تطور القدرة على التفكير المنطقي عند تلاميذ الطور الأول من التعليم الابتدائي

The development of the capacity of logical thinking in the pupils of the first cycle of primary education

بوجمعي جوهرة

بوجمعي جوهرة, « تطور القدرة على التفكير المنطقي عند تلاميذ الطور الأول من التعليم الابتدائي », Aleph [], 9 (1) | 2022, 08 May 2022, 13 October 2024. URL : https://aleph.edinum.org/5937

يسعى المقال الراهن إلى دراسة موضوع تعلم وتطوير الفكر المنطقي عند تلاميذ السنة الأولى من التعليم الابتدائي وبالاستناد على النظريات التربوية لكل من روبرت جانيه، أوزبل، جيروم برونر وجان بياجي في تحديد نمو تعلم القدرة على تطوير التفكير المنطقي وما يتوافق والعمر (الزمني ) حاولنا الإجابة على سؤالين في الدراسة وهما : هل القدرة على التفكير المنطقي قدرة تنمو تدريجيا بنمو الطفل وتقدمه في العمر؟

وهل الانظمة التربوية بالمدرسة الجزائرية عند تصميم البرامج التعليمية لمادة الحساب تراعي النمو العقلي والنضج العمري لتلميذ السنة أولى من التعليم الابتدائي حسب مبادئ جان بياجي ؟

Le présent article cherche à étudier le thème de l'apprentissage et du développement de la pensée logique chez les élèves de la première année de l'enseignement primaire, et sur la base des théories éducatives de Robert Janet, Osbel, Jerome Brunner et Jan Piaget pour déterminer la croissance de la capacité d'apprentissage à développer pensée logique et en fonction de l'âge (temps) auquel nous avons tenté de répondre Il y a deux questions dans l'étude : La capacité de penser logiquement est-elle une capacité qui se développe progressivement avec la croissance de l'enfant et son âge ?

Et les systèmes éducatifs de l'école algérienne, lors de la conception des programmes d'enseignement du calcul, prennent-ils en compte le développement mental et la maturité en âge de l'élève de première année du primaire, selon les principes de Jean Piaget ?

This article seeks to investigate the theme of the learning and development of logical thinking in pupils of the first grade of primary education, and on the basis of the educational theories of Robert Janet, Osbel, Jerome Brunner and Jan Piaget. to determine the growth of the learning capacity to develop logical thinking and as a function of the age (time) to which we tried to answer There are two questions in the study: Is the ability to think logically an ability which develops gradually with the growth of the child and his age? And the educational systems of the Algerian school, when designing mathematics teaching programs, do they take into account the mental development and maturity in age of the first year primary school student, according to the principles of Jean Piaget?

مقدمة

التفكير من المواضيع التربوية المهمة وهدف رئيسي يسعى اليه المربون لتنميته عند التلاميذ في المراحل الاولى من التعليم الابتدائي، فلا يمكن الاستغناء عنه كطريقه استراتيجيه يستخدمها المتعلم لاكتساب المعارف وإيجاد حلول لمشكلات تواجهه. فهو عملية معرفية معقدة تتضمن معالجة المعلومات باستخدام قدرات عقلية من تصور وتذكر وتخيل إلى عمليات الحكم والفهم والاستدلال والنقد وغيرها. (عبد الرحمن الوافي، 2003).

فتنميه التفكير المنطقي عند التلاميذ لا يمكن تجاوزه في عمليات اكتساب المعرفة وحل المشكلات وصنع القرارات، هذه الاخيره تستوجب توظيف قدرات عقلية من تنظيم وتحليل وتركيب والتي تتوقف على قدرة كل فرد وما يتوفر لديه من شروط داخلية وهي بمثابة متطلبات أساسية لحدوث هذا النوع من التعليم، جانييه (عصام وصفي روفائيل، 1977).

