الْمُمارسَةُ الْقِرائيّةُ بينَ الْفعلِ التَّعلُّمي والإقبالِ الذّاتي لدَى متعلّميّ مرحلة التّعليم الْمتوسِّط

La pratique de la lecture entre l'acte d'apprentissage et l'acceptation de soi des apprenants dans le cycle d'enseignement secondaire

The reading practice between the act of learning and the self-acceptance of learners in Secondary education cycle

عوّاد مُختارية Aouda Mokhtaria

p. 151-166

للإحالة المرجعية إلى هذا المقال

مرجع ورقي

عوّاد مُختارية Aouda Mokhtaria, « الْمُمارسَةُ الْقِرائيّةُ بينَ الْفعلِ التَّعلُّمي والإقبالِ الذّاتي لدَى متعلّميّ مرحلة التّعليم الْمتوسِّط », Aleph, Vol 10 (4-2) | 2023, 151-166 .

بحث إلكتروني

عوّاد مُختارية Aouda Mokhtaria, « الْمُمارسَةُ الْقِرائيّةُ بينَ الْفعلِ التَّعلُّمي والإقبالِ الذّاتي لدَى متعلّميّ مرحلة التّعليم الْمتوسِّط », Aleph [على الإنترنت], Vol 10 (4-2) | 2023, نشر في الإنترنت 03 septembre 2023, تاريخ الاطلاع 21 novembre 2024. URL : https://aleph.edinum.org/7999

يَتَّخذُ الْمتعلِّمُ منَ الْقراءةِ مورِدًا يَنْهَلُ مِنهُ الْمعارفَ والْقيمٍ وقواعِدَ لغتهِ، لِذلكَ نجدُ الْمقاربة النّصيّة الْمعتمدة فِي تعليم اللّغة الْعربيّة ترْتَكِزُ على النّصِّ فِي تعليمِ كلِّ الْمواردِ الْمعرفيّة الْمقرّرة فِي الْمنهاج، وتحْضُرُ الْقراءة الْبيداغوجيّة بِكثافةِ بِما تشْتَمِلهُ من نصوصٍ أدبيّةٍ، حيثُ تتنوَّع الْقراءةُ باختلافِ الْمستوى الدِّراسيّ، فيتدرّبُ الْمتعلِّم على الْقراءةِ الصّوتيّة الْمنغّمة، والتّحليليّة، والنّقديّة، وذلكَ بُغية تحقيق الْوعي الْقرائيّ، وحتّى نَبْلُغَ هذه الأهداف فلا بُدَّ من تحقيقِ تكاملٍ مُمارساتي للْفعل الْقرائيّ بينَ السّياق التّعلّمي، وخارجه وهي ما تعرفُ بالْقراءة الذّاتية.

ووفْقَ هذا الطّرحِ قُمنا بِدراسةٍ تمحورت إشكاليتُها حول: ما واقعُ الْممارسة الْقرائيّة فِي ظلِّ الْفعل التّعلّمي لدى متعلِّمي الْتعليم الْمتوسِّط؟ وهلْ هُناك إقبالُ ذاتي (حرّ) من قبل هذِهِ الْفئةِ على الْممارسة الْقرائيّة خارج الْفعل التّعلّمي؟ وللإجابة على هذه الإشكاليّة، وزعنا الْبحث إلى قسمين؛ قسمٌ نظريّ اعتمدنا فيهِ على الْمنهج الْوصفيّ من خلال توصيف الْممارسة الْقرائيّة لدى متعلِّمي مرحلةِ التّعليم الْمتوسِّط من خلال الْفعل التّعلُّمي، وقسمٌ ميداني وزعنا فيهِ استِبانة على (60) متعلِّما بغية تحليل واقع الْممارسة الْقرائيّة الذّاتية، وخَلًصَ الْبحث إلى نتائجٍ أبرزها : تثمينُ الدّور الْفعال الّذي تقوم بهِ الْمدرسة من أجل تنمية الْفعل الْقرائيّ، فِي حين لمسنا عجز الأسرة عن تفعيلِ علاقة متينة بين الطّفل والْكتاب، وهذا ما أحدث نفورًا وقطيعة بين الْمتعلِّم والْقراءة الذّاتية.

La lecture est utilisée par l’apprenant pour acquérir des connaissances, des valeurs et une grammaire dans sa langue. En conséquence, l’approche textuelle utilisée dans l’enseignement de l’arabe est basée sur le texte dans l’enseignement de toutes les ressources de connaissance prévues dans le programme, et la lecture pédagogique est présente dans les textes littéraires qu’elle englobe afin de sensibiliser le lectorat, et pour atteindre ces objectifs, il doit y avoir une intégration pratique du lectorat entre le contexte d’apprentissage et au-delà, ce que nous appelons l’auto-lecture.
En conséquence, nous avons mené une étude pour répondre à la question « Quelle est la réalité de la pratique de la lecture dans le cadre de l’activité d’apprentissage chez les apprenants du collège ? L’intérêt personnel de cette catégorie (consentement) à lire est-il en dehors de l’activité d’apprentissage ? Pour répondre à cette problématique, nous avons utilisé une méthode descriptive ainsi qu’un questionnaire distribué à 60 étudiants afin d’examiner la réalité de la pratique de l’autolecture. L’étude a conclu que le rôle actif de l’école dans le développement du lectorat devrait être valorisé.

The learner takes reading as a resource from which the knowledge, values and grammar of his language. Therefore, the textual approach adopted in teaching Arabic is based on the text in teaching all the knowledge resources planned in the curriculum and the pedagogical reading is present massively in the literary texts which it encompasses in order to achieve readership awareness, and aiming at meeting these objectives, there must be a practical integration of the readership between the learning context and beyond, that’s what we call self-reading.
Thus, we did a study whose problematic is: What is the reality of reading practice under the learning activity among middle-school learners? And is there a self - interest (consented) by this category in reading outside learning activity? To answer this problematic, we rely on descriptive method as well as distributing questionnaire to 60 learners in order to analyse the reality of self-reading practice. The research concluded to valuing the school’s active role in the development of readership.

مقدمة

تنمِّيةُ مهاراتِ الْمتعلِّمينَ منِ اسْتِماعٍ، وتحدّثٍ، وقراءةٍ، وكتابةٍ هو مطمحُ الْمدرسةِ الْجزائريّةِ الْمعاصرة فيما يخصُّ تعليميّة اللّغةِ الْعربيّةِ، ويتمُّ ذلكَ من خلالِ تزويدِ الْمتعلِّمينَ بِكفاءةٍ تُمكِّنُهمْ منِ اسْتِثمارِ النّصِّ الْمقروءِ فِي مُختلفِ وضعياتِ التّواصل الشَّفهيّ والْكتابيّ، ففي ظلِّ بِيداغوجيّةِ التّعليم بالْمقاربةِ بالْكفاءاتِ، أضْحى الْهدفُ من الْعمليّة التّعليميّة التّعلُّميّة هو جعلُ الْمتعلِّمِ يبْلُغُ أعْلَى مُسْتوًى منَ الْفَهمِ والإدْراكِ، واسْتِعمالِ الْمعرفةِ سواءٌ على الْمُسْتوى الشَّفهيّ أوِ الْكِتابيّ.

ولبُلوغ هذهِ الْمستوياتِ، فلا بُدَّ من إعطاء الْفعل الْقرائيّ منزلتهُ فِي الْفعل التّعلّميّ، ذلكَ أنَّ

«الْقِراءةَ تُساعدُ التَّلاميذَ علَى اكْتِسابِ الْمعارفِ، وتُثيرُ لدَيْهم الرَّغْبةَ فِي الْكِتابةِ الْمُوحيةِ، فمنَ الْقراءةِ تَزْدادُ معْرفةُ التّلاميذِ بالْكلِماتِ والْجُملِ، والْعِباراتِ الْمُسْتخْدمةِ فِي الْكلامِ والْكِتابةِ، وعلَى هذَا فهيَ تُساعدُ التَّلاميذَ فِي تكوِّينِ إحْساسِهم اللُّغويّ، وتذوّقهم لِمعانِي الْجمالِ، وصُورهِ فيما يسْتمعُونَ، وفيما يقرؤُونَ ويَكْتُبُونَ» (مدْكُور علي، 1991، صفحة 126).

