تمثلات النسوية في الشعرية الخليجية المعاصرة

Feminist Representations in Contemporary Gulf Poetry

حبيب بُـوهْـرُورْ

p. 11-55

Citer cet article

Référence papier

حبيب بُـوهْـرُورْ, « تمثلات النسوية في الشعرية الخليجية المعاصرة », Aleph, Vol. 5 (2) | 2018, 11-55.

Référence électronique

حبيب بُـوهْـرُورْ, « تمثلات النسوية في الشعرية الخليجية المعاصرة », Aleph [En ligne], Vol. 5 (2) | 2018, mis en ligne le 25 décembre 2018, consulté le 29 mars 2024. URL : https://aleph.edinum.org/1272

La présence des femmes en tant qu’actrice procédurale dans les différentes étapes de la poésie arabe contemporaine dans la région du Golfe est l’une des manifestations les plus importantes du féminisme positif dans la structure sociale, surtout si l’on considère que la littérature masculine n’est plus la seule référence créative. Basé sur la capacité de ces textes littéraires (poétiques) à représenter le soi conscient des significations du discours techniquement, esthétiquement et spirituellement, et non sur la base de l’écriture féminine traditionnelle prévue pour le devoir d’obéissance et de loyauté à l’autre …. .

The presence of women as a procedural actor in the different stages of contemporary Arab poetry in the Gulf region is one of the most important manifestations of positive feminism in the social structure, especially considering that the literature masculine is no longer the only creative reference. Based on the ability of these literary (poetic) texts to represent the conscious self of the meanings of discourse technically, aesthetically and spiritually, and not on the basis of the traditional feminine writing provided for the duty of obedience and loyalty to the other ...

يعتبر حضور المرأة كفاعل إجرائي في مختلف مراحل الشعرية العربية المعاصرة في منطقة الخليج العربي من أهم مظاهر التجلي النسوي الإيجابي داخل البنية الاجتماعية، خاصة إذا سجلنا أن الأدب الذكوري لم يعد المرجع الابداعي الوحيد أماما متلق واع انتهج الفصل الجنوسيGender بين النصوص الأدبية وقت تلقيها، وراح يقاربها انطلاقا من قدرة هاته النصوص الأدبية (الشعرية) على تمثل الذات الواعية لمدركات الخطاب فنيا وجماليا ورؤيويا، وليس على أساس الكتابة الأنثوية التقليدية المقدمة لواجب الطاعة والولاء للآخر العاقل..

1.مدخل إجرائي

  1. مشكلة البحث

لقد سجلت الساحة الأدبية والنقدية في منطقة الخليج العربي خلال العقود الثلاثة الماضية احتفاء غير مسبوق بنتاج المرأة المبدعة في أجناس أدبية مختلفة، منها جنس الشعر بشقيه الشعبي والفصيح؛ وحيث إن الأدب عموما والشعر على وجه الخصوص كان ولقرون مضت من نتاج الرجل من المنظور الجنوسي Gender ، فإن كل تشكيل شعري في ظل هذا السياق الثقافي المتشاكل مع الموروث فنيا واجتماعيا يعد حضورا أدبيا متميزا، يحيل الشاعرة المبدعة من منطلقات النظرية النسوية Feminist theory في النقد والنقد الثقافي معا على تأسيس فرادات رؤيا جنوسية مختلفة لا تقف عند الثابت في الطرح والتشكيل، وإنما تبحث عن المتغير داخل بنية المنظومة الاجتماعية لتؤسس ذاتيا لحركية إبداع. حينها يبتعد المنتج الشعري الأنثوي – في تقديري - عن احتذاء المؤتَلف ليتوجه عن المختلِف في البنية التشكيلة للقصيدة وفي مضمونها معا؛ وحتى في طرق تَمَثُلِها وحضورها لدى المتلقي من خلال المشهد النقدي الأدبي المعاصر.

  1. أهمية البحث وأهدافه

تتجلي أهمية الغاية البحثية أمام المتلقي في السعي نحو تحديد السياقات الشعرية للمرأة الخليجية ضمن حركية المُنجَز النقدي المعاصر، والبحث في الروافد والمتشَكَلات المتنية في نماذج نسوية خليجية منتقاة بدقة وعناية، بغية الوقوف عند الثيمات البنيوية للقصيدة الخليجية ممثلة في نموذجي الشعر الحر Free Verse وقصيدة النثر Prose Poem ، والبحث عن مستويات التماثل ضمن ثنائية الأنا والآخر في القصيدة .