وحسب بياجي التعلم لا يتم بشكل مفاجئ وإنما على نحو تدريجي وعبر مراحل زمنية مرتبطة ومتسلسلة حيث تزيد حصيلة الافراد المعرفيه كالإدراك والتفكير والتخيل والتصور فالنمو عنده يساوي النضج في التعلم بمعنى التدريب والممارسة ( عبد الكريم الخلايله، عفاف اللبابيدي، 1997)

ونقصد بالتفكير المنطقي ذلك النوع من التفكير الذي يتم به الحصول على نتيجة من مقدمات تتضمن النتيجة بما بينها من علاقات، وبعبارة اخرى فإن التفكير المنطقي يعني استخلاص التضمينات الضرورية من المقدمات او تلك التي تتسق معها، فاستخلاص النتائج الصحيحة من المقدمات تخضع لقواعد تعرف بقواعد المنطق، ونظرا لدور التفكير المنطقي الذي مازال موضوع اهتمام الباحثين الزائد فهل القدرة على التفكير المنطقي قدرة تنمو تدريجيا بنمو الطفل وتقدمه في العمر؟

وهل الانظمة التربوية بالمدرسة الجزائرية عند تصميم البرامج التعليمية في مادة الحساب تراعي مستوى التفكير المنطقي والنضج العمري حسب مبادئ جان بياجي؟

التفكير موضوع يمس مباشرة حياة الافراد والمجتمعات ويساهم في مساعدة الافراد على التكيف مع الاوضاع الراهنة والمستجدة ويعمل أيضا على بقاء المجتمعات ونموها وتطورها (عطوف محمد ياسين، 1981).

1. التفكير

INTRODUCTION

  1. التفكير الملموس: يشيع في الطفولة المبكرة وهو ينصب على النواحي الحسيه المتعلقة باللذة والآلام فيستجيب الطفل لكل مثير على حده، دون محاولة الربط بين المثير في واحد متكامل (عماد عبد الرحيم زغلول، 2007).

  2. التفكير الالي الإشتراطي : يستخدم الطفل التفكير الآلي في تعلم أشياء كثيرة مثل اللغة عن طريق التعزيز وربط الصلة بالصورة المناسبة.

  3. التفكير ألاستبصاري : وهو التفكير الذي يصل الى الحل فجأة وحتى يتم ذلك لابد من أن يقوم بالتفكير بالمسألة ولابد من إدراك العناصر المحيطة ووضع العناصر على صورة سياق يمكن إدراكه كلية.

  4. التفكير ألابتكاري : بالرغم من أهمية موضوع التفكير ألابتكاري وحيويته لدى مختصين التربية وعلم النفس إلا أنه لا يوجد اتفاق عام على تعريفه ويرجع السبب عدم الاتفاق الى اختلاف وجهات النظر هؤلاء المختصين حول طبيعة مكوناته فمنهم من ينظر الى التفكير ألابتكاري سمة شخصية ملازمة للفرد فـ (سمبسون، 1922) يرى على أنه المبادرة التي يبديها الفرد في قدرته على التخلص من السياق العادي للتفكير وإتباع نمط جديد في التفكير وترى (ابلين، 1960) أنه يتمثل في قدرة الفرد على تجنب الروتين العادي والطرق التقليدية في التفكير مع إنتاج أصيل وجديد وينظر بعضهم الاخر الى التفكير ألابتكاري على أنه عملية عقلية ذات مراحل تبدأ بالإحساس بالمشكلة وتنتهي بالوصول الى الحل، (عماد عبد الرحيم زغلول، 2007)

  5. التفكير الاستدلالي: تفكير علائقي بين العلاقات ويمكن أن نجد مظاهر الاستدلال عند الاطفال في سن الرابعة أو ما دون من خلال أسئلتهم الكثيرة.

  6. التفكير المجرد: يدور حول مفاهيم مجردة مثل الحرية والديمقراطية وهذه لا يفهمها الطفل إلا في سن متأخر.

  7. التفكير المنطقي: وهو التفكير الذي نمارسه عندما نحاول ان نتبين الأسباب والعلل التي تكمن من وراء الأشياء.

  8. التفكير الخرافي: هو تفكير يدور حول أشياء ليس لها وجود موضوعي مثل الأوهام.

  9. التفكير الحدسي: وهو إدراك لمعاني أو المغزى أو التنظيم البنائي لموقف دون الاعتماد الصريح على عملية تحليلية (محمود محمد غانم، 1995 )

