طبيعة تلاؤم نصوص القراءة المشروحة والمطالعة الموجهة مع اهتمامات تلاميذ مرحلة التعليم المتوسط

سارة طلاح Talah Sarah

p. 158-171

سارة طلاح Talah Sarah, « طبيعة تلاؤم نصوص القراءة المشروحة والمطالعة الموجهة مع اهتمامات تلاميذ مرحلة التعليم المتوسط », Aleph, Vol 6. (2) | 2019, 158-171.

سارة طلاح Talah Sarah, « طبيعة تلاؤم نصوص القراءة المشروحة والمطالعة الموجهة مع اهتمامات تلاميذ مرحلة التعليم المتوسط », Aleph [], Vol 6. (2) | 2019, 08 November 2019, 21 November 2024. URL : https://aleph.edinum.org/1933

La problématique traitée ici est inscrite dans le cadre de la psychologie de l’éducation. Elle s’articule autour des questions en relation avec la lecture qu’elle aborde dans une perspective cognitiviste. Elle met en dialogue l’opération des choix des textes avec les préoccupations des adolescents algériens du cycle moyen. De l’alaphabétisation à la structuration de la pensée par la lecture est le parcours qu’emprunte cet article.

This research has relation with educational psychology, and then major transformations in modern life impose on the education system to be considered in the quality of texts in textbooks and related to the concerns of students of intermediate education, the fact that pupils of this stage class are teenagers.
the problem of this study was : How is the texts established on scolarbooks with the concerns of students in college ?
Based on this, we dealt with the basic concepts of the subject, and study the existing relationship between the adolescent’s interests and reading, that is to say tendencies literacy for adolescents.

يندرج هذا الموضوع ضمن ما يعرف بالبحوث التعليمية النفسية، إذ فرضت التحولات الكبيرة في الحياة المعاصرة على المنظومة التربوية وجوب النظر في نوعية نصوص القراءة والمطالعة المقررة في الكتاب المدرسي وربطه باهتمامات تلاميذ مرحلة التعليم المتوسط، كون تلاميذ هذه المرحلة هم من فئة المراهق.

وعليه جاءت إشكالية هذه الدراسة كالآتي : ما مدى تلاؤم المواضيع المقررة في كتاب القراءة والمطالعة الموجهة مع اهتمامات تلاميذ مرحلة التعليم المتوسط؟

وبناء على هذا تطرقنا إلى المفاهيم الأساسية للموضوع، مع دراسة العلاقة الموجودة بين اهتمامات المراهقين والقراءة، أي الميولات القرائية للمراهقين.

فهرس الكلمات المفتاحية

القراءة, المراهقين, التعليم المتوسط

مقدمة

تعتبر القراءة بالنسبة للإنسان وسيلة يكتسب فيها المعلومات ويطلع بها على آفاق كان يجهلها، إذ تغدي في نفسه الميل للاستطلاع وحب الحقيقة، كما أنها تعتبر في حالات أخرى وسيلة للتسلية والترفيه وقضاء الوقت، فهي بهذا الاعتبار متعة عقلية لذيذة، فإذا أردنا أن نربط القراءة بالمراهقة كان لزاما علينا معرفة أن مرحلة المراهقة تنشأ فيها ميولات واهتمامات ورغبات جديدة نتيجة للتغيرات الجسمية والاجتماعية التي تحدث، هذا الذي يدعونا إلى النظر في نوعية المواضيع المقررة للقراءة والمطالعة في الكتاب المدرسي ومدى ملاءمتها مع مرحلة المراهقة، ومن هنا تنبثق إشكالية موضوعنا المتمثلة في :

وللإجابة على هذا التساؤل كان علينا اتباع الخطوات الإجرائية الآتية : المفاهيم الأساسية للقراءة، المراهقة وأهم سماتها ،القراءة والمراهق.

1. المفاهيم الأساسية للقراءة

1.1. مفهوم القراءة

تدل كلمة « القراءة » في المعاجم العربية القديمة على معان مختلفة، نكتفي بعرض ما يتصل بها في المفاهيم الحالية للقراءة : حيث ورد في لسان العرب لابن منظور أن لفظة « القراءة » تدل في الأصل على الجمع، إذ نقول : « قرأت الشيء قرآنا : إذا جمعته، وضممت بعضه إلى بعض، وسمي كتاب الله عز وجل قرآنا لأنه يجمع السور فيضمها »1.

