إنـجاب طفل معاق وتأثيره في استراتيجية الإنـجاب المستقبلية للوالدين

Avoir un enfant handicapé et son impact sur la future stratégie de reproduction chez les parents

Having a disabled child and its impact on the parents’ future reproductive strategy

صباح تواتي

p. 417-425

صباح تواتي, « إنـجاب طفل معاق وتأثيره في استراتيجية الإنـجاب المستقبلية للوالدين », Aleph, 10 (1) | 2023, 417-425.

صباح تواتي, « إنـجاب طفل معاق وتأثيره في استراتيجية الإنـجاب المستقبلية للوالدين », Aleph [], 10 (1) | 2023, 30 December 2022, 24 November 2024. URL : https://aleph.edinum.org/7574

إن هدف الأسرة من خلال إنجابها الأطفال الأصحاء (جسميا وعقليا ونفسيا)، هو الوصول إلى الاستقرار والتوازن المعيشي لهم، أما في حالة وجود خلل في العملية الإنجابية؛ ويقصد به هنا إنجاب طفل معاق فإن ميزان الاستقرار المنشود سوف يختل ويختلف من حيث الصعوبة في التعايش والتكيف مع هذا الوضع الجديد، مما يستلزم بذل المزيد من الرؤى المنهجية الصحيحة في التعامل مع الفرد المعاق ومتطلباته الجديدة بشكل عام وكذا تغير في الرؤى المستقبلية؛ أي في سياسة الإنجاب وإستراتيجيتها.

Le but de la famille, en ayant des enfants en bonne santé (physiquement, mentalement et psychologiquement), est d’atteindre la stabilité et un équilibre de vie pour eux. Mais la naissance d'un enfant handicapé vient déstabiliser les familles et perturber non seulement leur représentation et leur vision mais aussi la gestion de leur propre vie qui éprouve leur faculté d'adaptation. Les stratégies de reproductions confrontées à cette épreuve de réalités changent du tout au tout.

The aim of the family, by having healthy children (physically, mentally and psychologically), is to achieve stability and a balanced life for them. But the birth of a disabled child destabilises families and disturbs not only their representation and vision but also the management of their own lives, which tests their ability to adapt. The strategies of reproduction confronted with this test of reality change completely. 

1. مقدمة

تعتبر الخصوبة من الظواهر السكانية التي تناولتها الدراسات ببالغ الأهمية والاعتبار، نظرا لما يترتب على زيادة مستوياتها فيه نمو وانفجار سكاني، والذي يؤدي إلى الضغوطات على مختلف الميادين بما فيها الاجتماعية والاقتصادية والصحية. فبلدان العالم الثالث هي الأكثر معاناة من هذا الشكل، وبالمقابل فالبلدان المتقدمة لم تتأثر بالنمو السكاني لكونها دخلت مرحلة توجيه الخصوبة مبكرا، إلا أنها تعاني حاليا من مشكلة الانخفاض في معدلات الخصوبة وكذا تشيخ مجتمعاتها.

والجزائر باعتبارها بلدا من البلدان السائرة في طريق النمو، لم تولي أهمية كبيرة لظاهرة النمو السكاني في بادئ الأمر -أي بعد الاستقلال- وإنما كانت تهدف أساسا إلى ترقية التنمية الاقتصادية. إلا أن الارتفاع المتواصل للنمو السكاني أرغمها على تبني سياسة سكانية، والتي اتضحت أكثر مع بداية الثمانينات، خاصة بعد تبنيها لبرنامج وطني للتحكم في النمو الديموغرافي الذي تزامن مع المؤتمر العالمي للسكان بمكسيكو سنة 1883، أين طالبت الجزائر بمساعدات دولية لتطبيق هذا البرنامج. ولقد ساهم هذا البرنامج في تخفيض مستويات الخصوبة إلا أن الأثر الكبير على ذلك كان التغير الاجتماعي والاقتصادي الذي حدث في المجتمع الجزائري.

