مقدمة
ارتبط مفهوم اللغة عند كثير من الدارسين بالوظيفة التي وضعت من اجلها وهي التبليغ والتواصل ذلك انه لا معنى للغة إذ لم يستطيع أصحابها أن يتواصلوا من خلالها ويعبروا بها عن أغراضهم وتتجلى هذه الوظيفة اللسانية في مجموعة من المستويات اللغوية لأن كل عنصر في النظام اللغوي يؤدي وظيفة معينة في سياق محدد، ويعمل على إثبات وجوده داخل هذا النظام. وهذا ما استرعى انتباه مجموعة من اللسانيين في إبراز الوظائف المختلفة للعناصر اللسانية.
فنشأت بذلك مدرسة لسانية خاصة تعني بالبحث في الوظيفة اللسانية وتكونت هذه المدرسة من مجموعة من الباحثين، نظر كل واحد منهم إلى الوظيفة في اللغة نظرة خاصة، وبحث عنها في مستوى خاص من النظام اللغوي فكان من حاول استخراجها من المستوى الصوتي وهناك من بحث عنها في المستوى التركيبي، وآخر تجلت له في المستوى الدلالي.
فالإشكالية التي تطرح نفسها : ما هي مواضع الاتصال والانفصال في تحليل البنية اللغوية بين الوظيفيين والتوزيعين ؟
وبهذا برز إلى الوجود لسانيون جدد في هذا الميدان يتزعمهم اللساني أندري مارتني الذي أضاف أفكار إلى أفكار سابقيه والذي أسس نموذجا وظيفيا جديدا هو في أصله امتداد لمدرسة براغ، وقد وسع هذا الأخير هذا مفهوم إلى مجال التركيب حيث أن العناصر المتحفظ بها في الخطاب هي تلك التي كان بالإمكان أن لا تظهر في السياق الذي وجدناها فيه فهي إذا تلك التي استعملها المتكلم هناك عمدا، والتي استجاب لها السامع لأنه عرف فيها قصدا تبليغا لدى مخاطبه فاختيارات المتكلم تتم وفق وظائف إبلاغية يؤديها الخطاب واستجلاء هذه الاختيارات من طرف اللساني يكون عن طريق التقطيــــع المزدوج للـــغة double articulation du langage ) la ( حيث يتم التقطيع الأول إلى وحدات أساسية دالة ( unité de base ) أو كلمات، والتقطيع الثاني إلى الأصوات المكونة لهذه الوحدات وذلك من أجل التعرف على القيمة الإبلاغية لكل تباين أو تقابل أو تركيب للوحدات اللسانية سواء كانت أدلة أم صوتيات.
لقد تولد مع هذه النزعة الوظيفية زخم من المصطلحات الخاصة بالإجراءات التي ترسخت مع النحو الوظيفي (grammaire fonctionnelle) كمفاهيم الوظيفة والنواة ( noyau ) والتركيب المكتفي( le syntagme autonome ) والإسناد ( prédication ) والأولوية ( fonction primaire ) والقرينة ( indice ) والتنغيم ( intonation ) وهي مصطلحات سيأتي تفصيلها في المبحث المخصص للتركيب عند الوظيفيين.
إن التركيز على الدور التبليغي للعناصر اللغوية يمنح الإجراءات الوظيفية قدرا كبيرا من النجاعة في الكشف عن العلاقة القائمة بين خصائص اللغة واهم دور تسنده إليها اللسانيات الحديثة، وهو الجانب التواصلي، وهو أمر لا يتأتى الا بوصف لساني يتحرى وأدق جزئيات وتفاصيل النظام اللغوي.
1. التراكيب اللغوية بين الوظيفيين والتوزيعين
1.1. الوظيفية التركيبية
يعتقد أ.مارتيني أن «الوظيفة الأساسية للسان البشري هي ما يسمح لكل إنسان أن يبّلغ تجربته الشخصية لغيره من الناس، وسميت هذه الوظيفة بوظيفة التبليغ والتواصل بين أفراد المجتمع، ويرى مارتيني أنها موجودة إلى جانب وظائف أخرى تؤديها اللغة لكنها ثانوية (مثل وظيفة التعبير عن الأفكار، ووظيفة التعبير عن المشاعر ودونما حاجة إلى التواصل، والوظيفة الجمالية في النصوص الأدبية وغيرها)».( الطيب دبة، 2019،ص184).
