لغة الخطاب الإشهاري التلفزيوني

دراسة وصفية تحليلية

فوزيه كربيط

p. 71-90

فوزيه كربيط, « لغة الخطاب الإشهاري التلفزيوني », Aleph, Vol. 2 (2) | 2015, 71-90.

فوزيه كربيط, « لغة الخطاب الإشهاري التلفزيوني », Aleph [], Vol. 2 (2) | 2015, 25 June 2016, 22 November 2024. URL : https://aleph.edinum.org/566

La publicité constitue un lien entre le producteur et le consommateur. Elle emploie toutes sortes de stratégies argumentatives pour parvenir à promouvoir un produit marchand intégré dans la logosphère devient un signe. Elle mobilise des ressorts culturels, économiques, sociaux pour permettre au récepteur de s’identifier.

A partir d’exemples précis, notre article traite présente une analyse du discours publicitaire en Algérie utilisant la télévision comme support.

Today, advertising is a link between the producer and the consumer, it uses language, cultures and scientific resources to promote goods, based on linguistic and non-linguistic techniques in order to convince the consumer to buy the product offered.

This study discusses the language used in the television advertising discourse of a sample of Algerian advertisements because it is a type of discourse that characterizes a linguistic component and another iconic.

تعتمد المؤسسات الصناعية على وسائل متعددة من أجل إيصال منتوجها إلى المستهلك، ومن بين هذه الوسائل الإشهار الذي يلعب دورا كبيرا في إقناع المستهلك باقتناء السلعة، خاصة في ظل المنافسة القوية وكثرة المنتوجات أمامه.

فحاولنا في هذه المداخلة أن نسلط الضوء على الخطاب الذي يستعمل في بعض هذه الإشهارات المعروضة على قنوات التلفزيون الجزائري بشقيه اللساني والأيقوني.

تمهيد

لقد أصبح العالم بفعل التطورات التكنولوجية الحديثة قرية صغيرة، وبات لزاما على المؤسسات الصناعية والشركات المنتجة أن تواكب هذه التغييرات سعيا للتعريف بمنتجاتها والترويج لها في الأسواق في ظل المنافسة الواسعة النطاق.

ومن بين الوسائل التي تعتمدها هذه المؤسسات : الإشهار الذي ارتبط تطوره بتطور وسائل الإعلام والاتصال، فهو يعد همزة الوصل بين المنتج والمستهلك . وهو اليوم يوظف لغات وثقافات وإمكانات علمية ومادية هائلة لتوزيع السلعة المعروضة وفقا لتقنيات لغوية وغير لغوية من أجل الوصول إلى إقناع المستهلك باقتناء المنتوج.

وانطلاقا مما سبق ارتأينا دراسة اللغة المستعملة في الخطاب ألإشهاري التلفزيوني باعتباره نوعا من أنواع الخطابات التي تتشكل من مكون لساني وآخر أيقوني، وذلك باختيارنا لعينة من الإشهار التي يعرضها التلفزيون الجزائري.

تعريف الخطاب

لغة

ورد في لسان العرب في مادة (خ ط ب) « أن الخطاب والمخاطبة : مراجعة الكلام، وقد خاطبه بالكلام مخاطبة وخطابا، وهما يتخاطبان... »( ابن منظور :361 ).

أما الزمخشري فيقول : « خطب : خاطبه أحسن الخطاب، وهو المواجهة بالكلام...وكان يقوم الرجل في النادي في الجاهلية فيقول : خطب...واختطب القول فلانا : دعوه إلى أن يخطب إليهم... » (الزمخشري1992 :167-168).

اصطلاحا

لقد تعددت مفاهيم ومدلولات هذا المصطلح نظرا لتعدد اتجاهات الدراسات اللسانية الحديثة، فهناك من يرى أن الخطاب (discours) مرادف لمفهوم الكلام (parole) عند دي سوسور، بالمعنى المتعارف عليه في علم اللغويات البنيوية أي دراسة الكلام وليس اللغة بما يستتبع ذلك من وضع المتكلم في الاعتبار دون الاهتمام باللغة كبنية وكقواعد«(محمد شومان 2007 : 118.)

أما « ديبوا» فقد عرفه في معجم اللسانيات بأنه «وحدة لسانية تساوي الجملة أو تفوقها.» (ديبوا 1994 : 150).

في حين أنّ بنفنيست يرى بأنه « كل تلفظ يفترض متحدثا ومستمعا، تكون للطرف الأول نية التأثير في الطرف الثاني بشكل من الأشكال .» (محمد الباردي 2004 :1).

