التناص (Intertextuality)
هو المعيار السابع من المعايير النصية التي حددها دي بوجراند، وفولفجانج دريسلر1 عندما قالا عن النص «إنه حدث تواصلي » يلزم لكونه نصا أن تتوافر له سبعة معايير للنصية مجتمعة ويزول عنه هذا الوصف إذا تخلف واحد من هذه المعايير وهي :الاتساق والانسجام، القصــد، القبــول، الإعلام، المقاميـة (الموقفـية)، التناص . فغياب أي من هذه المقاييس سيفقد النص خاصيته التبليغية والتواصلية وتجعل منه وتجعل منه لا نصا non texte2 كما يعتبر العنصر الأكثر تعقيدا حسب ج. ميشال أدم3. والتناص هو
« علاقة تقوم بين أجزاء النص بعضها وبعض كما تقوم بين النص والنص الآخر، كعلاقة الجواب بالسؤال وعلاقة المتن بالشرح وعلاقة التلخيص بالنص الملخص وعلاقة الغامض بما يوضحه والمحتمل المعنى بما يحدد معناه، ويختص بالتعبير عن تبعية النص لنصوص أخرى، أو تداخله معها، وأنه يتضمن العلاقات بين نص ما ونصوص أخرى ذات صلة، تمَّ التعرف إليها في خبرة سابقة »4،
وهو مرتبط بالذاكرة التناصية، وهذه ليست معلومة ظرفية خارجية، إذْ يتمتع السياق اللغوي، والسياق غير اللغوي، والمعارف العامة المختزنة في الذاكرة، بالتمثيل الداخلي بالرغم من اختلافهم من ناحية الأصل ومستوى التمثيل الذاكرة قصيرة المدى، طويلة المدى...)5، ويعرف أ.بيريندوني A .Berrendonner الذاكرة الخطابية بأنها «مجموع المعارف التي يشاركها المخاطِبون بوعي» ، ويكون كل تفاعل بمثابة عملية تطبق عليها لإحداث تعديلات فيها. ويمكن القول بعبارة أخرى، إن الذاكرة الخطابية6 تسمح بالتفاعل اللفظي وتسعى إليه في آن واحد. ولا تتغذى الذاكرة الخطابية دوما من السياق الخارج اللغوي، بل كذلك من العبارات التي تتعلق بأحداثها وتشكل في حد ذاتها أحداثا. وقد قامت صوفي مواران Sophie Moirand بتطوير مفهوم الذاكرة الخطابية هذا في أعمالها على الصحافة المكتوبة.
وقد سمحت أفكارها الهامة المتعلقة بالذاكرة التناصية وبمجالات الذاكرة بالقول أن الافتراضات الموجودة في عبارة خارجية جزء آخر من النص أو نص آخر ــ تشكل جزءا من الذاكرة الخطابية للموضوع- وهكذا يشكل التناص7. فالتناص بشكل عام حسب سوسير امتصاص نصوص متعددة8. ويصنف سعد مصلوح9 هذا المعيار بأنه يتصل بظروف إنتاج النص وتلقيه.
1. سورة «طه» : موضوعاتها وبنائها وأحداثها
وقبل التطرق إلى التناص في سورة «طه» سـوف نقدم صورة عامة للسورة من ناحية موضوعاتها وبنائها .
مقصود السورة الجوهري :يتضح تمركز آيات سورة طه حول : «الإعلام بإمهال المدعوين والحلم عنهم، والترفق بهم إلى أن يكونوا أكثر الأمم زيادة في شرف داعيهم، وعلى هذا المقصد الشريف دلّ اسمها بطريق الرمز والإشارة، لتبين أهل الفطنة والبصارة»10، حيث أكدته الآيات التي تتحدث عن الأنبياء عند اصطدامهم بالقوى الكافرة للإسلام، فمبنى السورة بجملتها على التلطف والتأنيس11، وهناك إشارات عند سيد قطب تؤكد ذلك، وتدل على أن السورة في معظمها تنويه بأن القرآن نزل لسعادة البشرية 12.
-
موضوعاتها: تعد سورة طه من السور المكية في قول الجميع13، والسورة المكية لها خصائص تتضمن : « الدعوة إلى التوحيد وعبادة الله وحده، وإثبات الرسالة وإثبات البعث والجزاء، وذكر القيامة وأهوالها، والنار وعذابها والجنة ونعيمها، ومجادلة المشركين بالبراهين العقيلة، والآيات الكونية ...، وذكر قصص الأنبياء والأمم السابقة زجراً لهم حتى يعتبروا بمصير المكذبين قبلهم، وتسلية لرسول الله »14.