وعلى الرغم من كل هذا تبقى الخصوبة تتأثر بالزيادة أو الانخفاض حسب تأثر الأسر بالمحيط الخارجي بها أو المحيط الداخلي لها، حيث تعتبر الأسرة الوحدة الأساسية في تحديد الإنجاب وتوجيهه بالزيادة أو الانخفاض باعتبار أن الإنجاب، هو من بين أهم الأهداف التي يسعا لها الوالدين من الزواج فقد يتحقق فقد يتحقق الهدف، لكن ليس بالرغبة التي أرادها الوالدين، وذلك بإنجاب طفل معاق، وغالبا ما تتسم النظرة بوصول طفل معاق في الأسرة بالخوف والقلق والشعور بحلول كارثة أو عقاب من الله، حيث أن الطفل المعاق يحتاج إلى رعاية ووقت ومصاريف أكثر من أي طفل عادي لتدريبه وتعليمه وخدمته ومساعدته على التوافق مع العالم الخارجي، فبعض الإعاقات تفرض قيودا ومسؤوليات جسيمة على الوالدين غير القادرين على الحركة مثلا يعب ضمهم إلى صدر الأم أو تغذيتهم أو تغيير ملابسهم، وهذا ما يخلق قلق واضطرابا للوالدين يؤدي بهم إلى إيجاد أساليب دفاعية ضد الإعاقة التي تتمثل في أغلب الأحيان بتوقيف الإنجاب باعتبار الإعاقة وراثية محتملة التكرار.

كما يمكن أن يكون القبول والتعايش مع الإعاقة، وهذا ما يسمح باستمرار الأسرة وتماسكها وتحقيق أهدافها، لكن في إطار إنجاب أقل عدد ممكن من المعوقين والطموح للحصول على أطفال عاديين، أو توقيف الإنجاب للاكتفاء بالطفل المعاق. ونتيجة لردود الفعل اتجاه هذه الأعباء الاجتماعية والنفسية التي تواجهها الأسرة، فإنها تغير في إستراتيجيتها المعيشية في الحياة عامة والإنجابية خاصة.

ومن هنا ارتأينا أن ندرس مدى اتجاه الخصوبة لدى الوالدين بعد إنجاب طفل معاق.

هل لإنجاب طفل معاق تأثير في إستراتيجية الإنجاب المستقبلية للوالدين؟ ومنه تتفرع التساؤلات الأدبية الآتية :

  • هل لاختلاف نوع إعاقة الطفل سببا في تغير اتجاه الإنجاب لدى الوالدين؟

  • هل لجنس الطفل المعاق سببا في إعادة النظر في الإنجاب مستقبلا؟

هل لاختلاف رتبة الطفل سببا في تغير اتجاه الإنجاب لدى الوالدين؟ للإجابة على هذه التساؤلات اقترحنا الفرضيات التالية :

إن إنجاب طفل معاق يؤثر في الإستراتيجية الإنجابية المستقبلية للوالدين.

أما الفرضيات الجزئية :

  • كلما اختلف نوع إعاقة الطفل المولود اختلف التأثير في الإستراتيجية الإنجابية للوالدين.

  • إن اختلاف جنس الطفل المعاق سبب في إعادة النظرة في إستراتجية الإنجاب للوالدين.

  • إن التغير في رتبة المولود المعاق سبب في التأثير في إستراتيجية الإنجاب المستقبلية للوالدين.