وتعني كلمة القراءة في المعاجم العربية الحديثة : « تحريك النظر على رموز الكتابة منطوقة بصوت عال، أو من غير صوت، مع إدراك العقل للمعاني التي ترمز إليها في الحالتين ».2

ووردت هذه الكلمة « قرأ » أيضا بمعنى الضم، « واقترأ الكتاب نطق بالمكتوب فيه أو ألقى النظر عليه وطالعه »3.

وقد وردت مشتقات لفظة القراءة في القرآن الكريم « في سبع عشرة آية، وجاءت كلمة القرآن في واحد وسبعين آية »4.

وتدل القراءة على معان أخرى، بحيث يعبر مصطلح القراءة في النقد الأدبي على تأويل القارئ للنص بطريقة خاصة، كما يعبر عن الروايات المشهورة في قراءة القرآن الكريم.

أما مفهوم القراءة في المعاجم الغربية، فإنه لا يختلف عن المفهوم الذي سبق ذكره، فيما عدا الاستعمال الخاص بالقراءات القرآنية، عرفت كلمة « Lecture » في أحد المعاجم بأنها : « تتبع أو تحريك النظر على رموز الكتابة مع النطق بالأصوات التي تمثلها (القراءة الجهرية)، أو بإدراك المعاني التي تتضمنها تلك الرموز مباشرة (القراءة الصامتة الذهنية)2الطريقة الخاصة لتأويل نص مكتوب »5.

ونستخلص مما تم عرضه : أن مفاهيم القراءة في المعاجم العربية والغربية تصب في معنى جوهري واحد، وهو التعرف على الرموز المكتوبة بالنظر دون النطق أو بهما معا، مع إدراك المعنى الدلالي لها.

عرف مفهوم القراءة تطورا كبيرا نتيجة للبحوث والدراسات التي حدثت في النصف الأخير من القرن العشرين، ولقد اختلفت آراء الباحثين في تحديد تعريف خاص بعملية القراءة، حيث جاء في القاموس المعاصر للتربية أن القراءة « نشاط إدراكي حسي بصري وعقلي، يسمح بفك رموز معنى نص بإعادة تركيب الرسالة المتواضع عليها في شكل معلومات بيانية »6.

ويمكن أن نفهم من هذا التعريف أن القراءة عملية عقلية، وعضوية وانفعالية يتم من خلالها ترجمة الرموز المكتوبة بقصد التعرف عليها ونطقها، وكذا محاولة فهمها والاستفادة منها من خلال ربط هذه الرموز بمعانيها.

كما يرى « روبيرد وتراسن » أن القراءة « عملية يراد بها إيجاد الصلة بين لغة الكلام والرموز الكتابية »7.

ويفهم من هذا التعريف أن عملية القراءة ذات ثلاثة عناصر هي :

Image 100002010000028C000000E2CF7F2A2F.png

إذا القراءة هي عبارة عن عمليتين متصلتين :

  • العملية الأولى : تتمثل في الاستجابات الفزيولوجية لكل ما هو مكتوب.

  • العملية الثانية : عملية عقلية يتم من خلالها تفسير المعنى، الذي يشمل التفكير والاستنتاج.

1.1. أهمية القراءة

تعتبر القراءة هي النافذة إلى الفكر الإنساني الموصلة إلى مختلف أنواع المعرفة المختلفة، وبامتلاكها يستطيع الفرد أن يجول في المكان والزمان وهو جالس على كرسيه فيتعرف أخبار الأوائل وتجاربهم ويلم بكل ما جاء به أهل زمانه من العلم والمعرفة، ولذلك اعتبر اختراع الإنسان للقراءة والكتابة هو أولى فقراته الحضارية التي يعيشها الآن.

وما يؤكد أهمية القراءة نزول أول آية على الرسول عليه الصلاة والسلام تحثه على القراءة وهذا في قوله تعالى :« اِقرأ باسم ربّك الذي خلق، خلق الإنسان من علق »8.

