السرديات الصوفية ومعرفة الذات في رواية "أبواب الروح السبعة" لأيوب الحاجلي: قراءة هيرمينوطيقية في خطاب العتبات

Les récits mystiques et la connaissance de soi dans "Les Sept Portes de l’Âme" d’Ayoub El Hajli : une lecture herméneutique des seuils

Mystical Narratives and Self-Knowledge in Ayoub El Hajli’s The Seven Gates of the Soul: A Hermeneutic Reading of the Thresholds

سناء بوختاش

Citer cet article

Référence électronique

سناء بوختاش, « السرديات الصوفية ومعرفة الذات في رواية "أبواب الروح السبعة" لأيوب الحاجلي: قراءة هيرمينوطيقية في خطاب العتبات », Aleph [En ligne], mis en ligne le 16 juillet 2025, consulté le 19 juillet 2025. URL : https://aleph.edinum.org/14872

تهدف هذه الدراسة إلى تحليل الخطاب العرفاني في رواية أبواب الروح السبعة للكاتب أيوب الحجلي، من خلال استكشاف البنية اللغوية للنص وتأويل رموزه للكشف عن معانيه الباطنية والروحية. تركز الدراسة على العلاقة الجدلية بين الروح والجسد في إطار رحلة البحث عن الذات، وعلى كيفية تحقيق التوازن بينهما في سياق التجربة الصوفية العرفانية.

وقد خلص البحث إلى أن الرواية تقدم رؤية متكاملة لمسار تحقيق الذات، من خلال تفاعل الجسد والروح في تجربة معرفية تنزع إلى السمو والتعالي. كما أن اللغة العرفانية التي يعتمدها الكاتب تُضفي على النص عمقًا رمزيًا يفتح أمام القارئ آفاقًا لتأويلات متعددة، تتجاوز المستوى السردي الظاهري إلى استبطان المعاني الفلسفية والوجودية الكامنة.

Cette étude propose une analyse du discours mystique dans le roman Les Sept Portes de l’Âme de l’écrivain Ayoub Al-Hajli. Elle vise à explorer la manière dont le langage romanesque construit un univers symbolique permettant de révéler les significations ésotériques et les dimensions cachées du texte. L’accent est mis sur la relation dialectique entre l’âme et le corps dans la quête initiatique de la connaissance de soi, ainsi que sur les modalités d’harmonisation entre ces deux composantes de l’être.
Les résultats de l’analyse montrent que le roman élabore une vision intégrée de la réalisation de soi, fondée sur l’interaction dynamique entre le corporel et le spirituel. La langue mystique mobilisée par l’auteur confère au récit une densité symbolique qui engage le lecteur à dépasser la surface narrative pour accéder à des niveaux de sens plus profonds.

This study examines the mystical discourse in the novel The Seven Doors of the Soul by Ayoub Al-Hajli, through a critical analysis of the narrative language and its interpretative layers. The research focuses on how the interplay between the soul and the body is represented within the protagonist’s spiritual journey towards self-knowledge and the pursuit of an inner balance.
The findings reveal that the novel articulates a comprehensive vision of self-realization, where the interaction between the corporeal and the spiritual becomes central to personal transcendence. The use of mystical language endows the narrative with symbolic richness, inviting readers to engage with deeper levels of meaning beyond the apparent storyline.

المقدمة

في الأدب، تتنوع أساليب التعبير بين الواقعية والرمزية، لكن هناك نمطًا مميزًا يهدف إلى الوصول إلى أعمق مستويات الوجود الإنساني، وهو الخطاب العرفاني، الذي يتجاوز حدود الفكر المادي ليغوص في أعماق الروح البشرية، ويعبّر عن التجارب الروحية العميقة ورحلة البحث عن الحقيقة والذات. إنه خطاب يسعى إلى تحقيق المعرفة الذاتية وفهم الكون من خلال التأمل والتجربة المباشرة. وهذا النوع من الكتابة لا يقتصر على السرد التقليدي للأحداث، بل يفتح آفاقًا جديدة لفهم الوجود والذات، حيث يكون المعنى الروحي هو الهدف الأسمى.

والروايات التي تتناول الخطاب العرفاني تتجاوز السرد المعتاد لتكشف عن الروح البشرية وتبحث في الأسئلة الكبرى المتعلقة بالوجود. فالبطل في هذه الروايات ليس مجرد شخصية سردية، بل يمثل نموذجًا يعبر عن رحلة الإنسان نحو الاتحاد مع الكون أو مع الإله. ومن هنا تنبع أهمية الرواية العرفانية التي تعكس التوتر بين الجسد والروح، بين الظاهر والباطن، وبين العالم المادي والعالم الروحي.

في هذا السياق، سنتناول رواية «أبواب الروح السبعة: رحلة في رحاب الذات» للكاتب السوري أيوب الحجلي. إذ تمثل هذه الرواية أنموذجًا للرواية العرفانية التي تتجاوز الواقع المادي وتسعى للوصول إلى معنى أعمق للحياة من خلال لغة عرفانية توظف مفاهيم روحية وصوفية تتطلب من القارئ تأملًا وتفاعلًا إدراكيًا عميقًا.

انطلاقًا من هذه التوطئة، تطرح هذه الورقة البحثية عددًا من الإشكاليات الجوهرية التي تحاول الرواية معالجتها، من بينها: من هي الذات التي يسعى أيوب الحجلي للوصول إليها في رحلته الروحية؟ وكيف يمكن للإنسان أن يحقق معرفة ذاتية حقيقية؟ وهل بوابة الذات هي الروح؟ وهل تحقيق الذات يعني تجاوز الجسد، أم يتطلب الأمر توازنًا بين الجسد والروح؟

ويستند البحث إلى ثلاث فرضيات رئيسية:

  1. أن الذات التي يسعى الكاتب للوصول إليها في رواية «أبواب الروح السبعة» هي الحقيقة الجوهرية للإنسان، تلك التي لا يمكن اكتشافها إلا من خلال التجارب الروحية.

  2. أن اللغة العرفانية المستخدمة في النص ليست مجرد أداة تعبير، بل هي وسيلة للتواصل مع المعاني الوجودية وتجسيد للتجربة الروحية.

  3. أن تحقيق الذات في الرواية يتطلب توازنًا دقيقًا بين الجسد والروح، حيث لا يمكن التضحية بأحدهما على حساب الآخر، بل يجب أن يتكامل الاثنان في سبيل تحقيق التنوير الذاتي.

ويهدف هذا البحث إلى فهم طبيعة الخطاب العرفاني وأبعاده في الأدب الروائي، مع التركيز على رواية «أبواب الروح السبعة» بوصفها أنموذجًا، وتحليل كيفية توظيف اللغة العرفانية في النص وتأويلها للوصول إلى المعاني العميقة. كما يسعى إلى إبراز كيفية معالجة مفهوم الذات في إطار الخطاب العرفاني، وعلاقة الروح بالجسد في سياق الرحلة الروحية للبطل.