وحتى نتمكن من دراسة الموضوع كان لابد علينا الالتزام بمنهجية وهذا حتى نتمكن من ترتيب الأفكار وعرض النتائج بطريقة منظمة، وكما تختلف المناهج باختلاف مواضيع البحث، والإشكاليات المطروحة، والأهداف المراد تحقيقها، هي التي تفرض على الباحث منهج معين وتقنيات تتماشى مع إشكالية الدراسة، وباعتبار الدراسة تعتمد على المعطيات الكمية، فقد تم استعمال المنهج الإحصائي والذي يعتمد على جمع البيانات وتنظيمها وتحليلها ثم استخلاص النتائج وتعميمها. (رضوان، 1990، 99)

1. الجانب المنهجي

1.1. الطريقة والأدوات

تمثلت التقنيات المستعملة في مجموعة أدوات، فكانت الملاحظة والاستمارة ونظرا لنوعية موضوعنا استلزم علينا استعمال العينة المكانية أو المقصودة وتستعمل هذه العينة في حالة مجتمع لا يحتوي على إطار معاينة وقوائم كاملة يختلف حسب الجنس (ذكور، إناث) ونوع الإعاقة (عقلية، حركية، حسية)، مما تطلب علينا بناء عينة إحصائية عمدية يختار الجنس ونوع الإعاقة وفق طرق إحصائية لضمان التوزيع العشوائي الصحيح ولهذا تحصلنا على إحصائيات توزيع الإعاقة حسب السن والجنس ونوع الإعاقة من الديوان الوطني للإحصائيات (ONS) حيث يقدر عدد الأطفال المعاقين ما بين (0-15 سنة) بـ 69975 طفل معاق. ومن هنا تم تحديد حجم العينة بـ 70 مبحوث تم توزيعهم حسب نوع الإعاقة.

أما المجال المكاني ففرض علينا الالتحاق بعدة مراكز والمتمثلة في المركز الطبي البيداغوجي للأطفال المعوقين بحيدرة، وبولوغين إلى جانب المركز الطبي لتعليم الصم والبكم بتليملي، وجمعية المعوقين حركيا آمال ببن عكنون للحصول على حجم العينة.

2.1.العوامل المؤثرة في الإنجاب (ONS, 2016,5)

تتأثر الإستراتجية الإنجابية بعدة عوامل تشمل العوامل الاجتماعية والثقافية الاقتصادية والبيئية بما تتضمنه من متغيرات متنوعة مثل المستوى التعليمي للزوجين وعلاقتهما بقوة العمل، والظروف المعيشية للأسرة، وكذا العوامل الصحية.

وبعرض العوامل المؤثرة في الإستراتيجية الإنجابية نقول أنها تنقسم إلى محددات مباشرة ومحددات غير مباشرة.

  1. المحددات المباشرة :

  • متوسط عمر الأم عند الزواج الأول : حيث يؤدي ارتفاع سن الأم عند الزواج الأول إلى تخفيض عدد الأولاد المنجبين بسبب نقص فترة تعرضها لاحتمال الإنجاب، حيث أن النساء اللواتي يتزوجن في سن متأخرة يملن إلى إنجاب عدد أقل من الأطفال من تلك اللواتي تتزوجن في سن مبكرة.

  • استخدام وسائل تنظيم الأسرة : تنبثق أهمية استخدام وسائل تنظيم الأسرة الفعالة الحديثة من النظرة الشمولية للتنمية التي ترى أن ترافق معدل الإنجاب المرتفع مع انخفاض وفيات الأطفال، وارتفاع متوسط العمر المتوقع عند الولادة.

  1. المحددات الغير مباشرة :يمكن تقسيم المحددات الغير مباشرة إلى عوامل اجتماعية وأخرى اقتصادية وصحية تؤثر على استراتيجيات الإنجاب لدى الزوجين.

1.2.1. العوامل الاجتماعية المؤثرة على إستراتيجية الإنجاب

  • تعليم المرأة : إن العلاقة بين تعليم المرأة وانخفاض معدل الإنجاب وانخفاض وفيات الرضع معروف، حيث ترتبط زيادة تعليم المرأة بانخفاض حجم الأسرة المرغوب بها، وفي زيادة نجاح المرأة، بتحقيق ذلك، فأي سنة تعليمية إضافية تؤدي إلى نقص في وفيات الرضع بمعدل (5-1 %) فقد أوضحت معاملات الارتباط الثنائي أن مستوى تعليم الأم يعتبر من أهم العوامل المؤثرة على عدد الأولاد المنجبين في الأسرة، حيث أن كل ثلاث سنوات زيادة في تعليمها يؤدي إلى تخفيض عدد الأولاد في الأسرة بمقدار طفل واحد (المبيض، 2006، 103).