وعلى هذا الأساس تم اعتبار تفعيل القراءة والاهتمام بها هو المعيار الذي يحكم به على مدى تقدم الشعوب وتخلفها، فالتلميذ يتعلم حقائق العلوم التي يدرسها بلجوئه إلى قراءة هذه المواد من كتبها المقررة، وأن أي ضعف في القراءة سيؤدي في النتيجة إلى ضعفه التحصيلي في المواد كافة، إذا القراءة هي بمثابة همزة الوصل بين التلميذ وبناء معرفته، لهذا يسعى المعلمون إلى الاعتناء برفع مهارة تلاميذهم في القراءة مع الفهم لرفع مستواهم التحصيلي في المقررات الدراسية الأخرى.

1.3. الأهداف العامة للقراءة

يجب أن تتجه دروس القراءة إلى تحقيق الأغراض الآتية :

  • تنمية قدرة التلميذ على القراءة مع جودة الفهم و النطق والأداء وتمثيل المعنى.

  • إكساب التلميذ القدرة على الرجوع إلى الكتب بحثا عن المعرفة في معانيها المختلفة مما يؤهله للتعرف على ثقافته وتراثه ودينه واستيعاب منجزات العلم والحضارة فيما يفيد في توسيع مداركه والإلمام بمشاكل عصره ومجتمعه.

  • إكساب التلميذ ثروة لغوية من خلال تنمية حصيلته من المفردات والتراكيب المختلفة والعبارات الجميلة.

  • الارتقاء بفهم التلميذ، وتوسيع مداركه مما يؤهله إلى التفكير الجيد، والقدرة على الإبداع في كافة مجالات الحياة.

  • إكساب التلميذ القدرة على الاستمتاع بقراءة الأدب من الشعر، والقصص، والمسرحيات مما يفيد في شغل وقت فراغه بالمفيد الممتع.

  • تدريب التلميذ على التعبير اللغوي الصحيح عن معنى ما قرأ، مع إكسابه القدرة على الكتابة الإبداعية في مجالات التأدب المختلفة من خلال قراءته المتنوعة للإنتاجات الأدبية المتنوعة.

  • الارتقاء بسلوك التلميذ من خلال قراءته لسير العظماء من القادة والمفكرين، وجعل من سلوكهم الإيجابي قدوة يحتذى بها.

هذه من أهم الأهداف العامة التي يهدف إليها المربون والمتعلمون من تعليم القراءة بنوعيها الصامتة والجهرية.

أما الأهداف الخاصة فيمكن استنباطها من خلال المواضيع الموجهة للتلاميذ والمقررة في الكتب المدرسية من مواضيع وطنية وأخرى دينية، وأدبية وغيرها...

ولا شك أن هذه الأهداف تختلف في نوعها واتساعها وعمقها باختلاف مراحل التعليم واختلاف الصفوف في المرحلة الواحدة.

2. المراهقة وأهم سماتها

إن الحديث عن فترة المراهقة هو بمثابة الحديث عن مشكلة استأثرت اهتمام كثير من الناس لما لها من أهمية بالغة في معرفة خصائص هذه الفترة والتغيرات النفسية والجسمية للمراهق، فهي تهمه بالدرجة الأولى وذلك لاستكشاف ذاته، كما تهم الأولياء لمعرفة ما يمر به فلذات أكبادهم، وتهم المعلمين لضمان اتباع أسلم الطرق والأساليب التربوية بغية الوصول بهم إلى ما يفيدهم ويفيد مجتمعهم.

1.2. تعريف المراهقة

  • لغة : المراهقة « مشتقة من الفعل  »راهق«  بمعنى قارب الحلم أو تدرج نحو النضج »9.

  • اصطلاحا يعرف « علي الديدي » المراهقة بأنها « مجموعة التغيرات النفسية والجسدية والاجتماعية التي تحصل بين نهاية الطفولة الثالثة (12-13سنة) وسن الرشد (18-19سنة) »10

كما يعرفها « معروف زريق » بأنها « مرحلة يعاد فيها تنظيم القوى النفسية والعقلية كي تجابه مطالب الحياة الراشدة، وهي أشبه بأزمات التحول التاريخي من نظام بائد إلى عهد جديد »11

إذا فالمراهقة ليست مجرد مرحلة انتقالية فقط من الطفولة إلى الرشد أو النضج، وإنما هي مرحلة تغيير شاملة لكل جوانب الشخصية. فهي مرحلة حرجة في حياة كل فرد لما يحدث فيها من تغيرات فسيولوجية وجسمية عنيفة، يترتب عليها توترات انفعالية حادة، ويصاحبها القلق والمتاعب، وتكثر فيها المشاكل النفسية وكذا الاجتماعية التي تتطلب من المحيطين بالمراهق التدخل لمساعدته حتى تمر هذه المرحلة بسلام.

