مقدمة
تترسخ ثقافة الطفل خاصة في عالمنا الحالي العالم الافتراضي والتكنولوجي الذي جعل اليوم العالم قرية صغيرة، بمختلف وسائله الاتصالية المتوفرة والذي أصبح متاحا للجميع وبكل سهولة من خلال اقتنائه والتعامل به، فثقافة اطفالنا تتشكل انطلاقا من مجال تطلعاتهم فالدراسة الطفولة والثقافة الخاصة بهم ينبغي علينا أولا الوقوف على أهم الاسس والاساليب التي ينبغي أن يستقي منها الطفل ثقافته فالاضافة الى الثقافة التي يستمدها الطفل من الاسرة والمؤسسات الأخرى فطبيعة البيئة التي ينتمي اليها طفل اليوم من خلال محيطه الذي يحتوي على وسائط متعددة يستعملها في حياته اليومية، فاصبحت جزء لا يتجزأ من ثقافته تؤثر في سلوكاته وأفعاله لان الطفل بطبعة يقلد كل ما حوله ويحاكي معظم الثقافات خاصة التي يكتسبها عن طريق مشاهدة فلم او فديو او لعب لعبة .فقد أصبح الطفل المستهلك الأول والمباشر لكل الثقافات الغربية والثقافات العنيفة المقدمة اليه.
هذا ما سنحاول عرضه من خلال توضيح أثر الوسائط الالكترونية وكيفية نقل ثقافة العنف من خلالها بين فئة الأطفال وتأثيرها السلبي عن طريق تقليد ومحاكاة هذه الثقافات المستهلكة .
1. تحديد المفاهيم
1.1. الثقافة
الثقافة من المفاهيم تداولا وشيوعا ومن أكثرها تعقيدا وغموضا فالثقافة في جوهرها فعل تاثير الانسان في الطبيعة وفي الانسان ذاته، وهذا يعني أن الانسان هو موضوع الثقافة وذاتها في أن واحد.( على أسعد وطفة، 2005: 164)
يعرفها مالك بن نبي في كتابه مشكلة الثقافة : « مجموعة من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته لتصبح لا شعوريا تلك العلاقة التي تربط سلوكه باسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه فهي الى هذا المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعة وشخصيته.»( محمد السويدي 1991: 86)
أما التعريف الاشمل للثقافة : هي طريقة شعب في السلوك والحياة فطريقة شعب مافي الحياة تجسد ثقافته وعلى هذا الاساس يستقيم تعريف تايلور : » للثقافة بانها كل متكامل من القيم والمعايير والتصورات والاتجاهات وانماط السلوك التي يعتمدها شعب ما في الاستجابة لشروط وجوده.( على أسعد وطفة 2005: 164)
2.1. الوسائط الالكترونية
استخدام جملة من وسائل الاتصال مثل الصوت والصورة والحركة، أو فیلم فیدیو، أو برنامج كومبیوتر بصورة مندمجة ومتكاملة لزیادة التفاعلیة وتشیر كلمة الوسائط المتعددة إلي استخدام أكثر من وسیطین من الوسائط السمعیة والبصریة معاً . قد لا یكون من ضمنها استخدام الكومبیوتر أو قد یكون باستخدامه من خلال عرض ودمج النصوص والرسومات والصورة والصوت بروابط وأدوات تسمح للمستخدم بالاستقصاء والتفاعل والاتصال وغیرها .( خالد محمد فرجون2004 121)
يقصد بها شبكة الحواسيب والإنترنت والقنوات الفضائية والتلفاز والهواتف الخلوية والصحف الإلكترونية، والفيديو، معناه كل وسائل الاتصال الحديثة والقديمة وارتباطها بالشبكة .
