مقدمة
عاشت البشرية مع نهاية 2019 كابوسا حقيقيا ومرعبا نتيجة ظهور المرض الغريب بأوهان الصينية والذي عرف بكوفيد19، مسببا ارتفاعا في عدد الاصابات والوفيات والزحف المتوالي بين عشية وضحها، وكذا القيود والإجراءات التي فرضت من حجر منزلي لعدة أشهر والتباعد الاجتماعي وغلق المرافق العامة في المعمورة بأجمعها، وتضاربت الاخبار وانتشرت الإشاعات المضللة حول علاج وفعالية الأدوية واللقاح لهذا الوباء عبر مختلف وسائل الاعلام، وكان له تداعيات على كل المستويات والأصعدة.
ألقت جائحة كوفيد 19 بضلالها على كل مناحي الحياة وغيرت أنماط معيشة المجتمعات وتركت أثرا على كل أطيافه من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، كفقدان مناصب الشغل نتيجة الإغلاق، والقيود المفروضة وانخفاض مؤشرات الأسواق المالية، وتدني المستوى الاقتصادي للأسر، أما التداعيات النفسية والاجتماعية فقد تنامت ظاهرة العنف والاضطرابات النفسية في المجتمع، إذ أكدت جمعية علم النفس الأمريكية (2020) حدوث صدمة محتملة للعزلة الاجتماعية بسبب المرض على المجتمع مهددة مشاعر الوحدة والقلق والاكتئاب (الرشيد وآخرون، 114 :2020)، كما توصلت نتائج دراسة الوهيبي وآخرون (4 :2020) إلى وجود قلق نفسي عال على الاسر العمانية والبحرينية نتيجة جائحة فيروس كورونا، وخلصت دراسة بومدين وجلولي(2020)لوجود انخفاض في مستوى الصحة النفسية بين أوساط الأسر الجزائرية، كما لحقت أيضا بالمجتمعات العالمية تداعيات أخرى واعتبرت الأخطر في تاريخ البشرية، والتي مست قطاع التربية والتعليم بمختلف مراحله نتيجة غلق المدارس والجامعات، إذ انقطع خلال العام الدراسي 2020أكثر من 1.6 مليار طفل وشاب عن التعليم في 161 دولة (شبلي، 45 :2020)، كما أفادت منظمة رعاية الطفولة لشرق وجنوب افريقيا حسب تقديرات عام 2020 أن زهاء 262,5 طفل من مرحلة ما قبل الاساس والثانوية وجدوا أنفسهم خارج المدارس بسبب الاغلاق وهم يمثلون ما نسبته 21,5 % من سكان افريقيا.
وفي ظل إغلاق المدارس الذي دام عدة شهور امتدت تأثيرات الجائحة إلى فئة الأطفال التي اعتبرت من الفئات الهشة والتي عانت الكثير من الذعر والخوف، والقلق نتيجة إجراءات الحجر والغلق والقيود المفروضة من قبل الأولياء على أبنائهم والحد من حرياتهم في التنقل واللعب خارج البيت، إذ جاء حسب منظمة اليونيسف(2020) وبناء على إستطلاع الرأي الذي أجري على 7000 أسرة بكل من الجزائر، مصر، الأردن، المغرب، قطر، سوريا، تونس أن 53 % من الأباء أقروا أن أطفالهم عانوا نفسيا وعاطفيا أثناء فترة الحجر المنزلي، وصرح حوالي 40 % على أن هناك زيادة في القلق والتوتر لدى أطفالهم، إذ أخذ الأطفال لعدة شهور يترقبون تاريخ عودتهم إلى مدارسهم إلى أن جاء الموسم وأعلنت بعض الدول فتح المدارس جزئيا والبعض فتحها كليا ولكن في ظل تطبيق الاجراءات الصارمة لمنع إنتشار الفيروس بين المتمدرسين، ورغم فرح الأطفال بعودتهم إلى أن معاشهم النفسي تأثر نتيجة الظروف التي مروا بها أثناء الحجر، زد على ذلك بعض الاجراءات الاحترازية المطبقة في المدارس قيد حرياتهم نسبيا، وجاءت هذه المحاولة لمعرفة المعاش النفسي للطفل من خلال التعبير الفني بالرسم عن الجائحة التي طالت العالم.
