المقدمة
بعد ظهور بوادر علم اللّسان الحديث linguistique وإرساء أسسه مطلع القرن العشرين في دروس اللّساني السويسري فردينان دوسوسور « Ferdinand De Saussure » التي جمعها طلابه ونشروها عام 1916 بعد وفاته في كتاب عنوانه : Cours de linguistique générale11 أي دروس في علم اللّسان العام؛ استرعت انتباه اللّغويين الغربيّين مقاربة دوسوسور لأحداث اللّسان المخالفة لمقاربة الفلاسفة الذين اهتموا في قرون خلت بدراسة اللّغة أمثال سقراط وافلاطون وأرسطو والمخالفة أيضا لدراسة النّحاة السّابقين، ووصفت تلك المقاربة بالمقاربة العلمية، وهي مقاربة بنوية هيمنت على الدراسات اللّسانيّة الحديثة، بغض النظر عن الخلافات القائمة بين المدارس اللّسانيّة التي تأسست لاحقا في الغرب، وبغض النظر عن تباين نظريات تلك المدارس التي كانت دروس دوسوسور هي منطلقها.
ومن أبرز اللّسانيّن الغربيين الأوائل الذين أسهموا في تطوير علم اللّسان الحديث اللّساني الفرنسي أندري مارتيني André Martinet واللّساني الأمريكي نعوم شومسكي Noam Chomsky، وتجلى إسهام أندري مارتيني خاصّة في كتابه الموسوم بـ : Eléments de linguistique générale2 أي مبادئ علم اللّسان العام بينما تجلى إسهام نعوم شومسكي على الخصوص في كتابه الموسوم بـ : Syntactic structures3 أي البنى التركيبية، وتضمن هذا الكتاب نظريته المعروفة بـ : Théorie de la grammaire générative transformationnelle أي نظرية النحو التفريعي التحويلى التي صاغها بمعية طلابه.
وقد ترجم كل من كتاب مارتيني وكتاب شومسكي إلى عدّة لغات منها اللّغة العربيّة التي ترجمت إليها أيضا جل الكتب اللّسانية التي ألّفت لاحقا في الغرب، كما توالت المؤلفات العربية الساعية إلى تعريف القارئ العربي بهذا العلم الجديد ومحاولة تطبيق مبادئه في دراسة اللّغة العربية، وتوصل بعض منها إلى نتائج معتبرة.
وإلى جانب تلك المؤلفات ظهرت مؤلفات عربية أخرى كان هاجسها الأول هو التأصيل لبعض مفاهيم علم اللّسان الحديث وبعض مناهجه في الدراسات العربية القديمة لإثبات السبق للعلماء العرب الباحثين في مجال اللّغة.
إلاّ أنّ الدراسات التي تضمنتها تلك المؤلّفات لم تقم على منهج المقابلة بين الأصل العربي والأصل الأجنبي بلغته الأصلية، للكشف بصفة ملموسة عن مواطن الاتفاق بينهما وإثبات السبق للعرب بالحجة الدامغة؛ وإنّما كانت جل تلك الدراسات تنطلق من النصّ العربي وتحاول تأصيل النصّ الأجنبي فيه انطلاقا من الترجمات العربية لذلك النصّ، أو شرحا للنصّ الأجنبي باللّغة العربية مع تغييب النصّ الأجنبي تغييبا تاما، وهذا المنهج في نظرنا منهج غير سليم؛ لأنّ الفرع ليس كالأصل، سواء أكان ترجمة أم شرحا للنصّ الأجنبي، فقد يحتوي هذا الفرع على زيادة أو نقصان أو تأويل خاطئ. وفضلا عن ذلك فإن تلك الدراسات لم تكن تتناول الظاهرة اللّغوية موضوع المعالجة بالتحليل لإدراك المصطلح الدّال عليها، وبالتالي إيجاد مكافئه الأجنبي الأسمى وإنّما كانت تنطلق من ذاك المصطلح وتقابله بالمكافئ اللّغوي المباشر، كمقابلة مصطلح الكلام بمفهوم ابن جنّي والزمخشري بالمصطلح الفرنسي la parole بمفهومه اللّساني الحديث، مع أنّ هذا المصطلح يحيل على مفهوم عربي آخر في الاصطلاح وهو اللّغة في الاستعمال.