يرى عبد الرحمن عزي أن هناك ارتباط بنيوي بين الثقافة ووسائل الاتصال بحيث يعتمد هذا الارتباط على حدوث تطور مثير في تكنولوجيا الاتصال وكل اكتشاف في الاتصالات يحدث ثقافة فاكتشاف الكتابة أوجد لغز الرموز واكتشاف الطباعة نقل الثقافة من الحالة الشفوية الى المطبوعة واكتشاف اذاعة والتلفاز أدخل ثقافة سمعية بصرية واكتشاف الحاسوب والشبكات المعلوماتية كالانترنيت أدى الى بروز الثقافة التفاعلية هذا التجاذب وان كان يمس شكل الثقافة وليس محتوها بالضرورة فانه يبرر مدى التفاعل الجدلي بين الثقافة والاتصال. (عبد الرحمن عزي 2003: 22)
3.1. ثقافة الطفل
تشير الى أنواع النشاط التي يبتكرها الطفل مستخدمي مواد بيئتهم وأساليب تراثهم الثقافي للتعبير بحرية عن تجاربهم الشخصية في العالم المحيط بهم ازاء الاحداث التي تقع لهم، وعن تخيلاتهم ورغباتهم ومشكلاتهم وما يمرون من حلول لها. فالالعاب التي يقومون بها والأغاني التي يألفونها والرقصات التي يبتكروهنا والقصص التي يتخيلونها والرسومات التي يصوروهنا والمسرحيات التي يبدعوهنا وغيرها من الأنشطة التي تشكل وعيهم وثقافتهم، لأنها تتضمن نظرتهم للحياة وأسلوبهم في مواجهة الأحداث كما تجسد المعاني التي لها قيمة بالنسبة لمرحلة نموهم.( فهمي سمية، 1979:63)
لم يُتفق على تعريف محدد لثقافة الطفل من حيث نوع المنتَج الثقافي وشكله ومضامينه ومصادره، ولكننا نستطيع تمييز وتحديد بعض أنواع ومضامين ثقافة الطفل وأشكالها حسب نوع المنتج الثقافي - كالقصة والشعر والمسرحية والاغنية والسيناريو والرسم وغيره من الطرائف والحكم والامثال و« الفوازير » - ناهيك عن التقاليد والعقائد والسلوكيات الاجتماعية بشكل عام كل هذه المواد والمصادر تشكل منهلا ثقافيا ومعرفيا للطفل، وتتميز مضامينها عن مضامين مثيلاتها في ثقافة الكبار، اذ تحكم مضامين ثقافة الطفل بشكل عام الانقرائية أو الاستيعابية أو التوائمية والأخيرة هي الأقرب للدقة لانها تتوافق مع المبدأ القائل ان الطفل إنسان يختلف في خصوصيته التكوينية عن الكبار فلا يمكن ان نعد أي منتج ثقافي - ثقافة طفل - ما لم يقع ضمن مساحة استيعاب الطفل له أو ملائمته لخصوصية كينونته، وذلك لكي تتحقق النتائج والاهداف التي كُتب او قُدم من اجلها هذا المنتج. (محيي المسعودي 2011 )
2. أهمية مرحلة الطفولة
يحتل الطفل أهمية بالغة ومكانة كبرى في حياة كل المجتمعات « فكلما تقدم المجتمع في مضمار الحضارة كلما زاد اهتماماه بأطفاله وزادت أوجه الرعاية التي يقدمها لهم كلما تحسنت معاملة الإنسان بصفة عامة والأطفال بصفة خاصة ولذلك تتخذ معدلات وفيات الأطفال مؤشرا لتحضر المجتمع من عدمه وتعتبر مرحلة الطفولة أهم مراحل حياة الإنسان وذلك باعتبار أن :( أميرة منصور يوسف علي : 110-193)
-
-أطفال اليوم هم رجال الغد وهم الثروة البشرية المنوط بها مستقبلا في بناء المجتمع وتطويره ولذلك وجب إعدادهم ورعايتهم والاهتمام بهم.
-
-أن طبيعة الطفل مرنة قابلة للتشكيل بسهولة ومن ثم يمكن غرس القيم المرغوب فيها وتشجيع السلوكات السوية وتعويد الطفل على الانضباط وهذا ما يجعله مستقبلا مواطنا صالحا ونافعا لنفسه ومجتمعه.
-
يتشرب الطفل وبسهولة المبادئ والأخلاق مما يجعل لديه من المسلمات ما يساعد في إعطائه الحصانة القوية ضد المؤشرات الخارجية وتتحول لديه عند الكبر إلى أصول وقواعد مبررة.
-
إن معالم الشخصية تتضح وتتحدد خلال هذه المرحلة وخاصة السنوات الخمس الأولى كما أن أساس الصحة النفسية يتم غرسه في أثناء تلك المرحلة من خلال عمليات التنشئة الاجتماعية السوية الذي تتشارك فيها كل من الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والمجتمع بأكمله.