1. الإطار العام للدراسة
1.1. الجانب المنهجي
1.1.1. الاشكالية
يعيش أطفال القرن الواحد والعشرين حياة صعبة، فرضت عليهم نتيجة ظروف حتمية وقصرية هم في غنى عنها اجتماعية من تفكك أسرى وعنف بشتى أشكاله، وظروف سياسية كالحروب والنزعات المسلحة الداخلية والإقليمية، التي شردت الكثير من الأطفال حول العالم، وأتخذ الكثير منهم كدروع في هذه الصراعات، وأما من الناحية الإقتصادية فغلاء المعيشة وقلة فرص العمل وقلة الموارد المادية أدى إلى استغلال هذه الشريحة في العمالة.
زد على ذلك الظروف الصحية التي عرفتها البشرية مع أواخر 2019 التي أثرت على الحياة النفسية والاجتماعية للأطفال باعتبارهم الفئة الهشة التي لا تدرك ما يدور حولها حول جائحة كوفيد19، إذ وجدت هذه الفئة نفسها بين عشية وضحاها مسلوبة الحرية وحبيسة جدران المنازل لأيام وأسابيع بل ولشهور، خاصة بعد غلق المدارس التي تعتبر المتنفس الوحيد بعد البيت، والتي يتمكن الطفل فيها من اكمال بناء شخصيته، ويزيد الأمر تعقيدا إذا تعلق الامر بالفئة العمرية الأولى بالمدارس الابتدائية التي تعتبر من أكثر الفئات حساسية بما يدور حولها.
وفي ظل هذه الظروف تغيرت عادات أطفالنا بالبيت نتيجة الحجر الصحي، وحرمانهم من حقوقهم كاللعب، وقيدت حرياتهم، ما أثر سلبا على حياتهم النفسية، وظهرت لديهم سلوكيات غير سوية، وبعض الاضطرابات النفسية من قلق وخوف وذعر وضغط نفسي، رغم هذا نجد أن بعض الأسر حاولت ايجاد متنفس لأطفالها بالخروج من الحياة الروتينية، بإتباع بعض الاستراتيجيات إذ عمدت بعض الأسر على مواصلة تعلم أبنائها ذاتيا من خلال المواقع التعليمية والمنصات الرقمية، والمشاركة في البرامج الثقافية والعلمية والمسابقات الفكرية عبر الفضاء الأزرق، ووفر بعض الأولياء الظروف المناسبة لأطفالهم لممارسة بعض الهوايات كممارسة الرياضة وفئة أخرى أخذت من التعبير الفني عن طريق الرسم كآلية للتقليل من الضغط والتخفيف من حدة المكبوتات، وبعد المدة التي طالت اغلاق المدارس ولعدة أشهر، بدأت الحياة تعود إليها، ولكن باجرات صارمة وتنفس الأطفال الصعداء بهذه العودة رغم أثار الصدمة التي تركتها الظروف السابقة على حياتهم، وعلى هذا الأساس حاولنا معرفة وجهات نظر الأطفال إلى كوفيد19 من خلال التعبير الفني، والذي يعتبر الرسم شكلا من أشكاله، ومن هذا المنطلق جاءت الدراسة محاولة الكشف عن تعبيرات الأطفال في رسوماتهم عن جائحة كوفيد 19 من خلال الاجابة على التساؤلات التالية :
-
ما مدى إدراك الأطفال لفيروس كوفيد 19 من خلال رسوماتهم؟
-
هل تعبر رسومات الأطفال على مؤشرات القلق من فيروس كوفيد 19؟
-
هل توجد فروق في تعبيرات رسومات الأطفال تبعا لمتغير الجنس في مؤشر القلق من فيروس كوفيد 19؟
2.1.1. فرضيات
-
يوجد إدراك متوسط لخطورة فيروس كوفيد 19 من خلال الرسومات لدى الأطفال.
-
تعبر رسومات الأطفال على وجود مؤشرات للقلق من فيروس كوفيد 19.
-
لا توجد فروق في تعبيرات رسومات الأطفال تبعا لمتغير الجنس في مؤشر القلق من فيروس كوفيد19.
3.1.1. أهمية الدراسة
تستمد هذه الدراسة أهميتها من طبيعة الموضوع الذي تناولته بالإضافة إلى التساؤلات المطروحة فيه، ويتلخص ذلك فيما يلي:
-
التعرف على مستوى القلق الذي يعتبر مؤشرا مهما للتنبؤ بالصحة النفسية لدى هذه الفئة من التلاميذ وباعتبارهم في مرحلة عمرية حرجة.
-
تعتبر هذه الدراسة من الموضوعات التي تحتاجها الأسر بشكل عام معرفتها من أجل الارتقاء بالصحة النفسية وإمكانية تحقيقها لدى أطفالها في ظل كوفيد19.
-
تكون هذه الدراسة بمثابة دراسة سابقة من خلال فتح مجال البحث لباقي الدراسات المشابهة لها مستقبلا.