ولا بد من الإشارة إلى اختلاف مفهوم المراهقة « Adolescence » على مفهوم البلوغ « Puberté »، كون المراهقة ترتكز على النواحي النفسية، أما البلوغ فيركز على الأبعاد الجنسية والجسمية.

2.2. تحديد فترة المراهقة

شكل رقم (1) يمثل الصورة التحليلية التي تبين المرحلة الانتقالية للمراهقة.

شكل رقم (1) يمثل الصورة التحليلية التي تبين المرحلة الانتقالية للمراهقة.

فالمراهق إذا ليس طفلا، وليس راشدا، وإنما تداخل بين المجالين، فالمراهقة ليست بفترة مستقلة عن حياة الفرد ولا منفصلة عن باقي مراحل نموه، « وإنما هي على العكس من ذلك تعتبر جزءا لا يتجزأ من عملية النمو الشامل المتكامل للفرد »12.

أما فيما يخص تحديد فترة المراهقة فقد اختلف العلماء في تحديد بدايتها ونهايتها، أي متى تبدأ؟ وكم تدوم؟ ومتى تنتهي؟

ولكن على العموم يمكننا أن نميز مرحلتين اثنتين هما :

  • المرحلة الأولى : وهي مرحلة كما يقول « علي الديدي » : « الأهم والأعمق في مسيرة النمو باتجاه النضج، لأنها تمثل نهاية الطفولة، كونها مرحلة البلوغ الذي يحدث عادة في سن (11-13) سنة بالنسبة للبنات وفي سن (13-15) سنة بالنسبة للذكور »13

من خلال ما سبق يمكن القول بأن المراهقة تبدأ من ظهور التغيرات الفيزيولوجية إلى حدوث النضج الجنسي.

  • المرحلة الثانية : تأتي هذه المرحلة بعد فترة البلوغ، وهي مرحلة « يسعى فيها المراهق إلى تأكيد ذاته، وتقبل ما طرأ على شخصيته من تغيرات محاولا التكيف معها بشكلها الجديد، وعادة ما تمتد هذه المرحلة من سن (13-18)سنة عند البنات، و(15سنة إلى 18سنة) عند الذكور »14

وعلى العموم نستخلص أن المراهقة تستمر من سن الثانية عشرة إلى الثامنة عشرة، هذه السن التي عادة ما يتوصل فيها المراهق إلى خلق نوع من التوازن بعدما يحقق التكيف مع الذات الجديدة، وكذا مع مجتمعه.

2.3. المواصفات العامة للمراهقة

تعتبر المراهقة فترة من التردد وعدم الثبات الظاهر في سلوك المراهق وتصرفاته، فنجده أحيانا يتصرف وكأنه راشد، وأحيانا أخرى يتصرف كأنه طفل صغير، وهذا دليل على اختلال الاتزان، وترجع « سعدية محمد علي بهادر » هذا الاختلال إلى « النمو السريع وغير المتساوي اللذين يؤديان إلى شعوره بالقلق والاضطراب، وعدم الراحة الذي يمنعه من الشعور بالسعادة، وأيضا إلى نقص المعلومات والخبرات، فدور المجتمع ها هنا هو مساعدة المراهق وتبصيره حتى يدرك واقع الأمور وحقائقها »15.