  1. منهجية البحث

تقتضي طبيعة العملية البحثية القائمة على المكاشفة النقدية أن يعتمد البحث على مجموعة من الآليات المنهجية المنتقاة بحسب سيرورة البحث وعناصره، ولهذا سنستعين بآليات المناهج السياقية، وحين يقتضي البحث آليات أخرى سنستعين بالتأويل والقراءة ... .

  1. تساؤلات البحث

يطرح البحث تساؤلات نقدية إجرائية يحاول من خلالها رصد المنتج الإبداعي النسوي في فترة زمنية محددة، ومنها :

  • أين يتقاطع مفهوم النسوية العالمي مع ملمح المبدعة الخليجية؟ وماهي فضاءات إخراجه؟

  • كيف تمثل حضور المتن الإبداعي النسوي في الشعرية الخليجية المعاصرة؟

  • ماهي الثيمات البنيوية المشكلة للنص عند الشاعرة الخليجية؟

  1. حدود البحث

يقارب البحث الحضور النسوي في الشعرية المعاصرة في منطقة جغرافية تنحصر في منطقة الخليج العربي، ويتناول نماذج استدلالية منتقاة بعناية ضمن هذا الإطار؛ فيعرض لشاعرات من قطر والإمارات والكويت . محاولا ربط التجارب المحلية بتجارب شعرية عالمية.. الخ.

2-خلفية نظرية

أفرزت مرحلة التحولات الاقتصادية والاجتماعية خلال العقود الثلاثة المتلاحقة في منطقة الخليج العربي أو ما يصطلح عليها بالطفرة الاقتصادية، نماء ثقافيا وفكريا متصاعدا، ارتبطت متطلباته بمختلف متطلبات المرحلة الاقتصادية، حيث أصبحت الواجهة الثقافية والتثاقفية معا هي الانعكاس المباشر الواجب بروزه في الساحة الخليجية كناتج موضوعي من نواتج الحركية التعليمة، والثقافية الموجهة لإيجاد جيل من النخب المثقفة Inteligencia، يوازي في خلفيته الثقافية والأيديولوجية ما شاع سابقا في مجتمعات غربية وعربية أخرى في الأربعينيات، والخمسينيات من القرن الماضي .

  1. -نسوية أم أنثوية؟

وردت في العديد من المعاجم النقدية المتخصّصة كلمة أو مصطلح Feminism المشتقة من Female وFeminine ومعناها أنثى أو أنثوي، أومن كلمة Femina والتي تعنى المرأة، وتتداخل ترجمتها عند البعض من حيث المدلول؛ فيقولون بالأنثوية وليس النسائية التي وردت في المعاجم المختصة تحت مصطلح womanism1. وقد بدأ استعمال مصطلح النسوية لأول مرة في المجال الأدبي والنقدي وحتى في مجال العلوم الإنسانية العام 1910 من قبل المفكرة والسياسية الألمانية كلارا زاكتين Clara Zetkin ( 1857-1933) مؤسسة الفكر النسوي الاشتراكي في أوروبا بداية القرن الماضي؛ وذلك خلال المؤتمر الدولي الثاني للنساء الاشتراكيات بكوبنهاجن Copenhague شهر أوت 1910، حيث أُعلن الثّامن من آذار عيدًا عالميّا للمرأة، وهو التّاريخ الّذي اعتمدته عصبة الأمم League of Nations لإحياء ذكرى العصيان المدنيّ الّذي قامت به العاملات في نيو يورك علم 1895 احتجاجًا على الأوضاع البائسة الّتي كنّ يعانين منها.2

لقد ارتبط المد الثقافي الأوروبي في القرن الماضي بالمتغيرات الفكرية والاقتصادية التي نمت مع حراك التغيير؛ سواء في أوروبا أو أمريكا، وتفاعلت حركية المثاقفة Acculturation في إطار أيديولوجي وفلسفي متميز، والأمر في منطقة الخليج العربي يقترب من هذا المتصور الفلسفي خاصة حين ارتبطت حركية الكتابة والإبداع بنماء الراهن اقتصاديا وبالرغبة في فتح هذه الحركية ضمن فلسفة رأسمالية تجعل من الأدب مادة متداولة لا تحدها قيود، بل توجهها نحو اكتساب شرعية التداول في مجتمع ما زالت تكبّله كغيره من المجتمعات العربية جملة من معيقات فرادة الكتابة والإبداع ... . من هنا تداخل التوظيف وقت استعمال مصطلح النسوي وربطه بالمنتج الأدبي في ظل المحمولات الفلسفية والاجتماعية المشكلة للمصطلح في المدونة النقدية الغربية والعربية، فاستعمل مصطلح نسوي وأنثوي وفق تصور متداخل من دون النظر الى الخلفيات الفكرية المنتجة للدلالة داخل سياقات النص ذاته، وهذا ما خلق نوعا من « الفوضى المصطلحية، دعا الكثير من المتلقين إلى التوجس من هذه المصطلحات لأنها بارتباكها وعدم تأطيرها وتوضيح دلالاتها تأتي مشحونة بالكثير من المحمولات »3 السلبية المحيلة على قراءات لا تخدم حركية الابداع عند المرأة.