فالْقراءةُ باعْتِبارها نشاطًا بيداغوجيًّا تعليميًّا، فإنّها تحتلُ الصَّدارةَ فِي الْفعلِ التّعليميّ التّعلُّميّ، « وذلكَ لأنَّ التّعليمَ فِي كافةِ مُسْتوياتهِ ومراحلهِ يَتّخذُ منَ الْقِراءةِ مِفْتاحًا لِكافةِ مَجالاتِ التَّثْقيفِ فِي مُخْتلفِ الْموادِّ الدِّراسيّةِ، ممَّا يُوكِّدُ علَى أنَّ الْقِراءةَ هيَ مِحورُ التّعليمِ » (الْمرسي و عبد الْوهاب ، صفحة 66)، لِكونها بوابة التّعلّم فِي كلِّ الْميادينِ سواء فيما تعلّقَ بِمادّةِ اللّغةِ الْعربيّة، أو غيرها منَ الْموادِّ التّعليميَّة الأخرى، فتعلّمُ الْقراءةِ ليسَ لذاتها فحسب، ولكنْ لغيرها أيضًا من صُنُوفِ الْمعرفةِ، فإذا كانتِ الْقراءةِ مِفتاحُ التّعلُّم، فإنَّ الْكتابةَ هيَ التّعلُّمُ ذاتُهُ، وبامْتِلاكِ الْمتعلِّمِ مهارة الْقِراءةِ والْكِتابةِ سَنتمكّنُ منْ خلقِ جيلٍ متعلِّمٍ مُفكِّرٍ.

وإدْراكًا لهذهِ الأهمِّيةِ، وسعيًا لتنمِّية هذا الْفنِّ اللّغويّ أوْلتِ الْمناهجُ التَّربويّةُ الْوطنيّةُ الْخاصّة بتعليميّة اللّغة الْعربيّة فِي مرحلةِ التّعليمِ الْمتوسِّطِ الاهتمام بتعليميّة الْقراءة أو ما صار يُصطلحُ عليه فِي مناهج الْجيل الثّاني بميداني (فهم الْمكتوب) و(قراءة ودراسة النّص)، وقدْ شملَ هذا الاهْتِمام مباحث الْقراءة من حيثُ الأداءِ والْغرضِ، وانْطِلاقًا منْ ذلكَ تمحورت فكرةُ بحثنا الموسوم بـ « الْمُمارسة الْقرائيّة بينَ الْفعلِ التّعلُّميّ والإقبالِ الذَّاتي لدَى متعلِّمي التّعليم الْمتوسِّط ».

وتُحاولُ هذهِ الدِّراسةُ الْوقوف على واقع الْممارسة الْقرائيّة فِي إطار سياق الْفعل التّعلميّ من جهةٍ، ومن جهةٍ ثانيةٍ الْوقوف على واقع الْممارسة الْقرائيّة الذّاتية (الْمطالعة الْحرّة) لدَى متعلِّمي مرحلة التّعليم الْمتوسِّط، وقدْ تبلورتْ مُشكلة الدِّراسة فِي الطّرح الإشْكالي التّالي:

  • ما واقعُ الْممارسة الْقرائيّة فِي ظلِّ الْفعل التّعلّمي لدى متعلِّمي الْتعليم الْمتوسِّط؟

  • وهلْ هُناك إقبالُ ذاتي (حرّ) من قبل هذِهِ الْفئةِ على الْممارسة الْقرائيّة خارج الْفعل التّعلميّ؟

وللإجابة على هذهِ الإشكاليّة تناولنا في بحثنا هذا قسمين:

  • الْقِسْمُ الأوّل : واقع تعليميّة الْقراءة، وممارسة الْمتعلِّمين لهذا الْفنّ اللّغويّ من خلال الْفعل التّعلُّمي الْمتمثّل فِي مضامين الْكتاب الْمدرسيّ، وكلّ مقروء يقدّم للْمتعلِّم أثناء الْعمليّة التّعليميّة التّعلّميّة، بالاسْتِناد على الْوثائق التّربويّة من مثل : الْكتاب الْمدرسيّ، دليل اسْتِخدام الأستاذ، الدّليل الْمنهجيّ لإعدادِ الْمناهجِ، إلى جانب وصف الْهيكل الْبنائيّ لِنشاطِ الْقراءة، ومسار سيرورتهِ وفق الْمنهاج الْمقرّر، وذلك للْوقوف على الْجهود الْمبذولة من قبل الْمنظومة التّربويّة الّتي تطمحُ إلى الانْتقال بالْمتعلِّمِ من مرحلةِ الْقدرة على الْقراءة إلى مرحلة الْمهارة الْقرائيّة من خلال تمكينِ الْمتعلِّم من آلياتِ تحليلِ ونقْدِ الْمقروء، وَلِتحقيق ذلكَ اسْتخدمنا الْمنهج الْبحثِي الْملائم لِطبيعةِ الدِّراسةِ وأهدافها، وهو الْمنهج الْوصفيّ.

  • الْقسمُ الثّاني : والّذي يتناول واقع الْممارسة الْقرائيّة الذّاتية (الْمطالعة) من قبلِ متعلِّمي هذهِ الْمرحلة التّعلُّميّة، فإنّهُ يهدفُ إلى تشخيص واقع الْقراءة لدى طُلابنا خارج سياق الْفعل التّعلُّميّ، وذلكَ حتّى نتبيّن الدّور الْفعال الّذي تُؤدِّيه الْمدرسة فِي إرساء الْفعل الْقرائيّ وما يحملهُ من زادٍ فكريّ ومعرفيّ ورصيدٍ لغويّ، وكذلك معرفة أسباب الْعزوف عنِ الْقراءة الْحرّة من أجلِ إيجاد حلولٍ عمليّة لتعزيزالْممارسة الْقرائيّة، وترسيخها لدى الْمتعلِّمين أثناء وبعد الْفعل التّعلُّميّ.

ولبُلوغ الأهداف السّالفة الذّكر، قُمنا بالاعْتماد على الْمنهج الْوصفيّ أوِ الْمسح الاجْتماعيّ الّذي يعتمدُ على الاسْتبيان، والْمقابلة كأداتين رئيستين لجمع الْبيانات (غرايبيّة وآخرون، 1977، الصفحات 24-25)، إذْ تندرجُ هذهِ الدِّراسة ضمن الدِّراسات الْوصفيّة الْمسحيّة؛ إذْ يتَّصفُ الْبحثُ الْوصفيّ اسْتقصاءات مَسحيّة، واسْتقصاءات الْبحث عنِ الْحقائقِ من أنواعٍ مُختلفةٍ، فالْغرضُ الرّئيسُ للْبحوث الْوصفيّة هو وصف حالةِ الأشياءِ، أوِ الأمور كما هيَ موجودةٌ فِي الْوقتِ الْحاضرِ (الْعُمراني، 2012، صفحة 95).

وأمّا فيما يخصُّ تحديد مصادر الْبياناتِ، فقدِ اعْتمدنا على الْعينيّةِ؛

و« الْعينيّة هيَ جُزْءٌ منَ الْمجتمع، أوْ هيَ عددٌ منَ الْحالاتِ الّتي تؤخذُ من الْمجتمع الأصليّ، وتُجمعُ منها الْبياناتُ بِقصدِ دراسةِ خصائص الْمُجتمع الأصْليّ، وبِهذهِ الطّريقةِ فإنّهُ يُمْكنُ دراسةُ الْكُلِّ عنْ طريقِ دراسةِ الْجُزء بشرط أنْ تكونَ الْعيِّنةُ ممثّلة للْمُجتمعِ الْمأخوذةِ مِنْهُ » (غرايبيّة وآخرون، 1977، صفحة 25).

وقدْ شمِلَتْ عيِّنة دراستنا 60 متعلِّمًا من مرحلة التّعليم الْمتوسِّط بسنواتها الأربع، وتمثّل حدّها الْمكانيّ فِي متوسِّطة بن الْحاج جلول بغدادي، بلدية وادِي السّلام، ولاية غليزان (الْجزائر)، وأمّا حدّها الزّمنيّ فخلال الْفترة الْممتدّة من (15 إلى 20) من شهر فيفري 2022، وتمَّ اختيارُنا لهذهِ الْعيِّنة قصْديًّا، لأنّ مرحلة التّعليم الْمتوسِّط تمثلُ آخر محطّات التّعليم الإلزامي، كما أنَّها تعدُّ حلقة الْوصلِ بينَ التّعليم الابْتدائيّ والتّعليم الثّانويّ.

