دور الصّورة التّعليميّة في تنمية الكفاءة التّواصليّة لدى متعلّمي المرحلة الابتدائيّة

Le rôle de l'image éducative dans le développement de compétence communicative chez les apprenants du primaire

The role of educational image in the development of communication efficiency among primary school learners

فيصل بن علي

p. 158-174

فيصل بن علي, « دور الصّورة التّعليميّة في تنمية الكفاءة التّواصليّة لدى متعلّمي المرحلة الابتدائيّة », Aleph, Vol 6. (2) | 2019, 158-174.

فيصل بن علي, « دور الصّورة التّعليميّة في تنمية الكفاءة التّواصليّة لدى متعلّمي المرحلة الابتدائيّة », Aleph [], Vol 6. (2) | 2019, 25 October 2019, 24 November 2024. URL : https://aleph.edinum.org/1968

Le succès du processus éducatif dépend en grande partie de l'utilisation des moyens éducatifs efficace. Dans le domaine de l'enseignement de la langue arabe, nous remarquons que le texte pédagogique est largement utilisé pour offrir à l'apprenant une Compétence communicative. D'autre part, On néglige beaucoup des moyens tout aussi importants. Par exemple, nous constatons que l'image est devenue aujourd'hui un médiateur Dans l'éducation moderne, en raison de leurs caractéristiques uniques dans la communication.

Dans cet article, nous montrerons le rôle de l'image éducative dans le développement de la compétence communicative chez les apprenants du primaire, surtout si nous savons que les apprenants à ce stade interagissent avec l'image plus que le texte. Car l'image éducative est un moyen stimulant de penser et de communiquer, et constitue un moyen actif et efficace il utilise l'approche des compétences en apprentissage.

The success of the educational process depends heavily on the use of effective learning medium, in the field of teaching Arabic language, we find that the educational text is widely used to give the learner communication efficiency, and in contrast there is a great neglect of the means is no less important, for example, we find that the image today has become an important mediator In modern education, so they should be employed and taken care of.
   In this article, we will show the role of educational image in the development of communicative competence among primary school learners, especially if we know that learners at this stage interact with the image more than the text, because the educational image is a catalyst for communication, and is an active method used by the competency approach in learning.

إنّ نجاح العملية التّعليميّة التّعلّميّة مرهون بنسبة كبيرة باستخدام الوسيلة التّعليميّة المناسبة والفعّالة، ففي مجال تعليم اللّغة العربيّة وتعلّمها نجد أن النّص التّعليمي هو الطاغي على ما سواه في عملية إكساب المتعلّم كفاءة تواصليّة، في حين أنّ هناك إهمال كبير لوسائل لا تقل أهمية عنه، فمثلا نجد أن الصّورة اليوم أصبحت تشكّل وسيطا مهما في التّعليم الحديث، وذلك لما تتميّز به من خصائص لا يمكن أن تلبّيها اللّغة اللّفظية.

ومن هذا المنطلق، سنبيّن في هذا المقال دور الصورة التّعليميّة في تنمية الكفاءة التّواصلية لدى متعلّمي المرحلة الابتدائية، خاصة إذا عرفنا أن المتعلمين في هذه المرحلة يتأثّرون بالصورة ويتواصلون معها أكثر ممّا يتأثرون بالنّص ويتواصلون معه، حيث تعدّ الصورة التّعليميّة وسيلة محفّزة على التّفكير والتّواصل،كما تعدّ أسلوبا نشطا وفعّالا من أساليب حلّ المشكلات الذي توظفه المقاربة بالكفاءات من أجل بناء التّعلّمات.

مقدمّـــة

تحتل الصّورة مكانة مهمّة في حياتنا اليوميّة، وذلك بالنّظر إلى مدى تأثيرها على فكر الإنسان وحياته؛ إذ أصبحت وسيلة اتصاليّة فعّالة تترجم ما يختلج من أفكار ومشاعر مختلفة لدى الإنسان، ولهذا فقد أصبحت محور العديد من الدّراسات الحديثة ممّا يبرهن على أهميتها في وقت طغت فيه الوسائل التّكنولوجيّة على فكر الإنسان وعصره

ولعلّ هذه المكانة وهذا الاحتفاء بها ليس وليد اليوم، بل إنّ الصورة ارتبطت منذ القديم بعقل الإنسان وفكره ووجدانه ليُحمّلها عبء نقل الأفكار والتّعبير عن أحاسيسه وهواجسه، فالصورة لا يحدّها زمان ولا مكان، فهي موجودة في البيت والمدرسة والشارع وغيرها، فهي تحيط بنا في كل مكان وتترسّخ في أذهاننا بكل يسر وسهولة.

ومن منطلق أن الكفاءة المستهدفة من تعليم اللّغة العربيّة وتعلّمها في كافّة المراحل التّعليميّة هي إكساب المتعلم كفاءة تواصليّة، فإنّ ذلك يستلزم استثمار أكثر الوسائل تحفيزا للتّواصل، خصوصا الشّفهي منه باعتباره الأكثر استعمالا وتداولا من جهة، والأكثر ضعفا من جهة أخرى، ولعلّ السّبيل إلى ذلك لا يتأتّى إلا من خلال استغلال الصورة التّعليميّة الاستغلال الأمثل، باعتبارها تمثّل بيئة المتعلّم وواقعه الذي يعيشه ويتواصل به ومعه.

وبغرض الإحاطة بالموضوع، وضعنا نصب أعيننا الإجابة على التّساؤلات الآتية: ما هي الصورة التّعليميّة؟ وما خصائصها؟ وما هي معايير تصميمها وشروط اختيارها؟ وما هو دورها ووظائفها في تعليم اللّغة العربيّة وتعلّمها؟

إنّ هذا الموضوع يكتسي أهميته من ضرورة بيان المكانة الأساسيّة التي يجب أن تحتلها الصورة التّعليّمية في مجال تعليم اللّغة وتعلّمها، ومنه وجوب إيلاء البيداغوجيين أهميّة كبيرة لها سواء من ناحية التّصميم والاختيار أو من ناحية استثمارها في التّعليم والتّعلّم.

1. مـــفهوم الصـــورة التّـــعليميّ

لقد تعدّدت مفاهيم الصورة وتباينت استنادا إلى منطلقات وخلفيات متعدّدة، وعموما يمكن أن تُعرف الصورة على أنها شكل لأشخاص أو أشياء أو مناظر موضّحة على الورق أو ما شابه بالتّصوير أو الرسم1.

أمّا في المجال التّربوي فنعني بالصورة التّعليميّة تلك الصورة التي" تُوظَّف في مجال التّربية والتّعليم، وتتعلّق بمكوّنات تدريسيّة هادفة، كأن تشخّص هذه الصورة واقع التربية، أو تلتقط عوالم تربويّة هادفة تفيد المتعلّم في مؤسّسته أو فصله الدراسي؛ أي إن الصورة التّربويّة هي التي تحمل في طياتها قيما بنّاءة وسامية، تخدم المتعلم في مؤسسته التربوية والتعليمية بشكل من الأشكال، وقد تتنوّع هذه الصورة في أشكالها وأنماطها وأنواعها، لكن هدفها واحد هو خدمة التربية"2.

