قراءة السوسيونقدية مع عمار بلحسن : نحو نقد موقعي للمفاهيم داخل الحقل الجزائري

Lire la sociocritique avec Ammar Belhassen : pour une critique située des concepts dans le champ algérien

Reading Sociocriticism with Ammar Belhassen : Toward a Situated Critique of Concepts in the Algerian Context

علي سحنين

علي سحنين, « قراءة السوسيونقدية مع عمار بلحسن : نحو نقد موقعي للمفاهيم داخل الحقل الجزائري », Aleph [], 27 April 2025, 06 May 2025. URL : https://aleph.edinum.org/14284

يتناول هذا البحث تجربة الناقد الجزائري عمار بلحسن من خلال مقاربة سوسيونقدية تُعنى بتحليل الخطابات الأدبية وتمثلاتها الاجتماعية والإيديولوجية داخل النص الروائي الجزائري. انطلقت الدراسة من إشكالية مركزية : إلى أي مدى يمكن اعتبار كتابات بلحسن تمثيلاً فعليًا للمنهج السوسيونقدي، وليس فقط امتدادًا لسوسيولوجيا الأدب؟ بعد تقديم الإطار النظري للسوسيونقدية كما بلورها كلود دوشي وبيير زيما، تمت دراسة كتابات بلحسن من خلال تحليل روايتي الزلزال للطاهر وطار والثلاثية لمحمد ديب. كشفت النتائج عن تمكن بلحسن من تكييف الأدوات النظرية الغربية بما يتلاءم مع السياق الجزائري، مع وعيٍ نقدي باللغة، والرمز، والتاريخ، والإيديولوجيا. خلصت الدراسة إلى أن بلحسن لا يطبق المنهج السوسيونقدي فقط، بل يعيد إنتاجه في ضوء إشكالات محلية تتعلق بالهوية، والسلطة، والوعي التاريخي، ما يجعله حلقة نظرية مهمة في النقد الأدبي الجزائري المعاصر. تقترح الورقة فتح آفاق بحثية في اتجاه إعادة قراءة السوسيونقدية من منظور ما بعد استعماري، وتمثلاتها في الأدب الجزائري الجديد.

Cet article explore l’apport critique d’Ammar Belhassen à travers une lecture sociocritique de ses analyses de la littérature algérienne. Il interroge la mesure dans laquelle son travail peut être considéré comme une appropriation méthodologique de la sociocritique de Claude Duchet et Pierre Zima, et non comme une simple application de la sociologie de la littérature. Après une mise au point théorique sur les fondements de la sociocritique, l’étude s’appuie sur l’analyse de deux romans emblématiques (Le Séisme de Tahar Wattar et La Trilogie de Mohammed Dib). Les résultats montrent que Belhassen a su adapter les concepts critiques occidentaux aux réalités du champ culturel algérien, en intégrant les dimensions linguistiques, idéologiques et historiques. La conclusion insiste sur l’intérêt de reconsidérer son travail dans une perspective postcoloniale, et suggère que Belhassen représente une figure fondatrice de la critique algérienne moderne.

This article examines the critical contributions of Algerian thinker Ammar Belhassen through the lens of sociocriticism. It questions the extent to which his writings embody a methodological appropriation of Claude Duchet and Pierre Zima’s sociocritical framework, rather than a mere extension of literary sociology. After outlining the theoretical underpinnings of sociocriticism, the study applies this approach to Belhassen’s readings of The Earthquake by Tahar Wattar and The Trilogy by Mohammed Dib. Results indicate that Belhassen successfully localized key Western concepts by anchoring them in Algeria’s socio-historical and linguistic context. The article concludes that Belhassen not only applied but reformulated sociocriticism in light of issues such as identity, power, and postcolonial resistance, thereby positioning him as a foundational figure in Algerian literary criticism.

مقدمة 

يُعدّ عمار بلحسن من الأسماء المركزية التي شكلت حلقة مفصلية في تطور النقد الأدبي الجزائري، وبخاصة فيما يتصل بالفكر النقدي السوسيونصي للرواية. ورغم تصنيفه الغالب ضمن مجال علم الاجتماع نظراً لتخصصه الأكاديمي، فإنّ مراجعة دقيقة لكتاباته تكشف عن امتلاكه مشروعًا نقديًا وثقافيًا متكاملاً، انطلقت إرهاصاته الأولى من بحثه في مرحلة الليسانس سنة 1976 حول رواية الزلزال للطاهر وطار، وتواصلت في رسالته للماجستير التي أنجزها بمعهد علم الاجتماع بجامعة وهران سنة 1982 بعنوان : الإيديولوجيا الوطنية والرواية الوطنية في الجزائر : دراسة سوسيولوجية لحالة الرواية الثلاثية للكاتب محمد ديب. كما يتجلى هذا المشروع في كتابه أنتلجانسيا أم مثقفون في الجزائر، الذي يطرح رؤية تأسيسية لإمكانية بلورة مشروع نهضوي جزائري، قابل للتطوير والتوظيف في الحقلين الثقافي والاجتماعي.