وقد أدى ذلك المنهج الخاطئ في الدراسة إلى إحداث التباسات في أذهان بعض الطلبة الباحثين في مجال علم اللّسان الحديث والدراسات اللّغوية العربيّة القديمة، ووقوعهم في أخطاء جسيمة لاعتمادهم ذلك المنهج، خاصة منهم أولئك الطلبة الذين يكتفون به لعدم تمكّنهم من لغة أجنبية تمكّنا تاما يخولهم الرجوع إلى النصوص الأجنبية ودراستها دراسة معمّقة تمكنهم من الوصول إلى استنتاجات حصيفة عند مقابلتها بالنصوص العربية. لذا آلينا على أنفسنا كتابة هذا المقال الذي لا نسعى منه إلى إثبات السبق لعلماء اللّغة العربية القدامى في معالجة مسألة لغوية أو تطبيق منهج، لأنّ قيمة أولئك العلماء ثابتة في ذاتها لا جدال فيها، ولا تحتاج إلى إثبات بالمقارنة، وإنمّا غرضنا من هذا المقال هو تزويد الطلبة الباحثين بكيفية دراسة مدوّنة قوامها نصوص لغوية عربية قديمة في مقابلة بنصوص لسانية أجنبية تدرس ظاهرة لغوية واحدة، من أجل الوصول إلى المكافئ الأجنبي الأسمى للمصطلح العربي الدّال عليها، واخترنا أن تكون هذه الظاهرة هي الكلام في الاصطلاح، لأنّ موضوع الكلام موضوع جوهري في الدرس اللّغوي، ولهذا خصّص ابن جنّي أوّل باب عقده في كتابه الخصائص للفصل بين الكلام والقول.
ننطلق في دراستنا من الإشكالية الآتية :
-
كيف يتم الوصول إلى المكافئ الأجنبي الأسمى للمصطلح اللّغوي العربي عند القيام ببحث موضوعه الدرس اللّغوي العربي في مقابلة بالدرس اللّساني الحديث؟
ويتفرّع عن هذا التساؤل العلمي الأساسي التساؤلان الآتيان :
-
هل الانطلاق من المصطلح في النصّ العربي يوصلنا الى مكافئه الأجنبي الأسمى؟
-
ما هو المنهج الذي يؤدي إلى الغرض المنشود؟
وللإجابة عن هذه التساؤلات طرحنا الفرضيتين الآتيتين :
-
الانطلاق من المصطلح العربي لا يؤدي بالضرورة إلى المكافئ الأجنبي الأسمى، وإنمّا يؤدي إلى المقابل اللّغوي المباشر المكرّس في القواميس.
-
شرح الظواهر اللّغوية أولا ثمّ ربطها بمسمياتها هو الذي يوصل إلى المكافئ الأجنبي الأسمى باعتماد منهج المقابلة وتوأمة النصوص.
وقد اخترنا مدونة لبحثنا نصّين عربيين يعالج كل منهما موضوع الكلام أحدهما لابن جني والآخر للزمخشري، وثلاثة نصوص فرنسية تعالج الظاهرة الّلغوية نفسها وهي le syntagme prédicatif وصاحب هذه النصوص هو أندري مارتيني، وقد وقع اختيارنا عليه باعتباره مؤسّس المذهب الوظيفي الذي تقترب طروحاته من طروحات علماء اللّغة العربية الأوائل عامة، وتتقرب من طروحات ابن جني والزمخشري خاصة، ونقوم بدراسة هذه المدوّنة بعد توضيح منهج المعالجة والخطوات المتّبعة.