وعموما، فالخطاب هو« كل إنتاج ذهني منطوق أو مكتوب يقوله فرد أو جماعة رسمية اعتبارية، وقد يأتي هذا الخطاب في شكل محادثة عادية مشافهة أو حوار رسمي أو مقال مكتوب أو رسالة أو خطبة أو وثيقة أو تصريح أو تعليق، وغير ذلك من الأحاديث الموجهة في التواصل الجمعي أو الزوجي (بين اثنين).» (محمد عكاشة، 2005 : 45).

الإشهار

وتتعدد أنواع الخطاب تبعا للمجال الذي تنتمي إليه فهناك الخطاب التعليمي، القرآني، السياسي، الإعلامي، والأدبي...ولكل نوع من هذه الخطابات خصائص يتميز بها عن غيره.

تعريف الإشهار 

لغة 

جاء في لسان العرب في مادة (شهر) :«الشُّهْرَة ظهور الشيء...ووضوح الأمر، وقد شَهَرَهُ يشهرُهُ شهْرًا وشُهْرَة فاشتهر... والشهرة الفضيحة... ورجل شَهِير ومَشْهُور : معروف المكان مَذكورٌ... قال ثعلب : ومنه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إذا قدمتم علينا شَهَرنا أحسنكم اسما، فإذا رأيناكم شهرنا أحسنكم وجها، فإذا يلوناكم كانا لاختيار. والشهر : القمر، سمي بذلك لشهرته وظهوره.

وأَشْهَر القومُ : أتى عليهم شهر...وشَهَرَ فلان سيفه يَشْهَرُهُ شَهْراً، أي سَلَّهُ... » (ابن منظور، 431-433).

اصطلاحا 

يقابل كلمة إشهار في اللغة الفرنسية كلمة (publicité)، ولقد تباينت تعريفاته وتعددت، لعل أبرزها :

«الإشهار هو عملية الاتصال غير الشخصي من خلال وسائل الاتصال العامة،بواسطة معلنين يد فعون ثمنا معينًا لإيصال معلومات معينة إلى فئات معينة من المستهلكين، بحيث يفصح المعلن عن شخصيته . » (محمد جودت ناصر 1998 : 103).

-«هو مجموعة الطرق والوسائل الفنية المتبعة من قبل المنشآت التجارية في سبيل ترويج وتوسيع المبيعات، وفي سبيل الحصول والمحافظة على عملاء كثيرين. »(جوزيف عبود كبة 1980 : 183.)

-هو« عملية اتصال إقناعي تهدف إلى نقل التأثير من بائع إلى مشتر على أساس غير شخصي يحثه على الإقبال على السلعة والانتفاع بخدماته، مع إرشاده إلى مكان البضاعة ونوعها وطرق استعمالها مقابل قيمة مالية. » (ف، فريز بوند، 1964، 453.)

-« استراتيجية إبلاغية قائمة على الإقناع، وتستعمل لذلك كل وسائل الاتصال الإنساني من كلمة وصورة ورمز في أفق التأثير على المتلقي والدفع به إلى اقتناء منتوج ما. » (محمد الصافي، 71. )

إذن وبالجمع بين تعريفات الخطاب والإشهار نجد أنّ الخطاب ألإشهاري هو تركيب لغوي غايته الإقناع يعتمد على فنون أخرى لإيصال رسالته، وهو أشكال متعددة ومتباينة.

ونظرا للانتشار الذي يعرفه الإشهار فلقد استحوذ على المشهد المعاصر،وغدا جزءا لا يتجزأ من حياة الإنسان اليومية حتى قيل : « إن الإنسان يتنفس الأكسجين والنيتروجين والإشهار. »

خصائص الإشهار 

يمكن إجمالها فيما يأتي :

  • الاستمالة والإغراء.

  • السيطرة على المتلقي عن طريق التشويق.

  • التهويل والمبالغة.

  • دغدغة العواطف.

  • تسهيل الحصول على ما يتمناه الإنسان وتسهيل الطرق نحو ذلك.

  • يصاغ الإشهار غالبا بعامية سهلة الحفظ وفي متناول كلام الناس اليومي.(وليد إبراهيم الحاج 2007 : 149)

أنواع الإشهار 

تتعدد أنواع الإشهار بحسب معايير التصنيف، ولعل هذا راجع إلى ارتباط الإشهار بالعديد من الميادين، ومن بينها المعيار الذي يعتمد على الوسيلة الباثة له إذ يصنف إلى :

  1. الإشهار المكتوب

وسيلته هي الصحف والمجلات الكتب، والنشرات والتقارير والملصقات على جدران المدن أوفي الساحات العمومية، وكذا الإشهار على اللوحات الإعلانية الثابتة أو المتحركة.