ولتحقيق هذه الأهداف، توسل البحث بمنهجية نقدية متكاملة تجمع بين المنهج التأويلي والتحليل السيميائي والسردي. تم تحليل العتبات النصية للكشف عن الدلالات الخفية والمعاني الرمزية، مع دراسة كيفية بناء العالم العرفاني عبر اللغة والتراكيب السردية. كما تم استحضار آليات القراءة العتباتية لتفكيك العناوين والمقولات المرافقة للأبواب السبعة، واستلهم التحليل أبعاد التأويل العرفاني كما تجلّت في التراث الصوفي عند محيي الدين بن عربي والحلاج، قصد كشف الطبقات الباطنية للنص وربطها بالسياقات الثقافية والفلسفية التي شكّلت خلفية المشروع الروائي لدى أيوب الحجلي

1. أيوب الحجلي ومسار الكتابة العرفانية

الكتابة عند أيوب الحجلي تمتاز بالعمق والغموض، وتتطلب قارئًا متأمّلًا ينطلق في رحلة اكتشاف لمضامينها، إذ أن هذه الأعمال تتجاوز أفق التوقعات المعتادة لما تعودنا على قراءته وسماعه. ورغم إدراكنا أن لكل كاتب أسلوبه الخاص، فإن الحجلي ينتمي إلى نمط إبداعي متفرد، فهو مبدع استثنائي يسعى وراء ما هو أبعد من الأفق، بحثًا عن الحقيقة، ليذوب فيها ويصبح جزءًا منها، في سعيه نحو السعادة المتأتية من امتلاك المعرفة الحقة.

في رحلته المعرفية، لا يعتمد الحجلي على التجريبية، بل يتبع نهجًا قائمًا على الإلهام والكشف الصوفي. فهو يغوص في أعماق الباطن لينقل إلينا الحقيقة، التي لا تقتصر على كونها مادية، بل هي حقيقة روحية خالصة، نابعة من المعرفة الصافية والمتجردة.

وقد ساعد تخصص أيوب الحجلي في علم النفس على استكشاف خبايا النفس البشرية وكشف أسرارها. ورغم أن الأدب يُعد من الفنون الإبداعية ذات الامتداد العالمي، فقد اتخذه الحجلي، كما فعل غيره من المبدعين، وسيلة لتحقيق رؤاه وأهدافه. وقد نشر العديد من الأعمال، نذكر منها :

  • « معتقدات مظلمة : دراسة في التاريخ الديني القديم »،

  • « العبادات الآثمة : دراسة في التاريخ الديني المعاصر »،

  • « آلهة الدموع : رواية اجتماعية »،

  • « تحت ظلال النجوم : مجموعة قصصية »،

  • « أبواب الروح السبعة : رحلة في رحاب الذات » (رواية صوفية)،

  • « الحقيقة السوداء : دراسة في الميثولوجيا الدينية »،

  • « أساطير العالم المفقود : دراسة في علم النفس الأسطوري ».

وتعكس هذه المؤلفات عمق وعي الحجلي وكفاءته في توظيف أدواته الكتابية لإبداع متفرّد. فهو يمزج بين علم النفس والأدب، ليخلق تجربة فنية فريدة ترتكز على أبعاد نفسية وفلسفية وروحية، ذات طابع عرفاني صوفي واضح. وتُعد روايته « أبواب الروح السبعة : رحلة في رحاب الذات » عملاً استثنائياً، يبرز فيه أسلوبه المميز الذي يتجاوز أنماط البوح السردي التقليدي.

2. رواية « أبواب الروح السبعة » : بين التجربة الروحية والخطاب العرفاني

تمثّل رواية « أبواب الروح السبعة : رحلة في رحاب الذات » للكاتب أيوب الحجلي تجربة روحية عرفانية بامتياز، تستند إلى مقومات التصوف العميق الذي يتجاوز البعد السردي الظاهري ليلامس الجوهر الروحي للإنسان. إذ تقيم الرواية بنيتها على مجاهدة النفس وتصفية الروح من علائق المادة والشهوة، كما عبّر عن ذلك حسين بقوله :

«على مجاهدة النفس وتصفيتها، التي تمثل أعظم حجاب يحول دون الكشف » (حسين، 1412هـ/1992، ص. 156).

هذا المنطلق يجعل من الرواية مسعى لبحث ماهية الذات الإنسانية وعلاقتها بالخالق، عبر لغة عرفانية مشفّرة تلامس النفس وتعانق الوجدان، وتستدعي حالة التيه الوجودي الذي يعيشه الإنسان في عالمه الباطني.

لقد اعتمد الروائي تقنية الرحلة كإطار بنائي للنص، بحيث سافر عبر اللغة بانسيابيها، مانحًا القارئ تأشيرة تأويلية للولوج إلى عالم الرواية وتأمل مدلولاتها. وفي هذا المسعى، يفتح النص أمام القارئ بابًا لاستكشاف العالم المتعالي، كما عبّر ديركي :

« ظواهر العالم اللامتناهية التي هي في المجال اللامتناهي للألوهية، تثير في النفس الخواطر وتشوّق النفس إلى معرفة ما تكنّه في أعماقها، فيخرج الله ما هو مكنون في نفس العارف، ويعرّفه ما لم يكن يعلم » (ديركي، 2006، ص. 150).

من هذا المنظور، يصبح البحث عن جوهر الروح سعيًا مشتركًا بين القارئ وبطل الرواية. فالروح في التصور العرفاني الذي تحمله الرواية هي الأصل الذي يسبق الجسد، كما يوضح الألوسي :

« الروح أسبق موجودات الله جميعا، عاشت وتحركت وأضحى لها فيها وجود من قبل أن يُخلق العالم، وهي غريبة في منفاها، تحنّ دائمًا للعودة إلى مسكنها العلوي بعيدًا عن الجسد » (الألوسي، 1999، ص. 21).

يصرح أيوب الحجلي في موضع آخر بأصالة الروح وأهميتها في توجيه الجسد :

« إنّ أصل الوجود هو الروح، وهي الجوهر الذي يحمل جسدنا، فإذا كانت الروح نقيّة صافية قادت الجسد إلى بوّابات المعرفة، أمّا إذا كانت منقادة لمخالب الجسد ضاعت في فوضى الوجود وضيّعت الجسد معها » (الحجلي، 2016، ص. 17).

ثم يؤكد في موضع آخر مركزية المعرفة في صقل الروح :

« إنّ الروح جوهر صاف، إذا صقلته بالمعرفة ومواد الروح سمت وارتفعت في طريق شموس الحقيقة، أمّا إذا أغرقتها في وحل الجسد خبت شعلتها وابتعدت عن الطريق » (الحجلي، 2016، ص. 37).

تتبدى التجربة العرفانية في الرواية كفضاء معرفي غير محدود بالأمكنة والأزمنة، إذ يقول الروائي :

« فهي موجودة قبل هذا كلّه، سبقتهم بالوجود فارتفعت بصفاتها عنهم، وما كان أسبق، كان أرقى بصفاته، بدأت المعرفة وانحدرت منها الموجودات، وبقيت متصلة تمدّهم بالحقيقة من روحها لأنها الأقدم والأبقى » (الحجلي، 2016، ص. 69).

هذه المعرفة لا تعطي ثمارها إلا لمن امتلك أدوات التّحين والتأويل وفك الرموز، في سياق يجعل من القارئ شريكًا في استكشاف أسرار الوجود.

من هنا، تبدأ رحلة البطل التي تشكّل انعكاسًا لرحلة القارئ نفسه. فالبطل، الذي « مات » وعاد إلى عالم مغاير، يلتقي بحكيم المعبد الذي يتفحصه ليكتشف فيه بذور الحكمة والاستعداد للمعرفة. يروي البطل :

« لم أستطع مقاومته... وكأنّي كنت بحاجة إلى أن يعرف تعبي [...] ابتسم وأردف : _ رغم جوعك هذا فإنّه غير قاتل. وختم قوله بضحكة هادئة... » (الحجلي، 2016، ص. 11-12).

