دراسة الظاهرة اللّغوية بمنهج المقابلة وتوأمة النصوص للوصول إلى المكافى الأجنبي الأسمى

Studying the linguistic phenomenon using the comparative method and twinning texts to reach the supreme foreign equivalent

مليكة قشي - بوعكاز

Citer cet article

Référence électronique

مليكة قشي - بوعكاز, « دراسة الظاهرة اللّغوية بمنهج المقابلة وتوأمة النصوص للوصول إلى المكافى الأجنبي الأسمى », Aleph [En ligne], 9 (3) | 2022, mis en ligne le 18 juin 2022, consulté le 30 décembre 2024. URL : https://aleph.edinum.org/6233

تتناول كثير من البحوث الجامعية موضوع الدرس اللّغوي العربي في علاقته بالدرس اللّساني الحديث، وتنطلق هذه البحوث عادة من النصّ العربي وتحاول أن تؤصل فيه النصّ الأجنبي وذلك اعتمادا على الترجمات العربية لهذا النصّ أو على شرحه باللّغة العربية، مع تغييب النصّ الأجنبي تغييبا تاما، وهذا النهج غير سليم، لأنّ الفرع ليس كالأصل؛ سواء أكان ترجمة أم شرحا للنصّ الأجنبي؛ فقد يحتوي هذا الفرع على زيادة أو نقصان أو تأويل خاطئ. وفضلا عن ذلك، فإنّ هذه البحوث لا تقوم بدراسة الظاهرة اللّغوية موضوع المعالجة لإدراك المصطلح الدال عليها، وبالتالي إيجاد مكافئه الأسمى في اللّغة الثانية، وإنما تنطلق من ذاك المصطلح وتقابله بالمكافئ اللّغوي المباشر كمقابلة مصطلح الكلام، بمفهوم ابن جني والزمخشري، بالمصطلح الفرنسي Parole بمفهومه اللّساني الحديث، مع أنّ هذا المصطلح يحيل على مفهوم عربي آخر في الاصطلاح وهو اللّغة في الاستعمال؛ لهذا فإنّ أفضل منهج لمعالجة هذا النوع من البحوث هو تطبيق منهج المقابلة بين النّصين العربي والأجنبي بإقامة توأمة بينهما، والانطلاق من شرح الظاهرة اللّغوية وليس من المصطلح الدال عليها. وقد طبقنا نحن هذا المنهج في دراستنا هذه وتبين لنا أن المكافئ الفرنسي الأسمى لمصطلح الكلام بمفهوم ابن جني والزمخشري هو le syntagme prédicatif بمفهوم مارتيني.

De nombreuses recherches universitaires traitent le sujet des études arabes sur la langue en relation avec la linguistique. Ces recherches prennent, généralement, le texte arabe comme point de départ et essaient d’y enraciner le texte en langue étrangère, en se basant sur la traduction ou les explications de ce texte en langue arabe, sans aucune mention du texte en langue étrangère. Une telle approche est incorrecte car il peut y avoir des ajouts ou des omissions ou de fausses interprétations du texte original. En outre, ce type de recherche n’étudie pas le phénomène linguistique en question pour comprendre le concept qui le désigne afin de trouver son équivalent dans la deuxième langue. Ainsi, le terme est mis directement en équivalence avec le terme linguistique. C'est le cas du terme « al-kalam » d’Ibn Ğinni et d’Az-Zamašari et le terme de « parole » en linguistique moderne, bien que ce dernier fait référence à un autre concept dans la terminologie arabe qui est « al-luġa fi-l-istiʿmāl » (littéralement : la langue dans l‘usage). Pour cette raison, la meilleure méthode d’analyse dans ce type de recherche est d’appliquer la méthode comparative entre le texte en langue étrangère et le texte en langue arabe en établissant un jumelage entre les deux et de partir de l’explication du phénomène linguistique et non du terme qui le dénote. En appliquant cette méthode dans notre étude, il nous est apparu clairement que l’équivalent français suprême du terme « al-kalām » au sens d’Ibn Ğinni et d’Az-Zamašari est le terme de « syntagme prédicatif » chez Martinet.