  10. التفكير النقدي : يعد التفكير الناقد لدى الافراد احد التوجهات الحديثه للأنظمة التربوية نظرا للحاجة الماسة لتطوير قدرات الأفراد على مواجهة المواقف والأوضاع الحياتية المتغيرة ومساعدتهم على اكتساب المعارف والمهارات التي تمكنهم من الاختيار السليم واتخاذ القرارات المناسبة وإيجاد أفضل الحلول للمشاكل المختلفة التي يواجهونها، ويدخل هذا النوع من التفكير في الكثير من الانشطة الانسانية في المجالات السياسيه والعسكرية والعلمية والاجتماعية والفنية والأدبية والتربوية حيث ان اهميته تتبدى في إثراء حياة الانسان ومساعدته على تغيير الاوضاع نحو الافضل والارتباط الايجابي بما يحدث حوله من علاقات اجتماعيه وظروف ماديه وعوامل ثقافية (عماد عبد الرحيم زغلول، 2007)

فلإنسان أثناء حياته يواجه المواقف والمثيرات البيئية والاجتماعية المتعددة مما يتطلب منه التفاعل معها والاستجابة لها الامر الذي يدفعه الى تعلم خبرات وأنماط تفكيرية وسلوكيه جديدة أو التعديل فيها بطريقة منظمة تهدف الى اكتساب الأسس العامة البانية للمعرفة في هذا الصدد يرى جانييه في التعلم أنه يتسم بروح تحليليه سلوكيه حيث يبدأ بتحليل الاداء النهائي المتوقع ان يصل اليه المتعلم إلى مهام أبسط وترتيبها بتدرج باطراد إلى أن يصل الى تعلم المهمة النهائية وكانت حجته في ذلك ان استيعاب مهمة ما في مستوى معين من الترتيب الهرمي يعتمد على استيعاب المهام المرتبطة بها في المستويات الأبسط كمتطلبات قبلية. (عصام وصفي روفائيل 2001)

2. التعلم عند الاطفال

1.2. جانيه

ويرى جانيه أن التعلم عند الاطفال يتم في أربعه مراحل متتابعة هي:

  1. مرحلة الادراك : وتعني وعي المتعلم بالمثير أو مجموعة المثيرات التي توجد في موقف التعلم ويؤدي به الوعي الى ادراك خصائص مجموعه من المؤثرات وصياغتها بطريقة فريدة داخل كل متعلم.

  2. مرحلة الاستيعاب: يعني حصول المتعلم وحيازته للحقيقة أو المفهوم او التعميم.

  3. مرحلة التخزين: ونعني احتفاظ المتعلم بالمعلومات التي تعلمها في عقله.

  4. مرحلة الاسترجاع : وتعني قدرة المتعلم على استدعاء المعلومات التي اكتسبها وتم تخزينها في الذاكرة عند الحاجه اليها. ومن هنا يتضح أن جانيه ينظر الى التعلم على انه مجموعة من العمليات العقلية التي تحدث داخل المتعلم وتعمل على نقل المثيرات الخارجية وتشفيرها إلى أشكال من المعلومات وتخزينها في ذاكرة المتعلم واسترجاعها للتوقعات المستقبلية.

2.2. برونر جيروم

أما برونر جيروم وهو من أشهر العلماء المعاصرين في مجال تفكير الطفل ويسمى نمط جيروم بنمط اكتساب المفاهيم وهو نمط مصمم بالدرجة الأولى للتعليل الاستقرائي وتطوير المفاهيم وتحليلها ويقوم هذا النمط على التعلم الاستكشافي ويفترض أن الطفل يمكنه تعلم أي موضوع في أية مرحلة من نموه بشرط بناء مناهج تحتوي في معظمه على أبنية أساسية للمادة الدراسية، بحيث يمكنها تعديلها بشكل يتفق في طريقة تماثل الطفل للخبرات في مرحلة معينة ويمكنه بناء تنظيم جديد من خلال تنسيق بين الأفكار السابقة والأفكار الجديدة مع تدريس المادة بطريقة فعالة في أي مرحلة من مراحل نموه ويمر هذا الأخير بثلاث مراحل هي :

  • المرحلة الأولى: وهي خاصة بالتفكير التقريري وتعتبر مرحلة النشاط بتعامل المتعلم فيها مباشرة مع المواد والأشياء المحسوسة او الملموسة.

  • المرحلة الثانية: هي مرحلة الصور الذهنية وهنا يفكر المتعلم في الأشياء ذهنيا دون التعامل المباشر معها.

  • المرحلة الثالثة : هي مرحلة الرمزية ويتعامل المتعلم فيها بالرموز مباشرة بطريقة مجردة دون استعمال الصور الذهنية للأشياء.