-
تعزيز ميدان الدراسات والبحوث بدراسة حديثة في تحديد مستوى تأثير جائحة كوفيد19 على نفسية الأطفال وخصوصا على في أوساط المجتمع الجزائري.
4.1.1. أهداف الدراسة
-
معرفة مدى إدراك الأطفال لفيروس كوفيد 19 من خلال رسوماتهم.
-
معرفة مؤشرات القلق من فيروس كوفيد 19 من خلال الرسم الحر لدى الأطفال.
-
معرفة الفروق في تعبيرات رسومات الأطفال في مؤشر القلق من فيروس كوفيد19 بين الجنسين.
2.1. الإطار النظري
1.2.1. مصطلحات الدراسة
-
التعبير الفني: يعرف اجرائيا بأنه رسومات تلاميذ السنة الرابعة ابتدائي الاسقاطية التي تعبر على مدى ادراكهم لجائحة كوفيد19.
-
كوفيد19: تعرفها منظمة الصحة العالمية (2020) فصيلة كبيرة من الفيروسات التي تسبب اعتلالات تتنوع بين الزكام وأمراض أكثر وخامة، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم(سارس)، ويمثل فيروس كورونا المستجد سلالة جديدة لم يسبق تحديدها لدى البشر من قبل (الشديفات، 191 :2020).
2.2.1. كوفيد19
عرفته منظمة الصحة العالمية (2020) على انه فصيلة كبيرة من الفيروسات التي تسبب اعتلالات تتنوع بين الزكام وأمراض أكثر وخامة، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم(سارس)، ويمثل فيروس كورونا المستجد سلالة جديدة لم يسبق تحديدها لدى البشر من قبل (الشديفات، 191 :2020).
أما الشديفات (192 :2020) من وجهة نظره كوفيد19 يعني الالتهاب الرئوي الحاد الذي يصيب الجهاز التنفسي ويلازمه الحمى سريع العدوى وقد تصل أعراضه الى الحادة والوفاة.
بينما تعرفه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (2020) بأنه الفيروس السادس من فصيلة الفيروسات التاجية المسبب لمتلازمة الجهاز التنافس ي الشرق أوسطي يسبب مرض معد سريع الانتشار يحمل أعراض الحمى والسعال الجاف والتعب والتهاب الحلق وضيق التنفس (عساف، 5 :2021)
ويعرفه الأفغاني (15 :2020) على أنه هو فيروس يندرج تحت عائلة الكوروناويات المستقيمة ضمن فصيلة الفيروسات التاجية، وهي فيروسات ايجابية ذات حمض نووي ريبوزي كفيروس سارس وفيروس، وهي شائعة في العديد من الحيوانات.
3.2.1. التعبير الفني بالرسم
يعرفه لوينفيلد Lowenfeld (1952) هو حصول الطفل على المتعة عن طريق رسوماته وان خطوطه أو تخطيطه للرموز يرتبط ارتباطا وثيقا بقدراته العقلية والجسمية (محمود، 2019).
بينما يرى البسيوني (1958) على أنه تلك التخطيطات الحرة التي يعبر بها الأطفال على أي سطح كان منذ بداية عهدهم بمسك القلم أو ما شابهه، أي في سن التي يبلغون عندها عشرة شهور تقريبا إلى ان يصلوا إلى مرحلة البلوغ (حسن، 2014)
ويذهب طحان (1959) إلى أنه وسيلة تعبير تستجيب لحاجات مختلفة سواء فيما تعلق بمستوى نمو التلامذة أو بالأسلوب الذي يختاره التلميذ للتعبير عن ذاته (كامل وحمادي، 2020).
ويعتبره عبد الله (1988) بأنه استجابة الأطفال بالتعبير عن المواضيع المعطاة لهم على الورق الأبيض وألوان الماجك الملونة (شاطي، 2017).
أما القحطاني (2003) يعرف التعبير الفني على أنه كل ما يرسمه الطفل ليعكس من خلاله ما يدور في نفسه بحيث لا يطالب منه فوق قدراته مما يجعله عاجزا عن التعبير (كمال، 2013).
عرفه ال الشيخ (2016) بأنه التعبير عن مدركات الطفل البصرية، أو الذهنية بخطوطه، ورموزه وأشكاله، وألوانه حسب أسلوبه الخاص، ومدى معرفته بالشيء المعبر عنه، على أن يشمل التعبير بالرسم والتلوين مواضيع تدور حول ذات الطفل، أو بيئته الأسرية، أو المدرسية، أو ما ينال اهتمامه من موضوعات القصص الخيالية (نزار، 2020).