1. منهج المعالجة
نعتمد في دراسة المدونة منهج المقابلة وإقامة توأمة بين النصّين العربيين والنصوص الفرنسية، باتباع الخطوات الآتية :
-
نقدم نص ابن جني ونقوم بتحليله؛
-
نسجل الاستنتاج من التحليل ونحوصله في مخطط بياني؛
-
نقدم نصّ الزمخشري ونقوم بتحليله؛
-
نسجل الاستنتاج من التحليل ونحوصله في مخطط بياني؛
-
نقيم مقابلة بين مفهوم الكلام وخصائصه عند ابن جني والزمخشري باعتماد معطيات التحليل؛
-
نحوصل نتيجة المقابلة في مخطط بياني؛
-
نقدم النصوص الفرنسية الثلاثة ونقوم بتحليلها لاستخراج خصائص الظاهرة التي تعالجها تلك النصوص والمصطلح الدال عليها؛
-
نسجل الاستنتاج من التحليل؛
-
نقيم مقابلة بين نتائج تحليل نصي ابن جني والزمخشري بنتائج تحليل النصوص الفرنسية الثلاثة لمارتيني؛
-
نحوصل نتيجة المقابلة في جدول ونوضح نتيجة المقابلة وننهي المقال بخاتمة نجمل فيها نتائج الدراسة.
2. نصّ ابن جني ونصّ الزمخشري
1.2. نصّ ابن جني
يحدد ابن جني الكلام في كتابه الخصائص قائلا :
« أما الكلام فكل لفظ مستقلّ بنفسه مفيد لمعناه وهو الذي يسميّه النحويون الجمل، نحو زيد أخوك، وقام محمد، وضرب سعيد، وفي الدار أخوك، وصه، ومه، ولب، وأف، وأوه، فكل لفظ استقل بنفسه وجنيت منه ثمرة معناه فهو كلام. » 4
-
التحليل : اعتمد ابن جني على عنصرين أساسيين في تحديد الكلام، وهما : الاستقلالية، والفائدة، والكلام عنده مرادف للجملة، ويعتبر صه، ومه، ولب وأف وأوه كلاما من معنى الجملة، وهذا يعني أن الاسناد الظاهر في نظره لا يشترط كعنصر لتحقيق الفائدة، فقد يفيد عنصر وحيد فائدة يحسن السكوت عليها دون أن يتبيّن فيها الاسناد.
-
الاستنتاج : نستنتج من تحديد ابن جني أنّ للكلام أربع خصائص يمكن توضيحها في المخطط البياني الاتي :
2.2. نصّ الزمخشري
يحدّد الزمخشري الكلام في كتابه المفصل قائلا : « [...] والكلام هو المركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى أخرى، وذلك لا يأتي إلا في اسمين كقولك زيد أخوك، وبشر صاحبك، أو في فعل واسم نحو قولك : ضرب زيد، وانطلق بكر، ويسمى الجملة »5.
وقال في شرحه : « ولا يتألف [ الكلام ] من أقل من كلمتين، فأما قولك صه بمعنى أسكت، ومه بمعنى أكفف، ففي كل منهما ضمير للمخاطب، والضمير المستتر يجري مجرى الاسم الظاهر »6
-
التحليل : انطلق الزمخشري في تحديد الكلام من منطلق قوامه الإسناد، فالكلام في نظره ما هو إلاّ إقامة الصلة بين المسند إليه، وهو ما يخبر عنه، والمسند وهو ما يخبر به، وناتج إقامة تلك الصلة هو الجملة، ويكون الإسناد ظاهرا أو مقدرا كما في « صه » و« مه » أي إن المسند إليه هو ضمير مستتر يجري مجرى الاسم الظاهر.
-
الاستنتاج : نستنتج من تحديد الزمخشري أن للكلام خاصتين أساسيتين هما التركيب والاسناد كما هو موضح في المخطط البياني الآتي :
3.2. مقابلة مفهوم الكلام وخصائصه عند ابن جني وعند الزمخشري
تبيّن مقابلة تحليل نصّي ابن جني والزمخشري أنّ الكلام عند هذين العالمين مرادف للجملة ومرادف للتركيب الإسنادي، وهو عند الزمخشري ترادف صريح، أما عند ابن جني فنستشفه من نماذج الجمل التي استشهد بها، ويطابق بعضها مطابقة تامة الجمل التي استشهد بها الزمخشري مثل : زيد أخوك، وضرب سعيد (عند ابن جني)، وزيد أخوك وضرب زيد (عند الزمخشري). والإسناد في هذه الجمل صريح، ونجد الإسناد المضمر أيضا عند كليهما وقد مثلا له بـ « صه » و« مه » وأضاف ابن جني « أف » و« أوه ».
