مقدمة
تعد الترجمة الرسمية واحدة من أكثر ميادين الترجمة تعقيدا لما تحمله من عراقيل وقيود تدفع الكثير من ممارسي مهنة الترجمة إلى تجنبها والتوجه إلى أنواع أخرى كالترجمة الشفوية أو الترجمة الحرة (غير الرسمية). وأكثر ما يُميز الترجمة الرسمية عن باقي الميادين، هو الطابع الرسمي وكذا طبيعة الوثائق التي تخضع للترجمة. إذ تتميز هذه الوثائق بالأصالة ويرجع ذلك إلى أن معظم ما يترجم في مكاتب الترجمة الرسمية هي وثائق أصلية لا يملك صاحبها غيرها، وكثير من الأحيان، تتضمن هذه الوثائق معلومات شخصية حساسة وقوانين مهمة تستدعي الدقة والأمانة في ترجمتها لتفادي أي مشاكل قانونية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ترجع صعوبة الترجمة الرسمية إلى الأثر الذي تحدثه في متلقي الترجمة (البلد أو الهيئة المستقبلة). قد يكون هذا الأثر إيجابيا عندما ينجح صاحب الوثيقة في بلوغ الغاية المنشودة من الترجمة (كالحصول على تأشيرة مثلا أو فض نزاع قضائي) كما قد يكون سلبيا إذا لم ينجح صاحب الترجمة في بلوغ الغاية المنشودة (الحصول على التأشيرة أو ربح دعوى قضائية) وقد يعود ذلك غالبا لخطأ في الترجمة أو في استعمال الاستراتيجية المناسبة لبلوغ ذلك الهدف. وهذا ما يزيد من صعوبة مهمة المترجم الرسمي لأنه غالبا ما يجد نفسه وسيطا بين نظامين قانونيين لا يتشاركان في المفاهيم القانونية نفسها أو بين بلدين لا يخضعان للقوانين والضوابط نفسها سواء في المعاملات الإدارية أو القضائية.
علاوة على ذلك، تقع على عاتق المترجم الرسمي مسؤولية « الأمانة »، « fidelity » للنص الأصلي، بمعنى أن يكون أمينا بقدر الإمكان وأن ينقل المضمون الكامل للوثيقة الأصلية دون أي تغيير. وفي حالة وجود أخطاء في الوثيقة الأصلية، لا يمكن للمترجم أن يصحح تلك الأخطاء لأن ذلك يخرج عن إطار صلاحياته، فيطلب من الزبون (صاحب الوثيقة) إلى التوجه إلى الجهة التي استخرج منها الوثيقة الأصلية وطلب تصحيح الخطأ لأنها الوحيدة المخولة لذلك.
ولغرض تحقيق الأمانة في الترجمة، يلجأ معضم المترجمين الرسميين إلى تقنية الترجمة الحرفية كحل مناسب لتفادي الوقوع في الخطأ ولضمان نقل المحتوى الأصلي كما هو وللامتثال كذلك قدر الإمكان للضوابط والقوانين المنظمة للمهنة. لكن، جعلت الحرفية الزائدة الترجمات تبدو وكأنها وثائق رسمية جزائرية كتبت بأحرف أجنبية، مما قد يؤثر سلبا على صاحب الترجمة وقد يسبب له مشاكل في البلد المستقبل للوثيقة.
لكن إذا بحث المترجم الرسمي في نظريات الترجمة وخاصة الوظيفية منها، قد يجد مقاربات تساعده في بلوغ الهدف من الترجمة في إطار صلاحياته وما تسمح به القوانين المنظمة للمهنة ومن دون الإخلال بمبدأ الأمانة في الترجمة. ومن أهم النظريات الوظيفية التي قد تخدم المترجم الرسمي والزبون في الوقت ذاته هي نظرية السكوبوس (skopos) أو مايعرف بنظرية الهدف.
1. الإطار العام للدراسة
1.1. الدراسات السابقة
قليلة جدا هي الدراسات التي اهتمت بإشكالية قابلية تطبيق نظرية السكوبوس على الترجمة القانونية أو الترجمة الرسمية لكن توجد دراسة مثيرة للاهتمام قام بها فيرناندو بييرتو راموس « Fernando Pierto Ramos » تحت عنوان « Beyond the confines of literality : a functionalist approach to the sworn translation of legal documents » « خارج حدود الحرفية : مقاربة وظيفية للترجمة الرسمية للوثائق القانونية ». نقد بييرتو في هذه الدراسة الممارسة التقليدية التي تعتمد على الحرفية في ترجمة الوثائق القانونية وأفاد بأن النظريات الوظيفية تساعد في تحديد الحواجز التي يمكن للمترجم تجاوزها لكي ينجز مهمته بنجاح ويتفادى المشاكل المحتملة. وركز في دراسته هذه على مقاربة نورد « Nord » الوظيفية في الترجمة وكذا مفهوم السكوبوس. ودافع بييرتو على قابلية تطبيق النظريات الوظيفية على الترجمة الرسمية من خلال دراسة حالة تمثلت في ترجمة « مذكرة استدعاء قضائية » من اللغة الإسبانية إلى اللغة الإنجليزية، وبعد المقارنة والتحليل، أفادت الدراسة بقابلية وفعالية تطبيق النظريات الوظيفية على الترجمة الرسمية، وأن الممارسة التقليدية التي تعتمد على الحرفية قد تأثر سلبا على الطبيعة التواصلية للتفاعل الترجمي « translational interaction » (Ramos, 2002) .