كما تعرّف الصورة التّعليميّة بأنّها " تلك الصورة المرتبطة بمقاطع الدّرس الثلاثة: المقطع الابتدائي والمقطع التكويني والمقطع النّهائي وتندرج ضمن ما يسمّى بوسائل الإيضاح، ويستعمل المدرس الصور الديداكتيكية المثبتة في الكتاب المدرسي لبناء الدرس شرحا ونموذجا ونصوصا واستثمارا واستكشافا واستنتاجا وتقويما"3.

كما تُعرف بأنها :" الصورة التي تستخدم للتعبير عن مضمون حالة معينة لغرض إيصال المعلومات إلى الطلبة بأقل وقت وجهد ممكن "4.

إذا، تعدّ الصورة دعامة أساسيّة من دعائم الاتصال، إذ تتميز بقدرة اتصاليّة فائقة، ووفقا لسيميولوجيا الأيقونة، فإنّ الصورة هي نظام يحمل في الوقت نفسه المعنى والاتصال ويمكن أن تعتبر إشارة أو أداة وظيفتها نقل الرسائل5.

وحسب "شارل بيرس" تصنّف الصورة ضمن الدّلائل الأيقونيّة التي تقوم على مبدإ التّشابه بين الدّال والمدلول، وذلك على عكس الدلائل اللّسانيّة التي تعتبر اعتباطيّة.

وفي هذا المقام تجدر الإشارة إلى أن الصور تُصنّف إلى قسمين، وهما: الصور الثابتة والصور المتحركة، فالصورة المتحركة تفرض على مشاهدها حركتها الخاصة بها في مجال الزمان والمكان، بينما الصورة الثابتة فلا تفرض على مشاهدها إلا ذلك الحيّز المكاني المحدّد، أما الزمن فلا مجال له في الصورة الثابتة إلا إذا تحدثنا عنه كقيمة رمزية.

والملاحِظ لواقعنا التّعليمي، يجد أنّ الصورة الثابتة هي الموظفة بكثرة في كتبنا نظرا لقلّة الإمكانيات التي توفرها الدولة من أجل استغلال الصور المتحركة من جهة، وكذا عزوف أغلب الأساتذة عن توظيفها من جهة أخرى، إما لجهلهم بها أو عدم إدراك أهميتها الحقيقية في عملية التّعليم والتّعلّم.

2. خــــصائص الصـورة

إنّ كل وسيلة تعليميّة لها مكانتها الخاصّة نظرا لما توفّره من خصائص وميزات لا نجدها في الوسائل الأخرى، ولنا في الصورة ذلك التّميّز والتّفرّد، حيث إنّ لها سمات قلّما نجدها في وسائل الاتّصال والتّواصل الأخرى، ومنها:

  • الصورة عالميّة: فرغم اختلاف اللغات والثقافات والعادات إلا أن الصورة مهما كانت يمكن أن يقرأها و يفهما الجميع على اختلاف لغاتهم، رغم ما قد تحمله هذه التأويلات من اختلالات أو اختلافات.

  • سرعة القراءة والفهم: فقراءة الصورة وفهمها لا يتطلّب وقتا مثل الذي قد نقضيه في قراءة صفحة أو عدّة صفحات من موضوع معين.

  • تشكل الصورة عالما متكاملا ومختصرا للمعلومات: ففي حين قد تعجز اللّغة عن نقل المعاني في عبارات محدودة، فإن الصورة قد تنقله بكل صدق وتكامل واختصار غير مخلّ.

  • الشّموليّة: فعند اطلاعنا على صورة ما، فإنّها تمدّنا بكم متكامل من المعلومات والمعاني حول موضوع معيّن، فإدراكنا لها كلّي وشامل، في حين أن التدقيق في أجزائها يمدنا بكل تفاصيلها.

  • الصورة كتاب مفتوح متعدّد القراءات والدّلالات: حيث إن ّكل ناظر لها مهما كانت لغته أو ثقافته فإنه يقف على قراءات متعدّدة قد تتّفق أو تختلف فيما بينها.

  • إمكانية إرفاقها بنص: حيث إنّ دلالات الصورة الواحدة قد تتعدّد، لذا قد يلجأ توظيف صورة ما نصا توضيحيا يبيّن دلالاتها المقصودة، أو الهدف من إيرادها.

  • مطابقة الواقع دون تزييف أو تحريف: فالصورة في غالب الأحيان تحيل إلى المرجع دون تغيير، وتنقل لنا الوقائع لحظة ورودها.

  • قد تكون الصورة منافية للحقيقة والواقع: ولعل هذا الأمر يرجع إلى الهدف غير المعلن من ملتقطها؛ كتغيير الحقيقة وتزييفها، فالتقاط الصورة في وضع معيّن قد لا يعكس حقيقتها في بعض الأحيان.

  • الرّمزيّة: إنّ الصورة قد تخفي أكثر مما تظهر، حيث تصبح لها رمزية خاصة إذا ارتبطت بحادثة معيّنة أو ثقافة شعب ما.

3. مـــــــعايير تصميم الصــــورة التّـــعليميّة وشــــروط اخــــــتيارها

لقد سعت المنظومة التّربويّة في الجزائر إلى تحديث مناهج التّربية والتّعليم، وذلك من خلال الاعتماد على المقاربات الحديثة التي تهتم بكل متعلّقات العملية التّعليميّة، سواء من حيث المحتوى، أو من حيث توظيف الوسائل التّعليميّة المختلفة من أجل الارتقاء بالعلميّة التّعليميّة التّعلّميّة، وبما أن الكتاب المدرسي يشكّل الوسيط الأكثر استعمالا، فقد كان الاهتمام به جليا، خصوصا في المرحلة الابتدائيّة، باعتباره موجّها إلى فئة عمريّة حسّاسة وشديدة التّأثّر، ولهذا وجب الاهتمام بكل تفاصيله، ولعل أهمّها اختيار الصور، والتي تعد وسيطا مهما في عملية التّعليم والتّعلم، ومن هذا المنطلق يجب أن تتّسم الصور المختارة بمواصفات وشروط معيّنة لكي تؤدي دورها بفعالية ونجاعة أكبر، ومنها:

- البساطة وسهولة القراءة والإدراك: إنّ أغلب النّصوص اللّغويّة المتضمّنة في الكتب المدرسيّة تكون مصحوبة بصورة معيّنة، ولكي تؤدي هذه الصور دورها يجب أن تكون بسيطة وسهلة القراءة، وفي هذا الصّدد يقول "عبد اللّطيف الحشيشة":" إن الصور يجب أن تحمل رسالة تترجم النّص المرافق لها ومن الأحسن أن تكون بسيطة سهلة الإدراك و لا تثير في نفس المتعلم تساؤلات تصعب الإجابة عنها، كما لا يجب أن تقدّم صورة رمادية اللون فتحدث ضبابيّة في ذهن المتلقي لأنّ الأطفال يميلون بفطرتهم إلى الألوان الزاهية، أضف إلى ذلك أن جمالية الصّورة مرهونة بدقتها، وتصميمها وانسجام ألوانها، وتآلف أشكالها والخلفية، لذلك يجب أن يكون هناك تناسب بين الصورة المرئيّة البصريّة والصورة اللّفظيّة6.