-
أحداث سورة (طه) : إن السورة تبدأ بخطاب مباشر للرسول (ص) وتنتهي كذلك بخطاب موجه إليه،
بين المطلع والختام نطالع أحداثا لقصة موسى مع قومه وختامها قصة آدم وإبليس وضعف سيدنا آدم أمام وسوسات عدوه رغم التحذير الإلهي له.
تتناول الآيات ثنائيات قصة موسى مع فرعون،قصة موسى مع بني إسرائيل، وقصة آدم وإبليس،و كما نجد بين الآيات التي تعالج قصة موسى مع بني إسرائيل وقصة آدم وإخراجه من الجنة بعض المشابهات وهي :
-
البداية تبين له أن القرآن لم ينزل عليه ليشقى بل تذكرة لمن يخشى؛و في الختام تتحدث الآيات عن قسوة قلوب الكفار من قومه وتصبّره على ما يقولون في حقه فالسورة بدأت وانتهت بمخاطبة الرسول (ص).
-
كلتا المجموعتين من الآيات تذكر بني آدم بالدرس المنسي وهو التوجيه الذي علمه الله سبحانه للإنسان عند خلقه له.
-
كلتيهما ترينا أن الشيطان هو الذي يغري الإنسان بنسيان الدرس،و أنه نجح في ذلك بأن جعل أبويه الأوليين بنسيانه.
-
كلتيهما توضح أن نجاحه أو فشله النهائي إنما يعتمد على موقفه من هذا« التوجيه ».
-
كلتيهما توضح للإنسان أن هناك فرقا بين الخطأ غير المقصود والإصرار على التمرد،وكذلك بين نتائجهما.و أن الإنسان (كما هو الحال مع نبي الله آدم وذريته وسحرة فرعون) إذا ما تنبه إلى أن الشيطان عدوّه قد أغواه فتاب من خطئه غفر له،على حين لا غفران للإصرار على التمرد، كما في حالة إبليس وفرعون والسامري.15
2. التناص في سورة «طه»
وقد قسم العلماء المحدثون التناص16 إلى قسمين :
-
فالتناص الداخلي هو تكرار مفردة أو عبارة أو جملة، أو أكثر من جملة في النصّ الواحد أمّا الخارجي، فيظهر في استعمال مفردات، أو عبارات، وجمل قد استعملت في نصوص سابقة، ويظهر التناص الداخلي في النص القرآني في العلاقات الدلاليّة بين جمل الآيات المكررّة . فالتناص في أكثر من آية، كما يظهر في القصص القرآنية المكرّرة، ولعل من أهمها : قصة آدم وقصة موسى .
ففي قصة آدم يذكر أحداثا مكررة وأحداثا لا يذكرها في غيرها من السور،من ذلك تبليغ الملائكة باختيار خليفة في الأرض واعتراضهم على ذلك، وتعليم آدم الأسماء، كل ذلك في سورة البقرة. وكذلك امتناع إبليس عن السجود لآدم، ولم يذكر المعلومات المتعلقة بامتناعه في موضع واحد، ففي بعض المواضع ذكر رفضه وفي آخر يذكر أنه من الجنّ.
وفي ثالثة يذكر ما علّل به إبليس لنفسه حين رفض السجود .و لعل مجموع القصص القرآني لهذه الحادثة هو ما يعطي صورة كاملة للموضوع. -
أما التناص الخارجيّ :فيظهر في استعمال القرآن كثيرا من مفردات اللغات الأخرى، وأكثر ما ذلك في أسماء الأنبياء، فضلا عن ذلك، فقد استعملت مفردات من الحياة العامة، مثل :أماكن العبادة، العملات النقدية....
يضاف إلى ذلك أسماء الأنبياء كلهــا أعجمية نحو إبراهيم : .«وإسماعيل، موسى ...إلاّ أربعة أسماء هي : آدم، وصالح، وشعيب،ومحمد.»17
1.2. التناص الداخلي
وما يهمّنا في هذه الدراسة هو التناص الداخلي في سورة « طه »، لذلك سنتناول الألفاظ والعبارات المتكررة التي لها أشبه بالأصداء المترددة التي تشدّ أجزاء السورة بعضها إلى بعض وتجعل منها نصا متماسكا ومنسجما.