تُضاف إلى هذه الملامح خلفيته الأدبية، إذ يُعتبر بلحسن كاتبًا وقاصًا ملمًّا بأصول الفن الأدبي وبموقع الأديب في الحقل الثقافي. انطلاقًا من هذا التصور، تسعى هذه الدراسة إلى مقاربة جانب دقيق من إسهاماته النقدية السوسيونصية، باعتباره أحد الرواد الذين تناولوا الثقافة والأدب والرواية الجزائرية برؤية نقدية اجتماعية مبكرة، انفتحت على الفكر السوسيولوجي الغربي واستثمرت مقولاته بما يتناسب مع خصوصيات السياق الجزائري.

وتحدد هذه الورقة إطارها التحليلي عبر طرح الأسئلة التالية :

  • ما المقصود بالمقاربة السوسيونقدية في السياق النقدي؟

  • وما الأدوات المنهجية التي اعتمدها عمار بلحسن في تحليل الرواية الجزائرية من منظور سوسيونصي؟

  • وإلى أي مدى نجح في الكشف عن جماليات النصوص الروائية واستبطان مضامينها الاجتماعية وأنساقها الدلالية؟

1. ماهية السوسيونقدية وأهم محطاتها التاريخية

تُعد السوسيونقدية (Sociocritique) مقاربة نقدية معاصرة ظهرت مطلع السبعينيات مع الناقد الفرنسي كلود دوشي (Claude Duchet)، الذي يُعتبر أول من استعمل هذا المصطلح نظرياً سنة 1971 (Duchet, 1971 : 5–14)، إلى جانب مساهمة بيير زيما (Pierre Zima) سنة 1978 (Zima, 1978). وقد شكّل صدور الكتاب الجماعي Sociocritique عام 1979 بإشراف دوشي (Duchet, 1979 : 3–8) لحظة تأسيسية بارزة، حيث تمت بلورة معالم هذا التوجه النقدي بصورة أكثر وضوحاً.

عرفت السوسيونقدية تطورات ملحوظة خلال العقود اللاحقة، متأثرة بانفتاحها على ميادين معرفية مجاورة كالسيميائيات، التداوليات، البلاغة والحجاج. وقد خُصص العدد 140 من مجلة Littérature سنة 2005 لموضوع « تحليل الخطاب والسوسيونقدية » (Analyse du discours et sociocritiques)، متضمناً دراسات وحوارات عمّقت فهم العلاقة بين التحليل النصي والبعد الاجتماعي.

في سنة 2011، نشر بيير بوبوفيتش (Pierre Popovic) مقالاً بعنوان La sociocritique : Définition, histoire, concepts, voies d’avenirفي مجلة Pratiques (Popovic, 2011 : 7–38)، استعرض فيه أربع لحظات مفصلية في تطور السوسيونقدية (1979، 1989، 2005، 2008)، وأبرز كيف توسعت لتلامس قضايا النشر، التسويق الثقافي، السلطة، الهوية، الإقصاء الاجتماعي، وديناميات التمثيل الثقافي.

تُظهر هذه المسارات أن السوسيونقدية لم تتجمد عند حدود النقد السوسيولوجي الكلاسيكي، بل تجاوزته نحو مقاربة مركبة للنص الأدبي باعتباره فضاءً لإعادة إنتاج الصراع الاجتماعي في صيغ رمزية وجمالية.

2. المنطلقات التحليلية في المقاربة السوسيونقدية

ترتكز السوسيونقدية على مبدأ أساس قوامه الجمع بين التحليل الداخلي للنص الأدبي ودراسة بنيته الدلالية من جهة، واستكشاف الأبعاد الاجتماعية والإيديولوجية المضمرة فيه من جهة أخرى. فهي تعتمد مقاربتها انطلاقاً من التصورات الشكلانية للنص، ولكن بنيةً على قصدية مغايرة، تسعى إلى استعادة المحتوى الاجتماعي المسكوت عنه داخل التشكيل النصي (ساري، 2009 : 103).

في هذا الإطار، تعوّل السوسيونقدية على الأنظمة اللغوية والرمزية للكشف عن الوقائع الاجتماعية المتوارية خلف الأنساق الجمالية. وقد وصف Adama Samake السوسيونقدية بأنها تحليل سوسيوسيميائي للنصوص الأدبية (Samake, 2013 : 21)، بما يكشف عن تداخل البعدين الجمالي والاجتماعي.

ينطلق دوشي من تصور الإبداع الفني بوصفه سيرورة جمالية ذات طابع اجتماعي (ساري، 2001 : 21)، تتجلى عبر شبكات رمزية معقدة تترجم ديناميات الواقع في أنساق متخيلة. لذلك، فإن مفهوم مجتمع النص (sociotexte) يشير إلى البناء الداخلي للنص بوصفه مجتمعاً لغوياً دلالياً قائماً بذاته.