  • انسجام الصورة مع النّص: يجب أن تكون الصورة التّعليّميّة منسجمة ومتناغمة ومعبّرة عن النّص المصاحب لها، فلا يكون هناك تعارض بين ما في الصورة وما يقوله النّص.

  • ضرورة احترام الصور للقيم والمضامين الثّقافيّة للمتعلمين، ولهذا يجب التعرف عن كثب عن مميزات وسطهم وتجاربهم ومعتقداتهم.

  • أن تكون الصور حديثة، دقيقة لافتة للانتباه، مثيرة للنّقاش، حاملة للمعلومات الرئيسية؛ أي متضمنة لمحتوى الرسالة الخطابية. فإذا ما كان محتوى الصور مراعيا لقدرات المتعلم ومتناسبا وملكاته اللّغويّة والمعرفيّة والنّفسيّة، فإنها ستسهم فعلا في تحقيق الأهداف التّربوية والتّعليميّة المرجوّة منها.

  • يجب أن تتوافق وتتناسب الرسوم و الصور و سن المتعلمين لكي يسهل استيعابها والتّعبير عنها.

  • أن تشكّل الصور و الرّسوم إضافة إلى النّصوص، مع ضرورة وجود تكامل و تناسب بينهما.

  • اختيار النّوع المناسب للصور، والذي قد يكون أكثر فعاليّة في الموقف التّعليمي التّعلّمي من غيره؛ فمثلا نجد أن العديد من المواقف تحتاج للصّور المتحرّكة(الفيديو) لتمثيلها أحسن تمثيل ولكي يتفاعل معها المتعلمون وينجذبون نحوها.

  • إذا كان النّص أهم من الصورة يوضع النّص في الصفحة اليمنى و الصورة في الصفحة اليسرى، وتُعكس العملية إذا كانت الصورة أهم من النّص"7.

هذا، وقد وضع "الجشطالتيون" خمسة قوانين لإدراك الصورة، والتي يمكن أن نعدّها قوانينا مهمة من أجل اختيار الصورة في المجال التّعليمي، وهي:

  1. قانون الصغر: الشكل الصغير يبرز عن عمق أكثر كبرا.

  2. قانون البساطة: الشكل البسيط أبرز من الشكل المعقد.

  3. ج- قانون الانتظام: التّقسيم المنظم للأشكال يؤثر في العمليّة الإدراكيّة.

  4. د- قانون التّقابل: التّقسيم التّقابلي لعناصر شكل معين يؤثران في الإدراك.

  5. ه- قانون الاختلاف: الشكل المختلف الغريب يبرز بشكل أفضل8.

إنّ هذه القوانين مهمّة جدا في انتقاء الصّور سواء كانت لأهداف بيداغوجيّة أو غير ذلك، ولكي تؤدي الصورة الدور المنوط بها في المجال التعليمي لا بد أن يُوفَّق البيداغوجيون في الجمع بين هذه القوانين في تناسق تام.

عموما، لا بد على معدّي الكتب أن يختاروا الصور التّعليمية بعناية فائقة وليس بطريقة عشوائيّة، فكثيرا ما نجد في كتبنا التّعليمية في كافّة المراحل الدراسيّة العديد من الصور التي لا تعبّر عن مضامين النّصوص بدقّة، أو تكون بعيدة عن واقع المتعلّم ومعتقداته، ولا تثير اهتماماته، وبالتّالي يكون تأثيرها سلبيّا على العمليّة التّعليميّة.

4. وظـــائف اســـتخدام الصورة التـّـعليميّة

للصورة وظائف متعدّدة في المجال التّعليمي، وعموما يمكن إجمالها في الوظائف الآتية:

1.4. وظيفة تواصليّة

لا تشكّل اللغة الوسيلة الوحيدة للتواصل الإنساني، والسبب في ذلك العدد الهائل من العلامات الأخرى التي من أهمها الصورة، ومن هذا المنطلق فإن الصورة تعد وسيلة مهمّة لنقل الرسائل عن طريق القناة البصرية، حيث يرتبط هذا النوع من الاتصال بالرؤية "ويعتمد اعتمادا أساسيا على ما يُعرف بالاتصال غير اللفظي وعلاماته الحركات الجسمية، والأوضاع الجسميّة، تعبيرات الوجه والعينين ونحوهما"9، وفي الصورة نجد كل تلك الوضعيات بما يسمح من تحقيق تواصل فعال، لاشتمالها على كم هائل من المعارف والمعلومات، كما تحمل عواطف يمكنها التّأثير في المتلقي بدرجة عالية.

2.4. وظــــيفة تـــربويّة

تشكّل الوسائل التّعليميّة عموما، والبصريّة منها على وجه الخصوص وسائط مهمة في عملية التّعليم والتّعلّم، ولعلّ هذا الأمر يرجع إلى كثرة الدراسات والتّجارب التي أقيمت حولها، وبيّنت أهميتها في مجالات عديدة يأتي في مقدمتها ميدان التّعليم، ومن هذا المنطلق فقد أصبح حضور الصورة ضروريا من أجل نجاح العملية التّعليميّة، حيث يُجمع الباحثون أن ما يقارب 80 من مدخلاتنا الحسيّة هي مدخلات بصريّة، وفي هذا الصدد فقد "ذكر عالم التربية الأمريكي "جيروم بونر" المشهور بدراساته عن التّفكير والتربية من خلال الاستكشاف والإبداع دراسات عديدة تبيّن أن الناس يتذكّرون 10 فقط مما يسمعونه، و30 فقط مما يقرأونه، في حين يصل ما يتذكرونه من بين ما يرونه أو يقومون به إلى 80"10.

ومع تطور التكنولوجيا، فقد أصبحت الصورة الثابتة أو المتحركة(الفيديو) تحتل مكانة كبيرة في العملية التّعليميّة خصوصا في المراحل الأولى، حيث تعد الصورة التّعليميّة محفّزا للتّعلّم من جهة، ورابطا لمعرفة مسمّيات الأشياء من جهة أخرى، ولا أدل على ذلك من أن الكتب المدرسيّة في المراحل الابتدائية وحتّى المتوسطة تعتمد كل الاعتماد عليها، فلا تكاد تخلو أي صفحة من الصور، فهي إما مرفقة بكلمة أو بنص ما، حتى أصبح نجاح الدرس مرهونا بما تقدمه من الشرح والتوضيح، لذا فهي تعد وسائل مساعدة للتعلم و روافد له.