وعندما يستعد للنوم، يوصيه الحكيم :

« _ لا تنسَ أن تطفئ الشمعة قبل نومك... » (الحجلي، 2016، ص. 12).

هذه الوصايا والمواقف تُعدّ تمهيدًا لاختبارات روحية سيخوضها البطل عبر الأبواب السبعة. مع طلوع الصباح، يمنحه الحكيم مفاتيح الحكمة ويوجّهه إلى استنطاق الباطن، حيث يقول الزين :

« لا بدّ أن يقرأ شظايا العلامات المتناثرة في داخله » (الزين، 2002، ص. 100).

يبدأ « طالب الحكمة » رحلته عبر أبواب الروح السبعة، التي تشكّل محطات روحية متعاقبة يقوده رابطها الأساسي : المعبد والحكيم. في مفتتح الرحلة، يُنصحه الحكيم بقوله :

« أنّ الروح موجودة قبل المنطق، يجب أن تتقبّل الحياة، وتنساب فيها، وأن تتعرّف إليها من جديد، ينبغي أن تُدرك الحياة من جوهرك، لا من تجاربك مع الآخرين » (الحجلي، 2016، ص. 15).

وتتجلى خاتمة اللقاء في التوصية التالية :

« - تذكّر ما هدف هذه الرحلة؟ ومن أنت » (الحجلي، 2016، ص. 20).

تشكل هذه التوجيهات الإطار المعرفي للرحلة، التي تشتغل على الكشف لا بالحس، بل عبر وعي الذات بحقيقتها الباطنية.

لقد صاغ أيوب الحجلي لغته الروائية بتشفير عرفاني يستبطن أبعاد الذات والكون معًا. وهكذا تتحول اللغة إلى وسيط فلسفي عميق، كما يوضح الزين :

« البنية التشفيرية للغة وسيلة للتواصل غير المباشر بين الذات والعالم، تتناغم مع البنية الروحية العميقة للذات الإنسانية » (الزين، 2002، ص. 60).

في هذا السياق، يصبح المعنى في الخطاب العرفاني ليس غاية جاهزة، بل تجربة تأويلية مفتوحة. فالرواية لا تقدم السرد كحكاية مغلقة، بل كرحلة دائمة بين المعنى الظاهري والباطني، وهو جوهر الكتابة الصوفية التي تُحيل كل قارئ إلى مدارج الحقيقة بقدر استعداده الروحي والمعرفي.

3. قراءة في خطاب العتبات والبحث في المعنى

شهد خطاب العتبات في الفن الروائي اهتمامًا واسعًا على يد نخبة من الروائيين، حيث تُعد العتبات مداخل ضرورية لفهم النص الروائي بجميع أبعاده ومستوياته. ومن خلال دراسة رواية « أبواب الروح السبعة : رحلة في رحاب الذات » لأيوب الحجلي، تكشف العتبات تداخلاًبين الإنجاز الفكري والرؤيوي، إذ تقوم الرواية على فكرة فلسفية صوفية تتمحور حول تحقيق الذات والوصول إلى اليقين.

العنوان الرئيس والعناوين الفرعية في الرواية تعد مفاتيح لفهم النص، حيث تقدم إضاءات أساسية تساعد القارئ على التفاعل مع عالم الرواية وفهم معانيها العميقة. فكل عنوان يمثل عتبة رئيسية ضمن شبكة من المعاني المتقاطعة، التي تظهر بوضوح في الرواية المبنية على سبعة أبواب، والتي يمر بها البطل في رحلته نحو تحقيق الذات والوصول إلى اليقين المطلق.

1.3. الباب الأول : « شموس الحقيقة لا تراها كلّ عين »

أول محطة روحية مرّ بها « طالب الحكمة » في رحلته الروحية كانت بعنوان : « شموس الحقيقة لا تراها كلّ عين » (الحجلي، 2016، ص. 21)، وهي مقولة للحكيم الهندي (شري أتمنندا). في هذا الباب، يلتقي البطل برجل أعمى في وسط غابة خضراء ذات مناظر خلابة، حيث يقرر أن يصاحبه بعد معاناة السفر والجوع الشديد، خصوصًا بعد أن منح قطعة الجبن الوحيدة التي كانت بحوزته لأنثى كلب جائعة. انفعاله الشديد بعد فقدان الماء والطعام جعله يثور على الحكيم الذي منحه الحقيبة، لكنه بعد أن هدأ، أدرك أنه لم يتحرر من شهوات الحياة وملذاتها.

يبدأ البطل في مراجعة نفسه ويقول :

« أدركت أني أخطأت بثورتي... كان قبولي للرحلة هو اختياري... كان تقديمي الطعام للكلب هو اختياري... كان كسري للقارورة هو اختياري... » (الحجلي، 2016، ص. 26).

هنا يفهم أن ضبط الانفعالات يُعد مرحلة محورية في مسار الرحلة، وأن القسمة والرزق أمران متباينان. في حواره مع الرجل الأعمى، يشعر أن هذا الأخير يمتلك معرفة عميقة، ولذلك يقرر ملازمته، حتى يحدث تداخل غير متوقع بين الشخصيتين، حيث يندمجان في شخصية واحدة.

1.1.3. الوهم بالحقيقة

يدفع مشهد الاندماج بين « طالب الحكمة » و« الرجل الأعمى » القارئ إلى التساؤل حول ماهية الحقيقة : هل هي واحدة ومطلقة، أم متعددة ومتباينة بحسب التجربة الفردية؟ وهل يتم الوصول إليها بسهولة أم بعد مجاهدة وصراع داخلي؟

في المشهد الأول، يبرز السرد أقصاء المرأة من مسار السعي الروحي، حيث تُمثل رمزًا للغواية الجسدية التي تُفضي إلى ضياع البصيرة. يتجلى هذا في لحظة انقياد الرجل الأعمى لإغراء امرأة التقاها في الغابة :

« اقتربت لتضع شفتيها على شفتيّ... عندما شعرت بجسدها الساخن لم أعد أرى ذاك البريق السرابي... أدركت أنني أعمى لا أرى الطريق... لا... » (الحجلي، 2016، ص. 34).

يتكرر المشهد ذاته في حكاية الناسك الذي انقطع عن العالم عشرين عامًا للزهد والعبادة، ثم عاد يحمل سلة من القش مملوءة بالماء، فإذا بالماء ينسكب تدريجيًا على أرض الدكان أثناء انجرافه خلف فتاة جذابة :

« ... وإذا بماء السلة ينسكب رويدًا رويدًا على أرضية الدكان » (الحجلي، 2016، ص. 37).

في هذين المشهدين، يربط الروائي بين المرأة وبين المتعة الجسدية التي تُضعف التجربة المعرفية وتشوّش الإدراك الروحي. فالانقياد وراء الجسد يؤدي إلى فقدان البصر والبصيرة معًا، كما حدث مع الأعمى والناسك.

غير أن صانع الأحذية، الذي بقي في عالم الجسد منغمسًا في تفاصيله دون أن يفقد وعيه أو يتأثر به، يمثّل نموذجًا للوعي المتزن والثبات الروحي. فقد اعتاد رؤية سيقان وأقدام النساء دون أن ينجرف أو يتأثر، مما جعله أكثر نقاءً وصمودًا. من هنا، يُفهم أن الزهد الحقيقي ليس في الهروب من العالم، بل في التحرر الواعي من مغريات الدنيا مع البقاء داخلها.