3.2. اوزبل

أما اوزبل ترتكز نظريته على ما يسمى بالتعلم ذو المعنى وهو ذلك التعلم الذي يحدث نتيجة دخول معلومات جديدة الى المخ لها صلة بمعلومات سابقة مختزنة في البنية المعرفية للفرد ولكي يحدث التعلم ذو المعنى لابد أن ترتبط المعلومات الجديدة بما يماثلها من المعلومات المختزنة في البنية المعرفية على أهمية العرض الموجه المنظم في عملية التعليم ويمكن ذلك عن طريق التتابع الدقيق للخبرات التعليمية بحيث ترتبط الخبرات التعليمية الجديدة التي يتم تعلمها ارتباطا واضحا بما يسبقها من خبرات وهذا الارتباط هو ما يجعل للمادة معنى بالنسبة للمتعلم ولكي يؤدي هذا الارتباط الى التعلم ذو المعنى يجب ان نوفر له شرطين هما :

أن يكون الارتباط جوهريا ويقصد بذلك أن العلاقة لا تتغير إذا أعيد التعبير عنها بصيغة مختلفة في البنيه المعرفيه للمتعلم.

أن يكون الارتباط طبيعيا ويقصد بذلك أن العلاقة بين العنصر التعليمي الجديد والعناصر المرتبطة به في البنية المعرفية يجب ان لا تكون قسرية.

ويرى أوزبل أن الاستراتيجية التربوية الأساسية لتسهيل التعليم وعلى مستوى عال من حيث التجريد والعمومية والشمولية وعلى درجة كبيرة من الثبات والتمايز عن النظم المفاهيمية للبنية المعرفية لتقدم في مقدمة مادة التعلم (عصام وصفي روفائيل، 2001).

فأسلوب أوزبل يعتمد على مبدأ واحد وهو التعلم بالمعنى الذي يرتكز من خلاله على المحتوى الدراسي المراد تعليمه دون العناصر التعليمية الأخرى من معلم أو تلميذ يقوم من خلاله المتعلم بتقديم فقرة في بداية الدرس بالتفصيل هذه الخلاصة او الاستنتاج على كل المحتوى الذي سينقل للتلميذ خلال العملية التعليمية (فريديريك هابل، 1987)، (روابي امال 2004 – 2005)

4.2. بياجي

أما بياجي إهتم بمجال تفكير الطفل فهو واضع النظريه الاكثر كمالا حول النمو المعرفي والذي ركز في دراسته على نمو التفكير عند الطفل وأهميته في عمليه التمثيل فهي تصف اشكال السلوكات العقليه في المراحل المتتالية لنموه مطلقة في ذلك فكرة التفاعل المستمر بينه وبين محيطه مما يؤدي الى ظهور هياكل عقليه تخضع لقوانين محدودة، فريديريك هابل، (أمال روابي، 2004 - 2005)

ولقد لخص بياجي في ضوء أبحاثه الى ان خاصية المحافظة على الكم لا تتكامل لدى الطفل إلا في السن السابعة في حين يكون ادراك العلاقات الإقليدية ثم الإاسقاطية باعتبار أن مفاهيم الهندسة مثل : الجوار والمسافة والحجم والوزن والقوانين التي تحكمها ابعد عن تفكير الطفل من المفاهيم الأوليه في القياس مثل علاقة التكافؤ وخواصها وتتجلى مبادئ بياجي :

  • ينمو تفكير الطفل بنمو تركيبه العقلي وفق لعلاقة تصاعدية تأخذ بعين الاعتبار السن البيولوجي والمستويات الحضارية أو البيئيه المختلفة.

  1. توجد قوانين منطقية تحكم حركات وأنشطة الطفل ليكون حقيقة ما في ذهنه ويعتقد بياجي أن هذه العلاقة تعتبر دلاله لنمو التركيبات المنطقية تلقائيا وتدريجيا بين التفكير والمنطق والتي تخضع لنمو طبيعي، فمثلا تكون حركات الطفل مجموعة من الإزاحات لها خواص تركيب المجموعة في الرياضيات وتتمثل في خواص الإبدال والتنسيق والعنصر المحايد والمعكوس يصل على أساسها الطفل إلى أن الجسم يظل شكله ثابت مهما حدث له.