3.4. وظــــيفة الصورة بوجود النّــــص

إنّ اللّغة البصريّة تختلف من حيث خصائصها وتوظيفاتها عن اللغة الطبيعية، ورغم هذا الاختلاف فإنهما يمكن أن يتلازم وجودهما مع بعض، وحينها يصبح لكل منهما دور في عملية التواصل، فيمكن أن يكون النّص مرفقا بصورة أو العكس، وهنا يطرح السؤال عن الوظيفة التي قد تؤديها الصورة إلى جانب النّص أو العكس.

وفي هذا الصدد يذهب "رولان بارت" على أن النّص اللّغوي الذي يحضر إلى جوار الصورة يؤدي إحدى الوظيفتين الآتيتين: وظيفة الإرساء أو الشرح أو التثبيت، وإما وظيفة تكميلية أو تناوبيّة. فأما وظيفة الإرساء فتكمن في إيقاف سيرورة تدفّق معاني الصورة الواحدة والحد من تعددها الدلالي من خلال ترجيح أو تعيين تأويل بعينه، وهذا بهدف توجيه القارئ إلى معنى مقصود، وجعل قراءته قراءة موجّهة وممتعة "فالنص يقود القارئ بين مدلولات الصورة، مجنّبا إياه البعض منها وموصلا له البعض الآخر من خلال توزيع دقيق غالبا، إنه يقود نحو معنى منتقى مسبّقا"11، ولعل استعمال هذه الوظيفة تشيع في الصورة الثابتة أكثر.

وفي المقابل نجد وظيفة الشرح، حيث تقدم الصورة دلالات جديدة للنّص اللغوي، قد يعجز النص التعبير عنها والعكس، وهنا يتكامل النّص مع الصورة ليشكلا وحدة متآزرة تفصح عن المعاني الخفيّة والمستعصية.

5. أهــمية الصـــورة التّعليميّة ودورها في تنمية الكـــفاءة التّــواصليّة

إنّ الوقوف على دور الصورة التّعليميّة في تنمية الكفاءة التّواصلية يتطلب منا معرفة مفهوم الكفاءة التّواصليّة ومكوناتها لكي يتسنى لنا معرفة مواضع تأثير الصورة فيها بشكل أدق.

يُعرّف اللّغويون الكفاءة على أنّها القدرة على تعبئة مجموعة من الوسائل (معارف، قيم، معلومات،) لتصير ذات تلاؤم وفعاليّة ضمن مجموعة من الوضعيات، وبالتّالي فلا نتعلّم لنعرف، وإنّما نتعلّم لنقوم بفعل ما. لذا فالكفاءة هي قدرة الفرد على أداء فعل أو مهارة أو نشاط معيّن أداء يستجيب للشّروط والقواعد والخطوات التّي تجعله فعّالا ضمن موقف إشكاليّ محدّد12.

وفي نفس السّياق نجد أنّ الكفاءة تعني التّصرّف إزاء وضعيّة مشكلة بفعاليّة استنادا إلى قدرات انبنت من تقاطع معارف ومهارات وخبرات تراكميّة عموما، لذا فالكفاءة ليست هي القدرة فحسب، ولا المهارة فحسب، ولا المعرفة فحسب، بل هي جماع ذلك مع الإنجاز والفاعليّة13.

وإذا ربطنا مفهوم الكفاءة بالمجال التّواصلي نحصل على مصطلح "الكفاءة التّواصليّة"، وهو مصطلح كثيرا ما قُرِنَ ذكره بمصطلح "الكفاءة اللّغويّة " باعتبار أنّ هذا الأخير ذاع صيته في زمن الدّراسات البنويّة، خاصّة عند "تشومسكي"، حيث يُعرّفها بأنّها: معرفة المتكلّم للغته، أمّا الأداء فهو ما ينتج عن هذه المعرفة من كلام متحقّق في مواقف ملموسة14.

في حين يعرّفها "ميشال زكريّا" بأنّها: المعرفة الضّمنيّة بقواعد اللّغة التّي تتيح للإنسان بناء أو تكوين الجمل وتفهّمها في لغته، وهي تجسّد العمليّة الآليّة التّي يؤدّيها متكلّم اللّغة بهدف صياغة جملة، وذلك طبقا لمنظومة القواعد الضّمنيّة التّي تقرن بين المعاني والأصوات اللّغويّة15.

لقد أُعتمد مفهوم الكفاءة اللّغوية من طرف معدّي المناهج والكتب المدرسيّة مدّة طويلة، ولكن مع مرور الوقت أُثبِت عدم فعاليته، حيث يُفْرَضُ على المتعلّم أن يحفظ مجموعة من القواعد دون أن يكون هناك جدوى من استعمالها، فالمتعلّم في كثير من الأحيان يعجز عن التّعبير عن المواقف التّي يواجهها في حياته اليوميّة، " فتدريس اللّغة كأداة للتّواصل يحتاج إلى أكثر من مجرّد إتقان تراكيب اللّغة وقواعدها، فينبغي أن يكون المنطوق ملائما لمستويات عدّة منها: هدف المتكلّم، والعلاقة بين المرسل والمتلقي، والموقف والموضوع، والسّياق اللّغوي"16، ومن هنا كان لزاما الارتقاء بالمتعلّم وبالعمليّة التّعليميّة، فكانت الكفاءة التّواصليّة هي الهدف من المرجو من تعليم اللّغة العربيّة وتعلّمها.

لقد عرف مفهوم الكفاءة التّواصليّة عدّة تعريفات، بل وتنوّعا للمصطلحات، فهناك من يسمّيها كفاءة تداوليّة أو تخاطبيّة أو تبليغيّة أو تواصليّة، ورغم اختلاف المسمّيات فإنّ معناها يبقى واحدا، ومن هذه التّعاريف اخترنا الأوضح والأدلّ للقارئ على مفهومها، ومنها:

  • الكفاءة التّواصليّة عند "ديل هايمز" هي: المعرفة بالقواعد النّفسيّة والثّقافيّة والاجتماعيّة التّي تتحكّم في استعمال الكلام في إطار مجتمع معيّن17.

  • أمّا "محمّد يونس علي" فيعرّف الكفاءة التّواصليّة أو كما يسمّيها بالكفاية التّخاطبيّة على أنّها: المقدرة على استخدام اللّغة في سياقاتها الفعليّة التّي تتجلّى فيها18.

إذا، فالكفاءة التّواصليّة هي مدى وعي الفرد بالقواعد الحاكمة للاستعمال المناسب في موقف اجتماعي، وتشتمل على مفهومين أساسيين هما: المناسبة والفعاليّة، وهذان المفهومان يتحقّقان في كلّ من اللّغة المنطوقة والمكتوبة19.

