مقدمة
إن العملية التعليمية تمتاز بالحيوية والتَّجدُّد، وفق ما هو حاصل وطارئ من تغير على المجتمعات فيكل زمان ومكان، ولعل الوقت الراهن فرض تسارعا في التكيف مع ما هو واقع من تطور على جميع الأصعدة، لذا نجد البرامج التعليمية والمناهج المختارة لها تتغير بسرعة، وهذا ما حصل في الجزائر حين تم اختيار المقاربة بالكفاءات كأرضية لبناء المناهج التعليمية الحديثة فيها، ابتداء من سنة 2003،هذه المقاربة التي تعتبر تصورا ومنهجا لتنظيم العملية التعليمية، وهي مقاربة ذات نظرة جديدة لمحتويات التعليم والكتاب المدرسي وطرائق التدريس والأنشطة التعليمية والتقويم والزمن البيداغوجي، كما أنها مقاربة تتمركز حول المتعلم وتجعله طرفا فاعلا، نشطا يتعلم كيف يتعلم، كيف يعمل، كيف يعيش مع الآخرين، وليس مجرد متلق مثلما كان عليه الشأن في البيداغوجيا التقليدية.
وقد ارتبطت المقاربة بالكفاءات التي تم تبنيها في المنظومة التربوية الجزائرية، بمجموعة من الأنشطة التعليمية بالأخص في تعليم اللغة العربية لتلاميذ مرحلة الثانوية، ومن أهم هذه الأنشطة التي نجدها نشاط الوضعيات الإدماجية،
« والذي يعتبر الخُلاصة والمقياس لما تم تعلُّمه من أنشطة مرتبطة بتعليم اللغة العربية وآدابها، فالوضعية الإدماجية تعتبر وضعية تساعد المتعلم على هضم المعارف المكتسبة، وضم عناصرها في مجموعة منسجمة، وهي « إطار سياقي يجعل المتعلم يحس بأنه في وضع مألوف، غير أن هذا الإطار يضعه أمام عائق جديد ومركب، وهذا العائق الذي يتم تصوره كمشكل يجب حله، أو كمهمة يكلف إنجازها في كل مرة، يتطلب منه تعبئة انتقائية ومدمجة لموارد أو معارف تم اكتسابها في السابق ».1
1. الإطار المنهجي
1.1. إشكالية الدراسة
إن إعداد الوضعية الإدماجية لا بد له من معايير وأسس يجب مراعاتها والإلمام بها، حتى لا تكون هذه الوضعيات من قبيل التمارين الجافة، التي لا تُفعل مكتسبات المتعلمين وتجعلهم يكررون ما تعلموه، دون إدراك منهم لأبعادها وتجلياتها في الواقع، وهو الأمر المنوط أساسا بالعملية التعليمية، كما أن طرح إشكال إعداد الوضعيات من أجل إدماج المكتسبات يجعله مرتبطا بإشكال آخر، يَهُم المعيقات التي يُؤمل أن يتخطاها المتعلمون، وكذا طبيعة المهام المعروضة عليهم، بهدف النجاح فيها بمفاهيم السياق والتعليمة ودرجة التركيب والدلالة ودرجات الوضعيات، وعلى هذا الأساس
« فإن إعداد الوضعيات ينبغي أن يغذي الطموح إلى معانقة كافة العوامل التي من شأنها أن تدفع بالمتعلم إلى إعادة توظيف مكتسباته في وضعيات أخرى، داخل المدرسة وخارجها على حد سواء . والحال أن الوضعية الحقيقية هي وضعية يتم في ظلها إدراك جدوى أو نفعية المهمة المراد إنجازها من قبل التلميذ،وذلك في علاقته بالحياة اليومية »(غريب عبد الكريم 2011: 116).
كما أن « مواجهة مختلف الوضعيات والتعامل معها وحلها،مسألة تحركها اعتبارات ذات طبيعة معرفية واجتماعية ووجدانية وانفعالية »( .غريب عبد الكريم 2011: 158 )وقد حاولنا في دراستنا هاته الوقوف عند أهم المبادئ والأسس التي يجب مراعاتها في إعداد وبناء الوضعية الإدماجية،ثم الوقوف على مدى إلمام المتعلمين بها، وكذا مدى إفادتهم منها ومدى تفعيل مكتسباتهم القبلية عن طريقها.
والتساؤل الرئيسي الذي تتمحور حوله إشكالية الدراسة هو: ما مدى إلمام المتعلمين بأسس الوضعية الإدماجية وما مدى تمكنهم واستفادتهم منها؟
ويتفرع من هذا السؤال الرئيسي إلى السؤالين الفرعين التاليين :
-
ما مدى تمكن وإلمام المتعلمين بأسس الوضعية الإدماجية؟
-
ما مدى إفادة المتعلمين من نشاط الوضعية الإدماجية؟
2.1. فرضيات الدراسة
-
جل المتعلمين الذين شملتهم عينة الدراسة لديهم إلمام وهم متمكنون من الأسس التي تبنى عليها الوضعية الإدماجية.
-
جل المتعلمين الذين شملتهم عينة الدراسة يستطيعون الإفادة من نشاط الوضعية الإدماجية ويفعلون مكتسباتهم القبلية.
3.1. أهمية الدراسة
يعتبر نشاط الوضعية الإدماجية واحدا من أهم الانشطة التي تترجم واقع الإصلاحات التي شرعت فيها الجزائر مع تبني المقاربة بالكفاءات ،فمعلوم أن الكفاءة لا تمارس إلا في وضعية إدماج ذات دلالة، بحيث تُبين للمتعلم أنه سيكون قادرا على تجنيد مختلف مكتسباته بشكل فعال وعملي، وإعطاء معنى لما يتعلمه ؛و الوضعية الإدماجية لا بد لها من أسس تبنى وفقها ويجب مراعاتها لتتم الإفادة من هذا النشاط على أكمل وجه ولكي نكشف عن مدى إلمام المتعلمين بهذه الأسس ومدى إفادتهم من هذا النشاط ومن ثَمَّ تصويب الاختلالات الحاصلة في هذا الجانب وهنا تكمن أهمية هذا البحث.