  2. يعد لعب الطفل بالأدوات عاملا أساسيا يساعده على التوازن الذاتي وقد أدى هذا المبدأ الى المناداة بإعطاء الفرص للطفل لكي يكون نشيطا يمارس ويلعب ويجرب باستعمال الادوات ليكتشف بنفسه الأفكار المنطقية بأساليب ملموسة فذلك يسهل له بعد ذلك التجريد في المراحل المستقبلية وقد استعان (برونر) بأخذ المبدأ في أسلوبه.

  3. لمعرفه ما اذا كان الطفل مستعدا لتعلم مفهوم معين نحلل ما نريد تعليمه ونقارنه بما نعرفه عن تركيبة تفكيره (تكوينه المعرفي العقلي) في هذا السن (مرحله النمو) إن توافق تفكير الطفل مع مرحلة نموه (سنه) يؤدي الى إمكانية تدريس أي مفهوم منطقي أما في حالة عدم حدوث التوافق فإنه يجب أن ننتظر حتى يصل نمو التلميذ الى مرحلة الاستعداد المطلوب وقد يسمح مبدأ الاستعداد لدراسة، السرعة القصوى التي يمكن الطفل أن يعبر بها من مرحلة الى المرحلة التالية.

  4. يختار المعلم لتلاميذه مهمات تعليمية تتفق مع مراحل نموهم المعرفي وهذا يعني أنه يجب ان لا يفرض المعلم مهمة تعليمية يعلم أنه لا أمل في نجاح تلاميذه فيها.

بياجي استخدم نظريته المعروفة لتنميه اهتماماته بالنمو المعرفي وإعطاء دورا إيجابيا للإرشاد والتوجيه والتأكيد على البناء المعرفي في جميع الحالات وإعطاء أهمية لجانب الأعلى من النمو ويرى أن الإنسان يعرف نزعتين اساسيتين :

  • التنظيم : وهي النزعة إلى تصنيف وتنسيق العمليات والخبرات في نظم مترابطة ومتماسكة.

  • التكيف: وهي النزعة للتوافق مع البنية خلال التعامل المباشر معها.

برهن بياجي من خلال أعماله على أن تطور التفكير المنطقي يتوقف أولا على مبدأ ديمومة الشيء كوحدة أساسيه للعالم المادي المحسوس وهي المرحلة الحسية الحركية لدى الرضيع لينتقل بعدها إلى المرحلة الثانية والتي تتعلق بالتعداد والتصنيف النوعي وهي ترتبط بالعمليات التنفيذية لدى الطفل ليصل اخيرا الى مرحله التحليل المنطقي للأفكار والفرضيات والمقدمات المنطقية(Olivier Houdé، 2005)

فنمو المعرفي على ضوء نظرية بياجي هو استيعاب الفرد لبيئته المادية والاجتماعية أين ينطلق من الادراك الحسي وينتهي بتكوين المفاهيم المجردة الرمزي. (بطرس حافظ بطرس، 2008)

لهذا أكد بياجي ضرورة وضع محتوى يراعي فيه النمو العقلي للطفل وبالتالي يكون مناسب بالتدرج في الصعوبة من البسيط الى المعقد حتى لا ينفر الطفل من التعلم فهو مزود بالقابلية والقدرة على التعلم والانتفاع بالخبرات التي يمر بها وهذا اذا احترمنا الوسائل الفعالة لتقديمها بحيث تتلاءم وخصائص المتعلم النمائية وخاصة منها العقلية، والتأكد من قدره الطفل على فهم المفاهيم المطروحة والمقدمة له وذلك بمراعاة في التدرج في تعليم المفاهيم فهناك علاقة بين التفكير والمنطق في كل مرحله عمرية حسب تركيبه العقلي وهي نواة لإنجاح عمليه التعلم وتنمية فكره المنطقي.

3. عينة وحدود الدراسة

أجرينا دراستنا في بلدية بوزريعة في مدرستين ابتدائيتين واشتملت عينة الدراسة مجموعه من التلاميذ السنه الاولى من التعليم الابتدائي تتراوح اعمارهم ما بين (7 و6) سنوات كان التمدرس عندهم عادي ومن أجل الحصول على نتائج أكثر مصداقية وبغرض ضبط المتغيرات قمنا بتطبيق مجموعه من الاختبارات حتى نتأكد من أن العينة لا تعاني من :

  • مشاكل في الانتباه والتركيز بتطبيق اختبار الانتباه ليستروب Test de l’attention selective de stroop

  • بالإضافة لاختبار دافيد ويكسلر لتأكد من مستوى الذكاء وعدم وجود اضطراب لديهم.Échelle d intelligence de weschler pour enfant wix 4

وطبقنا اختبار رسم العائلة (test dessin de famille) بغرض قياس الجانب الانفعالي الأخير يمكن أن يسبب مشاكل في عملية التعلم لديهم دون أن ننسى الإطلاع على الدفاتر الصحية لنتأكد من خلوهم من أي إعاقة سمعية كانت، بصرية أو حركية بالتعاون مع طبيب المدرسة المتواجد في مركز الصحة والمتابعة المدرسية.