يرى روجيه فايول (Roger Fayolle) أن هدف السوسيونقدية ليس دراسة النظام الاجتماعي الواقعي، بل تفكيك النظام الاجتماعي كما يتموضع داخل النص (Fayolle, 1979 : 215)، حيث يشكل النص خيالاً اجتماعياً يُعيد صياغة التجربة التاريخية عبر وسائط أدبية معقدة.

في هذا السياق، تسعى السوسيونقدية إلى تجاوز سوسيولوجيا الأدب التقليدية دون القطيعة معها، بل تُعيد تفعيل منطلقاتها ضمن رؤية نقدية جديدة. لذا لا يتردد دوشي في تكييف بعض مفاهيم غولدمان (Lucien Goldmann)، مع تفضيله لمقاربة سوسيونقدية تُعلي من شأن الأدبية والجمالية بوصفهما حوامل دلالية لا يمكن إغفالها.

تُقدّم القراءة السوسيونقدية النص الأدبي كمجال تنازعي، تصطدم فيه المشاريع الإبداعية بالمقاومات الاجتماعية والثقافية والمؤسساتية، مما يخلق ديناميات نصية تتطلب تحليلاً يتجاوز الثنائية التقليدية بين النص والمرجع.

ويذهب Samake إلى اعتبار السوسيونقدية توليفة نظرية منفتحة على جميع مظاهر النشاط الإنساني والثقافي (Samake, 2013 : 11)، مما يُضفي عليها طابعًا تركيبياً يُمكّنها من استيعاب التعقيدات الاجتماعية والرمزية الكامنة في الأدب.

في هذا المنظور، تصبح العلاقة بين النص والتاريخ علاقة جدلية معقدة : النص لا يُختزل إلى وثيقة، بل يمثل قراءة جديدة للواقع، وإعادة بناء لحقائقه عبر تمثيلات جمالية وإيديولوجية متشابكة (بولكعيبات، 2015، 2016 : 343).

بناءً على ذلك، تتحدد المبادئ التحليلية الأساسية للسوسيونقدية وفق ثلاث مرتكزات كبرى، ستكون محور دراستنا لتطبيقات عمار بلحسن، وهي :

  1. السوسيونص (le sociotexte)؛

  2. السوسيوكتابة (le sociogramme)؛

  3. مجتمع المرجع أو الإيديولوجيا (la société de référence).

3. المقاربة السوسيونقدية للرواية في كتابات عمار بلحسن

يشكل عمار بلحسن مشروعًا معرفيًا ونقديًا لم يكتمل، إذ حالت وفاته المبكرة دون استكمال مساره الفكري (فاسي، 1993 : 110؛ صغير وشيخي، 2018). ومع ذلك، فإن إرثه العلمي المتنوع في مجالات التأليف والإبداع والنقد والأبحاث الأكاديمية، قد ضمن له مكانة متميزة بين النقاد الجزائريين والعرب في مجال سوسيولوجيا الثقافة والأدب (مخلوف، 2012 : 148).

في مجال النقد الروائي تحديدًا، راكم بلحسن جملة من الدراسات النظرية والتطبيقية التي تناول فيها الرواية الجزائرية من منظور سوسيولوجي متعدد المقاربات. وقد كان لحضوره السوسيونقدي دور بارز في هذا السياق، رغم أن رؤيته المنهجية لم تكن دائما واضحة أو مصرح بها بشكل صريح بالانتماء إلى تيار السوسيونقدية كما صاغه كلود دوشي.

غير أن قراءته للنصوص الروائية تكشف عن استيعابه العميق للفلسفات الاجتماعية والنظريات النقدية الغربية، ولا سيما الماركسية، ونظريات أنطونيو غرامشي، وبيير ماشري، وجورج لوكاتش، ولوسيان غولدمان، وميخائيل باختين، وبيير زيما. ويكفي في هذا السياق استحضار شهادة الناقد مخلوف عامر الذي أشار إلى أن عمار بلحسن كان يمتلك حسًا نقديًا وفلسفيًا نادرًا، جمع بين العمق الفلسفي والذائقة الأدبية، وسعى إلى تقديم مساهمة حقيقية في بناء مشروع ثقافي نهضوي جزائري (مخلوف، 2012 : 146-147).

لقد كان بلحسن أكثر من مجرد باحث أكاديمي؛ كان مفكرًا طموحًا يسعى إلى تأسيس رؤية نقدية وثقافية تتجاوز حدود الأكاديمية إلى آفاق التغيير الاجتماعي والثقافي الشامل. ولهذا، فإن قراءة منجزه النقدي تكشف عن شخصية مثقف عضوي بالمعنى الغرامشي للكلمة، كان يحلم بإحداث تأثير حقيقي في الواقع الثقافي والسياسي والاجتماعي للجزائر.