Many university research studies deal with the Arabic studies of language in relation to linguistics. These research studies, usually, start from the Arabic text and try to root the foreign text in it, on the basis of its translation or explanation in Arabic, without any mention of the foreign text. This approach is incorrect, because there can be additions or deletions or misinterpretations of the original text. In addition, to understand the term which designates it, this kind of research does not study the linguistic phenomenon which is the object of the treatment, but it proceeds from this term and opposes it to the direct linguistic equivalent. This is the case of the concept of « al-Kalām » of Ibn Ğinni and Az-Zamaḫšari and the modern linguistic concept of « Parole », though this later refers to another concept of Arabic linguistics which is « al-luġa fi-l-isti’māl » (literally: the language is use). For this reason, the best approach to deal with this type of research is to apply the comparative method between the Arabic and the foreign texts by establishing a twinning between them and start from the explanation of the linguistic phenomenon and not from the term denoting it. By applying this method in our study, it became

clear to us that the supreme French equivalent of the term « al-Kalām », in the sense of Ibn Ğinni and Az-Zamaḫšari, is the concept of « Predicative phrase » of Martinet.

المقدمة

بعد ظهور بوادر علم اللّسان الحديث linguistique وإرساء أسسه مطلع القرن العشرين في دروس اللّساني السويسري فردينان دوسوسور « Ferdinand De Saussure » التي جمعها طلابه ونشروها عام 1916 بعد وفاته في كتاب عنوانه : Cours de linguistique générale11 أي دروس في علم اللّسان العام؛ استرعت انتباه اللّغويين الغربيّين مقاربة دوسوسور لأحداث اللّسان المخالفة لمقاربة الفلاسفة الذين اهتموا في قرون خلت بدراسة اللّغة أمثال سقراط وافلاطون وأرسطو والمخالفة أيضا لدراسة النّحاة السّابقين، ووصفت تلك المقاربة بالمقاربة العلمية، وهي مقاربة بنوية هيمنت على الدراسات اللّسانيّة الحديثة، بغض النظر عن الخلافات القائمة بين المدارس اللّسانيّة التي تأسست لاحقا في الغرب، وبغض النظر عن تباين نظريات تلك المدارس التي كانت دروس دوسوسور هي منطلقها.

ومن أبرز اللّسانيّن الغربيين الأوائل الذين أسهموا في تطوير علم اللّسان الحديث اللّساني الفرنسي أندري مارتيني André Martinet واللّساني الأمريكي نعوم شومسكي Noam Chomsky، وتجلى إسهام أندري مارتيني خاصّة في كتابه الموسوم بـ : Eléments de linguistique générale2 أي مبادئ علم اللّسان العام بينما تجلى إسهام نعوم شومسكي على الخصوص في كتابه الموسوم بـ  : Syntactic structures3 أي البنى التركيبية، وتضمن هذا الكتاب نظريته المعروفة بـ  : Théorie de la grammaire générative transformationnelle أي نظرية النحو التفريعي التحويلى التي صاغها بمعية طلابه.

وقد ترجم كل من كتاب مارتيني وكتاب شومسكي إلى عدّة لغات منها اللّغة العربيّة التي ترجمت إليها أيضا جل الكتب اللّسانية التي ألّفت لاحقا في الغرب، كما توالت المؤلفات العربية الساعية إلى تعريف القارئ العربي بهذا العلم الجديد ومحاولة تطبيق مبادئه في دراسة اللّغة العربية، وتوصل بعض منها إلى نتائج معتبرة.

وإلى جانب تلك المؤلفات ظهرت مؤلفات عربية أخرى كان هاجسها الأول هو التأصيل لبعض مفاهيم علم اللّسان الحديث وبعض مناهجه في الدراسات العربية القديمة لإثبات السبق للعلماء العرب الباحثين في مجال اللّغة.

