التعليم يحكم على حد سواء الأفراد والحضارات التي يقيمونها، مما يضمن استمراريتها. في قلب نسيجنا الاجتماعي، يحمل أهمية كبيرة من خلال الحفاظ على الروابط بين أفراد المجتمع، مما يمنع الانقسامات وزيادتها. هذه الحقيقة تتجاوز اللغات، حيث المصطلح العربي "أدب"، الذي يحمل نفس المعنى، يدل على الترابط بين التعليم والأدب، مشيرًا إلى أهميتهما في الثقافة. يتعلم الشخص حقًا فقط عندما يتقبل الكلمة المكتوبة، ويشرب روحها، ويستمر في الطريق الذي يقوده إلى مدينة الإنسانية. هذا هو جوهر تعليم الأدب واللغة نفسه، الذي يوجه بحكمة أولئك الذين ينطلقون بإرادتهم الخاصة في رحلة اكتشاف الذات داخل قلب الكلمة المكتوبة.

في الجزائر، مثل أي مكان آخر في العالم، يمتنع سلطة الكتابة على تحديد قوانينها، ويجد أولئك الذين لا يجيدونها أنفسهم مهمشين. هذا التهميش يظهر بشكل أكبر أثرًا بين المواطنين الذين يواجهون صعوبات في اللغة أو مواجهة اضطرابات لغوية، خصوصًا خلال فترة الجائحة، مما يؤثر على منظومة التعليم برمتها.

يواجه نظام التعليم اليوم تحديات كبيرة تتراوح من استيعاب الطلاب الذين يعانون من صعوبات في القراءة والكتابة (الدسلكسيا) إلى تأثير جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) على التعلم عن بعد، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز الكفاءة الثقافية العابرة للثقافات في عالم متزايد العولمة، وذلك بينما نجد نفسنا في بيئة تعليمية تتغير باستمرار.

تعكس هذه النسخة من المجلة (في عدد مزدوج) التنوع وتعقيد التحديات التي يواجهها نظام التعليم الجزائري. تقدم المشاركات من الباحثين المحليين والدوليين المجتمعين في هذا العدد تحليلًا مفصلًا وذو صلة لهذه التحديات، واستكشاف حلاً مبتكرًا للتغلب عليها.

تغطي مقالات هذا العدد مجموعة متنوعة من الموضوعات، بدءًا من تحديد احتياجات الطلاب الذين يعانون من صعوبات في القراءة والكتابة إلى تأثير جائحة كوفيد-19 على التعليم عن بعد، وكذلك تعزيز الكفاءة الثقافية العابرة للثقافات في الفصول الدراسية الجزائرية. تلك المواضيع تعكس غنى وتنوع القضايا التعليمية في سياق العرب والجزائر.

بينما يستكشف القراء صفحات هذا العدد الخاص، سيجدون أبحاثًا مبتكرة وتحليلات عميقة وأفكارًا محفزة حول كيفية تطور التعليم في الجزائر. سيجدون أيضًا مجالًا للتفكير في مستقبل التعليم والتعلم في عالم متغير باستمرار.

نشكر جميع الكتّاب والمراجعين والمساهمين الذين ساهموا في جعل نشر هذا العدد الخاص أمرًا ممكنًا. نأمل أن تلهم المقالات المقدمة هنا مناقشات مثمرة وتسهم في تحسين مستمر للتعليم في الجزائر وما وراءها.

لنكن هذا العدد الخاص نقطة انطلاق لأفكار جديدة، وتعاون مثمر، وحلاً مبتكرًا لمستقبل التعليم في منطقتنا.