  • نمط الإقامة (الحضر- الريف) : أكدت العديد من الدراسات أن محل الإقامة للإنسان يؤثر على إستراتيجية الإنجاب واختلاف أنماطها، فقد أظهرت نتائج المسح العالمي للخصوبة أن مستوى الإنجاب في الأقطار العربية يكون أعلى بكثير في المناطق الريفية عنه في المناطق الحضرية أما الفرضية الثالثة والتي مفادها أن رتبة الطفل المعاق تأثر على السلوك الإنجابي ومنه على إستراتيجية الإنجاب المستقبلية، حيث أوضحت النتائج أن الأطفال المعوقين اللذين يحتلون المرتبة الأولى تمثل 27.17 % ثم تليها نسبة 24.28 % بالنسبة للأطفال اللذين يحتلون المرتبة الثانية ثم المرتبة الثالثة بـ 17.14 %.

ومنه نقول أن إنجاب طفل معاق يؤثر على السياسة الإنجابية للزوجين وهذا حسب رتبة الطفل المعاق فإذا كان الطفل المعاق في المرتبة الأولى فإن الزوجين يغيرون سياستهم الإنجابية وهذا باستعمال وسائل منع الحمل للمباعدة بين الولادات، أما إذا تخطى المرتبة الثانية، فإن السياسة الإنجابية للوالدين، تتغير إما باستعمال وسائل منع الحمل للمباعدة، أو توقيف العملية الإنجابية نهائيا.

ومن هنا نستنتج أن وجود طفل معاق لدى الأسرة ينجم عنه مشكلات عديدة عاطفية وسلوكية اقتصادية واجتماعية تؤثر على مجرى حياتها، لذلك يسود الهم والقلق والحزن الشديد إضافة إلى التوتر النفسي وعدم الاستقرار، والخوف من المستقبل، وتصبح النظرة إلى الحياة كئيبة، حيث يعتبر من بين العوامل التي تؤدي بالوالدين إلى إعادة النظر في تغيير إستراتيجية الإنجاب المستقبلية التي وضعها الوالدين قبل الزواج، أو بهذه ويرجع هذا التغيير حسب الدراسة إلى عدة عوامل منها ما هو متعلق بالمحيط الاجتماعي والثقافي للوالدين وللأوضاع الاقتصادية التي فيها الوالدين، فقد يكون وربما يرجع إلى العديد من العوامل كصعوبة الحياة في المناطق الحضرية والتكاليف الباهظة للمعيشية والسكن، فضلا عن حاجة المجتمعات الريفية والزراعية إلى اليد العاملة، وضعف التنظيم الأسري هناك (العلو، 2004، 11).

  • العامل الديني والعادات والتقاليد : إن التمثلات الدينية للأفراد، سواء كانت تندرج ضمن الخطاب الديني الإسلامي أو أخرى أم ترتبط بالوسط الحضري أو الريفي، فإنها تنعكس بدرجة أو بأخرى على ثقافتهم وتتأثر بأوضاعهم وروابطهم الاجتماعية، لتؤثر عبر ذلك في علاقاتهم بإستراتيجية الإنجاب، موقفا وممارسة، إن النتائج السيكولوجية والثقافية والاجتماعية التي يستخلصها الأفراد من فهمهم لعلاقة الإسلام، بالخصوبة تؤثر بلا سك في مجمل اختياراتهم، ومختلف مجالات حياتهم الشخصية والعائلية (يعقوب، 2004، 104).
    فسواء تعلق الأمر بنمط البنية الأسرية أو بوضعية المرأة والطفل، أو بالموقف المتخذ تجاه مسألة التخطيط العائلي نلتمس أنه من وراء ذلك تأويلات وتبريرات تترجم علاقة الأفراد بالقيم الإسلامية والمبادئ الثقافية المتخصصة عنها.

