مقدمة
كانت الترجمة تمارس منذ القدم ولا تزال إلى يومنا هذا. ولكنها تختلف حاليا في نوعيتها واختصاصها وغايتها. أصبحت الترجمة علما قائما بذاته منذ النصف الثاني من القرن العشرين إذ تم التنظير لها وضبط أساليبها بشكل محكم ومدروس في إطار ما يعرف ﺒ Traductotologie (علم الترجمة) وإن كان هناك من يلح على أنها فن وإبداع ولهذا ظل الجدال قائما بين من يراها علما لابد أن يدرس لفهم تقنيات الترجمة وآليات عملها ومن يعتبرها فنا تبرز مؤهلات المترجم وكفآته اللغوية مع أن ذلك يرتبط بالإبداع الأدبي حيث يقول دانيال جيل Daniel Gile :
« La démarche scientifique en traductologie est récente ; elle ne date que des années 1960. La démarche littéraire s´inscrit dans une tradition très ancienne, puisque la réflexion sur la traduction a démarré dès l´Antiquité. » (Gile, 2005 : 235)
سنولي اهتمامنا في هذا المقام إلى الإطار التعليمي للترجمة في الجامعة حيث يلتحق بها الآلاف من الطلبة لدراسة هذا الاختصاص بدافع الشغف باللغات والتواصل بها من خلال الترجمة أو من أجل العمل في مجالها ولاسيما أن الطلب على الترجمة تزايد بشكل كبير مع التقدم التكنولوجي والعولمة التي أدت إلى اقتصاد السوق وانفتاح الدول على بعضها البعض مما عزز التعاون الاقتصادي والعلمي فيما بينها. فالترجمة أداة وصل واحتكاك وتعامل تتطلب من ممارسيها المهارة اللغوية والمعرفة النوعية والخبرة المهنية لذا استوجب من الدول وضع سياسة محكمة لتعليم الترجمة وفق أهداف منشودة تواكب بها التقدم العلمي ومتطلبات الحياة الاجتماعية.
كانت الترجمة في بداية النصف الثاني من القرن العشرين تدرس في نطاق أكاديمي بحت أي ما يعرف ﺒ الترجمة البيداغوجية Traduction pédagogique ثم استدعى تطور الحياة المهنية وتوسع متطلبات اقتصاد السوق إلى تلقين تقنيات الترجمة بما يخدم هذا الاتجاه الجديد في نطاق ما يسمى ﺒ الترجمة المهنية Traduction professionnelle. فماذا نقصد بمفهومي الترجمة البيداغوجية والمهنية، أو بالأحرى ماذا يميزهما عن بعضهما البعض؟ وهو ما سنبحثه بعد عرض بعض مناهج تعليم الترجمة.
1. مناهج الترجمة
طريقة التدريس جزء من العملية التعليمية الشاملة، لذا سنتطرق أولا إلى التعريف بمفهوم المنهج لغة واصطلاحا ثم نذكر بعض مناهج تعليم الترجمة.
1.1. مفهوم المنهج لغة واصطلاحا
جاء في لسان العرب لابن منظور، «نهج: طريق، نهج: بين واضح هو النهج. وطرق نهجة، وسبيل منهج: كنهج. ومنهج الطريق: وضحه. والمنهاج: كالمنهج.» (ابن منظور، 1992: 383) ويذكر أنه قد وردت كلمة منهاج في قوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا.﴾ (سورة المائدة: جزء من الآية 48)
وذكر المعجم الوسيط: نهج الطريق نهجا ونهوجا: «وضح واستبان. انتهج الطريق: استبانه وسلكه. المنهاج: الطريق الواضح.» (مجمع اللغة العربية، 2004: 957)
تطور مفهوم المنهاج حديثا، ولاسيما في القواميس الأجنبية، حيث ورد في قاموس التربية Dictionary of Educationلجامعة أكسفورد (2015: 69) ثلاثة تعاريف لكلمة المنهج على النحو التالي:
-
المقررات أو الموادّ الدراسية، مثل منهاج التاريخ.
-
مجموعة من المواد الدراسية المتخصصة في مؤسسة تعليمية للظفر بشهادة علمية.