ويُمكنُ إبراز أهمِّية هذه الدِّراسة من خلال ما يلي :

  • الأهمِّية النّظريّة : إعطاء الْممارسة الْقرائيّة بكلّ أنواعها الْبيداغوجيّة والْحرّة مكانتها فِي الْعمليّة التّعليميّة التّعلّميّة، سيما ونحن نعيشُ فِي عصر الْمعرفة، والزّخم الْمعلوماتِي الّذِي يفرضُ على أبنائنا مواكبتهُ.

  • الأهمِّية التَّطبيقيَّة : إنّ الأهمِّية التّطبيقيّة لهذه الدِّراسة تتمثّلُ فِي تثمين دور الْمدرسة فِي تكوِّين أفرادٍ متعلِّمين، ولنا أنْ نتخيلَ حجم الْكارثة لو أغلقتِ الْمدارس الّذي سيصاحبهُ نُدرة الْفعل الْقرائيّ لدى أبنائنا الّذين يُصرون على مُقاطعة الْقراءة خارج الْفعل التّعلّمي.

1. مَفاهيم ومُصطلحات الدِّراسة

قبلَ الْبدء فِي تناول موضوع بحثنا، يجدرُ بنا أنْ نقفَ عند أهمّ الْمفاهيم الّتي ينبني عليها الْبحث، وقد تبلورت هذه الْمفاهيم فِي ثلاثة مُصطلحات، وهي: الْممارسة الْقرائيّة، والْفعل التّعلُّميّ، والْقراءة الذّاتية، وتطرقنا إليها من حيث الْمفهوم اللّغويّ والاصْطلاحيّ.

  1. الْممارسةُ الْقرائيّة:

  • الممارسة: اِصْطِلاحًا: هِيَ نوعٌ منَ الْخِبرةِ الْمنظّمة نِسبيًّا، تتضمَّنُ معنى تِكرار الاسْتِجابات فِي مواقفَ مُشابهةٍ (السَّيِّد علي ، 2011، صفحة 72).

  • الْقراءة: لُغةً: جاءَ فِي معجم الْوسيط « قرأَ الْكتابَ قِراءةً وقُرْآنًا، تتَبَّعَ كلماتهِ نظرًا ونطقَ بِها، وتتبَّع كلماتهِ ولمْ ينْطقْ بها، وقرأ الآيةَ منَ الْقُرآنِ نطقَ بِألفاظِها عنْ نظرٍ أو عنْ حِفظٍ فهو قارئ، ويُقالُ أقرأَهُ الْقرْآنَ والسّلامَ أي أبلغهُ إيَّاه » (مجمع اللّغة الْعربيّة، صفحة 722).

  • اِصْطِلاحًا: يعرفها التّربويّون على أنّها «إدراكُ الْعلاقةِ بينَ ألفاظِ الْمادّةِ ومعانيها» (شحاتة و النّجار، 2003، صفحة 237).

  1. الْممارسة الْقرائيّة: وتعرّف الْممارسة الْقرائيّة إجرائيًّا على أنّها مُزَاوَلة نشاط الْقراءة باسْتمرار وانْتظام، ممّا يُكسبُ ممارسَها نوعًا من الْخبرة الْمعرفيّة، تظهرُ أثناء مواقف اتِّصاليّة معيّنة.

  2. الْفعل التَّعلُّمي:

  • التّعلُّم :« فقدْ طرحَ قاموس التّراث الأمريكيّ ((American Heritage Dictionary تعريفهُ للتّعلّمِ علَى أنّهُ اكْتِساب الْمعرفة أوِ الاسْتيعابِ، أوِ التّمكّن من خلالِ الْخبرةِ أوِ الدِّراسةِ » (حمدان ، 1997، صفحة 06).
    واصطلاحًا : يتمثّلُ الْمعنى الْعامّ للتّعلّم فِي الْفعل أوِ الْعمليّة أوِ الْخِبرة الّتي يتمّ من خِلالها اكْتساب الْمعرفة أوِ الْمهارة، والّتي يتمُّ الْحصول عليها من خلال مرحلةٍ دراسيّةٍ ما، ويُعرّفُ التّعلّم أيضًا بأنّهُ النّشاطُ أوِ الْعمليّة الّتي يتمُّ من خِلالها اكْتِساب الْمعرفةِ أوِ الْمهارة بواسطةِ الدِّراسة والْممارسة، وتلقِّي الْعلم أوِ الْمرور بِتجربةٍ مُعيّنةٍ أوْ عبر النّشاط الّذِي يُمارسُه الْمتعلِّم، ويبرزُ عند تعريف التّعلّم مفهوم يعرفُ بـ « الْفجوة التّعليميّة » وهو يُشيرُ إلى الْفرقِ فِي مُستوى أداءِ الْمتعلِّم بناءً على ما تعلّمهُ، وما كانَ يتوقعُ أنْ يتعلّمه فِي سنٍّ معيّنٍ أو مرحلةٍ دراسيّةٍ محدّدةٍ، ويرى الْبعض أنّ هُناك خمسة مفاهيم للتّعلّم هي زيادة الْمعارف، وتعلّم التّذكّر، والاسْتِحواذ على الْحقائق، واسْتِخلاص الْمعانِي، وتفهم الْمعارف وتفسيرها (الْخُوري، درويش، و غُنيم ، 2015، الصفحات 39-40).

  • الْفعل التّعلّمي :ويعرّف الْفعل التّعلّمي إجرائيًّا على أنّه : الْمعرفة الّتي يتلقّاها الْمتعلِّم خلال الْفصل الدِّراسي من قبلِ معلِّم يخطّط وينفذ هذه الْمعرفة، والّتي تظهر على الْمتعلّم من حيثُ الأداء والسّلوك نجاحًا أو إخفاقًا.

  1. القراءة الذّاتية (الْحرّة: (وهي قراءةٌ يختارها الْفرد، ويُمارسُها من تلقاء نفسه بدافع مُتْعةٍ ورغبةٍ شخصيّةٍ، وذلك بانْتِقاء الْكتب الّتي تستهويه بمختلف مضامينها اللّغويّة والثّقافيّة والْفكريّة، وتتمّ خارج سياق الْفعل التّعلّمي الْمدرسيّ.

2. واقع الْمُمارسةُ الْقرائيّة فِي إطار الْفعل التّعلُّميّ

تَبنّتِ الْمنظومةُ التّربويّةُ فِي الْمدرسة الْجزائريّة الْمُعاصرة طُرُقًا تربويّةً حديثةً فِي التّعاملِ مع النّصِّ التّعليميّ، ولعلَّ أهمَّها الْمقاربة النّصيّة الّتي تقومُ على توظيفِ النّصّ؛ بحيثُ يتمُّ الانْطلاقُ منهُ، ثمّ الْعودةُ إليهِ فِي إطار مسْعى تعلّميّ يتمثّلُ في تعليمِ التّلميذ (الْمتعلِّم) كيفَ يتعلّمُ، إذْ يُعالجُ النّصّ باعتبارهِ أداةَ الْمادّة وفق مُستويين أساسيين : مُستوى فكريّ، ويُعْنَى بتطوّر الْموضوع ونُموِّهِ إلى جانبِ الدّلالةِ اللُّغويّةِ والْفكريّةِ، ومُسْتوى بِنائيّ يُعْنَى بقواعِد بناءِ النّصِّ (نايت، 2015، صفحة 127).

وتأكيدًا على ذلك، سنُحاولُ الْوقوف على الْممارسةِ الْقرائيّةِ فِي إطارِ الْفعلِ التَّعلّميّ منْ خلالِ الْكتابِ الْمَدرسِيّ لمرحلةِ التّعليمِ الْمتوسِّطِ، والْمُتمثّل فِي ميداني « فهم الْمكتوب » و« قراءة ودراسة النّص ».

