الاتساق في التعبير الكتابي : من خلال وثائق المتعلمين للسنة الرابعة من التعليم المتوسط

عبد الحق قاسمي

Citer cet article

Référence électronique

عبد الحق قاسمي, « الاتساق في التعبير الكتابي : من خلال وثائق المتعلمين للسنة الرابعة من التعليم المتوسط », Aleph [En ligne], Vol. 3 (2) | 2016, mis en ligne le 25 juin 2017, consulté le 30 décembre 2024. URL : https://aleph.edinum.org/899

L’expression écrite et l’expression orale sont deux compétences essentieles dans l'apprentissage de la langue. L'apprenant met en pratique tous les acquis et toutes les connaissances mises en œuvre.

Notre article passe en revue les techniques fondamentales à mobiliser dans les activités visant les compétences liées à l'expression écrite et orale. Il les considérera sous l'angle de l'analyse textuelle pour qui le texte doit être au centre de l'activité d'apprentissage dans la mesure où il mobilise l'ensemble des acquis linguistiques et cutlturels de la alngue enseignée.

We can say that Written one of the most important skills that should be taught, in this course he deploys all his learned language skills. Thus he channels his knowledge to areas where he will be able to exploit them in a precise way, all while serving the art of expression.
This study has initiated the fundamental techniques of this activity, as well as its pedagogical method in the light of the textual approach, where the text is in the center of other language learning, because it is the natural form of the language.

يعد التعبير بوجهيه مصبّ التعلمات اللغوية التي يتلقاها المتلعم في درس اللغة العربية، وفيه تنبثق المهارات اللغوية التي تلقاها، وتجد لها الميدان التي تستعمل فيه، فهي بذلك خادمة لفن التعبير. وقد تناولت هذه الدراسة عرض الآليات التي يقوم عليها هذا النشاط، وكيف يتم تناول تعليمه، وذلك في ضوء ما دعاه المنهاج بالمقاربة النصية، بأن جعل النص مركزا للتعلمات اللغوية الأخرى، كونه الشكل الطبيعي للغة.

مقدمة

يعد الإنتاج الخطابي، بوجهيه االكتابي والشفوي، من الننشاطات الأساسية التي يقوم عليه أي برنامج لتدريس أي لغة، إذ هي الغاية النهائية المرجوة من تعليم اللغة، وسنتناول في هذه الدراسة وجها منه، وهو الإنتاج الكتابي، أو التعبير الكتابي، نحاول أن نتعرض فيه إلى بعض من آليات الاتساق التي تحظى بتركيز المنهاج الدراسي عندنا.

وللتحكم في التعبير الكتابي لا بد للمتعلم أن يكون قادرا على التحكم في آليات وتقنيات كثيرة لا يسعنا هنا أن نتناولها ولو قصدنا إلى ذلك، انطلاقا من قواعد الرسم والإملاء، إلى علامات الترقيم، إلى قواعد النحو والصرف، وتنظيم النصوص وغيرها.. لذا نقتصر على جانب منها، وهو الاتساق. نحاول في ذلك معرفة مدى الوعي الذي مارس معه معدوا المناهج التعليمية هذا المفهوم، وما مدى تحصيل التلاميذ لهذه الملكة النصية.

يُعدّ النظام التعليمي نظام ترابطات بين ثلاثة عناصر: المحتوى التعليمي، المتعلم، التعليم. وما يميز العملية التعليمية هي وجود هذه الأقطاب الثلاثة متعالقة فيما بينها، هذا الارتباط يجعل غالبا في مثلث يدعى المثلث التعليمي (Reuter, et al, 2011 : 207):

Image 10000201000003DC000001AEAA143D93.png

  • إذا تقرّر هذا، ولما كانت الدراسات البيداغوجية متمفصلة في العلاقة بين اثنين من هذه الأقطاب، وكان التناول للمسائل الداخلة في التعليميات بدراسة العلاقة بين المحتوى التعليمي (بكونه أساس العملية التعليمية) مع أحد القطبين الآخرين؛ نحدد في عملنا هنا أنه ينحصر في العلاقة بين “المحتوى التعليمي” و"المتعلم”، من جهة الكيفية التي عُرضت فيها المعارف اللغوية على المتعلم في الدروس وذلك باستغلال ما جاءت به اللسانيات النصية.

المقاربة اللسانية

  • تقوم التعليميات على استثمار النتائج التي توصل إليها اللسانيون في وصف اللغة وتحليلها، فتقوم بتصنيفها وترتيبها بما يتناسب ومستوى المتعلمين، وما تتطلبه حاجياتهم اللغوية، آخذة في الحسبان المتغيرات المتعلقة بالفئة التي يُراد تعليمها، وكذا الأهداف العامة التي يُرجى تحيقيقها، فتحدَّد بذلك كفايات قاعدية وختامية، من خلال هذه المتغيرات.

  • من أهم الاستحداثات التي جاءت بها الإصلاحات الجديدة في مجال اللغة العربية في الجزائر، انتهاج مبدأ ما سمّي بـ"المقاربة النَّصية"؛ وهو يقتضي استثمار نتائج دراسات اللسانيات النصية لتسيير نشاطات اللغة العربية، وجعل النص مركز كل تلك النشاطات، بدراسته وفهمه، واستنتاج خصائصه، وآليات بنائه، فيكون النص بذلك المادة الأولية التي يستقي منها المتعلم مكتسباته المعرفية واللغوية، وذلك لأن النص هو الشكل الطبيعي للغة، فنحن نتكلم بنصوص لا بجمل معزولة، فحين يأخذ المتعلم اللغة في بيئتها الطبيعية، يسهل عليه معرفة تركيبها، ويسهل عليه التعامل معها فهما وإنشاء.