4. أدوات وإجراءات الدراسة

قدمنا لأفراد العينة المتكونة من (20) تلميذ خمسة أنواع من التمارين في مادة الحساب والتي أخذناها من كتاب المقرر المدرسي للسنة الأولى ابتدائي للمدرسة الجزائرية وهي من النوع الذي يعتمد على خاصية الابدال والتفكير المعكوس بمعنى أن التلميذ وهو في هذا السن يدرك ان لحل مشكلة في الحساب يمكن أن يكون لها أكثر من طريقة في التعامل مع المشكل والنتيجة تبقى ثابتة.

تضمن التمرين الأول تفكيك الأعداد إلى وحدات وعشرات ثم تجميعها عن طريق الاستبدال أما التمرين الثاني تضمن التجميع الاستبدال ثم المقارنة بين الأعداد باستعمال إحدى العبارات
(=، <، >)، والتمرين الثالث كان المطلوب منهم التجميع، الاستبدال ثم إستعمال التفكير المعكوس لحل المشكل والتمرين الرابع كان يدور حول مقارنة الأعداد لإدراك العلاقة بأخذ الاعتبار رموز لمفهوم اصغر وأكبر بهدف ترتيبها أما التمارين الخامس كان المطلوب منهم قراءة قيمة العدد وإعادة كتابته بطريقة التفكيك.

هذه التمارين قدمناها لهم داخل أقسام في مجموعتين وقمنا بتحضير كل الظروف الملائمة لإنجاحه.

في مرحلة موالية طبقنا اختبارات بياجي المتمثلة في اختبارات الاحتفاظ (بالمادة، الطول، العدد) واختبارات التصنيف (التصنيف حسب اللون، ثم التصنيف حسب اللون والشكل) هذا النوع من الاختبارات قدمناها لأفراد عينة دراستنا بصفة فردية اين راعينا كل الظروف التي قد تؤثر على اجتياز الاختبار واعددنا الظروف الملائمة مع مراعاة تبسيط التعليمات وتوفير نوع من الحرية للتلميذ للتحرك والتعبير.

5. عرض النتائج وتحليلها

عرض النتائج المتحصل عليها في تمارين الحساب بالنسب المئوية:

جدول رقم 01

النسب المئوية

عدد الحالات (تكرارات)

نتائج تمارين الحساب

%10

02

0

%35

07

02

%35

07

04

%05

01

06

%10

02

08

%05

01

10

اعتمدنا في تحليل النتائج على نسب المئوية لتمارين الحساب، أين لاحظنا النسب المتحصل عليها بعد الفرز وبالاستناد على الدراسات الاحصائية كانت متباينة تتراوح بين خمسة وخمسة وثلاثون بالمائة وهي متمركزة في 70 بالمئة والتي يقتسمها بالتساوي المجموعة الثانية والثالثة فمعظم التلاميذ لم يتمكنوا من انجاز هذا النوع من التمارين التي استلزم منهم استخدام التفكير المعكوس والاستبدال وبتعبير أخر نتائج دراستنا بينت ان هناك مجموعه مرتفعة تحصلوا على نتائج دون المتوسط بمعنى لم يتمكنوا من استخدام عمليات معرفيه المنطقية بشكل واضح ومنظم فنمط جيروم يؤكد ان الطفل يمكنه ان يتعلم اي موضوع في اي مرحلة من نموه بشرط بناء مناهج تحتوي في معظمها على ابنيه اساسيه للمادة الدراسية بحيث يمكن تعديلها بشكل يتفق مع طريقه تماثل الطفل للخبرات في مرحلة معينه ويمكنه بناء تنظيم جديد من خلال التنسيق بين الافكار السابقة المكتسبة والافكار الجديدة ودلك من خلال تدريس المادة بطريقة فعالة وأمنة عقلية في أي مرحلة من مراحل نمو ه وبياجي يؤكد أن الطفل في هذا السن ينجح في تصنيف الأشياء وفق بعد واحد فقط وهذا لعدم تطوير لديهم مفهوم التعويض وهذا يفسر النتائج المتحصل عليها في هذا الاختبار.