4.1.أهداف الدراسة
-
الوقوف على أسس بناء الوضعية الإدماجية ومدى مراعاتها، ومن ثم محاولة التنبيه إلى ضرورة مراعاة هذه الأسس حتى يحقق هذا النشاط الهدف المرجو منه.
-
تبيين مدى استفادة المتعلمين من الوضعية الإدماجية وإلمامهم بالأسس التي تبنى وفقها .
-
منهجية البحث: بحكم طبيعة البحث فإننا استخدمنا المنهج الوصفي وهو منهج من مناهج البحث العلمي يهدف إلى جمع البيانات والمعلومات اللازمة عن الظاهرة وتعميمها مستقبلا.
2. الإطار النظري ومصطلحات الدراسة
.1.2تعريف الوضعية
« يفيد تداول مصطلح الوضعية عموما العلاقات القائمة ما بين فرد أو مجموعة من الأفراد بسياق معين، وما يميز هذا السياق بصفة أساسية هي البيئة التي يتموضع الأفراد داخلها،وهو ما يعني مجموعة من الظروف في لحظة معينة » (غريب عبد الكريم 2011: 165)
وقد أشار الأستاذ « بدرالدين بن تريدي » في كتابه « قاموس التربية الحديث » إلى أن كلمة (وضعية ) مستحدثة، غير أنه شاع استعمالها كثيرا في الحقل التربوي بدل كلمة (وضع) التي تعد أصح،ثم قدم التعريف الآتي:
الوضع(الوضعية): « مجموعة متشابكة من الحالات والظروف والأحداث التي تحدد الشروط، الداخلية والخارجية لحياة أو عمل شخص أو جماعة في زمن محدد، مجموع العناصر (الدعائم التقنية وغيرها) التي تجند من أجل تسهيل التعليم والتعلم » (بن تريدي بدرالدين 2010 : 62-63)
.2.2 تعريف الإدماج
«الإدماج عملية ذهنية يتم بمقتضاها ضم معارف أو معطيات جديدة إلى معارف أو معطيات سبق تخزينها في الذاكرة ضما تركيبيا لا تكديسيا .
إذن الإدماج عملية عقلية معقدة يجري بمقتضاها إدراج معلومات جديدة إلى رصيد المعارف التي تختزنها الذاكرة مع إجراء التغيرات الضرورية عليها بالتصحيح والإلغاء والتعديل». ( بن تريدي بدرالدين 2010 : 381 )
ويفيد الإدماج بيداغوجيا:
« توظيف التلميذ مختلف مكتسباته المدرسية وتجنيدها بشكل مترابط وفي إطار وضعية ذات دلالة، للإشارة أن المتعلم هو الفاعل في إدماج المكتسبات وليس المعلم ولا أي تلميذ عوض آخر، يعني ذلك أن إدماج المكتسبات عملية شخصية في أساسها كما لا يمكن إدماج إلا ما هو مكتسب بصورة جيدة ومعنى ذلك أن على المعلم أن يمكِّن المتعلم من كل الأدوات التي تسمح له باستثمار مكتسباته »( وعلي محمد الطاهر د.ت :4 )
.3.2 تعريف الوضعية الإدماجية
« يفيد مفهوم وضعية الإدماج الوضعية التي ينبغي للتلميذ أن يكشف في إطارها عن قدرته على تجنيد موارد عدة، وبتفكيك هذه الوضعية بشكل يتيح للمتعلم الإجابة عن أسئلة جزئية أو إنجاز مجموعة من المهام البسيطة، فقد يكون هناك انزياح عما يراد القيام به، وهو الأمر الذي يعني أن المسألة تهم بالتحديد إثارة إدماج الدرايات والإتقانات وليس القيام بمجاورتها (»غريب عبد الكريم 2011 : 199)
والوضعية الإدماج:وضعية تساعد المتعلم على هضم المعارف المكتسبة وضم عناصرها في مجموعة منسجمة( بن تريدي بدرالدين 2010 : 382 )كما يمكن القول بأن الوضعية « إطار سياقي يجعل المتعلم يحس بأنه في وضع مألوف، غير أن هذا الإطار يضعه أمام عائق جديد ومركب، وهذا العائق الذي يتم تصوره كمشكل يجب حله أو كمهمة يكلف إنجازها في كل مرة جهدا أكبر، يتطلب تعبئة انتقائية ومدمجة لموارد أو معارف تم اكتسابها في السابق ».2
و« تعد الوضعية الإدماجية من زاوية المقاربة بالكفايات، وضعية مركبة، ومهيأة لتستغل عند نهاية مقطع من التعلمات المجزأة »3
ويجب التنبيه إلى أنه
« حين يتم الحديث عن الوضعيات، فإن ذلك يعني الحديث عن وضعيات أهداف وعن وضعيات إعادة استثماروعن وضعيات إدماج (وهي اصطلاحات مترادفة) لكي يتم تميزها عن الوضعيات الديداكتيكية والتي تتجسد وظيفتها في تنمية تعلمات جديدة لمفاهيم وإتقانات ...إلخ،وتعد هذه الوضعيات الأهداف وضعيات مسائل مركبة وليست مجرد تمرين) » غريب عبد الكريم 2011 : 11 )
وهذا الترادف أكدت عليه الباحثة فاطمة زايدي في رسالتها حيث قالت :
« لا تختلف الوضعية الإدماجية عن الوضعية المستهدفة، فالأولى قد تكون عقب تدريس كل نشاط كأن تكون بعد دراسة النص الأدبي والنص التواصلي أو بعد درس القواعد وغيرها ،وأما الوضعية المستهدفة فتكون بعد إنهاء مجموعة دروس عقب كل محور»( زايدي فاطمة 2009: 147)
وعموما
« يتم التماس هذا النوع من الوضعيات في ختام التعلم أو في ختام مجموعة من التعلمات كتتويج لها، أي أنها تشكل في الوقت نفسه فرصة لتعليم التلميذ إدماج مجموعة من المكتسبات ومراجعة قدرته فيما يتعلق بمفصلة عدة مكتسبات » (غريب عبد الكريم 2011: 176)
وتُعرف الوضعية الإدماجية إجرائيا في الدراسة الحالية بمجموعة النشاطات التي ترتبط بها والتي يتم توظيفها كموارد يُطلب من المتعلمين إدماجها بحيث إذا نجح المتعلم في استغلالها على أحسن وجه يمكن الحكم عليه بأنه قد حقق الكفاءة المرجوة .
