مقدمة
المدرسة هي البيئة الصفية التي يقضي فيها التلميذ 90 % من وقته في يومه الدراسي خاصة تلاميذ المرحلة الابتدائية وتحديدا المدارس الخصوصية، وتعد البيئة المدرسية المحك لاكتساب الأخلاقيات والمعارف التي تساهم في نمو التلميذ الخُلقي والاجتماعي الذي لا يمكن أن يتحقق في بيئات مدرسية متدنية التصاميم المعمارية، ولهذا يجب علينا التفكير في البيئة المعمارية المدرسية فنجد التصاميم المدرسية لم تتغير منذ خمسون سنة، في حين أصبح العالم قرية صغيرة طغت فيها تكنولوجيا الاعلام والتحديث العمراني. مع تصاعد العنف المدرسي والسلوكيات غير الحميدة وعدم الانضباط السلوكي كالتغيب دون إذن مسبق، والتأخر الصباحي التمرد على إدارة المدرسة، الاعتداء على المعلمين والزملاء، الاعتداءات على الممتلكات العامة الغش في الاختبارات وغيرها من مظاهر البيئة المدرسية الحالية والتي تولدت عن اشياء كثيرة لكن دراستنا ركزت على هندسية المباني المدرسية.
لهذا نطرح الانشغال التالي:
ما دور البيئة الهندسية المدرسية من تصاميم، وتأثيث وديكورات في تحقيق سمات البيئة التعليمية المشجعة على الانضباط السلوكي والتعليمي؟ وهذا الاخير ينجر عنه التساؤلات التالية:
-
ما العلاقة السائدة بين التلاميذ والمعلمين في المرحلة الابتدائية في بيئة هندسية متباينة بين المدارس الخاصة والعمومية؟
-
دور البيئة الهندسية المدرسية في رسم العلاقات الاجتماعية التربوية بين تلاميذ المرحلة الابتدائية وإدارة المدرسة وأولياء التلاميذ، مقارنة بين المدارس العمومية والخاصة؟
-
ما هو أثر البيئة الهندسية المدرسية على تلاميذ المرحلة الابتدائية؟
1. الجانب المنهجي
1.1. الإطار العام للدراسة
1.1.1. أهداف الدراسة
الهدف من الورقة البحثية هو:
-
الوصول إلى مواصفات وملامح البيئة الهندسية المدرسية المشجعة على الانضباط المدرسي والتفوق الدراسي وأساس العلاقة بين إدارة المدرسة والمعلمين والتلاميذ، من خلال مقارنة التصاميم الجديدة والعصرية المتوفرة في المدارس الخاصة وتلك العمومية السائدة عبر كل ولايات الوطن، ذات نفس الطابع المعماري عامة.
-
تحديد الفروقات الهندسية الموجودة بين المدرسة الخاصة والعمومية.
2.1.1. أهمية الدراسة
تنبع أهمية الدراسة من:
-
أهمية الانضباط السلوكي باعتباره العنصر الأهم والأساسي في أي مجتمع لتحقيق أهدافه وسلامة أفراده وبالتالي النجاح والتفوق.
-
وضع قاعدة معلومات عن تصاميم مباني مدارس المستقبل، وتخطيطها كي تساعد اصحاب القرار على اعادة الاعتبار للعمارة المدرسية مستقبلا.
3.1.1. حدود الدراسة
تتحدد الدراسة فيما يلي:
-
الدراسة الميدانية: دراسة مقارنة بين المدارس الابتدائية الخاصة والعمومية في مدينة قسنطينة مع تسليط الضوء على البيئة الهندسية.
-
العامل البشري: معلمي وأولياء المدارس الابتدائية الخاصة والعمومية (استمارات الاستبيان تملء من طرف ولي التلميذ)
-
الحد المكاني: مدينة قسنطينة.
-
الحد الزماني: العام الدراسي2019- 2020
-
المنهج المتبع: اتبعنا المنهج الوصفي التحليلي لأنه الأكثر ملائمة لموضوع الدراسة.
-
عينة الدراسة: تكونت عينة الدراسة من (75 تلميذ في كل مدرسة) من أجل استطلاع رأيهم حول أهمية تصاميم المبنى المدرسي و12 معلما في كل مدرسة أي بنسبة (100 % في المدارس الخاصة و5 % في المدارس الحكومية).
2.1. ضبط المصطلحات
1.2.1. مفهوم التصميم
اصطلاحاً يعني هندسة الشيء بطريقة معينة، ويستعمل مفهوم التصميم في العديد من المجالات كالتصميم الهندسي والتربوي وغيره، والتصميم هو عملية تخطيط منهجية تسبق الخطة في حل المشكلات، أما في المجال التعليمي فالتصميم خطوات منطقية وعلمية تتبع لتصميم التعلم وانتاجه وتنفيذه وتقويمه، فالتصميم التعليمي عملية متكاملة لتحليل حاجات المتعلم والاهداف وتطوير الانظمة الناقلة لمواجهة الحاجات والاهتمام بتطوير الفعاليات التعليمية وتجريبها واعادة فحصها (قطامي،2001، ص.98).
2.2.1. التصميم التربوي
هو هندسة العملية التعليمية بهدف تحقيق الفعل التعليمي في قضاء مكاني وزماني ومما تقدم يمكننا أن نعطي مفهوماً شاملاً للتصميم التعليمي على أنه خطوات علمية متكاملة ومنظمة ومتداخلة ومتسلسلة ومترابطة ذات طبيعة مستمرة تستلزم متطلبات كثيرة تؤدي الى تحقيق أهداف محددة لنوع معين من المتعلمين خلال فترة زمنية محددة (نظمي وعطاف، 1996، ص.23).