1.2. الْهيكل الْبنائيّ لِنشاطِ الْقراءة من خلال الْكتاب الْمدرسيّ 

يَنْتَظمُ الْكتابُ الْمدرسيُّ الْخاصُّ بِتعليميّةِ اللُّغةِ الْعَربيّةِ لِمرحَلةِ التَّعليمِ الْمُتوسِّطِ فِي ثَمانيةِ مَقاطع تعلُّميّةٍ، حَيثُ يشْملُ كلُّ مَقطعٍ مَجالًا ثقافيًّا، ويسْتهدِفُ إنْماءَ كفاءاتِ ثلاثةِ ميادينَ، وهي : فهمُ الْمنطوق وإنتاجهُ، فهمُ الْمكتوب، والإنْتاجُ الْكِتابِيّ (شَلُوف ، الصّيد ، و خَيْشان ، 2019، صفحة 06).

وبالنّظرِ إلَى النّشاطاتِ التَّعلُّميَّة الّتي يَتضمَّنُها كلُّ مَقْطعٍ تَعلُّميّ، نجدُ النّصَّ حاضِرًا؛ ففِي نشاطِ فهمِ الْمَنطوقِ وإنْتاجهِ، يقومُ الْمتعلِّمُ بإلقاءِ مُلخصٍ شفويّ للنّصِّ الْمسمُوعِ، بعدها يقومُ بإنتاجِ نصٍّ يُحاكِي النّصَّ الْمسموعَ مضمُونًا ونوعًا ونمطًا، ليقرأهُ على مسامعِ زملائهِ، وأمّا فِي نشاطِ فهم الْمكتوبِ؛ فإنَّ الْمتعلِّمَ يقرأُ نُصوصًا نثريّةً وشعريّةً مُتنوِّعةَ الأنْماطِ قِراءةً صامِتةً، ثُمّ قراءةً جهريّةً مع تحليلِ مضمونِ النّصِّ الْمقروء ونَقْدِهِ، وفِي النّشاطِ الثّالثِ (الإنتاج الْكتابيّ) يقرأُ الْمتعلِّمُ نَصًّا ثالثًا من أجلِ اسْتِثمارِ منهجيتهِ لإنتاجِ نصٍّ مُماثلٍ من إبْداعِ الْمُتعلِّمِ. ويُمكنُ أنْ نوضِّحَ ما يتناولُهُ الْمتعلِّمُ فِي مرحلةِ التّعليمِ الْمُتوسِّطِ من نُصوصٍ تَعليميَّةٍ خلالَ الْمقطعِ التَّعلُّميّ الْوَاحد فِي الْمُخطَّطِ الآتي :

الشكل 1 : النّشاطات الْقرائيّة الّتي يُمارسُها الْمُتعلِّمُ فِي مرحلة التّعليم الْمتوسِّط

الشكل 1 : النّشاطات الْقرائيّة الّتي يُمارسُها الْمُتعلِّمُ فِي مرحلة التّعليم الْمتوسِّط

المصدر : من إعداد الباحثة

واسْتِنادًا على الشّكل(1)، فإنَّ الْمتعلِّمَ يتعاملُ مع ثلاثةِ نُصوصٍ تَعليميّةٍ فِي الْمقطعِ التّعلُّمي الْواحدِ، وتكونُ الْمُمارسَةُ الْقرائيّةُ حاضرةً فِي هذهِ النَّشاطاتِ، ويمكنُ أنْ نتبيّنَ هذا الْحضور وفق الْمخطّط التّالي :

الشكل 2 : نشاطات الْممارسة الْقرائيّة فِي الْمقطع التّعلّمي الْواحد

الشكل 2 : نشاطات الْممارسة الْقرائيّة فِي الْمقطع التّعلّمي الْواحد

المصدر : من إعداد الباحثة

وإضافةً إلى هذه الْممارسةِ الْقرائيّةِ فِي نشاطاتِ الْمقطعِ التَّعلُّميّ الْواحدِ الّذِي يَتمُّ إنجازُهُ خلالَ أُسبوعٍ واحدٍ (الأسبوع الْبيداغوجيّ أوِ الأسبوع الْفلكيّ)، فهُناك نصوصٌ أخرى يتناولُها الْمُتعلِّمُ كَسنداتٍ أثْنَاءَ الْوقفاتِ التّقويميّةِ (الْفروض والاخْتِبارات) خلالَ الْفصولِ الدّراسيّةِ الثّلاثة، ويمكنُ أنْ نُمثّلَ لِهذا الْحُضُورِ وفْقَ الْمخطّط الآتي :

الشكل 3 : الْممارسة الْقرائيّة أثناء الْوقفات التّقويميّة

الشكل 3 : الْممارسة الْقرائيّة أثناء الْوقفات التّقويميّة

المصدر : من إعداد الْباحثة

اِسْتِنادًا علَى ما جاءَ فِي الشّكل (1) والشّكل (2) والشّكل (3)، نجدُ أنَّ الْمُتعلِّمَ فِي مَرْحَلةِ التّعليمِ الْمُتوسِّطِ يُمارسُ قِراءةَ مَا يُقاربُ ثلاثينَ نصًّا تعليميًّا، وهذا ما يُؤكِّدُ حِرصَ وسَعْي الْمَنظومةِ التّربويّةِ الْوطنيّةِ منْ خلالِ تعليميّةِ اللُّغةِ الْعربيّةِ إلَى :

« دَعْمِ الْمُكتسباتِ اللُّغويّةِ للْمُتعلِّمينَ وإثْرائِها، وتغذيةِ الْبُعدِ الثّقافِيّ والْوِجْدانِيّ، وتوسيعِ معارفِهم بِمَا يُلبِّي حاجاتِهم الْمدرسيّةَ والاجْتِماعيّةَ، واعتِمادها وسيلةً للتّواصلِ الشَّفويّ والْكِتابِيّ، وصَقْلِ شَخْصِياتِهِم بالتَّحكُّمِ فِي الأدَواتِ الْمنهجيّةِ والْفِكريّةِ، وغرسِ الْقيمِ الأخْلاقيّةِ والرّوحيّةِ للأمَّةِ الْجَزائريّةِ، وتذوّقِ جمالياتِ آدابِها وفنُونِها، والاعتزازِ بأمْجادِها » (اللّجنة الْوطنيّة للْمناهج، 2016، صفحة 05).

2.2. مسار التسيير الْبيداغوجيّ للْفعلِ الْقرائيّ

تسْتَنِدُ الْمُمارسَةُ الْقرائيّةُ فِي إطارِ الْعمليّةِ التّعليميّةِ التّعلّميّةِ على ميدانِ فهمِ الْمَكتوبِ، لِكونِ هذا الْميدانِ هُو مِفتاحٌ لجميعِ النّشاطاتِ اللُّغويّةِ الأخْرى، فمَيدانُ الْقراءةِ هُو الْمِحورُ الأساسُ الّذِي تَدُورُ فِي فَلَكهِ كُلُّ النّشاطَاتِ الأخْرَى للْمَادَّةِ؛ فمنَ النّصِّ النَّثريّ يُثْرِي الْمُتعلِّمُ رصيدَهُ اللُّغَويّ، ويستْنتجُ الْقَواعدَ اللّغويّةَ كمَوردٍ مَعرفيّ يُعِينُهُ على بِناءِ كَفاءةٍ منَ الْكفاءَاتِ، ويَكْتشفُ خصائصَ أنْماطِ النُّصوصِ، ويتعلَّمُ التّحليلَ، ويَكتشفُ قِيمًا خُلُقيّةً واجْتِماعيّةً، وبذلكَ يبْنِي كفاءةً طالَما غُيِّبَتْ فِي درسِ اللُّغةِ الْعَربيّةِ، ألا وهيَ كفاءةُ التّواصلِ (اللّجنة الْوطنيّة للْمناهج، 2016، صفحة 26).

وبِما أنَّ الْمقاربةَ النّصيّةَ هيَ الاخْتيارُ الْبيداغوجيُّ فِي تعليمِ اللّغةِ الْعربيّةِ، فإنَّ مُخطّطَ تسيير ميدان فهم الْمكتوب، يُنْجزُ حسب الْوضعياتِ الأربعةِ التّاليةِ :

1.2.2. الْوضعيّة الأولى : يقرؤون النّص، ويفهمون مدلُوله

تَسْتهدفُ هذهِ الْوضعيةُ « تمكينَ الْمتعلِّمينَ من فَهْمِهم للنّصِّ، وإلمامِهم بِعُمومِياتهِ ورِسالته » (شَلُوف ، الصّيد ، و خَيْشان ، 2019، صفحة 34)، وفِي هذهِ الْوضعيّةِ يتدرّبُ الْمتعلِّمُ على نوعينِ منَ الْقراءةِ؛ إذْ يقرأُ الْمتعلِّمونَ النّصَّ أوّلا قراءةً صامتةً، و« فِي هذا النّوعِ منَ الْقراءةِ يُدْرِكُ الْقارئُ الْحروفَ والْكلِماتِ الْمطبوعةَ أمامَهُ، ويفهَمُها دونَ أنْ يُجْهِرَ بِنُطْقِها » (مدْكُور علي ، 1991، صفحة 140).