دراسة أخرى تستحق الإشارة إليها قام بها روبيرتو مايورول آسانسيو « Roberto Mayoral Assensio » وهي عبارة عن كتاب ألفه عام 2003 وتعتبر قديمة كذلك لكنها تضيف الكثير لمجال الترجمة الرسمية التي لم تحظى بالاهتمام الكبير في الدراسات السابقة وتحتاج إلى المزيد من البحث. تطرق أسينسيو في كتابه والذي يحمل عنوان « Translating Official Documents » « ترجمة الوثائق الرسمية » إلى مهنة الترجمة الرسمية ومميزاتها في مختلف البلدان التي لا تتبع النظام القانوني نفسه ولا تتبع القوانين التنظيمية للمهنة نفسها، كما صنف في كتابه أنواع الوثائق التي تترجم في مكاتب الترجمة الرسمية كالوثائق الإدارية والمالية والقانونية ومختلف الهيئات المستقبلة لهذه الوثائق كما تطرق كذلك إلى مختلف التحديات التي تصادف المترجم الرسمي وكذا المسؤوليات التي تقع على عاتقه خلال ترجمة الوثائق الرسمية. ودعّم دراسته هذه بأمثلة تمثلت في حالات ترجمة لوثائق قانونية رسمية مع ذكر طلبات الزبون في كل حالة. وتناول أسينسيو مصطلح « skopos » في كتابه مشيرا بأنه ينبغي على المترجم الرسمي أن يحقق هدفين اثنين من خلال الترجمة الرسمية؛ يتعلق الهدف الأول بالمترجم وأخلاقيات المهنة وهو أن يحقق مبدأ الأمانة وأن تكون ترجمته وفية قدر الإمكان للنص الأصل، أما الهدف الثاني، وهو لا يقل أهمية عن الأول، فيتعلق بالزبون -صاحب الترجمة- حيث يكمن دور المترجم هنا في تحقيق الهدف من الترجمة ومساعدة الزبون في بلوغ الغاية التي يسعى إليها في البلد أو الهيئة المستقبلة للوثيقة المترجمة ويعرف مايورول الترجمة الرسمية على أنها :
« الترجمات التي تلبي المتطلبات التي تجعلها مقبولة قانونيا في البلد المستقبل » ترجمتهنا |
« Translations that meet the requirements to serve as legally valid instrument in a target country » (Asensio, 2014) |
2.1. الترجمة الرسمية/المعتمدة في الجزائر
يطلق مصطلح الترجمة الرسمية على الممارسة المتعلقة بترجمة الوثائق الرسمية، يقوم بها إما مترجم محلف ومعتمد لدى وزارة العدل أو مترجم غير محلف يمارس المهنة في مكتب للترجمة الرسمية ولم يكتسب بعد صفة المترجم المحلف. وتكمن أهمية الترجمة الرسمية في أن جميع الوثائق المترجمة هي ترجمات معتمدة لها صفة رسمية لدى كافة الهيئات المستقبلة لهذه الوثائق، وتتميز هذه الترجمات بالدقة والأمانة في نقل المضمون الأصل للوثيقة. (Protranslate, 2019).
تُترجم الوثائق الرسمية لعدة أسباب؛ قد تكون لغرض طلب تأشيرة في بلد لا يستعمل اللغة الرسمية نفسها، أو لغرض استعمال الوثائق المترجمة في إطار إداري (كطلب للدراسة في جامعة أجنبية) أو إجراء قانوني، وعادة كدليل في قضية قانونية، أو لأغراض أخرى (Asensio, 2014).
1.2.1. المترجم الرسمي/المعتمد
يعتبر المترجم- الترجمان الرسمي حلقة الوصل التي تربط بين الزبون وبين الوظيفة التي يسعى إلى الوصول إليها من خلال نصه المكتوب أو المنطوق. والمترجم المعتمد أو المحلف هو المترجم الذي يخضع لقوانين وتشريعات مسنونة من قبل وزارة العدل في بلده، وتعتبر ترجمته ترجمة معتمدة لدى كافة الجهات الرسمية (الموقع الرسمي لوزارة العدل).
سمي مترجما محلفا لأنه وفي أغلب الدول يؤدي اليمين قبل الشروع في المهنة، ويترجم المترجم المحلف مختلف الوثائق حسب كفاءاته اللغوية والثقافية من جهة وحسب ما تفرضه عليه القوانين التنظيمية المنظمة لمهنة المترجم في بلده من جهة أخرى لينتج في الأخير نصا مطابقا للنص الأصل شكلا ومضمونا يكون معتمدا لدى كافة الهيئات المستقبلة لذلك النص.