3.2.1. التصميم الهندسي
يعد التصميم الهندسي مهارةً ممتعة، تُركز بشكلٍ أساسي على الجمال والبساطة اللذان يكمنان في مزج أشكال وخطوط ومنحنيات بعينها بغاية الحصول على نتائج مبتكرة، فالتصميم هو وضع خطة أو اتفاقية لبناء نظام قابل للقياس كما في المخططات المعمارية والرسومات الهندسية، والتصميم له دلالات مختلفة، يتطلب التصميم في كثير من الأحيان النظر في الأبعاد الجمالية والوظيفية (الدوسري، 2006، ص.14).
3.1. دور البيئة الهندسية المدرسية في العملية التعلمية
المدرسة الفاعلة هي المدرسة القادرة على التأثير في التلاميذ وتحفيزهم على التعلم رفع تقدير الذات، تحمل المسؤوليات، حسن السلوك داخل وخارج المدرسة، كما أن لتصاميم المباني المدرسية دور في الانضباط السلوكي والسبب يعود لحجم المبنى المدرسي التجهيزات والتأثيث فهذه الاخيرة تأثر في سلوك المتعلم خاصة المرحلة الابتدائية. يعد المبنى المدرسي من الدعائم الاساسية لنجاح أي نظام تعليمي فهو الوعاء الذي تتفاعل بداخله كافة عناصر العملية التعليمية التعلمية ويمكن لمسها أكثر في النقاط التالية:
-
خلق الجو المساعد على نمو الطفل والمشجع على الابداع العقلي والجسدي.
-
يساعد على تحقيق أهداف التربية والتعليم بأفضل الطرق وأنجع الوسائل التربوية.
-
يساهم في تفعيل دور الانشطة التعليمية والتربوية في المبنى المدرسي
-
يعزز المبنى المدرسي دور المعلم في توصيل المعلومات الى الطلاب بأسهل الاساليب وأحدث الوسائل والتجهيزات.
تساهم التصاميم المدرسية ذات المواصفات النموذجية في اشباع حاجات افراد المجتمع من الناحية الثقافية والاجتماعية والترفيهية، وذلك من خلال استغلال مرافق المباني المدرسية في المناسبات الدينية والوطنية مثل المكتبة والمسرح والملعب وغيرها
1.3.1. مكونات المبنى المدرسي
يفترض توفر المبنى المدرسي على مرافق ضرورية تؤدي أدوار مختلفة في نجاح العملية البيداغوجية ونذكر منها:
-
النشاط البيداغوجي ويشمل قاعات الدروس.
-
النشاط البيداغوجي التكميلي ويشمل قاعات الرسم والمسرح المدرسي والمكتبة
-
النشاط الاداري ويشمل مكتب المدير والمساعدين التربويين.
-
النشاط الخدماتي ويضم حجرات للرعاية الطبية الاولية، المطعم، دورات المياه.
-
الملاعب الرياضية المجهزة.
-
الفناء المدرسي المجهز خاصة بمساحات خضراء.
2.3.1. دور المبنى المدرسي في الانضباط السلوكي
يعرف الانضباط السلوكي بـ «مدى التزام الطالب ذاتياً بالنظام المدرسي وتقبل التوجيهات والتعليمات المدرسية وإنفاذها داخل المدرسة وفي محيطها» (وزارة المعارف السعودية لائحة الانضباط السلوكي والمواظبة 2002م).لأنها تشكل المناخ والمحيط الذي يعمل فيه المعلمون والمتعلمون داخل المدرسة وتعتبر البيئة الهندسية المساعدة على أداء المهام. ( منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، 1996 توصيات الدورة الخامسة والأربعين للمؤتمر الدولي للتربية بجنيف، 1996م).تأثر البيئة الهندسية المدرسية على الانضباط المدرسي بمختلف مستويات المتعلم ولا يقتصر دور الانضباط على إسهامها في الرفع من مستوى الطالب بل يتعدى ذلك إلى تحقيقه أحد الأهداف التربوية السامية وهو الإسهام في نمو الطالب الخلقي الاجتماعي إذ لا يمكن أن يتحقق في مؤسسات تربوية مصممة بأحكام وبشروط لا تراعي التركيبة الجسمية والنفسية للمتعلم، وترجع أهمية الانضباط المدرسي إلى الانضباط شرط أساس للتعليم والتعلم، لما يحقق للمعلم من تحكم في عملية التدريس ليصبح بمقدوره إكسابهم العلوم والمعارف والمهارات التي يخطط لها، وبدونه لا يمكن أن يكون هناك تدريس فاعل مما يؤدي إلى انخفاض في التحصيل الدراسي، وهنا تجدر الاشارة الى البيئة المدرسية ودرجة تحكمها في الانضباط. يقدّر بعض التربويون أن نصف وقت المعلم في الفصل يضيع في التعامل مع عوارض خارج نطاق التدريس في معظمها مشكلات انضباط ومخالفات سلوكية نتيجة طريقة الجلوس شرود الجالس أمام النوافذ، البعد عن السبورة وغيرها، لهذا التصاميم الهندسية وطبيعة تأثيث القسم الدراسي تأثر في نجاح العملية التعليمية التعلمية.
دراسة أجريت جنوب كارولينا في الولايات المتحدة الأمريكية طبقت على (6) مدارس متوسطة وجد أن الطلاب فقدوا (79321) يوماً أي ما يعادل (44) سنة بسبب عقوبات الطرد من الفصل أو المدرسة وعدم الانضباط الصفي خلال سنة دراسية واحدة (العتيق، 2001، ص.42)، فالانضباط:
-
يسهم في خلق بيئة مشجعة على التعلم والتفاهم بين المعلم والمتعلم والفريق الاداري.
-
يرسخ أهمية التعاون بين أفراد مجتمع الدراسة خاصة والمجتمع بشكل عام.
-
يعلم أهمية التنظيم والتخطيط لإنجاز أي عمل وبدونه تعم الفوضى والعشوائية في العمل مما ينعكس على أداء التلاميذ مستقبلاً.