  1. طفرةُ الكتابة وأنوثةُ الإبداع 

احتلت الكتابة النسوية مكانة استثنائية متفردّة ضمن المشهد الإبداعي الخليجي المعاصر، ورغم المعيقات التاريخية وسيرورتها القاهرة، ظهرت في الساحة الأدبية في العقدين الأخيرين بالذات أسماء نسوية لامعة في عالم الشعر، لامست بكتاباتها الإبداعية الراهن وتطلعت نحو أفق التخييل من دون أن تدعي التأسيس والتفرد من جهة، أو التشكيل الحداثي في مختلف مستويات النظم من جهة أخرى. بل على النقيض تماما لقد وُلدت الممارسات الشعرية النسوية الخليجية المعاصرة وهي تحاكي الأنموذج الشعري العربي الحديث شكلا ومضمونا، ثم تجاوزته حين راجعت الشاعرة الخليجية أنموذج الكتابة بالنثر، فاقتربت بسرياليتها « البروتونية » -نسبة إلى أندري بروتون André Breton رائد السريالية في أوروبا- الخافتة من عوالم الرؤيا والرمز والتشكيل، ضمن متطلبات التكثيف الدلالي في تشكيل قصيدة النثر،« ففي زمن ينضج بالروح المتوثبة والعقلانية والوعي الفكري وتحتل التيارات الأدبية المتباينة مسارات الوجود الفكري المتنوع، وتتصارع المذاهب الأدبية لتحديد هوية الثقافة والسبق الأيديولوجي »4 برزت الشعرية النسوية في الخليج العربي .

وقبل التعرض لأسباب هذا التفرد والتميز في عالم الكتابة والتشكيل، أُدرك أنه من متطلبات البحث التعرض إلى مفهوم الكتابة النسوية كمصطلح إشكالي في المشهد النقدي العربي المعاصر؛ حتى تتساوق الطروحات وفق رؤيا ومقاربة من شأنها تسجيل بعض الاختلافات المصطلحية المتداولة في فضاء النقد ونظرية الأدب، وتعلّل شيئا من أبجديات الكتابة عند شاعرات منطقة الخليج.

لقد كان للصحافة الأدبية في أوروبا وخاصة فرنسا في النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين أثر كبير في التأسيس لمصطلح الأدب النسوي ضمن حقول الكتابة والنقد والتداول الثقافي، وطُرح المصطلح على أساس دلالة واضحة مفادها : الأدب (بشعره ونثره) الذي تكتبه المرأة، ولكن الاختلاف الذي برز في الصالونات الأدبية والنقدية الأوروبية ثم العربية لاحقا، هو ذلك الاختلاف حول المحمولات الثقافية واللغوية المستوحاة من روح المصطلح، والتي وَلّدت بدورها أربعة مفاهيم انتقائية هي : المؤنث، والنسوي، والأنثوي، والنسائي. لقد رفضت نازك الأعرجي، والتي تعتبر واحدة من الناقدات النسويات المجتهدات استخدام مصطلح الكتابة الأنثوية، « لأن الأنوثة كمفهوم تعني لها ما تقوم به الأنثى وما تتصف به وتنضبط إليه... ولفظ الأنثى يستدعي على الفور وظيفتها الجنوسية، وذلك لفرط ما استخدم اللفظ لوصف الضعف والرقة والاستسلام والسلبية ».5

أما زهرة الجلاصي فقد نادت في كتابها « النص المؤنث » بضرورة استعمال مصطلح النص الأنثوي، والكتابة الأنثوية، كبديل عن المصطلح الذي بدأ تداوله، وهو النص النسوي أو الكتابة النسائية؛ وقد عللّت هذه الدعوة انطلاقا من رؤيا ثقافية ودلالية بحتة، أساسها أن مصطلح الكتابة والنص الأنثوي يعرّف نفسه استنادا إلى آليات الاختلاف لا التميز، وهو في غنى عن المقابلة التقليدية : مؤنث/مذكر بكل محمولاتها الأيديولوجية الصدامية التي صارت اليوم تستفز الجميع، « إن النص المؤنث ليس هو النص النسائي؛ ففي مصطلح نسائي معنى التخصيص الموحى بالحصر والانغلاق في دائرة جنس النساء، بينما المؤنث الذي نتراضى عليه إلى الاشتغال في مجال أرحب مما يخول تجاوز عقبة الفعل الاعتباطي في تصنيف الإبداع احتكاما لعوامل خارجية على غرار جنس المبدع6.