ختاما، يمكن القول إنّ الكفاءة التّواصليّة لا يُراد بها استخدام اللّغة بعد استيعاب نظامها، بل إنّها عمليّة فرديّة اجتماعيّة معا، وتكمن فرديتها حين تتعلّق بالأساليب الخاصّة بالفرد لمواجهة الموقف، واجتماعيّة حين تتعلّق بالسّياق الذّي يتم فيه التّواصل.كما يمكن توضيح الكفاءة التّواصليّة من خلال طرح بعض الأسئلة نحو:من يتكلّم؟ ومع من؟ ومتى يتكلّم؟ وماذا يتكلّم حوله؟ وأين؟ وبأيّ طريقة وأسلوب يتكلّم به؟

وليكتمل مفهوم "الكفاءة التّواصليّة" نعرض فيما يلي أهمّ خصائصها كما لخّصتها "ساندرا سافنجون"، وهي:

  • إنّ الكفاية الاتّصاليّة مفهوم متحرّك وليس ساكن، إنّه يعتمد على مدى قدرة الفرد على تبادل المعنى مع فرد آخر أو أكثر، إنّها علاقة شخصيّة بين طرفين أكثر من أن تكون اتّصالا ذاتيا أي حوارا بين الفرد ونفسه.

  • إنّ الكفاية الاتّصاليّة تنطبق على كلّ من اللّغة المنطوقة والمكتوبة، وكذلك نظم الرّموز المختلفة.

  • إنّ الكفاية الاتّصاليّة محدّدة بالسّياق، إنّ الاتّصال يـأخذ مكانه، أو يمكن أن يحدث في مواقف لا حدّ لها، إنّها تتطلّب المقدرة على الاختيار المناسب للّغة والأسلوب في ضوء مواقف الاتّصال والأطراف المشتركة.

  • إنّ هناك فرقا بين الكفاية والأداء، فالكفاية تعني القدرة المفترض وجودها والكامنة وراء الأداء، بينما يعتبر الأداء التّوضيح الظّاهر أو المكشوف لهذه القدرة، إنّ الكفاية هي ما تَعرف أمّا الأداء فهو ما تفعل، وهو الشّيء الوحيد الذّي يمكن ملاحظته، وفي ضوئه تتحدّد الكفاية وتنميتها وتقويمها.

  • إنّ الكفاية الاتّصاليّة نسبيّة وليست مطلقة، من هنا يمكن التّحدّث عن درجات للكفاية الاتّصاليّة، وليس على درجة واحدة20.

إضافة إلى هذه الخصائص، فإنّ للكفاءة التّواصليّة مكوّنات أساسيّة تضمن نجاحها واكتمالها، وهي كما ميّزها "كانال وسوين" كالتّالي:

  1. الكفاءة النّحويّة: وهي نفسها كفاءة "تشومسكي" اللّغويّة أي معرفة نظام اللّغة، والقدرة الكافية على استخدامها.

  2. الكفاءة اللّغويّة الاجتماعيّة: وتعني معرفة القواعد الاجتماعيّة والثّقافيّة للّغة والخطاب، وفهم السّياق الاجتماعي، والعلاقات الرّابطة بين أطراف عمليّة التّواصل، والقدرة على تبادل المعلومات.

  3. كفاية تحليل الخطاب: أي القدرة على ربط الجمل لتكوين خطاب ولتشكيل تراكيب ذات معنى في سلسلة متتابعة، والخطاب يشتمل على أي شيء يندرج من الحوار البسيط المنطوق إلى النّصوص الطّويلة المكتوبة، ومن الواضح أنّ القدرة النّحويّة تركّز على الجملة على حين تركّز قدرة الخطاب على مابين الجمل من علاقات21.

  4. الكفاية الاستراتيجيّة: وهي أهمّ أنواع الكفايات على الإطلاق، لأنّها مهمّة أثناء استعمال اللّغة في مواقف مختلفة ولكنّها معقّدة لا يستطيع جميع النّاس امتلاكها إلاّ بعد مران شديد، وهي تعني لاستراتيجيّات التّي نستخدمها لنعوّض نقصا ما في معرفة القواعد، أو بسبب عوامل تحدّ من أدائنا كالمرض أو عدم التّركيز، ومعنى ذلك في إيجاز أنّها تزوّدنا بالمقدرة على إصلاح ما نقوله بأن نعالج المعرفة النّاقصة وبأن نواصل الخطاب بشرح العبارات أو بالدّوران حول المعنى أو بالتّكرار أو التّردّد أو التّحاشي أو التّخمين أو تقويم اللّهجة والأسلوب22.

إنّ معرفة المعلّم لأقسام الكفاءة التّواصليّة يمكّنه من معرفة مدى نضجها واكتمالها لدى المتعلّم، فلا يطغى منها قسم على الآخر فينتج عنه قصور في التّعبير عن موقف ما في حياته اليوميّة.

إذا، فمن خلال معرفتنا لمفهوم الكفاءة التواصليّة وخصائصها ومكوناتها يتبيّن لنا تأثير استعمال الصورة التّعليميّة فيها ومكانتها، حيث إن المتعلم عندما تُقدّم له الصورة، فإن ذلك يُحفّزه على الأداء الفعلي فتظهر بذلك جل مكوّنات الكفاءة التّواصليّة التي أشرنا إليها سلفا.

إنّ العديد من المتعلمين يجدون صعوبة وخجلا في التّعبير، والصورة هي الوسيلة الأنسب لتجاوز العديد من الصعوبات والمشكلات التّعليمية في مجال تعليم اللّغات، فمن خلالها يتمكّن المتعلم من التّعبير عن رأيه مهما كان، لأنّها لا تحتاج إلى مهارات كبيرة، فالعدد القليل من الألفاظ قد يؤدي التّعبير المطلوب، وهذا ما يساعده على محاولات أكثر والاستمرارية من أجل تقديم الأفضل، مما يُحسّن من كفاءته التّواصليّة شيئا فشيئا.

إضافة إلى ذلك، يمكن إبراز أهمية الصورة ودورها في إكساب المتعلم كفاءة تواصليّة من خلال ما النّقاط الآتية:

  • تشكّل الصورة شكلا متفرّدا في التّمثيل، فالصورة تسمح للفرد بالحفظ والتحكم في المعلومة المنتقاة أو المستخلصة من محيطها، إنها نموذج من التّمثيل الذهني الذي من سماته حفظ المعلومة بشكل يسمح بأكبر قدر من التشابه البنوي للأشياء التي ندركها بحواسنا.

  • إنّ ارتباط مؤلفي الكتب المدرسيّة بعدد محدود من الأسطر يؤثر في غالب الأحيان في الإحاطة بالموضوع من بعض النواحي، وهنا تكمن أهمية الصورة في الشرح و التعبير عن أجزاء الموضوع كله، مما يخلق فهما متكاملا غير منقوص له، كما أن استعمال الصورة قد يعالج الفروق الفردية التي يعاني منها المعلم، فكل متعلم يمتلك رصيدا لغويا وكفاءة تواصلية تختلف عن غيره من المتعلمين، فمثلا نجد أن كلا منهم قد يعبّر عنها دون أن يرسم له النّص حدودا قد يعجز بعض المتعلمين عن فهمها وإدراكها.