ويتمتع المترجم- الترجمان الرسمي الجزائري بصفة ضابط عمومي ويحمل ختما رسميا يصادق به على كل الترجمات الرسمية التي يقوم بها. وتتسم الوثائق المترجمة من قبله بقوة ثبوتية بموجب القانون وبحكم المكانة التي يحتلها، والسلطات المفوضة له، فإنه يلتزم بالسر المهني في تأديته لمهامه، ويرتدي الزي الرسمي في نفس شروط كاتب الضبط عندما تتم دعوته للقيام بمهام الترجمة الفورية أثناء الجلسات القضائية ( (Bacha, 2020.
2.2.1. شروط الالتحاق بمهنة المترجم – الترجمان الرســمي في الجزائر
يكتسب المترجم صفة المترجم – الترجمان الرسمي بعد النجاح في المسابقة الوطنية للالتحاق بمهنة مترجم ترجمان رسمي، المنظمة من طرف وزير العدل بناء على إقتراح من الغرفة الوطنية للمترجمين – التراجمة الرسميين ويشترط للالتحاق بمهنة المترجم – الترجمان الرســمي استيفاء الشروط الآتية :
-
أن يتمتع بالجنسية الجزائرية،
-
أن يبلغ سن 25 سنة على الأقل،
-
أن يتمتع بالحقوق المدنية والسياسية، وأن لا يـكون قد حكم عليه بعقوبة جناية أو جنحة مخلة بالشرف،
-
أن يكون حائزا لدبلوم في الترجمة من معهد الترجمة أو شهادة معادلة له،
-
أن تكون لديه خبرة في مهنة المترجم – الترجمان الرســمي لمدة لا تقل عن خمس سنوات على مستوى مصلحة الترجمة لدى جهة قضائية أو إدارة أو هيئة أو مؤسسة عمومية أو خاصة أومنظمة أومكتب عمومي للترجمة الرسمية أو مكتب أجنبي للترجمة،
-
أن يتوفر على إقامة مهنية،
-
أن ينجح في المسابقة الخاصة بممارسة مهنة المترجم – الترجمان الرسمي.
وبعد النجاح في المسابقة يتم تعيين المترجم – الترجمان الرســمي بموجب قرار من وزير العدل، حافظ الأختام ويؤدي المترجم – الترجمان الرســمي قبل أداء مهنته اليمين القانونية أمام المجلس القضائي لمحل إقامته المهنية (الموقع الرسمي لوزارة العدل).
3.1. أنواع الوثائق التي تترجم في مكاتب الترجمة الرسمية
تلعب مكاتب الترجمة الرسمية دورا حيويا في توفير خدمات الترجمة لعدد كبير من الوثائق القانونية والإدارية والتي تترجم بدقة عالية نظرا لأهمية هذه الوثائق في تلبية احتياجات أصحابها في الهيئات المستقبلة لها. ونذكر فيما يلي بعض الأنواع الشائعة للوثائق التي تترجم في مكاتب الترجمة الرسمية :
-
وثائق الهوية : وتشمل بطاقة التعريف الوطنية، جواز السفر ورخصة السياقة.
-
وثائق الحالة المدنية : شهادة الميلاد، شهادة الوفاة، شهادة زواج...إلخ
-
وثائق مالية : وتشمل مختلف الوثائق المستخرجة من البنك ككشوف الحسابات، تقارير الإئتمان، وشهادات الودائع.
-
الوثائق المتعلقة بالعمال : مثل شهادة العمل، عقد العمل، كشف الراتب، شهادات التأمين الإجتماعية والصحية...إلخ.
-
الوثائق القضائية : الأحكام القضائية (حكم الطلاق)، المحاضر ومختلف المقررات القضائية.