.4.2 وظيفة الوضعية الإدماجية
بإمكان الوضعية أن تلعب وظائف مختلفة وذلك تبعا لاستعمالها من أجل تعليم التلميذ إدماج مكتسباته عند نهاية عدد معين من التعلمات، أو تبعا لاستعمالها من أجل تقييم مكتسباته وعلى هذا فهي تضطلع بوظيفتين أساسيتين :
وظيفة إدماجية : « بحيث يتم اقتراح الوضعية الهدف على التلميذ في ختام عدد معين من التعلمات، وذلك بهدف تعليمه كيفية إدماج مكتسباته، ويبقى الخطأ في هذا الإطار من حق التلميذ، وذلك لكونه يتواجد داخل سيرورة ديدكتيكية للإدماج » ( غريب عبد الكريم 2011:178 )
وظيفة تقيمية :
« بهدف التقييم، تقدم للتلميذ وضعية هدف يتم في إطارها تقييم كفاية معينة، إما لأهداف تكوينية بهدف الكشف عن النقائص، وإما لأهداف إشهادية من أجل تفعيل كفاية التلميذ في حل فئة من الوضعيات وفي هذه الحالة يكون الحل فرديا » (غريب عبد الكريم 2011: )181
.5.2 أسس بناء الوضعية الإدماجية
1.5.2. الصعوبة والجدة
« يتمثل أحد الرهانات الأساسية للوضعية في أن تعكس هذه الأخيرة الكفاية المراد التوصل إليها واكتسابها، وهو الأمر الذي يعني التموضع في المستوى الملائم من درجة صعوبة الوضعية» (غريب عبد الكريم 2011: 188)،
« والوضعية لا يمكنها أن تعلم التلميذ الإدماج إلا إذا كانت تكتسي طابع الجدة في نظره أو إذا كانت تتيح التحقق من أن بمقدوره إدماج مكتسباته بشكل ملائم، وفيما عدا ذلك فإن الأمر لا يعدو كونه مجرد إعادة إنتاج لوضعية سبق حلها »(غريب عبد الكريم 2011: 188)،
و« انجاز الوضعية في هذا الصدد لا يقتضي القيام بمجاورة تمارين مصغرة،لأن ذلك قد يكون من قبيل المراجعة ليس إلا ،بل إنها تقتضي وضعية معقدة تتطلب من التلميذ القيام بمفصلة وتوليف عدة درايات وإتقانات سبق له مصادفتها »( غريب عبد الكريم 2011: )185
ويجب التنبيه إلى أن الصعوبة لا تعني الاستحالة وإنما نعني الصعوبة التي تحفز المتعلم على العمل أكثر وتحسين مستواه، إذ « ما ينبغي معرفته أن الصعوبة ملازمة للتعلم، ولا وجود لتعلم دون صعوبة، حيث أن اكتساب معارف جديدة يكون على حساب معارف قديمة هي في الوقت ذاته موارد وحواجز »( أمير عبدالقادر، إسماعيل إلمان 2008: 20)، « فعندما يصطدم الطفل بمعطيات جديدة يكون مجبرا على مراجعة وتصحيح مفاهيمه أو تمثلاته القديمة، حتى يتمكن من قبول المعرفة الجديدة، والوصول إلى ما يسميه Piaget بالتوافق، وفائدة الحاجز البيداغوجي الذي تخلقه الوضعية المشكلة هي خلق صراع معرفي عن طريق صعوبة ما أو مشكل ينببغي حله» ( . انظر:أمير عبدالقادر، إسماعيل إلمان 2008:ص21)
2.5.2. ضم المعارف وإدماجها
إن إدماج المعارف :
« عملية ذهنية يقوم المتعلم بمقتضاها بضم معارف جديدة إلى معارفه السابقة ضما يأخذ كن عنصر فيه موقعه المناسب) .«بن تريدي بدر الدين 2010: 62-63( إذ «من الضروري التوليف بين الإجراءات المتعددة والبسيطة الجديرة بالتجنيد والتسخير في الوضعية، أي ترتيبها وفق نظام، ثم تكييفها مع بعضها . »(برناد راي، فانسان كاريت ،صابين كهن 2015: 28 بتصرف)
و «إدماج المعارف مصطلح يدل على المسار الذي يقوم المتعلم بواسطته بــ:
-ضم معرفة جديدة إلى معارفه السابقة.
-إعادة هيكلة وتنظيم عالمه الداخلي، وتطبيق المعارف المكتسبة في أوضاع جديدة ملموسة.
حيث أن إدماج المعارف يهدف إلى منع تقوقع المكتسبات المختلفة في « مواقع متفرقة » وعدم هيكلتها لكي تشكل كلا واحدا.