و من الألفاظ الأعجمية المستخدمة في « طه » لفظة (اليمّ) التي استعملت في النص القرآني ثماني مرات (أربع مرات في سورة طه) كلها في سياق الكلام عن فرعون أو عن بني إسرائيل، ولعل هذا التخصيص في الاستعمال يجيز احتمالا آخر غير أن تكون الكلمة (بالسريانيّة) فيقربها من اللغة القبطية.18
كما نجد تناص النص القرآني على مستوى العبارة مع عبارات من الكتب السماوية السابقة19 ؛و التناص في القصص والأحداث، ففي الكتب السماوية السابقة للقرآن الكثير من الأحداث القصص التي حصلت من خلق آدم وعصيانه إلى خلق عيسى ومعجزاته، ولكن التزييف والتحريف الذي أصاب الكتب السماوية قبل بعث الرسول وفي أثناء بعثته يجعلنا حذرين في الأخذ بصحة المعلومة والتناص بين الكتب المقدسة ليكون القرآن الفاصل في صحة ما ينقل من الكتب20.
1.1.2. التكرار على مستوى الكلم
-
الفعل « قال » الذي تكرر واحد وثلاثون مرة بصيغة المفرد والمثنى والجمع للدلالة على قوة الحوار في سرد الأحداث نحو :
﴿إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) ﴾ ﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18) ﴾ ﴿قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19)... ﴾ ﴿قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) ﴾ ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) ﴾ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) ﴿ قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) ﴾ ﴿قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63﴾..... ﴿قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135) ﴾.
-
اسم سيدنا « موسى » الذي تكرر (17) مرة للدلالة على قوة . العلاقة بين موسى وربه وعظمة قصة موسى واستخلاص الدروس والعبر منها :
﴿وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) ﴾ ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) ﴾
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) ﴿قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) ﴾﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) ﴾ ﴿ إذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) .﴿قالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) ﴾ ﴿ قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57).... ﴿ قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) ﴾.
-
مادة (سحر) تكررت ثمان مرات
﴿قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) ﴾.
﴿فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) ﴾.
﴿قالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) ﴾.
﴿قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) ﴾.
﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) ﴾.
﴿ قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) ﴾.
﴿إنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) ﴾
-
من مادة « ذكر » تكررت ثمان مرات نحو
﴿ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) ﴾ و﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) ﴾ و﴿ وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) ﴾ ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) ﴾ و﴿ َقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) ﴾ و﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) ﴾ و﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) ﴾
-
تكرر اسم « هارون » أربع مرات
هَارُونَ أَخِي (30) فأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92)
-
تكررت كلمة « اليم » أربع مرات : مرتين في الآية
﴿ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) ﴾
ومرة واحدة في الآية : ﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) ﴾ و﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) ﴾.
-
كلمة الرحمن وتكررت ثلاث مرات نحو
﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) ﴾ و﴿وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) ﴾ و﴿ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) ﴾
-
كلمة « عين » وتدخل لفظة عين في ثلاث صور في السورة هي
﴿أنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) ﴾
﴿إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) ﴾
﴿و لا تمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) ﴾
-
جذر « صنع » يقابلنا فعل تكرر ثلاث مرات في الآيات
﴿أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) ﴾
﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) ﴾ و﴿وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) ﴾
-
كلمة « تشقى » : التي تكررت ثلاث مرات وردت في الآيتين الثانية، والمائة والسابعة عشر (بتاء المخاطب) وفي الآية المائة والثالثة والعشرين (بياء الغائب) .
﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى﴾ و﴿فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾ و﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾.
-
الفعل « تسعى » وتكرر ثلاث مرات في أوائل السورة نحو
﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) ﴾ و﴿فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) ﴾ وفي وسط السورة ﴿قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) ﴾
-
كلمة « النسف » تكررت ثلاث مرات
﴿ قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) ﴾ ويسألونك عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105)
-
كلمة « العُلاَ » : تكررت مرتين وقد وردت في الآيتين
﴿تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4) ﴾ و﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) ﴾
-
ومن جذر « خفى » تقابلنا في السورة لفظتان هما « أخفى » (أفعل تفضيل) و« أخفيها » (فعل مضارع مسند إلى ضمير المتكلم )
﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) ﴾﴿إنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) ﴾
وترتبط بالعين صفة الإبصار التي وردت في الآيتين :
﴿إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35) ﴾ و﴿قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا(125) ﴾
-
كلمة « طريق » تكررت ثلاث مرات
﴿ قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) ﴾ و﴿ولَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) ﴾ و﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104) ﴾.
-
مادة « شدّ » تكررت ثلاث مرات نحو
﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) ﴾ و﴿قالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) ﴾ و﴿ وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) ﴾
-
ومن مادة «قضى» تكررت ثلاث مرات
﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) ﴾ و﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) ﴾
-
كلمة اقذفيه تكررت مرتين وكلمة «عدو» مرتين أيضا في الآية
﴿أنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) ﴾
-
كلمة «القرون» تكررت مرتين في الآيتين
﴿قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) ﴾
﴿ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) ﴾
-
كلمة «أزواجا» تكررت مرتين في الآية
﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131﴾.