  • جاء في الوثيقة المرافقة للمنهاج1: «إنّ مبدأ المقاربة النصيّة يعني اتخاذ النص محورا لكل التعلُّمات، تدور حوله جميع الأنشطة : قراءة، تعبير، مطالعة، وتتم من خلاله دراسة الظواهر النحوية، الصرفية، الإملائية والمبادئ الأدبية والعروضية والبلاغية، وتنمية الذوق الأدبي حسب ما يمليه المنهاج، والتوزيع الشهري والأسبوعي»

  • اعتماد نص القراءة محورا لكل الأنشطة اللغوية الأخرى هو الأساس الذي قامت عليه "المقاربة النصية" في الجزائر، ولكن قد لا يفي النص المقرر بالمسائل المختلفة التي تتطلبها مواضيع قواعد اللُّغة و البلاغة و العروض، فهاهنا طريقان2:

  • إما أن يلجأ واضعوا المنهاج (أو المعلِّم) إلى تقنية التحويل، بمعنى التصرف في النص وتحويره بحيث نضيف إليه أو نعدل بقدر الحاجة، غير أن هذه الطريقة قد تؤدي إلى تشويه النص وإخراجه عن صورته الطبيعية، فيبدو مصطنعا، فيؤدي ذلك إلى نتائج عكسية عن التي سُعي من أجلها عند اتخاذ مبدأ المقاربة النصي، فإن كان ولا بد فلا بد من مراعاة أن تكون الكلمات أو الجمل المحولة ذات دلالة طبيعية تنسجم مع النص، غير مصطنعة، وأن تتفق مع تراكيب النص وعباراته.

  • وأما الطريقة الثانية لاستكمال النقص في النص، فهو أن يأتي المعلم بأمثلة خارجية، غير أن هذه الطريقة لا تسلم من الانتقاد، فهي ترجعنا إلى لسانيات الجملة، ويصدق فيها كل ما قيل عن نحو الجملة، لذا فعلى المعلم أن يتناول هذه الأمثلة في حذر، وأن لا يكثر منها، ويتقيد بالنص المقرر ما استطاع.

أصبح النصُّ مركز البحث، ومن أجل تحليل النص ومعرفة مركِّباته ومن ثمَّ الإنشاء على مثله تسعى المقاربة النصية لاستغلال المقروء في تعلمات جديدة يظهر من ورائها مثلا 3:

  • أ‌. بناء النص من حيث الهيكلة، والروابط بين الفقرات، ضمينة كانت أو ظاهرة، ليتحقق الانسجام الداخلي والخارجي.

  • ب‌. عناصر الرسالة التخاطبية :

  1. المتعلم من حيث الضمائر، الأفعال، الصفات؛

  2. المتلقي من حيث الأفعال، الصفات، علامات فك رموز الرسالة. (زمن الفعل، صيغ الأفعال. أدوات التركيب والربط. الشواهد ودرجتها)؛

  3. الرسالة التخاطبية : من حيث فحواها أهدافها؛

  4. القناة : (الألفاظ ودلالتها، حقلها الأدبي، تواترها، الجمل وتركيبها، الوحدات الدالة وغيرها).

  • ج. الخصائص المميزة لأنماط النصوص المدروسة مثل : 1. غلبة الصفات والمشتقات في النمط الوصفي؛ 2. بروز الزمن في الأفعال، وتعاقب الأحداث واستخدام الروابط المعنوية والمنطقية في النمط السردي؛ 3. تعدّد الشواهد والأمثلة والروابط المنطقية في النمط الحجاجي؛ 4. ذكر المعلومات وتصنيفها وتحليلها مع استخدام أدوات الربط المناسبة في النمط الإخباري؛ 5. بروز عناصر الدورة التخاطبية ومميزاتها بين شخصين أو جماعة واستخدام صيغ الأفعال، والضمائر المناسبة والأسلوب الملائم في النمط الحواري.

الاتساق (cohésion)

صار من المشاع في اليوم أن النص ليس مجموعة من الجمل التي يلي بعضها بعضا، بل لا بد من أن تكون تلك الجمل متماسكة فيما بينها، تحكمها وحدة دلاليَّة، والاتساق من أهم العناصر التي تضمن تماسك النَّص من الجانب التراتبي، وهو كما يشير ديبوگراند: «يترتَّب على إجراءات تبدو بها العناصر السَّطحيَّة على صورة وقائع يؤدِّي السَّابق منها إلى اللاحق، بحيث يتحقق لها الترابط الرَّصفي ( Sequential Connectivity) وبحيث يمكن استعادة هذا الترابط» (ديبوگراند، 1998: 103).

كما نوظِّف مصطلح الاتِّساق للدَّلالة على التَّماسك داخل النَّص، ويقوم الاتِّساق على وسائل لفظيَّة ودلاليَّة للحفاظ على النَّ سيج النَّصي، ولولاه لكان النَّصُّ مجموعة من الجمل بلا رابط يجمعها، كالعقد المتناثر، فوجود هذه العناصر الدَّلالية والإحاليَّة يحقق لتلك الجمل استمراريتها، وهذا ما يسمى اتِّساقا، والاتساق عند هاليدي وحسن (Haliday & Hassan,1976 : 2) مفهوم دلالي، فهو يحيل إلى العلاقات المعنوية القائمة داخل النص.