وتعليمُ التّلاميذِ مهارةَ الْقراءةِ الصّامتةِ تزيدُ منْ حَصِيلَتهم اللّغويّةِ والْفكريّةِ؛ لأنَّ الْقراءةَ الصّامِتةَ تُتيحُ للْقارئ تأمّلَ الْعباراتِ والتّراكيبَ، وعَقْدِ الْمُقارنَاتِ بَينها، والتّفكيرَ فيها، ممّا يُنَمِّي ثروتَهُ اللُّغويّةَ، كما تُعوِّدُهُم الاعْتِمادَ على النّفسِ فِي الْفهْمِ، وحُبِّ الاطِّلاعِ، وفيها مُراعاةٌ للْفُروقِ الْفردِيّةِ بينهم، إذْ يَسْتِطيعُ كلُّ فردٍ أنْ يَقرَأَ وفقَ الْمُعدلِ الّذِي يُناسِبُهُ (مدْكُور علي ، 1991، صفحة 141).

وأمّا النّوعُ الثّانِي منَ الْقراءةِ الّتي تَسْتهدفُها هذهِ الْوضعيّةُ، فهيَ الْقراءةُ الْجهريّةُ والْغرضُ من الْقراءةِ الْجهريّةِ تعويدُ التّلاميذِ حُسنَ الإلقاءِ والتّمثيلِ، وإظهارِ ما فِي الْقطعةِ منْ جمالٍ حتَّى يجِدَ الْمُسْتمِعُونَ لذّةً فِي الاسْتِماعِ، وليسَ الْغرضُ مِنها أنْ يَقرأَ تلاميذُ الْفَصلِ بشكلٍ آليّ، وليسَ لهم هدفٌ يرمُونَ إليهِ، ويَعْمَلونَ على تَحقيقهِ، ولكنَّ الْغرضَ تشجيعُ التّلاميذِ على الْقراءة بوضوحٍ وجمالٍ، مع تمثيل الْمعنى، وتذوّق اللّغةِ فِي الْمستقبلِ تحتَ إرشاد الْمدرس، وفي اعتقادنا أنَّ الأطفالَ إذا فهمُوا معنَى ما يقْرؤُون سَهُلَ عَليهِم أنْ يُحسِنُوا الإلقاءَ وتمثيلَ الْمعنَى، بحيث يَنْطقونَ كلَّ جُملةٍ على حَسْب ما تقتضيهِ الْحالُ، فيظهرُ الاسْتفهامُ أو التّوبيخُ أو التّأثرُ أو الألمُ أو الشّجاعةُ من قراءتِهم ( الإبراشيّ ، 1948، الصفحات 18-20). وفِي هذا النّوعِ منَ الْقراءةِ يُنمِّي الْمتعلِّمُ حاسَتَيْ السّمعِ والْبصرِ، ويتعرّفُ على مَواهبِه، وقُدُراتِهِ اللُّغويّةِ، ويُمارِسُ الْقِراءةَ الْفنِّيّةَ كَطريقةِ الإلقاءِ إذا كانَ النَّصُّ شعرًا.

2.2.2. الْوضعيّة الثّانية : يكتسبُون الرّصِيدَ الْمُعجَمِيّ

وَتَسْتهدِفُ هذهِ الْوَضْعيّةُ إِغْناء الْقامُوسَ اللّغويّ للْمتعلِّم، وهيَ ما يُشارُ إليهِ فِي الْكِتابِ الْمدرسيّ بأيقونةِ (أثري رصيدي اللّغويّ) أو (أعودُ إلى قاموسيّ)، فمن خلال نُصوص فهم الْمكتوبِ يتعرّفُ الْمتعلِّمُ علَى كلِماتٍ جديدةٍ يُثرِي بِها إنْتاجهُ الشّفويّ والْكِتابيّ، ويُنمِّي أسْلوبهُ فِي الْكتابة، فالْكفاءةُ الّتي تَطْمحُ إليها مرحلةُ التّعليمِ الْمتوسِّطِ هيَ « إعادَة الاعْتِبار للْجانبِ الْكِتابِيّ، خاصّة أنَّ الْمكتوبَ أهمُّ منَ الشّفهيّ فِي الْعربيّة الْمنمّطة » (اللّجنة الْوطنيّة للْمناهج، 2016، صفحة 45).

فَالْكتابُ الْمدرسيُّ يُولِي اهْتِمامًا بالغًا بتنميةِ الْمُستَوى الْمُعجمِيّ لدَى مُتعلِّمِي هذه الْمَرحلةِ التّعليميَّةِ، فمثلا فِي نص (رِسالة إلَى ولدِي)، نجدُ أيقونة (أعودُ إلى قاموسيّ) تتفرّع إلى قسمين؛ الأوّلُ منهما (أفهم كلِماتي)، وفيه تُقدّمُ شروحاتٌ مُباشرةٌ للْكلماتِ الصّعبةِ تتجاوزُ فِي غالبِ الأحيانِ أربع كلماتٍ، يليها الْقسمُ الثّانِي (أشرحُ كلماتِي) وهيَ لا تتجاوزُ ثلاث كلماتٍ (كحوال و بومشاط ، 2017، صفحة 26)، تُشرحُ وتسجّلُ على دفترِ الْمتعلِّمِ؛ فَفِي هذه الْوضعيّةِ يتمُّ الْحرصُ على إثراءِ الرّصيدِ اللُّغويّ بواسِطةِ الشَّرحِ اللُّغوِيّ الْمَوجودِ على أحدِ هَامِشي النّصِّ، مع مُراعاةِ طريقةِ الاسْتِبدال النّصيّ؛ أيْ أنّ الشّرحَ سياقيّ يهدفُ إلى تجاوز عَقباتِ الْفهم، ولا حاجةَ إلى الشّرح الْقاموسيّ الّذي يُسْتحسنُ جعلهُ فِي صيغة واجباتٍ منزليّةٍ أو إرجاؤُهُ إلى حصصِ الإدماجِ (مغزي أحمد وآخرون، صفحة 59)، فلو أُحْسِن اسْتثمار هذا الْمستوى الْمعجميّ لأثريت لغةُ الْمتعلِّمين، وتجاوزنا الْفقر اللّغوي الّذِي نلمسُهُ فِي الإنْتاجِ الْكتابيّ خاصّة.

3.2.2.الْوضعيّة الثّالثة : يفهمون معاني النّصّ وفكره

وتُنجزُ هذه الْوضعيّة من خلال « إدارة النِّقاش على ضوء الأسئلة الّتي فِي فقرة (أفهمُ وأناقشُ) بهدف فهمِ النّص » (مغزي أحمد وآخرون، صفحة 59)، وهذا ما يُشارُ إليهِ فِي الْكتاب الْمدرسيّ بأيقونة (أفهم النّص، وأناقش فكره)؛ فالْمتعلِّمُ يقرأُ النّصَّ، ويتفاعلُ معهُ عنْ طريق ما يطرحهُ الْمعلِّم من أسئلةٍ تَخْتبرُ فهمهُ للْوصولِ إلى فِكرتهِ الْعامّة، وأفكاره الْجزئيّة، وما يحملهُ من قيمٍ تربويّة أوْ أخلاقيّة أوِ اجْتماعيّة الّتي يرمي إليها النّص التّعليميّ، « فلا أهمِّيةَ للْقراءةِ الّتي لا يسْتفيدُ منها الْقارئ » (الْبصيص، 2011، صفحة 54).