3.3.1. دور المبنى المدرسي في الانضباط السلوكي في الجزائر
تعاني المباني المدرسية الحالية في الجزائر من العديد من المشاكل بسبب التصاميم وحجم المدارس وقاعات التدريس معا هذه الاخيرة أثرت سلبا على العملية التعلمية والمردود المدرسي وتتجلى أهم مشاكل تصاميم المباني المدرسية فيما يلي:
-
الموضع السيئ لبعض المدارس، أماكن الزحام والضوضاء.
-
عدم صلاحية الاقسام الدراسية من حيث الاتساع، الالوان والإضاءة وعدم توافق التجهيزات (الطاولات والمقاعد) مع متطلبات العملية التعلمية الحديثة.
-
عدم توفر بعض المدارس على ساحات اللعب والنشاط الرياضي.
-
ضعف وغياب التجهيزات كالمدافئ المركزية والتهوية.
-
افتقار بعض المدارس لحجرات مخصصة للأنشطة اللاصفية، التي يمارسها التلاميذ كجزء متمم ومكمل للعملية التربوية كقاعات للإعلام الالي وورشات للرسم والموسيقى وهذه الاخيرة متوفرة فقط في المدارس الخاصة.
-
عدم توفر مكتبات أو فضاءات للمطالعة مجهزة بمختلف وسائل التعليم الحديثة.
-
عدم توفر بعض المدارس لقاعات مخصصة للمعلمين مما يؤثر على أداء المعلم.
-
عدم توفر حجرات لاستقبال أولياء التلاميذ مما يسمح بالانسجام بين المعلم والولي.
-
تصميم دورات مياه بطريقة غير مريحة وتساعد على انتشار الامراض.
-
عدم وجود مساحات خضراء للطفل المتعلم.
-
عدم وجود مسارح خاصة بالعروض المسرحية وتنظيم الحفلات خاصة لتدريب الاطفال على الاحتفال بالمناسبات الدينية والوطنية كالمولد النبوي الشريف وعيد الطفل.
-
أغلب المدارس المشيدة بعد الاستقلال متباعدة الفصول الدراسية ومتعددة الطوابق وهي متعبة ومرهقة ولا تعطي مجالا لمتابعة الفصول الدراسية.
-
انعدام سلالم الطوارئ في كل المدارس الجزائرية.
-
افتقار المدارس لتصاميم معمارية تعكس هويتنا المغاربية الاسلامية، ولا تراعي خصائص الاقاليم الطبيعية والجغرافية للمجال الجزائري.
-
انعدام العيادات الطبية أو قاعات علاج لتقديم الخدمات اللازمة للتلاميذ.
وبخصوص توطين المدارس الابتدائية يجب مراعاة العديد من الشروط ومن بينها :
-
ضرورة التوطين بالقرب من مقر الاقامة، حفاظا على الترابط مع المحيط الاسري.
-
ملائمة حجم القسم مع عدد المتمدرسين ما يتح الفرصة للمعلم بمرافقة المتعلم.
-
ضرورة أن تطل الأقسام على الساحة ويستحسن أن تستغل كمساحات خضراء.
-
احترام الفضاء المدرسي لمقاسات الطفل شرط ضروي وأكيد.
-
تفادي نمطية المكان لتسمح بتعدد وضعيات التعلم (تفادي شكل المستطيل).
-
خلق فضاءات للأعمال الجماعية المشتركة بين المتعلم والمعلم.
-
خلق مساحة خارجية تستعمل للمطالعة والأكل.
لهذا نلاحظ عصرنة العمارة المدرسية كغيرها من التجهيزات، حيث أن في الدول الغربية يتجه المهندسون والمختصون في العلوم التربوية إلى التعديل من الأقسام المستطيلة والمربعة إلى أقسام بدون جدران ولا أبواب حتى تندمج مع باقي الفضاءات المدرسية وتحويل وظائف الاقسام اضافة إلى التصميم الخارجي والداخلي للمدرسة، يجب الاهتمام بأثاث وتجهيزات الأقسام، والإضاءة الملائمة واختيار ألوان طلاء الجدران حسب تأثيرها النفسي الايجابي ليسمح ذلك بتجنب الصعوبات المدرسية، التي تؤثر على الجانب البيولوجي، النفسي المعرفي والاجتماعي(سليماني،2011،ص.185).للبيئة الهندسية المدرسية دور بالغ الاهمية في العملية التعلمية والانضباط السلوكي مما يأثر على المردود المدرسي وهنالك العديد من الدراسات العربية والغربية التي تناولت هذا الموضوع وسنسلط الضوء على دراستين متباينتين من حيث الموقع الجغرافي والتحكم في التكنولوجيا والتقدم المعرفي(دراسة تخص العلم المتقدم والاخرى العالم النامي).
4.3.1. نماذج دراسات حول البيئة الهندسية المدرسية
1.4.3.1. النموذج المصري: تأثير الضغوط البيئية والتصاميم المعمارية على المتعلم (التلوث الضوضاء، الازدحام ضعف التأثيث).
تهدف الدراسة إلى التعرف على تأثير الضغوط البيئية المختلفة على احتمالية نمو أشكال متباينة لسلوك الأطفال (المناطق الفقيرة والتي تعاني من الاكتظاظ ونقص التجهيزات المدرسية) (عبد العال،1416هـ، ص.45).
نلخص أهم نتائج هذه الدراسة في:
-
تأثير الضوضاء يحدث العدوانية وزيادة الاستهتار والقلق والاضطراب السلوكي.
-
تأثير التلوث بالرصاص مرتفع في حدوث العدوانية وزيادة الاضطراب السلوكي.
-
تأثير الازدحام داخل القسم يؤثر تأثيراً مرتفعاً في العدوانية وفرط الحركة والقلق وأن الانفعالات هي ناتج البيئة المعمارية المدرسية إلى حد كبير.
ومن هناك تأتي ضرورة التركيز على التصاميم المدرسية لما لها من أهمية في تكوين شخصية المتعلم وتأثير على سلوكياته ونتائجه المدرسية.