  • تعد الصورة التّعليميّة منبعا للوظائف التّعبيريّة، وهو ما يحتاجه تعليم اللّغة العربيّة وتعلّمها اليوم، فالمتعلم يستعمل اللّغة التي يحتاج توظيفها في المواقف المشابهة لواقعه دون أن يتعرّض لحشو من طرف النّص اللغوي.

  • تشكل الصورة التّعليميّة المرجع الذي يستند عليه ذهن المتعلم خاصة في هذه المرحلة التي لا يقوى فيها على الربط المباشر والسريع بين الملفوظ والمتصور، فالصورة تعينه على ذلك وتختصر عليه ذاك العناء وتدرّبه على تطوير ملكة الخيال، كما يستطيع المتعلم تكوين معجمه اللغوي بسهولة استنادا على الصور المصاحبة للنّص، حيث تترسّخ المفردات ودلالتها بسهولة، ويمكن استرجاعها بكل يسر عند الحاجة.

  • تساعد الصورة المتعلم على ربط الدال بمدلوله، فيعيد المتعلم ربط واقعه وتصوراته وإحيائها من خلال تلك الصورة.

  • تساعد المتعلم على الوصول إلى التّعبير المقصود والصحيح بالنظر إلى مكتسباته القبلية ورؤيته الخاصة للأشياء والعالم وللبيئة التي يعيشها من حوله؛ فهي تقدمه بكل موضوعية وحياد دون تدخّل ذاتية الكاتب الذي قد تؤثر على النص المكتوب من خلال خلفيات معيّنة.

  • تشكّل الصورة مصدرا لمعرفة المتعلم للعالم من حوله وللمسمّيات الجديدة، فهو يتساءل باستمرار عن المستجدات التي حملتها الصورة في طياتها، بل قد يتعرف على بعض الأشياء ووظائفها من خلال خلق علاقة بينها وبين الموجودات المعروفة لديه، وهو بذلك « يحولها إلى منظومة لغويّة نصحّحها له ونقومها بواسطة الصحة والخطأ، وبذلك تتحقق فاعلية الصورة في كتاب التلميذ لتكون جزءا محوريا لاكتسابه المهارة اللغوية»23.

  • تخلق الصورة للمتعلم متّسعا للتعبير غير محدود، فقد يأخذ المتعلم جزءا كبيرا منها ليكون محور تعبيره، فلا يقع في أي حرج، ولهذا فالصورة مجال رحب وخصب للمتعلم يسمح له بتفعيل ملكة الخيال عنده وخلق عالم خاص به من منطلق أنه يتفاعل معها تلقائيا دون حدود قد تحدّ من حريته في التّعبير.

  • تنمّي الصورة التّعليمية كفاءات عديدة وسهلة يستطيع المتعلم امتلاكها والإبداع فيها؛ مثل: الوصف والسرد والنقد وغيرها.

  • تسهّل الصّورة عملية الإدراك وإنتاج الأفكار بغزارة، لذا نجد أن أرسطو يصرّح قائلا: إنّ التفكير مستحيل من دون صور.

  • التّدرّب على فهم النّصوص اللّـــغوية وترسيخها واختزانها بعد تحويلها إلى صور في مخيّلته.

  • تستثير الصور اهتمام المتعلم، خاصة إذا كانت تنبع من احتياجاته و تعبّر عن رغباته، حيث إن الصور الثابتة أو المتحرّكة، أو المجسّمات أو غيرها تقدم معارف مختلفة، يستطيع المتعلم من خلالها إشباع ميولاته وتوسيع مداركه.

  • تساعد الصورة على أن يكون المتعلم أكثر استعدادا ورغبة للتعلم وتقبلا للمادة المعرفيّة مهما كانت صعوبتها، وهذا ما نلاحظه عند تقديم صور ثابتة أو متحرّكة(فيديو) له، حيث يزيد شغف المتعلم وحبه للمادة التّعليميّة أكثر من قراءة النّص المكتوب، كما أن تفاعله يكون مضاعفا ممّا يزيد من حجم استيعابه.

  • تدفع الصورة المتعلم إلى إشراك جميع الحواس في التّعلّم والاستيعاب، حيث تشحذ ذهنه نحو التّفكير والتّأويل والتّحليل، وهذا ما يجعله قادرا على التّلقي (فهم الصورة) والإنتاج(التّعبير)، وهما قطبا الكفاءة التّواصليّة.

  • تساعد الصورة على تجاوز الفروقات الفرديّة بين المتعلّمين( والتي تشكّل عقبة كبيرة في التّعليم والتّعلم)، وذلك من خلال التّنويع في أساليب التّعلّم، لأن لكل متعلّم ذكاء خاص، يختلف عن باقي ذكاءات زملائه، وبهذا التّنوع يمكننا أن ندفع جميع المتعلمين للتعلم، وبذلك نشبع رغباتهم ونحقق الكفاءات المستهدفة.

  • تعد الصورة مصدرا سهلا للاستقبال والتأويل لدي كافة المتعلمين؛ باعتبار أنها لا تحتاج إلى القراءة، بل إن استقبالها لا يحتاج في الغالب إلى الكلمات والعبارات أصلا، وهنا يمكن القول إننا أصبحنا نتعامل مع لغة جديدة هي لغة الصور وليست لغة النّصوص، وهو ما يفرض قوانين جديدة في القراءة والفهم وصناعة الدلالة، ولعل أهم ما تتميز به هذه اللغة أنها واضحة يفهمها الجميع دون استثناء رغم ما قد تحمله من معان دقيقة وعميقة تعجز اللغة عن الإفصاح به، وتحويله إلى رموز مكتوبة في أسطر قليلة.

  • تكمن أهمية الصورة من وجهة نظر جشطلتيّة أن الإدراك الحسّي يكون إدراكا للكليات وليس لمجموعة من الجزئيات المترابطة، فالكليات هي أول ما ندرك، ثم يتم تحليلها لندرك الجزئيات المكونة للكل، وبهذا المفهوم فإن الصورة تشكل الكل(المعنى أو المضمون) الذي يمكننا من فهم الأجزاء التي يفسرها النص المكتوب.

ولعل هذه النّظرة أثبتت فعاليتها باعتبارها تشكل نموذجا في التفكير والتعلم والذكاء والذاكرة، حيث إنّ أول مشكل قد يصادف المتعلم في قراءته للنّص هو عدم إدراك المضمون العام والمتكامل له بسهولة، والصورة المرفقة هي السبيل والوسيط الذي يمكنه من اجتياز هذه العقبة بسهولة ودون تضييع الوقت، وفي هذا الصدد يقول "ارشيبالد ماكليش": إن القيمة التي تخلقها الصورة أو الصور هي تنظيم التجربة الإنسانية عامة وتحقق وحدة الوجود أو إدراك لحظة التجانس الكوني العام24.