ويشرح الباحثان ذلك فيقولان : «يظهر الاتساق حين يعتمد تأويل عنصر ما في الخطاب على تأويل عنصر آخر، إذ يفترض كل منهما الآخر، بحيث لا يمكن فهم الثاني إلا بالرجوع إلى الأول وحين يحدث هذا تتأسس علاقة اتساق» ( Halliday & hassan, 1976 :04)

إذاً، فحتى ولو كانت العلاقات الاتساقية ظاهرة في سطح النص إلا أنها دلالية. كما أن أجزاء النص بعضه مفتقر إلى بعض، بحيث لا يمكن معرفة دلالة جزء إلا بمعرفة الأجزاء المحيطة به، وهو ما يجعل للنص خاصية الوحدة العضوية. هذه العلاقات الاتساقية بين عناصر النص، يمكن أن تربط بين عناصر داخل الجملة الواحدة، وفي هذه الحالة لا تدخل في صلب عملنا لأنها وإن أفادة ترابطا داخل الجملة وأفادت المتلقي في فهم الجملة إلا أن ذلك لا يعني تحقق ارتباط بين الجمل وفي النص، كما أن البنية النحوية بنفسها تضمن الربط بين عناصر الجملة لذا فأهميتها تصغر أمام العلاقات الاتساقية الأخرىفـ«الجملة لا تحتاج إلى الاتساق لكي تكون متماسكة لأنها متماسكة مسبقا»(Halliday & hassan, 1976 :04). كما تربط هذه العلاقات بين الجمل أيضا أو بين حزم جملية، وهذان النوعان هما المعنيان بالدراسات الاتساقية في اللسانيات النصية، وهذه العلاقات تتحقق بالإحالات، وهو ما سنتناوله الآن.

فالاتساق إذًا شكلي الأداة، لاعتماده على وسائل لفظية كالإحالة والوصل والاستبدال والحذف، غير أنه دلالي المضمون والمعنى فالارتباط الدلالي داخل النص هو المقصود من تلك الأدوات.

تعلّق عناصر النصّ بعضها ببعض ، بوساطة أدوات شكلية أو علاقاتٍ دلالية ، تسهم في الربط بين عناصرِ النص الداخلية ، والنصِّ والبيئة المحيطة من ناحية أخرى ، لتكون في النهاية رسالة يتلقّاها متلقٍّ فيفهمها ويتفاعل معها سلبًا وإيجابًا.

وفي كلامه على العمليات التي تضمن ترابط الجمل، واتساق النص، يجعل جان-ميشال آدم هذه العمليات ستة ( Adam 2015 :103)، تظهر في الرسم البياني الآتي :

Image 10000000000003D700000254CE3A5681.pngوسنقف في دراستنا هذه على [1]، ذلا كان لا بد علينا أن نتكلم على معنى العائد والإحالة المشتركة.

الإحالة

تعتبر الإحالة عملية دلالية يحكمها المعنى، يُنشؤُها المتكلِّمُ في ذهنِ المخاطَب، عن طريق إيراده ألفاظًا أحيانا تكون مبهمةَ الدلالة في ذاتها (كالضمائر)، يشيرُ بها إلى أشياء أو أشخاص أو عبارات أو جملا أو سلاسل جملية أو نصا بأكمله أو نصوصا، خارج النصّ أو داخله، أي في سياق لغوي أو غير لغوي، سابقة عليها أو لاحقة، ولها مقاصد كثيرة، من ذلك الاقتصادُ في الكلام، فتكفي الإشارة عن إعادة الكلام المشار إليه، والربط بين عناصر النص بما يحقق الاستمرارية والتماسك (النصية) في النصّ.

والإحالةُ، باعتبارها أحد أهم أدوات الاتساق، علاقةٌ دلالية تخضع لقيد دلالي، وهو وجوب تطابق الخصائص الدلالية بين العنصر المحيل والعنصر المحال عليه، كما تشير إلى عملية استرجاع المعنى الإحالي في الخطاب مرّة أُخرى . فيقع التَّماسك عبر استمرارية المعنى، وومن أهمك وظائف الإحالة الاستمرارية التي تتحقَّقُ من خلال سماح الإحالة لمستخدمي اللغة بحفظ المحتوى مستمرًّا في المخزون الفعّال من دون الحاجة إلى التصريح به مرّة أخرى .

كما تنقسم الإحالة إلى نوعين رئيسيين: الإحالة المقامية والإحالة النصية، وهذه الأخيرة هي من تحقق الاتساق النصي، وهي تتفرع الثانية إلى إحالة قبلية وإحالة بعدية، ويوضح هذا التقسيم الرسم التالي (Halliday & hassan, 1976 :33) :

Image 1000020100000320000001BD4CEE7A24.png

دراسة الاتساق في المقرر الدراسي للسنة الرابعة من التعليم المتوسط

تحتوي مدونتنا على نصوص مكتوبة من قبل تلاميذ السنة الرابعة متوسط، وهي تعابير مأخوذة من أوراق أجوبة الاختبارات، وذلك حتَّى 1. نضمن أن تكون هذه التعابير كتبت من قبل التَّلاميذ أنفسِهم، وأنهم لم يتلقَّوا أي مساعدة من ذويهم أو أطراف خارجية، 2. ذلك من جهة، ومن جهة أخرى ففي فترة الاختبارات يكون التلميذ أكثر تركيزا وأكثر جديَّة في كتابة موضوعه من أي وقت آخر، فهو يعلم أنه سوف يُصنَّف على اعتباره، والتلميذ في الاختبار يكون في حالة نفسية تسمح له بالكتابة بشكل أفضل كونه محضرا نفسيا للامتحان، 3. ومواضيع الامتحانات تكون على وفق ما كان مقررًّا في السنة الدراسية وبالتَّالي فهي تتوافق مع خُبراتهم ومستواهم التَّعليمي، وكانت مواضيع التعبير متنوعة من حيث مواضيعُها ومن حيث أنواعُها. وتم اختيار لهذه الدراسة السنة الرابعة من التعليم المتوسِّط، لكون هذه المرحلة تعد مرحلة فاصلة، فهي نتيجة دراسة سنوات المتوسط

التعبير الكتابي في السنة الرابعة

التعبير الكتابي حصة إدماجية لأنشطة الوحدة التَّعلميَّة، والمكتسبات القبليَّة في إنجازات كتابية متنوعة تمس مختلف أنماط النُّصوص و أشكال التعبير وتقنياته(4)، وهو نشاط لغوي، تربوي يهدف إلى تدريب المتعلمين على استخدام اللُّغة في تواصلهم، و التعبير عن حاجاتهم، و إحساساتهم، و يتم ذلك عبر تعلُّم تقنيات التعبير وأشكالها ثم توظيفها في نتاج تواصلي (رسالة، خطبة، برقية...) أو إبداعي( قصة، خاطرة …)(5).