ولعل أيضا من أبرز صفات المراهق هو العداء مع كل ما هو راشد، ومع كل من يمثل سلطة عليه، ولهذا تظهر بعض الصفات السيئة في سلوك المراهق، كالإهمال والكذب والتهور، والتخريب، والفوضوية، والانطوائية، وغير ذلك من الصفات العدائية التي تجعل الآباء والمعلمين يتخوفون من مسؤولية تربيته وإعداده، وفي هذا الصدد يقول « علي الديدي » : « إن المراهق إذا لم يحصل على الحنان والاهتمام به يصبح انسحابيا، منطويا على ذاته، أو عدوانيا مشاكسا، نرجسيته الشديدة تجعله يبتهج للثناء عليه وللترحيب به، كما قد يسأم المراهق لا سيما في البيئات الضحلة التي لا تقدم له ما يثير ويلهي، أو تقيد حريته فيفتعل الأسباب وحتى المشاكل لدفع السأم، وقد تكون هذه المشاكل تنفيسا لعدوانية مكبوتة أو دفاعا عن كبريائه المجروح أو نتيجة الشعور بالظلم الذي يعود إلى الطفولة »(1)

إن ما يثير المراهق أيضا ويجعله يشعر بالغضب هو التدخل في شؤونه، أو الفشل في تحقيق ما يصبو إليه.

2.4. خصائص المراهقة

إن الحديث عن خصائص فترة المراهقة يمكن أن يتحدد فيما يأتي :

Image 1000020100000280000000A2FE9065B8.png

وللتفصيل أكثر نعرض المخطط الآتي :

Image 1000020100000280000001BE76ADAAA1.png

3. الميولات والاهتمامات في مرحلة المراهقة

لقد أجريت العديد من الدراسات الخاصة بميول المراهقين من بينها دراسة « لارسوبو، Larcebeau » ودراسة « سيدمان، Seidman »، وبينت أن هناك اهتمامات عامة يمكن أن يقال أنها مميزة للمراهقين. رغم وجود اختلافات شاسعة بين مراهق وآخر، وبين مجتمع وآخر، ومن ثقافة إلى أخرى، كذلك تتغير الميولات من جيل لآخر،إذ أن ما يهم المراهق الذكر أو الأنثى يختلف في العديد من الجوانب عما اهتم به المراهق من نفس العمر قبل قرن على سبيل المثال.

إن « التغيرات الجسمية والاجتماعية التي تحدث في مرحلة المراهقة تخلق ميولات واهتمامات ورغبات جديدة، وهي غالبا ما تقل في عددها عما كانت عليه في مرحلة الطفولة، وتقل أكثر فأكثر بالتقدم في العمر، لدرجة أن المراهقين يظهرون مقاومة نشطة لمحاولة جذب اهتمامهم للأنشطة التي يحاول المنزل والمدرسة إشراكهم فيها »(2). ولهذا كان لزاما علينا معرفة ميولات المراهق واهتماماته حتى يسهل التعامل معه لخلق نتائج إيجابية، وعليه نجد أن الذكور يميلون إلى الاهتمام بالرياضة والألعاب التي تتطلب طاقة جسمية كبيرة، كما يميلون إلى الميكانيك، ويبدون اهتماما أكبر بالجسد وتغيراته، في حين تميل البنات إلى الأفلام والمسلسلات، وكل ما يتصل بالحياة المنزلية والمدرسية، ويجب أن نلاحظ « أن الرحلات تعتبر غاية في الأهمية كوسيلة للترويح بالنسبة للمراهقين، كونها وسيلة سيكولوجية لفطامه لأنها تأخذ المراهق في صحبة أقرانه من نفس عمره »16

كما يميل المراهق بصفة عامة الذكر أو البنت إلى كل ما يرى فيه صورة للترويح عن النفس، كالموسيقى التي تلهب عواطفه، وتثير حواسه، وكذا القصص التي تطلق خيالاته، مع اهتمامه بالكتب والمجلات والتلفزيون والقصص الفكاهية المصورة والرسوم المتحركة والجرائد، خاصة وسائل الاتصال الحديثة كالهاتف النقال والحواسب اللوحية والكمبيوتر...الخ، باعتبارها متنفسا يعبرون من خلاله عن ميولهم، والواقع أن هذه الوسائط يمكن أن تستغلها المدارس في بناء خبراتهم وتطوير مهاراتهم وتقديم الأفكار الجديدة وعلى العموم تتميز حياة المراهق الانفعالية بطغيان الحماس على العقل والمنطق، والميل لكل ما هو جديد ومبتكر، طريف وغامض ومجهول.