-
مجموعة من المقررات والخبرات التي يكتسبها المتعلم في المدرسة أو الكلية .(ترجمتنا)
أما إذا ما أردنا وضع تعريف اصطلاحي دقيق للمنهج فنقول إنه :
« كل الخبرات أو الأنشطة أو الممارسات المخططة والهادفة التي توفرها المدرسة لمساعدة المتعلمين على تحقيق النتاجات التعليمية المنشودة بأفضل ما تستطيعه قدرا تهم سواء كان ذلك داخل قاعة الدرس أو خارجها»« (السامرائي، 1995: 12)
2.1. مناهج تدريس الترجمة
هناك عدة مناهج متبعة في تدريس الترجمة تتحكم فيها البرامج المسطرة والأهداف المتوخاة من العملية التعليمية ذاتها، نذكر منها:
-
منهاج ستيفان هورن Stefan F. Horn : يعد منهاج هورن نموذجا لتدريس الترجمة والترجمة الفورية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو منهاج مخصص للطلبة المتفوقين في اللغات بوضع تدريب مكثف في ثنائية اللغة (الهدف والمصدر) على امتداد أربع سنوات يقدم خلالها دروس في الأدب الحديث، قواعد اللغة الهدف واللغة المصدر وأيضا دروس الانشاء والأسلوب؛ غير أن المنهاج ذاته يتسم بصعوبة تطبيقه مما يقتضي تكيفه وتعديله تبعا لظروف العملية التعليمية. (أنظر Horn, 1966 : 146-154)
-
منهاج كاتارينا رايس Katharina Reiss : كتبت رايس مقالا عنوانه How To Teach Translation Problems And Perspectives يضع تصورا لمنهاجها منتقدا في آن واحد بعض طرق تدريس الترجمة غير المحكمة كتعليم الترجمة من خلال ازدواجية اللغة. كما ترى أنه يمكن تحسين العملية التعليمية من خلال تطوير أساليب ومناهج طرق التدريس المجدية بواسطة تحديد الأهداف والتركيز على الكفاءات الترجمية . (أنظر Reiss, 1974)
-
منهاج كريستين دوريو Christine Durieux: تهتم دوريو في تعليم الترجمة بنقل المهارات إلى الطالب كمحور رئيسي في العملية التعليمية وذلك بتصميم مناهج تستجيب لاحتياجاته. وهي تقترح نموذجا لتعليم الترجمة التقنية عوض تعلم اللغات البحتة، كما أنها تؤكد على ضرورة اختيار النصوص التي تقدم للطلبة والتدرج فيها خلال مدة الدراسة لتذليل الصعوبات في تناولها، كما تقترح مقاربة للتعامل مع النصوص التقنية من خلال تمارين البحث التوثيقي بدل استعمال القواميس الثنائية اللغة وغيرها من الخطوات العملية التي من شأنها مساعدة الطالب على التعلم الإيجابي. (أنظرDurieux, 2005: 36-47)
هناك إذن العديد من مناهج تعليم الترجمة التي تبنى على تصورات تأخذ في الحسبان المتعلم والغرض الجوهري من العملية التعليمية، ولهذا تعددت البرامج والمقررات وفق متطلبات تدريس الترجمة فهناك ما يعرف بالترجمة البيداغوجية والترجمة المهنية التي اجتهد جون دوليل Jean Delisle على التعريف بهما والتمييز بينهما لاختلاف جوهر موضوعهما والهدف من تدريسهما.