  1. الإشهار المسموع 

يتم من خلال الكلمة المسموعة في الإذاعات والمحاضرات، الخطب والندوات، وهي أقدم وسيلة استعمله االإنسان في الإشهار.

  1. الإشهار التلفزيوني( السمعي-البصري ) 

وسيلته الأساسية التلفزة، ويتم بالصورة واللون والموسيقى وطريقة الأداء والحركة والموضوع، فهو فيلم صغير يتعاون على إنتاجه وإنجازه فريق عمل متخصص في : الإخراج والديكور ووضع الأثاث، والحلاقة والتجميل، والإضاءة والتسجيل وضبط الصوت والتركيب والتمثيل...الخ ( عصام نور الدين 1998 : 424).

عناصر الخطاب ألإشهاري ووظائفه 

يتكون الخطاب ألإشهاري من مجموعة من العناصر نجملها فيما يلي :

أ ـ المرسل أو ألإشهاري

وهو الذي يُحدث الخطاب ويعمل على شحنه بما يحتاجه من مادة إشهارية لازمة بالنظر إلى الموضوع الذي يدور حوله الإشهار، ثمَّ يقوم بإرساله نحو المتلقي الذي يتحدد بناء على نوعية المنتج : فالروائح والعطور والورود... ترسل إلى النساء والحليب والجبن وأنواع الحلوى واللُّعب ترسل إلى الأطفال... والحقائب البراقة والمكاتب الفاخرة والسيارات اللامعة غالباً ما يتم إرسالها إلى رجال الأعمال... وهكذا يعمل المرسل ألإشهاري على تحقيق الوظيفة التعبيرية في الخطاب ألإشهاري، فيضمّنه ما يثير ذوق المتلقي ويسيل لعابه نحو المنتج، ولذلك يكيف صيغه حسب الأحوال والمقامات التي يقتضيها.

ب ـ المرسل إليه (المتلقي) 

وهو العنصر الثاني المهم في العملية الإشهارية وهو المقصود بالإشهار ولا تتم العملية الإشهارية إلا بيه ومن خلاله تتحقق الوظيفة الإفهامية أو الطلبية إذ يعمل المرسل على إفهام المرسل إليه بجدوى المنتج وأهميته بأي طريقة، فيقدم على استهلاكه ويحقق الهدف الأساسي الذي يريده المرسل.

ب ـ الخطاب أو الرسالة الإشهارية 

ويفترض وجود مرسل أو متكلم يُحدث أقوالاً ومتلقياً يستقبل هذه الأقوال ويعمل على فهم أنساقها الدلالية المختلفة اللسانية والسيميائية (الأيقونية البصرية) وتحليلها وتأويلها بعد ذلك. وهنا تتحقق الوظيفة الأساس في الخطاب بعامة وفي الإشهار بخاصة وهي الوظيفة الشعرية.

جـ ـ المقام 

إن العلاقة بين المرسل والمرسل إليه أو بين المخاطِب والمتلقي لا تتم بشكل اعتباطي، وإنما تتم بحسب ما يقتضيه المقام وأحوال الخطاب وظروفه المختلفة المحيطة بإحداثه وإنتاجه وإرساله واستقباله، وما يتطلب ذلك من خصائص لغوية وغير لغوية يمكن أن يطلق عليها « قرائن الخطاب» وهي كما يرى الدكتور عصام نور الدين « الإطار أو الموضوع الذي يقع تحته الحديث ـ سواء أكان فكاهة أم رواية أم خطبة أم شعراً أم أي مرسلةٍ أخرى ـ ولكل إطار سمات تميزه عن بقية الأطر وتؤثر لغوياً في الموضوع وفي اختيار الكلمات وضروب الاستعمال وطول التراكيب اللغوية أو قصرها ».

ومن خلال عنصر المقام تتحقق الوظيفة المرجعية بالنسبة لمرسله ولمتلقيه بما يحملان من خصوصيات لغوية وغير لغوية وثقافية وإيديولوجية واجتماعية ونفسية...

هـ ـ الوضع المشترك بين المتخاطبين 

ويتمثل في أن ينطلق طرفا الخطاب من الأوضاع نفسها، فهناك علاقات وثيقة بينهما ويمكن أن تراعى في تحليل الخطب ألإشهاري واتخاذها سمات تجمع بين مرسلا لخطاب ومتلقيه وهي :

  • وحدة اللغة : فالإشهار يستثمر في خطابه الكلمات والجمل التي يعبر بها مجتمعه عن أغراضه المختلفة.

  • وحدة الثقافة : أي التراث الثقافي المشترك والعقيدة الفكرية العامة المشتركة.

  • وحدة البداهة : أي مجموع الأفكار والمعتقدات وأحكام القيمة التي يفرزها الوسط فيتقبلها كأمور بديهية لا تحتمل التبرير أو الاستدلال وعن هذا العنصر تتولد الوظيفة الماوراء لسانية.