الروائي يدعو هنا إلى مواجهة الجسد، لا الفرار منه؛ إلى ممارسة الوعي وسط اختبارات الرغبة والانجذاب، مع التمسك بالهدف الأسمى للذات. وهو ما يؤكده غركان بقوله :

« اللغة إشارات رمزية، يغذيها الوجدان الصوفي بالمعاني الجديدة، ورموزًا تستوعب الظاهر، وتغوص عميقًا في الباطن » (غركان، 2008، ص. 281-282).

وهذا ما يجعل النص العرفاني مفعمًا بالدلالات المتعددة التي لا يمكن القبض عليها من قراءة واحدة، كما يشير مبارك :

« النص الذي يعج بدلالات متعددة يحتاج إلى قراءات متكررة » (مبارك، د.ت، ص. 151).

إذًا، الوهم بالحقيقة يتجسد في الانقياد للمحسوس وإغفال الباطن، مما يجعل الحقيقة زائفة إذا لم تُسند بالمعرفة والبصيرة الروحية.

2.1.3. الحقيقة المطلقة

في مسار البحث عن الحقيقة، يشير ناصف إلى آلية الفهم وتعدد مستويات المعنى في النص :

« في القراءة الأولى للنص نؤول العبارات وفق ارتباطاتنا الذهنية السابقة بالكلمات، ولكن إذا أخذنا نشك في هذا الارتباط، بدأنا نلتمس معنى آخر... » (ناصف، 1981، ص. 160).

بهذا المنظور التأويلي، نستطيع تفسير لحظة اندماج « طالب الحكمة » مع « الرجل الأعمى » في الرواية. فـ« طالب الحكمة » الذي فقد هدفه أمام الجوع الجسدي، التحم بالرجل الأعمى الذي كان يرى ببصيرته رغم فقدان بصره، إلى أن استسلم هو الآخر لمتعة الجسد، فكانت النتيجة واحدة : انطفاء نور المعرفة وفقدان نار الإدراك.

هذا ما عبّر عنه البطل بوضوح حين قال :

« عندما أعجبتني قطعة الجبن أخمدت نور المعرفة [...] لم أعد أملك أي شيء من نار المعرفة... » (الحجلي، 2016، ص. 35-36).

إذًا، الحقيقة المطلقة في التصور العرفاني ليست معطى جاهزًا، بل هي موجودة في داخلنا، لكنها عمياء ما لم تُصقل وتُستخرج إلى النور عبر المجاهدة والتأمل.

وهكذا يتضح أن الجسد في الرواية ليس غاية في حد ذاته، بل هو وسيلة للسمو الروحي متى تم تهذيبه وضبطه. أما إذا تُرك الجسد يقود الذات، فهو ينحدر بها إلى ظلمات الشهوة ويطفئ شعلة البصيرة. من هنا، تتحدد الحقيقة المطلقة بوصفها رحلة داخلية متواصلة، تنشد الانعتاق من أسر الجسد إلى نور الروح.

2.3. الباب الثاني : « التعلّم دون تفكير جهد ضائع، والتفكير دون تعلّم أمر خطير »

في الباب الثاني الذي عنونه أيوب الحجلي بمقولة كونفوشيوس : « التعلّم دون تفكير جهد ضائع، والتفكير دون تعلّم أمر خطير » (الحجلي، 2016، صفحة 39)، يواصل الروائي تتبّع رحلة طالب الحكمة (البطل) في مسعاه نحو المجد والمعرفة الروحية. في هذا المشهد، يتخلّى البطل عن الأعمى بعد أن استوفى التجربة المعرفية المرافقة له، ويدخل غابة كثيفة الظلمة والبرد، حيث يجد نفسه أمام كوخ صغير تقطنه امرأة عجوز عمياء.

تبرز صورة المرأة العجوز هنا على نحو مغاير تمامًا لما ساد في الباب السابق، فهي ترمز إلى الطهارة والنقاء في تجلٍّ يشبه شخصية مريم البتول، لتصبح بذلك نموذجًا أنثويًا مقدّسًا، يحمل دلالات الحكمة الروحية والمعرفة الباطنية. بهذه النقلة التصويرية، يرتقي الكاتب بالنموذج الأنثوي من موقع الابتذال والإغواء إلى مقام الروحانية العالية، حيث تتقمّص العجوز دور المعلمة والمرشدة لطالب الحكمة.

تستدعي الرواية، من خلال هذه العتبة، العلاقة الرمزية بين البطل وأسطورة سيزيف، في إشارة إلى التوتر بين الخلود المتوهَّم والخلود الحقيقي. فسيزيف، بوصفه رمزًا للعبثية والجهد العقيم، يُعاقب بدحرجة صخرة نحو قمة جبل لا تلبث أن تتدحرج إلى الأسفل، في دورة عبثية لا نهاية لها. هذه الصورة تتناقض مع تمثّلات الخلود الروحي الذي يعكسه النموذج المسيحي المتجلي في مريم والمسيح.

إن المغزى الذي يسعى الروائي لتسليطه هنا، يتمثّل في العلاقة الجدلية بين التعلّم والتفكير؛ فالتعلّم المنفصل عن التفكير يؤدي إلى إنتاج جهد غير مثمر، كما في حالة سيزيف، بينما التفكير بمعزل عن تعلّم أصيل يؤدي إلى الغرور والتيه، وهو ما أدّى إلى سقوط سيزيف، الذي ظن نفسه ندًّا للآلهة.

ينشأ من هذا المقابل تماهٍ داخلي بين البطل وسيزيف، حيث يخوض كلاهما معركة معرفية وجودية. يدرك القارئ، ومعه البطل، أن الأسطورة لم تكن مجرد حكاية خرافية، بل انعكاس رمزي لكينونة الإنسان ذاته. وقد تجلى ذلك في قول البطل :

« نعم، إنّه صوت الطّموح والتّكبّر فينا، نعتقد أنّنا آلهة في لحظة من الطّيش والتّجبّر وننسى أنّ ضعفنا يتجسّد في هذا البدن الذي نسكنه، فسينهزم يوما ما أمام أضعف المخلوقات... دود الأرض... » (الحجلي، 2016، صفحة 63).

ما يطرحه الروائي هنا يتجاوز فكرة العالم كـ« وهم »، ليضع يده على أن التمرّد على معايير الحقيقة هو أصل الزيف. ومن هنا يصبح استلهام المعرفة الحقّة أمرًا لا يتحقق إلا من خلال استبطان الذات وتجاوز نوازعها المادية. وهو ما تجسده مقولة العجوز العمياء : « لا تبحث عن أيّ شيء خارج حدودك... ابحث عنه فيك... فيك انطوى الكون وما فيه... وفيك وجد سرّ الحياة والخلود... » (الحجلي، 2016، صفحة 64).

من هذا المنظور، تغدو أسطورة سيزيف استعارة كونية تسكن حياة كل فرد، حيث تتكرّر بشكل يومي في صورة الطموحات المتراكمة والأعمال الروتينية الفارغة. وإذا كانت النظرة السطحية إلى الأسطورة تبرز عبثية الحياة، فإن القراءة النقدية المتأنية تكشف إمكانات الكفاح الإنساني والانبعاث من رماد العادة. وهذا ما يتجلى عند ألبير كامو، الذي يرى في أسطورة سيزيف رمزًا للتمرّد الخلّاق وللقوة الكامنة في فعل التحدي اليومي.