ويعتبره الحسيني (2018) تلك الآثار التي يتركها الأطفال على سطح ما مستخدمين الخطوط أو الألوان أو كليهما لتصوير مفردات أو موضوعات مستمدة من محض عالمهم الخاص وبيئتهم المحيطة.
بينما عرفته الأصقه والقميعي (2021) أنه الانجاز المرئي للأفكار والمعاني من خلال الخطوط والأشكال والألوان التي يبدعها الطفل على سطح الورقة للتعبير عن انفعالاته ورؤيته وأنماط تفكيره وواقعية تعبيره.
1.3.2.1. مراحل التطور الفني عند الطفل
عمد المختصون السيكولوجيين في دراستهم لتطور المراحل الفنية لدى الطفل إلى ربطها بمراحل النمو المعرفي التي جاء بها جون بياجي، ومن هذا المنطلق قام البعض بتصنيف مراحل التطور الفني عند الطفل إلى ست مراحل وهي:
-
المرحلة الاولى: من سنتين إلى ثلاث سنوات مرحلة الخربشة ورسم أشكال بسيطة.
-
المرحلة الثانية: من ثلاث سنوات إلى أربع سنوات الرسم الرمزي والواقعية الذهنية.
-
المرحلة الثالثة: من أربع سنوات إلى ست تطور الواقعية الذهنية والتلوين الغرائبي.
-
المرحلة الرابعة: من ست سنوات إلى ثمان يظهر الرسم الذهني والتلوين البصري (ظهور الواقعية البصرية).
-
المرحلة الخامسة: من ثماني سنوات إلى عشرة يطغى فيها الرسم الذهني والبصري (ظهور البعد الثالث)
-
المرحلة السادسة: من العاشرة فصاعدا أفل الفن الطفولي ظهور الرسم الواقعي والتقليد والنقل (عصفور، 2013).
2.3.2.1. الأبعاد الوظيفية للرسم
الوظيفة التربوية :وتتمثل بالإعداد للحياة والعمل، إذ يكون الرسم وسيلة التعلم واكتساب الخبرات التي تؤهل الطفل لمواجهة متطلبات الحياة المستقبلية، ولا يكتسب الرسم قيمة تربوية إلا إذا استطعنا توجيهه على هذا الأساس، لأنه لا يمكننا ترك عملية نمو الأطفال للمصادفة فالتربية العفوية لا تضمن تحقيق القيمة البنائية للرسم، وإنما يتحقق النمو السليم للطفل بالتربية الواعية التي تضع خصائص نمو الطفل ومقومات تكوين شخصيته في نطاق تربوي هادف فبوساطة الرسم يمكن إيصال المعارف كافة دون إكراه أو ضغط فينجذب الطفل للمعرفة بأسلوب محبب وسلس.
-
الوظيفة البيولوجية: الرسم نشاط حركي ضروري في حياة الطفل لأنه ينمي العضلات ويصرف الطاقة الزائدة عنده، فمن خلال الرسم يحقق الطفل التكامل بين وظائف الجسم الحركية والانفعالية والعقلية التي تتضمن التفكير والمحاكاة وتذوق الأشياء والتعرف على لونها وحجمها وكيفية استخدامها (الحسيني، 2018).
-
الوظيفة النفسية:
-
الوقوف على الحالات المرضية التي قد يعاني منها الطفل ما قبل المدرسة كالخوف، والانطواء والعزلة، والتمرد والأنانية وغيرها من الامراض التي تظهر من خلال التعبيرات الشكلية الممثلة في إنتاج الرموز أو الخطوط أو الأشكال والألوان والتخطيطات وما يمكن القيام به لتجنب الطفل المشكلات.
-
تحقيق الاتزان الانفعالي للطفل من خلال دفعه لممارسته بعض المجالات الفنية، التي قد تشكل الخامة فيها دورا أساسيا في الاثارة، حيث يحدث الاندماج وتفريغ الطاقة النفسية والجسمانية من خلال الحركة والمشاركة.
-
محاولة إيجابية لدمج الطفل مع أقرانه في بيئة للعمل والمنافسة التلقائية.
-
التبصر بخصائص الطفل المبدعين في مرحلة مبكرة، وبحث سبل تنميتهم من خلال الدافعية في الممارسة شبه الفنية، وتحليل السلوكيات الفنية التلقائية أو المقصودة.
-
رؤية مدى قدرة الطفل العقلية، من خلال إيجاد علاقة بين ذكاء الطفل والقدرة على رسم التفاصيل.
-
قياس زمن الرجع وفقا لإنتاج الرموز والأشكال الابتكارية للمثيرات المختلفة وما يمكن أن تحدثه من دافعية للطفل في الممارسة الفنية (الشاذلي وآخرون، 2019).