و ـ قناة التبليغ 

وهي الوسيلة المستعملة في إيصال الحديث سواء أكانت صوتية أو أي وسيلة أخرى،وفي الخطاب ألإشهاري، إما أن تكون وسائل مكتوبة مثل الجرائد والمطبوعات والملصقات... أو تكون سمعية بواسطة الراديو مثلا... أو بواسطة التلفاز... الخ. أو بوسائل أخرى بحسب ما تقتضي الظروف وتستدعي الضرورة،وهنا تتحقق الوظيفة الانتباهية وذلك أن الإشهار يعمل على أن يثير ردود أفعال الملتقي وانتباهه نحو الموضوع.( يامن عيسى خضور، د.ت.)

البعد اللّغوي والثقافي في اللغة الإشهاريةّ 

«إن الخطاب ألإشهاري من حيث بنيته أقرب إلى بنية النص الشفوي الذي يتم بناؤه وفقا للهجة المتداولة غير المدونة التي تتجاوب مع متغيرات الأحداث اليومية والتطورات السريعة التي يعيشها اللاهجون بتلك اللهجة »(محمد عيلان، 2002، 215).

فحسب علم النّفس اللغويّ كما يؤكد ذلك حنفي بن عيسى «لغة الكلام تحرّر فينا آليّة التلفّظ عندما يقتضي المقام ذلك، بحيث أنا لمفردات تنطلق من عفويّة تامة، من غير تكلّف ولا إجهاد خاطر. فكلّ كلمة نسمعها هيب مثابة حافز، ولاتكاد تبلغ منّ الأذن حتّى نستجيب لها استجابة لفظية تناسبها. وأمّا لغة الكتابة، فهي تستلزم– زيادةً على العمليّة النفسيّة الأولى- حدوث عمليّة أخرى هي التذكّر، إذ لابدّ عندما نمسك القلم من أن نستدعي إلى ساحة الشّعور مفردات مخزونة في الذاكرة، ومفردات أخرى راسبة في اللاشعور » (حنفي بن عيسى، 1990، 228).

ولكي يكون الخطاب ألإشهاري ناجحا لابد ّأن يكون هادفاً وموجّهًا إلى العموم من أجل التأثير في مستهلك المنتوج.

وسعيا ليحقّق وظيفته الإقناعية، «يوظّف الإشهار الذاكرة الجماعيّة و ما تختزنه من نصوص غائبة، ويساهم في خلق ذاكرة جديدة خاصّة عند الجيل الجديد الذّي يتفاعل معه أكثر، بتكريس فكرة قوة التأثير السحرية للاستهلاك الذّي يجلب السعادة ويحقّق الذّات ويغيّر المصائر..»(محمد فخر الدين، د.ت.)

وهذا ما يحاول الإشهار أن يوظّفه كمعطيات نفسيّة وتأويليّة تستقي مرجعياتها من المحيط الاجتماعي ّحيث نجده يوظّف التّعدد اللغوي ّداخل المجتمع من فصحى وعاميّة ولهجات محليّة في مختلف اللّغات.

كما يوظّف لغة بسيطة واضحة مناسبة للجمهور تستميل خواطره وتشهّيه في مواد غذائية واستعمالية مرتبطة باحتياجاته، ويميل أكثر فأكثر إلى استعمال لغة شعبيّة قريبة من الجمهور المستهدف لتحقيق المشاركة الوجدانيّة معه، وينوع أساليبه بين السرد و الوصف والحوار ..

وتوظّف الوصلات الإشهاريّة الغناء الجماعي ّوالغناء الفردي ّلمغن مشهور،أو أغنية مشهورة لها حضور في الذّاكرة الجمعيّة، بحيث يتم ّتحويل هدفها لتعبّرعن قيمة وأهميّة المنتوج .

ويستعمل الإشهار في سياق التّنافس أسلوب التّفضيل من خلال استعمال نسق من عبارات الاستحسان والاستهجان، ويوظّف في الإقناع البدلات البيضاء والنّظارات الطبيّة والشّيب والتّجاعيد… أوكلام أحد الفنّانين أو الرّياضيين المعروفين، وبعض العبارات التّي تجلب ثقة المستهلك كـ« مصادق على المنتوج من طرف مجموعة، جمعيّة، هيئة ». ويعتمد أسلوب الإيحاء و التّرميز اتّجاه المنتوجات الأخرى المنافسة، ويكرّر نفس العبارة للحضور في ذاكرة المستهلك.