فالطفولة اليوم تعتبر استثمار حقيقي ومهم داخل كل مجتمع، والعمل على ضمان حياة أفضل وأسعد لهم، فالاهتمام بالأطفال هو أساس قيام المجتمعات لأنهم إرث حقيقي لأي مجتمع فاليوم يتطلب من الوالدين جهد كبير على جميع الأصعدة المادية والعاطفية والحضور الدائم والتفرغ لتربيتهم وتوفير مطالبهم عبر مراحل نموهم.
لهذا نجد اليوم يتجه الباحثون في دراسة الطفولة اتجاهات متعددة تبعا الاطار المرجعي ويمكن القول عن تلك الدراسات انها ذات جانبين اولهما نفسي يتعلق بالاطفال انفسهم والثاني يتعلق بالمجتمع ومنظماته ووكالاته المختلفة كالاسرة والمدرسة ووسائل الاعلام والثقافة لذا فان تلك الدراسات تحاول التعرف على اسس نمو الاطفال واساليب المجتمع في انماء الطرق التي يتبعها في تثقيفهم ومضامين التثقف وانماط العلم الاجتماعي الاخرى مع الاطفال، تعتبر دراسة الطفولة جزءا من الاهتمام بالواقع والمستقبل معا حيث يشكل الاطفال شريحة واسعة في المجتمع كما يشكلون الجيل التالي لذا فان ما يبذل من جهود من اجلهم يؤلف مطلبا من مطالب التغيير الاجتماعي المخطط الذي تعتبر التنمية لدى صوره.(هادئ عمان الهيتي 1978: 16-17)
3. تنشئة ثقافة الطفل ووسائل نقل ثقافته
ان ثقافة الطفل هي أساس ثقافة المستقبل وتربية الاطفل صناعة للمستقبل فالاهتمام بثقافة الطفل اهتمام بالمستقبل ورسم لملامحه وان البحث في ثقافة الطفل هو بحث في الخيارات الايدولوجية الكبرى وللثقافة دور كبير في نمو تنشئة الاطفال من النواحي : ( سالمة على عبود 2009: 19 ).
-
عقليا وذلك من خلال ما يستمده الطفل من البيئة الثقافية.
-
عاطفيا وانفعاليا وذلك من خلال تنمية استجاباتهم للمؤشرات واكتسابهم الميول والطرق ووسائل التعيير عن انفعلاتهم.
-
اجتماعيا ويحدث ذلك نتيجة تفاعله وعلاقاته مع الاخرين.
-
حركيا ويأتي ذلك من خلال تنظيم حركاته وتوجيهاته ومهاراته ونشاطاته لذلك فان البيئة الثقافية تلعب دورا كبيرا في تحديد نوع وطبيعة الطفولة ومواصفاتها ولكل فرد هو نتاج البيئة الثقافية التى تكون شخصيته بتفاصيلها الكبيرة والصغيرة.
حياة طفل اليوم قد تغير وتغيرت معه كل اوجه الحياة ومع هذا التطور فقد تغيرت العادات والاساليب المعيشية للطفل فالطفل الحالي ليس هو ذلك الطفل الذي كان في الماضي يلتف حول الجدة لتحكي له حكاية وتروي له بعض الاساطير الشعبية كي ينام بعدها، فالان اصبح الطفل مشدودا الى التلفاز مع الرسوم الكارتونية والعاب الفيديو والالعاب التفاعلية على شبكة الانترنيت، فقد أصبحت اليوم تحتل الوسائط الالكترونية مكانة كبيرة في حياة الطفل لا سيّما بعد أن أصبحت جزءا رئيسيا من حياته اليومية، فلم يعد الطفل المعاصر يستطيع الحياة دون أن يتعامل مع هذه الوسائط الاتصالية، التي تحيط به وتفرض نفسها عليه بصورة أو بأخرى.