لهذا يجب تحديث الهياكل التعليمية وعصرنة التصاميم المدرسية وهذا بـ:
-
ملائمة تصاميم البيئة المعمارية المدرسية لطبيعة المناخ والبيئة.
-
توفير شبكة الخدمات اللازمة (خدمات اجتماعية، طبية، ثقافية، رياضية وترفيهية).
-
يجب أن يتناسب موقع المبنى ومساحته مع عدد تلاميذ كل مرحلة تعليمية.
-
تغيير تهيئة القسم الدراسي مع ضرورة وضع خزانات لكل تلميذ.
-
استعمال ألوان زاهية في طلاء جدران الاقسام بألوان زاهية وجذابة
-
تجنب تصاميم المكعبات في شكل المدارس.
-
يستحسن أن تكون المدارس الابتدائية مؤلفة من مبنى واحد مصمم على نحو افقي.
-
استعمال تقنيات كتم الاصوات في تصميم المبنى للتخفيف من حدة الضوضاء وصدى الصوت الى الحدود المسموح بها.
-
أن يراعى في تصميم المباني توفر مخارج ومسالك النجدة.
-
يستحسن أن يكون توزيع النوافذ مناسبا، بحيث تسير التهوية في اتجاه واحد ودون احداث تيارات هوائية متقابلة.
-
يجب توفير مياه الشرب للتلاميذ بعيدة عن دورات المياه.
والملاحظ على المدارس الحكومية بالعالم الثالث تفتقر للعديد من التجهيزات والتصاميم اللازمة وخاصة استعمال الالوان والمساحات الخضراء وقاعات اللعب المجهزة وغيرها (عبد ا لعال،1416هـ، ص.45).
2.4.3.1. النموذج الاسترالي: مدرسة تشيلتنهام الابتدائية Cheltenham primary School
قامت إدارة مدرسة تشيلتنهام الابتدائية التي تأسست عام 1855 في مقاطعة فكتوريا بأستراليا بعرض تفاصيل نظامها الداخلي كاملاً على شبكة الانترنت ؛ بالطبع المدرسة تشكل نموذجا تصميميا عالميا مثل الاقسام المتعددة النشاطات، اعتماد الحوائط المتحركة في الفصل الواحد، والتركيز على الالوان وتحديث التأثيث، لتجعل نظامها الداخلي في متناول جميع من يرغب في الاطلاع عليه من تلاميذ وأولياء الأمور والمعلمين والاختصاصيين، التزاماً بتوفير بيئة تعليمية هادئة وآمنة ولضمان الراحة والسعادة في تحصيل العلم، كما تؤكد المدرسة بذلك ضرورة إشعار التلاميذ بالمسؤولية تجاه تصرفاتهم وأفعالهم الشخصية وتعزيز إدراكهم إلى تثمين حقوق الآخرين، وتقدير من هم أكبر سناً منهم وتتعهد المدرسة بنشر نظامها وتعليماته السلوكية في جميع أماكن المدرسة لتشجيع الطلبة على الثقة والتحلي بالسلوك الحسن www.Cheltenhamps.vic.edu.au (net)) .
-
أوجه السلوك الإيجابي:
-
احترام حقوق الآخرين وآرائهم الشخصية.
-
تحمل المسؤولية وعواقب التصرفات الشخصية
-
احترام ممتلكات الآخرين وعدم العبث بها بقصد إتلافها.
-
تنمية الإحساس بالانتماء والفخر بالمدرسة.
-
حقوق التلميذ في المدرسة:
-
ضمان توفير بيئة تعليمية مثالية تتسم بالأمان والراحة الشخصية، التي تساعد على النجاح والتفوق الدراسي.
-
الاستفادة من كل الخدمات المساندة التي توفرها المدرسة لتلاميذها لمساعدتهم على التحصيل العلمي والمعرفي.
-
تقدير التلاميذ واحترامهم وعدم التمييز بينهم لأي سبب.
-
حرية اللعب والمشاركة في الأنشطة المدرسية دون مضايقة أو تدخل.
-
الاطلاع على كافة التعليمات والأنظمة المدرسية ذات العلاقة بالانضباط داخل المدرسة.
-
واجبات التلميذ في المدرسة:
-
بذل أقصى درجة ممكنة من الجهد والطاقة الشخصية عند الدراسة والمشاركة في الأنشطة المدرسية المختلفة.
-
عدم مقاطعة الزملاء أو المعلمين فيما يقومون به من عمل أو مهمات محددة .إظهار الود والاحترام لكل أفراد المجتمع المدرسي من معلمين وتلاميذ وأولياء أمور وزوار.
-
العناية بمباني المدرسة ومعداتها.
-
المحافظة على ممتلكات الآخرين.
-
الإسهام في تنمية القيم وقواعد السلوك المدرسية.
-
قواعد وتعليمات السلامة:
لأسباب تتعلق بسلامة التلاميذ طوال وقت وجودهم داخل المدرسة، يتعين على جميع التلاميذ توخي الحذر وتجنب ما يلي:
-
اللعب بالمواد أو الأشياء الخطرة أو محاولة قذفها على الآخرين.
-
ركوب الدراجات وألواح التزلج داخل ساحات المدرسة.
-
محاولة تسلق الأشجار والأبنية المدرسية.
-
عدم تقدير الممتلكات الخاصة بالمدرسة.
-
جلب المواد الثمينة إلى المدرسة كالأقلام والساعات الذهبية.
-
مضغ العلك أثناء الدوام المدرسي.
-
جلب المواد الخطرة والألعاب الخطرة إلى المدرسة.
-
سبل التعامل مع حالات سوء السلوك:
-
المرحلة الأولى: تذكير التلميذ أو المتعلم بضرورة عدم تكرار المخالفة.
-
المرحلة الثانية: توجيه إنذار شفوي.
-
المرحلة الثالثة: حرمان التلميذ من دخول الفصل وتكليفه بالحضور في فصل آخر أو قاعة مخصصة للحجز مع إشعار ولي الأمر بذلك.