وتدل القدرة على تجنيد المعارف في الوقت المناسب لمواجهة وضع مشكل ما ،على وقوع إدماج هذه المعارف ،والعجز على تجنيدها يدل على أن الإدماج لم يتم، لنفرض أن المتعلمين درسوا الفاعل ،فإذا أدمجوا المعارف المتعلقة بهذا الدرس فإنهم سيرفعون الفاعل وهم يقرؤون نصوصا غير مشكولة، أو وهم يتحدثون في حصة التعبير الشفوي، وسيتقنون كتابته وضبطه بالشكل وهم يكتبون، أما إذا لم يدمجوا المعارف المتعلقة به فلا .
ولتسهيل الإدماج ينبغي:
- تنبيه المتعلمين باستمرار وفي الوقت المناسب إلى المعارف التي ينبغي أن تدمج.
- إعداد أوضاع بيداغوجية تساعد على إدماج المعارف المتلقاة . »( بن تريدي بدر الدين 2010: 62-63 )
3.5.2. أن تكون دالة مع التركيز على المتعلم
«يحيل التأمل والتفكر في الدلالة بصفة خاصة على الطريقة التي تزوِّد بها المدرسة التلميذ، بهدف تمكينه من مواجهة وضعية جديدة في نظره أي وضعية لم تسبق له مواجهتها، وتجدر الإشارة إلى أن الإنسان كي يستطيع العيش والعمل في ظل المجتمع، فقد كان عليه أن يواجه بشكل مستمر وضعيات جديدة غير أن ما يتطورعلى وجه السرعة هو طبيعة الوضعيات» (غريب عبد الكريم 2011: 25)،
لذا فإنه من أهم شروط الوضعية الإدماجية أن تكون وضعية دالة: بحيث
«تجند التلميذ وتحفزه وترغبه في التعلم مع مراعاة ما يلي:
- تعطي معنى للتعليمات./تقحم المتعلم وتثمن دوره/تحمل أبعادا اجتماعية وأخرى قيمية./تمكن المتعلم من تعبئة مكتسباته
- وتوظيفها./تسمح للمتعلم باختيار التمشيات والتقنيات التي يريدها./تكون أقرب ما يمكن من الوضعيات الحقيقية./تحتوي على معطيات ضرورية للحل وأخرى غير ضرورية- حتى تعطي للمتعلم هامش من الحرية في الإبداع والتكيف مع الوضعية-./تقيس قدرة المتعلم على الإدماج./تكون مألوفة لدى المتعلم./ذات طابع اندماجي »(شنان فريدة، مصطفى هجرسي: 125-126 )
4.5.2. مراعاة الفوارق الفردية بين المتعلمين
لا شك أن مظاهر الفروق الفردية بين المتعلمين عديد ومتنوعة، فيزيولوجية، وجدانية، ذهنية، معرفية، اجتماعية، و
«قد أثبت علم النفس الفارقي أن كل الأفراد لا يرتقون إلى نفس المراحل تبعا للمرحلة العمرية التي ينتمون إليها، كما أثبتت الدراسات أن المتعلمين يستخدمون أنماطا مختلفة خلال سيرورة التعلم، فهناك من يميل إلى التعلم عن طريق السمع، في حين يميل البعض الآخر إلى التعلم عن طريق المشاهدة البصرية ،أو الممارسة الحسية» (حاجي فريد 2013: 68- )69
و«قد دفع هذا الأمر الأخصائيين إلى التفكير في استراتيجية تربوية تأخذ بعين الاعتبار هذه الاختلافات، وهذا ما أدى إلى ظهور بيداغوجيا الفارقة ،التي تهدف أساسا إلى تحقيق مبدأ تكافؤ فرص التعلم لجميع المتعلمين(».لاصب لخضر 2017: 96)
وينبغي على المدرس أن يدرك أن بيداغوجيا الفوارق :ليست نظرية جديدة في التربية، أو طريقة خاصة في التدريس، بل هي روح عمل تتمثل في الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المتعلمين من ناحية، والكفاءات المستهدفة في المنهاج الدراسي من ناحية أخرى »( حاجي فريد2013 : 69 )،« بمعنى أن هذه المقاربة تؤمن بوجود فروق فردية بين المتعلمين، وتكييف عملية التعليم والتعلّم حسب خصوصياتهم بغيةَ جعل كل متعلم داخل القسم يحقق الأهداف المحددة له، وتكلل جهوده بالنجاح » (لاصب لخضر 2017: 96-97)
وعلى هذا « فإن الرهان الأكبر على مستوى الوضعية الهدف يتمثل في الدفع بكل من المتعلمين إلى أن يكون فاعلا بشكل تام في وضعية التعلم منذ انطلاقها » غريب عبد الكريم 2011: 159 (، حتى لا يؤثر على باقي المتعلمين في القسم وحتى يتفاعل مع الوضعيات الإدماجية بما يؤهله لدمج مكتسباته في الوقت المناسب وفق المطلوب.
5.5.2. حسن الصياغة والبعد عن الـتأويل
تصاغ الوضعيات الإدماجية« من جهة لتمكن التلميذ من تعلم إدماج المكتسبات والتحقق من قدرته على ذلك، وعلى تدبير المركب في القسم أولا ثم في الحياة اليومية ثانيا، ومن جهة أخرى، تسمح للمدرس بتقويم قدرة المتعلم على الإدماج ومستوى تحكمه في المضامين والمهارات والقدرات للتي أرستاها مقاطع التعلمات المجزأة» . 4
ويجب « تلافي الدفع بالتلميذ إلى مباشرة الإنتاج من فراغ، من قبيل أن نقدم له مثلا موضوعا أو قولا فحسب، بحيث يتعين عليه القيام بالإنتاج انطلاقا من إرسالية شفهية أو كتابية، ينبغي له البرهنة على استيعابها ومباشرة معالجتها ،وعندئذ يتم التحقق من مسألتين هما:هل تمكن التلميذ من استيعاب الإرسالية بشكل أدق ؟ وهل بإمكانه إنتاج إرسالية ملائمة وبلغة سليمة؟»( غريب عبد الكريم 2011: 200 )
ومن بين الشروط التي يجب مراعاتها في الصياغة :
-
« إعطاء الامتياز للتعليمة بدلا من إعطائها لسؤال أو مجموعة من الأسئلة، إذ يتم تقديمها بصفتها أهم
-
من السؤال، وهي كفيلة بتوجيه التلميذ في أغلب الأحيان نحو نتاج معين ». (غريب عبد الكريم 2011: 200)
-
يجب أن تكون هذه التعليمة واضحة بعيدة عن التاويلات.