3. أنواع الْقراءةِ الْمدرجة من خلال الْفعل التّعلّميّ

لقدْ ضبطتِ الْمناهجُ التّعليميّةُ أنواعَ الْقراءةِ حسبَ الْمستوى التّعلّميّ، فلكلِّ مُستًوى دراسيّ كفاءةٌ معيّنةٌ، كما هو موضّحٌ فِي الْجدولِ أدناه (اللّجنة الْوطنيّة للْمناهج، 2016، الصفحات 13-20) :

الجدول 1 : أنواع الْقراءة ضمن سياق الْفعل التّعلُّميّ

السّنة الأولى

يقرأ قراءةً مُسترسلة مُنغمة نصوصًا نثريّة وشعريّة متنوِّعة الأنماط مُحترما علامات الْوقف، ويعبِّرُ عن فهمه لمضمونها، لا تقلّ عن مائة وثمانين كلمة مشكولة جُزئيًا.

السّنة الثّانية

يقرأ قراءةً مُسترسلة مُنغمة تحليليّة نصوصًا نثريّة وشعريّة متنوِّعة الأنماط محترمًا علامات الْوقف، ويعبّر عن فهمه لمضمونها، لا تقلّ عن مئتي كلمة مشكولة جزئيًّا

السّنة الثّالثة

يقرأ قراءة مُسترسلة مُنغمة تحليليّة واعية نصوصًا نثريّة وشعريّة متنوّعة الأنماط محترما علامات الْوقف، ويعبّر عن فهمه لمضمونها، ويلخصها بأسلوبه، لا تقلّ عن مِئتي وعشرين كلمة مشكولة جزئيًّا.

السّنة الرّابعة

يقرأ قراءة مُسترسَلة مُنغمة تحليليّة واعية نقديّة نصوصًا نثريّة وشعريّة متنوّعة الأنماط مُحترمًا علامات الْوقف، ويعبّر عن فهمه لمضمونها، ويلخصها ويُعيد تركيبها بأسلوبه ويُصدرُ فِي شأنها أحكامًا، لا تقلّ عن مائة وستين كلمة مشكولة جزئيًّا.

المصدر : اللّجنة الْوطنيّة للْمناهج، 2016، ص13-20

إذَنْ تتعدّدُ أنواع الْقراءة تبعًا للْكفاءاتِ الْخِتاميَّةِ لميدانِ فهم الْمكتوبِ الْخاصّة بِسنوات التّعليم الْمتوسِّط، إذْ لكلِّ مُستًوى دراسيّ قراءتهُ الْخاصّة به، كما هو موضّح فِي الْجدولِ أعلاه، والّذي نستخلصُ منهُ أنواع الْقراءة التّالية :

  1. الْقراءة الْمنغّمة (الصّوتيَّة :( فِي هذا النّوع من الْقراءةِ يتمُّ التّركيز على الأداء الصّوتيّ الْحسن، وذلك من خلال النّطق السّليم لِمخارج الْحروف، ومُراعاة الإعراب، والْحروف الصّوتيّة كالإدغام والتّنوين و(ال) الْقمريّة والشّمسيّة، وهنا لا بُدَّ من الاسْتعانة بالتّْكنولوجيا الْحديثة، والْمصادر الْفصيحة للغة الْعربيّة من خلالِ « الاهتمام بوسائل الإعلام الْمسموعة والْمرئيّة؛ من أجل الارْتقاء بالنّطق الصّحيح، وتكوِّين جماعة الْخطابة في الْمدرسة؛ يوكّل إليها مهمّة الإعْداد اللّغويّ الْجيِّد للْكلمة الْملقاة، والسّعي إلى تطعيمها من الْقرآن الْكريم والْحديث النّبويّ والشِّعر الْعربيّ » (الْقُوصِي محمّد، 2016، صفحة 119)، وهذا النّوع من الْقراءة يسْتهدفُ متعلِّمي السّنة الأولى لأنّها تمثّلُ الْقاعدة فِي التّعليم الْمتوسِّط.

  2. الْقراءة التّحليليّة :تعرفُ القراءةُ التّحليليّةُ على أنّها إجراءات عمليّة في قراءة النّصّ، تتميّز بإجراء التّحليل والنّقد لمكوِّناته الأساسيّة من حيثُ شكلهِ ومضمونهِ، فيميِّزُ الْمتعلِّم بين قوالب النّص النّثريّة من الشّعريّة، ويبحثُ في خصائص الْمفردات والتّراكيب والْجُمل والأساليب، من خلال تطرّقه للْبلاغة والْبيان، ويستخلص الْمضامين الْمباشرة منها، والضِّمنيّة، إلى جانب تحديد أثر التّراكيب والْبلاغيات على الْمضامين، وربط النّصّ بالْبيئة (الْمرسي و عبد الْوهاب ، صفحة 46).

  3. الْقراءة النّقديّة :هذا النّوعُ منَ الْقراءةِ يُمثِّلُ مرحلة الانْتقال من عمليّة التّعرف والنّطق والْفهم إلى عمليّة النّقد، وهذا الانْتقال الأخير فِي مفهوم الْقراءةِ هو أنّها أسلوب من أساليبِ النّشاط الْفكريّ فِي حلِّ الْمشكلاتِ، فهيَ نشاطٌ فكريٌّ مُتكامل، يبدأ بإحساسِ الإنْسان بِمُشكلةِ من الْمشكلاتِ ثمّ يأخذُ الإنْسانُ -وهنا نقصدُ الْمتعلِّم- فِي الْقراءةِ لحلِّ هذهِ الْمشكلةِ، ويقومُ فِي أثْناء ذلك بِجميع الاسْتِجاباتِ الّتي يتطلّبُها حلُّ هذهِ الْمشكلة من عملٍ وانْفعالٍ وتفكيرٍ ( خاطر محمود رُشدي واخرون، 1998، صفحة 99).

  4. الْقراءة الْواعيّة : منْ مُستلزامات هذه الْمرحلة التّعليميّة تجاوز الْمفهوم الأوّل للْقراءة، والْمتمثِّل في الْمفهوم الْميكانيكيّ، إلى بُلوغ الْوعي الْقرائيّ، والْوعي الْقرائيّ (Reading Awareness) هُوَ عمليّة وجدانيّة معرفيّة يتمُّ من خلالها ترجمة النّص الْمقروء إلى بُنَى وأُطُر معرفيّة، بحيث يكون الْقارئ قادِرًا على تعرف ما يقرأ وفهمه وتفسيره ونقده، وإعادة صياغتهِ بالْكيفيّة الّتي تعْكِسُ ذاته وخبراته (الْمرسي و عبد الْوهاب ، صفحة 13)، وهذا الْوعي الْقرائيّ لا بُدَّ من مراعاته فِي السّنتين الثّالثة والرّابعة.

يتّضحُ بعد هذا الْعرض، أنَّ الْمناهج الدِّراسيّة لِمقرّرات اللّغة الْعربيّة فِي مرحلة التّعليم الْمتوسِّط تهدفُ إلى تحقيق كفاءة الْقراءة الْوظيفيّة؛ فمن النّص التّعليميّ يتدرّبُ الْمتعلِّم على الْقراءة الصّامتة، وعلى الْقراءة الْجهريّة، وفنِّيات الأداءِ الصّوتيّ إلى جانب تحليلِ ونقد الْمقروء، وفهم مدلول النّصّ ورسالته الْقيميّة، وإثراء رصيده اللّغويّ، « فتعليم الْقراءة الآن يجبُ أنْ يقُومَ على هذهِ الأبعادِ الأربعةِ : التّعرّف والنُّطق والْفهمِ والنّقدِ والْموازنة وحلّ الْمشكلاتِ » (خاطر محمود رُشدي واخرون، 1998، صفحة 99)، وهذا الاتِّجاه يعرفُ بتعليمِ الْقراءةِ داخل مجالاتِ الْمحتوى، وهيَ « عبارة عنْ مجموعة اسْتراتيجيات مُختلفة تمَّ تصميمها، وتجميعها لتحسينِ مهاراتِ الْفهمِ، وبِناءِ الْمعنى، بحيثُ يتمُّ الانْتِقال بالْمحتوى الْمقروء من الْحِفظِ الآليّ أوِ الْفهمِ السّطحيّ إلى توظيفهِ فِي تنشيطِ الْعملياتِ الْمعرفيّةِ بالشَّكلِ الّذِي يُؤدِّي إلى تعميقِ طبقاتِ الْفهم، وتنشيطِ الْبِناء الْمعرفيّ » (عبد الله ، 2014، صفحة 33)، ولتحقيق هذه الأهداف، لا بُدَّ من التّكوِّين الْفعليّ للْمعلِّمين، فلن تتحقّق غايات الْقراءة إلّا بمعلّمٍ يُجيد الأداء، ويُحسن غرس الإبْداع فِي نفوس متَعلِّميه.