فمارتيني يرى أن «دراسة وظيفة العناصر اللغوية أمر ضروري لكونه الأداة المؤمنة للتواصل بين البشر، ومن هنا لا تكفي معرفة أن اللغة تتشكل عناصرها في صورة بنى متراصة بل لابد من معرفة وظائف هذه البنى».(بن قطاية بلقاسم، 2000، ص13).
و يقوم التحليل الوظيفي على المبادئ التالية :
-
الصلات القائمة بين الوحدات : تبرز أهمية هذا المبدأ في أن المونيم تتحدد قيمته الدلالية والوظيفية من خلال صلته بالمونيمات الأخرى المجاورة له في السياق.
-
موضع الوحدات : يؤدي موضع الوحدات إلى جانب صلة بعضها ببعض دورًا تمييزيًا واضحًا في تحديد وجهة العبارة والتمييز بين وظائف وحداتها مثل : Pierre bat Paul (أي بيار ضرب بول) والتي ستصبح شيئا آخر لو قلبنا موضعي Pierre وPaul.
-
المحتوى الدلالي للوحدات : يرى أن مراعاة معنى الوحدات من أجل تحديد وظائفها أمر ضروري في التحليل، كما نبّه إلى الاهتمام بمجال الدلالة بحذر، ومن الكلمات التي يرى مارتيني أن معناه غير كاف لتحديد وظيفتها بوضوح ظروف الزمان مثل (أمس، واليوم، وغدٌا.. .).
فهناك لدى مارتيني عناصر ثلاث يمكن أن تحلّل في الجملة وهي:
-
العنصر المركزي وهو المحمول (فحوى الكلام)، أي المسند.
-
أداة التحصيل (غالبًا ما يقوم الفاعل بالتحصيل في اللغات الهندية الأروبية)، أي المسند إليه.
-
أنماط الالحاق، أي التكملة نحو : النعت والعطف والإضافة والظرف.
و قد قسم الوحدات (العناصر) اللغوية باعتبار وظائفها إلى أصناف هي :
-
المونيم المكتفي: « سماه مارتيني المكتفي لأنه يحظى ببعض الحرية في التمركز من خلال إضافة خاصة ( بن قطاية بلقاسم، 2000، ص13). تشير إلى علاقاته مع السياق أو يتأخر دون أن تتغير وظيفته مثل ظروف الزمان (أمس، وغدا...).
-
المونيم الوظيفي: نسمي المونيمات التي تستعمل للدلالة على وظيفة مونيم آخر بمونيمات وظيفية، مثل: أعطى الكتاب إلى جان، يستعمل حرف الجر للدلالة على معنى في المونيم جان.
-
المونيم التابع: يسمى تابعًا لأنه لا يحقق وظيفته إلا بتبعيته لغيره من الوحدات، فهو يرتبط بعبارة ما إما بفضل مونيم وظيفي وإما يفضل موضعه النسبي إلى جانب تقنية الوحدات في هذه العبارة.
-
التركيب المستقل: هو توافق مونيمين أو أكثر لا ترتهن وظيفته بموضعه في الإيضاح، بل بدلالته الكلية وصلته بالسياق، ففي قولنا: en voiture (في السيارة) تركيبا مكيفا.
-
التركيب الإسنادي: هو النواة التي تقوم عليها العبارة وترتبط بها سائر الوحدات بصفة مباشرة، ويتكون التركيب الإسنادي من مسند prédicat ومسند إليه Sujet.
-
الإلحاق: «هو كل وحدة تضاف إلى المركب الإسنادي (النواة المركزية للعبارة) أو إلى ما يتصل به ولا تتغير بإضافتها (بن قطاية بلقاسم، 2000، ص13). العلاقات المتبادلة بين وحداته ولا وظائفها والإلحاق يشبه (الفضلة) في النحو العربي، وقد ميّز "مارتيني" بين ضربين من الإلحاق:
-
الإلحاق بالعطف coordination (مثل "هداية" في قولنا: العلم نور وهداية).
-
الإلحاق بالتعليق:Subordination ويشمل وظائف نحوية مختلفة كالنعت، والمضاف إليه والمفعول به، (مثال ذلك الملحقان "نافعا" و"كتابا" في قولنا: "اشتر كتابًا نافعًا).
-
المونيم المركب: «هو ذلك الذي يُرْجع إلى استحالة تحديد مكوناته بشكل إفرادي، ومن أمثلة ذلك : Télephone.( بن قطاية بلقاسم، 2000، ص13)
ونمثل لذلك التحليل المبني على مفهوم الوظيفة.