هكذا، يتجسّد تمثيل البطل لسيزيف في صراع وجودي يتمحور حول ماهية المعرفة وشروطها؛ إذ يشعر بأنّ المعرفة حاضرة، لكنها تفلت منه لأنه لم يمتلك أدوات الوعي الكافية لفهمها وتأويلها. وهذا ما يُعبَّر عنه بقوله : « وضاع بين أنغام الفوضى وطنين الجسد الفاني » (الحجلي، 2016، صفحة 64).

لذا، فإن توظيف الروائي لأسطورة سيزيف في هذا السياق لا يُعدّ مجرد إسقاطٍ رمزي، بل هو ربط منهجي بين المرئي والغائب، والمعلوم والمجهول. كما يؤكد أدونيس : « الصورة ليست تشبيهية تولد من المقايسة، وإنما تولد من التقريب والجمع بين عالمين متباعدين » (أدونيس، 1982، صفحة 120).

هكذا نجد أن الروائي يستدعي بنية لغوية ذات طابع تجريدي وروحي تمتح من الفلسفة والتصوّف، ما يجعل من تلقي هذا النص تحدّيًا حقيقيًا للقارئ العادي، نظرًا لكثافة رموزه وتداخل مستوياته الدلالية.

3.3. الباب الثالث : « أنتم ملح الأرض، فإن فسد الملح فبماذا يُملّح؟ »

ينتقل أيوب الحجلي بعد الرحلة الطويلة مع سيزيف إلى مرحلة معرفية جديدة، موسومة بعنوان : « أنتم ملح الأرض، فإن فسد الملح فبماذا يُملّح؟ » (الحجلي، 2016، صفحة 65)، وهي اقتباس من الإصحاح الخامس من إنجيل متى (5 :13). في هذا الباب، ينتقل البطل إلى طورٍ جديد من الإدراك حين تتّحد روحه بالروح الإلهية داخل فضاء الكنيسة، حيث تتجلى معاناته من خلال تمثّله بآلام المسيح. يتّحد البطل مع الروح المقدسة، فيشعر أنه يحمل معها أوجاعها، ويتوسّل الغفران لقومه.

تتحول الأجراس والترانيم إلى موسيقى فردوسية تنقله جسديًا وروحيًا إلى أعماق الذات، حيث يشعر بالانعتاق والتطهّر والتوحّد مع الله. ويعبر عن هذه اللحظة المفصلية بقوله :

« بدأت الشّمس بالمغيب، وقد كنت أنتظر انفتاح باب الفردوس، رأيتهم : إبراهيم وموسى ونوحًا وحتى ميكائيل ضارب السيف يقتربون مني ليأخذوني إليه... إلى كرسيّ ومكاني، أغمضت جفوني وأنا أتوسّل لأبي أن يغفر لهم، وأن تشملهم محبّته وتسامحه... وتذكّرت الكلمة الأخيرة التي قلتها وصعدت : « فلتكن مشيئتك » » (الحجلي، 2016، صفحة 78).

في هذا الباب، يُبرز الحجلي أن التجربة الروحية لا تكتمل إلا بالتحرر من الماديّات والذوبان في الذات الإلهية، كما يقول اليوسف : « يتم إطلاق سراح النفس أو يتم تحريرها من الحتمي والمنطقي والمحدود » (اليوسف، 2000، صفحة 35). ويجسّد البطل هذا التجلّي بالقول :

« أدركت أنّ الخلود والصفاء لا بد له من رحلة دامية، وأنّ المحبة تصهر كلّ شيء في المحبة، المحبة والرحمة هي بذاتها جوهر المعرفة وهدفها، تذكرت أنه قيل لي قبلاً : النفس البشرية مثل سبيكة الذهب كلما دخلت في النار تصفو من الشوائب » (الحجلي، 2016، صفحة 78).

تتجسّد المعرفة الروحية وفق رؤية البطل عبر أربعة معالم كما يحددها ماهر فايز (الجدي، 2017) :

  1. التركيز على جوهر العبادة لا على شكلها.

  2. مركزية المسيح كطريق يأتي من الله.

  3. لاهوت الخلاص كمبدأ روحي أولي.

  4. العبادة بفرح نتيجة الحضور الإلهي الفعلي.

بناءً عليه، فإن « ملح الأرض » يرمز إلى الروح الصافية التي تمنح للوجود معناه. وإذا فسدت هذه الروح، فالمعرفة تتحول إلى شكلٍ أجوف. ويتجلّى هذا المعنى في قول البطل :

« كنت هناك أطوف حول العرش النوراني بتسبيح وتحميد، أتبارك بالروح الكاملة بالذات المعرفية، وكان حولي كثير من الملائكة المسبّحين، ومن الأرواح التي كنت أنتظر أن تبدأ المباشرة بالذات لتدخل في « الزملكان »... » (الحجلي، 2016، صفحة 72).

هنا يتّصل بذوات النور من المسيح إلى الرسل والملائكة، وتدخل ذاته في طور الاتحاد مع العالم العلوي، فيتحقّق بذلك الخلاص العرفاني الكامل.

4.3. الباب الرابع : « يا نفس متى تعودين إلى مكانك الأسمى الذي كنت فيه؟ ! »

بعد نهاية الرحلة الروحية في الكنيسة، ينتقل طالب الحكمة إلى الباب الرابع المعنون بقول الحكيم هرمس :

« يا نفس متى تعودين إلى مكانك الأسمى الذي كنت فيه؟ ! » (الحجلي، 2016، ص. 79).

في هذا الباب، يطرح البطل سؤالًا وجوديًا عميقًا لا يصدر إلا عن ذات بلغت درجة عالية من الوعي الذاتي : أين يقبع إبليس في عالمنا؟. ويأتيه الجواب من أحد الكهول الذين التقاهم في الكنيسة بقوله :

« إبليس يسكن داخلنا، ولكن في قفص الروح، فإذا فتحنا هذا القفص مزقنا بأنيابه... » (الحجلي، 2016، ص. 82).

حينها يعبر طالب الحكمة عن رغبته في البحث عن الشيطان في العالم الخارجي، إلا أن الكهل يرده إلى حقيقة مفادها أن الشيطان لا يدخل الأماكن المقدسة كالكنيسة والكعبة، بل يسكن في أعماق النفس البشرية. ولتوضيح ذلك، يستشهد الكهل بحكاية واقعية عن زوجة لم ترضَ بحال زوجها الزاهد وطلبت الطلاق، فما كان منه إلا أن انسحب إلى الجبال ليعيش بين العباد المتفرغين لعبادة الله.

في تلك البيئة الطاهرة، طلب الزاهد الانضمام إليهم تحت اسم « العبد الفقير »، وأوكلوا إليه مهمة جلب الماء في سلّة من القش. فجأة، تمكن من ملء السلة بالماء دون أن ينسكب، مما أثار دهشة الزهاد الذين سألوه كيف فعل ذلك، فأجابهم :

« قلت كما تقولون... نحن نقول : نستعين بصبر برهان الزاهد على ظلم زوجته » (الحجلي، 2016، ص. 83-84).

بهذه الحيلة الروحية، يدرك الزاهد أن الشيطان لا يسكن حيث تكون الروح نقية وصابرة. إنه يسكن في داخل النفس حين تضعف وتستسلم لرغباتها، ولا يخرج إلا بالوعي المستنير والنقاء الداخلي، وليس بمجرد العزلة عن العالم.

في السياق نفسه، ينقلنا الروائي إلى اختبار جديد لطالب الحكمة، إذ يواجه فتاة ملاهٍ تحاول إغواءه، لكنه يُصرح بوضوح :

« لا أريد الانغماس في شهوة تذهب عني نقاء التجربة، فقط أريده أن يخرج... » (الحجلي، 2016، ص. 88).