فالوســـائط الإلكترونيـــة تلعب دورا كبيـــرا فـــي تشكيل ثقافة الطفل، خاصة وأنهـا احتلـت مكانـة مهمـة بـين الوسـائط الثقافيـة – إن لـم تكـن الأولـى – مـن بـين وسـائط تثقيـف الطفـل. وقــد فتحـت الوســائط الالكترونيـة مجــالا واسـعا للطفـل لتنميـة ثقافتـه الدينيـة والعلميـة والمعرفيـة مــن خــلال عديــد المواقــع التـــي تعــرض كمــا هــائل من المعلومـات والمعـارف والدراسـات، ممـا يحـدث نمـوا ثقافيـا فـي كـل هـذه الجوانـب. وفـي المقابـل فـإن سـوء اسـتخدام الأطفـال لهـذه الوسـائط قـد يتسـبب فـي بعـض الانحرافـات السـلوكية أو الأخلاقيــة. أمــا بالنسـبة للجانــب الاجتمــاعي فإن الوسـائط الإلكترونيـة، بإمكانهـا أن تـوفر للطفـل فرصـا للتواصــل والتعــرف علــى أصــدقاء مــن مختلــف الثقافــات، كمـا يمكــن أن تفـتح مجالا للحــوار الأسـري بـين الطفــل والوالـدين لـو أحسـن الوالـدان اسـتغلالها بمشـاركة الطفـل فـي اللعـب والتصـفح، وإمـا أن تكـون العزلـة الاجتماعيـة هـي الخيـار البـديل لإهمـال الوالـدين مشـاركة الطفـل لأنشـطته عبر الشبكة العنكبوتية. أمـا فيمـا يتعلـق بالجانـب التعليمـي فإن الوسائط الإلكترونيـة تعـد وسـيلة تعليميـة تـوفر النتـاج العقلي للإنسـانية وتضـعه بـين يـد الطفـل، فقـد تـوفر شـبكة
المعلومـات الكتـب والقـواميس والقصـص والمعـاجم اللغويـة ويستطيع المتعلم البحث عـن المعلومـة بأسـرع وقـت وأقـل جهد.( الهادي المسيلينــي 2017: 115)
يتم تمرير الثقافة الالكترونية الموجهة للطفل عبر عدة وسائط من الرسوم المتحركة وافلام الكرتون والحاسوب والعاب الفيديو وغير ذلك من الوسائل الجاذبة وطبعا تؤثر افلام الكارتون والرسوم المتحركة المستوردة والمدبلجة وغيرها في وجدان الطفل بحيث يتماهى الطفل مع النماذج التى تقدم له ان التعرض المصور المتحركة المرفقة بالصوت في مراحل مبكرة من حياة الطفل يتلائم مع خصوصيته المرحلة الحسية التي يمر منها الاطفال فبعد الاستجابة الايجابية يقوم الطفل بتخزين تلك الصور لتصبح جزء من رصيده الوجداني والتربوي يشاهد الطفل البرامج وافلام الكارتون وهو في مرحلة تلقي كل ما يرسل له فتنساب لديه القيم والاتجاهات الى الله وعي من تقويم او غربلة. (عبد الله الخياري 2013: 32)
ومن أجل فهم طبيعة نقل الثقافة عند الطفل لابد من معرفة ودراسة أبعاد هذا التواصل وكيف يتم والتأثيرات التي تصاحب هذا الاتصال بين الطفل والوسيلة سنعرض أهمية هذه الوسائط الالكترونية في ثقافة الطفل . وتُعد هذه الوسائط باشكالها هي الناقل الاكبر لثقافة الطفل بمختلف أنواعها وعلى مستوى العالم أجمع ومن أهم هذه الوسائط الالكترونية مايلي :
-
الإنترنت : هي شبكة عملاقة من الحواسيب المتشابكة، التي يستطيع أي كان وصل حاسوبه بها، من مؤسسات حكومية أو تعليمية أو وكالات أو صناعة أو أفراد، وتمكن المشترك من الاستفادة من المعلومات التي يعرضها المشتركون في هذه الشبكة.( غليون برهان وأمين سمير 2002) ﯾﺗﺧﯾل اﻷطﻔﺎل اﻻﻧﺗرﻧت ﻛﺷﺑﻛﺔ ﺿﺧﻣﺔ وﻏﯾر ﻣﺗﻧﺎﻫﯾﺔ وﻛﻣﻛﺗﺑﺔ اﻓﺗرﺿﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺣدودة واﻟواﻗﻊ أن دارﺳﺎت اﺳﺗﺧدام اﻻﻧﺗرﻧت ﻣن ﻗﺑل اﻷطﻔﺎل ﺗﺷﯾر ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب إﻟﻰ أرﺑﻊ ﺳﻣﺎت أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻼﺳﺗﺧدام، رﺑﺎط اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺗم إﻗﺎﻣﺗﻪ ﻋﺑر اﻻﺗﺻﺎل ﻋن طرﯾق اﻧﺗرﻧت، وﻣﻣﺎرﺳﺎت ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ كاﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ وأﻟﻌﺎب اﻟﻔﯾدﯾو، وﻋﻼﻗﺎت اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ كاﻟﻣﺑﺎدﻻت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻛﺛﻔﺔ، أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺷﺑﻛﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وأﺧﯾار، ﻋﻼﻗﺔ ﺟدﯾدة ﺑﺎﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻋﺑر اﻟﺷﺎﺷﺔ. (ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﺑوﺧﻧوﻓﺔ :147200)
-
العاب الالكترونية : هي الألعاب التي تمارس على الأجهزة الالكترونية، كجهاز الحاسوب وجهاز البلاي ستايشن، الهاتف النقال، التلفاز وغير ذلك والتي تهدف الى تحقيق المتعة والتسلية من خلال النشاط التفاعلي بين المستخدم واللعبة (ياسر ابراهيم الخضيري 2019: 06) ويمكن تعريفها أنها الألعاب المثبتة في الأجهزة والبرامج الألكترونية المعروفة والمتداولة بين الأطفال من هذه الأجهزة الكمبيوتر وجهز بلايستايشن وجهاز الهاتف النقال وغير ذلك .