1.1.1. عند أ.مارتيني Andret Martinet
ففي قولنا : "يفرح الأطفال ليوم العيد»، تحلل الجملة تحليلاً ابتدائيًا إلى تركيب إسنادي هو: عبارة "يفرج الأطفال" وإلى إلحاق هو : عبارة "بيوم العيد".
« أما التركيب الإسنادي فيحلل إلى ثلاثة مونيمات توابع هي : "يفرح" و"ال التعريف" و"أطفال". أما الإلحاق فينظر إليه بوصفه تركيبًا مكتفيا (الطيب دبة، 2019، ص 188 )هو: "بيوم العيد" وهذا التركيب المكتفي يحلل إلى أربعة مونيمات هي :مونيم وظيفي هو : "حرف الباء" وثلاثة مونيمات توابع هي : "يوم" و"ال التعريف" و"عيد" وهنا يتوقف التحليل حيث لم يعد هنالك من الوحدات ما يمكن تحليله إلى ما هو أصغر منه مما يحمل معنى في الجملة، وقد خلُص مارتيني، أثناء دراسته للتركيب الإسنادي ولإطاره النموذجي في التحليل، إلى أن اللغات تستعمل –في غالب الحالات- تركيبا يجمع بين وحدتين على الأقل ويتكون هذا التركيب عادة من :
-
كلمة تحمل خصيصا فحوى الخطاب وهي : المسند (يحدده مارتيني بأنه المونيم الأساسي في التركيب الإسنادي أو المونيم المركزي للعبارة).
-
و الأخرى مونيم سماه مارتيني المنجز لأن وظيفته هي أن يجعل المسند ناجزا بحيث يصلح أن يشكل جملة، نحو:
إن كلمة "العطلة" لا يمكنها أن تشكل خطابًا كاملاً (أو جملة) بمفردها فهي بحاجة إلى كلمة أخرى تجعل منها خطابا ويكون ذلك حينما نضيف إليها كلمة "غدا" بحيث نحصل على التركيب التالي)».( الطيب دبة، 2019،ص184).
2.1.1. عند "ل.تينيير"
أما التحليل عند تينيير فيقوم على أساس التشجير، وهو طريقة تحليلية تفريعية تبرز العلاقات بين الوحدات بشكل أوضح من التي يطرحها التحليل الخطي عند مارتيني
والوظفيين عموما، ففي قولنا : "زارنا رجل كريم بالأمس" نحصل على مايلي».( الطيب دبة، 2019،ص184). :
فكلمة "زار" هي المسند الذي يحتل في هذا التشجير التدريجي موضع قمة الجملة بوصفه وحدة مكمّلة لا مكمله، وما عداها فكله وحدات تابعة للمسند مكمله له وهي تنقسم إلى مجموعتين : مجموعة السواند وهي : الساند1 "رجل" (وهو المسند إليه) والساند 2 الضمير "نا" (وهو غرض الفعل زار)، ومجموعة الظروف وهي : كريم (صفة)، بـ (حرف جر)، ال التعريف، أسس (ظروف زمان).
2.1. أهم ما يتميز به مارتيني وتينيير)
يلتقي تنيير وأندري مارتيني على أن الجملة هي وحدة تحليلية ولكن أثناء التحليل نلمح المبادئ التي بنى عليها كل باحث آلية تحليله فمارتيني انطلق من عنصرين منفصلين يمثلان بؤرة النص، أما تنيير فالمخبر عنه بؤرة النص، إضافة اختلافات نرصدها في الجدول الآتي :
مارتيني |
تينيير |
مكونات الجملة : |
مكونات الجملة : |
المسند ليس له وظيفة |
المسند ليس له وظيفة |
المسند مهم في التركيب الإسنادي وإن كان تكميليا. |
المسند مجرد تابع من التوزيع (سائد) |
التعامل مع الوحدات بوصفها حقائق لغوية |
التعامل مع الوحدات بوصفها حقائق لغوية. |
تحديد صوري للوحدات في ضوء المنهج البنيوي |
تحديد صوري للوحدات في ضوء المنهج البنيوي |
تحديد وظائف الوحدات في ظل الاهتمام بعلاقاتها الصورية الداخلية. |
تحديد وظائف الوحدات في ظل الاهتمام بعلاقاتها الصورية الداخلية. |
2. التوزيع
1.2.تعريف التوزيع
«يطلق اصطلاح الوحدة أو المقولة على مجموع المحيطات أي العناصر التي تتموجد على يمين هذه الوحدة وشمالها التي يتحدد داخلها موقع هذه الوحدة) أو هذه المقولة(، ففي اللسان الفرنسي مثلا يمكن للنعت أن يأتي على يمين الاسم وعلى شماله وحتى على يمين الفعل ما يعني وجود ثلاثة توزيعات أساسية للنعت :
. Un petit Enfant (مج. اسم).