-
المرحلة الرابعة: حرمان التلميذ من دخول الفصل مع استدعاء ولي الأمر للاجتماع بإدارة المدرسة.
-
المرحلة الخامسة: تأخير الطالب لمدة (30) دقيقة بعد انتهاء الدوام الرسمي للمدرسة مع وضع سلوك الطالب تحت المجهر.
-
المرحلة السادسة: تعليق دراسة التلميذ مع إدارة التعليم.
-
المرحلة السابعة: رفع توصية بطرد التلميذ بالتنسيق مع إدارة التعليم.
من خلال تجربة هذه المدرسة نجد أن وضع أنظمة واضحة للسلوك وطرائق التعامل مع المخالفات السلوكية وتوفير بيئات معمارية نوعية، وعصرنة التصاميم والتأثيث وتبني وزارة التربية والتعليم في استراليا لفكرة تحديث التصاميم المدرسية، أدى إلى إيجاد بيئة مدرسية أكثر انضباطاً.
بعد التطرق للنموذج الاسترالي ونتائجه الايجابية، لا بد من الاهتمام الفعال ببرامج الأنشطة المدرسية واللاصفية وإشراك جميع التلاميذ فيها، وهنا تجدر الاشارة الى التجاوزات الخطيرة الممارسة من بعض المؤسسات التعليمية في المرحلة الابتدائية في بلادنا، بحيث التلاميذ لا يمارسون أنشطتهم اللاصفية وإنما تكون هذه الحصص حصصا لتعويض الدروس الضائعة من جهة، أو تبرمج للدعم البيداغوجي، في حين أن النشاطات اللاصفية تتمثل في نشاطات الرسم و الموسيقى و المسرح، التي تعد حصصا للترفيه والوقوف على مواهب التلاميذ، وهذه التصرفات تفسر بضعف الهياكل التجهيزية للمدارس أو غيابها تماما من المدرسة(نادية الدوسري، برنامج مقترح للمدارس الابتدائية لتعليم الكبار،ص14)
2. الدراسة الميدانية، مقارنة البيئة الهندسية المدرسية بين المدارس الخاصة والحكومية بقسنطينة
البيئة الهندسية المدرسية تشمل كل المراحل التعليمية لكن ورقتنا البحثية سلطت الضوء على المدارس الابتدائية لأنها المرحلة الاولى واللبنة الاساسية في مراحل التعليم العام من(6-11 سنة)والتي تسبقها المرحلة التحضيرية من) 4- 5سنوات ) والمتعلم في هذه المرحلة وطيلة 5 سنوات وفي حالات 6 سنوات يكون قد كون شخصيته وهويته من خلال تأثره بالبيئة المدرسية، واخترنا مدارس عمومية واخرى خاصة، العمومية هي التي تشرف عليها وزارة التربية الوطنية وتفتح هذه المدارس أبوابها لجميع ابناء الوطن، أما المدارس الخاصة فتعود نشأتها للأمر 13/08/2003، ثم جاء المرسوم التنفيذي 05/432 الموافق ل08/11/2005 والمتضمن، دفتر شروط انشاء مؤسسات التربية والتعليم الخاصة، وفي جوان 2005 عرفت بلدية قسنطينة أول مؤسسة تعليمية خاصة، أما بالنسبة للشروط التقنية أكد المرسوم على على شروط بسيطة في التصاميم الهندسية لا ترقى الى مدارس حديثة وهياكل عصرية تنافس الدول المتقدمة نحصرها في التالي :
-
أن تكون المؤسسة بعيدة عن مصادر الاذى.
-
أن تكون المباني متلائمة مع نشاطات التعليم.
-
أن تكون مخصصة لنشاطات التربية والتعليم دون غيرها
-
التلائم بين مساحة القاعة وعدد التلاميذ.
-
مساحة النوافذ بين 10-15 % من مساحة أرضية الحجرة لتوفير الهواء والضوء.
-
يجب أن يكون انفتاح أبواب الدخول نحو الخارج.
-
تخصيص مرحاض لكل 15 تلميذ.
-
تخصيص حنفية لكل 10تلاميذ في التحضيري وحنفية لكل 20 تلميذ في بقية الاطوار التعليمية.
-
فصل مراحيض الاناث عن الذكور
-
توفير فناء للاستراحة يراعي مساحة 3-5 م لكل تلميذ.
-
توفير جهاز تدفئة أو تكييف في كل قاعة.
-
توفير الاثاث المدرسي (يتمثل في السبورات والطاولات والمقاعد فقط).
-
توفير فناء ملائم للممارسة الرياضة داخل المؤسسة أو خارجها.
ومن خلال هذه البنود (المرسوم التنفيذي 05/432) نلاحظ أن شروط انشاء مدارس خاصة بسيطة جدا الامر الذي جعل الكثير من المستثمرين، يحولون حصص أرضية، أو سكنات فردية في وسط تحصيصات سكنية الى مدارس خاصة.
1.2. توزيع المدارس الخاصة والعمومية ببلدية قسنطينة
تتوزع المؤسسات التعليمية في قسنطينة حسب الخريطة المدرسية، تتبني الدولة المدارس لتأمين التعليم لمواطنيها في المدينة والريف على حد سواء، تختلف أساليب تصميم إنشاء المدارس من حيث احتياجات التعليم، وعدد ونوع المباني التعليمية، من حيث تعداد السكان ومن حيث طبيعة النسيج العمراني والملفت للانتباه أن المدارس الخاصة تكون على شكل مجمعات مدرسية تضم عدداً من المستويات الدراسية (حضانة وابتدائية ومتوسطة وثانوية)، وهذا ماجعل المشاريع المدرسية في المدن متعددة التصاميم.