-
مادة صبر تكررت مرتين
﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) ﴾ و﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) ﴾.
-
مادة تربص تكررت مرتين
﴿ قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135)﴾. كما تكثر أفعال الأمر كثرة ملحوظة في هذه السورة، ويبدو ذلك راجع إلى انتشار الحوار فيها (الحوار بين الله عز وجل وموسى والحوار بين الله تعالى وآدم عليه السلام(.و أغلب الأوامر فيها صادرة من الله تعالى وكما تبرز أفعال النهي أيضا ولنفس السبب ولكنها أقل من أفعال الأمر، وأفعال الأمر الواردة في سورة (طه) (31 مرة)
حسب ترتيب الآيات جاءت كتالي :
« اخْلَعْ،اعْبُدْنِي، أَلْقِهَا،خُذْ،اضْمُمْ، اذْهَبْ، اشْرَحْ،يَسِّرْ،احْلُلْ، اجْعَلْ، اشْدُدْ، أَشْرِكْهُ، اقْذِفِيهِ، اذْهَبْ، اذْهَبَا،قُولَا، أَرْسِلْ،اجْعَلْ، أَلْقُوا،أَلْقِ،اقْضِ، أَسْرِ،اضْرِبْ،اتَّبِعُونِي، أَطِيعُوا، اسْجُدُوا، اهْبِطَا، اصْبِرْ،سَبِّحْ، أْمُرْ، اصْطَبِرْ » .
كذلك تكرر في السورة ست مرات تأكيد الفعل المضارع باللام ونون التوكيد فزیادة المبنى تؤدي إلى زیادة المعنى وهو مفهوم یقوم على فكرة مفادها : أنه كلما زاد اللفظ زاد المعنى وكلما كان المعنى أبلغ طرأت زيادة على المبنى، أي كلما كانت زیادة في عدد الحروف الأصلیة المؤدیة لأصل المبنى ازداد المعنى ونتج عنه تفریعات جدیدة لتدلّ علیها اللفظة في جذرها الأصلي.
وقد وضح ذلك ابن جني عندما قال :
« الأصوات تابعة للمعاني، فمتى قویت قویت ومتى ضعف تضعفت، ویكفیك من ذلك قولهم : قطع وقطّع وكسر وكسّر زادوا في الصوت لزیادة المعنى واقتصدوا فیه لاقتصادهم فیه نحو ﴿يا حَسْرَهْ على عبادي﴾(يسن/135)تقرأ الهاء الساكنة لتقوية المعنى في النفس ذلك أن الموضع وعظ وإيقاظ وتحذير»21.
مِن المؤثرات التي تلحق آخِرَ الفِعل وتؤثِّر فيه : نونَا التوكيد.وهما نونان تلحقانِ آخِر الفِعل لتوكيده : إحداهما : نون ثَقيلة، والثانية : نون خفيفة. النون الأولى : نون ثقيلة، التوكيد بها أشد 22وأبْلغ من نون الثانية الخفيفة؛ لأنَّ زِيادة المبنَى تدلُّ على زيادة المعنى غالبًا ؛ والأفعال المضارعة الواردة في سورة (طه) المؤكدة باللام ونون التوكيد نحو :
﴿فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) ﴾
و﴿قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) ﴾
و﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97).
2.1.2. تكرار العبارات
-
الله لا إله إلاّ هو
﴿الله لا إله إلاّ هو له الأسماء وتكررت ثلاث مرات :الحسنى (8) ﴾ و﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) ﴾ و﴿إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98) ﴾.
-
عبارة (أخلف الموعد) تكررت أربع مرات
﴿فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) ﴾
﴿ قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) ﴾
﴿ فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) ﴾
﴿قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) ﴾
وانظر إلى قوله تعالى (طريقتكم المثلى) التي تكررت بترتيب معكوس
﴿قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) ﴾.
﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104) ﴾.
-
عبارة نفي (العوج) تكررت مرتين
﴿لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) ﴾ و﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) ﴾.
-
عبارة (أشد وأبقى) تكررت ثلاث مرات، مرتين في الآيتين
﴿قالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) ﴾
﴿ وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) ﴾ واستبدال أشد ب(خير) في الآية : ﴿ إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) ﴾.
-
عبارة (إن في ذلك لآيات لأولى النهى ) تكررت مرتين في الآيتين
﴿كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54) ﴾.