. Un Enfant Petit (مج. اسم).
.) Semble Petitف). » ( ماري نوال عاري، 2007، ص (50-51).
أي العناصر التي تتموجد المحيطات الوحدة أو المقولة على مجموع اصطلاح « يطلق على يمين هذه الوحدة وشمالها التي يتحدد داخلها موقع هذه الوحدة)أو هذه المقولة( ففي اللسان الفرنسي مثلا يمكن للنعت أن يأتي على يمين الاسم وعلى شماله وحتى على يمين الفعل ما يعني وجود ثلاثة توزيعات أساسية للنعت
. Un petit Enfant (مج. اسم).
. Un Enfant Petit (مج. اسم).
.) Semble Petitف). » ( ماري نوال عاري، 2007،ص ( 50-51).
«إن مصطلح التوزيع يقصد به أنه مجموعة العناصر المرتبة من اليمين إلى اليسار أو العكس حسب اللغة المدروسة، ويبنى على تحديد موقع الكلمة داخل الجملة دون الأخذ بعين الاعتبار معناها داخل ذلك التركيب، لكن يجب مراعاة نوعية هذا الأخير فعلي أو اسمي. » (مصطفى علفان، 2013، ص 391-393 ).
« يقوم المبدأ التوزيعي في المستوى الصواتي الصرافي على خطوتين أساسيتين هما التقطيع Segmention والتصنيف Classification حيث يشترط للوصول إلى هذه الأهداف:
-
أولا: محاولة تقطيع الصرفات وتوزيعها من خلال استخ ا رج أصغر الوحدات اللغوية ونقصد بالصرفات مختلف الكلمات والمفردات.
-
ثانيا: تحديد فئات Classes تختص بوحدات ذات نفس السمات الصورية إذ تعد هذه الأخيرة عناصر منتمية إلى نفس الفئة علما أن هذا التصنيف لا يتدخل فيه المعنى.
-
ثالثا: توزيع العلاقات بين الفئات التي تم تحديدها سابقا وهنا فإن معنى العناصر اللغوية يرتبط بتوزيعها الداخلي حسب موقع الكلمة وسياقها ودور المعنى هنا لا يتعدى تحديد مظاهر التكافؤ والاختلاف بين العناصر اللغوية فحسب. » (مصطفى علفان، 2013، ص 391-393 ).
« وإذا تحدثنا عن الجملة في المفهوم التوزيعي نلاحظ أنها تجاوزت تلك السلسلة الخطية البسيطة حيث أصبحت تندمج ضمن أشكال هرمية تكون الجملة قاعدتها الأساسية هذه الأخيرة تتفرع إلى مجموعة من الألفاظ تدعى المكونات المباشرة، ذلك أن لكل مكون مباشر جزء يتفرع منه وهكذا إلى أن يتم الوصول إلى أصغر وحدة غير دالة بحيث لا يمكن تجزئتها مرة أخرى. » (شقيقة العلوي، 2004، ص 30)
2.2. طروق التوزيع
.يعتمد التوزيعيون في تحليلهم اللساني على ثلاثة طرق هي:
1.2.2. عمل مبدأ المكونات القريبة لدى ليونارد بلومفيلد ( الأقواس)
ينطلق العمل بهذا المبدأ من تحليل طبقي للجمل بحيث يتم تحليلها عبر مستويين اثنين : الأول يتم فيه تتبع جميع المكونات النحوية ذات الطابع المركبي في الجملة وتسمى فيه المكونات القريبة، والثاني يتم فيه تحليل جميع المكونات التي لا تقبل التحليل إلى ما هو أدنى منها، وتسمى المكونات النهائية، سنوضح ذلك في المثال:
-
المكونات القريبة هي : 2، 3، 4، 5، 8، 11، 12، 14، 16.
-
المكونات النهائية هي : 1، 6، 7، 9، 10، 13، 15، 17، 18، 19، 20.
و يظهر مبدأ التوزيع من خلال الدراسة الشكلية اللغوية التي تبدأ بمكونات مباشرة لتنتهي بمكونات نهائية.