-
العقود التوثيقية : وتشغل حيزا كبيرا من الوثائق التي تترجم في مكاتب الترجمة الرسمية. وتعرف على انها المحررات التي تصدر عن الموثق بصفته ضابط عمومي (المادة 5 من القانون رقم 27/88). وفقًا للأشكال والترتيبات المنصوص عليها بموجب القانون، ويتم إبرام هذه العقود بين الأطراف المعنية وتوقع من قبل المتعاقدين والشهود إذا كانوا حاضرين، لتوقع بعد ذلك وتختم من طرف الموثق. وتشمل العقود التوثيقية (عقد البيع، عقد الإيجار، عقد الهبة...إلخ)
4.1. نظرية السكوبوس في الترجمة
1.4.1. لمحة تاريخية عن نظرية السكوبوس
عرفت مهنة الترجمة منذ القدم ممارسة تقليدية ارتكزت على الحرفية وتقيدت بشكل كبير بالنص الأصل وما يحمله من خصائص لغوية وثقافية، حيث كان الهدف الأساسي من الترجمة هو الوفاء قدر الإمكان للنص الأصل ونقل المضمون بأقصى درجة من الدقة. لكن، مع نهاية السبعينيات وتحديدا عام 1976، ألقيت محاضرة حول « النظرية العامة في الترجمة » « General theory of translation » من طرف هينس فيرمر في قسم الترجمة في جامعة ماينز، اقترح فيها مقاربة جديدة في الترجمة لتُعرض بعد ذلك على جمهور أوسع من خلال مقال نُشر في مجلة « Lebende sprachen ». سمى فيرمر هذه النظرية « نظرية السكوبوس » « Skopostheorie » واقترح من خلالها أن المعيار الأساسي في توجيه قرار المترجم أثناء قيامه بعملية الترجمة هو « السكوبوس » أي الهدف. لكن هذه النظرية لم تلقى ترحيبا واسعا في البداية ولم تعرف بشكل واسع إلى غاية عام 1984 عندما نشر كل من فيرمر ورايس كتاب « Grundlegung einer Allgemeinen Translationastheorie » تناولا فيه النظرية بطريقة مفصلة فبدأ اللغويون الألمان يهتمون بهذه النظرية لكن سرعان ما انتقدت بشدة نظرا لسيطرة النظريات اللغوية خلال تلك الحقبة، وبالتالي كان المعيار الأساسي للترجمة آنذاك هو التكافؤ اللغوي ((Nord 2013. لتأتي بعد ذلك كريستيان نورد وتصدر كتابا تحت عنوان « Translating as a Purposeful Activity »، « الترجمة بوصفها نشاطا هادفا »، وهو متوفر باللغة العربية، نُشر عام 1997، قدمت فيه نورد رؤية شاملة حول النظريات الوظيفية ودافعت من خلاله عن نظرية السكوبوس، كما تناولتها بشكل أوسع وكان الهدف من دراستها هذه تحرير المترجم من عبودية النص الأصل وخلق آفاق جديدة للترجمة مختلفة تماما عما تناولته النظريات السابقة التي تعاملت حسب نورد مع عملية الترجمة باعتبارها عملية إعادة صياغة أو إعادة كتابة للنص الأصلي لكن في لغة جديدة، واعتبرت النص الأصلي الشيء الوحيد الذي يتحكم في قرار المترجم.
2.4.1. ماهية نظرية السكوبوس
« Skopos »هي كلمة يونانية الأصل تعني « purpose » أي الغاية أو « الهدف ». وتفيد هذه النظرية أن القاعدة الأساسية التي تحدد أي عملية ترجمية هي الغاية أي الهدف من الفعل الترجمي (Nord, 1997).
تركز هذه النظرية في المقام الأول على وظيفة الترجمة التي تحدد بدورها المنهجية والطرائق التي يعتمد عليها المترجم أثناء قيامه بعملية الترجمة لغرض تقديم منتوج نهائي أي نص هدف وهو ما أطلق عليه فيرمر مصطلح « الترانسلاتوم » « Translatum » (Reiss & Vermer, 2013)، يفي بالغرض ويلبي احتياجات المتلقي. وعليه؛ وبالنسبة لنظرية السكوبوس، معرفة الغاية من ترجمة النص الأصل عامل حاسم في عملية الترجمة.
3.4.1. قواعد نظرية السكوبوس Skopos Rules
تتألف نظرية السكوبوس حسب فيرمر ورايس من ثلاثة قواعد رئيسية (2013)؛ قاعدة السكوبوس « skopos rule »، قاعدة الاتساق « coherence rule » وقاعدة الأمانة « fidelity rule ». وحسب هذه النظرية لا يمكن للمترجم أن يبلغ الترانسلاتوم الناجح من دون العمل بهذه القواعد.
-
قاعدة السكوبوس Skopos rule
تعتبر القاعدة الأساسية لنظرية الفعل الترجمي حسب رايس وفيرمر وتتطابق هذه القاعدة مع عبارة « الغاية تبرر الوسيلة »the end justifies the means« (Reiss & Vermer, 2013) ويقول فيرمر في هذا الصدد :
»ينتج كل نص لغرض معين وينبغي على كل نص أن يخدم هذا الغرض، ومن ثم تُقرأ قاعدة السكوبوس على النحو التالي : ترجم، تكلم، أكتب بطريقة تمكن نصك/ ترجمتك من أن تخدم غرضها في السياق الذي تستعمل فيه مع الأشخاص الذين يريدون استعمالها وبالطريقة التي يريدونها .« ترجمتنا |
« Each text is produced for a given purpose and should serve his purpose. The skopos rule thus reads as follows : translate/interprete/speak/write in a way that enables your text/ translation to function in the situation it is used and with the people who want to use it and precisely in the way they want it. » (1997, p29). |
تجدر الإشارة هنا أن هذه القاعدة لا تستثني الترجمات الحرفية أو حتى الترجمات القائمة على ترجمة كلمة بكلمة فهناك حالات عديدة يحتاج فيها المتلقي أو الزبون إلى الترجمة الحرفية بعينها دون غيرها لكي يصل إلى غرض معين من خلال تلك الترجمة.
مثال :
زبونة تقصد مكتب للترجمة الرسمية وتقدم وثيقة عبارة عن محادثات فيسبوك بين زوجها وامرأة أجنبية تعيش في إنجلترا التي كان زوجها يسافر إليها من الحين إلى الآخر، لتكتشف أنه يعيش معها في علاقة غير شرعية، طلبت الزبونة من المترجم ترجمة تلك المحادثات ترجمة حرفية بكل تفصيل لكي تستعملها كدليل لخيانة زوجها لها في دعوى التطليق التي رفعتها ضده. فكان على المترجم أن ينقل كل تفصيل في تلك المحادثات حتى العبارات غير اللائقة والرموز الإيحائية كطريقة تساعد الزبونة للوصول إلى هدفها المنشود وهو ربح الدعوى.