  • عدد الأولاد المرغوب إنجابهم : إن الكثير من الأسر في مجتمعنا يفضلون الابن الذكر على الأنثى لأسباب اقتصادية واجتماعية مثل أن الابن الذكر يحمل اسم العائلة ينجب الأطفال الذين يحملون اسم العائلة في المستقبل، إضافة إلى أن الابن الأكبر يعتبر الضمان الاقتصادي للعائلة عند شيخوخة الوالدين ( فتحي محمد، 2000، 115).

2.2.1. العوامل الاقتصادية المؤثرة على استراتيجية الإنجاب

  1. عمل المرأة : يسهم اشتراك المرأة في قوة العمل بإحداث تغيرات كبيرة في الظروف الاقتصادية والاجتماعية في أي مجتمع من المجتمعات، ويخلق ظروفا جديدة للحد من الإنجاب وتخفيض معدلات الخصوبة في المجتمع. فإسهام المرأة في النشاط الاقتصادي يفرض عليها أن تبقى بعيدة عن أطفالها لفترة من الزمن، وبذلك تصبح أقل استعدادا لإنجاب الأطفال لما تحتاجه رعايتهم وتنشئتهم من وقت وجهد قد لا يتوفر وهي تمارس العمل خارج المنزل.
    كما يفرض العمل على المرأة واجبات وظيفية متعددة غير إنجاب الأطفال، مما يضعف الحافز إلى زيادة عدد أطفالها.

  2. الإنجاب والصحة الإنجابية : إن انخفاض مؤشر الإنجاب من 7.42 طفل لكل امرأة سنة 1977 إلى غاية 2.54 طفل لكل امرأة مع حلول 2000 و2.14 طفل لكل امرأة سنة 2016 لدليل كبير هلى تغير النظرة للإنجاب من حيث الكم والكيف، فقد أصبحت الأسرة تهتم بالنوع وبصحة الأم والطفل قبل وبعد الولادة، وهذا مع ارتفاع متوسط السن للولادة الأولى من 31.5 سنة في 1999 ليصل إلى 31.7 سنة 2016 (O.N.S, 2016, 190). مما يزيد الخطر في الحمل وزيادة نسبة الإعاقة ولهذا فقد تجمعت المجتمعات الدولية والمؤتمرات والهيئات إن التوجيه باتخاذ بعض الإجراءات الكفيلة بتخفيض الإعاقة والإقلال من فرص حدوثها وقد اهتمت الندوة الدولية عن المعاقين والتي انعقدت بطرابلس سنة 1981 بهذا الأمر وأصدرت التوصية رقم 14 والتي جاء فيها (Dekkar et autres, 1992, 33 ).

نظرا لما للخدمات الطبية من أثر في منع حدوث الإعاقة والحد منها، يتطلب الأمر اتخاذ التدابير التالية :

  • ضرورة توفير الرعاية الصحية الأساسية لجميع الأفراد، والعناية بالأم وحماية الطفل قبل بعد الولادة على إثره فقد نص القانون الجزائري رقم (85-05) المؤرخ في 16 فيفري 1985 (المعدل والمتمم في 1988-1990) المتعلق بحماية الصحة الإنجابية للأم وضمان أحسن الشروط الطبية أثناء الحمل وبعده، وفيها يخص الهياكل التي تقدم خدمات (O.N.S, 2016, 10) صحيحة في المجال للإنجاب والتنظيم العائلي.

  • تشجيع الأم الحامل على ضرورة الالتزام بالمتابعة الطبية طول فترة الحمل، ولهذا تعتبر الجزائر من البلدان التي تلزم الأم إجراء على الأقل 03 فحوصات قبل الولادة، من أجل الحصول على مصاريف التأمين من الضمان الاجتماعي، وحسب المسح الجزائري لصحة الأسرة سنة 2002 تبين أن 80 % من الأمهات يتلقين رعاية صحية أثناء الحمل وما يقدر بـ 19.3 % من الأمهات لا يتلقين أي رعاية صحية (المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، 2017، 30).