لقد كانت مراوغته مقصودة، فالرغبة الحقيقية لم تكن الانصياع للجسد، بل استدراج الشيطان ليظهر أمامه في صورة محسوسة، واختبار مدى نقاء روحه وقدرتها على مقاومة الإغواء.

ويمضي النص في تقديم مشهد فلسفي عميق حيث يتحول طالب الحكمة إلى صوت الشيطان نفسه، ويدخل في جدل داخلي حول إغواء العبد التقي الذي رغم امتلاكه للثروة والسلطة والجمال، بقي محصنًا بنور الله. يقول الشيطان في المقطع الطويل من الرواية :

« في بعض الأحيان يكون عطاء الثروة والسلطة للبشر هو أول طريق الخروج من النور إلى الظلمة –ظلمتي– ولكن معه هو كانت الثروة والسلطة هي طريقه ليتقرب إلى الله [...] لم أستطع المساس بعقلك، لماذا هو محجوب عني ولا أقدر عليه؟ أخبرني. لأنه إذا ضاع العقل ضاع اليقين، وضاعت الحجة في العبادة، فلا سلطة لك على عقل وعى الخالق ووحده [...] أدركت أن هناك قوة تفوقني، هي التي تطردني من الفردوس هي التي سحبت مني خيوط النور، لكن لا بأس بهذا، فأنا في هذه الدنيا ملك من ملوكها، بل أنا ملك الملوك، وسأغويهم إلى يوم يبعثون... » (الحجلي، 2016، ص. 92-111).

هذه المواجهة تكشف أن الشيطان ليس قوة خارجية فحسب، بل نزعة كامنة داخل النفس البشرية القابلة للغواية. إنه يراهن على إضعاف العقل الذي يمثل الحصن الأخير للإنسان، إذ بمجرد ضياع العقل، يضيع اليقين وتضيع معه الحجة في العبادة.

وتتجسد الفكرة هنا في أن الروح النقية المحصنة بالمعرفة الإلهية لا تُخترق بسهولة، بينما الأرواح الضعيفة تنهار أمام أول اختبار دنيوي. لقد عبّر الروائي عن هذا التمايز بين النفوس من خلال شخصية العبد التقي الذي رغم ما لحقه من فقدان للرزق والأولاد والصحة، ظل ثابتًا في يقينه.

وفي تحليله الختامي لهذا الباب، يتبيّن أن الروائي يركز على صراع النفس بين النور والظلمات. المرأة، مرة أخرى، تحضر كرمز للغواية في بنية السرد، لكن الأهم هو أن الكاتب يؤكد أن السمو بالنفس لا يتحقق بالفرار من العالم بل بمواجهته عن وعي ومعرفة.

يدرك البطل في نهاية هذه التجربة أن الشيطان، مهما بلغ من القدرة على التزيين والإغواء، لا يستطيع السيطرة على النفس النقية المشبعة بالذكر والطاعة. بينما تتهاوى النفوس الغافلة في وحل الشهوة والضعف.

« الرّوح كانت في بؤرة النور في مكانها المجيد تسبح وتطوف، وقد سكنت إليها النفس، وهي برحلتها تسعى إلى العودة إلى ذلك السكون وذاك التسبيح... ولكن جهنم سترافقهم إلى أن يصلوا إلى مبتغاهم، النقي بينهم فقط هو الذي ينجو » (الحجلي، 2016، ص. 111).

هكذا يُرسخ النص المعادلة العرفانية الجوهرية : النفس الطاهرة هي التي تسمو وتصل إلى الخالق، أما النفس الضعيفة فتغرق في الظلمات. هذا هو جوهر العودة إلى « المكان الأسمى الذي كانت فيه النفس » : العودة إلى الصفاء والنور الذي سكنت فيه قبل أن تغويها الدنيا.

5.3. الباب الخامس : « ما من شخص تكبّر أو تجبّر إلاّ لذلّة وجدها في نفسه »

ينتقل بنا طالب الحكمة إلى الباب الخامس المعنون بقول الفيلسوف ابن رشد :

« ما من شخص تكبّر أو تجبّر إلاّ لذلة وجدها في نفسه » (الحجلي، 2016، ص. 113).

في هذا الباب، يُسقط الروائي أيوب الحجلي الذات العرفانية في عمق التاريخ السياسي للظلم والطغيان، عبر تقمّص البطل شخصية الإمبراطور الروماني نيرون بن كلوديوس، كرمز للسلطة المستبدة التي لا تهدأ إلا بسفك الدماء وتدمير الآخرين.

في مشهد سردي قاسٍ يجسد الرغبة الشاذة في السيطرة والبطش، يقول نيرون :

« هذه الليلة قررت أن أمارس الجنس في الشرفة المطلة على الحديقة، وأنا أشعل الأضواء لأستمتع بهذه الأجواء. لقد أخرجت من السجن مجموعة من الأشخاص، وأمرت أن تربط أجسادهم في الحديقة وبشكل عشوائي، لا لكي يروني وأنا أضاجع العاهرات بوحشية وشهوانية، أبدا، ولكن لأشعل أجسادهم وأستمتع بصياحهم ووهج النار الذي ينعكس على أثداء تلك العاهرات وسيقانهن المرفوعات أمامي » (الحجلي، 2016، ص. 118).

هذا المشهد يعكس إدراك الروائي العميق للثقافة السياسية الرومانية القائمة على العنف الممنهج والتلذذ بالقهر، حيث تتحول العاهرات إلى طُعم سياسي يلهو به الحاكم، ويُسقط عليهن كل قهره وإحباطه.

كما يتجلى في السرد الانتقام المتأصل في شخصية نيرون، الذي لم يتردد في قتل أمه « أغربينيا » حين راودته مخاوف فقدان العرش، وصولًا إلى مواجهته مع العاهرة المتمردة « بوبيه »، التي كسرت طغيانه وعرّت خوفه العميق :

« - لماذا لا تنفذي أوامري؟
إن أوامرك لا تنطبق علي... قالت هذه الجملة وهي تنظر إلى داخل عيني لتخترقني. لمحت بريق عينيها القويّ والذي ينم عن شخصية متمردة مثلي. صفعتها صفعة جعلتها تقع. وقفت وقالت لي : أريد أن أرى رجولتك في موضع آخر، وهي تكشر عن أسنانها بعربدة غريبة عني... » (الحجلي، 2016، ص. 121).

ثم يسترسل السرد في مشهد جسدي عنيف ينتهي باعتراف نيرون بضعفه أمامها :

« وقفت وتقدمت إلي بعد أن كنت قد ارتميت على الأرض، ووضعت قدمها على صدري وقد تعرّت تمامًا. شعرت بهذه اللحظة أنني رهن إشارتها. لم تكن رغبتي في طاعة بوبيه لأنها أنثى لا... ولا لأني أرغب فيها... ولكن لأنها رأت شخصيتي الهشة وخوفي من الآخرين، رأتني كيف أهاجم الناس ببطشي وغضبي وأنا أخفي فيهما خوفًا وعدم توازن في عقلي ورأيي » (الحجلي، 2016، ص. 121).

هكذا يُعيد الروائي إنتاج صورة المرأة في الرواية كرمز مزدوج : فهي من جهة الفتنة المُغوية، ومن جهة أخرى القوة الكاشفة لعورات السلطة، قادرة على تفكيك بنية الذكورة المتسلطة التي تتقن القمع لكنها تعجز أمام دهاء الأنوثة المتمرّدة.