إذا قدمت هذه الزبونة الوثيقة وطلبت ترجمة عادية من دون تقديم أي معلومات عن الهدف من الترجمة أو متلقي الترجمة أو الهيئة المستقبلة للوثيقة سيلغي المترجم من دون شك تلك العبارات غير اللائقة والرموز الإيحائية أو يكتب فقط (عبارة غير لائقة) أو (رمز إيحائي) من دون الشرح. لكن عندما قدمت الزبونة تفاصيلا عن الغاية من ترجمتها لتلك المحادثات، اختار المترجم استراتيجية الترجمة الحرفية لكي يساعد الزبونة في بلوغ تلك الوظيفة. وطبعا في كلتا الحالتين لن يضر المترجم لا المحتوى ولا المعني ولا الشكل وتكون ترجمته ترجمة أمينة وقانونية. وبالتالي، ينبغي دائما على المترجم معرفة الهدف من الترجمة قبل قبول طلب الترجمة لكي يستطيع بعد ذلك اختيار الاستراتيجية المناسبة لبلوغ ذلك الهدف.
-
قاعدة الاتساق Coherence rule
تسمى أـيضا »intratextual coherence« تنص هذه القاعدة التالي؛
»يجب أن ينقل النص الأصل بطريقة تجعله متسقا مع وضعية متلقيه.« ترجمتنا |
« The target text must be interpretable as coherent with the target text receivers’ situation » (Vermer as cited in Zhang, 2016). |
بمعنى أنه يجب على الترانسلاتوم الذي ينتجه المترجم في الأخير أن يكون مترابطا ومنسجما مع السياق الذي سيُستعمل فيه، وبالتالي، بخلاف النظريات اللغوية، يصبح الاهتمام هنا بالنص الهدف أكثر من النص الأصل.
-
قاعدة الأمانة Fidelity rule
يرى فيرمر من خلال هذه القاعدة أنه ينبغي على المترجم أن يحقق علاقة انسجام بين النص الأصل والنص الهدف المقابل ويسمي هذه العلاقة »intertextual fidelity« »الأمانة بين النصوص« أو »fidelity« »الأمانة« (Ibid). أي أن تكون الترجمة وفية للمضمون الأصل.
2. دراسة قابلية استثمار أسس نظرية السكوبوس على الترجمة الرسمية
لغرض دراسة قابلية تطبيق أسس تظرية السكوبوس على الترجمة الرسمية، تم الاعتماد على مجموعة من الأمثلة مأخوذة من ثلاثة نماذج للعقود التوثيقية الجزائرية (عقد إيجار، عقد بيع وعقد تعديل القانون الأساسي للشركة) مترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الانجليزية.
المثال 1 |
|
النص الأصلي |
الترجمة |
حضر الطرفان المذكوران أمام الموثق الموقع أدناه وصرحا بموجب هذا العقد، بأن تؤجر الحاضرة من جهة أولى (الشركة) بواسطة رئيس مجلس إدارتها الحاضرة من جهة ثانية (الشركة) بواسطة مسيرها العقار الآتي ذكره في التعيين ملتزمين كليهما بكافة الضمانات العادية والقانونية التي في هذا الشأن. |
Both parties appeared near the notary public undersigned, and declared by virtue of this deed that the lessee (company) represented by its chairman of the board of directors rented the lessor (company) represented by its manager the premises hereinafter designed, respecting all the legal and ordinary guarantees in force. |
نلمس هنا أن المترجم استعان بتقنية الترجمة الحرفية لنقله للفقرة أعلاه، فحافظ بذالك على تسلسل الجمل كما أنه وفق في نقل المعنى العام للفقرة، لكن توجد بعض المصطلحات القانونية التي يجب الوقوف عندها.