  • إعداد برنامج للفحص للراغبين في الزواج مع تقديم النصح والإرشاد في حالة احتمال ولادة معوق لأسباب طبية أو وراثية.

2. النتائج ومناقشتها

تم تحديد من خلال الدراسة النظرية أن الإنجاب يتأثر بعدة عوامل مختلفة، منها ما هو متعلق بمحيط المعيشي ومنها ما هو مرتبط بالأسرة، كما أوضحته الإحصائيات والدراسات المشار إليها سابقا حيث أن إصابة الطفل بإعاقة وراثية يؤثر في الحياة المعيشية عامة والإنجابية خاصة، وهذا ما أثار اهتمامنا.

أما الدراسة الميدانية تضم الفرضيات تحت الاختبار ثم الكشف عن مدى تحقيقها أو عدم تحقيقها، أي هل يتغير الإنجاب بعد إنجاب الطفل المعاق، وهل يتغير كذلك بجنس الطفل المعاق، ونوع الإعاقة والرتبة التي ولد فيها الطفل المعاق داخل الأسرة.

فمن خلال الفرضية الأولى والتي مفادها أن لنوع الإعاقة تأثير على السلوك الإنجابي ومنه التغيير في إستراتيجية الإنجاب المستقبلية للوالدين بعد إنجاب الطفل المعاق حيث أوضحت النتائج أن نسبة 93.75 % من المبحوثين أنجبوا طفل معاق حسيا، ثم تليها نسبة 81.85 % ممن أنجبوا طفل معاق عقليا، أما نسبة 27.58 % أنجبوا طفل معاق حركيا، أما بالنسبة 6.25 % فأنجبوا طفل معاق حسيا.

ومنه نقول أن اختلاف نوع الإعاقة يكون سببا من بعض الأسباب التي تحدث إستراتيجية إنجابية جديدة لم يتوقعها الوالدين، إلا بعد إنجابهم لطفل معاق، وهذا ما يولد قلق وخوف وضغوطات على الوالدين، فالزوجين الذين أنجبوا معاق حسيا يكونوا أكثر راحة ممن أنجبوا طفل معاق حركيا، واللذين أنجبوا طفل معاق عقليا.

فالإعاقة الحسية هي الإعاقة الأقل تأثيرا في الزوجين من الحركة والعقلية، ومنه فإن الإعاقة العقلية هي الإعاقة الأكثر تأثيرا في إستراتيجية الإنجاب وأكثرها تأثيرا على العلاقة الزوجية.

أما الفرضية الثانية والتي مفادها أن جنس الطفل المعاق تأثير على السلوك الإنجابي، ومنه التغير في الإستراتيجية الإنجابية المستقبلية للوالدين، حيث أوضحت النتائج أن 81.42 % من المبحوثين يفضلون أن يكون مولودهم المعاق ذكر، أما نسبة 18.58 % فيفضلون أن تكون أنثى.

الخلاصة

نستخلص من النتائج المتوصل إليها، أن لجنس الطفل المعاق تأثير في إستراتيجية الإنجاب خاصة اللذين أنجبوا أنثى معاقة، فقد تغير سلوكهم الإنجابي، بكثير ممن أنجبوا ذكور معاقين، وهذا راجع إلى كون الذكور أكثر تفصيلا من الإناث، حيث يسهل التعامل مع إعاقته أكثر من الأنثى، ولتفادي إعادة إنجاب أنثى معاقة، يرغم الوالدين على استعمال وسائل منع الحمل، ووسائل أخرى، متخذين بذلك إستراتجية جديدة، غير المرغوب فيها سابقا تتماشى مع واقعهم الجديد الخوف من تكرار الإعاقة سبب في توقيف الإنجاب أو تأخيره، نظرا لزيادة الأعباء على الوالدين من المصاريف اللامتناهية للعلاج، وإجبارية التفرغ لتربية المعاق أكثر زد على ذلك الحرج الذي يحس به الوالدين من المحيط الاجتماعي والذي ينظر إلى الإعاقة على أنها عقاب من الله جناه الوالدين، إلا أن هناك عوامل أخرى تتعلق بالطفل المعاق تجعل الوالدين يغيران في إستراتيجية الإنجاب المستقبلية.