4. واقع الْممارسة الْقرائيّة الذّاتيّة لدَى مُتعلِّمي الطّور الْمتوسِّط

ارتأينا فِي هذا الْمبحث أنْ نقومَ بدراسةٍ ميدانيّة من خلال توزيع اسْتبانة على عيِّنة من متعلِّمي مرحلة التّعليم الْمتوسِّط، حيث اخترنا (15) متعلِّمًا من كلِّ مُسْتوى، ليكون الْمجموع (60) متعلِّمًا، وذلكَ بُغيةَ الْوقوف على واقع الْقراءة الذّاتيّة (الْمطالعة) عند هذه الْفئة، ومن ثمّ تشخيص الْواقع، وتبيُّن الأسباب.

  • الْبياناتُ الشَّخصيَّةُ لِلْمَبْحُوثين 

الجدول 2 : الْبيانات الشّخصيّة للْمبحوثين

النِّسبة الْمئويّة

التِّكرار

الْفئات

الْخصائص

43.33℅

26

ذكر

الْجِنس

56.66℅

34

أنثَى

10℅

06

الذّكور

إعادة السّنة الدِّراسيّة

8.33℅

05

الإناث

المصدر: من إعداد الْباحثة

تمَّ إجراء الاسْتِبانة الْمغلقة-الْمفتوحة مع (60) متعلِّمًا من التّعليم الْمتوسط، وقد أخذنا عيِّنة من كلّ مُستوى دراسيّ، بينهم 43.33℅ ذكُورًا، منهم 10℅ قدْ أعادوا السّنة الدِّراسيّة، و56.66℅ إنَاثًا، مِنْهُنَّ 8.33℅ قدْ أعدْنَ السّنة الدِّراسيّة.

  • الْبياناتُ الْمتعلِّقة بارتياد الْمتعلِّمين للْمكتبة الْمدرسيّة

الجدول 3 : يُمثّل واقع ارتياد الْمتعلِّمين للْمكتبة الْمدرسيّة

النّسبة الْمئويّة

التّكرار

أسباب الْعزوف عنِ الْمطالعة

22.22℅

06

عدم توفّر الْكتب فِي الْبيت

25.92℅

07

انْعدام الرّغبة فِي الْمطالعة

40.74℅

11

التّفرّغ لِنشاطاتٍ أخرى

11.11℅

03

الألعاب الإلكترونيّة

100℅

27

الْمجموع

المصدر : من إعداد الباحثة

من خلال الْجدول أعلاه، نجد 55℅ من الْمبحوثين يرتادون الْمكتبة الْمدرسيّة، فيما 45℅ منْهم يمتنعون عنِ الذّهاب للْمكتبة الْمدرسيّة، فهناك تقارب بين النِّسبتين، وامتناع الْمتعلِّم عنِ التّردد على الْمكتبة مدْعاةٌ للْقلق، فالْمكتبة الْمدرسيّة عنصرٌ فعّالٌ فِي إنْجاح الْعمليّة التّعليميّة التّعلُّميّة؛ فهيَ تعدُّ من أهمِّ وسائل النِّظام التّعليميّ للتّغلّبِ على كثيرٍ من الْمشكلاتِ التّعليميّة والتّربويّة، إذْ يُمكنُ عنْ طريق تلاحمها مع الْبرنامج الْمدرسيّ، وتكاملها مع الْمناهج الدِّراسيّة أنْ تُعمِّقَ أهدافَ التّعليمِ، وتزيدُ من فعاليته، وتزوّد الْمتعلِّم بِقدرٍ كبيرٍ من الْمهاراتِ والْخبراتِ الّتي تؤدِّي إلى تعديل سُلُوكه، خاصّة فِي مرحلة التّعليم الأساسيّ الّتي تُعدُّ مرحلةً هامّةً وفرِيدةً فِي وظيفتِها وأهدافِها (عبدُ الشّافِي، 1987، الصفحات 12-13)، وزيادةً على ذلك « فإنَّ الأطفال الّذينَ تتكوَّنُ لديهم خبراتٌ سعيدةٌ معَ الْكُتب منذُ سنواتِ أعمارهم الأولى تنشأُ لديهم الرّغبة فِي الْقراءة قبلَ أنْ يذهبوا إلى الْمدرسةِ بوقتٍ طويلٍ » (دُومان، 2022، صفحة 364).

  • أسباب عزوف الْمتعلِّمين عنِ الْمُطالعة :

ما يهمّنا من هذهِ الدّراسة هو الْوقوف على أسباب عزوف الْمتعلِّمين عنِ الْمطالعة سواء فِي الْبيت أو فِي أوقات الْفراغ الْمدرسيّة من خلال قصد الْمكتبة الْمدرسيّة، وباستفسار هؤلاء الْمبحوثين وقفنا على أسباب مقاطعة الْقراءة الذّاتية، ومن أهمّ ما جاء على لِسان الْمبحوثين ما يلي:

الجدول 4 : أبرز أسباب عزوف الْمتعلِّمين عنِ الْقراءة الذَّاتية

النّسبة الْمئويّة

التّكرار

أسباب الْعزوف عنِ الْمطالعة

22.22

06

عدم توفّر الْكتب فِي الْبيت

25.92℅

07

انْعدام الرّغبة فِي الْمطالعة

40.74℅

11

التّفرّغ لِنشاطاتٍ أخرى

11.11℅

03

الألعاب الإلكترونيّة

100℅

27

الْمجموع

المصدر : من إعداد الْباحثة

مِنْ خِلالِ الْجدْولِ أعلاهُ يتبيَّنُ أنّ 22.22℅ من أفرادِ الْعيِّنةِ لا يتوفرون على مكتبة فِي الْبيت، فيما ما نسبته 25.92℅ أرجعوا سبب عزوفهم عنِ الْمطالعة إلى انْعدام الرّغبة فِي ذلكَ، بيْنما 40.74℅ لا يُطالعون، وذلك لتفرغهم لممارسة نشاطات أخرى، وغالبًا ما تكونُ هذهِ النّشاطاتِ خارج عالمِ الْكتُبِ، فِي حين 11.11℅ من مبحوثِي هذه الْعيِّنةِ يَميلون إلى مُمارسةِ الألعاب الإلكترونيّة.

فبالنّظر إلى هذه الأسباب، يتّضح لنا غياب دور الأسرة فِي إرساء هذه الرّغبة لدى أبنائهم منذُ مراحل الطّفولة الْمبكرة، فانْعدام الْمكتبة فِي الْبيت يولّدُ النّفور من الْقراءة، ذلكَ أنَّ الطِّفل يقلِّدُ والديه اللّذين يجبا أنْ يكونَا « قُدْوةً جيِّدةً لِطفلهما، حيثُ سيدركُ الطِّفلُ أنَّ الْقراءةَ شيءٌ مهمٌّ فِي حياةِ الإنْسانِ، عندما يرَى أباهُ وأمَّهُ يقرآنِ بِشكلٍ مُستمرٍّ فِي الْمنزلِ، وعلَى الْوالدينِ أنْ يقترِحَا الْقراءةَ كنشاطٍ يُمكنُ أنْ يَقُومَ بهِ الطِّفلُ أثْناءَ وقْتِ الْفراغِ، وأنْ يُوفِّرا لهُ الْكتبَ الْجيِّدةَ فِي مكتبةٍ منزليَّةٍ قريبةٍ من مُتناولِ يدِهِ، وكذلك أنْ يأخذاهُ، وبِشكلٍ مُستمرٍّ لزيارةِ الْمكتباتِ، وشِراء ما يَرُوقُ لهُ من الْكُتُبِ تَحْتَ إشْرَافِهِما » (الْعبدَليّ ، 2011، صفحة 111).