طريقة تناول حصة التعبير الكتابي

حصة التعبير الكتابي حصة أسبوعية ذات ساعة واحدة تخصص لمعالجة تقنية من التقنيات التعبيرية المقررة و التدرب عليها، ويقدم هذا النشاط في نهاية الأسبوع مع المشروع وفق المراحل الآتية(6) :

المرحلة الأولى : يعود المعلم إلى النص المحوري، ويقدم بأسئلة هادفة من أجل أن يُفطِّن المتعلمين إلى تقنية ذلك النص، ونمطه التعبيري ويحلل بنية النص ويدرب المتعلمين على توظيف النمط التعبيري كل ذلك داخل القسم وتحت أنظاره، ثم يقدم للمتعلمين موضوعا من المواضيع التي تستهويهم وتشغل اهتماماتهم.

الحصة الثانية : يتناول الأستاذ تقنية أخرى مرتبطة بالوحدة التعلمية و يحللها مع تلامذته ثم يوجههم إلى

استنتاج أحكامها ، وتوظيفها توظيفا سليما ،و يدربهم على ممارستها في وضعيات دالة داخل القسم .

الحصة الثالثة : يقدم تقنية ثالثة ، أو نمطًا تعبيريا ويعالجه، وتتم تناوله داخل القسم، ثم يصحح موضوع التعبير جماعيًّا ويتعرَّف المتعلِّم على قيمة منتوجه من خلال الملاحظات والتَّوجيهات التي دوَّنها الأستاذ على ورقته وتتركَّز الملاحظات على مدى تقيُّده بالمطلوب، ومدى قدرته على توظيف التّقنية، وانسجام الموضوع، وسلامة اللُّغة.

أما الأهداف التي سطرها له المنهاج، فقد حظي التعبير بأهمية كبيرة ، ويركز المنهاج على مجموعة من الأهداف التي يسعى إليها هذا النشاط، أهمها، مما يدخل في موضوعنا، أن يحسن المتعلم كتابة نصوص تنتمي إلى أنماط نصوص مختلفة (الحجاج، السرد، الوصف، ...)؛ وأن يعرض ما يكتب عرضا منسقا ويبرز فيه الفقرات والعناوين؛ وأن يراعي الانسجام أفكاره وتدرجها، ويراعي اتساق نصه أيضا.

دراسة الاتساق الإحالية في وثائق التلاميذ

يعد الاتساق من أهم عناصر النسيج النصي، كما ذكرنا، وهو يعتمد على تقنيات وآليات ظاهرة في الغالب، يتدرب التلميذ على استخدامها في مواضِعها الصَّحيحة، وعلى الطريقة اللازمة، وقد انصبَّ اهتمامنا في هذا الجزء من التحليل على علاقات الاتساق الموجودة في نصوص التلاميذ، من أجل معرفة مدى حسن تعامل التلاميذ معها، ومعرفة نقاط الضعف، وكيف معالجتها، ونقاط والقوة فيها. ومن هذه الآليات التي قمنا بدراستها :

الإحالة بالضمير

الإحالة بأسماء الإشارة

الاستبدال

الوصل

هذه أهم أساليب الاتساق في نصوص التلاميذ، وإن وجدت غيرها، فقد اكتفينا بأكثرها استعمالا وأظهرها في نصوص التلاميذ، على سبيل التمثيل، لمعرفة مدى اتساقها.

الإحالة بالضمير

تعتبر الضمائر من أهم وسائل الاتساق الإحالية، ويتم الإضمار عن طريق استبدال "الاسم" باعتباره وحدة لغوية ظاهرة عند إعادة استعماله بالضمير لكي يقوم مقامه، وتكون بين هذين الوحدتين (الضمير ـ الاسم / المحال ـ المحال عليه) علاقة عائدية تُحقِّق ما يسمى اتساقًا، ويبقى الضمير مبهما، ولا تزول عنه هذه الصفة إلا بالعودة إلى ما أحال عليه في النصِّ (الاسم). ويشترط لتحقُّق الإحالة أن يُطابِق الضَّمير الاسم، وذلك من ناحية الجنس والعدد، وهذا التَّطابق هو ما يحقق تماسك الخطاب (Brown, & Yul, 1983 : 44).

أكثر التلاميذ من استعمال هذا الأسلوب، فبالمقارنة مع أدوات الاتساق الأخرى فقد أكثر التلاميذ من اتعمال هذا الأسلوب وقد يعود ذلك لسهولة استعماله وتعوُّدهم عليه السنوات الأولى لدراستهم، بل إن استعماله يأتي تلقائيا على ألسنتهم، لاستعمالهم له في الدارجة، ومن جهة أخرى فالثقل الذي يحدثه تكرار نفس الوحدة اللغوية يجعلهم ينفرون عنه إلى الإضمار، فهم كالمدفوعين إليه عن وعي أو دونه.

وقد تمكن التلاميذ أن يوظفوا هذا الأسلوب بشكل جيد، لذا ارتفعت الإجراءات السليمة إلى (96.32%) ولكن بشكل متباين بين التلاميذ.

وفيما يلي بعض النماذج لاستعمالات التلاميذ لهذا الأسلوب، مع الأسماء والأفعال والحروف:

نماذج لاستعمال الضمائر مع الأسماء

وقد سِرنا على ضفاف البحر، ولعبنا برماله الذهبية.

  1. وقد اشترينا خزانة لغرفة أختي، وقام أبي بتركيبها.