هذا ونجد « محمد أيوب الشحيمي » يِؤكد على ضرورة معرفة ميولات واهتمامات المراهق حتى يسهل التعامل معه، فنجده يعدد ميولات المراهقين فيما يأتي :

  • « الميل إلى الخضوع والانتماء إلى جماعة، يفضي بأسراره لها، حيث يتحول ولاؤه من الولاء للأسرة إلى الولاء للجماعة.

  • الميل إلى الجنس الآخر، وكذا الميل لمساعدة الآخرين.

  • الميل إلى النقد والرغبة في إصلاح المجتمع.

  • الميل إلى تأكيد الذات، والزعامة في الناحية الرياضية، والاجتماعية، والعلمية.

  • الميل إلى التفاخر بأسرته ومركزها الاجتماعي.

  • التمرد ورفض الطاعة والخضوع، وهذا ما يدعو إلى بذل المزيد من العطف والتقدير للمراهق.

  • الميل إلى القراءة، وتختلف قراءات المراهقين بحسب الجنس والسن »17

إن الملاحظ المتفحص لهذه الميولات يدرك أنها ليست كلها ميولات سلبية، وإنما تندرج ضمنها اهتمامات إيجابية، يمكن استغلالها في توجيه المراهق وتعليمه، كحبه للقراءة، وميله لمساعدة الآخرين، وكذا صقل ميله للنقد ودعم حبه لإصلاح المجتمع.

1.3. القراءة والمراهق

إذا تساءلنا لماذا يقرأ المراهق الكتب؟ فإجابتنا ستكون : يقرأ المراهق الكتب لثلاثة أسباب هي :

  • مطلب للمعلمين أو الوالدين

  • للحصول على المعلومات

  • للحصول على إجابات تخص مشاكلهم الذاتية

2.3. الميولات القرائية للمراهق

لا بد من الإقرار بأن القراءة كغيرها من وسائل الاتصال التي يلجأ إليها المراهق رغبة في أخذ بعض الأمور التي تقابل حاجاته النفسية والانفعالية، أو أخذ شيء يحتاج إليه، وعدم تقبل هذه الحقيقة يفضي إلى نتيجة حتمية هي أن تدريس الأدب عملية عقيمة كونها لا ترتبط بميولات المراهق واهتمامه مما يجعله يواجهها بالملل، وربما حتى بالكره، لهذا لا بد لنا من الاستفادة من الدراسات التي تناولت اهتمامات المراهقين. ومن بين هذه الدراسات دراسة « أ. برهارت » التي أجراها على المراهقين لمعرفة ميولهم للقراءة، ونوع الموضوعات التي يهتمون بها نسبيا أكثر من غيرها، وقد انتهى من تلك البحوث إلى النتائج الآتية :

شكل3- مخطط يوضح اهتمامات المراهق حسب أ. برهارت(18

شكل3- مخطط يوضح اهتمامات المراهق حسب أ. برهارت(18

نلاحظ من خلال المخطط السابق بأن الدراسة التي قام بها « أ. برهارت » دراسة قاصرة كونها لم تتقيد بفترة المراهقة من بدايتها إلى نهايتها حيث أهملت سن « السابعة عشرة والثامنة عشرة » كما نلاحظ أن هذه الاهتمامات لم تعد اهتمامات مراهق القرن الواحد والعشرين.

أما فيما يخص الدراسة التي قام بها « جونسون » فقد توصل إلى أن أكثر المواضيع التي تنتشر بين المراهقين والمراهقات بين سن (14-16سنة) « هي القصص القصيرة والفكاهات والموضوعات الطريفة، ثم يتلو ذلك في الأهمية المقالات العلمية والرحلات »19.

على العموم نستنتج أن المراهقين يميلون إلى قراءة قصص المغامرة والموضوعات الفكاهية والخاصة بالاختراعات، وقصص البطولات وتاريخ حياة مشاهير الرجال والنساء، بالإضافة إلى القصص الخيالية المروية على ألسنة الحيوانات، وقصص الأسفار وأخبار الرياضة، وشيئا من المعلومات العامة.

ويمكن تمييز ميل المراهقات إلى القصص الرومانسية، وكل ما يتصل بالحياة المنزلية والمدرسية.