إلاّ أنّ الدراسات التي تضمنتها تلك المؤلّفات لم تقم على منهج المقابلة بين الأصل العربي والأصل الأجنبي بلغته الأصلية، للكشف بصفة ملموسة عن مواطن الاتفاق بينهما وإثبات السبق للعرب بالحجة الدامغة؛ وإنّما كانت جل تلك الدراسات تنطلق من النصّ العربي وتحاول تأصيل النصّ الأجنبي فيه انطلاقا من الترجمات العربية لذلك النصّ، أو شرحا للنصّ الأجنبي باللّغة العربية مع تغييب النصّ الأجنبي تغييبا تاما، وهذا المنهج في نظرنا منهج غير سليم؛ لأنّ الفرع ليس كالأصل، سواء أكان ترجمة أم شرحا للنصّ الأجنبي، فقد يحتوي هذا الفرع على زيادة أو نقصان أو تأويل خاطئ. وفضلا عن ذلك فإن تلك الدراسات لم تكن تتناول الظاهرة اللّغوية موضوع المعالجة بالتحليل لإدراك المصطلح الدّال عليها، وبالتالي إيجاد مكافئه الأجنبي الأسمى وإنّما كانت تنطلق من ذاك المصطلح وتقابله بالمكافئ اللّغوي المباشر، كمقابلة مصطلح الكلام بمفهوم ابن جنّي والزمخشري بالمصطلح الفرنسي la parole بمفهومه اللّساني الحديث، مع أنّ هذا المصطلح يحيل على مفهوم عربي آخر في الاصطلاح وهو اللّغة في الاستعمال.

وقد أدى ذلك المنهج الخاطئ في الدراسة إلى إحداث التباسات في أذهان بعض الطلبة الباحثين في مجال علم اللّسان الحديث والدراسات اللّغوية العربيّة القديمة، ووقوعهم في أخطاء جسيمة لاعتمادهم ذلك المنهج، خاصة منهم أولئك الطلبة الذين يكتفون به لعدم تمكّنهم من لغة أجنبية تمكّنا تاما يخولهم الرجوع إلى النصوص الأجنبية ودراستها دراسة معمّقة تمكنهم من الوصول إلى استنتاجات حصيفة عند مقابلتها بالنصوص العربية. لذا آلينا على أنفسنا كتابة هذا المقال الذي لا نسعى منه إلى إثبات السبق لعلماء اللّغة العربية القدامى في معالجة مسألة لغوية أو تطبيق منهج، لأنّ قيمة أولئك العلماء ثابتة في ذاتها لا جدال فيها، ولا تحتاج إلى إثبات بالمقارنة، وإنمّا غرضنا من هذا المقال هو تزويد الطلبة الباحثين بكيفية دراسة مدوّنة قوامها نصوص لغوية عربية قديمة في مقابلة بنصوص لسانية أجنبية تدرس ظاهرة لغوية واحدة، من أجل الوصول إلى المكافئ الأجنبي الأسمى للمصطلح العربي الدّال عليها، واخترنا أن تكون هذه الظاهرة هي الكلام في الاصطلاح، لأنّ موضوع الكلام موضوع جوهري في الدرس اللّغوي، ولهذا خصّص ابن جنّي أوّل باب عقده في كتابه الخصائص للفصل بين الكلام والقول.

ننطلق في دراستنا من الإشكالية الآتية :

  • كيف يتم الوصول إلى المكافئ الأجنبي الأسمى للمصطلح اللّغوي العربي عند القيام ببحث موضوعه الدرس اللّغوي العربي في مقابلة بالدرس اللّساني الحديث؟

ويتفرّع عن هذا التساؤل العلمي الأساسي التساؤلان الآتيان :

  • هل الانطلاق من المصطلح في النصّ العربي يوصلنا الى مكافئه الأجنبي الأسمى؟

  • ما هو المنهج الذي يؤدي إلى الغرض المنشود؟

وللإجابة عن هذه التساؤلات طرحنا الفرضيتين الآتيتين :

  • الانطلاق من المصطلح العربي لا يؤدي بالضرورة إلى المكافئ الأجنبي الأسمى، وإنمّا يؤدي إلى المقابل اللّغوي المباشر المكرّس في القواميس.

  • شرح الظواهر اللّغوية أولا ثمّ ربطها بمسمياتها هو الذي يوصل إلى المكافئ الأجنبي الأسمى باعتماد منهج المقابلة وتوأمة النصوص.