﴿ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) ﴾.
2.2. التناص الخارجي
1.2.2. أولاً/على مستوى العبارة
أهم العبارات المتناصة والمتشابهة مع السور الأخرى هي :
-
الله لا إله إلاّ هو
﴿الله لا إله إلاّ هو له الأسماء وتكررت ثلاث مرات :الحسنى (8) ﴾(طه :8)
﴿اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ ( البقرة :255).
-
آَنَسْتُ نَارًا
﴿ إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) ﴾(طه 10-11).
﴿إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ7فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 8﴾(النمل :7-8).
﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّيآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ 29﴾.
﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّالْعَالَمِينَ 30﴾ (القصص :29-30).
-
تَخْرُجْ بَيْضَاءَ
﴿وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى (22) ﴾(طه :22)
﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ (النمل :12).
﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ 32﴾(القصص :32).
-
هَلْ أَدُلُّكُمْ
﴿إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) ﴾(طه :40).
﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ 12﴾(القصص :12).
-
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ
﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) ﴾(طه :53).
﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ 10﴾(الزخرف :10).
-
فَأْتِيَا
﴿فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) ﴾(طه :47).
-
إلى أمّك
﴿إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) ﴾(طه :40).
﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ 13﴾(القصص :13).
-
إنّ الساعة
﴿إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) ﴾(طه :15).
﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾(غافر :59).
-
يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا
﴿أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) ﴾(طه :128).
﴿وَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ 26﴾ (السجدة :26).
-
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ
﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) ﴾(طه :53).
﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا﴾ (الزخرف :10).
-
فَاصْبِرْ
﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) ﴾(طه :130).
﴿فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾(ق :39).
-
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ.
﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110﴾(طه :110)
﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾(البقرة :225)
2.2.2. التناص في القصص
و السبب هو أن النص القرآني أراد أن يصحح ما ورد في كتب العهد القديم فيما يخص هذه القصص، ويخلصها مما فيها من تحريف وزيف، فالكتب السماوية السابقة للقرآن الكثير من الأحداث، والقصص التي حصلت من خلق آدم إلى خلق عيسى وما جاء به من معجزات، ولكن التزييف والتحريف الذي أصاب الكتب المقدسة قبل بعث النبي محمد يجعل الباحث أو المتلقي بصفة عامة حذرا في أخذه بصحة هذه المعلومة وكيفية تطورها من كتاب لآخر ليكون النص القرآني هو الفيصل في صحة ما يُنقل عن هذه الكتب، فيكون المعيار في تصحيحه أو تكذيبه لها.
ليست قصة موسى هي الوحيدة التي تكررت في القرآن بل أغلب قصص الأنبياء مع قومهم تكررت، ولكن قصة موسى أكثر من غيرها لما فيها من عبر وحكم، مع وجود أهل الكتاب حين نزول هذه الآيات، وللتشابه الكثير بين الأحوال التي جرت لموسى والتي كانت تجري لنبينا محمد، ولذلك سمى أبا جهل فرعون هذه الأمة23.
ويمكن تلخيص أسبَابٌ هذا التَّكرَارِ لقِصَّةِ مُوسَى (عليه السلام) في القُرآنِ في النقاط التالية :
-
أنَّ فِرْعَونَ مَثَّلَ الطُّغيَانَ الأكْبرَ في الأرْضِ حينَ صَدحَ بقَولِه : أنَا ربُّكُم الأعلَى. وكانَ مُوسَى (عليه السلام) يُمثِّلُ صَوتَ الحَقِّ الأكَبرِ أمَامَه، فكَانتْ في قِصَّتِه عِبَرٌ كَثِيرةٌ مِن نَاحِيةِ المُواجَهَةِ المُحتَدِمَةِ بينَ الحَقِّ والبَاطلِ على مرِّ التَأرِيخِ.
-
كانَ اليَهُودُ ومَا زَالُوا يُمثِّلُونَ الجِهةَ الأكْثرَ فَسَاداً وعِنَاداً في الأرْضِ، ومِن هُنا كانَ على القُرآنِ بَيانُ أكْثرِ التَّفاصِيلِ فيمَا يَتعلَّقُ بدِيَانَتِهم وحَقِيقَةِ نَبيِّهِم حتى لا يَتمَادَوا أكْثرَ.
-
وُجُودُ تَشابُهٍ بينَ التَّحدِّيَاتِ التي كَانتْ تُواجِهُ النَّبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي وَاجَهتْ نَبيَّ اللهِ مُوسَى (عليه السلام)، فكَانَ تَكرَارُ هذِهِ القِصَّةِ مِن بَابِ التَّسلِّي وشدِّ الأزْرِ في مُواجَهةِ هذِهِ التَّحدِّيَاتِ والصُّعُوبَاتِ لنَبيِّ الإسْلامِ (صلوات الله عليه).