-
تفادي الحشو والإطناب : يتعين استعمال جمل واضحة وموجزة وذات ملفوظ مباشر.
3. الدراسة الميدانية
بحكم طبيعة البحث فإننا استخدمنا المنهج الوصفي وهو منهج من مناهج البحث العلمي يهدف إلى جمع البيانات والمعلومات اللازمة عن الظاهرة وتعميمها مستقبلا.
1.3. مجتمع الدراسة واختيار العينة
اختيار مجتمع الدراسة خطوة مهمة في أي بحث علمي، وقد اخترنا في دراستنا هذه عينة من بعض المتعلمين المنتمين لأقسام الشعب الأدبية من السنة الثانية للتعليم الثانوي، من ثلاث ثانويات ومن ولايتين مختلفتين كالتالي:
-
قسمين من متقنة الطيب العقبي من مدينة بوقرة ولاية البليدة (قسمين آداب وفلسفة )
-
قسمين من ثانوية أبو الفتح عثمان بن جني مدينة بوقرة ولاية البليدة (قسم آداب وفلسفة +قسم لغات)
-
قسمين من ثانوية تسالة المرجة 2 ولاية الجزائر غرب (قسم آداب وفلسفة +قسم لغات)
وقد تم توزيع واسترجاع 125 استمارة ألغيت أربعة منها لعدم مطابقتها للشروط ،فأصبح عدد الاستمارات المأخوذة بعين الاعتبار 121 استمارة، منها 24 مخصصة لشعبة اللغات، والبقية 97 لشعبة آداب وفلسفة.
2.3. الأدوات والأساليب الإحصائية المستخدمة
استعملنا في هذه الدراسة الاستبيان باعتباره الوسيلة الأنسب لطبيعة البحث وهو:« أداة تُتَّخذ لجمع المعطيات، تتألف من عدد من الأسئلة، يقوم شخص أو عدة أشخاص بالإجابة عنها كتابيا أو بوضع علامة خاصة في الخانة المناسبة أو بكليهما معا » (بن تريدي بدر الدين 2010: 41) ، وقد ركزنا في هذا الاستبيان على محورين أساسيين الأول مرتبط بمدى إلمام وتمكن المتعلمين من الأسس التي تبنى عليها الوضعية الإدماجية، واشتمل هذا المحور على أربع أسئلة، وأما المحور الثاني فهو مرتبط بمعرفة مدى إفادة المتعلمين من نشاط الوضعية الإدماجية وتفعيلهم لمكتسباتهم القبلية وقد اشتمل على سؤالين.
لقد تمت الاستعانة بالأساليب الإحصائية وهي كالتالي:
* التكرارات لحساب متغيرات أفراد العينة.
* النسب المئوية لحساب الفروق بين المتغيرات.
3.3. عرض نتائج الفرضية
1.3.3. عرض نتائج الفرضية الأولى ومناقشتها وتفسيرها
1.1.3.3. عرض نتائج الفرضية الأولى
نصت الفرضية الأولى على أن: جل المتعلمين الذين شملتهم الدراسة لديهم إلمام وهم متمكنون من الأسس التي تبنى عليها الوضعية الإدماجية.
ونلمس نتائج هذه الفرضية من خلال تفريغ البيانات وفق جداول خاصة بكل متغير وهي مرفقة بالتحليلات الكمية والكيفية كما يلي:
الجدول 1 : يبين مدى وجود صعوبة في تحرير الوضعية الادماجية التي يطلب من المتعلمين إنجازها.
الاحتمالات |
التكرارات |
النسب المئوية |
نعم |
14 |
11.66% |
لا |
24 |
20.00% |
أحيانا |
82 |
68.33% |
المجموع |
120 |
100% |
يبين الجدول أعلاه أن نسبة 11.66 % من العينة يجدون صعوبة عند تحريرهم للوضعية الادماجية التي يطلب منهم انجازها، وأن نسبة 20% لا تجد هذه الصعوبة، بينما نجد أن ما نسبته68.33 % يجدون أحيانا صعوبة في تحريرهم للوضعية الإدماجية المطلوبة منهم.وهذا ما ينسجم مع الأساس الأول من ضرورة احتواء الوضعية على شيء من الصعوبة والجدية إذ أن ما نسبته 80 %من المتعلمين يجد صعوبة دائما أو أحيانا عند انجازه للوضعية، وهذا الصعوبة ليست دائمة عند الأغلبية إذ أن 68.33 % من العينة تجد أحيانا هذه الصعوبة، وهي معقولة على اعتبار أن هذه الصعوبة ليست دائمة،وأن نسبة 11.66 % من العينة تجابه دائما صعوبة عند إنجازها للوضعية، وهو ما يدعو إلى التأكيد على ضرورة مراعاة الفوراق الفردية بين المتعلمين،
« وهذا يفرض على المعلم أن يعرف كيف ينظم الوقت المخصص لكل درس، وكيف يسيره بشكل عقلاني حيث يأخذ بعين الاعتبار الوتيرة التعليمية لكل متعلم ويولي أهمية خاصة للمتعلمين الذين يعانون من صعوبات التعلم ويركز عليهم خلال الدرس حيث يمنح لهم فرصا إضافية للفهم، لكن ليس على حساب الآخرين وإذا رأى أن كل هذه الإجراءات غير مجدية يخصص لهم حصصا للدعم ،والمعالجة البيداغوجيا »( .لاصب لخضر 2017: 98 )
أما نسبة 20 % الباقية فهي تمثل المتعلمين الذين لديهم القدرة على الاستيعاب والعمل بشكل مباشر على الوضعية ودون حاجة إلى مساعدة، وعلى المعلم دائما تحفيزهم وتشجيعهم من أجل تنمية وتطوير مهاراتهم.
