدرات بنسبة (32,8 %) ; تلتها في المرتبة الثانية التحكم والاستخدام الجيد للبيئة المعلوماتية الرقمية بنسبة (27,7 %) باعتبارها بيئة مركبة ديناميكية ومتغيرة باستمرار وعلى مستوى ثالث نجد مفهوم التفكير النقدي للمعلومات باعتباره من أرقى مستويات التفكير بنسب (26,9 %) وأخيراً الثقافة العامة (12,6 %) وبالتالي فإن المضمون الذي يطرحه مفهوم الثقافة المعلوماتية لا يختلف في جوهره فهو يتفق في مجمله على أنها منظومة متفاعلة من المهارات والقدرات يستطيع من خلالها أخصائي المعلومات التحكم في الوصول والاستخدام الجيد لموارد للبيئة المعلوماتية الرقمية.
-
يرى مختصو المعلومات أنّ الهدف الرئيسي من توظيف هذه المقاربة ومبررات اكتسابها في محيط العمل هو تـطوير المعارف المهنية والتحكم أكثر في مجال التخصص بنسبة (28,8 %) ولأنّ الهدف الذي أنشأت من أجله المكتبات هو القدرة على تلبية الاحتياجات المعلوماتية للمستفيد وخدمته عن قرب أو عن بعد وذلك بالتركيز على المهارات المتعلقة بجودة الاستقبال، الوساطة والتدريب على المهارات المعلوماتية والرقمية وهو ما أكدّ عليه العديد من المختصون بنسبة (24,4 %) ; ولأنّ الجودة المطلوبة والأساسية التي يجب أن يمتلكها أخصائي المعلومات في الوقت الراهن هي القدرة على التكيف ومواكبة التغيرات المستقبلية وذلك ما مثلته نسبته (22,5 %) لذا فنحن بحاجة إلى التكيف والتعلم المستمر ; وإذا أخذنا في الاعتبار مسألة الترقية المهنية والارتقاء في السلم الوظيفي التي تقف هدفاً أساسياً وراء كل مهنة إذ أنّ مهارات الثقافة المعلوماتية تسهم إسهاماً واضحاً في هذا المجال وهو ما أكدت عليه جميع المكتبات بنسبة بلغت(13,8 %) ; وأخيراً فإنّ مهارات ومعطيات هذه الثقافة تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار الوظيفي (10,6 %).
-
تتوافر مهارات الثقافة المعلوماتية لدى المختصين بالمكتبات بنسبة ( %59.73) ; فحين أنّ نسبة (40, 27 % ) لا يمتلكون مهارات هذه الثقافة نظرا لحداثة المفهوم نسبياً .
-
يؤكد المختصون وبنسبة ( %61.1) أنهم يستطيعون إنجاز استراتيجية بحث بطريقة علمية ومنطقية فحين أنّ ما نسبته (38,9 %)لا يمتلكون القدرات الكافية لإعداد استراتيجية بحث بطريقة علمية.
-
بالنسبة للمهنيين الذين يمتلكون مهارات الثقافة المعلوماتية ; فإن مهارات الاتصال والتواصل هي أكثر المهارات نجاحاً من غيرها بنسبة (24.7 %) ; فلابد من تفعيل الاتصال ضمن هيكل مهني للعمل الجماعي ولأنّ مهارات البحث والتحليل ترتبط بالحصول على موارد معلومات موثوقة تساعدهم على أداء عملهم بشكل أكثر فعالية احتلت هي الأخرى المرتبة الثانية بنسبة (22.7 %) ; كما أنّ مسألة التقييم النقدي للمحتوى الرقمي مهارات التقييم في بيئة مفتوحة تمنحهم مزيداً من التحكم في المعلومات وهو ما احتلت نسبته (18.8 %) ; وأخيراً لابد على أخصائي المعلومات التوجه نحو إنشاء وتقاسم المحتوى الرقمي بنسبة(18.8 %) وعليه فإن المهارة التي يجب على أخصائي المعلومات اكتسابها في الوقت الحالي هي التوجه نحو مهارات التعلم الذاتي والتأطير للتعلم مدى الحياة في ظل توفر منصات التعلم عن والدورات التدريبية المجانية وهو ما بلغت نسبته(16.9 %).