إذا، فالصورة تساهم في "تنشيط عمليات الانتباه والإدراك والتّذكر والتّصوّر والتّخيّل، وهي العمليات المهمة أيضا في التّعليم والتعلم، وأن العامل الحاسم هو الطريقة التي تقدم من خلالها، وكذلك طرائق التّعرض اليومية لهذه الصور وأساليب توظيفها بطرائق إيجابية أو سلبية"25، ومن هنا فإن على القائمين على إعداد الكتب المدرسية أن يراعوا جوانب متعددة في اختيار الصورة وتوظيفها لكي تحقق الأهداف المرجوة منها، لأنها إذا وُظّفت بطريقة غير مناسبة فإنها ستؤثر سلبا لا إيجابا على العملية التّعليميّة التعلميّة.

ختاما، يمكن القول إن الصورة وسيلة فعالة في الاتصال والتّواصل، وهي لا تقل فعاليّة عن النّصوص اللغوية، بل إنّها في كثير من الأحيان تتجاوز النّص في التّعبير عمّا يجول في خواطرنا، ولهذا وجب توظيفها بفعالية في هذا المجال الحساس (تعليم اللغة) لكي نحقق الكفاءات المستهدفة منه(الكفاءة التّواصليّة) بكل يسر وسهولة.

خـــاتمة

يعد استخدام الصور في التّعليم من التّقنيات التّربويّة الحديثة التي لها الأثر التّفاعلي البالغ لتحقيق التّواصل، خاصة لدى متعلمي المرحلة الابتدائيّة، حيث تجذبهم الصور فيصنعون لها عالما موازيا في أذهانهم يحاكون به ما تريد تلك الصور أن تعبّر عنه، فتجدهم يستلهمون منها التّعابير تارة، ويخبرون عنها أقرانهم تارة أخرى بكل شغف وبكل ما تحمله الصور من معنى.

ومن هذا المنطلق لا يعد النّص هو الوسيلة الأساسية في تنمية المهارات اللّغوية فحسب، بل تعد الصورة أيضا أداة ناجعة وفعالة لتحفيز المتعلم على التّواصل، خصوصا الشّفهي منه، حيث تخلق مجالا خصبا للتنافس يساعد المتعلمين على تخطي الخجل والتعبير دون خوف، ولذا فإن الصورة التّعليميّة هي استراتيجيّة فعالة للفهم والإنتاج في آن واحد.

إذا، فالصورة التّعليميّة تعد من أهم الوسائط الاتّصاليّة والتّواصليّة التي لا يمكن للتّعليم الاستغناء عنها، مهما تعدّدت الوسائل والدعائم، ومن المؤكد أن أهميتها هذه ترجع إلى تلك السّمات والخصائص التي قلّما نجدها في التّواصل الشّفهي أو الكتابي اللذان يستوجبان عادة اللّغة المشتركة وغيرها بين المرسل والمرسل إليه.

1 (أحمد زكي بدوي، ص 283)

2 - جميل حمداوي، أنواع الصورة، مج 1، 2014، ص:18.

3 - عوني الفاعوري، إيناس أبو عوض، دراسات العلوم الإنسانية و الاجتماعية، المجلد 32 ، العدد 2، الأردن، 2002، ص:275.

4 - عبد العظيم عبد السلام الفرجاني، تكنولوجيا إنتاج المواد التعليمية، دار الطباعة للنشر والتوزيع، القاهرة، 2000، ص:91.

5 - - Judith Lazar ,les sciences de la communication, que sais-je ?(2ème ed, Paris, Presses universitaire, Alger, Dahleb, 1993,p :45.

6 - عبد اللطيف الحشيشة، دور الصورة في الكتاب المدرسي، المجلة التونسية لعلوم التربية، المعهد القومي لعلوم التربية،ع:22، 1994، ص:14.

7 - عبد اللطيف الجابري، عبد الرحيم آيت دوصو، الكتاب المدرسي –تقنيات الإعداد وأدوات التقويم -، إفريقيا الشرق، المغرب، 2004، ص:31-32.

8 - محمد الماكري، الشكل والخطاب (مدخل لتحليل ظاهراتي)، المركز الثّقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1991م، ص:23.

9 - محمد العبد، العبارة والإشارة (دراسة في نظرية الاتصال)، مكتبة الآداب، القاهرة، ط2، 2007م، ص:12.

10 - شاكر عبد الحميد، عصر الصورة (الايجابيات والسلبيات)، منشورات عالم الفكر، الكويت، 2005م، ص:14.

11 - رولان بارت، بلاغة الصورة، تر: عمر أوكان، إفريقيا الشرق، المغرب، 1994م، ص:97.

12 - رمضان إرزيل، محمّد حسونات، نحو استراتيجيّة التّعليم بمقاربة الكفاءات، ج1، ص:215.

13 - فاطمة الزّهراء بوكرمة، الكفاءة مفاهيم ونظريّات، دار هومة، الجزائر، 2008م، ص:143-144.

14 - محمّد العبد، النّص والخطاب والاتّصال، الأكاديميّة الحديثة للكتاب الجامعي، القاهرة، مصر، ط1، 2005م، ص:16.

15 - عبد المنعم أحمد بدران، مهارات ما وراء المعرفة وعلاقتها بالكفاءة اللّغويّة، العلم والإيمان للنّشر والتّوزيع، ط1، 2008م، ص:62.

16 - أحمد عبده عوض، مداخل تعليم اللّغة العربيّة، جامعة أم القرى، مكة المكرّمة، ط1، 2000، ص:68.

17 - Robert Galison, et Coste. D, Dictionnaire de didactique des langues, édition. n 4, Paris, Hachette, 1976, p:106.

18 - محمّد محمّد يونس علي، المعنى وظلال المعنى، دار المدار الإسلامي، بيروت-لبنان، ط2، 2007م، ص:148.

19 - أحمد عبده عوض، مداخل تعليم اللّغة العربيّة، ص:68.

20 - حياة طكوك، نشاط القراءة في الطّور الأوّل(مقاربة تواصليّة)، مذكّرة مقدّمة لنيل شهادة الماجستير، جامعة سطيف، 2009/2010م، ص:145-146.

21 - دوغلاس براون، أسس تعلّم اللّغة وتعليمها، تر:عبده الرّاجحي و علي علي أحمد شعبان، دار النّهضة العربيّة، بيروت-لبنان،1994، ص:245-246

22 - المرجع نفسه، ص:246.

23 - عبد الكريم الإبراهيمي، المرجع في تعليم اللغة العربية، درا الهلال للنشر والتوزيع، الرياض، السعودية، 1989م، ص:56.

24 - عبد القادر الرباعي، الصورة في النقد الأدبي، مجلة المعرفة، دمشق، ع:204 ، 1979م، ص:45.

25 - شاكر عبد الحميد، عصر الصورة، ص:12.

أحمد زكي بدوي، معجم مصطلحات، الدراسات الإنسانية والفنون الجميلة، دار الكتاب المصري، مصر، ط1.

أحمد عبده عوض، مداخل تعليم اللّغة العربيّة، جامعة أم القرى، مكة المكرّمة، ط1، 2000.

جميل حمداوي، أنواع الصورة، مج 1، 2014.