حيث أن اختلاف نوع الإعاقة يكون سبب في تغير الإستراتيجية والإنجابية للوالدين أي أن اللذين أنجبوا طفل معاق حسيا يكونون أكثر راحة وأقل رغبة في تغيير إستراتيجية الإنجاب، ممن أنجبوا طفل معاق حركيا، وهؤلاء بدورهم يكونون أقل رغبة في تغيير الإستراتيجية الإنجابية ممن أنجبوا طفل معاق عقليا.

كما أن لجنس الطفل المعاق تأثير في تغيير إستراتيجية الإنجاب، خاصة للذين أنجبوا إناث معاقات فقد تغيرات إستراتيجيتهم الإنجابية أكثر من اللذين أنجبوا ذكور معاقين، وذلك لتفصيل الوالدين للذكور على الأنثى، وخاصة إذا كانت معاقة، وهذا لأنهم يجدون سهولة في التعامل مع الذكر المعاق أكثر من الأنثى، وكذا لخوفهم الشديد على الأنثى المعاقة وهذا في مجتمع لا يرحم.

كما تعتبر الرتبة التي ولد فيها الطفل المعاق في الأسرة من بين الأسباب التي تؤدي بالوالدين إلى التغيير في إستراتيجية الإنجاب.

حيث أنه كلما تقدمت رتبة الطفل كلما كان القلق والخوف من الزيادة في الإنجاب في حين يكون العكس إذا تقدمت رتبة الطفل المعاق مما يشجع الوالدين على زيادة الإنجاب.

ومنه فإن إستراتجية الوالدين تتغير عند إنجابهم لطفل معاق بطريقة مباشرة يقرر فيها الوالدين توقيف الإنجاب، وذلك باستعمال وسائل منع الحمل، أو تكون غير مباشرة ينتظر فيها الوالدين الحل من الأطباء لإنجاب أطفال عاديين متجنبين بذلك زيادة الأطفال المعاقين.

قائمة المراجع

رضوان، عبد القادر محمد (1990). سبع محاضرات حول الأسس العملية لكتابة البحث العلمي. ط2. الجزائر : ديوان المطبوعات بن عكنون.

العلو، ابن مصطفى (2004). خصوبة السكان ومحدداته الوسيطية. دمشق : منشورات وزارة الثقافة.

فتحي، محمد (2000) دراسات في علم السكان. ط1. بيروت : دار النهضة العربية.

المبيض،ممدوح (2006). دينامية السكان وأثرها على الصحة الإنجابية. دمشق : هيئة تخطيط الدولة وصندوق الأمم المتحدة للسكان.

المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي (28-29 أكتوبر 2017). مشروع تقرير صحة الأم والطفل. الدورة التاسعة. الجزائر : لجنة السكان والاحتياجات الاجتماعية.

يعقوب، محمد عبد المجيد (2004). العوامل الاجتماعية والاقتصادية المؤثرة على خصوبة المرأة. فلسطين : مكتبة النجاح الوطنية.

Dekkar, N et al (1992). La démographie algérienne face aux grandes questions du suscite. Alger : ceneap, funap.

ONS (2016). Annuaire statistique. ed.23, Alger.

ONS (2016). Collections statistiques, démographie algérienne. ed.17, Alger.

ONS (2016). Données statistiques. ed.18, Alger.

صباح تواتي

جامعة العقيد آكلي محند أولحاج - بويرة (الجزائر)،s.touati@univ-bouira.dz

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article