2. الترجمة البيداغوجية وتطورها
ظلت الترجمة البيداغوجية في بدايتها لصيقة بتعليم اللغات الأجنبية لأنها تسمح بتفكيك الأنظمة اللغوية وإدراك آليات عملها وبالتالي استيعاب وظائفها التركيبية والدلالية حيث تقول دوريو :
« … l’exercice de traduction répond à une préoccupation tout axée sur la langue. La traduction est alors considérée comme la mise en contact de deux langues. La démarche mise en œuvre dans l’opération traduisante est de nature contrastive. La traduction permet de mettre en évidence les différences de découpage du lexique et de structures syntaxiques entre les deux langues et, ainsi, contribue à l’apprentissage de la langue étrangère. » (Durieux, Ibid : 37)
الترجمة إذن أداة وظيفية تستخدم لتعلُّم اللغة الأجنبية لأنها تساعد على فهم نظامها بمستوياته المعجمية والتركيبية من خلال ما يعرف ﺒ Version et thème (النقل والتعجيم). فما ينقله الطلبة من لغتهم الأم إلى اللغة الأجنبية أو من اللغة الأجنبية إلى اللغة الأم نمط من أنماط الترجمة، أي إنها هنا نوع من أنواع التمارين التعليمية في نظر جون روني لادميرال Jean-René Ladmiral حيث يقول :
« Le thème et la version définissent un type tout à fait particulier de traduction : la traduction comme exercice pédagogique. » (Ladmiral, 1994 : 41)
لقد كان يجري تعليم اللغات الأجنبية قبل ذلك عن طريق تلقين المتعلِّم قوائم طويلة من المفردات والقواعد النحوية، إلا أنه سرعان ما اتضح بأنها طريقة سلبية وعقيمة لا تؤدي الهدف الذي يرمي إليه المتعلِّم والمتمثل في ممارسة اللغة بشكل سليم وإيجابي، وعليه تم إدراج تمارين النقل والتعجيم من وإلى اللغة الأم، فأصبحت توظف الترجمة لخدمتها ولضمان اكتساب المعارف النحوية والمعجمية مع تثبيتها في أذهان المتعلمين بنسبة عالية مقارنة مع الطرائق التقليدية.
ويقول إدموند كاري Cary Edmond في شأن صلة الترجمة والتعليم، أي تعليم اللغات الأجنبية: «L’enseignement se sert de la traduction, il ne la sert pas. » (Cary, 1956 : 167)
أي إن التعليم يستعين بالترجمة في عملية اكتساب اللغات ولا يخدمها في حد ذاتها.
كما تؤكد إليزبيت لافولت أوليون Elisabeth Lavault-Olléon أن الترجمة البيداغوجية عند متعلمي اللغات الأجنبية تمارس بأسلوب حرفي في نقل الكلمات والجمل، وأنه كلما زاد السياق غموضا كلما تمسك المتعلِّم بالكلمات ولجأ إلى الترجمة الحرفية. وهي تصفها بأنها عملية بيداغوجية ذات وظيفتين : وظيفة تفسيريةfonction explicative ، تتعلق بالمعجم أو قواعد اللغة غير المتقنة. ووظيفة المراقبةfonction de contrôle، تتعلق أساسا بتمارين النقل والتعجيم، أي تقييم أداء المتعلِّم وكذلك فيما إذا نجح المعلم أو أخفق في العملية التعليمية. وهو ما يتضح في قولها:
« L’objectif de la traduction pédagogique est essentiellement didactique… La traduction n’est plus une fin, mais un moyen, dans la mesure où ce qui importe, n’est pas le message, le sens que le texte véhicule, mais l’acte de traduire et les différentes fonctions qu’il remplit : acquisition de la langue, perfectionnement, contrôle de la compréhension, de la solidité des acquis, de la fixation des structures… » (Lavault-Olléon, 1988 : 18)
أي إن الهدف من الترجمة التعليمية أو البيداغوجية حسب لافولت هو هدف تعليمي بالدرجة الأولى، وعليه تعد الترجمة وسيلة بدلا من أن تكون غاية، لأن الأهم هنا ليس الرسالة في حد ذاتها، ولا المعنى الذي يحمله النص، وإنما الوظائف اللغوية التي يستخلصها المتعلم من عملية الترجمة.
وهناك طبعا اتجاه آخر يتمثل في تعليم الترجمة من أجل الترجمة، أي ما يعرِّفه لادميرال ﺑ «la traduction proprement dite» أو «la traduction traductionnelle» «الترجمة الترجمية» التي تهدف إلى تكوين المترجمين والتراجمة، وهنا تكون الغاية من التعليم وتمكين المتعلمين من آليات الترجمة لحسن أداء العملية الترجمية. لهذا بجري تقييم الفعل الترجمي ونتائجه المتمثلة في النصوص المنقولة من وإلى اللغة الأمم لإعداد مترجمين أكفاء مؤهلين للعمل في هذا المجال على المستوى الأكاديمي أو المهني. وكان جون بول فيني Jean-Paul Vinayو جون داربلني Jean Darbelnet أول من درَّس الترجمة في الجامعات الكندية، ويعد مؤلفهما في الأسلوبية المقارنة والموسوم ﺒ «Stylistique comparée du français et de l’anglais» من أشهر المؤلفات في الدراسات الترجمية، فهو مرجع أساسي لطلبة الترجمة.