-
الوظيفة الاجتماعية
-
تنمية قدرات الطلبة على التفاعل مع مجتمعهم بما يحقق لهم التكيف الاجتماعي السليم في ظل التطورات السريعة المعاصرة.
-
تدريب الطلبة على التخطيط والتنظيم وتحديد المسؤولية، واحترام الأنظمة والقوانين.
-
تعويد الطلبة على الممارسة الديمقراطية للحياة، وحب العمل وتحمل المسؤولية واحترام أراء الغير والاشتراك في اتخاذ القرار.
-
تساعد على ربط الحياة المدرسية بالحياة الاجتماعية والنهوض بالمجتمع.
-
تنمية سمة القيادة لدى الطلبة، والاعتماد على النفس.
-
إعداد الطلبة للمواطنة الصالحة من خلال تعرفهم على واجباتهم والتزامهم بقوانين الجماعة ومراعاة مصالحها.
-
يساهم النشاط الفني في تدريب الطلبة بالتعرف على الإمكانات والخدمات المتوفرة في مجتمعهم وبالتالي الاستفادة منها في جميع جوانب الحياة الدراسية والعملية.
-
يحقق النشاط الفني وظائف تشخيصية وعلاجية ووقائية لمشكلات الطلبة.
-
-تساهم الأنشطة الفنية في تحقيق الكفاية المهنية المستقبلية للطالب عن طريق إمداده بمعلومات عن بعض المهن التي يحتاجها المجتمع.
-
الوظيفة التحصيلية: تهتم الأنشطة الفنية بجميع الخبرات التربوية التي تتيحها المدرسة للطالب بهدف مساعدتهم على تنمية ذواتهم وشخصياتهم في جوانبها المتعددة، وأثبتت الدراسات العلمية أن هناك علاقة إيجابية بين ممارسة الطلبة للأنشطة المدرسية بشكل عام وأنشطة التربية الفنية بشكل خاص وتحصيلهم الدراسي (السعود، 2010).
-
الوظيفة الترويحية: إن الأنشطة الفنية من أكثر الأنشطة المدرسية التي توفر الناحية الترويحية بالنسبة للطلبة لأنهم يمارسون من خلالها فعاليات متعددة وتتيح لهم المشاركة الفعالة والمباشرة إضافة إلى العمل في نظام المجموعات وبالتالي تبعد الملل عنهم وتجعلهم يرفهون عن أنفسهم (السعود، 2010).
-
الوظيفة التشخيصية: تعد الرسم وسيلة فاعلة في استكشاف جوانب النمو لدى الطفل سواء قام بهذا الاستكشاف الآباء والأمهات ومعلمات الرياض.
-
الوظيفة العلاجية: يرى بعض علماء النفس أن للرسم وظيفة علاجية فالطفل في الحياة اليومية يحتاج إلى التخفيف من القلق الذي ينشأ من القيود التي تفرضها البيئة بوصفه يساعد على التعبير عن انفعالاته والتخلص من الطاقة المخزونة بطريقة تنال استحسان المجتمع ورضاه، فعندما يرسم الطفل رموزه، فإنه يستطيع أنْ يجد منفذا لتسرب مخاوفه أو قلقه مما يؤثر على صحته النفسية (الحسيني، 2018).
2. إجراءات الدراسة
1.2. منهج ومجتمع وعينة الدراسة
إن الدراسة الحالية تهدف إلى معرفة مدى إدراك الأطفال لكوفيد 19 ومستوى قلق لديهم من خلال الرسومات، فأعتبر المنهج الوصفي التحليلي هو الملائم لطبيعة هذه الدراسة.
تكون مجتمع الدراسة من 227 تلميذ وتلميذة من المدرسة الابتدائية منور بن عودة بمدينة غريس ولاية معسكر، أما عينة الدراسة شملت تلاميذ قسم السنة الرابعة ابتدائي والمكون من 28 تلميذ وتلميذة البالغ سنهم 9 سنوات، والجدول التالي يوضح توزيع أفراد العينة:
الجدول رقم (01) يوضح توزيع العينة حسب المتغيرات الديمغرافية
المتغير |
الخاصية |
التكرار |
النسبة المئوية |
الجنس |
ذكور |
10 |
35,71 |
إناث |
18 |
64,29 |
|
المجموع |
28 |
100 |
يتضح من خلال الجدول رقم(01) أن نسبة الاناث بلغت 64,29 % من حجم العينة التي أجريت عليها الدراسة، وهي تفوق نسبة الذكور التي بلغت نسبتها 35,71 %.