-
التلفزيون الرقمي :Dijital Tv الجيل الثالث في مراحل تطور التلفزيون بعد التلفزيون الرقمي اذ هو نظام اتصال للبث واستقبال الفيديو والصوت بواسطة الاشارات الرقمية ولديه مزايا عديدة مقارنة بالتلفزيون التقليدي مثلا : يمكن تحويله الى كمبيوتر والتواصل بالشبكة الى غير ذلك من الخدمات.( عباس مصطفى صادق 2008: 245)
-
الهاتف النقال : الهاتفُ النقال، أو الهاتف المحمول، أو الهاتف الخلوي هو وسيلة اتصال لاسلكية، تعمل بواسطة شبكة من الأبراج الخاصة الموزعة في مناطق عديدة؛ لتوفير أكبر مساحة ممكنة من البث، وتمكين مستخدميها من إجراء المكالمات واستقبالها، وإرسال الرسائل النصية واستقبالها أيضاً. وقد شهد الهاتف النقال تطورات عديدة في السنوات الأخيرة، فبعد أن كان جهازاً ثقيلاً كبير الحجم لا يمكن حمله في الجيب، ولا يتعدى استخدامه إجراء المكالمات الهاتفية واستقبالها، أصبح أخف وزناً وأصغر حجماً، كما زُوِّد بالعديد من المميزات، مثل : متصفحات الويب، والألعاب، والكاميرات.(www.techopedia)
4. أثر وسائط الالكترونية في تشكيل ثقافة الطفل ( ثقافة العنف )
من الطبيعي أن ينشا لدى الطفل خاصة المسلم دوافع نفسية متناقضة بين ما يتلقاه عبر الثقافة الالكترونية الرائجة وبين ما يعيشه في واقعه اليومي في البيت وفي المحيط الاجتماعي مما يؤدي الى شعوره بحاله نفسية تتجاذبه فيها قيم متنافرة وهو الامر الذي يخل مبدا التناغم والانسجام الذي يقرض في ما يقدم للطفل في مضامين مواد التسلية والتعليم والتثقيف ان هناك سيرة منهجية لمباشرة عملية غرس ثقافي في عقول اطفالنا يتوقع لها ان نعطي ثمارها لاحقا في مرحلة الشباب والكهولة فبقدر ما يجري التعليم النظامي على ترسيخ القيم الاصيلة والخصوصية الذاتية بقدر ما تسعى الثقافة الالكترونية المتداولة الى زحزحة من خلال مضامين القيم الاستهلاكية التى تمررها الثقافة الاكترونية اما بشكل فهي او مباشر. (عبد الله الخياري 2013: 32)
وهذا مايسمى بالشرخ الثقافي الذي يحصل بين الطفل العربي مستخدم معطيات المعلوماتية وباقي شرائح المجتمع، فالتجارب المتراكمة التي كانت تنقل الى الطفل من خلال محيط عائلته بشكل خاص، والمدرسة بشكل عام والتي تشكل أساسيات منظومة القيم المعتمدة في المجتمع العربي، هذه التجارب سيجد الطفل نفسه بغير حاجة ماسة اليها، بسبب ارتباطه بمنظومات قيم جديدة توفرها له مجمل الاستخدامات والاتصالات التي يجربها باستخدام الحاسبة وشبكة الانترنت سواء اكانت هذه الاتصالات مباشرة أم عن طريق البرمجيات المتداولة في الوطن العربي والمصنع معظمها في العالم الغربي.( أحمد عبد الحليم وأخرون 2011: 302)
فكل ما يستهلك من خلال هذه الوسائط غربية ليست لها صلة بواقع طفلنا ولا بتاريخه ولا ثقافته والملاحظ أنه ليس كل ما يعرض على الشبكة العنكبوتية من افلام وألعاب وغيرها في صالح الطفل وثقافته لانه في الكثير من الاحيان يتنافى والتركيبة النفسية والاجتماعية والثقافية للطفل المستهدف بالرسالة .