الجدول رقم (1) : عدد المدارس الخاصة والعمومية بمدينة قسنطينة
البلدية |
عدد المدارس العمومية |
عدد المدارس الخاصة |
عدد تلاميذ المدارس الحكومية |
عدد تلاميذ المدارس الخاصة |
عدد المعلمين في المدارس العمومية |
عدد المعلمين في المدارس الخاصة |
قسنطينة |
189 |
10 |
57277 |
5025 |
3317 |
452 |
% |
95 |
5 |
92 |
8 |
88 |
12 |
المصدر: مديرية التربية لولاية قسنطينة + تحقيق ميداني2020
من خلال الجدول رقم 01 نلاحظ أن نسبة المتمدرسين في المدارس الحكومية هي الطاغية على نسبة المتمدرسين في المدارس الخاصة، وهذا شيء طبيعي بسبب حداثة القطاع الخاص في التعليم ونفس الشيء بالنسبة لعدد المؤطرين، لهذا نجد التصاميم المعمارية الحديثة والمستقطبة نظريا للتلاميذ تكون في المؤسسات الخاصة لأنها في الغالب عبارة عن سكنات فردية حولت لمدارس، والمقصود هنا موقع المدارس الخاصة يكون وسط أحياء سكنية وهذا المشكل الاول بحيث يطرح الاخير اشكالية التوقف أمام المدرسة، والاكتظاظ الذي تسببه سيارات الاولياء لحظات دخول وخروج المتمدرسين، أما من حيث التصاميم فهي توفر اشكال جديدة تصاميم مختلفة للأقسام مع التركيز على الالوان والتأثيث.
وحسب الدراسة الميدانية التي قمنا بها نجد أن المدارس الخاصة صغيرة من حيث المساحة، فهي جزء من تحصيص سكني مساحة الحصة الواحدة لا تتعدى 300م2 وكنموذج المدرسة التي خصصناها بالدراسة فهي تتربع على 230م2 مؤلفة من طابق تحت أرضي، أرضي بالإضافة الى 03 طوابق وتتكون من 12 حجرة دراسية ومكتب المدير، قاعة استقبال قاعة للأساتذة، الحجابة وأيضا قاعة للإعلام الالي ومكتبة، كما نجد مطعم وعيادة، وكل طابق مجهز بمرحاض للذكور والاناث ويستفيد المتمدرسين من ملعب المؤسسة الحكومية المجاورة مع الاعلم أن المدرسة الخاصة تقع داخل تحصيص سكني. بصفة عامة المدارس الخاصة تحوي أقسام متباينة من حيث التصاميم الالوان والتأثيث، فحجرات الدراسة صغيرة الحجم متباينة فيما بينها من حيث الالوان والفتحات مجهزة بالسبورة البيضاء بالإضافة الى جهاز الاسقاط الضوئي والصوتي، عدد الطاولات لا يتعدى 12 طاولة أي 12 تلميذا في القسم الواحد لكل تلميذ خزانة حائطية لترتيب أدواته، النوافذ بها ستائر، بالإضافة الى وجود مرسم، قاعة موسيقى وقاعات للإعلام الالي، بينما القسم التحضيري يكون في الطابق الاول يمتاز بتصاميم خاصة وتأثيث خاص، دون أن نسى المطعم، ساحات اللعب وتكون عادة في الطابق الارضي، هذه الاخيرة تسمح بخلق جو عائلي بين عناصر البيئة المدرسية وهذا ما يوضحه الجدول رقم 02.
الجدول 2: العلاقات الاجتماعية والتربوية مقارنة المدارس الخاصة والعمومية
المحور |
المدارس العمومية % |
المدارس الخاصة % |
||||
ج |
م |
ض |
ج |
م |
ض |
|
العلاقة بين التلاميذ |
40 |
40 |
20 |
79 |
20 |
1 |
العلاقة بين التلاميذ والمعلمين |
70 |
10 |
20 |
90 |
08 |
02 |
العلاقة بين التلاميذ ومدير المدرسة |
20 |
05 |
75 |
98 |
02 |
0 |
العلاقة بين المعلمين وإدارة المدرسة |
30 |
30 |
40 |
100 |
00 |
00 |
العلاقة بين إدارة المدرسة وأولياء التلاميذ |
30 |
10 |
60 |
100 |
00 |
00 |
البيئة الهندسية المدرسية |
10 |
10 |
80 |
100 |
00 |
00 |
المصدر: تحقيق ميداني2020
يتضح من الجدول (2) أن البيئة المعمارية المدرسية في المدارس الخاصة حظيت بالإعجاب وكل العينة المستجوبة أجابت بالإجماع جيدة بينما الآراء كانت متناقضة في المدارس العمومية، بعدها نجد علاقة ادارة المدرسة مع أولياء التلاميذ تحتل المرتبة الثانية في المدارس الخاصة، لأن التصاميم المدرسية تساعد على السلوك الحسن للتلميذ وتعلمه الانضباط وحتى اشكالية حمل المحافظ غير مطروحة وهو هاجس بالنسبة للأولياء لأن التلاميذ في المدارس الخاصة يتركون كتبهم في المدرسة، وبالتالي تقليص عدد احتجاجات الاولياء من جهة ومن جهة أخرى اعتماد المدارس الخاصة على امكانية التواصل عبر الانترنيت لمتابعة تقويم أبنائهم.
الإجابة عن السؤال الذي ينص على
«ما العلاقة السائدة بين التلاميذ والمعلمين: يتضح من الجدول (2) على العلاقة الجيدة بين المعلمين والتلاميذ في المدارس الخاصة ومتوسطة الى ضعيفة في المدارس العمومية والسبب يعود الى تصميم القسم والرتابة الموجودة به بالإضافة الى اشكالية الالوان وقدم التجهيزات، مما يؤثر سلبا على العلاقة بين التلميذ والمعلم» (دروثي، ترجمة العويد،1482هـ، ص.12)
بمعنى أن التهافت على المقاعد الاولى والتنظيم الطولي للقسم لا يسمح بحسن التواصل بين الطرفين، وهذا الاخير يوضح طبيعة العلاقة القائمة بين المعلم والمتعلم.
|
|
|
|
|
أما فيما يخص التصاميم الداخلية للأقسام والتجهيزات المتوفرة بها فهي متباينة من دولة الى اخرى ووصل التباين على مستوى الدولة الواحدة خاصة إذا قارنا ما بين المدارس العمومية والخاصة على مستوى مدينة قسنطينة، فالتباين يكمن في:
-
مساحة القسم.