الجدول 2: يبين مدى استطاعة المتعلم لإدماج الموارد( قواعد ،بلاغة ،معارف...)التي يطلب منه توظيفها في الوضعية الإدماجية.
الاحتمالات |
التكرارات |
النسب المئوية |
دائما |
17 |
14.40% |
غالبا |
40 |
33.89% |
أحيانا |
57 |
48.30% |
لا أستطيع |
4 |
03.38% |
المجموع |
118 |
100% |
يبين هذا الجدول أن نسبة 14.40 % من عينة المتعلمين دائما يستطيعون إدماج الموارد التي يطلب منهم توظيفها في الوضعية ،وأن نسبة 33.89 % غالبا ما يستطيعون إدماج هذه الموارد في الوضعية ،وما نسبته 48.30 %أحيانا يستطيعون إدماج هذه الموارد، أما نسبة 03.38 % الباقية فهم لا يستطيعون إدماج هذه الموارد عند إنجازهم للوضعية. إن نسبة المتعلمين الذين لايحسنون إدماج الموارد(قواعد ،بلاغة ،معارف...)التي يطلب منهم توظيفها في الوضعية الإدماجية مرتفعة نسبيا، إذ أن نسبة 51.68 % من العينة لا تفلح أحيانا أو دائما في عملية الإدماج ،وهذا يطرح إشكال مرتبط بمدى استيعاب المتعلمين لهذه الموارد ،وكذا مدى قدرتهم على توظيفهم لها في حال استيعابها، هنا تجدر الإشارة والتنبيه إلى أن « المتعلم هو الفاعل في إدماج المكتسبات، وليس المعلم ولا أي تلميذ عوض آخر،يعني ذلك أن إدماج المكتسبات عملية شخصية في أساسها كما لا يمكن إدماج إلا ما هو مكتسب بصورة جيدة ومعنى ذلك أن على المعلم أن يمكِّن المتعلم من كل الأدوات التي تسمح له باستثمار مكتسباته » ( وعلي محمد الطاهرد.ت: 4 )
الجدول 3: يبين هل يطلب المتعلمون توضيحات من المعلم قبل العمل على الوضعية.(للدلالة على حسن صياغة الوضعية وبعدها عن التأويل (.
الاحتمالات |
التكرارات |
النسب المئوية |
نعم |
82 |
68.90% |
لا |
37 |
31.09% |
المجموع |
119 |
100% |
يبين هذا الجدول أن نسبة 68.90 % من عينة المتعلمين يطلبون دائما توضيحا من المعلم قبل العمل على الوضعية،وأن نسبة 31.09 % الباقية لا يطلبون توضيحا، إن نسبة المتعلمين الذين يطلبون توضيحا قبل البدء في العمل على الوضعية قاربت 70 % وهي نسبة مرتفعة ،لذا كان لزاما البحث عن تعليل لهذا من خلال سؤالهم عن السبب وراء طلبهم للتوضيح قبل البدء في العمل على الوضعية، فكانت جل إجاباتهم مرتبطة بتبسيط الفهم، وتشكيل فكرة صحيحة عن الوضعية، والخشية من الوقوع في الخطأ،وعدم الخروج عن مضمون الوضعية، وهنا نتساءل عن السبيل الأمثل لتجنب وقوع المتعلمين في هذا الغموض واللجوء إلى طلب الإعانة والتوضيح من المعلم أو الزملاء،إذ لا بد من العناية بحسن الصياغة للوضعية، حتى تكون واضحة وبعيدة عن التأويلات،كما « يتعلق الأمر في هذا الصدد بمراعاة الاتساق على مستوى عرض الوضعية وذلك بهدف تفادي إدراج عناصر إيهامية تظل من دون جدوى، أو شغل انتباه التلميذ عما هو أهم » ( غريب عبد الكريم 2011: ص205 )
الجدول 4:يبين إذا كانت الوضعية الإدماجية ذات دلالة بالنسبة للمتعلم لأنها تدعوه إلى تفعيل مكتسباته وهي ذات علاقة بالواقع الذي يعيشه.
الاحتمالات |
التكرارات |
النسب المئوية% |
نعم |
73 |
60.33% |
لا |
11 |
09.09% |
أحيانا |
37 |
30.57% |
المجموع |
121 |
100% |
يبين الجدول أعلاه أن نسبة60.33 % من عينة المتعلمين يرون أن الوضعية الإدماجية المقترحة عليهم هي ذات دلالة بالنسبة لهم لأنها تدعوهم إلى تفعيل مكتسباهتهم وهي ذات علاقة مع الواقع الذي يعيشونه،وأن نسبة 09.09 % من العينة يخالفونهم الرأي، أما نسبة 30.57 % فهم يرون أن هذه الوضعيات أحيانا تكون ذات دلالة بالنسبة لهم.