4. مدى ملاءمة المواضيع المقررة للقراءة والمطالعة الموجهة لاهتمامات التلاميذ في المتوسط في الجزائر

يجب أن نأخذ في اعتبارنا حقيقة أن القراءة كغيرها من وسائط الاتصال تقدم للمراهق بعض الأشياء التي تقابل حاجاته السيكولوجية أو رغبته في تعلم شيء يشعر حتما بالحاجة إليه، فإذا فشلنا في اختيار المواضيع المطلوب منه قراءتها، وذلك بعدم ربط هذه المواضيع باهتماماته الحقيقية ورغباته ستكون النتيجة حتما أن التلميذ سيواجه هذه النصوص بالملل والموقف الدراسي غير المريح، والذي قد يولد كرها دائما لحصة القراءة أو عدم الانتباه واللامبالاة، ومنه عدم الاستفادة من الموضوع المطروح.

وبالنظر إلى مواضيع القراءة المقررة في الكتاب المدرسي لسنوات التعليم المتوسط المختلفة في الجزائر، ومع الأخذ بآراء كل من أساتذة مادة اللغة العربية لذات المستويات، وكذا آراء التلاميذ، وجدنا أن بعض المواضيع المختارة لا تتناسب مع اهتمامات التلاميذ ولا تستميلهم إلى قراءتها. وعليه لا بد من إعادة النظر في هذه المواضيع، التي ينبغي أن يكون اختيارها مبنيا على دراسة حديثة ترصد اهتمامات المراهقين في الجزائر خاصة إذا علمنا أن الميولات والاهتمامات تختلف من مجتمع إلى آخر. في الأخير لا يسعنا إلا أن نشير إلى أن هذا المقال هو عبارة عن بعض العناصر الأولية من مشروع البحث في الدكتوراه الذي سأقدمه في الأيام المقبلة. وهو عبارة عن دراسة تهدف إلى رصد ميولات واهتمامات المراهقين في الجزائر وربط هذه الميولات مع المواضيع المقررة للقراءة والمطالعة في الكتب المدرسية لمرحلة التعليم المتوسط.

1 ابن منظور، لسان العرب، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، المجلد 03 : "من القاف إلى الياء"، ص42.

2 مجدي وهبة، وكامل المهندس، معجم المصطلحات العربي في اللغة والأدب، مكتبة لبنان، بيروت، ط2، 1984، ص287.

3 المنجد في اللغة والإعلام، دار المشرق، بيروت، ط32، 1997، ص616.

4 فخري محمد صالح، دعوة الإسلام إلى إجادة القراءة والكتابة، فخري محمد صالح، دار الوفاء للطباعة، مصر، ط1، 1415ه/1995م، ص33.

5 Paul Foulquie, Dictionnaire de la langue pédagogique, presses universitaires de France, Paris : 1971. P. 287.

6 Dictionnaire actuel de l'éducation [Texte imprimé] / [sous la dir. de] Renald Legendre Édition : 2e éd. Publication : Montréal : Guérin ; Paris :

7 روبيرد دوتراسن، التربية والتعليم، ترجمة أنطوان فوزي وآخرون، مكتبة لبنان، ص45.

8 القرآن الكريم، سورة العلق، الآية 1 و2 على التوالي

9 إبراهيم أنيس وآخرون : المعجم الوسيط، ط2، ص402.

10 علي الديدي، التحليل النفسي للمراهقة –ظواهر المراهقة وخفاياها- دار الفكر اللبناني، بيروت، ط1، 1995، ص07.

11 معروف زريق، خفايا المراهقة، دار الفكر، دمشق، ط2، 1402ه/1986، ص14.

12 سعدية محمد علي بهاور، في سيكولوجية المراهقة، دار البحوث العلمية، الكويت، ط1، 1400ه/1980م، ص87.

13 علي الديدي، التحليل النفسي للمراهقة، ص18.

14 ينظر : المرجع نفسه، ص21.

15 سعدية محمد علي بهاور، في سيكولوجية المراهقة، ص33.

16 المرجع نفسه، ص125.

17 ينظر : محمد أيوب شحيمي، دار الفكر اللبناني، بيروت، ط1، 1994، ص210.

18 ينظر، معروف زريق، خفايا المراهقة، ص47، 48.