نلاحظ في هذين المثالين تعلُّق الضمائر بالأسماء، من الناحية الدلالية، وهذه الضمائر حققت اتساقا نصيا، كونها تطابقت دلاليا على ما أحالت عليه، ولولا ذلك للاحظنا تفككا في الجمل السابقة، نلاحظ في المثال الأول ضمير الهاء ـ الملحق بالاسم (رمال) ـ والذي يحيل على مفرد مذكر، أحال على لفظ (البحر) ونتمكن من ملاحظة وجود تطابق بين المحيل والمحال عليه.

وكذلك هو الأمر في المثال الثاني فالضمير الدال على المفرد المؤنث (ها) الذي أُلحق باسم، أحال على (خزانة) وهو لفظ مؤنث مفرد أيضا، فقد تحقق الاتساق بين الجمل في المثالين السابقين ليدل على قدرة التلاميذ على التعامل مع الإضمار وإحالاته في النص.

نماذج مع الأفعال

  1. – المال ضروري لحياة الإنسان، يكسبه الناس بعرق الجبين ...

  2. نجد في مجتمعنا اليوم الكثير من الأزمات، فكثير من الناس يعاني مشكلات كبيرة دفعتهم إلى الانتحار...

بعدما تعرفنا على نموذجين لإحالة الضمائر مع الأسماء في تعابير التلاميذ في المثالين السَّابقين، نلاحظ في هذين المثالين استعمال إحالات باستعمال الضمير، فقد تمَّ إلحاق الأفعال بضمائر عائدة، ساعد على تحقيق الترابط بين الجمل، ففي المثال الأوَّل نجد التلميذ ألحق (هاء) الضمير بالفعل "يكسب"، وهو عائد على (المال) في الجملة التي سَبَقتها، أمَّا في المثال الثاني فالضمير (هم) في الفعل الماضي "دفع" يعود على المشكلات، فتجنب تكرار لفظ (مشكلات) باستعمال الضمير.

وتطابق الضمير مع ما يحيل عليه مما يكسب النص استمرارية، ويُجنِّب التلميذ التكرار، وهذا ما نجدنه في الأمثلة السابقة وفي المثالين اللاحقين كذلك،

نماذج مع الحروف

  1. المال ضروري في حياة الفرد، لأنه وسيلة للحصول على رغباتنا.

  2. أنا أحب أن نعيش في مجتمعات إسلامية، ففيها الأخوة والوحدة والصفاء...

كما هو الأمر في التحاق الضمائر بالأسماء أو الأفعال، فقد تلحق الضمائر الحروف كذلك، ففي المثال الأول نجد (الهاء) عائدة على (المال)، محققة بذلك ترابطا بين الجملتين، وفي المثال الثاني لحاق الضمير (ها) بحرف الجر (في) لتجنب تكرار لفظ المجتمعات الإسلامية، وحقق بذلك التلميذ اتساقا نصيا بتطابق الإحالة دلاليا.

تبين من الأمثلة السابقة الاستعمال السليم الذي مارسه المتعلمون لهذا الأسلوب، مما حقق التماسك والترابط بين الجمل، ولو أساءوا استخدامه لظهر على كتاباتهم الضعف والتفكك، ولوقع القارئ في حرج في فهم النص، وحسن استخدام التلاميذ لهذا الأسلوب يخطو بهم خطوة كبيرة للأمام، وذلك لأنَّ الإضمار من أهم وسائل الإحالة، فحتَّى ولو بدت هذه العملية بسيطة لأوَّل وهلة، إلا أنَّها عملية معقدة تتطلب من التلميذ ربط سلسلة أفكاره في خيط واحد، وتحتاج إلى تركيز منه خاصَّة في مرحلة التلقي التي يمرُّ بها.

ولعلَّ كثرة القواعد التي يتلقاها تجعله يضطرب في استعمالها، وتجعله يقع في حالة من التطبع، والبعد عن التلقائية، وتصعب عليه أيسر المسائل، وقد تخلَّلت نصوص التلاميذ بعض الإجراءات الخاطئة يمكن إرجاعها إلى ضعف التركيز، أو الارتباك، غير أنها قد ترجع إلى ضعف تأهيل التِّلميذ أحيانا، غير أنَّ هذه الاستعمالات الخاطئة تبقى ضئيلة فهي لم تتعد نسبة (4.41%).

الإحالة بأسماء الإشارة

أسلوب الإشارة من بين الأساليب التي تعمل على إنشاء الترابط والتماسك بين أجزاء النص ( Brown, & Yul, 1983 : 44)، كما هو الحال بالنِّسبة للإضمار فأسلوب الإشارة عملية ربط تتم بين جملتين، وذلك بإعادة عنصر تمَّ ذكره في الجملة الأولى وإعادته في جملة لاحقة بعنصر خاصٍّ يعود عليه، هذه العلاقة تحققها أدوات تسمى «أسماء الإشارة»، وهي اِسم يعين مدلوله تعيينا مقرونا بإشارة حسيَّة، وبها يتمُّ الاستغناء عن عملية التكرار لنفس الوحدة اللُّغوية وتعويضها بعائد عليها. وأسماء الإشارة تحيل إحالة قبلية بمعنى أنها تربط عنصرا لاحقا بآخر سابق وهي بذلك تسهم في اتِّساق النص، ولأسماء الإشارة فائدة كبيرة من النَّاحية التركيبية، فإيراده يغني عن تكرار الاسم الظاهر، وهو يلتقي مع الضمير في هذه الخاصية. يبقى أن نذكِّر بخاصية الإحالة الموسعة التي يتميز بها "اسم الإشارة المفرد" أي إمكانية الإحالة إلى جملة بأكملها أو متتالية من الجمل.

اِستعمل التَّلاميذ هذا الأسلوب بكثرة، لأنه يلعب أسلوب الإشارة دورا هامًّا في تماسك الخطاب وذلك من خلال الرَّبط بين أجزائه، وقد أحسن المتعلمون توظيف هذا الأسلوب حيث بلغت نسبة الاستعمالات السليمة (92.74%) :

  1. وصلنا إلى بيت جدتي في منتصف النهار، ذكرني هذا المكان بذكريات طفولتي.