3.2. متشابهات القصص الواردة في سورة »طه«
1.3.2. أولا/قصة موسى
ذكرت قصة موسى عشر مرات في القرآن وذكر اسم موسى في القرآن 136 مرة. لقد كان مناسباً أن يتكرر في القرآن ذكر قصة نبي الله موسى تارة ببيان فضل الله تعالى عليه وعلى بني إسرائيل ـ كما في آيات كثيرة من السور ة ـ وتارة ببيان عصيان قومه له ونكولهم عن طاعته، وكفرهم بنعمة الله عليهم، وتارة ببيان ما حل بهم من العقوبات الإلهية والنقمة الربانية جزاء كفرهم وبغيهم،
وهكذا، فبعض قصص الأنبياء ذكرت في القرآن مرة واحدة كقصة يوسف ؛ وبعضها تكرر ـ كقصة موسى ـ والحكمة في ذلك ـ والله أعلم ـ أن اليهود الذين كانوا يساكنون النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة تكرر منهم الكيد والمكر بالإسلام وأهله، وعملوا جاهدين لصد الناس عن الدين وتشكيكهم فيه؛ كما قال ربنا جل وعلا ولو تأملنا في المواضع كلها تجد أن كلاً منها قد حوى علماً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
ولا يعدم القارئ المتدبر أن يجد في كل موضع ما لا يجده في سواه من الفوائد والدرر. ويمكن تحديد السور التي ذكرت فيها قصة موسى في الجدول التالي :
السور التي ذكرت فيها قصة «موسى»
السورة |
التواتر |
الأعراف |
21 |
القصص |
18 |
طه |
17 |
البقرة |
13 |
يونس |
8 |
الشعراء |
8 |
غافر |
5 |
النساء |
3 |
المائدة |
3 |
الأنعام |
3 |
إبراهيم |
3 |
النمل |
3 |
هود |
3 |
الإسراء |
3 |
الكهف |
2 |
المؤمنون |
2 |
الأحزاب |
2 |
الصافات |
2 |
الأحقاف |
1 |
آل عمران |
1 |
الأنبياء |
1 |
الحج |
1 |
الفرقان |
1 |
العنكبوت |
1 |
السجدة |
1 |
فصلت |
1 |
الشورى |
1 |
الزخرف |
1 |
الذريات |
1 |
النجم |
1 |
الصف |
1 |
النازعات |
1 |
الأعلى |
1 |
جدول يوضح تواتر اسم موسى في القرآن
في سورة طه قصّة موسى تكرّرت عدّة مرات في القرآن الكریم –كما يظهره الجدول –
»فأكبر القصص في القرآن الكریم قصّة موسى ویذكّرنا القرآن بها دائما لأنّ أحداثها تعالج قصّة أسوء البشر في التّاریخ24، وأكبر سورة تكرّرت فیها هي سورة طه، حیث كان تكرارها مفصّلا. وهذا ارتباطا باسمها، وقد قیل المراد من هذه التّسمیّة أقوال كثیرة، تعرف في كتب التّفسیر، وتسمّى أیضا سورة «الكلیم موسى»، وقد تكرّر في مواضع أخرى في القرآن كان لها مقصدا مختلفا عن الآخر.
فبين المطلع والختام نطالع أطرافا من قصة موسى نتتبع فيها اختياره للرسالة وذهابه إلى فرعون، الذي لم يستجب لدعوة هدايته بل زاد كفرا، ونجاة بني إسرائيل من بطشه، وغرقه، وهو يطاردهم في اليمّ، الذي انشق فيه طريق يابس وعبره سالمين، وتحول بني إسرائيل أثناء غياب رسولهم أربعين ليلة إلى عبادة العجل الذي صنعه لهم السامري الذي انتهى أمره إلى نسفه في اليم وانتهى أمر صانعه.
ويمكن تلخيص ما قلنا في هذا الجدول الإحصائي :
السورة |
آياتها |
آيات ذكر موسى |
ذكر موسى في السورة |
آيات سحرة فرعون |
ذكر السحرة لموسى |
عدد المواقف |
عدد الكلمات |
ملاحظة |
طه |
135 |
90 |
67 % |
30 |
33 % |
7 |
336 |
أطول سياق |
في قصة موسى المذكور في السور، نجد إلا شريحتين من حياته هما25: زمن الرسالة وما بعدها، لكن في سورة طه وما يليهاـ نواجه شطرا ثالثا من حياته هو : زمن ما قبل الرسالة، أي : الأحداث والمواقف التي واكبت حياته قبل اضطلاعه بالرسالة.