19 نفس المرجع السابق، ص48.

القرآن الكريم

المنجد في اللغة والإعلام، دار المشرق، بيروت، ط32، 1997.

إبراهيم أنيس وآخرون : المعجم الوسيط، ط2.

ابن منظور، لسان العرب، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، المجلد 03 : ;من القاف إلى

الياء.

روبيرد دوتراسن، التربية والتعليم، ترجمة أنطوان فوزي وآخرون، مكتبة لبنان.

سعدية محمد علي بهادر، في سيكولوجية المراهقة، دار البحوث العلمية، الكويت،

ط1، 1400ه/1980م.

فخري محمد صالح، دعوة الإسلام إلى إجادة القراءة والكتابة، ، دار الوفاء

للطباعة، مصر، ط1، 1415ه/1995م.

علي الديدي، التحليل النفسي للمراهقة –ظواهر المراهقة وخفاياها- دار الفكر اللبناني،

مجدي وهبة، وكامل المهندس، معجم المصطلحات العربي في اللغة والأدب، مكتبة لبنان،

بيروت، ط2، 1984.

محمد أيوب شحيمي، دار الفكر اللبناني، بيروت، ط1، 1994.

- معروف زريق، خفايا المراهقة، دار الفكر، دمشق، ط2، 1402ه/1986.

Guérin. Dictionnaire actuel de l’éducation, 2 ème édition, Québec.1993.

Foulquie, Paul. Dictionnaire de la langue pédagogique, Paris : presses universitaires de France, 1971.

1 ابن منظور، لسان العرب، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، المجلد 03 : "من القاف إلى الياء"، ص42.

2 مجدي وهبة، وكامل المهندس، معجم المصطلحات العربي في اللغة والأدب، مكتبة لبنان، بيروت، ط2، 1984، ص287.

3 المنجد في اللغة والإعلام، دار المشرق، بيروت، ط32، 1997، ص616.

4 فخري محمد صالح، دعوة الإسلام إلى إجادة القراءة والكتابة، فخري محمد صالح، دار الوفاء للطباعة، مصر، ط1، 1415ه/1995م، ص33.

5 Paul Foulquie, Dictionnaire de la langue pédagogique, presses universitaires de France, Paris : 1971. P. 287.

6 Dictionnaire actuel de l'éducation [Texte imprimé] / [sous la dir. de] Renald Legendre Édition : 2e éd. Publication : Montréal : Guérin ; Paris : ESKA, 1993. P. 787.

7 روبيرد دوتراسن، التربية والتعليم، ترجمة أنطوان فوزي وآخرون، مكتبة لبنان، ص45.

8 القرآن الكريم، سورة العلق، الآية 1 و2 على التوالي

9 إبراهيم أنيس وآخرون : المعجم الوسيط، ط2، ص402.

10 علي الديدي، التحليل النفسي للمراهقة –ظواهر المراهقة وخفاياها- دار الفكر اللبناني، بيروت، ط1، 1995، ص07.

11 معروف زريق، خفايا المراهقة، دار الفكر، دمشق، ط2، 1402ه/1986، ص14.

12 سعدية محمد علي بهاور، في سيكولوجية المراهقة، دار البحوث العلمية، الكويت، ط1، 1400ه/1980م، ص87.

13 علي الديدي، التحليل النفسي للمراهقة، ص18.

14 ينظر : المرجع نفسه، ص21.

15 سعدية محمد علي بهاور، في سيكولوجية المراهقة، ص33.

16 المرجع نفسه، ص125.

17 ينظر : محمد أيوب شحيمي، دار الفكر اللبناني، بيروت، ط1، 1994، ص210.

18 ينظر، معروف زريق، خفايا المراهقة، ص47، 48.

19 نفس المرجع السابق، ص48.

شكل رقم (1) يمثل الصورة التحليلية التي تبين المرحلة الانتقالية للمراهقة.

شكل رقم (1) يمثل الصورة التحليلية التي تبين المرحلة الانتقالية للمراهقة.

شكل3- مخطط يوضح اهتمامات المراهق حسب أ. برهارت(18

شكل3- مخطط يوضح اهتمامات المراهق حسب أ. برهارت(18

سارة طلاح Talah Sarah

Université Alger 2

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article