وفي قراءة تحليلية لهذا الباب، نجد أن الرواية تقدم الإسقاط التاريخي كآلية لفهم الحاضر : فالاستبداد الذي مارسه نيرون هو مرآة للأنظمة السلطوية الحديثة التي تكرس القمع باسم الهيبة والمُلك. إن نيرون ليس سوى تجسيد للجهل المعرفي الذي يغذي الظلم السياسي والاجتماعي.

ويُعزّز الروائي هذا التحليل من خلال إشارته إلى أنّ الحاكم يكتب المشهد السياسي كما يكتب سيناريو مسرحية، حيث يقتل الشخصيات ويستبدلها حسب مزاجه، فالحكم عنده لعبة يعاد تشكيلها كلما استدعت الحاجة إلى قمع جديد.

وفي هذا السياق، يستشهد النص بما أورده علي جعفر العلاق :

« أحد المعاني الممكنة للنص المقروء، ويمثل القراء بعددهم المتناهي تشظيات للدلالة وتفجيرات لها في كل اتجاه »(العلاق، 1994، ص. 65).

من هنا، يمكن القول إن هذا الباب يُشكل محاكمة للأنظمة التسلطية التي ورثت عن نيرون روحه الدموية. وفي الوقت ذاته، يقدم الكاتب رؤية سيكولوجية للسلطة كما يترجمها العنوان المستوحى من ابن رشد : التكبر والتجبر ليسا إلا تعويضًا عن ذُلّ داخلي يعيشه الحاكم في خبايا ذاته.

عبر هذا التصور، يُعاد تفكيك العلاقة بين السلطة والمرأة في الرواية : المرأة، وإن بدت غواية في شكلها، إلا أنها هنا تتحول إلى كاشف جوهري لعُقد الذات المتسلطة.

كما يُبرز النص أن تاريخ الطغيان ليس محض سرديات ماضوية، بل هو امتداد قائم في حاضرنا السياسي والاجتماعي، حيث تتكرر صور النيرونية في السياسات القمعية التي تهيمن على بعض الأوطان العربية، مدفوعة بنفس الدوافع : الجهل، الخوف، والفراغ الوجودي.

أخيرًا، يُمكن اعتبار هذا الباب محطة هامة في رحلة طالب الحكمة لأنه يعيد ربط المعرفة بالسلطة والقهر والشهوة والسياسة. فالسلطان والشهرة والتملك ليست سوى أوهام تعيق ارتقاء الروح إلى المعرفة الحقة. وهكذا يتكشف أن رحلة البطل ليست فقط في الزمن والتاريخ، بل هي أيضا رحلة داخل الذات لاكتشاف مكنوناتها المظلمة، ومواجهتها كشرط للسمو الروحي.

6.3. الباب السادس : « القوي من حكم غيره والعظيم من حكم نفسه »

ينتقل بنا طالب الحكمة في هذا الباب إلى تجربة تأملية عميقة، مستلهمًا قول لاوتسو : « القوي من حكم غيره، والعظيم من حكم نفسه »(الحجلي، 2016، ص. 129). بعد مروره بعالم الاستبداد والتسلّط في تجربة الإمبراطورية الرومانية، يدخل الآن إلى قرية يسودها الهدوء والسكينة، حيث تشعّ وجوه الناس بالنور، وتفيض أرزاقهم، وتتماهى بيوتهم في بساطتها وقربها من المقابر.

في هذا الفضاء الرمزي، يستقبله أحد الشيوخ بوصفه « الحكيم المنتظر »، ليؤكّد له أنه بات قريبًا من سرّ الحقيقة. وما إن بدأ الحوار مع أهل القرية وملكهم، حتى أدرك طالب الحكمة أن المعرفة ليست شيئًا خارج الذات، بل هي حالة وعي داخلية، يتجلّى فيها السكون كطريق إلى الحقيقة، والنور كإشارة إلى الخلاص الروحي.

البيوت المتشابهة في القرية هي رموز لفناء الماديات وتوحيد المقاصد، أما قربها من المقابر فيدلّ على وعي دائم بالمصير والمآل، حيث تمثّل القبور المحطة الأخيرة التي تعيد الإنسان إلى ترابه الأول، بعد أن يؤدي امتحان الوجود والمعرفة.

في هذا السياق، يكشف طالب الحكمة معنى « منبع الحياة » الذي يبحث عنه الملك وحاشيته. فالحجر الذي قدّمه الزاهد للملك يرمز إلى عين الإنسان، التي لا يشبعها إلا التراب. وعندما يُضاف إلى الميزان حفنة من التراب، ترجح كفتها على كنوز الملك، في إشارة إلى أن نهاية الإنسان ليست في التراكم، بل في الوعي بمحدوديته، وأن الخلود لا يتحقق إلا بالتحرر من الأهواء.

ومن هذا الإدراك المعرفي العميق، ينتقل طالب الحكمة زمنيًا ورمزيًا إلى عهد صلاح الدين الأيوبي، ليشهد معه معركة حطين، حيث تنتصر الروح المؤمنة على الأهواء المستبدة. في هذا المشهد، يتجلى التباين بين تجربة الحكم في الإمبراطورية الرومانية، حيث القتل والفتنة، وتجربة الحكم في العهد العباسي، حيث الحاكم العادل الذي يحكم بالرحمة ويقود بروحانية.

هكذا تتجسّد المقولة : « القوي من حكم غيره والعظيم من حكم نفسه » بوصفها مبدأ عرفانيًّا، لا ينفصل فيه الخارج عن الداخل، ولا القوة عن الانضباط الذاتي. فالذات العارفة، حين تسيطر على نوازعها، تغدو قادرة على قيادة غيرها، وتسمو فوق الجسد نحو صفاء الروح.

الرواية، في هذا الباب، لا تستعرض مجرد انتقال جغرافي أو تاريخي، بل تبني سفرًا داخليًّا متصاعدًا نحو الذروة الروحية. والقرية الهادئة، بمظاهرها المتماهية في البساطة والتأمل، ما هي إلا استعارة للذات النقية التي بلغت مقام التوازن، حيث لا سلطان للمادة ولا سيطرة للشهوة.

7.3. الباب السابع : « من أعرض عمّا بين الأزليّة والأبديّة فقد تمسّك بعروة الحقيقة »

في هذا الباب الأخير من الرحلة العرفانيّة، يقتبس طالب الحكمة قول الحلاّج : « من أعرض عمّا بين الأزليّة والأبديّة فقد تمسّك بعروة الحقيقة » (الحجلي، 2016، ص. 153)، ليعلن بلوغه نقطة التجلّي الذاتي، حيث تتوحد الروح بالمعرفة وتنكشف الحقيقة العليا للذات.

يقوم طالب الحكمة هنا بترتيب معارفه واستخلاص خلاصاته من الأبواب الستة السابقة، كما يلي :

  • الباب الأول : كان تجربة في هشاشة الذات أمام غواية الشهوة، حيث جسّد الأعمى الذي فقد بصيرته حين سلّم نفسه للفتاة، رمزاً لضياع الإنسان أمام متع الحياة السطحية.

  • الباب الثاني : بيّن كيف أن الغرور والثقة الزائدة، كما حصل مع سيزيف، تُسقط الإنسان في العبث وتجرده من الحرية والكرامة.

  • الباب الثالث : عرض أهمية التسامح والمحبة كطريق للتحرر، مستلهماً من تجربة المسيح الذي غفر الخطايا، وعلّم البشر جوهر المحبة.