ويقول دوليل بشأن تعليم الترجمة بالمعنى الدقيق للكلمة:
« Enseigner à traduire, c’est faire comprendre le processus intellectuel par lequel un message donné est transposé dans une autre langue, en plaçant l’apprenti-traducteur au cœur de l’opération traduisante pour lui en faire saisir la dynamique s’exerçant sur le sens d’un message, le transfert interlinguistique est une analyse et une restitution de rapports sémantiques. Cette démarche interprétative d’un texte, cette analyse du discours est un acte d’intelligence qui ne se ramène pas à une simple confrontation de systèmes linguistiques, elle exige une grande faculté de compréhension alliée à la capacité de manier le langage. » (Delisle, 1980 : 16)
أي إن تعليم الترجمة هو تمكين المتعلِّم من فهم العملية الذهنية التي تمت بها عملية تحويل خطاب ما إلى لغة أخرى... إن هاتين العمليتين أي فهم النص وتحليل الخطاب لا تعتمد على المقابلة بين نظامي لغتين فحسب بل تتطلب مهارة الفهم المرتبطة بالقدرة على الاستعمال السلس للغة.
ساهم التقدم التكنولوجي وتوسُّع مجالات اقتصاد السوق في إعادة النظر في سياسة تعليم الترجمة ولاسيما في الدول الغربية المتقدمة حيث أنه ازداد الطلب على الترجمة المتخصصة «traduction spécialisée» أو ما يعرف بترجمة النصوص البراغماتية المتصلة بمجالات الاقتصاد والقانون والطب...الخ، وهي مهن عديدة ذات اختصاصات تتطلَّب التحكُّم في معارفها للتمكُّن من نقل نصوصها بأساليب محكمة بعيدة عن الأخطاء الترجمية أي كانت، وهو ما يندرج في إطار الترجمة المهنية، والتي سنبحث عن مدلولها فيما يلي :
3. الترجمة المهنية ومتطلباتها
كان دوليل أول من أشار إلى فكرة التمييز بين الترجمة البيداغوجية والترجمة المهنية، حيث يقول عن الثانية:
« Exercice pratiqué dans les écoles, instituts ou programme de formation de traducteurs et conçu comme un acte de communication interlinguistique fondé sur l’interprétation du sens de discours réels. La finalité de l’exercice est de rendre accessible le contenu d’un écrit (pragmatique ou littéraire) rédigé dans une langue incomprise par les destinataires. Ce genre de traduction, qui se fait normalement vers la langue dominante de l’apprenti traducteur, vise à faire acquérir à ce dernier un savoir-faire et une qualification professionnelle et à le préparer à intégrer le marché du travail. L’exercice de traduction contribue, notamment, à lui inculquer une bonne méthode de travail, à l’initier aux techniques de la recherche documentaire, à le familiariser avec les langues de spécialité les plus courantes et à l’habituer à se servir des aides à la traduction et des outils de bureautique utiles aux traducteurs de métier. » (Delisle, www.academia.edu/5982036)
أي إن الترجمة المهنية في منظور دوليل تُمارس في المدارس والمعاهد المتخصصة أو بواسطة برامج تكوين المترجمين، وهي عملية اتصالية ما بين اللغات تقوم على تأويل أو فهم مدلول الخطابات المدروسة (النصوص البراغماتية أو الأدبية) لكي يتم نقلها بأساليب ترجمية محكمة يدركها المتلقي في اللغة الهدف. فهذا النوع من التكوين يساهم في تلقين المتعلِّم التأهيل النوعي والأدوات المساعدة آلية أو مادية لكي يندمج في سوق العمل ويؤكد قدراته الترجمية في نقل النصوص المتخصصة.