وقد اخترنا مدونة لبحثنا نصّين عربيين يعالج كل منهما موضوع الكلام أحدهما لابن جني والآخر للزمخشري، وثلاثة نصوص فرنسية تعالج الظاهرة الّلغوية نفسها وهي le syntagme prédicatif وصاحب هذه النصوص هو أندري مارتيني، وقد وقع اختيارنا عليه باعتباره مؤسّس المذهب الوظيفي الذي تقترب طروحاته من طروحات علماء اللّغة العربية الأوائل عامة، وتتقرب من طروحات ابن جني والزمخشري خاصة، ونقوم بدراسة هذه المدوّنة بعد توضيح منهج المعالجة والخطوات المتّبعة.

1. منهج المعالجة 

نعتمد في دراسة المدونة منهج المقابلة وإقامة توأمة بين النصّين العربيين والنصوص الفرنسية، باتباع الخطوات الآتية :

  • نقدم نص ابن جني ونقوم بتحليله؛

  • نسجل الاستنتاج من التحليل ونحوصله في مخطط بياني؛

  • نقدم نصّ الزمخشري ونقوم بتحليله؛

  • نسجل الاستنتاج من التحليل ونحوصله في مخطط بياني؛

  • نقيم مقابلة بين مفهوم الكلام وخصائصه عند ابن جني والزمخشري باعتماد معطيات التحليل؛

  • نحوصل نتيجة المقابلة في مخطط بياني؛

  • نقدم النصوص الفرنسية الثلاثة ونقوم بتحليلها لاستخراج خصائص الظاهرة التي تعالجها تلك النصوص والمصطلح الدال عليها؛

  • نسجل الاستنتاج من التحليل؛

  • نقيم مقابلة بين نتائج تحليل نصي ابن جني والزمخشري بنتائج تحليل النصوص الفرنسية الثلاثة لمارتيني؛

  • نحوصل نتيجة المقابلة في جدول ونوضح نتيجة المقابلة وننهي المقال بخاتمة نجمل فيها نتائج الدراسة.

2. نصّ ابن جني ونصّ الزمخشري

1.2. نصّ ابن جني

يحدد ابن جني الكلام في كتابه الخصائص قائلا :

 « أما الكلام فكل لفظ مستقلّ بنفسه مفيد لمعناه وهو الذي يسميّه النحويون الجمل، نحو زيد أخوك، وقام محمد، وضرب سعيد، وفي الدار أخوك، وصه، ومه، ولب، وأف، وأوه، فكل لفظ استقل بنفسه وجنيت منه ثمرة معناه فهو كلام. » 4

  1. التحليل : اعتمد ابن جني على عنصرين أساسيين في تحديد الكلام، وهما : الاستقلالية، والفائدة، والكلام عنده مرادف للجملة، ويعتبر صه، ومه، ولب وأف وأوه كلاما من معنى الجملة، وهذا يعني أن الاسناد الظاهر في نظره لا يشترط كعنصر لتحقيق الفائدة، فقد يفيد عنصر وحيد فائدة يحسن السكوت عليها دون أن يتبيّن فيها الاسناد.

  2. الاستنتاج : نستنتج من تحديد ابن جني أنّ للكلام أربع خصائص يمكن توضيحها في المخطط البياني الاتي :

Image 100002010000028000000164F1B3418385D11ABD.png

2.2. نصّ الزمخشري

يحدّد الزمخشري الكلام في كتابه المفصل قائلا : « [...] والكلام هو المركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى أخرى، وذلك لا يأتي إلا في اسمين كقولك زيد أخوك، وبشر صاحبك، أو في فعل واسم نحو قولك : ضرب زيد، وانطلق بكر، ويسمى الجملة »5.

وقال في شرحه : « ولا يتألف [ الكلام ] من أقل من كلمتين، فأما قولك صه بمعنى أسكت، ومه بمعنى أكفف، ففي كل منهما ضمير للمخاطب، والضمير المستتر يجري مجرى الاسم الظاهر »6

  1. التحليل : انطلق الزمخشري في تحديد الكلام من منطلق قوامه الإسناد، فالكلام في نظره ما هو إلاّ إقامة الصلة بين المسند إليه، وهو ما يخبر عنه، والمسند وهو ما يخبر به، وناتج إقامة تلك الصلة هو الجملة، ويكون الإسناد ظاهرا أو مقدرا كما في « صه » و« مه » أي إن المسند إليه هو ضمير مستتر يجري مجرى الاسم الظاهر.