إن دلالة الوضعية للمتعلم وارتباطها بالواقع الذي يعيشه أمر مهم، إذ أنه يسهل عليه استيعاب الوضعية والعمل على إدماج مكتسباته بشكل أفضل، والملاحظ أن ما يفوق نسبة 60 % من عينة المتعلمين يرون أن هذه الوضعيات تكون دائما ذات دلالة بالنسبة لهم وهذا أمر مطمئن، وأن نسبة 30.57 % من العينة ترى أحيانا أنها ذات دلالة بالنسبة لها، وهذا قد يرجع إلى عدم الاستيعاب الأمثل للموضوع الذي تدور حوله الوضعية لأن زملاءهم 60 % يعيشون معهم عموما نفس الظروف إذ ينبغي في الأصل ان تحمل لهم الوضعيات نفس الدلالات، كما قد يرجع أحيانا إلى عدم الاختيار الأمثل من المعلم للوضعية التي تحمل دلالة بالنسبة للمتعلمين، وفي هذه الحالة على المعلم أن يجعل المتعلمين يربطون بين الموضوع الذي تدور حوله هذه الوضعية والواقع الذي يعيشونه، وأن يبسطها حتى يجعلها ذات دلالة بالنسبة لهم، أما نسبة 09.09% التي تشكل باقي العينة والتي ترى أن الوضعية لا تحمل أي دلالة بالنسبة لهم، فهي نسبة ضئيلة ولكن على المعلم أخذها بعين الحسبان وأن يكثف العمل معها حتى تنسجم مع باقي المجموعة.
2.1.3.3. مناقشة وتفسير نتائج الفرضية الأولى
يتضح من خلال عرض وتحليل النتائج التي تم التحصل عليها أن :
الفرضية الأولى التي ترى أن جُلَّ المتعلمين لديهم إلمام وهم متمكنون من الأسس التي تبنى عليها الوضعية الإدماجية، لا يمكن تعميمها على جميع الأسس التي تبنى عليها الوضعية الإدماجية، فإذا تحققت الفرضية مع الأساس الأول (المرتبط بالصعوبة والجدية التي يجب أن تحتوي عليهما الوضعية الإدماجية) والأساس الثالث( المرتبط بمدى دلالة الوضعية الإدماجية بالنسبة للمتعلم)،إذ أن جل المتعلمين يجدون فعلا شيئا من الصعوبة في إعدادهم للوضعية الإدماجية، كما أنها ذات دلالة بالنسبة لمعظمهم، لأنها تدعوهم إلى تفعيل مكتسباتهم، وهي ذات علاقة بالواقع الذي يعيشونه؛إلا أن هذه الفرضية لم تتحقق بالشكل المرجو مع الأساس الثاني (المرتبط بضم المعارف وإدماجها) ،وكذا لم تتحقق مع الأساس الأخير (المرتبط بحسن الصياغة والبعد عن التأويل في الوضعية الإدماجية)، حيث أن أغلب المتعلمين كانوا بحاجة للشرح والتوضيح من المعلم قبل الشروع في تحرير الوضعية الإدماجية ،وأن أغلبهم لا يستطيعون دائما أو أحيانا إدماج ما يطلب منهم توظيفه من موارد ومكتسبات قبلية في الوضعية. وهنا يُطرح إشكال « إعداد الوضعيات من أجل إدماج المكتسبات وهو يرتبط بإشكال آخر، يهم المعيقات التي يؤمل أن يتخطاها المتعلمون، وكذا طبيعة المهام المعروضة عليهم، بهدف النجاح فيها بمفاهيم السياق والتعليمة ودرجة التركيب والدلالة ودرجات الوضعيات، وعلى هذا الأساس فإن إعداد الوضعيات ينبغي أن يغذي الطموح إلى معانقة كافة العوامل التي من شأنها أن تدفع بالمتعلم إلى إعادة توظيف مكتسباته في وضعيات أخرى داخل المدرسة وخارجها على حد سواء» ( .غريب عبد الكريم 2011: 158)
2.3.3. عرض نتائج الفرضية الثانية ومناقشتها وتفسيرها
1.2.3.3. عرض نتائج الفرضية الثانية
نصت الفرضية الثانية على أن: جل المتعلمين الذين شملتهم الدراسة يستطيعون الإفادة من نشاط الوضعية الإدماجية ويفعلون مكتسباتهم القبلية.
ونلمس نتائج هذه الفرضية من خلال تفريغ المتغيرات وفق جدولين وهما مرفقان بالتحليلات الكمية والكيفية كما يلي:
الجدول 5:يبين مدى استفادة المتعلم من نشاط الوضعيات الإدماجية في تطوير مهاراته اللغوية وتحسين مستواه الدراسي.
الاحتمالات |
التكرارات |
النسب المئوية |
نعم |
89 |
73.55% |
لا |
12 |
09.91% |
أحيانا |
20 |
16.52% |
المجموع |
121 |
100% |
يبين هذا الجدول أن نسبة 73.55 % من عينة المتعلمين ترى أنها تستفيد من نشاط الوضعيات الإدماجية في تطوير مهاراتها اللغوية وتحسين مستواها الدراسي، وأن نسبة 09.91 % ترى أنها لا تستفيد منه مطلقا أما باقي العينة 16.52 % فهي ترى أنها أحيانا تستفيد من نشاط الوضعيات الإدماجية في تطوير مهاراتها اللغوية وتحسين مستواها الدراسي .
إن ثمرة أي نشاط ترتبط بمدى الإفادة منه وهو الأمر الذي تحقق بنسبة كبيرة مع نشاط الوضعية الإدماجية ،حيث أن 73.55 % من عينة المتعلمين رأت أنها تستفيد من هذا النشاط في تطوير مهاراتها اللغوية وتحسين مستواها الدراسي، وأما باقي العينة فنسبة 16.52 %ترى أنها تستفيد من هذا النشاط أحيانا أي أنها تعاني من تذبذب في الإفادة من هذا النشاط ،ونسبة 09.91 %ترى أنها لا تستفيد مطلقا من هذا النشاط وهذه الفئة الأخيرة هي دوما بحاجة إلى عناية خاصة قد تسمح لها من الاندماج مع باقي المجموعة.