1.5. عرض نتائج اختبارات الاحتفاظ بالنسب المئوية

جدول رقم 02

النسب المئوية

عدد الحالات

مجموع النتائج

%45

09

0

%45

09

02

%10

02

04

بعد فرز نتائج اختبارات الاحتفاظ وبالاستناد على النسب المئوية والدراسة الإحصائية استنتاجنا عندهم ضعف في التمييز وصعوبة في فهم التعليمة المطلوبة منهم رغم بساطة اللغة المستعملة معهم ورغم التوضيحات المكررة وتوفير الوقت الكافي بقية نتائج الاختبارات ضعيفة وهذا دليل على أن مفهوم الاحتفاظ لم يصل الى درجة متقدمة لديهم وهم يعتمدون على الادراك البصري ولم يطوروا بعد مفهوم التعويض بمعنى اخر أن النقص في بعد واحد يمكن تعويضه في بعد أخر ففي هذه المرحلة خاصية الاحتفاظ لم تبلغ درجة كافية من التطور والنمو، ليتمكن الطفل من إنجاز هذا النوع من الاختبارات.

2.5. عرض نتائج اختبارات التصنيف بالنسب المئوية

جدول رقم 03

النسب المئوية

عدد الحالات

مجموع النتائج

%35

07

0

%55

11

02

%10

02

03

استنتجنا بعد فرز النتائج وتحليلها ان التلاميذ نجحوا في اختبار الذي يتطلب حل مشكلة وفق بعد واحد ( اختبار تصنيف وفق الشكل ) ولكنهم فشلوا في اختبار حل المشكلة الذي يتطلب التمييز في البعدين معا (اختبار تصنيف وفق الشكل واللون) وهذا ما ذكره بياجي في أعماله والتي سماها بمرحلة ما قبل العمليات المعرفية أي أن الطفل قبل سبع سنوات لا يمكنه استخدام أو إجراء العمليات المعرفية بشكل واضح ومنظم فمبدأ المعكوسية والتبادلية والاحتفاظ يكون جد محدود، فالتفكير هو شكل من أشكال التكيف يتطور بواسطة عمليتين الاستيعاب والتلاؤم، كما أنه لا يظهر فجأة بل هو عملية توازن وجهد مستمرين لإدخال الجديد في إطار البنيات الجديدة الموجودة سابقا، وإيجاد بنيات جديدة أكثر تكاملا فكل خبرة يمر بها الفرد تساهم في نمو تفكيره والأمر يعتمد بمبدأ التدرج يتم وفق مراحل محددة عمريا ينطلق فيها النمو المعرفي للطفل من المرتبة الحياتية البيولوجية ليصل إلى المراتب العقلية العليا التي تمثل الذكاء المنطقي وهذا ما يفسر النتائج المتحصل عليها في حل مشكلات التي تتطلب التفكير في بعدين وما فوق. (محمد مصلي الأنصاري، 2005)

6. الإستنتاج العام

اهتمت الدراسة الحالية باستقصاء نمو قدرة تعلم التلاميذ في تطوير التفكير المنطقي واعتمدنا بتقديم سلسلة من التمارين التي تستلزم امتلاك مفاهيم الاستبدال والتفكير المعكوس والتي تسمح لهم استخدام العمليات المعرفيه المنطقية بشكل واضح ومنظم حتى يتمكن التلميذ من تطوير مفهوم التعويض والاحتفاظ هذه الاخيرة التي تطور عندهم خاصية التمييز وامكانية ايجاد حلول لمشكلات لتمارين في مادة الحساب