هكذا فالترسيمة السّردية في الإشهار تتمّ عن طريق عرض الوضعية البدئية التي تتمّيز بالانفصال عن الراحة والسعادة، وجعل التّحول الى الوضعيّة النّهائيّة السعيدة يتحقّق بفضل تدخّل المنتوج البطل الذّي ينقل الشّخوص من الشّقاء والحرج إلى الرّاحة والانتعاش الدّاخلي والخارجي، والخفّة والسعادة ( محمد فخر الدين، د.ت.)

بنية الخطاب ألإشهاري 

ميز الباحثون بين نسقين أساسيين في بنية الخطاب ألإشهاري :

1/اللساني: تكون العلامة اللسانية أداته الرئيسية في التبليغ.

2/الأيقوني: تكون علامته البصرية أداته المهيمنة.

ولقد حدد رولان بارث وظيفتين أساسيتين للرسالة اللغوية في الصورة الإشهارية وهما :

  1. وظيفة الترسيخ ( on d’ancrageFoncti)

تقوم وظيفة الترسيخ على تحديد وجهة المعنى الذي تريد الصورة بثه في المتلقي، لأن الصورة نظام وخطاب متعدد المعاني، ويتم اللجوء في الصورة الإشهارية إلى نص لغوي يرافقها من أجل تكثيف المعنى المراد تبليغه، وذلك لإبعاد كل المعاني المحتملة التي من شأنها إحداث لبس عند المتلقي في فهم معنى الصورة ومقاصدها.

ب- وظيفة المناوبة (Fonction de relais )

تعد أقل الوظائف حضورا خاصة في الصورة الثابتة، فالصورة والكلام في هذه الوظيفة يوجدان في علاقة تكميلية، ونعثر بكثرة على هذا النوع في الرسوم الهزلية والقصص المصورة، والصورة السينمائية، نظرا لحضور الحوار، ويرى» بارث «أن المناوبة و الترسيخ تجتمعان في الصورة الإيقونية ذاتها، فإذا كان للنص اللغوي وظيفة مناوبة فإن عملية الإبلاغ تكون أكثر كلفة لأنها تتطلب معرفة بسنن اللغة، أما إذا كانت وظيفته هي الترسيخ فإن الصورة تقوم بعملية الإبلاغ. (محمد غرافي، 2002، 290).

الدراسة الوصفية التحليلية للإشهارات 

المدونة 

هي عبارة عن عشرة نصوص إشهارية، مأخوذة من ثلاث قنوات تلفزيونية هي : القناة الجزائرية الثالثة، قناة الشروق وقناة النهار. وهي عبارة عن نصوص سمعية بصرية قمنا بتسجيلها ثم أعدنا إفراغها وذلك بكتابتها حسب نطقها ومن ثم دراستها وتحليلها.

Image 10000201000005C60000034CA12B941E.png

التحليل

أولا : المستوى اللساني 

التحليل الصوتي 

- إن للصوت دورا بالغ الأهمية في لفت انتباه المتلقي والتأثير فيه لما يحمله من خصوصيات كالنبر الذي يؤدي إلى وضوح نسبي للصوت أو المقطع، والتنغيم الذي تظهر من خلاله المشاعر الإنسانية (الفرح، الغضب، التهكم، الاستغراب، النفي والإثبات)، فكلما كان الصوت حاملا لرموز مشحونة بالدلالة والمعاني كلما كانت له القدرة على الإقناع الذي هو غاية النصوص الإشهارية. وهذا ما نجده في مدونتنا إذ تنوعت فيها طرق الأداء الصوتي للكلام لتظهر الفرح أو الراحة أو الاستغراب.

-السجع : هو من الظواهر المتكررة في الخطاب ألإشهاري والتي تحدث جرسا موسيقيا تطرب له أذن المتلقي، وهو من الأدوات المعينة على حفظ الإشهار واسترجاعه ومثاله في مدونتنا«على الصخر بناها الإنسان ، وحفر التاريخ له فيها مكان ، وعاش فيها الجمال سنين من الزمان ، وللفن فيها عصر وأوان ، والعلم فيها صرح عظيم الشان. »

التحليل الصرفي 

-الضمير

تنوع استعمال الضمير في المدونة المختارة، فنجد توظيف ضمير المتكلم المفرد الذي يتصل بالأفعال المضارعة ( نبدا، اخترت، نحب..) وضمير المخاطب المفرد الذي يرتبط بأفعال الأمر (اِبدأ، قلّص، أهديلهم..)، وقلّ استعمال ضمير الغائب الذي اتصل بالأفعال الماضية (بنى، حفر..). في حين نجد بعض الخطابات التي لم تستعمل الضمير على الإطلاق ( جازي مرحبا بالغد).