رغم ذلك، فإن اسم عمار بلحسن ظل مهمشًا نسبيًا في الدراسات النقدية الجزائرية، إما بسبب انتمائه التخصصي إلى علم الاجتماع، أو نتيجة لتوزع اهتماماته الفكرية خارج نطاق الدراسات الأدبية الصرفة. ومع ذلك، فإن مراجعة دقيقة لأعماله تبين أنه كان من أوائل الذين بادروا إلى تفعيل سوسيولوجيا النص الأدبي في الجزائر.

على هذا الأساس، تهدف هذه الدراسة إلى إعادة قراءة إسهامات عمار بلحسن من خلال مقاربة سوسيونقدية، بالتركيز على المبادئ التحليلية الثلاثة التي حددناها سابقًا : مجتمع النص، السوسيوكتابة، والإيديولوجيا، وذلك عبر تحليل نماذجي لروايتي الزلزال للطاهر وطار، والثلاثية لمحمد ديب.

1.3. مجتمع النص أو الرواية

يقوم مبدأ « مجتمع النص » أو « سوسيونص » على مقاربة المجتمع كما يتمثل في النص الروائي، أي الكشف عن تمثلات الاجتماعية والتاريخية والثقافية والإيديولوجية كما تُعاد صياغتها عبر الخطاب الأدبي. فالكاتب، كما يرى عمار بلحسن، لا يكتب نصه خارج الإطار المرجعي الاجتماعي والثقافي الذي ينتمي إليه، بل ينطلق من مخزون لا واعٍ، يُعيد استثماره بوعي أو من دونه في بناء عوالمه التخيلية واللغوية (بولكعيبات، 2015–2016 : 346).

بهذا المنظور، يعمد بلحسن إلى تحليل رواية الزلزال للطاهر وطار، مستندًا إلى ما أسماه « سوسيولوجية القص »، مستلهماً في ذلك المفاهيم التي بلورها بيير زيما في كتابه Manuel de sociocritique (Zima, 1985 : 117–138). إذ يرى بلحسن أن سوسيولوجيا النص عند زيما ليست سوى تطوير للسوسيونقدية كما صاغها دوشي، مما يجعل النص الأدبي محورًا أساسًا لكل قراءة نقدية (بلحسن، 1989 : 131).

وفقًا لهذا التصور، يعرض بلحسن جملة من المبادئ المنهجية التي توضح كيفية اشتغال البنية النصية على امتصاص وتحويل المجتمع والإيديولوجيا إلى أنساق سردية ودلالية داخل النص الأدبي. ومن أبرز هذه المبادئ :

  1. تستجيب النصوص المتخيلة لمتغيرات المجتمع والتاريخ عبر مستويات اللغة والخطاب، بحيث تحيل الجمل والتراكيب والأساليب إلى اختيارات دلالية مشحونة بإحالات اجتماعية وإيديولوجية.

  2. يتولد النص ضمن وضعية سوسيو-لغوية مشبعة، حيث يتفاعل الكاتب مع منظومات لغوية وإيديولوجية جماعية، يمتصها ويعيد إنتاجها عبر عمليات السخرية والمحاكاة والتمثيل المجازي.

  3. ترتبط البنية السردية بالبنية الاجتماعية على مستوى إنتاج المعنى، حيث يعكس السرد أنماط الصراع الإيديولوجي والاجتماعي من خلال بناء الحبكة وتوزيع الأدوار الفاعلة.

  4. تحدد القاعدة الدلالية المسارات السردية للنص، من خلال اختيار معارضات دلالية ورموز محورية تمثل شبكة العلاقات الاجتماعية والطبقية.

  5. ينخرط النص الأدبي في شبكة تناصّية مع الخطابات الجماعية، مما يفرض قراءة للنص بوصفه فضاءً للتفاعل بين الأصوات المختلفة والصراعات الإيديولوجية.

انطلاقًا من هذه الرؤية، يقرأ عمار بلحسن رواية الزلزال بوصفها استجابة سردية لحظة اجتماعية وسياسية محددة في الجزائر، تتجسد في الصراع الذي فجرته الإصلاحات الزراعية مطلع السبعينيات. فالخطاب السياسي السائد آنذاك، بما يتضمنه من طموحات لبناء مجتمع اشتراكي، وجد تمثله الجمالي داخل رواية وطار التي لا تقدم مجرد مرآة للواقع، بل تعيد تشكيله عبر لغة أدبية متخيلة (شريبط، 2012 : 182).

يرى بلحسن أن الزلزال لا يقدم رواية توثيقية للأحداث، بل يسعى إلى إعادة كتابة التاريخ من منظور إبداعي، عبر بناء عالم لغوي يعبر عن الهشاشة الاجتماعية والتحولات الإيديولوجية العميقة (رابحي، 2016 : 15–16).