المطروح لهم والنتائج التي تحصلنا عليها وبالاعتماد على النسب المئوية والدراسة الاحصائية وجدنا صعوبة في تقديم هذا النوع من التمارين لتلاميذ السنة الأولى ابتدائي ففي هذه المرحلة العمرية التلميذ يعتمد في عملياته التفكيرية المعرفية على الأشياء والموضوعات المادية الملموسة ويفشل في ادراك الاشياء المجردة، والتمارين في مادة الحساب المقدمة في مقرر البرنامج الدراسي للتلاميذ السنه الأولى ابتدائي في المدرسة الجزائرية لم تأخذ بعين الاعتبار أهمية النمو العقلي ونوع التفكير الذي يقابل كل مرحلة من مراحل النمو التي يمر بها التلميذ وكذلك نتائج اختبارات الاحتفاظ والتصنيف وبالاستناد على النتائج المتحصل عليها تأكدنا أن التلميذ في هذه المرحلة العمرية ينجح في حل المشكلات التي يتطلب منه الفهم وفق بعد واحد (التصنيف وفق الشكل) ويفشلون في شطر الاختبار التصنيف الذي يتطلب منهم الفهم وفق بعدين معا (تصنيف وفق الشكل واللون) ففي هذه المرحلة يعتمد الطفل في حل المشكلات على الادراك البصري وبياجي يرى ان تطوير التفكير المنطقي لدى الافراد يسير وفق أربعة مراحل متسلسلة ومترابطة بحيث تمتاز كل مرحله بمجموعة من الخصائص المعرفية المميزة التي تتضمن نوعية الخبرات التي يمكن للأفراد اكتسابها وهذه الاخيرة مرتبطة بأعمار زمنية معينة ويؤكد بياجي أن في مرحلة ما قبل العمليات المعرفيه (من سنتين الى سبع سنوات الطفل لا يستطيع التفكير في الأشياء في ضوء أكثر من بعد واحد فهو لم يكتسب مفهوم التبادلية والتفكير المعكوس وهما خاصيتان مطلوبتان لإنجاز هذا النوع من العمليات التفكيرية المنطقية فقدرة التلميذ في التفكير المنطقي تنمو تدريجيا بنموه وتقدمه في العمر وبالتالي الاهتمام ومعرفة تحديد خصائص الأفراد في المراحل العمرية المختلفة وفهم طبيعة الافراد والتغيرات التي تطرأ على سلوكا تهم تساعد على وضع برامج تعليمية مناسبة والتي تعمل على تحسين وتطوير قدرات التلميذ في التفكير المنطقي.

الخاتمة العامة

إن السمة المميزة للطبيعة الديناميكية للسلوك هي إنها منظمة ومتغيرة، فهي في وقت واحد تتغير بانتظام مع مرور الوقت، وتتقلب من لحظة إلى أخرى بحسب الخصائص المتعددة للفرد والسياق، فتطور التفكير المنطقي معقد، ويشمل عناصر متداخلة كثيرة يجب تنسيقها لإنتاج نشاط فعال، ولفهم طبيعة التفكير الطفولي يجب الإعتماد على طرائق ومناهج تعليمية ديناميكية مرنة وواضحة تناسب سلوك الطفل التفكيري.

أمال روابي، (2004-2005)، العوامل المؤثرة على مستوى تحصيل التلاميذ في مادة الرياضيات، رسالة ماجستير، جامعه الجزائر 2.

بطرس حافظ بطرس، (2008) تنمية المفاهيم العلمية والرياضية لطفل الروضة، الطبعه الثانية، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان، الاردن.

عبد الرحمن الوافي، (2003)، المختصر في مبادئ علم النفس ديوان المطبوعات الجامعيه،ط 2

عبد الكريم الخليلة، عفاف اللبابيدي، (1997)، طرق تعليم التفكير للأطفال، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. عمان ط 2.

عصام وصفي روفائيل، محمد احمد يوسف ومراجعة د، وليم نابروس عبيد، (2001)، تعليم وتعلم الرياضيات في القرن الحادي والعشرون، مكتبه انجلو المصرية.

عطوف محمد ياسين، (1981)، اختبارات الذكاء والقدرات العقليه بين التطرف والاعتدال، دار الاندلس للطباعه والنشر والتوزيع، لبنان، ط1.

عماد عبد الرحمن الزغلول، (2007)، مبادئ علم النفس التربوي، دار الكتاب الجامعي، الاردن، ط6.

محمد مصلحي الأنصاري، (2005)، مستويات النمو العقلي وبرنامج الخبرات المتكاملة لطفل الروضة في دولة الكويت، ط 1، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، الكويت.

محمود محمد غانم (1995)، التفكير عند الاطفال تطوره وطرق تعليم، عمان، دار الفكر للنشر والتوزيع.

Olivier. M.، (s.d), l’apprentissage de l’heure ; rééducation orthophonique, n° 144, vol 23 dècembre

بوجمعي جوهرة

جامعة الجزائر 2

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article