أزمنة الأفعال

 يغلب على مدونتنا استعمال الأفعال المضارعة ( ترافقك، نبدا، نفرح، نزهى، يثير، نثق..) وهي تدل على الحاضر أو المستقبل وتجعل المتلقي يتفاعل ويتعايش معها، تليها أفعال الأمر (متعي، اطلبيها، قلص، ارفع، أفسح...) والغرض منها التوجيه والإرشاد إلى ما هو أفضل بهدف اقتناء المنتوج المعروض.

وتأتي في الدرجة الثالثة الأفعال الماضية التي تتناسب عادة مع السرد ومثالها : بناها، حفر، عاش...

صيغ التفضيل

 تم استعمالها لأن المبالغة في لغة الإعلام التجاري أمر مهم للتعبير عن جودة المنتوج وتميزه عن المنتجات المنافسة له، ومثال ذلك : آروما أحسن هدية، نخير الحليب الأفضل لولادي، ولا تنس الأهم، نأتي لك بأجود أنواع الحليب، ألذ طعم للحليب، صناعة جزائرية لأفضل حياة.

التحليل النحوي 

تراوحت الجمل المستعملة في مدونتنا بين الجمل الاسمية والفعلية وشبه الجمل، أما الأولى فهي تدل على الثبات والاستمرارية والتي عادة ما تبدأ بذكر اسم المنتوج ومن أمثلتها : آروما قهوة العايلة، أوبي الآن في الجزائر،جازي مرحبا بالغد..

في حين أنّ الجمل الفعلية وردت للدلالة على التجديد والحركة وإضفاء الحيوية على الإشهار ومثالها : عاش فيها الجمال، نبدا صباحي بأحلى قهوة، اِرفع رأسك، نأتي لك بأجود أنواع الحليب..

ومن أمثلة شبه الجملة نجد : على الصخر، للفن فيها، معاها نفرح، من الصويا والذرى، عندما نستمد...

  • استعمال بعض العبارات التي تشعر المتلقي بالاطمئنان فور تلقي الإشهار ( ثقة بلا حدود، مع starlightديما مهني) وهذه غاية الإشهار، فال إشهاري يستشعر العبارات المؤثرة التي تدفع المستهلك للقيام بفعل الشراء.

  • الأساليب : تمت المزاوجة بين الأسلوبين الخبري والإنشائي، فأما الأول فيوظف عند السرد أو وصف المنتوج أو عند تقرير الحقائق ( نبدا صباحي بأحلى قهوة، العلم فيها صرح عظيم الشان، مانقدرش نستغنى عليه..) . أما الأسلوب الثاني (الإنشائي) فيكثر فيه استعمال الجمل الطلبية مثل الأمر(أهديلهم أوقات عزيزة، قلص حجم المقود، ارفع مستوى العدادات، أطلقوا العنان لخيالكم..) والنهي ( لا تترددوا، لا تنس الأهم.. ) والاستفهام غير الحقيقي الذي يستخدم للفت الانتباه وفتح باب الحديث(كيف لتصميم سيارة أن يثير مثل هذه الأحاسيس؟ علابالكم وعلاه؟)

المستويات اللغوية

 تميز الخطاب الإشهاري في النماذج المختارة باستخدام ثلاثة مستويات لغوية هي : الفصيح، العامي والدخيل وهذا راجع إلى واقع الاستعمال اللغوي في المجتمع الجزائري الذي يشهد خليطا من اللغات والعاميات، فجاءت معظم الإشهارات باللغة الدارجة لتصل إلى أكبر قدر من المشاهدين لأن وجود الحاجز اللغوي قد يعرقل وصول الرسالة، وأحيانا قليلة بلغة عربية فصيحة (الإشهار الخاص بقسنطينة عاصمة الثقافة العربية)، أو خليطا بين الفصحى والعامية والكلمات الأجنبية، هذه الأخيرة التي اقتصرت على اسم المنتوج أوالشركة المنتجة له (la vache, Aroma ,Sorento ,Milkospray ,Starlight).

بروز ظاهرة التكرار في النماذج المختارة بالتركيز على تكرار اسم المنتوج عدة مرات وهذا ليترسخ في ذهن المتلقي، ومن أمثلته : الإشهار الخاص بزيت عافية الذي تكررت فيه كلمة «عافية» خمس مرات.

ثانيا :المستوى الأيقوني

مما يسهم في تكوين العلامة الإشهارية الدالة في الخطاب الإشهاري الصورة والصوت واللون والحركة والموسيقى والديكور، وتهدف هذه العلامات السيميائية إلى إعادة صياغة المعنى اللساني المثبت باللفظ، وإضفاء الحياة والدينامية عليه فيضحي حركة مشهدية نامية، ولعل أهم الوظائف التبليغية التي تحققها الصورة أنها تخرج القيم المجردة من حيز الكمون إلى حيز التجلي فتصبح واقعا ماديا محسوسا في ضوء ما ينتج من مشاهد إشهارية تتخلل أو توازي الخطاب اللساني،وربما حولت الصورة العوالم المجردة والمثالية إلى عوالم ممكنة.