  • الباب الرابع : تناول الصراع الداخلي مع الشيطان الكامن في الذات، والذي لا يمكن التغلب عليه إلا بالمعرفة الإلهيّة، كما فعل العبد التقي.

  • الباب الخامس : كشف عن انهيار القيم حين يحكم الطغيان، كما في نموذج نيرون الذي دمّر ذاته وشعبه حين غاب عنه ميزان الأخلاق والعدالة.

  • الباب السادس : وضّح أن الخلود لا يكون عبر الحكم أو السلطة، بل عبر تزكية النفس، كما أشار إلى تجربة صلاح الدين الأيوبي كنموذج للحاكم العادل.

بعد هذه المراحل، يعود طالب الحكمة إلى الحديقة التي طُرد منها في البداية، وهناك فقط يرتشف ماءها العذب، بعد أن تطهّرت روحه وبلغ مقام المعرفة. يدخل غرفته، يشعل شمعة الحكمة، ويتوجه نحو الرواق ليقابل الحكيم ويخبره أنه عاد مزوّداً بزخم عرفاني، وقد فهم الآن أن البحث في الذات هو السبيل إلى إدراك الكينونة الكونية.

وفي ختام تجربته، يجد نفسه محاطًا بطلبة الحكمة الجدد، فيقول لهم :

« معرفة الذات هي مفتاح معرفة الكون، إذ لا سبيل للانعتاق دون عبور بوابة النفس. من عرف ذاته، عرف نظام الوجود، وفهم حقيقة كينونته » (الحجلي، 2016، ص. 167-168).

هنا يتحقّق جوهر التجربة العرفانيّة، لا كختام لمسار روحي، بل كبداية لمسار جديد يتكرّر مع سالك جديد، لفظته الحديقة كما لفظت من سبقه، في إشارة إلى أن الحقيقة ليست غاية ثابتة، بل بحث دائم، وأن الذات النورانية هي وحدها القادرة على طرق أبواب الوجود الخفي.

خاتمة

تبيّن من خلال هذا المسار التأويلي أنّ النص شكّل فضاءً لإعادة إنتاج ذاته مرارًا، من خلال رؤية عرفانية عميقة تنظر إلى «الحكمة» كمنفذ كوني تتقاطع عنده الأديان والثقافات. لقد جسّد التصوف هنا بعدًا وجوديًّا وروحيًّا يتجاوز الانتماء الديني الضيق ليؤكد وحدة التجربة الإنسانية، وكانت المرأة في هذا السياق تمثّل الرابط بين الجسد والروح، حيث تتجلّى كرمز للفتنة حينًا، وكقوة خلاص حينًا آخر، في إلحاح رمزي على التوازن الضروري بين الغريزة والمعرفة.

ظهر تأثير الرواية واضحًا بالفلسفات الوجودية والشرقية والهندية، إلى جانب حضور قوي للثقافة الروحية والوعي بالديانات السماوية، إضافة إلى مبدأ تناسخ الأرواح الذي تُبنى عليه بنية الرواية. فقد تقمّص بطل الرواية، طالب الحكمة، خلال رحلته الرمزية عبر الأبواب السبعة، العديد من الهويات: فقد كان الأعمى، ثم سيزيف، ثم المسيح، ثم أيوب، ثم الشيطان، ثم نيرون، ثم أحد رجال صلاح الدين الأيوبي، وأخيرًا الملك المنتظر. كل ذلك يتم عبر تقاطع وعيه بوعيهم في شكل من أشكال «الوعي الكوني».

إنّ هذا التقمّص المتكرر لشخصيات تاريخية وأسطورية، لا يُعدّ فقط وسيلة فنية بل تجلٍّ لمفهوم المعرفة كذاكرة مشتركة، يتقاسمها الكاتب والقارئ في مسار استرجاعي وتأويلي مشترك. بهذا المعنى، يحقّق التقمّص لدى البطل رغبة الروائي في البقاء والخلود، حيث يصبح الوعي الكوني أداة للتحرّر، وبوابة تنقل الذات من سجن العالم الدنيوي إلى أفق الروح، حيث تتضاءل المسافة بين الكائن والكينونة، بين الفرد ومرجعيته العليا.

إذن، تمثّل الأبواب السبعة اختبارات وجوديّة ومعرفيّة مكثفة، تُعيد استحضار أهم مراحل التاريخ الإنساني، كوسيلة لفهم الذات أوّلاً، ولمساءلة القيم المنهارة في الحضارة الراهنة ثانيًا. لقد تجاوز الكاتب خطّية السرد إلى الكتابة الروحية التأمليّة، حيث تتحول الكلمة إلى تجربة، والمعرفة إلى مسار، والكتابة إلى رحلة استبطانية تُعيد تشكيل الذات في ضوء الحقيقة الكبرى.

وفي هذا السياق، يمكن أن تفتح هذه التجربة الروائية العرفانية آفاقًا جديدة للمقارنة مع أعمال روائية أخرى تنتمي إلى الأدب الصوفي المعاصر أو الرواية الروحية العالمية، مثل روايات باولو كويلو أو هيرمان هيسه، حيث تتقاطع قضايا البحث عن الذات، والسفر الباطني، والحكمة الكونية. فمقاربة هذه النصوص مع رواية أبواب الروح السبعة قد تُسهم في تعميق فهمنا لجماليات الخطاب العرفاني وتجلياته المتنوعة في الأدب العالمي المعاصر.

الكتب

أدونيس. (1982). الصوفية والسريالية. بيروت: دار الساقي.

الألوسي، عادل كامل. (1999). الحب والتصوف عند العرب (ط. 1). بيروت: شركة المطبوعات للطبع والنشر.

جودة، ناجي حسين. (1992). المعرفة الصوفية: دراسة فلسفية في مشكلات المعرفة (ط. 1). بيروت: دار الجيل.

الحجلي، أيوب. (2016). أبواب الروح السبعة: رحلة في رحاب الذات (ط. 1). القاهرة: دار أكتب للنشر والتوزيع.

الزين، محمد شوقي. (2002). تأويلات وتفكيكات: فصول في الفكر العربي المعاصر (ط. 1). بيروت/الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي.

العلاق، علي جعفر. (1994). الشعر والتلقي (د. ط). عمان: دار الشروق.

غركان، رحمن. (2008). علم المعنى: الذات، التجربة، القراءة (ط. 1). دمشق: دار الرائي للدراسات والترجمة والنشر.

مبارك، زكي. (د.ت). التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق (ج. 1 وج. 2، د. ط). بيروت: المكتبة العصرية للطباعة والنشر.

ناصف، مصطفى. (1981). نظرية المعنى في النقد العربي (ط. 2). بيروت: دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع.

هيفرو، محمد علي ديركي. (2006). المعرفة وحدودها عند محيي الدين بن عربي (تقـ. عبد الكريم اليافي، د. ط). دمشق: دار التكوين للطباعة والنشر والتوزيع.

اليوسف، يوسف سامي. (2000). القيمة والمعيار: مساهمة في نظرية الشعر (ط. 1). دمشق: دار كنعان للدراسات والنشر والتوزيع.

المصادر الإلكترونية

الجدي، أحمد. (2017، ديسمبر 18). التصوف المسيحي... العشق الإلهي على طريقة المسيح. رصيف 22. https://raseef22.net/article/130182 (تم الاطلاع عليه في 7 جانفي 2025، الساعة 21:33).

سناء بوختاش

جامعة محمد خيضر – بسكرة

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article