الجدول 6 : يبين مدى استطاعة المتعلم توظيف ما تعلمه وتحصل عليه من كفاءات من خلال نشاط الوضعيات الإدماجية في حيلته اليومية ومعاملته مع الآخرين.
الاحتمالات |
التكرارات |
النسب المئوية |
أستطيع |
55 |
45.45% |
لا أستطيع |
12 |
09.91% |
أحيانا أستطيع |
54 |
44.62 % |
المجموع |
121 |
100% |
يبين هذا الجدول أن نسبة 45.45% من عينة المتعلمين تستطيع توظيف ما تعلمته وتحصلت عليه من كفاءات من خلال نشاط الوضعيات الإدماجية في حياتها اليومية ومعاملتها مع الآخرين، وأن نسبة 44.62 % تستطيع أحيانا توظيف ما تعلمته وتحصلت عليه من كفاءات من خلال نشاط الوضعيات الإدماجية في حياتها اليومية ومعاملتها مع الآخرين،وأما النسبة الباقية 09.91% فهي لا تستطيع ذلك.
إن فائدة العملية التعليمية والوضعية الإدماجية تحديدا « لا تتمثل في اكتساب معارف يتم استرجاعها على حالها في الغد، وإنما تتمثل في تمكين المتعلم من إعادة استعمال مكتسباته المدرسية في وضعيات مدرسية أو خارج مدرسية، ومن منظور الاستحالة، فإن عمليتي الإدماج والنقل تتسمان باللاتناهي، ذلك أن المتعلم سيتواجد مستقبلا في مواجهة وضعية جديدة، تقتضي إدماج المكتسبات نفسها بطريقة مختلفة » (غريب عبد الكريم 2011: 158)، والملاحظ أن نسبة 45.45% من عينة المتعلمين تستطيع توظيف ما تعلمته وتحصلت عليه من كفاءات من خلال نشاط الوضعيات الإدماجية في حياتها اليومية ومعاملتها مع الآخرين،وهي نسبة مشجعة إذا أضفنا إليها نسبة 44.62 %والتي تستطيع أحيانا تفعيل مكتسباتها في حياتها اليومية،إذ يرتجى منها التفعيل التام للكفاءات المكتسبة من نشاط الوضعيةالإدماجية مثل الفئة السابقة لها،ولكن هذا الأمر قد يحتاج إلى مزيد من الوقت والدربة، أما الفئة الباقية 09.91 %والتي لا تستطيع ذلك فهي فئة نسبتها ضئيلة لكن يجب مراعاة حالتها ومعرفة أسباب عجزها.
2.2.3.3. مناقشة وتفسير نتائج الفرضية الثانية
يتضح من خلال عرض وتحليل النتائج التي تم التحصل عليها أن الفرضية الثانية والتي تنص على أن جل المتعلمين يستطيعون الإفادة من نشاط الوضعية الإدماجية ويُفعلون مكتسباتهم القبلية، قد تأكد صحتها إذ أن جل المتعلمين الذين شملتهم عينة الدراسة تستطيع توظيف ما تعلمته وتحصلت عليه من كفاءات من خلال نشاط الوضعيات الإدماجية في حياتها اليومية ومعاملتها مع الآخرين كما تبين أنها تستفيد من نشاط الوضعيات الإدماجية في تطوير مهاراتها اللغوية وتحسين مستواها الدراسي ،وينبغي التنبيه هنا إلى أن « الكفاءة الحقيقية القابلة للاستعمال في الحياة الشخصية والمهنية، لن تكون وصفات تطبق آليا بل إنها تستلزم القدرة على تفسير الوضعيات دائمة التجدد وتقتضي فهما عميقا للواقع »(برناد راي، فانسان كاريت، صابين كهن 2015: 180 )
« إذ أن الوضعيات تتواجد قبل كل شيء في الحياة اليومية، ومن مصلحة أخصائيي البيداغوجيا أن يتساءلوا حول طبيعة هذه الوضعيات الحياتية التي في ظلها يمارس التلميذ كفايته ،إلا أنه من غير الواقعي أن ننتظر من الحياة تقديم وضعيات من المستوى الجيد وبعدد كاف في لحظة الحاجة إليها، وللاستجابة لمتطلبات التعلمات، يتعين كذلك القيام ببناء وضعيات أهداف، وتتجسد الطريقة المثلى في أن يقوم كل مدرس ببنائها وفق مستوى تلامذة فصله الدراسي، إلا أن هذا الأمر على درجة من الصعوبة، ولذلك ينبغي مساعدته على المستوى المركزي، حيث يمكن لصائغي البرامج والكتب المدرسية بناء العديد من الوضعيات المتكافئة بالنسبة لكل كفاية .»(غريب عبد الكريم 2011: 13 )
خاتمة
إن إعداد الوضعيات الإدماجية ينبغي أن يغذي الطموح إلى معانقة كافة العوامل التي من شأنها أن تدفع بالمتعلم إلى إعادة توظيف مكتسباته في وضعيات أخرى داخل المدرسة وخارجها على حد سواء، ولذا يجب مراعاة كافة الأسس التي تبنى وفقها هذه الوضعيات، وقد كشفنا من خلال هذه الدراسة أن هناك تباينا في مدى تحقق وإلمام المتعلمين بالأسس التي يجب أن تراعى في إعداد الوضعيات الإدماجية من حيث البناء والغايات، إلا أن الشيء المُطَمئِن في هذه الدراسة،أن جل المتعلمين يستطيعون الإفادة من نشاط الوضعيات الإدماجية في تطوير مهاراتهم اللغوية وتحصيلهم الدراسي، أو في حياتهم اليومية ومعاملتهم مع الآخرين، ويبقى البحث عن سبب التباين بين مستويات المتعلمين والارتقاء بهم إلى المستوى المرجو من العملية التعليمية مسؤولية الجميع.