  2. الاستنتاج : نستنتج من تحديد الزمخشري أن للكلام خاصتين أساسيتين هما التركيب والاسناد كما هو موضح في المخطط البياني الآتي :

Image 10000201000002800000015059747FE23A6F2D2F.png

3.2. مقابلة مفهوم الكلام وخصائصه عند ابن جني وعند الزمخشري

تبيّن مقابلة تحليل نصّي ابن جني والزمخشري أنّ الكلام عند هذين العالمين مرادف للجملة ومرادف للتركيب الإسنادي، وهو عند الزمخشري ترادف صريح، أما عند ابن جني فنستشفه من نماذج الجمل التي استشهد بها، ويطابق بعضها مطابقة تامة الجمل التي استشهد بها الزمخشري مثل : زيد أخوك، وضرب سعيد (عند ابن جني)، وزيد أخوك وضرب زيد (عند الزمخشري). والإسناد في هذه الجمل صريح، ونجد الإسناد المضمر أيضا عند كليهما وقد مثلا له بـ « صه » و« مه » وأضاف ابن جني « أف » و« أوه ».

ويمكن الجمع بين خصائص الكلام عند ابن جني وعند الزمخشري في المخطط البياني الاتي :

Image 100002010000028000000173F45F78E1C429B645.png

3. نصوص مارتيني

عدد النصوص كما سبق ان أشرنا ثلاثة، وموضوعها هو : le syntagme prédicatif أي التركيب الاسنادي.

  • النص الأول : عناصر التركيب الإسنادي : يحدد مارتيني عناصر le syntagme prédicatif قائلا :« … en français…, le syntagme prédicatif est toujours composé au moins d’un sujet et d’un monème prédicatif. »7

  • النص الثاني : استقلالية التركيب الإسنادي :« Le syntagme il y avait fête,… est indépendant, on le désigne syntagme prédicatif. »8

  • النص الثالث : أحادية المسند :« La situation ne suffit guère à actualiser un monème unique que dans le cas d’injonction, d’insulte ou de salutation : va ! cours ! vole ! vite ! ici !... »9

  1. التحليل : يتناول مارتيني النصوص الثلاثة موضوع le syntagme prédicatif فيذكر في النصّ الاوّل أنّه مركب على الأقل من عنصرين هما :

  • le sujet أي المسند إليه وهو المخبر عنه؛

  • le monème prédicatif أي اللّفظة الإسنادية، وهي المسند أي المخبر به.

ويكشف في النصّ الثاني عن الخاصية الأساسية للتركيب الإسنادي وهي الاستقلالية. أما في النصّ الثالث فيقدم أمثلة للمسندات التي تكون وحيدة وتكتفي بنفسها، أي لا تحتاج إلى مقام لتتحقق مثل : ... !cours  !va .

  1. الاستنتاج : نستنتج من تحليل النصوص الثلاثة أن le syntagme prédicatif تركيب مستقل متكوّن على الأقل من عنصرين هما المسند والمسند إليه، ويمكن أن يتقلص إلى لفظة وحيدة هي المسند.

4. مقابلة نصوص مارتيني بنصوص ابن جني والزمخشري 

تبيّن لنا مقابلة نصوص مارتيني بنصي ابن حني والزمخشري أنّها متطابقة تماما مع ذلكين النصّين، وهذا ما يتضح من جدول المقابلة الآتي :

الكلام عند ابن جني

Le syntagme prédicatif عند مارتيني

الكلام عند الزمخشري

جملة مكونة من :

مسند إليه مسند؛

مسند + مسند إليه؛

لفظ مستقل = مفيد؛

يتقلص إلى مسند (« صه »، « مه »...).

Composé d’un sujet et d’un monème prédicatif10

Indépendant

Monème unique (va ! cours !...)

جملة؛

مركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى؛

لا يتألف من أقل من كلمتين؛

يتقلص إلى مسند (« صه » و« مه »).