إن طبيعة العينة تتطلب منا اختيار الاداة المناسبة وفقا لخصائصها العمرية وباعتبار أن الدراسة استهدفت اطفال المرحلة الابتدائية فكان لزاما علينا اختيار التعبير الفني (الرسم الحر) من أجل البلوغ إلى أهداف الدراسة.
لمعالجة البيانات المتحصل عليها في الدراسة تم الاعتماد على برنامج الرزم الإحصائية للعلوم الاجتماعية (SPSS20)، وقد استخدمت الأساليب الإحصائية التالية: النسبة المئوية، معامل ألفا كرونباخ معامل ارتباط بيرسون، إختبار« ت » لدلالة الفروق.
2.2. النتائج ومناقشتها
1.2.2. الفرضية الأولى
نصت على أن إدراك الأطفال لخطورة فيروس كوفيد 19 من خلال رسوماتهم متوسطة، وللتحقق من صحتها تم استخدام التكرارات والنسب المئوية والجدول يوضح ذلك.
جدول رقم (02) يوضح مدى إدراك الأطفال لفيروس كوفيد 19
المؤشـــــر |
التكرار |
النسبة المئوية |
رسم شكل الفيروس في صورة كبيرة |
26 |
92,85 % |
رسم الفيروس بأعداد كثيرة |
05 |
17,85 % |
استخدام نصوص تعبر عن خطورة الفيروس |
06 |
21,42 % |
رسم أشخاص يرتدون الكمامة |
14 |
50 % |
رسم استخدام المعقم |
19 |
67,85 % |
رسم أشخاص في حالة التباعد |
08 |
28,57 % |
استخدام الألوان للتعبير عن الفيروس |
23 |
82,14 % |
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على تحليل رسومات التلاميذ
يتضح من الجدول رقم(02)أن غالبية الأطفال أدركوا خطورة فيروس كوفيد19 من خلال رسوماتهم، إذ رسم الأطفال شكله في صورة كبيرة حيث ظهر على شكل كروي يشبه التاج أو الاكليل تغطيه النتوءات أو الهالة الشمسية بنسبة 92,85 % وهو الشكل الذي يشاهد عبر مختلف وسائل الإعلام المرئية، كما رسم بعض الأطفال الفيروس بأعداد كثيرة إذ بلغت النسبة 17,85 %، كما عمدوا إلى كتابة نصوص تعبر أيضا عن خطورة الفيروس وبنسبة 21,42 %، كذلك أظهرت النتائج أن الأطفال قاموا بالتعبير عن الاجراءات الاحترازية المفروضة إذ أظهر الرسم أن نسبة 50 % عبروا عن أشخاصا يرتدون الكمامة ونسبة 28,57 % منهم رسم أشخاص يحترمون التباعد الاجتماعي بترك المسافة المقدرة بمتر، كما قامت نسبة 67,85 % من الأطفال برسم يبين استخدام المعقم الكحولي، واستخدم الأطفال الألوان للتعبير عن الفيروس بنسبة 82,14 %.
ويمكن إرجاع النتائج السابقة إلى عدة أسباب وعوامل منها ما يرجع إلى الأسرة ومنها ما يرجع إلى عوامل خارجية عدة، إذ نرى أن الأسرة ساهمت بشكل من الأشكال في نشر الافكار الخاطئة وعدم اتباعها الأساليب الصحيحة في التوعية بالفيروس وممارستها الضغوط الزائدة على أطفالها، كما أن الأطفال عاشوا فترة طويلة بين جدران منازلهم نتيجة الحجر المنزلي الذي كان مفروضا عليهم، وانقطاعهم عن الدراسة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد إذ وبمجرد عودة الحياة المدرسية وجد الأطفال أنفسهم مقيدين بإتباع الاجراءات الاحترازية المفروضة من قبل إدارة المدرسة، كالتباعد من خلال فرض نظام التفويج وإجراءات اخرى داخل الفصل الدراسي، كجلوس الطفل بمفرد، الامر الذي لم يهضمه الكثير من الأطفال، وما زاد من حجم تفاقم المشكلة غياب التكفل النفسي بعد الانقطاع الذي دام عدة شهور عن المدرسة، إذ بين عشية وضحها وجد الأطفال أنفسهم بالمدارس دون تحضير نفسي مسبق قبل الدخول المدرسي وشرح البرتوكول الصحي المتبع خلال تمدرسهم، كما أن وسائل الإعلام ساهمت في التهويل من خلال كثرة اعلاناتها الإشهارية، وعمدت بعض قنوات الأطفال إلى انتاج رسوم كرتونية تظهر مدى خطورة الفيروس وظهرت أيضا ألعاب إلكترونية حول كوفيد19وهذا ما جعل الأطفال يدركون خطورة الفيروس من خلال رسوماتهم نتيجة التجربة التي عايشوها من قبل والتي يمكن القول عليها أنها تجربة مؤلمة إذا ما قورنت بالمرحلة العمرية التي يعيشونها.