-
عدد النوافذ، حجمها، موقعها.
-
التهيئة الداخلية للقسم.
-
طبيعة الاضاءة والانارة.
والصور المولية توضح التباين الموجود بين عدة دول.
الصورة6: تنظيم وتجهيز الاقسام |
الصورة 7: تنظيم وتجهيز الاقسام بأمريكا |
الصورة رقم (08): تجهيز قسم للنشاطات اللاصفية متعدد الاستعمالات بأروبا |
الصورة رقم (09): تنظيم حجرة دراسة |
الصورة 11: تنظيم حجرة دراسة بمدرسة عمومية بقسنطينة |
الصورة10: تنظيم حجرة دراسة بمدرسة خاصة بقسنطينة |
من خلال الصور السابقة نلاحظ تباين في تصاميم حجر الدراسة مواد البناء، تهيئة القسم، تأثيثه تصاميم النوافذ حجمها الالوان المستعملة وحتى طريقة جلوس التلاميذ، وعلى سبيل المثال فقط، فتصاميم المدرسة المنتهجة في الجزائر ساعدت على تفاقم انتشار بعض الامراض عند اطفالنا، خاصة بعد انتهاج منهج المقاربة بالكفاءات وكثرة الكتب مما يجبر التلميذ على حملها 4 مرات يوميا ذهابا وإيابا، أما المدارس الخاصة التي توفر أدراج أو خزانات تترك فيها كتب التلاميذ، تصاميمها ساهمت في القضاء على الظاهرة لأن خطورة تعرض الطفل للإصابة بشد عضلي أو آلام في الظهر سببه الحقيبة المدرسية فيجب ألا يتخطى وزن الحقيبة 10 إلى 12 % من وزن الطفل. ومن عيوب التصاميم المدرسية أيضا، غياب مساحات اللعب مما يؤكد على عدم الاهتمام بالبيئة الجسمية والصحية للتلميذ ودور الرياضة، في التوافق الاجتماعي التعاوني والضبط السلوكي، عكس المدارس الخاصة ومن خلال الاستبيان الذي قمنا به نجد أن هذه الاخيرة تتوفر على قاعة مهيأة للعب تنس، مضرب، بالي، كرة السلة، الطائرة وحتى رياضة الفنون القتالية (ريتشارد ومندلر،1416هـ، ص.32)
ومن بين عيوب البيئة المعمارية المدرسية كذلك غياب القاعات المخصصة للنشاطات اللاصفية في المدارس الحكومية وهذه الاخيرة تؤدي الى افتقار البيئة المدرسية من النواحي الجمالية والفنية لتكون أحيانا مبعثاً للسلوكيات السلبية للتلميذ، كما ارتأينا كذلك للتطرق لمشكل النوافذ الذي يشكل معضلة في فصل الصيف بسبب حجم النوافذ وانعدام الستائر في الاقسام لتجعل الصف مريحاً. تتفق هذه الورقة البحثية مع دراسات اخرى تناولت تأثير البيئة المدرسية على الانضباط السلوكي كدراسة مجدي محمود (1996) والتي أثبتت أن الممارسات التربوية غير الموجهة تساعد في ظهور العنف واستمراره، ودراسة حسونة (1999م) وأبو النصر (2000م) اللتان أشارتا بأن أهم الأسباب وراء ظاهرة العنف المدرسي تكمن في ضعف تفعيل دور المؤسسات التعليمية ودراسة أبو مصطفى وأبو غالي (2004) التي أكدت بأن البيئة المعمارية المدرسية تأثر بشكل عام في سلوك التلاميذ.
2.2. معايير البيئة الهندسية الحالية بين المدرسة العمومية والخاصة
أكد مختصون في الهندسة المعمارية، أن تصاميم المدارس الحكومية القديمة منها أو الحالية، لا تتواكب مع التطور الكبير الذي يشهده المجال التعليمي على المستوى العالمي وذلك لافتقارها أساسيات عدة من ناحية التصاميم، أو مطابقتها لمواصفات المباني المدرسية، وسن المتعلمين، وأوضح المختصون أن جميع الدراسات العلمية العالمية تتفق على أن تطور المنشآت التعليمية ومواكبتها متطلبات العصر تسهم بشكل مؤثر في تقدم المسيرة العلمية لدى جيل الناشئة بحيث يجب:
-
وضع المعايير التصميمية اللازمة لإنشاء المباني حسب طبيعة ومتطلبات كل موقع بحيث تضمن تأمين سلامة المتعلم من الحوادث المرورية وتوفير التأثيث الملائم واستعمال الالوان بدقة.
-
تصميم المباني المدرسية مناسب لمواجهة الحرائق وعمليات الإخلاء السريع في الحالات الطارئة واعادة الاعتبارات للمساحات الخضراء وقاعات الرياضة.