و في المثال الآتي1 نوضح ذلك.
ففي قولنا : صنع أجدادنا الحضارة. مكننا تحليل هذا المثال إلى ثلاثة مكونات :
صنع |
أجدادنا |
الحضارة |
||
1 |
2 |
3 |
و المكونات الثلاثة يمكن تحليل كل منها كالتالي :
(صنع) (أجداد) (نا) (ال) (حضارة)
صنع |
أجداد |
نا |
ال |
حضارة |
4 |
5 |
6 |
7 |
8 |
« وهكذا يمكننا أن نستنتج ما يلي :
-
المكونات : 1، 2، 3 هي مكونات مباشرة.
-
المكونات : 4، 5، 6، 7، 8 هي مكونات نهائية » ( الطيب دبة، 2019،ص 194).
2.2.2. طريقة التشجير
« ويمكن أن تستخرج بنية هذه المكوّنات عن طريق التمثيل التشجيري الذي نشير فيه إلى الجملة بالرمز : "ج" وإلى مكوناتها المباشرة بالرمزين : "م أ" (مركب إسنادي)، و"م" (الكمل أو الفضلة)، وإلى مكوناتهما النهائية بالرموز : م، م إ، إ(ض)، تع، وهي تدل بالترتيب على : فعل، اسم، اسم (ضمير)، تعريف (ال) » (الطيب دبة، 2019،ص 194).
3.2.2. علبة هوكت
« كما يمكن أن تمثل لتحليل الجملة باستعمال ما يسمى بعلبة "هوكت" (إسم اللساني الأمريكي الذي وضع هذه الطريقة التمثلية في التحليل)، وهي إحدى طرق التحليل التي اعتمدها التوزيعيين في التحليل اللساني وتعمل بنفس طريقة التشجير ولكن يكون تحليل الجملة داخلة علبة بشكل مربعات بسيطة أو على شكل مستطيلات مقسمة فيها مكونات مباشرة تنتهي بمكونات نهائية، فالتمثيل التوزيعي حسب علبة هوكت هو تمثيل تصاعدي يبدأ من العناصر الأولية التي لا تقبل التحليل إلى مؤلفات اصغر وهي المؤلفات النهائية للجملة، وبذلك يمكن للباحث اللساني ضبط الأشكال اللسانية في أي لغة من اللغات وسنوضح ذلك من خلال الشكل الآتي : (الطيب دبة، 2019،ص 194).
صنع |
أجدادنا الحضارة |
|||
صنع |
أجدادنا الحضارة |
|||
أجدادنا |
الحضارة |
|||
أجداد |
نا |
ال |
حضارة |
إن التوزيع يظهر أثناء التحليل اللغوي العلاقات الكامنة بين الوحدات اللسانية التي تظهر بشكل أوضح في التحليل الخطي الأفقي للمدرسة الوظيفية.
خاتمة
لقد أضفى البحث إلى مجموعة من النتائج نلخصها كالآتي :
-
الوظيفة الرئيسية عند مارتيني هي الوظيفة التبليغية التواصلية بين أفراد المجتمع.
-
يقوم التحليل الوظيفي عند مارتيني على موضع الوحدات ومحتواها الدلالي.
-
قسم مارتيني الوحدات إلى أصناف منها : المونيم المكتفي، المونيم الوظيفي، المونيم التابع، التركيب المستقل.. .الخ.
-
يستند المنهج التوزيعي على اختلاف مدارسه إلى اعتبار اللغة مجموعة من الوحدات التمييزية التي تظهرها عملية التقطيع أو التقسيم، ويعتمد هذا المنهج طريقة شكلية في الوصول إلى المكونات المباشرة ( المركبات الأساسية) والنهائية ( الوحدات الصرفية ).
-
يقوم مبدأ التوزيع عند بلومفليد على المستوى الصوتي والصرفي.
-
ينطلق عمل مبدأ المكونات القريبة لدى بلوملفيد من التحليل الطبقي للجمل.
-
إن تحليل الجملة على الطريقة التوزيعية ينطلق من تجزئة الجملة إلى مكوناتها الموالية، ثم تدرج في تجزئة هذه المكونات إلى أجزاء اصغر.
-
إن التوزيع ينطلق أثناء التحليل اللغوي للعلاقات الكامنة بين الوحدات اللسانية والتي تظهر في التحليل الخطي الأفقي للمدرسة الوظيفية.