إن القيمة الإقناعية للصورة في الخطاب الإشهاري لا تتحقق نجاعتها إلا في ضوء النسق اللغوي فأنظمة الحركة واللباس والموسيقى لا تكتسب صفة البنية الدالة إلاإذا مرت عبر محطة اللغة التي تقطع دوالها وتسمي مدلولاتها، وفي هذا السياق يذهب إيريك بريسنس (E.Bryssens) إلى أن الصورة نسق دلالي قائم بذاته، لها وظيفة أساسية في التواصل، وليست حشوية فيه، بالنسبة إلى العلامة اللسانية الطبيعية، بل إن اللغة في كثير من الأحيان تحتاج إلى مثل هذه النظم السيميولوجية لتحقق وظيفتها التبليغية فهي وإن كانت دالة دلالة رئيسة إلا أنها لا تستطيع احتكار الدلالة.

إن البلاغة لاتقف عند حدود النص اللغوي المكتوب أو المنطوق بل إن الصورة أيضا تتضمن أحداثا بلاغية على عكس ما هو سائد من أن البلاغة حكر على اللغة، وأن الصورة نسق بدائي قياسا إلى اللغة، ويرى البعض الآخر أن الدلالة تستنفذ ثراء الصورة الذي لا يمكن وصفه، ومن ناحية ثانية يمكن النظر إلى العلامة اللغوية في الخطاب الإشهاري من زاوية وظيفية بحتة وذلك في مستوى كفاءتها التفسيرية المحققة للوظيفة المعجمية (الميتالغوية ) فهي تحدد دلالة الصورة كي لا يجمح الخيال الفني بالمتلقي فيبعد عن الأغراض الأساسية للصورة الإشهارية المنجزة في الخطاب » ( سمير الزغبي، د.ت).

وإذا ما عدنا إلى مدونتنا نجد أن هناك بعض الإشهارات التي ركزت على الصورة والتمثيل والموسيقى والألوان ولم توظف المعطى اللغوي إلا في الشعار الذي يكون في آخر الإشهار مثل الإشهار الخاص بالخط الهاتفي جازي (جازي مرحبا بالغد)، والإشهار الخاص بالأدوات الكهرومنزلية (ستارلايت علامة خبرة وصناعة جزائرية). فأحيانا تكون الصورة أبلغ من أي تعبير لغوي.

في حين أن الإشهارات الأخرى مزجت بين العناصر اللغوية و غير اللغوية، وكثيرا ما ارتبطت الصور المعروضة بمناظر طبيعية أو بالحياة الأسرية وأفراد العائلة أو بالحياة اليومية للإنسان، فعكست هذه الإشهارات واقع المستهلك ورغباته وهذا من أجل أن يتفاعل معها أكثر.

وخلاصة القول

التلفزيون وسيلة إشهارية هامة تخاطب جمهورا واسعا،وتجمع كل عوامل التأثير مما يعطي الخطاب الإشهاري مؤهلات فنية لا تتوفر لغيره من خطابات الوسائل الأخرى. فجاءت اللغة التي استعملها من خلال الإشهارات التي اعتمدناها مسايرة للغة المجتمع الجزائري وهذا ما يجعل هدف الإشهاري في إقناع الجمهور أيسر.

المدونة 

الإشهار الأول 

  • باش يكون كل عْشا ناجح لافاش كيري شاف ترافقك، باش تحضري وجبات بنينة تجعل لمتكم كلها لذّة وفرحة، نت لكل عشا أهديلهم أوقات عزيزة تْلمكم مع بعض. فالدار كاين ديمة شاف.

ونتي تاني مَتّْعي عايلتك بوصفات مناطق الجزائر واطلبيها من بائعك كتيّب وصفات بلادي على طريقة لافاش كيري شاف.

الإشهار الثاني

  • على الصخر بناها الإنسان، وحفر التاريخ له فيها مكان، وعاش فيها الجمال سنين من الزمان، وللفن فيها عصر وأوان، والعلم فيها صرح عظيم الشان، واللمة هي : قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015.