كما اشارت الكثير من الدراسات الى وجود علاقة قوية بين تصميم المبنى المدرسي وطريقة توزيع الفراغات والالوان والنباتات ونوع التجهيزات والاثاث من جهة، والتحصيل العلمي والتربوي للتلميذ، ومزاج المعلم ونفسيته من جهة اخرى فعلى سبي المثال الدراسة الميدانية التي قمنا بها لمعرفة ما اذا كانت البيئة الهندسية للمدرسة تأثر على التحصيل العلمي للتلميذ وحضوره وسلوكه وثقته بنفسه، قمنا بمقارنة بين قسمين الاول من مدرسة عمومية والثاني من مدرسة خاصة، وكلاهما قسم السنة الثانية ابتدائي فلاحظنا:
الجدول رقم(03) تأثير البيئة الهندسية على المتعلم بين المدارس العمومية والخاصة
القسم « أ » مدرسة عمومية |
القسم « ب » مدرسة خاصة |
||||
العدد |
% |
العدد |
% |
||
عدد التلاميذ |
37 |
100 |
15 |
100 |
|
عدد الغيابات في الثلاثي الاول |
13 |
35 |
1 |
6 |
|
النتائج المدرسية |
ممتاز |
1 |
3 |
5 |
33 |
جيد |
7 |
20 |
8 |
53 |
|
مقبول |
21 |
56 |
2 |
14 |
|
غير مرضية |
8 |
21 |
0 |
0 |
|
أداء الواجبات المنزلية بشكل جيد |
14 |
37 |
15 |
100 |
|
المحافظة على الادوات المدرسية والكتب |
19 |
51 |
13 |
86 |
المصدر تحقيق ميداني 2020
نلاحظ من خلال الجدول أن تلاميذ المدرسة الخاصة حققوا نتائج افضل في جميع المواد والواجبات وحضورا أكثر، كما أكدت معلمة القسم أن سلوكهم مميزا ولديهم ثقة أعلى بالنفس من قسم المدرسة العمومية والتي تعتبر مدرسة أقل جودة من ناحية التصميم الهندسي، كما لاحظنا ان انتهاج مبدأ التربية البيئية وخلق مساحات خضراء على سقف المؤسسة وتخصيص نادي أخضر للأطفال، بعث البهجة والراحة وزاد من الحماس لدى الطفل. تعرف المدارس الخاصة بقسنطينة بعض الخروقات وفي مقدمتها الموضع فأغلب هذه المدارس تقوم على أنقاض بنايات قديمة وهذه الاخيرة تكون مجهزة من قبل ليس على أساس مبنى مدرسي مما يسبب العديد من المشاكل كالمنافذ للمدرسة، القرب والبعد من وسائل المواصلات وبالتالي نصطدم مع عدم ملائمة المبنى للمواصفات ومعايير التصاميم المدرسية الحديثة، وما يجب التأكيد عليه في المدارس الخاصة بقسنطينة هو:
-
غياب مخارج الطوارئ في كل المدارس
-
غياب الفناء أو الساحات وتعويضها بطابق تحت الارض.
-
عدم توفر ساحات للعب في بعض المدارس واعتماد قاعات الرياضة الموجودة في الحي
-
عدم توفر عيادة للإشراف الصحي في بعض المدارس الخاصة.
-
مشاكل دورات المياه ونقصها بسبب تصميم المكان.
-
سوء التهوية بسبب طبيعة المكان الاصلي وصغر المساحات.
-
المدارس العمومية
-
التصاميم الموجودة قاتلة للتعليم كونها عبارة عن صناديق يدخلها التلميذ صباحا ويخرج منها مساءا، انعدام مرافق الترفيه، استعمال الفناء للراحة وممارسة الرياضة في آن واحد، مع العلم أن التعليم بالترفيه يعد خطوة متقدمة جدا للإسهام في استيعاب التلميذ.
-
عددا من المدارس تعاني فقدان الأساسيات كالتدفئة.
خاتمة
تعتبر البيئة الهندسية المدرسية من العوامل الرئيسية التي تساعد بصورة مباشرة على النجاح وقد تغير الشكل التقليدي للمدرسة وأصبح خاضع لمواصفات علمية عالمية وباستعمال مواد بناء تتناسب وكل بيئة وثقافة شعبية فشكل المدرسة وتصاميمها يمكنها ان تثير حماس التلاميذ للدراسة أو أن تعقدهم وتحبط نفسيتهم لهذا فللبيئة المدرسية انعكاسات كبيرة على مستقبل اطفالنا وحياتهم، لهذا ومن أجل الارتقاء بالمبنى المدرسي نوصي بـ:
-
مسؤولية الراحة النفسية والسلوكية في المدرسة مسؤولية مشتركة لا يمكن انجازها بجهود فردية من قبل المدرسة أو بعض منسوبيها، بل هو جهد تعاوني مشترك بين المسئول الاداري والمهندس المعماري والمنتحب المحلي.
-
العناية بتصاميم البيئة الهندسية المدرسية وجعلها مريحة ومحببة للتلاميذ.
-
ضرورة اعادة النظر في نوعية تصميم المباني وعصرنة النماذج القديمة.
-
اهمية مراعاة الاختلافات في سن الطفل والتأثيث المدرسي.
-
الأخذ بعين الاعتبار للمعطيات الطبيعة وطبيعة الموقع الجغرافي في التصاميم المعمارية.
-
إجراء دراسة تقويمية ميدانية للكشف عن عيوب التصاميم الهندسية ومساهمتها في مظاهر عدم الانضباط السلوكي وكيفية علاجها في مدارس التعليم العمومي بقسنطينة.
-
إجراء دراسة تقويمية للكشف عن واقع التدريس في المدارس الخاصة وتوفرها على الاماكن والمساحات اللازمة وإسهامها في تنشئة التلميذ.
-
اعادة النظر في توطين المدارس الخاصة داخل التحصيصات السكنية
-
إجراء دراسة ميدانية لمعرفة مدى إسهام التصاميم الحديثة في مدارسنا.
-
التصميم لذوي الاحتياجات الخاصة سواء في المدارس العمومية أو الخاصة.
-
اعادة الاعتبار لدورات المياه خاصة في المدارس العمومية
-
اعادة الاعتبار لألوان الجدران وتكليف المختصين بهذا المجال.
-
ضرورة اشراك كل الفاعلين في انجاح البيئة الهندسية المدرسية.
-
تكوين وحدة بحثية تعمل على ايجاد التأثير المباشر للمبنى المدرسي على تدني المستوى التعليمي في الجزائر.
-
الاستمرار في تركيز المؤتمرات والندوات والأيام الدراسية التي تعقدها الجامعات الجزائرية لما يعانيه المجتمع من مشاكل العمارة والتصاميم الهندسية.
-
ادراج المبنى المدرسي المستدام في أولويات التجهيز المدرسي.