جدول المقابلة بين مفهوم الكلام عند ابن جني والزمخشري ومفهومle syntagme prédicatif عند مارتيني

والنتيجة التي نخرج بها من المقابلة السابقة أنّ المصطلح le syntagme prédicatif هو المكافئ الأسمى لمصطلح الكلام وليس مصطلح parole الذي يحيل على مصطلح لغوي عربي آخر هو اللّغة في الاستعمال؛ فقد بيّن لنا تحليل النصّين العربيين والنصوص الفرنسية وإقامة توأمة بينها أنّ تلك النصوص جميعا تعالج الظاهرة اللّسانية نفسها التي تسمى الكلام عند ابن جني والزمخشري، وتسمى le syntagme prédicatif عند مارتيني، مع ملاحظة أنّ المصطلح اللّساني الفرنسي parole بمفهوم دوسوسور يمكن أن يقابل بالمصطلح الكلام عند القيام بمجرد ترجمة النصوص الأجنبية إلى العربية، وليس عند دراسة النصوص اللّغوية العربية القديمة التي موضوعها الكلام في علاقة بالنصوص اللّسانية الحديثة.

الخاتمة 

استرعت الدراسات اللّسانية التي ظهرت في الغرب أوائل القرن العشرين وعرفت في الفرنسية بـ : la linguistique أي علم اللّسان اهتمام الباحثين اللّغويين العرب، فهب فريق منهم إلى ترجمة تلك الدراسات إلى اللّغة العربية، واهتم فريق ثان بإقامة مقارنة بين تلك الدراسات والدراسات اللّغوية العربية القديمة، إلا أن منهج المقارنة لديهم لم يقم على أساس علمي سليم، مماّ أدى إلى أخطاء جسيمة في إيجاد المكافئات الدقيقة للمصطلحات الموظفة، فقد كان ذلك المنهج ينطلق من المصطلح ويقابله بمصطلح آخر هو في أغلب الأحيان المصطلح اللّغوي المباشر الذي لا يحيل بالضرورة على الظاهرة اللّغوية نفسها مما يؤدي إلى نتائج خاطئة، وهذا يعني أنّ المنهج السليم يستدعي الانطلاق من دراسة الظاهرة اللّغوية في النصوص العربية والأجنبية بواسطة منهج المقابلة للتوصل إلى المكافئات الدقيقة التي تحيل على تلك الظاهرة.

وقد سعينا في هذا المقال إلى توضيح كيفية تطبيق هذا المنهج في دراسة نصّين عربيين موضوعهما الكلام أحدهما لابن جني والآخر للزمخشري، وثلاثة نصوص فرنسية موضوعها le syntagme prédicatif لمارتيني ولابد من الإشارة إلى أن منهجنا في هذه الدراسة هو من تصورنا ولهذا لم نحتج إلى اعتماد مراجع كثيرة، وإنّما اكتفينا بأربعة مراجع استقينا منها مدونتنا أربعة مراجع منها مدونتنا واستعنا بها في فهم الظاهرة اللّغوية المدروسة ، وبعد دراسة تلك النصوص وتحليلها وإقامة مقابلة بينها وتسجيل نتائج تلك المقابلة بينها تبيّن لنا حصافة الإشكالية المطروحة المتمثّلة في كيفية الوصول إلى المكافئ الأجنبي الأسمى للمصطلح اللّغوي العربي عند القيام ببحث موضوعه الدرس اللّغوي العربي في مقابلة بالدرس اللّساني الحديث.

كما بيّنت لنا مقابلة النصوص وإقامة توأمة بينها صحة الفرضيين اللّتين طرحناهما. فقد أثبتنا بالحجة الدامغة أن الانطلاق من المصطلح العربي لإيجاد مكافئه الأجنبي الأسمى منهج غير سليم، لأنّه قد يؤدي إلى المقابل اللّغوي المباشر الذي قد لا يحيل إلى الظاهرة اللّغوية نفسها، وأن المنهج السليم هو شرح الظاهرة اللّغوية أولا ثم ربطها بالمصطلح الدال عليها للتمكن من إيجاد مكافئه الأجنبي الأسمى وهذا ما أثبتته دراستنا هذه، حيث تبيّن أن المكافئ اللّساني الفرنسي الأسمى لمصطلح الكلام بمفهوم ابن جني والزمخشري هو : le syntagme prédicatif بمفهوم أندري مارتيني، وليس المقابل اللّغوي المباشر la parole بمفهوم دوسوسر الذي يحيل على مفهوم اللّغة في الاستعمال عند علماء اللّغة العربية القدماء.