  2. إن الأزمات التي يعاني منها مجتمعنا كثيرة، يحتاج هذا المجتمع إلى التعايش السلمي...

في المثال الأول يصف المتعلم وصوله وعائلتَه إلى بيت جدته الذي احتفظ له بجزء من ذكريات طفولته، فهو يحمل له نفسه شعورا خاصا وعاطفة خاصة، فوصف في الجملة الأولى موقف الوصول إلى البيت وساعته، وتلاها بجملة أخرى شارحا فيها ما أحدث فيه هذا الموقف من سرور واسترجاع لذكريات، وأتى فيها باسم الإشارة (هذا) الدال على المفرد المذكر، والذي يحيل إلى (بيت جدتي) فأورد اسم الإشارة حتى يربأ عن التكرار، فإن لم يأتي به لاضطر أن يقول (ذكرني بيت جدتي بذكريات طفولتي) مما يعد عيًّا في الاستعمال، وكذا فذكر المحال عليه ركن أساسي في بناء المعنى فغيابه يؤدي إلى الإبهام فلو أشار مثلا بقوله (هذا المكان) ولم يكن قد ذكر بيت جدته قبلُ لوقع القارئ في حيرة من أمره، ويشترط في المحال عليه أن يكون معلوما فلا يجوز الإحالة على مجهول، ذلك لأن اسم الإشارة وحدة فارغة تتميز بالإبهام، ولا يزول إبهامها إلا من خلال السياق، إذا عرف المحال عليه.

وتجدر الإشارة إلى أن التلميذ استعمل أسلوب الاستبدال وهو مما يحقق به الاتساق في قوله (هذا المكان) فاستبدل لفظ البيت بلفظ أعم منه، وسيأتي ذكر نماذج من استعمالات التلاميذ للاستبدال فيما يأتي.

أسلوب الوصل

يقوم أسلوب الوصل بربط جملتين بحيث تصير الثَّانية وصفًا لأحد عناصِر الجملة الأولى، مما يجعله من أهم الأساليب التي تحقق الاتساق النَّصيِّ، وكما يُشترط وجود مرجع يعود عليه اسم الإشارة، فوجود اسم ظاهر يعود عليه الاسم الموصول شرطٌ لا بدَّ منه كذلك، ويحمل هذا الاسم الموصول نفس صفات العائد عليه من جنس ونوع.

وشرطان لا بد من توفُّرهما في هذا الأسلوب عودُه على اسم ظاهر، واشتماله على رابط، فالاسم الموصول يقوم بتعويض العائد عليه ليغني عن تكراره بلفظه، فالتطابق بين الاسم الموصول (العائد) والاسم الظاهر(العائد عليه) واجب (الخطابي، 1991 : 19).

كثر من التلاميذ استعمال هذا الأسلوب، وفي غالب يمكن أن نقول أنهم استعملون بطريقة صحيحة، فنسبة الإجراءات السليمة ـ من بين (131) استعمال لهذا الأسلوب في (102) ورقة إجابة ـ بلغت: 91.60%، وهو أمر إيجابي، وإن وجدث استعمالات خاطئة.

  1. ونحن نرى بذرة العطف تنمو في نفوسنا التي ألفت التسامح منذ الصغر..

  2. كنا كل صيف نزور جدتي، التي تسكن في الريف..

  3. أخبرني أبي أن سكان حيِّه القديم، هم الذين كانوا يقدمون له المساعدة.

نلاحظ في المثال الأوَّل استعمال (التي) وهو اسم موصول موضوع للمؤنَّث المفرد، يعود في هذا المثال إلى لفظ (نفوسنا) وهو جمع مؤنَّث، والنفس مؤنَّثة وهي بمعنى الروح هنا، ويحال إليها بما يحال إليه الاسم المؤنَّث لأنها غير عاقلة، فنقول «النفوس هي» ولا نقول «النفوس هنَّ*» لذا حصل التطابق في المثال السابق باستعمال الاسم الموصول (التي) الدال على المؤنَّث المفرد.

نفس الشيء نجده في المثال الثاني، أين استعمل التلميذ الاسم الموصول (التي) لكي لا يكرِّر الاسم الذي تحيل عليه؛ وهو: (جدتي)، ونجده وُفِّق في هذا الاستعمال حيث إن لفظ (التي) يدل على المفرد المؤنث، وهو ما يتطابق جنسا وعددا مع لفظ (جدتي).

وفي المثال الثالث نجد أن المتعلم استعمل اسما آخر من أسماء الوصل وهو (الذين) وهو يدل على جمع المذكر، لذا عليه أن يعود على اسم ظاهر يدل على جمع المذكر حتى يحكم على تركيبه بالصحة، وهو الواقع إذ إنَّ الإحالة عائدة على (سكان الحي).

لا بد للاسم الموصول من شروط يقوم عليها، وحيثما انعدم شرط من هذه الشروط لم يتحقق الاتساق، وقد أخلَّ بعض التلاميذ ببعض تلك الشروط، وإن كان هذا قليلا مقارنة بالإجراءات السليمة التي انطبقت فيها جميع الشروط، حيث بلغت نسبتها: 11%.

  1. إنَّ المال هي نعمة من نعم الله لكي نشري الذي نريد ونرغب فيه.

  2. يعود بالنَّفع على أصحابه الذي يملكونَهُ.

  3. لذا عليَّ بالعمل لمن يحبُّ كسبَ المالِ.