ويمكن الجمع بين خصائص الكلام عند ابن جني وعند الزمخشري في المخطط البياني الاتي :
3. نصوص مارتيني
عدد النصوص كما سبق ان أشرنا ثلاثة، وموضوعها هو : le syntagme prédicatif أي التركيب الاسنادي.
-
النص الأول : عناصر التركيب الإسنادي : يحدد مارتيني عناصر le syntagme prédicatif قائلا :« … en français…, le syntagme prédicatif est toujours composé au moins d’un sujet et d’un monème prédicatif. »7
-
النص الثاني : استقلالية التركيب الإسنادي :« Le syntagme il y avait fête,… est indépendant, on le désigne syntagme prédicatif. »8
-
النص الثالث : أحادية المسند :« La situation ne suffit guère à actualiser un monème unique que dans le cas d’injonction, d’insulte ou de salutation : va ! cours ! vole ! vite ! ici !... »9
-
التحليل : يتناول مارتيني النصوص الثلاثة موضوع le syntagme prédicatif فيذكر في النصّ الاوّل أنّه مركب على الأقل من عنصرين هما :
-
le sujet أي المسند إليه وهو المخبر عنه؛
-
le monème prédicatif أي اللّفظة الإسنادية، وهي المسند أي المخبر به.
ويكشف في النصّ الثاني عن الخاصية الأساسية للتركيب الإسنادي وهي الاستقلالية. أما في النصّ الثالث فيقدم أمثلة للمسندات التي تكون وحيدة وتكتفي بنفسها، أي لا تحتاج إلى مقام لتتحقق مثل : ... !cours !va .
-
الاستنتاج : نستنتج من تحليل النصوص الثلاثة أن le syntagme prédicatif تركيب مستقل متكوّن على الأقل من عنصرين هما المسند والمسند إليه، ويمكن أن يتقلص إلى لفظة وحيدة هي المسند.
4. مقابلة نصوص مارتيني بنصوص ابن جني والزمخشري
تبيّن لنا مقابلة نصوص مارتيني بنصي ابن حني والزمخشري أنّها متطابقة تماما مع ذلكين النصّين، وهذا ما يتضح من جدول المقابلة الآتي :
الكلام عند ابن جني |
Le syntagme prédicatif عند مارتيني |
الكلام عند الزمخشري |
جملة مكونة من : مسند إليه مسند؛ مسند + مسند إليه؛ لفظ مستقل = مفيد؛ يتقلص إلى مسند (« صه »، « مه »...). |
Composé d’un sujet et d’un monème prédicatif10 Indépendant Monème unique (va ! cours !...) |
جملة؛ مركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى؛ لا يتألف من أقل من كلمتين؛ يتقلص إلى مسند (« صه » و« مه »). |
جدول المقابلة بين مفهوم الكلام عند ابن جني والزمخشري ومفهومle syntagme prédicatif عند مارتيني
والنتيجة التي نخرج بها من المقابلة السابقة أنّ المصطلح le syntagme prédicatif هو المكافئ الأسمى لمصطلح الكلام وليس مصطلح parole الذي يحيل على مصطلح لغوي عربي آخر هو اللّغة في الاستعمال؛ فقد بيّن لنا تحليل النصّين العربيين والنصوص الفرنسية وإقامة توأمة بينها أنّ تلك النصوص جميعا تعالج الظاهرة اللّسانية نفسها التي تسمى الكلام عند ابن جني والزمخشري، وتسمى le syntagme prédicatif عند مارتيني، مع ملاحظة أنّ المصطلح اللّساني الفرنسي parole بمفهوم دوسوسور يمكن أن يقابل بالمصطلح الكلام عند القيام بمجرد ترجمة النصوص الأجنبية إلى العربية، وليس عند دراسة النصوص اللّغوية العربية القديمة التي موضوعها الكلام في علاقة بالنصوص اللّسانية الحديثة.