في هذا السياق، يُظهر بلحسن أن رواية الزلزال تمتص النموذج الإيديولوجي السائد وتعيد إنتاجه نصيًا، مبرزة التحولات الاجتماعية التي عرفتها الجزائر، وخاصة تفكك النظام الإقطاعي التقليدي في مواجهة مشروع الثورة الزراعية (بلحسن، 1989 : 132).

كما يكشف التحليل عن انخراط الرواية في سياق ثقافي أوسع، يتفاعل مع خطابات معاصرة في مجالات السينما والمسرح والصحافة، مما يعزز وظيفتها الاجتماعية بوصفها جزءًا من المشروع الاشتراكي العام.

على المستوى الجمالي، يستند وطار إلى تقنيات السرد الواقعي المتأثر بأعمال محمد ديب وكاتب ياسين ونجيب محفوظ، مما يضفي على روايته بعدًا تناصيًا مع نماذج أدبية عربية وعالمية مماثلة (بلحسن، 1989 : 133).

يبني وطار عالم روايته على شخصية « عبد المجيد بو الأرواح »، التي ترمز إلى الإقطاع المتحالف مع قوى الاستغلال والتمييز الطبقي. وتعمل الرواية على فضح هذا النظام من خلال سرد متوتر يكشف عن تصدع المنظومة القيمية التقليدية تحت ضغط التحولات الاجتماعية.

يبرز بلحسن، في تحليله، كيف يشتغل النص على تفكيك الخطاب الإقطاعي من داخل اللغة، عبر تقنيات فنية تستبطن الخطاب الاشتراكي السائد، مما يجعل النص نفسه ساحة صراع بين الرؤى الإيديولوجية المتصارعة.

هكذا، يظهر مفهوم « مجتمع النص » عند بلحسن بوصفه أداة تحليلية فاعلة لكشف كيفية اشتغال البنيات السردية والدلالية بوصفها تمثيلات رمزية للصراع الاجتماعي والإيديولوجي داخل النص الأدبي الجزائري المعاصر.

2.3. السوسيوكتابة

تمثل السوسيوكتابة مبدأً أساسياً في المقاربة السوسيونقدية، إذ ترتكز على تحليل كيفية تشكل الرؤية الإيديولوجية للعالم داخل النصوص الأدبية. ويعرّفها كلود دوشي بأنها : « مجموعة من التمثلات المتناقضة وغير المستقرة، تتصارع فيما بينها وتدور حول نواة نزاعية مركزية » (Duchet, in : https://fr.sociocritique.com/sociocritique). ومن هذا المنظور، تصبح السوسيوكتابة أداة لتحليل البنى التخييلية التي تنتجها الإيديولوجيات المتنافسة داخل العمل الأدبي (بولكعيبات، 2015-2016 : 346–347).

في هذا السياق، يقارب عمار بلحسن رواية الزلزال للطاهر وطار بوصفها نموذجاً لتجلي السوسيوكتابة، حيث يشكل الزلزال نفسه تيمة مركزية تهيمن على بناء الرواية وتوجه دينامية الشخصيات والأحداث. إن « الزلزال » ليس مجرد حدث طبيعي ضمن الحبكة، بل يتحول إلى رمز للصراع الإيديولوجي والاجتماعي بين البنى التقليدية المتآكلة ومشروع التحول الاشتراكي الجديد.

رغم ما يتسم به البناء السردي من تشظٍ ظاهري، إلا أن وحدة النص تتحقق من خلال تمركزه حول هذه النواة الدلالية : الهزة الاجتماعية والسياسية التي تعصف بالواقع الجزائري آنذاك. في هذا السياق، تتحول قسنطينة، مكان وقوع الأحداث، إلى نموذج مصغر للمجتمع الجزائري ككل، الذي يعرف تحولات جذرية على الصعيدين الاجتماعي والإيديولوجي (بلحسن، 1989 : 134–135).

يشكل عبد المجيد بوالأرواح الشخصية المحورية التي تتمحور حولها السردية الروائية بوصفه تجسيداً للإقطاعي الذي يصطدم بواقع متغير لم يعد قادراً على فهمه أو السيطرة عليه. ومن خلال هذه الشخصية، تتمفصل الرؤية الإيديولوجية للنص، حيث تُجسد مختلف أبعاد التحول الاجتماعي.

في تحليله السيميائي والدلالي لشخصية بوالأرواح، يعتمد بلحسن على مقاربة متعددة المستويات تشمل :

  1. البعد الرمزي للاسم والكنية : حيث يحيل لقب « بوالأرواح » إلى مدونات ميثولوجية وشعبية ترمز إلى العنف والمكر والفساد الأخلاقي، بما يعكس التدهور الرمزي للطبقة الإقطاعية.

  2. البعد الجسدي : يجسد بوالأرواح صورة الغني الطفيلي ذي المظهر المتناقض، الذي يجمع بين المظهر الأرستقراطي والواقع الشعبي، مما يكثف دلالة التنافر الاجتماعي.