واتفقت نتائج دراستنا مع نتائج دراسة أبوسنة (2021) التي توصلت إلى أن درجة إدراك الطفل السعودي لجائحة فيروس كورونا المستجد جاءت بمستوى مرتفع إذ بلغت نسبة 59,69 %، كما خلصت دراسة نزار(2020)إلى أن غالبية الأطفال يدركون وجود الفيروس وانتشاره في العالم.
2.2.2. الفرضية الثانية
نصت على أن رسومات الأطفال تعبر على وجود مؤشرات للقلق من فيروس كوفيد 19، وللتحقق من صحتها تم حساب التكرارات والنسب المئوية الجدول التالي يوضح ذلك:
جدول رقم (03) يوضح مستوى قلق الأطفال من فيروس كوفيد 19
المؤشر |
التكرار |
النسبة المئوية |
رسم شكل الفيروس في صورة مخيفة |
27 |
96,42 % |
نصوص تعبر عن الفيروس |
15 |
53,57 % |
استخدام الالوان القاتمة |
20 |
71,42 % |
رسم أشخاص يرتدون الكمامة |
14 |
50 % |
رسم الفيروس يهاجم الكرة الارضية |
01 |
3,57 % |
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على تحليل رسومات التلاميذ
أظهرت النتائج من خلال الجدول رقم(03)أن الأطفال رسموا شكل الفيروس بصورة مخيفة إذ بلغت النسبة 96,42 %، بينما تضمنت الرسومات نصوصا تعبر عن خطورة الفيروس أو من خلال نصوص تحث على توخي الحذر وإتباع التدابير والإجراءات الوقائية بنسبة53,57 %، أما استخدام الألوان القاتمة لتلوين الفيروس بلغت نسبة 71,42 %، وبالنسبة لرسم أشخاص يرتدون الكمامة جاءت بنسبة 50 %، وقد جاء رسم الفيروس وهو يهاجم الكرة الارضية بنسبة 3,57 %، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى قلق الأطفال من خطورة فيروس كوفيد19، وقد اعتبر نزار(2020)أن مجرد ممارسة الأطفال للرسم دال على رغبتهم الأكيدة في إظهار مخاوفهم من فيروس كورونا، وأكد محمد(2020)أن الرسم يساعد الأطفال في فهم التهديد الذي يحوطهم في الوقت الحالي بسبب كورونا.
ويمكن القول أن هذا أمر طبيعي أن يحس الأطفال بالقلق والتوتر والخوف والخطر، نتيجة ما يدور حولهم من ارتفاع عدد الإصابات والوفيات ضف إلى ذلك التهويل الذي تشهده وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول خطورة المرض، وكذا الإجراءات التي مستهم بشكل مباشر، كغلق المدارس وسلب حريتهم بمنعهم من اللعب والخروج من البيت والتواصل مع الأصدقاء، ولم يسبق لهم أن عاشوا هذه المواقف، كما نعرف أن الأطفال أيضا يمتلكون دافع حب البقاء كباقي أفراد المجتمع، وقد فسر فرحان(2021) ذلك من الناحية البيولوجية بارتباط المشاعر السلبية مثل التوتر، والقلق، والخوف، باستجابة السعي للبقاء على قيد الحياة.
وقد بينت عدة دراسات مدى تأثير جائحة كوفيد19 على الحالة النفسية لأطفال إذ اكدت دراسة حسن وآخرون(2020)أن 95 % من الأطفال عانوا من صعوبات سلوكية كالقلق والإكتئاب والخوف وحالات الذعر، كما كشف باحثون من جامعة المركز الطبي هامبورج إبيندروف الألماني أن استطلاعا للرأي أجرته الجامعة وجد أن واحدا بين كل 3 أطفال يعاني من متلازمة قلق أو اكتئاب أو آلام في المعدة بسبب جائحة كورونا، وأشار أيضا تقرير الإتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر(2021) إلى أن الأبحاث التي أجراها الصليب الأحمر النمساوي كشفت عن أن اضطرابات النوم والأكل بين الأطفال قد تضاعفت خلال فترة الجائحة، وكشف تقرير اليونيسف(2020)بناء على استطلاع الرأي الذي أجري بكل من الجزائر، مصر، الأردن، المغرب، قطر، سوريا، تونس أن 53 % من الأباء أقروا بمعاناة الأطفال نفسيا وعاطفيا أثناء فترة الحجر المنزلي، وصرح حوالي 40 % على أن هناك زيادة في القلق والتوتر لدى أطفالهم.