فمن وجوه الشرخ الثقافي ما يدفع بالطفل العربي الى حال من الاغتراب، حلق هوة بين المرء وواقعه، حين تغلفت الذات بمشاعر الغربة ووحشة والانخلاع والانسلاخ واللاانتماء بعد ذلك، وستتعاظم خطورة التغريب مع الأطفال العرب بسبب غياب وضعف وجبة الثقافة القومية المقدمة اليهم عن طريق الوسائل المتعددة التي يستخدمها مروجو عصر المعلوماتية والتي تلقى قبولا أفضل عند الطفل بسبب اعتمادها على الصورة الشيقة والحركة السريعة.( أحمد عبد الحليم واخرون 2011: 302-203 )
أثبت العديد من الدراسات ان الوسائط الالكترونية تولد نزعة العنف والعداوة في نفوس الاطفال عن طريق المشاهدة واللعب ذلك من خلال وجود علاقة بين السلوك العنيف للطفل الووسائط الالكترونية فسلوك العنف عادة عند الطفل يحدث من خلال التقليد سواء في الوسط الذي يعيش فيه أو عن طريق الوسائل ووسائط التي يتعامل بها الطفل وهذا من أجل اشباع رغبات بمحاكاة ما شاهده على أرض الواقع.
فالمعروف أن الطفل في مرحلة الطفولة يستمد ثقافته من خلال العديد من النماذج التي يقلدها فالمصدر الاول للتقليد من طرف الطفل هو أسرته أما في وقتنا الحالي ونظرا لاسعمال الكبير للتكنولوجيا ومختلف الوسائط المرتبطة بها، أصبحت جزء لا يتجزأ من ثقافتنا أصبحت الوسائط الالكترونية من أهم المصادر التي يستقي منها الطفل ثقافته من خلال افلام الكرتون او لعبة فيديو وفلم في تلفزيون أو في الأنترنت .وهذا مسنحاول عرضم من خلال بعض الدراسات في هذا الصدد :
بينت الدراسات أن نسبة لا يستهان بها من الاطفال في مستوى الابتدائي يقضون في مشاهدة الفضائيات أو ممارسة العاب الفيديو أو الانترنات أكثر مما يقضون في حجرات الدراسة وتؤثر هذه الظاهرة لتحولات عميقة واكبت زحف العولمة ولحقت مجالا كان الى وقت قريب يعتبر عالم براءة الاطفال وهو عالم يمتاز بالنمو الثقافي الطبيعي للطفل في وسط عائلي ومدرسي بعيدا عن المؤشرات الخارجية بما تحمله من تسلية تبطن العنف والصراع والتخويف وتساعد على العزلة، ان زحف العولمة على شريحة الأطفال ساهم في زعزعة تلك البراءة وفي تشويه هوية الطفل من خلخلة نسق القيم لديه .( عبد الله الخياري، 2013 : 31.)