ترجم مصطلح »أمام« بالمقابل »near« وهي ترجمة حرفية للكلمة، صحيحة لغويا لكنها لا تؤدي المعنى الوظيفي للكلمة الأصلية. وانطلاقا من مفهوم السكوبوس وقاعدة الاتساق تحديدا، فهذه الترجمة لا تفي بالغرض المطلوب ولا تتناسب مع السياق القانوني الهدف. وبما أن الوثيقة المترجمة هنا هي وثيقة قانونية بحثة تتمثل في عقد توثيقي، ينبغي على المترجم أن يستعمل المكافئ الذي يستعمل في السياق نفسه في العقود التوثيقية الانجليزية لكي تصبح الترجمة مقبولة قانونيا ويحقق عملية التواصل بين منتج النص ومتلقيه. ويقول أصحاب نظرية السكوبوس في هذا الصدد : يُمكن إعتبار الرسالة مفهومة إذا فسرها المتلقي بالطريقة التي تتناسق مع السياق والوضع الذي ستستعمل فيه؛ وفي اللغة القانونية تحديدا، إذا كان لمضمون الرسالة معنى محدد في سياق معين. فالتعابير القانونية أحيانا لا تكون لها معنى في السياق العام إلا إذا وضعناها في السياق المحدد لها. وعليه وإذا بحثنا في لغة العقود الانجليزية نجد أن المكافئ الذي يتناسب مع السياق الهدف هنا هو : »before« (The law insider, 2023). أي «Before the notary public»
نجد في هذا المثال مصطلحين مهمين في لغة العقود هما مصطلح «المؤجر» ومصطلح «المستأجر» الذي نقلهما المترجم باستعمال المقابلين : «lessor» و «lessee» . إذا درسنا هذه الترجمة في ضوء قواعد السكوبوس، نجد أن المترجم نجح في تحقيق «intertextual coherence» الاتساق بين الترجمة والسياق الهدف و »intratextual coherence« أي الاتساق بين المعني الأصل للمصطلحين وبين الترجمة. أي أن الترجمة وفية للمعنى الأصل ومفهومة كذلك في السياق الهدف، لكن هل تتكافأ الترجمة فعلا مع السكوبوس؟
في إنجلترا ( باقي المملكة المتحدة لديها متطلبات قانونية مختلفة)، عندما يشتري شخص ما شقة، فهو في الواقع لا »يشتري« الشقة بل يشتري عقد إيجار، فيصبح المشتري في هذه المعاملة هو (lessee) المستأجر والبائع هو (lessor)المؤجر لعقد الإيجار، وتكون مدة هذا الإيجار عادة صالحة لمدة 99 إلى 999 سنة، وبالتالي فالمدة طويلة هنا، أما إذا قام المستأجر بتأجير شقة لمدة أقصر من ذلك فيشار إليه بـ (tenant) ويشار إلى المؤجر بـ (landlord) (Madeline, 2022).
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يعتبر مصطلح lessor ومصطلح lessee أكثر رسمية من مصطلحي landlord وtenant في الولايات المتحدة، كما تستخدم الصيغة الأولى في كثير من الأحيان للدلالة على استئجار ممتلكات لغرض تجاري، في حين تستخدم الصيغة الثانية عند الإحالة إلى استئجار بيت لغرض السكن (Will, 2022)، وعليه، وبما أن الإيجار موضوع هذا العقد تم لغرض تجاري وأن الصيغة الأولى تتناسب أكثر مع السياق الهدف في كل من الولايات المتحدة وانجلترا فالترجمة التي استعملها المترجم هي ترجمة ناجحة حققت الغرض المطلوب. وهنا تكمن أهمية تعليمات الترجمة» translation brief« لأنها تساعد المترجم على معرفة الغرض من الترجمة وكذا الهيئة المستقبلة للوثيقة المترجمة أو البلد الذي ستستعمل فيه. وكلما عرف المترجم هذه التفاصيل كلما كانت ترجمته أكثر صلة بالسياق وكلما زادت مقروئية الوثيقة المترجمة لدى المتلقي.
المثال 2 |
|
النص الأصلي |
الترجمة |
أصل الملكية |
Origin of the property |
نلاحظ في هذا المثال أن المترجم لم يستعمل الترجمة الحرفية واستعان بصيغة المبني للمجهول في نقله للجملة وهي صيغة شائعة الاستعمال في اللغة الانجليزية واللغة القانونية على وجه التحديد، لكنه حذف عنصرا مهما في الجملة وهو : »المؤجرة« وهو عنصر يجب ذكره لتفادي اللبس والغموض خاصة وأننا نتعامل مع لغة قانونية يجب أن تكون دقيقة وواضحة وأي خطأ أو حذف في الترجمة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.
أراد الكاتب في الجملة الأصلية أن يركز على كيفية امتلاك المؤجرة للعقار وهذا ما يوحي به عنوان الفقرة »أصل الملكية« ، لذلك محاولة منه الحفاظ على الغرض نفسه استعمل المترجم صيغة المبني للمجهول لكي يركز على طريقة الامتلاك من جهة وأن يحافظ على الخصائص اللغوية للغة الهدف من جهة أخرى.
لكن على مستوى المكافئات التي اختارها المترجم، نرى أن الفعل «owned» لا يؤدي المعنى المقصود هنا. لأن الفعل »own« في اللغة الانجليزية يوحي إلى ملكية الشيء، أي أن العقار كان في الأصل ملكا للمؤجرة، لكن النية المقصودة هنا هي طريقة تملك المؤجرة للعقار. وبالتالي إذا بحثنا في لغة العقود الانجليزية وتحديدا في سياق الملكية، عن العبارة التي تؤدي المعنى الوظيفي نفسه نجد عبارة »acquisition by purchase « وهو ما يكافؤ بالضبط عبارة »التملك عن طريق الشراء« . وبالتالي، من الأفضل استعمال هذه العبارة هنا لكي تؤدي الترجمة النية المقصودة على نحو :
The lessor acquired the above mentioned premises by purchasing them from….