وتتفق نتائج دراستنامع دراسة نزار (2020) التي توصلت إلى أن ما بين 25-34 % من الأطفال يعانون من القلق والخوف من فيروس كورونا وظهر هذا من خلال تحليل رسومات الأطفال المنشورة عبر الانترنت.
3.2.2. الفرضية الثالثة
نصت على عدم وجود فروق في تعبيرات رسومات الأطفال تبعا لمتغير الجنس في مؤشر القلق من فيروس كوفيد19، وللتحقق من صحتها تم حساب التكرارات والنسب المئوية الجدول التالي يوضح ذلك:
جدول رقم (04) يوضح مدى إدراك الأطفال لفيروس كوفيد 19
المؤشر |
الإناث |
الذكور |
||
التكرار |
النسبة المئوية |
التكرار |
النسبة المئوية |
|
رسم شكل الفيروس في صورة مخيفة |
17 |
94,44 % |
9 |
%90 |
نصوص تعبر عن خطورة الفيروس |
04 |
22,22 % |
2 |
20 % |
استخدام الالوان القاتمة |
14 |
77,77 % |
06 |
60 % |
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على تحليل رسومات التلاميذ
يتضح من خلال الجدول رقم (04) أن مؤشر رسم الفيروس في صورة مخيفة كانت متقاربة إذ بلغت عند الإناث نسبة 94,44 % بينما بلغت لدى الذكور90 %، كما تم ادراج نصوص وعبارات دالة على خطورة الفيروس استعملت الإناث 22,22 % من هذه العبارات بينما استعمل الذكور نسبة 20 % فقط، ونرى أن الإناث استخدمن الالوان القاتمة بنسبة 77,77 % بينما الذكور60 %، ومن هنا نستنتج أنه يوجد تفاوت في نسبة مؤشر القلق باختلاف الجنس وهذا التفاوت نسبي بينهم إذ نرى أن القلق والخوف لدى الإناث أعلى من الذكور.
ويمكن تفسير هذا الاختلاف النسبي والطفيف وإرجاعه لعدة عوامل وأسباب قد تكون ذاتية إذ تعتبر الإناث أكثر قلقا حسب الطبيعة البشرية، ولا تملك القدرة على التحمل كالذكور، أو إرجاع الأمر إلى عوامل خارجية إذ تمارس الاسرة ضغوطا على الإناث أكثر من الذكور كإشراكها في أعمال المنزل رغم صغر السن وقد يتعرضن للعنف من قبل الأولياء أو حتى من الاخوة الذكور، كما أن البنت لا يسمح لها بالخروج من البيت في ظل الحجر الصحي المطبق، أما الذكور رغم اجراءات الحجر إلى أن البعض منهم يتسلل خفية للعب خارج البيت، وقد نرى بعض الأباء يصطحب أبناءه الذكور، وتحرم الإناث من ذلك وهذا ما يزيد من توترهن وقلقهن.
واختلفت نتائج دراستنا مع نتائج دراسة سليمان (2021) التي توصلت إلى عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائيا بين الجنسين في التأثيرات النفسية بسبب فيروس كورونا.
خاتمة
يعتبر التعبير الفني الرسم من الاساليب والوسائل المهمة لتفريغ المكبوتات لدى الطفل إذ من خلال الرسم يسقط الطفل الحالة التي يعيشها ولا يقدر ان يعبر عنها لفظيا عن طريق اللغة المنطوقة، فمن خلال تتبعنا للرسومات وتحليلها يكون بمقدورنا الكشف عن الحالة النفسية للطفل من اضطرابات نفسية وسلوكية وتربوية، ونرى من خلال دراستنا أن تداعيات كوفيد 19 كانت واضحة على الأطفال وذلك بإدراكهم لخطورة الفيروس وظهر جليا من خلال الرسومات المعبر عنها من قبلهم، ومن هذا المنطلق على الاولياء محاولة الوقوف إلى جانب أطفالهم في ظل الظروف التي يمرون بها وحتى ما بعد الجائحة باعتبار ان مخلفاتها ستدوم نتيجة الصدمات التي تعرضوا لها، كما على التربويين مساعدة الأطفال على تجاوز هذه الصدمات بإتباع أساليب واستراتيجيات علمية عملية تخفيف من وطأة الصدمة أثناء المعلية التربوية.