  3. البعد النفسي : تُبرز الرواية شخصية موسوسة وعصابية وسادية، تعاني من العقم الرمزي، في إشارة إلى عقم النظام الإقطاعي عن مواكبة التغيرات الاجتماعية.

  4. البعد الفكري والإيديولوجي : يتمثل بوالأرواح كرجل دين متآمر، يعيد تأويل النصوص الدينية وفق مصالح طبقية ضيقة، مكرساً بذلك الرؤية الإقطاعية للعالم.

هذا التحليل المركب لشخصية بوالأرواح يسمح لبلحسن بفك شفرات الرؤية الإيديولوجية للنص، حيث يظهر الصراع بين الطبقة الإقطاعية المنهارة والقوى الاجتماعية الصاعدة، معبراً عنه بلغة رمزية مشحونة بالمتخيل الاجتماعي.

إن التركيز على الكنية « بوالأرواح »، التي ترمز في الذاكرة الشعبية إلى من يمتلك أرواحًا عديدة أو من يتسبب في هلاك الآخرين، يضفي بعداً إضافيًا على شخصية بوالأرواح، بوصفه تمثيلاً حياً لتحولات القيم الاجتماعية والأخلاقية، كما يكشف عن تعددية أقنعته وخداعه البراغماتي (مخلوف، 1984 : 63؛ شريبط، 2012 : 185–186).

من خلال هذه القراءة الدقيقة، يتمكن بلحسن من تفعيل السوسيوكتابة في النص، حيث تصبح شخصية بوالأرواح نقطة تقاطع للخطابات المتناقضة التي تكشف تحولات المجتمع الجزائري في سبعينيات القرن العشرين. وهكذا يتحول النص إلى حقل نزاع دلالي يعكس جدلية الصراع الاجتماعي والإيديولوجي، بما يتجاوز التمثيل الواقعي البسيط إلى بناء رمزي معقد يستبطن أبعاد التحول التاريخي.

3.3. الإيديولوجيا

تُعد الإيديولوجيا محورًا مركزيًا في الفكر النقدي لعمار بلحسن، إذ تتقاطع مع مختلف انشغالاته السوسيولوجية والنقدية (عيلان، 2008 : 15–45؛ شعلان، 2013 : 130). فقد نظر بلحسن إلى الأدب باعتباره وسيطًا إيديولوجيًا بامتياز، لا ينعزل عن السياق الاجتماعي والسياسي الذي يتموضع فيه، بل يتماهى معه ويعيد إنتاجه برؤية تخييلية (عبد العزيز، 2015 : 120).

ينطلق بلحسن من أن النص الأدبي، رغم استقلاله الجمالي، يحمل في داخله حمولة إيديولوجية لا يمكن تجاهلها، إذ يتعذر فصل الأدب عن الإيديولوجيا سواء في مستوى التمثيل أو في مستوى اللغة والدلالة (بردي، 2018 : 137). فالإيديولوجيا تسبق النص، وتشكل أفقه المرجعي، وتندمج ضمن بنيته اللغوية والدلالية.

ولهذا، احتلت الإيديولوجيا حيزًا كبيرًا من اهتمامات بلحسن البحثية، حيث خصص لها أطروحته لنيل شهادة الماجستير وكتابه الأدب والإيديولوجيا، الذي تناول فيه جدلية العلاقة بين الرواية والإيديولوجيا بوصفها علاقة معقدة تتطلب تحليلًا سوسيولوجيًا ودلاليًا دقيقًا (بن مالك، 2019 : 298–306).

يتبنى بلحسن موقفًا وسطًا في مقاربته لهذه الإشكالية، بعيدًا عن الطروحات المثالية التي تفصل الأدب عن الواقع، وعن الرؤى التقليدية التي تختزل الأدب في مجرد انعكاس آلي للظروف الاجتماعية. فهو يرى أن النص الأدبي ممارسة إيديولوجية مشروطة بالسياق الاجتماعي-التاريخي الذي ينتجه، كما أنه نتيجة لتحولات لغوية ودلالية تدمج الواقع والتاريخ والمتخيل الثقافي داخل بنية جمالية مركبة (بلحسن، 1991 : 42).

بهذا التصور، يؤكد بلحسن أن الأدب ليس إنتاجًا مباشرا للإيديولوجيا، بل هو إعادة تشكيل لها داخل أنساق لغوية وجمالية معقدة. فالكاتب، بوصفه « عاملا لغويًا »، يعيد صياغة التجربة الاجتماعية عبر تقنيات التعبير والرمز والانزياح، مما يجعل النص مجالًا ديناميكيًا لصراع الإيديولوجيات وتفاعلها (بلحسن، 1991 : 53).

من هذا المنطلق، حدد بلحسن ثلاث فرضيات أساسية لفهم العلاقة بين الأدب والإيديولوجيا :

  1. النص الأدبي يبني الإيديولوجيا، من خلال تشكيلها داخل بنيات لغوية تخلق دلالات جديدة ومتميزة.