الألعـاب الإلكترونيـة تفرز الكثير من مـن معطيـات سلبية ونتـائج خطيـرة تعمـل علـى إشـاعة لثقافـة السـلبية المتمثلـــة بـــــ ثقافــــة العنــــف التـــي تحملهـــا فــــي أشـــكالها ومضـامينها ومـا تضـخه مـن نزعـات عدوانيـة عديـدة تهـدد الثقافــة الإيجابيــة وتعمــل علــى تقــويض قيمهــا وقــدراتها ومؤثراتهـــا فـــي كيـــان الطفـــل وســـلوكه لتحـــل محلهـــا ثقافــــة العنــــف ونزعتهـــا الســــاعية إلــــى تكـــريس قيمهــــا ووجودها في سلوك الطفل وثقافتـه خاصـة بعـد ان أصـبح العنــف ظـاهرة بـارزة فـي مجمــل الألعـاب الإلكترونيــة عبـر الكومبيــــوتر والأنترنـــــات وألعـــــاب الفيديو. (الهادي المسيلينــي 2017 : 115)
ومــن بـــين أهـــم الألعـــاب الإلكترونيـــة الموجودة على مستوي الأنترنات ويمكن تحميلها بكل بساطة وأيضا يمكن لعبها في فديو أو عن طريق الحاسوب وحتى عن طريق الهاتف لعبة تقريبا يعرفها ويفضلها الأطفال لعبـة »السـرقة الكبيـرة للسـيارات« والتـي تختصـــر بتســـمية »جـــي تـــي أ «، والتـــي تصـــنف ضمن ألعاب المغامرات تحديدا وتمارس بشكل فردي، فهـي واحدة من سلسـلة ألعـاب السـرقة الكبـرى للسـيارات.وألعاب أخرى عديدة كانـت هذه الألعاب مصـــدر الكثيـــر مــن النقاشـــات الإنتقــادات بســـبب العنــف والجــنس الحاضــرين فــي اللعبــة.
-
وأكثر الدراسات والابحاث ركزت على مفاسد الالعاب الالكترونية دون فوائدها نظرا لكثرتها وخطورتها ويمكن اجمال أبرز هذه المفاسد فمايلي :
-
توليد نزعة العنف والعدوان في نفوس الصغار والمراهقين المدمنين على العاب العنف والقتال وتكثر لديهم الافكار العدوانية.
-
تعزيز التفكير الخيالي وانفصال عقلية اللاعب عن الواقع الذي يعيش فيه.
-
الاصابة بالعديد من الاضرار الصحية كضعف البصر واصابة العين بالجفاف وزيادة الشحنات الكهربائية
-
تشمل بعض المفاسد والمخالفات الاخلاقية التى تكسب اللاعب سلوكيات سيئة كالسب والشتم والعداوة والدعوة الى الفاحشة والرذيلة .( ياسر ابراهيم 2019 : 09)
يمكن للتلفزيون أن يولد تأثيرات إيجابية وسلبية على حد سواء، وقد نظرت العديد من الدراسات في تأثير التلفزيون على المجتمع، وخاصة على الأطفال والمراهقين، يعد مستوى نمو الطفل الفردي عاملاً بالغ الأهمية في تحديد ما إذا كان للوسيط آثار إيجابية أو سلبية ليست كل البرامج التلفزيونية سيئة، لكن البيانات التي تظهر الآثار السلبية للتعرض للعنف والجنس غير اللائق واللغة المسيئة مقنعة، حجم العنف في التلفزيون آخذ في الارتفاع يرى الطفل العادي 12000 من أعمال العنف على شاشة التلفزيون سنويًا، بما في ذلك العديد من صور القتل والاغتصاب. تؤكد أكثر من 1000 دراسة أن التعرض لجرعات كبيرة من العنف التليفزيوني يزيد من السلوك العدواني خاصة عند الأولاد.(Media Awareness Network)
ان التلفزيون والانترنات اليوم بدل أن يسهم في زيادة ثقافة معلومات الأطفال فانهم يقومان بعكس ذلك فهما يعملان على التقليل من إقبالهم على تنمية عادة القراءة الجادة، كما يأخذان من وقتهم الذي يمكن تخصيصه لمذاكرة الدروس واسترجاعها واكتساب المزيد منها وإثراء معلوماتهم وتثقيف أذهانهم، انهما وسيلتان تغريان بمشاهدة ما تعرضانه على الشاشة وتشجعان على السير في طريق الهزل وعدم الجدية، إلى جانب إسرافهم في عرض الجرائم والخروج عن قيم المجتمع والانفلات من قيود الفضيلة التي تضمن صفاء العلاقات الاجتماعية وبقاء المجتمع سليما ينعم بالأمن والاستقرار ويسود أجواءه الشرف والأمانة والرحمة والتكافل والتعاون.( العربي بختي، 2014: 196 )