لقد أثبتت هذه الدراسة نجاعة منهجنا ويمكن تطبيقه عند القيام ببحوث لغوية قوامها الدرس اللّغوي العربي القديم في علاقة بالدرس اللّساني الحديث، لإيجاد المكافئ الأسمى للمصطلح الدال على الظاهرة اللّغوية المدروسة.

1 أنظر : Ferdinand de Saussure, (1916), Cours de linguistique générale, Paris Payot

2 أنظر André Martinet, (1960), Eléments de linguistique générale, Paris, Armand Colin 

3 أنظر :Noam Chomsky, (1957), Syntactic structures, La Haye, Mouton, Traduction française de Michel Brandeu : structures syntaxiques, Paris, Editions

4 أبو الفتح عثمان الموصليابن جني (1952)، الخصائص، تح محمد علي النجار، بيروت، دار الهدى للطباعة والنشر، ط. 2، ج، 1، ص. 21.

5 أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (1905)، المفصل في علم العربية، ويذليه كتاب في شرح أبيات المفصل لبدر الدين أبي فارس النعساني الحلبي، بيروت، دار

6 المرجع نفسه والصفحة نفسها.

7 7أنظر : André Martinet, (1985), Syntaxe générale, Paris, Armand Colin, p. 125

8 أنظر : Martinet, idem, p. 124

9 9 Martinet, idem, p. 125

10 ينبه مارتيني إلى وجود لغات ينعدم فيها الزوج: Prédicat - sujet، ولا تحتوي إلا على المسند أي le prédicat لذا فلا يمكن اعتبار هذا الزوج ضمن الكلّيات

ابن جني، أبو الفتح عثمان الموصلي (1952)، الخصائص، « تح ». محمد علي النجار، ببيروت، دار الهدى للطباعة والنشر، ط. 2، ج، .1

الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر، (1905)، المفصل في علم العربية، وبذيله كتاب في شرح أبيات المفصل لبدر الدين أبي فارس النعساني الحلبي، بيروت، دار الجيل، ط. 2.

Martinet André, (1960), Eléments de linguistique générale, Paris, Armand Colin, 1ère édition

------------------- (1985), Syntaxe générale, Paris, Armand Colin, 1ère édition

1 أنظر : Ferdinand de Saussure, (1916), Cours de linguistique générale, Paris Payot

2 أنظر André Martinet, (1960), Eléments de linguistique générale, Paris, Armand Colin 

3 أنظر :Noam Chomsky, (1957), Syntactic structures, La Haye, Mouton, Traduction française de Michel Brandeu : structures syntaxiques, Paris, Editions du seuil, 1969

4 أبو الفتح عثمان الموصلي ابن جني (1952)، الخصائص، تح محمد علي النجار، بيروت، دار الهدى للطباعة والنشر، ط. 2، ج، 1، ص. 21.

5 أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (1905)، المفصل في علم العربية، ويذليه كتاب في شرح أبيات المفصل لبدر الدين أبي فارس النعساني الحلبي، بيروت، دار الجيل، ط. 2، ص. 6.

6 المرجع نفسه والصفحة نفسها.

7 7أنظر : André Martinet, (1985), Syntaxe générale, Paris, Armand Colin, p. 125

8 أنظر : Martinet, idem, p. 124

9 9 Martinet, idem, p. 125

10 ينبه مارتيني إلى وجود لغات ينعدم فيها الزوج: Prédicat - sujet، ولا تحتوي إلا على المسند أي le prédicat لذا فلا يمكن اعتبار هذا الزوج ضمن الكلّيات اللّسانية (universaux linguistiques)

مليكة قشي - بوعكاز

جامعة الجزائر 2Alger

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article