الخاتمة
استرعت الدراسات اللّسانية التي ظهرت في الغرب أوائل القرن العشرين وعرفت في الفرنسية بـ : la linguistique أي علم اللّسان اهتمام الباحثين اللّغويين العرب، فهب فريق منهم إلى ترجمة تلك الدراسات إلى اللّغة العربية، واهتم فريق ثان بإقامة مقارنة بين تلك الدراسات والدراسات اللّغوية العربية القديمة، إلا أن منهج المقارنة لديهم لم يقم على أساس علمي سليم، مماّ أدى إلى أخطاء جسيمة في إيجاد المكافئات الدقيقة للمصطلحات الموظفة، فقد كان ذلك المنهج ينطلق من المصطلح ويقابله بمصطلح آخر هو في أغلب الأحيان المصطلح اللّغوي المباشر الذي لا يحيل بالضرورة على الظاهرة اللّغوية نفسها مما يؤدي إلى نتائج خاطئة، وهذا يعني أنّ المنهج السليم يستدعي الانطلاق من دراسة الظاهرة اللّغوية في النصوص العربية والأجنبية بواسطة منهج المقابلة للتوصل إلى المكافئات الدقيقة التي تحيل على تلك الظاهرة.
وقد سعينا في هذا المقال إلى توضيح كيفية تطبيق هذا المنهج في دراسة نصّين عربيين موضوعهما الكلام أحدهما لابن جني والآخر للزمخشري، وثلاثة نصوص فرنسية موضوعها le syntagme prédicatif لمارتيني ولابد من الإشارة إلى أن منهجنا في هذه الدراسة هو من تصورنا ولهذا لم نحتج إلى اعتماد مراجع كثيرة، وإنّما اكتفينا بأربعة مراجع استقينا منها مدونتنا أربعة مراجع منها مدونتنا واستعنا بها في فهم الظاهرة اللّغوية المدروسة ، وبعد دراسة تلك النصوص وتحليلها وإقامة مقابلة بينها وتسجيل نتائج تلك المقابلة بينها تبيّن لنا حصافة الإشكالية المطروحة المتمثّلة في كيفية الوصول إلى المكافئ الأجنبي الأسمى للمصطلح اللّغوي العربي عند القيام ببحث موضوعه الدرس اللّغوي العربي في مقابلة بالدرس اللّساني الحديث.
كما بيّنت لنا مقابلة النصوص وإقامة توأمة بينها صحة الفرضيين اللّتين طرحناهما. فقد أثبتنا بالحجة الدامغة أن الانطلاق من المصطلح العربي لإيجاد مكافئه الأجنبي الأسمى منهج غير سليم، لأنّه قد يؤدي إلى المقابل اللّغوي المباشر الذي قد لا يحيل إلى الظاهرة اللّغوية نفسها، وأن المنهج السليم هو شرح الظاهرة اللّغوية أولا ثم ربطها بالمصطلح الدال عليها للتمكن من إيجاد مكافئه الأجنبي الأسمى وهذا ما أثبتته دراستنا هذه، حيث تبيّن أن المكافئ اللّساني الفرنسي الأسمى لمصطلح الكلام بمفهوم ابن جني والزمخشري هو : le syntagme prédicatif بمفهوم أندري مارتيني، وليس المقابل اللّغوي المباشر la parole بمفهوم دوسوسر الذي يحيل على مفهوم اللّغة في الاستعمال عند علماء اللّغة العربية القدماء.
لقد أثبتت هذه الدراسة نجاعة منهجنا ويمكن تطبيقه عند القيام ببحوث لغوية قوامها الدرس اللّغوي العربي القديم في علاقة بالدرس اللّساني الحديث، لإيجاد المكافئ الأسمى للمصطلح الدال على الظاهرة اللّغوية المدروسة.