ومن جهة أخرى، استعمل المترجم »premises« مقابلا لكلمة »العقار« ، وقد وفق في ذلك إذ حافظ بذلك على المعنى الوظيفي للكلمة في اللغة الأصل كما حافظ أيضا على الخاصية القانونية والرسمية لها.
تجدر الإشارة هنا إلى أن نظرية السكوبوس لا تستثني الهدف من النص الأصل أو النية المقصودة من الرسالة الأصلية، واعتبرت أن المترجم ينبغي أن يعمل بالقواعد الثلاث بطريقة مترابطة ومتسلسلة (Reiss & Vermer, 1984)، بمعنى أن تكون الترجمة وفية لوظيفة النص الأصل بشكل عام ووفية كذلك لوظيفة الترجمة لكنها بشكل أو بآخر تعطي أهمية أكثر للغاية من الترجمة. مثلا الهدف من عقد الإيجار هو إعطاء الشكل القانوني لاتفاق أُبرم بين المؤجر والمستأجر لغرض السماح للمستأجر بالتمتع بالأملاك المؤجرة بصفة قانونية، وبالتالي ينبغي أن يحترم المترجم الخاصية القانونية هذه وأن يستعمل المكافئات التي تستعمل للغرض نفسه في لغة العقود الانجليزية. ومن جهة أخرى؛ قد يترجم الزبون هذا العقد لأغراض عديدة، وتختلف استراتيجية الترجمة باختلاف الغرض. مثلا : إذا كان الغرض الحصول على تأشيرة فقط (وتترجم العقود التوثيقية بكثرة لهذا الغرض) سيركز المترجم على المضمون أكثر، بينما إذا كان الغرض قانوني، سيركز المترجم على المضمون وكذلك على الخاصية القانونية للمصطلحات وعلى الشكل القانوني للعقد.
المثال 3 |
|
النص الأصل |
الترجمة |
اتفق الطرفان على أن تأخذ المستأجرة (الشركة) المحل المعين أعلاه لمدة...شهرا مغلقة، وعند نهاية المدة، تلتزم المستأجرة (الشركة) بالتخلي عن الأماكن المؤجرة دون الحاجة إلى التنبيه بلإخلاء ودون مطالبته بأي تعويض. |
Both parties agreed that the lessor (company) takes the premises for….closed, starting from…and on the expiry date, the lessor shall leave the leased premises without a notice to quit and without claiming any reimbursement. |
بالنسبة للمعنى، يمكننا القول أن المترجم وُفٍّقَ في نقل المعنى المقصود بدقة، حيث نجح في مكافأة المعنى الأصلي والمعنى الهدف تماما. ومع ذلك، من الناحية اللغوية، ما زلنا نشعر أن هذا الترجمة تبقى مجرد استبدال وحدات ترجمية من اللغة الأصل إلى وحدات تقابلها في اللغة الهدف، بمعنى أن الترجمة صحيحة لغويا لكن الأسلوب ركيك نوعا ما ويفتقد للصبغة القانونية. فعلى سبيل المثال في الجملة الأخيرة للنص؛
The lessor shall leave the leased premises without a notice to quit and without claiming any reimbursement.
نقل المترجم عبارة »التخلي عن الأماكن المؤجرة« وهي عبارة شائعة في عقود الإيجار والبيع- عل نحو : »leave the leased premises« حيث استعمل الفعل »leave« مقابلا لـ »اخلاء« ، وحتى إذا كانت الترجمة صحيحة لغويا إلى أنها لا تليق بالسياق القانوني ولا تؤدي المعنى المقصود بالضبط، إذ أن الفعل »leave« قد يحمل دلالات عديدة؛ قد يعني ترك الشخص الأماكن لمدة معينة والرجوع إليها، كما قد يعني أيضا الخروج منها نهائيا سواء كان ذلك بإرادته أو بطريقة إجبارية. لكن، وبما أن الترجمة القانونية تتطلب دقة عالية في اختيار المكافئات فمن الأفضل اختيار المكافئ الذي يؤدي المعنى نفسه والغرض نفسه بالضبط ويحافظ كذلك على الميزة التحرضية للكلمة، وقد تحدثت رايس على هذه الميزة في مقاربتها لأنواع النصوص »Texts types« (1984)، وتُصنف النصوص القانونية في رأينا ضمن النصوص التحريضية؛ أي النصوص التي تدفع المتلقي للقيام بفعل معين. وبالتالي تحمل كلمة »إخلاء« ميزة تحريضية آمرة تدفع المستأجر إلى الإخلاء بطريقة مستعجلة، ولعل أفضل مكافئ يؤدي هذا المعنى الدقيق ويحافظ كذلك على هذه الميزة هو مكافء »vacate« وهي كلمة تستعمل في السياق نفسه وتؤدي الوظيفة نفسها، ونعني بالوظيفة هنا، النية المقصودة من الكلمة في النص الأصل وتعني : »الخروج من العقار والإخلاء نهائيا وبطريقة إجبارية حسب القانون« (Hill, ND).
وعليه، من المستحس نقل العبارة بـ : The lessor shall vacate the leased premises.