هذه ثلاثة أمثلة تحمل ثلاثة أنواع من الأخطاء، وهي كالتالي:

ففي المثال الأول نجد أن التلميذ استعمل أسلوب الوصل (الذي) وهو يجب أن يعود على اسم ظاهر، وهو ما لم يتحقق في المثال، وليس الخطأ في عدم وجود الاسم العائد عليه، ولكن في استعمال الاسم الموصول في موضع لا يجب استعماله فيه، فالصحيح أن يقول: «لكي نشتري ما نريد» و"ما" هنا مصدرية، وليست موصولة فيجعل مكانها "الذي"، فجعلها في مكان ما المصدرية، وهو خطأ ناتج عن جهل بموضع استعمال الاسم الموصول، المقصود من الإتيان به هو تجنب التكرار لاسم ظاهر مذكور واستعاضتُه بما ينطبق عليه جنسا ونوعا محيلا عليه.

وفي هذا المثال خطأ آخر وهو عدم مطابقة الضمير "هي" مع الاسم "المال" فالأوَّل مؤنث والآخر مذكَّر فلا تحصل المطابقة، وكان له أن يستغني بحذفه، فيستقيم الكلام، خاصة إذا علمنا أنه في موضع إخبار ابتدائي، فلا يحتاج إلى توكيده، وإن فعل فلا حاجة له بمؤكِّدين، فقد أتى بـ"إنَّ" في أوَّل الكلام، فأن يقول: «إنَّ المال هو نعمة» ينقل المعنى إلى الإخبار الإنكاري؛ وليس هو بـمضِعه.

أما النموذج الثاني فقد استعمل فيه المتعلم الاسم الموصول (الذي) وهو اسم موصول خاصٌّ يدلُّ على مفرد المذكر، في موضع (الذين) الذي يدلُّ على جمع المذكر، فالإحالة في هذا الموضع تعود على (أصحابه) وهو جمع مذكر، وخالف بذلك مبدأً من مبادئ أسلوب الوصل والمتمثِّل في وجوب التَّطابق بين الاسم الموصول والاسم الظاهر العائد.

أسلوب الاستبدال

الاستبدال من أهم عناصر الاتساق، وهو يضفي جمالا على الأسلوب، لما فيه من تنويع في الألفاظ، والاستبدال كما يدل عليه اسمه هو استبدال عنصر في النص بعنصر آخر، لتجنب إعادة نفس العنصر، وهو بذلك يحقق تماسكا داخل النص، لإحالة المستبدَل به على المستبدَل، وهذه الإحالة تقع على المستوى الدلالي، هذا وإن أغلب إحالات الاستبدال قبلية، أي علاقة بين عنصر متأخر وعنصر متقدم، وقد وظف التلاميذ هذا الأسلوب بشكل سليم، حيث حققت نسبة توظيفه بشكل سليم نسبة 100%، بمعنى أننا في تحليلنا لأوراق التلاميذ لم نصادف أيَّ استعمالا خاطئا لهذا الأسلوب، وهو ما سمح بتحقيق اتساق، وإن كان ورود استعماله قليلا بالمقارنة مع الأساليب الأخرى.

  1. إن التعايش السلمي هو كل ما يجب أن يراه الإنسان في مجتمعه، فبهذا العنصر يكمل مجتمعنا.

  2. وحج مكة مكرمة، فهذا البيت هو أشرف البقاع المقدسة

  3. وكنا نستلقي على الشاطئ الرملية*، وكنا نتناول فطورنا في المكان نفسه.

نلاحظ استعمال التلاميذ لأسلوب الاستبدال، وذلك باستبدال وحدة لغوية بوحدة أخرى تشترك معها في الدلالة ففي المثال الأول: استبدل التلميذ التعايش السلمي، بلفظة "العنصر" وهو في الاستعمال لفظ عام لا يفهم معناه إلا إذا رجعنا إلى ما المستبدَل الذي يزيل عنه الإبهام، استعمله التلميذ لأن لا يلجأ إلى التكرار.

كذلك هو الأمر في المثال الثاني، حيث استعاض عن "مكة المكرمة" بلفظ "البيت" وهما يشتركان في دلالتهما على معنًى، وهو الكعبة التي يحج إليها المسلمون كل عام، ويتجهون إليها في صلاتهم كل يوم، فـ(البيت) في الجملة الثانية مرادف لـ(مكة المكرمة) في الجملة الأولى، وبذلك تحدث الاستمرارية في الكلام.

في المثال الثالث صورة أخرى من صور الاسم العام أُحل محل اسم سابق، فلفظ (المكان) لفظ عام لا يفهم معناه دون الرجوع إلى الاسم المبدل، وفي مثالنا هذا هو (الشاطئ الرملي)، فتجنب التكرار وحقق الاتساق، وأدّى المعنى.

نلاحظ مما سبق أن أسلوب الإضمار أن أسلوب الإضمار يحتلُّ المرتبة الأولى من حيث الاستعمال حيث بلغ عدد استعمالاته (136) مرَّة، كانت أغلب استعمالاته سليمة من قِبل التلاميذ، وإن تخلَّلت هذه الاستعمالات استعمالاتٌ خاطئة بنسبة (4.41%)، في حين أنَّ نسبة الأخطاء التي ارتكبها التلاميذ ترتفع في أسلوب الإشارة، وذلك مع انخفاض عدد استعمالاته بالمقارنة بالأوَّل، إن كانت الاستعمالات الصحيحة حققت نسبة (92.74%)، وحقَّق أسلوب الوصل المرتبة الثانية من حيث استعماله بعد أسلوب الإضمار، وكانت أغلب استعمالاته صحيحة بنسبة (91.60%)، أما أسلوب الاستبدال فكان أقلَّ هذه الأساليب استعمالا حيث لم يستعمل إلا (15) مرة فحسب، وتميَّز هذا الأسلوب عن سابقِيه بأنه لم يحوي في أوراق التلاميذ أي استعمال خاطئ.

وفي الأخير

وبشكل عامٍّ جاءت تعابير التلاميذ متسقة، فكانت أغلب أدوات الاتساق في نصوصهم مستعملة بشكل سليم، ويمكن أن نرجع الأخطاء التي وُجدت في هذه الوثائق إلى:

ضعف التركيز: فقد يتسرَّع بعض التلاميذ إلى تسليم الأوراق دون مراجعتها وتصحيح ما تخلَّلها من سقط وهفوات.