لم تصغ هذه القصص بنحو يفرز الأدوار الثلاثة من حياة موسى بعضها عن الآخر، بقدر ما نجدها متداخلة. كل ما في الأمر، أن كل سورة تنهض بسرد هذا الدور أو ذاك حسب السياق الذي يستهدفه النص القرآني : حيث تضيف موقفا أو حدثا جديدا، أو تختزلهما في نص دون آخر،فكل سورة مكملة ومنسجمة مع التي قبلها والتي تليها.
وفي سورة طه، نواجه أول سرد مفصل عن الشطر الأول من حياة موسى ـ : حياته قبل النهوض برسالة السماء، متمثلة في حدثين أو واقعتين من الوقائع التي تجسد هذه الفترة الزمنية من حياته.
وهاتان الواقعتان هما : واقعة إلقائه في التابوت وواقعة بحثه عن النار. مع إشارة عابرة لحدثين آخرين هما : قتله لأحد الآدميين، ولبثه في مدين.
بيد أن القصة لا تتحدث بكل تفصيلات الواقعة، بقدر ما تقتصر على بعضها : حيث تواصل ربطها بالشرطين الآخرين من حياته، أي : زمن الرسالة وما بعدها.
ففي سورة طه من حيث البناء الفني للقصة بدأ النص بواقعة (البحث عن النار)، ثم أردفها بواقعة إلقاء موسى في التابوت؛ ثم العودة لسرد قصة موسى مع فرعون وأخيرا مع بني إسرائيل.
والواضح أن البحث عن النار يشكل آخر واقعة من حياته، في حين أن إلقاءه في التابوت يشكل أول وقائع حياته.
لكن النص ـ مثلما قلنا ـ بدأ بقص أخريات حياته، ثم ارتد بالقصة إلى أحداثها المبكرة.
و يمكن تلخيص أحداث قصة موسى حسب ترتيب الآيات في الجدول الآتي :
الأحداث |
الآيات |
البداية القصصية |
[طه : 9، 10] |
تكليم موسى، وإصدار الأمر إليه |
[طه : 11،37] |
النص يقطع سلسلة الأحداث، ويرتد بنا إلى أحداث ما قبل البحث عن النار، إلى الأحداث الأولى من حياة موسى ـ ـ : أحداث إلقائه في التابوت مع إشارة عابرة إلى نجاته من اليم، وقتله للنفس، ولبثه في مدين . |
[طه : 38،41] |
يعود النص من جديد إلى النقطة التي قطعها ويواصل سرد الأحداث المتصلة بموسى ـ وعلاقته بفرعون وتبليغ الرسالة وتوبة السحرة وهلاك فرعون. |
[طه : 41،79] |
موسى مع بني إسرائيل والسامري |
[طه : 80،97] |
والواضح أنّ قصة موسى في سورة (طه) تعتمد على الحوار، فقد اتجه إلى النقطة التي قطع فيها سلسلة الحدث، ونعني به : حادثة (التكليم). فقد قطع النص سلسلة الحدث المتصل بالتكليم، والمطالبة بالذهاب إلى فرعون... قطعها بتذكير موسى بنعم السماء عليه، وارتد بذلك إلى مراحل حياته التي انتهت إلى حادثة (التكليم). ثم يعود النص من جديد إلى حيث قطع سلسلة الحدث، ليتابع السرد وفق تسلسله الزمني الذي يبدأ بمطالبة موسى بالذهاب إلى فرعون : حيث توجد تفصيلات جديدة في هذا الموقف.
ومن هنا نلاحظ، كيف أن قصة موسى، بدأت من وسط الأحداث، لتكمل السورة التي قبلها، ثم ارتدت إلى البداية، ... ثم اتصلت من جديد بوسط الأحداث : حيث تجسدت في مطالبة موسى بالذهاب إلى فرعون وموسى بدوره يطلب من الله تعالى من جديد أن يعينه على ذلك، مبديا تخوفه من فرعون وبطشه. ثم ينجيه الله عز وجل من جديد ـ راسما له طريقة التعامل مع الفرعون، مؤكدا له أنه في عون موسى وأخيه في مهمتها المتمثلة في نشر الرسالة.