خاتمة والاستنتاج

نسْتخلصُ من خلال هذهِ الدِّراسة بِشقَيها الوصفي، والتّحليليّ أنَّ الْممارسة الْقرائيّة داخل السِّياق التّعلُّميّ هي الّتي يُمكنُ الاعتِماد عليها فِي إكساب الْمتعلِّمين الْمهارة الْقرائيّة من فهمٍ وتحليلٍ ونقدٍ، وإثراء الْمعجم اللّغويّ لدَيهم، لذا لا بُدَّ من الْحرصِ على ترقية تعليميّة الْقراءة، وإغنائها بنصوصٍ ذات أبعادٍ معرفيّة وقيميّة، فما يقرأه الْمتعلِّم هو ما سيصيرُ ذخيرته وزاده الْمعرفيّ والْقيمي الّذي سيغرفُ منهُ، ومنهُ تتحدّد معالم شخصيتهِ السّويّة.

وأمّا الْقراءة الذّاتية، فما زلنا بعيدين كلّ الْبُعد فِي جعلها ميزةً وطبعًا فِي متعلِّمينا، وهذا لنْ يتحقّق إلّا إذا قامتِ الأسرةُ الْممثّلة فِي الْوالدين بدورها فِي تنشئةِ الأبناء على حُبِّ الْكتابِ واتِّخاذه رفيقًا دائمًا.

  • تتمحورُ الْعمليّة التّعليميّة التّعلّميّة فِي تعليميّة اللّغة الْعربيّة فِي مرحلةِ التّعليم الْمتوسِّط وفق بيداغوجيّة الْمقاربة النّصيّة حول النّصّ التّعليميّ، وذلك فِي جميع ميادين اللّغة الْعربيّة.

  • الْمحتوى التّعليميّ يطمحُ إلى خلقِ علاقةٍ وطيدةٍ بين النّصّ والْمتعلِّم، وتدريبه على جميع أنواع الْقراءة الّتي توافق مُسْتواه التّعليميّ.

  • الْقراءة الذّاتية تبقى إشكاليّة وجب إيجاد حلول عمليّة، لأنّ الْممارسة الْقرائيّة فِي سياق الْفعل التّعلُّمي لا تفي بالْغرض إذا لم تُكمّلها الْقراءة الذّاتيّة بدافعٍ شخصيّ.

الإبراشيّ، محمد عطية. 1948. أحدث الطُّرق فِي التّربية لتدريس اللّغة الْعربيّة. ط1. الْقاهرة: مكتبة نهضة مصر بالْفجالة.

الْبصيص، حاتم حسن. 2011. تنمِّية مهارات الْقراءة والْكتابة: استرتيجيات متعدّدة للتّدريس والتّقويم. دمشق : منشورات الْهيئة الْعامّة السّوريّة للْكِتاب.

الْخُوريّ، علي محمّد. درويش، عبد الْكريم. غُنيم، أيمن مُختار. 2015. التّعلّم الْمؤسَسيّ: الطّريق إلى الْمنافسة والتّطوّر فِي الْقرن الْحادي والْعشرين. الْقاهرة: منشُورات الْمنظّمة الْعربيّة للتّنميّة الإداريّة، جامعة الدّول الْعربيّة.

السَّيِّد، علي محمّد. 2011. موسُوعة الْمُصطلحات التّربويّة. عمّان: دار الْمسيرة.

الْعبدَليّ، ساجد. 2011. اِقرأ. بيروت: دار مدارك للنّشر.

الْعُمراني، عبد الْغني محمّد إسماعيل. 2012. دليل الْباحث إلى إعدادِ الْبحثِ الْعلميّ. ط 2 . صنعاء، اليمن : دار الْكتاب الْجامعيّ.

الْقُوصِي، محمّد عبد الشّافِي. 2016. عبقريّةُ اللّغة الْعربيّة. الرِّباط: منشورات الْمنظّمة الإسْلاميّة للتّربيةِ والْعلوم والثّقافة –إيسيسْكُو.

اللّجنة الْوطنيّة للْمناهج. 2016. التّعليم الْمتوسِّط: منهاج اللّغة الْعربيّة ومنهاج التّربية الإسْلاميّة. الْجزائر: ديوان الْمطبوعات الْمدرسيّة.

اللّجنة الْوطنيّة للْمناهج. 2016. الدّليل الْمنهجيّ لإعدادِ الْمناهج. الْجزائر: الدّيوان الْوطنيّ للْمطبوعات الْمدرسيّة.

الْمرسي، مُحمّد حسن وعبد الْوهاب سمير. (د ت). قضايا تربويّة حولَ تعليمِ اللّغة الْعربيّة. دمياط: مكتبة نانسي.

حمدان، محمّد زياد. 1997. نظريات التّعلّم: تطبيقات علم نفس التّعلّم فِي التّربية. سلسلة التّربية الْحديثة 32. دمشق: دار التّربية الْحديثة.

خاطر، محمود رُشدي وآخرون. 1998. طُرق تدريس اللّغة الْعربيّة والتّربية الدِّينيّة فِي ضوء الاتِّجاهات التّربويّة الْحديثة. ط 7. الْكويت: مؤسّسة الْكتب الْجامعيّة.

شحاتة، حسن، النّجار، زينب. 2003. مُعجم الْمصطلحات التّربويّة والنّفسيّة. الْقاهرة: الدّار الْمصريّة اللُّبنانيّة.

شَلُوف، حسن والصّيد، أحمد وخَيْشان، بُوبكر. 2019. اللّغة الْعربيّة دليل اسْتِعمال الْكتاب: السّنة الرّابعة منَ التّعليمِ الْمتوسِّط. الْجزائر: منشُورات الشِّهاب.

عبدُ الشّافِي، حسن محمّد. 1987. الْمكتبة الْمدرسيّة ودورها التّربويّ. ط 2. الْقاهرة: مؤسّسة الْخليج الْعربيّ.

عبد الله، رشا. 2014. تعليم التّفكير من خلال الْقراءةِ. القاهرة: الدّار الْمصريّة اللُّبنانيّة.

غرايبيّة، فوزي ودهمش، نعيم. 1977. أساليب الْبحث الْعلميّ فِي الْعلوم الاجْتماعيّة والإنْسانيّة. عمّان: الْجامعة الأردنيّة.

غنية، دومان. 2022. ’’ نحو أدب للأطفال يُعيدهم من الْعالم الافْتراضِي’’. ألف اللّغة والإعلام والْمجتمع Aleph، الْعدد 2، الْمجلّد 9، جامعة الْجزائر2.

كحوال، محفوظ وبومشاط، محمّد. 2017. كِتابي فِي اللّغة الْعربيّة: السّنة الأولى من التّعليم الْمتوسِّط. ط2. الْجزائر: موفم للنّشر.

مجمع اللّغة الْعربيّة. (د.ت). الْمعجم الْوسيط. الْقاهرة: دار الدّعوة.

مدْكُور، علي أحمد. 1991. تَدْريس فُنُون اللّغةِ الْعربيّةِ. الْقاهرة: دار الشّواف للنّشرِ والتّوزيع.

مغزى، أحمد سعيد وآخرون. (د ت). دليل اسْتخدام كتاب اللّغة الْعربيّة: السّنة الثّالثة من التّعليم الْمتوسِّط. الْجزائر : أوراس للنّشر.

نايت بلقاسم، طيِّب. 2015. الْمقاربة بالْكفاءات: الْممارسة الْبيداغوجيّة –أسئلة علميّة-. تيزي وزو : دار الأمل للطِّباعة والنّشر والتّوزيع.

الشكل 1 : النّشاطات الْقرائيّة الّتي يُمارسُها الْمُتعلِّمُ فِي مرحلة التّعليم الْمتوسِّط

الشكل 1 : النّشاطات الْقرائيّة الّتي يُمارسُها الْمُتعلِّمُ فِي مرحلة التّعليم الْمتوسِّط

المصدر : من إعداد الباحثة

الشكل 2 : نشاطات الْممارسة الْقرائيّة فِي الْمقطع التّعلّمي الْواحد

الشكل 2 : نشاطات الْممارسة الْقرائيّة فِي الْمقطع التّعلّمي الْواحد

المصدر : من إعداد الباحثة

الشكل 3 : الْممارسة الْقرائيّة أثناء الْوقفات التّقويميّة

الشكل 3 : الْممارسة الْقرائيّة أثناء الْوقفات التّقويميّة

المصدر : من إعداد الْباحثة

عوّاد مُختارية Aouda Mokhtaria

مختبر  اللِّسانيات وتحليل الْخطاب - جامعة وهران1 أحمد بن بلّة -الجزائر

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article