-
إثبات معظم المهنيين بالمكتبات الجامعية محل الدراسة بأنّ كفاءاتهم وقدراتهم الحالية غير كافية للتعامل مع متطلبات البيئة الرقمية الجديدة وهو ما يستدعي الحاجة إلى التكوين المتخصص والدقيق للثقافة المعلوماتية في جانبه التطبيقي من أجل الاستفادة أكثر من مصادر المعلومات الرقمية.
-
أغلب أفراد العينة وبنسبة (65.3 %) يتفقون بأنّه لا يوجد تأثير لاكتساب مهارات الثقافة المعلوماتية على مستوى الخدمات المقدمة للمستفيد بينما ما نسبته (31.9 %) فهو تأثير إيجابي والمتمثل في تقديم خدمات معلومات دقيقة وخاصة بكل مستفيد.
-
تتوفر المكتبات الجامعية محل الدراسة على خدمات الإعارة الداخلية والخارجية وخدمات البحث بالاتصال المباشر ; أما عن خدمات البث الانتقائي والإحاطة الجارية فلم ترقى بعد إلى الممارسات المطلوبة وهذا راجع إلى أن ّ معظم المكتبات لا تمتلك مواقع ويب مستقلة وهي تابعة للمؤسسة الأم إذ أنّ تفعيل مهارات الثقافة المعلوماتية يسهم في تقديم خدمات مرجعية دقيقة ومتخصصة بكل مستخدم (كخدمة اسأل أخصائي المكتبات).
-
كما انّ معظم المكتبات الجامعية لا تقوم بإعداد دورات تكوينية للمستفيد حول مهارات البحث الوثائقي في البيئة الرقمية.
خاتمـة
تناولت الدراسة مختلف الجوانب بالمتعلقة بأهمية تفعيل مهارات الثقافة المعلوماتية في الممارسات المهنية اليومية لأخصائي المعلومات ونتيجة الأبعاد والتأثيرات المباشرة لهذه المقاربة ; وبما يضمن إمكانية توظيفها الجيد في الممارسة المهنية اليومية لأخصائي المعلومات أردنا معرفة واقع مكتباتنا الجزائرية من هذه التطورات ومحاولة تشخيص وتقييم مهارات هذه الثقافة من أجل إحداث التغيير والتأثير المناسب على الممارسات المهنية ; بما يتماشى مع تطورات العصر ومن خلال النتائج التي تحصلنا عليها توصلنا إلى أنّ إذ أن ّهناك مستوى مقبــول من الثقافة المعلوماتية بالمكتبات الجامعية محل الدراسة له ارتباط بتطوير الممارسة المهنيـة ; ولكن تبقي دائما في حاجة للتطوير والتحسين من أجل الوصول إلى أعلى درجات التأثير باعتبارها ثقافة مفتوحة للتغيير وفي تطور مستمر مع تطور التقنيات التطبيقات والبرمجيات الخاصة بتسيير المكتبات، كما أن نجاح برامج الثقافة المعلوماتية يتطلب توفير هيكل تنظيمي للعمل الجماعي بهدف تقاسم الخبرات التقنية وبناء رؤية مشتركة بين الأساتذة الجامعيين وأخصائي المعلومات وأخيراً التعلم المستمر الذي لم يعد خياراً بل هو أحد متطلبات الممارسة المهنية.
وبهذا تعتبر هذه الثقافة من أهم المقاربات الاستراتيجية والمواضيع المركزية التي يركز عليها حقل المعلومات في الوقت الراهن والتي تساهم في بناء جيل جديد من المهنيين يقع على عاتقهم مسؤولية تعليم وتدريب هذه الثقافة للمستفيد باعتباره الهدف النهائي ; وبما يضمن المساهمة في تحقيق أعلى مستويات كفاءة ومردودية استخدام المعلومات العلمية والتقنية وتحقيق نجاعة وجودة الاتصال العلمي والتحكم في المجال الواسع للثقافة المعلوماتية في نسخته الجديدة الثقافة المعلوماتية 2.0 إذ تشكل تطبيقات الويب 2.0 طريقا بحثياً جديداً في هذا المجال.