  2. النص يحول الإيديولوجيا ويعيد إنتاجها، مما يكشف عن الرؤية الخاصة للكاتب تجاه العالم، حتى لو كانت هذه الرؤية مضمنة ومخفاة ضمن الأنساق النصية.

  3. النص الأدبي يمثل الواقع، لكنه يفعل ذلك عبر تمثيل تخييلي جمالي يختلف عن التمثيل العلمي أو المباشر، مما يفتح المجال أمام مقاربات متعددة للواقع الاجتماعي.

يرى بلحسن أن فهم هذه العلاقة يقتضي تحليل النصوص الروائية من الداخل، بالتركيز على بنياتها اللغوية والسردية باعتبارها حوامل للإيديولوجيا، وليس فقط من خلال الإحالة المباشرة إلى المرجعيات الخارجية.

لتجسيد هذه الرؤية التطبيقية، اختار بلحسن رواية الثلاثية لمحمد ديب (الدار الكبيرة، الحريق، النول) بوصفها نموذجًا لتحليل دينامية الإيديولوجيا في النص الأدبي الجزائري. ففي تحليله لهذه الثلاثية، يكشف بلحسن عن :

  • استثمار الثلاثية للتراث الثقافي الوطني، والاعتماد على الواقعية الاجتماعية بوصفها أداة نقدية لكشف البنى الكولونيالية.

  • تصوير الصراع الإيديولوجي بين الإيديولوجيا الكولونيالية والإيديولوجيا الوطنية التحررية.

  • إبراز التداخل بين الرواية والواقع الاجتماعي والسياسي الجزائري من خلال بناء سردي يدمج الذاتي بالجماعي.

يشدد بلحسن على أن محمد ديب، من خلال كتابته للثلاثية، جسد دور « المثقف العضوي » بالمعنى الغرامشي، الذي ينخرط عضويا في معركة الوعي الوطني، مستخدمًا الأدب كوسيلة لإعادة تشكيل الهوية الوطنية وتوحيد الخطاب الاجتماعي والسياسي للجزائريين في مواجهة الاستعمار (بلحسن، 1986 : 36–38).

من خلال هذا التحليل، يتمكن بلحسن من إعادة إبراز الوظيفة الإيديولوجية العميقة للأدب، بوصفه مجالًا لإعادة بناء العالم الاجتماعي داخل بنيات لغوية رمزية، تحافظ على الطابع الجمالي للنص مع إبراز أبعاده السياسية والثقافية.

الخاتمة

تكشف هذه الدراسة عن مكانة عمار بلحسن الرائدة في الحقل النقدي الجزائري، خصوصًا في مجال التحليل السوسيونقدي، حيث تبيّن أنه كان من أوائل الذين سعوا إلى تمثل هذا المنهج وتفعيله في قراءة النصوص الروائية الجزائرية. وعلى الرغم من اقتصار منجزه على مرحلة أولى لم تكتمل بفعل رحيله المبكر، إلا أن مقارباته اتسمت بوعي نظري عميق وإدراك حاد لطبيعة العلاقة الجدلية بين الأدب والمجتمع.

من خلال تحليله لروايتي الزلزال للطاهر وطار والثلاثية لمحمد ديب، طبق بلحسن المفاهيم المركزية للسوسيونقدية عبر محاور أساسية هي : مجتمع النص، السوسيوكتابة، والإيديولوجيا. وقد أبانت قراءاته عن قدرة تحليلية متميزة في التقاط التوترات الاجتماعية والسياسية والثقافية المضمرة في البنى النصية، دون الوقوع في فخ الإسقاط المباشر للمرجعيات الخارجية.

أكدت هذه الدراسة كذلك أن عمار بلحسن قد أرسى، من خلال جهوده النقدية، اللبنات الأولى لتلقي الفكر السوسيونقدي في الجزائر، في وقت كانت الساحة النقدية المحلية لا تزال أسيرة القراءات التقليدية أو الاستنساخ المباشر للنظريات الغربية دون تبيئتها. وقد تميزت مقارباته بالجمع بين الصرامة المنهجية والمرونة التأويلية، مع الالتزام بخصوصيات السياق الثقافي الجزائري.

إن إحياء تجربة عمار بلحسن ودراستها في ضوء مستجدات البحث النقدي يمثل ضرورة معرفية، ليس فقط لتثمين إسهاماته، ولكن أيضًا لإعادة التفكير في الكيفيات التي يمكن من خلالها تطوير النقد السوسيولوجي والسوسيونقدي بما يتلاءم مع تحولات الخطاب الأدبي الجزائري والعربي الراهن.

إن مشروع بلحسن، رغم كل ما اعتراه من انقطاعات وصمت قسري بفعل وفاته المبكرة، يظل شاهدًا على إمكانية بناء نقد أدبي اجتماعي جاد ومبدع، يتجاوز النقل الآلي للنظريات، وينفتح على مساءلة السياقات المحلية والرهانات الثقافية الكبرى.