ومن جهة أخرى، نقل المترجم عبارة »دون الحاجة إلى تنبيه بإخلاء« مستعملا عبارة »without a notice to quit« وقد وفق في ذلك لأن »a notice to quit« تعني بالضبط »تنبيه بإخلاء« لكن لغرض توحيد المصطلحات هنا، من الأفضل استعمال عبارة » a notice to vacate« وهي تعني المعنى نفسه تماما (والمقصود هنا هو أنه يجب على المستأجرة إخلاء الأماكن من دون الحاجة إلى ارسال تنبيه بالإخلاء.(
ومن خلال ماسبق، نقترح الترجمة الآتية :
Both parties agreed that the lessor (company) takes the premises for the duration….closed, starting from…and that -on the expiry date- they shall vacate the leased premises without the need for a notice to vacate and without claiming any reimbursement.
المثال 4 |
|
الترجمة |
النص الأصل |
Registration |
التسجيل |
تعتبر عملية التسجيل عملية بالغة الأهمية في العقود التوثيقية، يلتزم فيها الموثق أو أي شخص له صفة تحرير الوثائق والعقود الرسمية بإيداع جميع الوثائق التي نص عليها قانون التسجيل لتسجيل كل عقد أوحكم أو نقل أو إنشاء ملكية عقارية أو محل تجاري ، أو بيع آسهم أو حصص في شركة ما أو نقل ملكية وما إلى ذلك. وتتم هذه العملية على مستوى مفتشية التسجيل المختصة.
وحتى في القانون التجاري الانجليزي سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة، تسجل العقود في مكاتب مختصة تعرف بـ »recorder of deeds« في الولايات المتحدة (Lieutenant Governor, 2019) و »deed registry« في كل من إيرلندا ( (Nidirect، كندا ((Newfound land and labrador وماساشوساتس (Wikipedia) أو »Land registry« في المملكة المتحدة.
نقل المترجم مصطلح »التسجيل« باستعمال المقابل »registration« وهي ترجمة حرفية لمصطلح »تسجيل« وقد وفق المترجم في هذه الترجمة لأنها أدت المعنى المطلوب وحققت الاتساق مع السياق. كما نقل عبارة »مفتشية التسجيل المختصة« إلى »qualified registration office « وهي ترجمة تأويلية وفق بها في نقل المعنى لكنه أفقدها الميزة القانونية الرسمية كما أن هذه الترجمة لا تتناسب مع السياق الهدف. ولكي تكون هذه أكثر اتساقا مع السياق نرى بأنه من الأفضل استعمال أحد المكافئات التي ذكرناها سلفا ويعتمد اختيار المكافئ الصحيح هناعلى معرفة البلد الذي ستستعمل فيه الترجمة. وهنا أيضا نلاحظ أهمية »تعليمات الترجمة« التي كانت ستساعد المترجم في معرفة الهيئة المستقبلة للترجمة واختيار من بين المكافئات المحتملة والمتوفرة المكافئ الأكثر اتساقا مع السياق والمستعمل في تلك الهيئة أو البلد.
المثال5 |
|
الترجمة |
النص الأصل |
Expenses |
المصاريف |
نقل المترجم الفقرة أعلاه باستعمال الترجمة التأويلية وتقنية الحذف فحذف المرادفات » المصاريف والحقوق والأتعاب التوثيقية« وترجمها باستعمال مقابل واحد »expenses« لتفادي التكرار في اللغة الهدف ونرى أنها الترجمة المناسبة في هذا السياق والتي تجمع المعاني الثلاث في كلمة واحدة. كما اختصر عبارة » تتحملها المؤسسة وتدخل ضمن مصاريفها العامة« في المقابل » are on the charges of the company.« . ونرى أنها ترجمة موفقة بما أنها أدت المعنى الأصلي، لكن؛ وفي ضوء قاعدة الاتساق، يمكن استبدالها بأخرى أكثر اتساقا مع السياق وإذا بحثنا في لغة العقود القانونية الانجليزية عن العبارة التي تستعمل في حالة مماثلة نجد عبارة : »is liable to« وتعني أن يتحمل شخص معين أو هيئة ما دفع مصاريف معينة (Cambridge). وهي العبارة التي تتكافئ مع العبارة الأصل في المعنى والوظيفة. وعليه تصبح الترجمة كالتالي :
The company is liable to pay all the expenses of this deed including notarial fees and ordinary or legal consequences of it.
خاتمة
نستنتج من خلال هذه الدراسة أن نظرية السكوبوس بقواعدها الثلاث قابلة للتطبيق على ترجمة العقود الرسمية وأنها فعالة في أن تكون القاعدة التي يستند عليها المترجم الرسمي لإنتاج ترجمة وفية للوثيقة الأصل من جهة ولاحتياجات الزبون من جهة أخرى. أظهرت هذه الدراسة كذلك مدى أهمية »تعليمات الترجمة« »translation brief« في توجيه قرار المترجم عند اختيار المكافئ الأكثر تناسبا مع السياق من بين المكافئات المتوفرة في اللغة الهدف. وأظهرت كذلك أنه من دون هذه التعليمات سيصعب على المترجم التوفيق بين ترجمته وبين الهدف الذي يسعى من خلالها الزبون الوصول إليه.