الخوف والاضطراب: وهذا الجانب النفسي سبق لنا أن تناولناه في الفصل الأول من هذا البحث، حيث أن الحالة النفسية للتلميذ تؤثِّر على مردوده الكتابي، وكون التلميذ في موضع امتحان، كما هو الأمر في حالتنا هذه، يزيد من هذا الاضطراب والخوف، إذ لا يخفى أنَّ تعامل التلاميذ مع موقف الامتحان يختلف من شخص لآخر، فمنهم من يتَّخذه مصدر قوّة مما يزيد من جديَّته في العمل، وتركيزه، فإذا تغلب عليه الخوف والاضطراب أتت النتائج سلبية.

ضعف مستوى التلميذ: فقد يؤدِّي ضعف مستوى التلميذ إلى ضعفه في صياغة نص سليم، ويؤدِّي إلى ارتباك في أدائه، وكما أنَّ عدم التفكير في المحال عليه يؤدِّي إلى الخطأ.

1 . الوثيقةالمرافقةلمنهاجمادةاللغةالعربية: السنة4 منالتعليمالمتوسط،ص: 13.

2 . انظر: زبير،أحمد،سندتربويتكوينيعلىأساسالمقاربةبالكفاءات،يتضمندروسانموذجية،المعهدالوطنيلتكوينالمستخدمينوتحسينمستواهم،الجزائر.

3 . انظر: الوثيقة المرافقة، ص. 13 – 14.

4 انظر تعريفات للتعبير الكتابي في: الهاشمي، عبد الرحمان، التعبير: فلسفته ـ واقع تدريسه ـ أساليب تصحيحه، الأردن، ط:1، 2005، ص: 23؛ مجاور، محمد صلاح،

5 راجع لزيادة القول في أهمية وأهداف التعبير الكتابي: مدكور، علي أحمد، طرق تدريس اللغة العربية، دار المسيرة، عمان الأردن، 2007، ط:1، ص:72،73.

6 قمنا هان باعتماد ما ذكره أحمد زبير، بالإضافة إلى تتبع ما جاء في الكتاب المدرسي والوثائق الابيداغوجية، انظر للإضافة:زبير، أحمد، سند تربوي تكويني على

Adam, Jean Michel. 2015. La linguistique textuelle. Armand Colin. Paris.

Brown, Gilian, et George Yul. 1983. Discourse Analysis. Cambridge University Press. Cambridge.

Djik, Teun Adrianus Van. 1977. text and context : exploration in the sementics and progmatics of discourse. Longman. New York.

Halliday, M. A. K. 1976. cohesion in english, English Language Series. Longman. New York.

الخطابي، محمد، لسانيات النص مدخل إلى انسجام الخطاب، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1، 1991، ص: 19.

زبير، أحمد، سند تربوي تكويني على أساس المقاربة بالكفاءات: يتضمن دروسا نموذجية، المعهد الوطني لتكوين المستخدمين وتحسين مستواهم، الجزائر.

الساموك، سعدون محمود، والشمري، هدى علي جواد، مناهج اللغة العربية وطرق تدريسها، دار وائل، الأردن، ط1، 2005.

السمان، محمد علي، التوجيه في تدريس اللغة العربية، دار المعارف القاهرة، ب ط، 1983.

مجاور، محمد صلاح، تدريس اللغة العربية في المرحلة الثانوية، دار المعارف، القاهرة، ط:2، 1969.

مدكور، علي أحمد، طرق تدريس اللغة العربية، دار المسيرة، عمان الأردن، 2007، ط:1.

الهاشمي، عبد الرحمان، التعبير: فلسفته ـ واقع تدريسه ـ أساليب تصحيحه، الأردن، ط:1، 2005.

1 . الوثيقة المرافقة لمنهاج مادة اللغة العربية: السنة 4 من التعليم المتوسط، ص: 13.

2 . انظر: زبير، أحمد، سند تربوي تكويني على أساس المقاربة بالكفاءات، يتضمن دروسا نموذجية، المعهد الوطني لتكوين المستخدمين وتحسين مستواهم، الجزائر.

3 . انظر: الوثيقة المرافقة، ص. 13 – 14.

4 انظر تعريفات للتعبير الكتابي في: الهاشمي، عبد الرحمان، التعبير: فلسفته ـ واقع تدريسه ـ أساليب تصحيحه، الأردن، ط:1، 2005، ص: 23؛ مجاور، محمد صلاح، تدريس اللغة العربية في المرحلة الثانوية، دار المعارف، القاهرة، ط:2، 1969، ص: 222؛ السمان، محمد علي، التوجيه في تدريس اللغة العربية، دار المعارف القاهرة، ب ط، 1983، ص: 42؛ الساموك، سعدون محمود، والشمري، هدى علي جواد، مناهج اللغة العربية وطرق تدريسها، دار وائل، الأردن، ط1، 2005، ص: 234.

5 راجع لزيادة القول في أهمية وأهداف التعبير الكتابي: مدكور، علي أحمد، طرق تدريس اللغة العربية، دار المسيرة، عمان الأردن، 2007، ط:1، ص:72،73.

6 قمنا هان باعتماد ما ذكره أحمد زبير، بالإضافة إلى تتبع ما جاء في الكتاب المدرسي والوثائق الابيداغوجية، انظر للإضافة:زبير، أحمد، سند تربوي تكويني على أساس المقاربة بالكفاءات: يتضمن دروسا نموذجية، المعهد الوطني لتكوين المستخدمين وتحسين مستواهم، الجزائر، ص: 13، وما بعدها.

عبد الحق قاسمي

Université Alger2 2طالب دكتوراه سنة أولى طور الثالث الجزائر

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article