وبهذا، لا تقتصر أهمية هذا المشروع على كونه تجربة رائدة في التلقي السوسيونقدي، بل يتجاوزه ليكون نداءً مستمرًا إلى ضرورة تأسيس نقد أدبي قادر على التفاعل الخلاق مع القضايا الاجتماعية والثقافية، وقادر على الإسهام في إعادة بناء الوعي النقدي العربي في زمن التحولات الكبرى.

فتح آفاق بحث جديدة

انطلاقًا من هذا الإطار، نقترح جملة من المحاور التي تستحق مزيدًا من الدراسة والتأصيل :

  • ضرورة إعادة تأريخ التلقي السوسيونقدي في الحقل النقدي العربي، ليس كحركة ترجمة، بل كمجال تفاوض معرفي.

  • استكشاف العلاقة بين السوسيونقدية والنقد ما بعد الكولونيالي، بوصفهما حقلين يتقاطعان في مساءلة التمثلات والسلطة والخطاب.

  • تحليل كيفيات توسيع أدوات السوسيونقدية لتشمل أشكالًا أدبية جديدة كالسرد النسوي، والرواية الرقمية، والنصوص الهامشية.

  • وأخيرًا، دراسة التقاطعات الممكنة بين السوسيونقدية والمقاربات التداولية العربية، في أفق بناء نقد بديل نابع من الداخل.

بلحسن، ع. (1982). الإيديولوجيا الوطنية والرواية الوطنية في الجزائر: دراسة سوسيولوجية في حالة ثلاثية محمد ديب [مذكرة ماجستير، جامعة وهران].

بلحسن، ع. (1984). الرواية والمدينة: عناصر وافتراضات سوسيولوجية حول روايتين جزائريتين. مواقف، (51/52)، 123–135.

بلحسن، ع. (1986). أنتلجانسيا أم مثقفون في الجزائر. بيروت: دار الحداثة.

بلحسن، ع. (1989). صراع الخطابات: السرد والإيديولوجيا في رواية الزلزال للطاهر وطار. فصول، 1(2)، 130–143.

بلحسن، ع. (1991). الأدب والإيديولوجيا. الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة.

بلحسن، ع. (1993). نقد المشروعية: الرواية والتاريخ في الجزائر. التبيين، (7)، 110–135.

بن مالك، س. م. (2019). تأملات عمار بلحسن في جدلية الرواية والإيديولوجيا. المعرفة، (669)، 298–306.

بردي، س. (2018). الكتابة الأدبية وسؤال المرجعية الإيديولوجية: قراءة في فكر عمار بلحسن. إحالات، (2)، 132–145.

بنكراد، س. (1996). النص السردي: نحو سيميائيات للإيديولوجيا. الرباط: دار الأمان.

رابحي، ع. (2016). إيديولوجيا الرواية والقطيعة التاريخية. سطيف: دار الوطن اليوم.

ساري، م. (2001). المنهج السوسيونقدي بين النظرية والتطبيق. اللغة والأدب، (15)، 18–32.

ساري، م. (2009). الأدب والمجتمع. عنابة: دار الأمل.

ساماكي، أ. (2013). تعريف السوسيونقدية. ضمن: ن. بولا قيعبط، النقد الاجتماعي والإيديولوجي (ص. 340–347). مغنية: المركز الجامعي مغنية.

Boulekaiabat, N. (2015–2016). La méthode sociocritique dans la critique arabe contemporaine [Thèse de doctorat, Université Batna 1].

Duchet, C. (1971). Pour une sociocritique. Littérature, 1(1), 5–14.

Duchet, C. (1979). Introduction. In C. Duchet (Éd.), Sociocritique (pp. 3–8). Paris: Larousse.

Fayolle, R. (1979). Le social dans le texte. In C. Duchet (Éd.), Sociocritique (pp. 215–226). Paris: Larousse.

Popovic, P. (2011). La sociocritique: Définition, histoire, concepts, voies d’avenir. Pratiques, 151–152, 7–38.

Popovic, P. (2021). Sociocritique revisitée: Entre idéologies et textualités. Paris: L’Harmattan.

O'Brien, S. (2022). The Social Life of Literature: Narratives and Contexts. London: Routledge.

Da Silva, M. (2020). Sociocritique et mondes contemporains: Nouvelles pistes. Revue des Sciences Humaines, 350, 45–68.

Zima, P. V. (1978). Pour une sociologie du texte littéraire. Paris: Presses Universitaires de France.

Zima, P. V. (1989). Pour une sociologie du texte littéraire (A. Belhassen, Trad.). العرب والفكر العالمي، (5)، 45–67. (Œuvre originale publiée en 1978)

علي سحنين

جامعة الدكتور مولاي الطاهر – سعيدة

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article