2.3.2. قصة آدم في سورة (طه)
ذكر قصة آدم مع إبليس في القرآن في ثمانية مواضع وهي :
السورة |
نوعها |
البقرة |
مدنية |
آل عمران |
مكية |
الأعراف |
مكية |
الإسراء |
مكية |
طه |
مكية |
ص |
مكية |
الكهف |
مكية |
الحجر |
مكية |
و كان سردها في سورة (طه) من الآية (115) إلى الآية (123 ) ويتمحور حول :
الدرس المنسي 26والعصيان الذي يقع من بني آدم قد وقع لأبيهم، وذلك وجه المناسبة بين هذه الآية وبين ما قبلها (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىَ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ) فا لله يخبر نبيه محمد ﷺ أنه ( عَهِدْنَا إِلَىَ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ) أن الله تبارك وتعالى نهاه عن أكل الشجرة، وعهد إليه بذلك فنسي، وهذا النسيان يحتمل معنيين وهما المعنيان اللذان تأتي لهما هذه المفردة فيحتمل أن يأتي بمعنى الذهول عن المعلوم، ويحتمل أن يأتي بمعنى الترك.، فالمنفي المراد به الذهول عن المعلوم، ذهاب المعلوم من الذهن، وكان مصير آدم وحواء هو الخروج من الجنة بعدما استغفر آدم وندم واعتذر ثم صدر الأمر إلى الخصمين اللدودين أن يهبطا إلى أرض المعركة الطويلة بعد الجولة الأولى :وبذلك أعلنت الخصومة في الثقلين. فلم يعد هناك عذر لآدم وبنيه من بعده أن يقول أحد منهم إنما أخذت على غرة ومن حيث لا أدري. فقد درى وعلم؛ وأعلن هذا الأمر العلوي ومع هذا الإعلان الذي دوت به السماوات والأرضون، وشهده الملائكة أجمعون. شاءت رحمة الله بعباده أن يرسل إليهم رسله بالهدى. قبل أن يأخذهم بما كسبت أيديهم. فأعلن لهم يوم أعلن الخصومة الكبرى بين آدم وإبليس، أنه آتيهم بهدى منه، فمجاز كلاً منهم بعد ذلك حسبما ضل أو اهتدى : (فإما يأتينكم مني هدى، فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى. ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى). حيث روى البخاري27 عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال : حاج موسى آدم .28.
الخاتمة
نستنتج من تحليلنا للتناص في سورة (طه ) أن العمل التناصي هو (اقتطاع) و(تحويل) ليولد- النص- ظواهراً تنتمي إلى بديهيات الكلام كما تسميها كريستيفا اعتماداً على باختين الذي يراها (حوارية) و(تعددية الأصوات)29. وبعبارة أخرى : التناص ترحال للنصوص وتداخل نصي في فضاء نص معين تتقاطع ملفوظات عديدة مقتطعة من نصوص أخرى30.
فالتناص يكشف عن كل التداخلات والعلاقات بين النصوص، كما يكشف عن التلبس وتقمص نص من آخر على أن تتفاعل النصوص اللاحقة مع النص السابق، وليس هذا فحسب بل يعطينا منطقة فراغ لإنتاج نصوص أخرى من خلال نص مركزي فيه مطاطية لصياغة نصوص جديدة .
ففهم الآيات القرآنية وتفسيرها يستلزم فهم الآيات السابقة فلا نكاد نجد كتاباً تفسيرياً لم يعتمد على منهج تفسير القرآن بالقرآن حتى الذين اعتمدوا على منهج التفسير بالمأثور.
والمراد من تفسير القرآن بالقرآن هو أن تكون النصوص القرآنية بعضها مفسراً لبعض .
حيث يقول العلامة الطباطبائي :
«... أن نفسر القرآن بالقرآن ونستوضح معنى الآية من نظيرتها بالتدبر المندوب إليه في نفس القرآن، ونشخص المصاديق ونتعرفها بالخواص التي تعطيها الآيات، كما قال تعالى : (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء)، وحاشا أن يكون القرآن تبيانا لكل شيء ولا يكون تبيانا لنفسه... وقال تعالى : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)، وأي جهاد أعظم من بذل الجهد في فهم كتابه ! وأي سبيل أهدى إليه من القرآن !»31.
وعلى البيان الذي قدمه العلامة يدخل التناص في الاستعلاء النصي، فالمفسر يبحث عن كل أنواع العلاقات والتداخلات بين السور والآيات القرآنية. بل إن القرآن نفسه الذي هو تبيان لكل شيء، فيه من الدلالات البيّنة والعلامات الشاخصة على معانيه والكشف عن نصوصه المقدسة بإدمان التفكر فيه، مع ملازمة ربط آياته السابقة باللاحقة مما يوّلد ذاكرة تناصية لفهمه.