بين أنتوني ليك من خلال التقرير » وضع أطفال العالم 2017 الأطفال في عالم رقمي « الذي كشف فيه ذلك الجانب المظلم الذي لا يمكن إنكاره عن الانترنت والتقنية الرقمية، من التسلط إلى الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الأنترنت إلى المعاملات عبر الشبكة المظلمة، وغير ذلك من الأنشطة غير القانونية الأخرى التي تضر الأطفال، يستعرض التقرير بعض النقاشات حول الأضرار الأقل وضوحا التي تعاني منها الأطفال وهم يعيشون في العصر الرقمي من التبعية الرقمية إلى التأثير المحتمل للتقنية الرقمية على نمو الدماغ والأدراك. ويحدد التقرير مجموعة من التوصيات التي تساعد في توجيه ُ العملية أكثر فعالية لوضع سياسات وممارسات تجارية أكثر مسؤولية لصالح الأطفال في العصر الرقمي، كما يشكل الأطفال والمراهقون الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة ما يقدر بنحو ثلث مستخدمي الأنترنت في مختلف أنحاء العالم، والأطفال يدخلون على الأنترنت في أعمار أصغر بشكل متزايد وفي بعض البلدان يكون معدل استخدام الأنترنت بين الاطفال والباليغين دون 15 سنة ممثلا للمعدل عند البالغين فوق 25 سنة.( منظمة الأمم المتحدة، 2017: 03 )
يصنف الباحثون مجموعة واسعة من المخاطر التي يواجهها الأطفال على الأنترنات الى ثلاث فئات(منظمة الأمم المتحدة، 2017: 21)
مخاطر المحتوى : حيث يتعرض الطفل لمحتوى غبر مرحب به وغير لائق. ويمكن أن يشمل ذلك الصور الجنسية والأباحية والعنيفة؛ وبعض أشكال الدعاية؛ والمواد العنصرية أو التمييزية أو خطاب الكراهية، ومواقع الأترنت التي تروج لسلوكيات غير صحية والخطيرة، مثل إيذاء النفس واالنتحار .
مخاطر الأتصال : عندما يشارك الطفل في اتصال ٍ محفوف بالمخاطر، على سبيل المثال مع شخص بالغ يسعى لاتصال غير الائق بالطفل أو إلغوائه لأغراض جنسية، أو مع أفراد يحاولون دفع الطفل إلى التطرف أو إقناعه بالمشاركة في سلوكيات غير صحية أو خطر .
مخاطر السلوك : حيث يتصرف الطفل بطريقة تسهم ً في إنتاج محتوى أو وقوع اتصال محفوف بالمخاطر وقد يشمل ذلك قيام الأطفال بكتابة أو إنشاء مواد ّ تحض على كراهية أطفال آخرين، أو التحريض على العنصرية، أو نشر أو توزيع صور جنسية بما في ذلك مواد أنتجوها بأنفسهم.
خاتمة
لا يمكن أن تنكر حقيقة ان هذه الوسائط ساهمت بشكل كبير في تشكيل ثقافة الطفل ودفعة نحو التفكير والابداع والتخيل لكن لا يمكننا أن ننسى أن الطفل صفحة بيضاء وشخصية مقلدة لكل الاشياء المحيط به أو الاشياء التي يتواصل من خلالها فسلبيات هذه الوسائط وأثارها على الطفل أكثر من ايجابياتها في تشكيل ثقافته .
و في الأخير يمكن القول أن الطفل يتأثر بكل ما شاهده أو قرأه من خلال وسائل نقل ثقافته اليومية التي أصبحت اليوم تهدد حياة ومستقبل اطفالنا بحيت لاتخلو لعبة او فلم أو رسوم متحركة من رسالة هدفها استهداف عقول الاطفال فاأصبحت تنشر أنواع من العنف بمختلف تفاصيلها،، فمن خلالها تستهدف ثقافة الطفل وتسيطر على سلوكه ونقله مختلف انواع السلوكات العنيفة والافكار الغريبة والعدوانية التي لا توافق مع بيئة الطفل ومحيطه، والتي لها الأثر الكبير في انحراف الكثير من الأطفال وهذا ما أثبتته وأكدته مختلف الدراسات. فثقافة الاطفال يجب أن تتعزز من طرف الاسرة التي تعتبر المنشئ الاول للطفل في تمرير ثقافة صحيحة فعلى الرغم من سلبيات الوسائط وأخطارها لا يمن أن ننكر أهميتها لهذا تقع المسؤولية على الأسرة من مراقبة كل ما سيتهلكه الطفل ويتعامل به من وسائل تكنولوجية، بهذه الطريقة يستطيع الطفل يأخذ ما يحتاجه وما هو بحاجة اليه والابتعاد عن كل شيئ يأذيه.