الإشهار الثالث 

  • نبدا صباحي بأحلى قهوة، آروما قهوة العايلة معروفة وبنتها هايلة، حتى فلخدمة ضيوفي يحبوها آروما بنتها عالية معروفة وبنتها هايلة، في لعشية حباباتي طلو آروما أحسن هدية مطلوبة وبنتها هايلة، معاها نفرح نزهى ونلعب، قهوتنا بنتها هايلة آروما بنتها هايلة.(آروما بنتها هايلة)

الإشهار الرابع 

  • أوبي الآن في الجزائر، عندما نستمد طاقتنا من حليب نثق به خبرة عالمية وصناعة جزائرية، نأتي لك بأجود أنواع الحليب لتستمتع بذوق مميز ألذ طعم للحليب.

  • الآن مع أوبي، أوبي هو حليبي.

الإشهار الخامس 

  • ثقة بلا حدود ( Sorento الجديدة كليا)

الإشهار السادس 

  • (Djezzyمرحبا بالغد)

الإشهار السابع 

  • لكل الناس الصحة هي الصح وعلى هذا نخيّر دايما لحليب الأفضل لولادي، أنا خْترتلهم حليب Milko spray على خاطر حليب كامل وغني بالفيتامينات والمعادن اللي تْساعد على نمو صحي وقْوي، أنا نحبّ نمدلهم الحليب اللي نخلطو بيدي، مسحوق حليب Milko spray مانقدرش نستغنى عليه علابالكم وعلاه : على خاطر علابالي واش راني نشرب وواش راني نمد لولادي. (ميلكوسبراي حليب كيما نحبوه).

الإشهار الثامن 

  • من الصويا والذرى جات عافية، زيت عافية زيت نباتية، زيت عافية من الكولسترول خالية، زيت عافية للصحة هايلة.(عافية بصحة وعافية)

الإشهار التاسع 

  • كيف لتصميم سيارة أن يثير مثل هذه الأحاسيس؟ أولا اِبدأ بإضفاء شيء من الخفة ثم قلّص حجم المقود، اِرفع مستوى العدادات ثم ارفع رأسك ولا تنس الأهم، اِفسح المجال حتى يكون السر بين الطريق ورجافة جلدكم أقصر ما يمكن.

  • Voila اكتشفوا 308peugeot الجديدة لتجريب مشخَّص في جميع الشبكات.

  • الإشهار العاشر :مع starlight ديما مهني.(starlight علامة خبرة وصناعة جزائرية لأفضل حياة).

ابن منظور (أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم)، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، مجلد 12، ط1، د.ت.

جوزيف عبود كبة، « محاضرات في علم النفس التجاري »، دار النشر، حلب، سوريا، 1980.

حنفي بن عيسى، « محاضرات في علم النفس اللغوي »، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، ط3، 1990.

الزمخشري، أسرار البلاغة، بيروت، لبنان، ط1، 1992.

سمير الزغبي، « سيميولوجيا الصورة الإشهارية »، مؤسسة الحوار المتمدن، العدد3617، مقال منشور على الموقع :www .ahewar .org

عصام نور الدين : « الإعلان وتأثيره في اللغة العربية »،مجلة الفكر العربي، العدد92، سنة1998 .

ف،فريز بوند«: مدخل إلى الصحافة »،تر : راجي صهيون، مؤسسةبدران، بيروت1964 .

محمد الباردي : إنشائیة الخطاب في الروایة العربیة الحدیثة، مركز النشر الجامعي، تونس، 2004.

محمد الصافي، « الخطاب الإشهاري والدعاية السياسية »، علامات، ع7.

10-محمد جودت ناصر، «الدعاية والإعلان والعلاقات العامة »، دار مجدلاوي، عمان، الأردن، ط1، 1998.

محمد شومان، « تحليل الخطاب الإعلامي : أطر نظرية ونماذج تطبيقية »، الدار المصرية اللبنانية، ط1، 2007.

محمد عكاشة، « خطاب السلطة الإعلامي نحوتجديد لغة الخطاب»، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، القاهرة، ط1، 2005.

محمد عيلان،« بنية النص الإشهاري »، مجلة اللغة العربية، منشورات ثالة، عدد 7، الجزائر، 2002.

محمد غرافي، « قراءة في السيميولوجيا البصرية »، مجلة عالم الفكر، العدد 01، الكويت، 2002، نقلا عن الأساليب الإقناعية للإشهار.

محمد فخر الدين، « الإشهار والتراث الشعبي المغربي » مقال من الموقع الإلكتروني

 :http://www.maghress.com/khbarbladi/3492

وليد إبراهيم الحاج، « اللغة العربية ووسائل الاتصال الحديثة »، دار البداية ناشرون وموزعون، ط1، 2007،

يامن عيسى خضور، " دراسة سيميائية معمقة في الخطاب الإشهاري (نظري وتطبيقي)، مقال منشور على الموقع :

www.blogger.com

فوزيه كربيط

Alger 2 جامعة الجزائر

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article