حياة طكوك، نشاط القراءة في الطّور الأوّل(مقاربة تواصليّة)، مذكّرة مقدّمة لنيل شهادة الماجستير، جامعة سطيف، 2009/2010م.

دوغلاس براون، أسس تعلّم اللّغة وتعليمها، تر:عبده الرّاجحي و علي علي أحمد شعبان، دار النّهضة العربيّة، بيروت لبنان، 1994.

رمضان إرزيل، محمّد حسونات، نحو استراتيجيّة التّعليم بمقاربة الكفاءات، ج1.

رولان بارت، بلاغة الصورة، تر: عمر أوكان، إفريقيا الشرق، المغرب، 1994م.

شاكر عبد الحميد، عصر الصورة(الايجابيات والسلبيات)، منشورات عالم الفكر، الكويت، 2005م.

عبد العظيم عبد السلام الفرجاني، تكنولوجيا إنتاج المواد التعليمية ، دار الطباعة للنشر والتوزيع، القاهرة، 2000.

عبد القادر الرباعي، الصورة في النقد الأدبي، مجلة المعرفة، دمشق، ع:204 ، 1979م.

عبد الكريم الإبراهيمي، المرجع في تعليم اللغة العربية، درا الهلال للنشر والتوزيع، الرياض، السعودية، 1989م.

عبد اللطيف الجابري، عبد الرحيم آيت دوصو، الكتاب المدرسي –تقنيات الإعداد وأدوات التقويم ، إفريقيا الشرق، المغرب، 2004.

عبد اللطيف الحشيشة، دور الصورة في الكتاب المدرسي، المجلة التونسية لعلوم التربية، المعهد القومي لعلوم التربية،ع:22، 1994.

عبد المنعم أحمد بدران، مهارات ما وراء المعرفة وعلاقتها بالكفاءة اللّغويّة، العلم والإيمان للنّشر والتّوزيع، ط1، 2008م.

عوني الفاعوري، إيناس أبو عوض، دراسات العلوم الإنسانية و الاجتماعية ، المجلد 32 ، العدد 2، الأردن، 2002.

فاطمة الزّهراء بوكرمة، الكفاءة مفاهيم ونظريّات، دار هومة، الجزائر، 2008م.

محمّد العبد، النّص والخطاب والاتّصال، الأكاديميّة الحديثة للكتاب الجامعي، القاهرة، مصر، ط1، 2005م.

محمد العبد، العبارة والإشارة (دراسة في نظرية الاتصال)، مكتبة الآداب، القاهرة، ط2، 2007م.

محمّد محمّد يونس علي، المعنى وظلال المعنى، دار المدار الإسلامي، بيروت-لبنان، ط2، 2007م.

محمد الماكري، الشكل والخطاب(مدخل لتحليل ظاهراتي)، المركز الثّقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1991م.

Galisson, Robert, et Daniel Coste. Dictionnaire de didactique des langues. Paris: Hachette, 1976.

Lazar, Judith. Les sciences de la communication. Que sais-je ? Paris: PUF, 1996.

1 (أحمد زكي بدوي، ص 283)

2 - جميل حمداوي، أنواع الصورة، مج 1، 2014، ص:18.

3 - عوني الفاعوري، إيناس أبو عوض، دراسات العلوم الإنسانية و الاجتماعية، المجلد 32 ، العدد 2، الأردن، 2002، ص:275.

4 - عبد العظيم عبد السلام الفرجاني، تكنولوجيا إنتاج المواد التعليمية، دار الطباعة للنشر والتوزيع، القاهرة، 2000، ص:91.

5 - - Judith Lazar ,les sciences de la communication, que sais-je ?(2ème ed, Paris, Presses universitaire, Alger, Dahleb, 1993,p :45.

6 - عبد اللطيف الحشيشة، دور الصورة في الكتاب المدرسي، المجلة التونسية لعلوم التربية، المعهد القومي لعلوم التربية،ع:22، 1994، ص:14.

7 - عبد اللطيف الجابري، عبد الرحيم آيت دوصو، الكتاب المدرسي –تقنيات الإعداد وأدوات التقويم -، إفريقيا الشرق، المغرب، 2004، ص:31-32.

8 - محمد الماكري، الشكل والخطاب (مدخل لتحليل ظاهراتي)، المركز الثّقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1991م، ص:23.

9 - محمد العبد، العبارة والإشارة (دراسة في نظرية الاتصال)، مكتبة الآداب، القاهرة، ط2، 2007م، ص:12.

10 - شاكر عبد الحميد، عصر الصورة (الايجابيات والسلبيات)، منشورات عالم الفكر، الكويت، 2005م، ص:14.

11 - رولان بارت، بلاغة الصورة، تر: عمر أوكان، إفريقيا الشرق، المغرب، 1994م، ص:97.

12 - رمضان إرزيل، محمّد حسونات، نحو استراتيجيّة التّعليم بمقاربة الكفاءات، ج1، ص:215.

13 - فاطمة الزّهراء بوكرمة، الكفاءة مفاهيم ونظريّات، دار هومة، الجزائر، 2008م، ص:143-144.

14 - محمّد العبد، النّص والخطاب والاتّصال، الأكاديميّة الحديثة للكتاب الجامعي، القاهرة، مصر، ط1، 2005م، ص:16.

15 - عبد المنعم أحمد بدران، مهارات ما وراء المعرفة وعلاقتها بالكفاءة اللّغويّة، العلم والإيمان للنّشر والتّوزيع، ط1، 2008م، ص:62.

16 - أحمد عبده عوض، مداخل تعليم اللّغة العربيّة، جامعة أم القرى، مكة المكرّمة، ط1، 2000، ص:68.

17 - Robert Galison, et Coste. D, Dictionnaire de didactique des langues, édition. n 4, Paris, Hachette, 1976, p:106.

18 - محمّد محمّد يونس علي، المعنى وظلال المعنى، دار المدار الإسلامي، بيروت-لبنان، ط2، 2007م، ص:148.

19 - أحمد عبده عوض، مداخل تعليم اللّغة العربيّة، ص:68.

20 - حياة طكوك، نشاط القراءة في الطّور الأوّل(مقاربة تواصليّة)، مذكّرة مقدّمة لنيل شهادة الماجستير، جامعة سطيف، 2009/2010م، ص:145-146.

21 - دوغلاس براون، أسس تعلّم اللّغة وتعليمها، تر:عبده الرّاجحي و علي علي أحمد شعبان، دار النّهضة العربيّة، بيروت-لبنان،1994، ص:245-246

22 - المرجع نفسه، ص:246.

23 - عبد الكريم الإبراهيمي، المرجع في تعليم اللغة العربية، درا الهلال للنشر والتوزيع، الرياض، السعودية، 1989م، ص:56.

24 - عبد القادر الرباعي، الصورة في النقد الأدبي، مجلة المعرفة، دمشق، ع:204 ، 1979م، ص:45.

25 - شاكر عبد الحميد، عصر الصورة، ص:12.

فيصل بن علي

جامعة الجزائر Alger 2

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article