كما يعرِّفها كاري بقوله:
« En traduction professionnelle, il n’existe pas de traduction dans l’abstrait. Le traducteur travaille sur un texte donné, à une certaine époque, dans un certain pays, pour un certain public en vue d’une utilisation déterminée. » (Cary, op. cit. : 25)
أي إن الترجمة المهنية تختلف عن الترجمة البيداغوجية بعدم اعتمادها على النصوص المجردة، فالمترجم يتعامل مع مختلف النصوص المتصلة بمواضيع معينة تعود إلى زمن ما يتم نقلها لمتلق ما ولغاية محددة.
ومما سبق يتضح اتجاه الترجمة المهنية نحو تكوين المتعلمين وتدريبهم على نقل النصوص التداولية والأدبية بتسخير الوسائل البشرية والمادية الكفيلة بإعداد المترجمين والتراجمة الأكفاء الذين يمكنهم أن يندمجوا في سوق العمل الذي يتطلب النوعية والكفآة المهنية في ظل الطلب المتزايد على الترجمة المتخصصة لضمان أعمال ترجمية ذات جودة عالية تخدم المتلقي والهدف المنشود رغم الصعاب والعراقيل التي تعترض لا محالة هذا النوع من الاختصاص.
كما تتميز الترجمة المهنية عن التعليمية، إلى جانب طبيعة التعليم وغايته، بالطريقة التعليمية ذاتها حيث يكون فيها المتعلِّم عنصرا فاعلا وحيويا لأنه لا يكتفي بعملية التلقي والاعتماد شبه الكلي على المعلِّم وما يقدمه من دروس يقوم بعرضها وشرحها وتقويم تمارينها على غرار ما يجري بالنسبة للترجمة البيداغوجية، بل يضاعف من جهوده ويقوم بالبحوث ومراجعة المصادر المتعلقة بمجال اختصاصه ليساهم ايجابا في العملية التعليمية التي يكون فيها مجرد موجِّه ومراقب لدرجة استيعاب آليات الفهم والتأويل لمعطيات النصوص المدروسة في مجال الترجمة المتخصصة، ويكون بذلك مهيأ لأن ينال تكوينا نوعيا يلج به سوق العمل وهو قادر على ممارسة عمله الترجمي بكل مهارة واحترافية لأنه تسلَّح بالمؤهلات اللغوية والمعرفية التي تضمن له تأكيد ما تحصل عليه في الدروس النظرية والعملية، وهي السياسة التي وضعتها الجامعات الغربية كجامعات فرنسا وكندا وجنيف...الخ في مسألة تكوين المترجمين والتراجمة المختصين عكس ما يجري في الجامعات العربية كجامعة الجزائر التي لم تصل بعد إلى التكوين النوعي للمترجمين المهنيين.
خاتمة
الترجمة البيداغوجية كانت في بدايتها لصيقة باللسانيات لتعليم اللغات الأجنبية لأنها كانت أداة نوعية مساعدة لذلك ظلت كذلك لفترة طويلة إلى أن ظهرت المدارس والمعاهد المختصة بتعليم الترجمة من أجل الترجمة في النصف الثاني من القرن العشرين. اعتمد التدريس فيها على المقارنة التقابلية للأنظمة اللغوية في عملية تعليم الترجمة بالنسبة للمبتدئين كما دعا إلى ذلك فيني وداربلني ثم اقتضت الضرورة إلى التكوين النوعي فيما يعرف بالترجمة المهنية من خلال التدريب على تقنيات الترجمة والعوامل المساعدة على انجاز النصوص المتخصصة التي يكثر الطلب عليها في إطار التوسع التكنولوجي والتفتح الاقتصادي. ومن ثم بدأت المناهج والمقاربات تضع تصوراتها من أجل تعليم نوعي للترجمة ولاسيما في تدريس الترجمة التقنية وتكوين المترجمين المحترفين مع التقدم التكنولوجي والتطور الاقتصادي وما تبعهما من زيادة الطلب على الترجمة في ظل العولمة وتقارب الشعوب التي كثفت من التبادلات التجارية والثقافية فيما بينها.