أما شرين أبو النجا فقد قاربت الإشكال المصطلحي القائم من خلال ثنائية النسوي والنسائي في الكتابة والإبداع ، لاعتقادها أن كل ما اقترن بمصطلح نسائي دلّ بالضرورة على المتخيل البيولوجي الجنسي في وعي المتكلم، بينما يختل الأمر تماما حين تداول مصطلح « نسوي» الذي يقترن في الوعي الثقافي العام بكل ما هو فكري ومعرفي وثقافي بغض النظر عن الجنوسة البيولوجية الظاهرة، من هنا تتشكل الكتابة النسوية لتؤسس لنص إبداعي تكتبه أنثي؛ يكون هذا النص –شعرا كان أم نثرا- نصا قادرا « على تحويل الرؤية المعرفية والأُنطولوجية Ontology للمرأة إلى علاقات نصية، وهو النص المهموم بالأنثوي المسكوت عنه... الأنثوي الذي يشكل وجوده خلخلة للثقافة المهيمنة، وهو الأنثوي الكامن في فجوات الثقافة، وأخيرا هو الأنثوي الذي يشغل الهامش »7.

ويقترب هذا الطرح عند الناقدة أبو النجا لمصطلح نسوي من الطرح الفلسفي الأوروبي الغربي للمصطلح والذي يدعو إلى رفض ربط الخبرة الإنسانية بخبرة الرجل وإعطاء فلسفة وتصور عن الأشياء والوجود من خلال وجهة نظر المرأة، « فالمتخصّصون يفرقون بين النسوية والنسائية؛ النسائية هي الفعاليات التي تُقَزَّمُ بها النساء دون اعتبار للبعد الفكري والفلسفي، وإنما بمجرد أنها فعاليات تقوم بها المرأة، بينما النسوية تعبر عن مضمون فلسفي وفكري مقصود8

أما عبد الله الغدامي فقد أفاض في مقاربة ظاهرة الكتابة الأنثوية من خلال مراجعة تاريخية للمحمولات الثقافية والفكرية العالقة في وعي الفحولة الذكورية، فيعرض إلى ولوج المرأة إلى عوالم الكتابة والإبداع عندما استرجعت أقلامها من المارد الذكوري الذي ظل واعيا لفحولته منذ الأزل. لقد قال « عبد الحميد الكاتب » قديما أن خير الكلام ما كان لفظه فحلا ومعناه بكرا9، وذهب الغدامي إلى قراءة هذه العبارة على أساسِ قِسمة ثنائية ثقافية » يأخذ فيها الرجل أخطر ما في اللغة؛ وهو اللفظ بما هو التجسد العلمي للغة، والأساس الذي ينبني عليه الوجود الكتابي والوجود الخطابي لها. فاللفظ فحل (ذكر) وللمرأة معنى، لاسيما وأن المعنى خاضع وموجّه بواسطة اللفظ وليس للمعنى من وجود أو قيمة إلا تحت مظلة اللفظ... هذه قسمة أولى أفضت إلى قسمة ثانية أخد فيها الرجل الكتابة واحتكرها لنفسه وترك للمرأة الحكي؛ وهذا أدي إلى إحكام السيطرة على الفكر اللغوي والثقافي وعلى التاريخ10. وحين أضحى الرجل لفظا والمرأة معنى، ترسخت جدلية الخضوع الأزلية للآخر الفحل، وأصبحت كل كتابة نسوية كتابة شاذة على أعراف وتقاليد الذكورية؛ لأن المرأة ولقرون لم تكن سوى موضوعا لغويا وليست ذاتا لغوية؛ « ففي كل ثقافات العالم تظهر المرأة على أنها مجرد معنى من معاني اللغة، ولم تتكلم المرأة من قبل على أنها فاعل لغوي أو كائن قائم بذاته، والمعنى البكر بحاجة دائمة إلى اللفظ الفحل لكي ينشأ في ظله »11.

  1. -شعريةُ المرأة الخليجية وفحولةُ اللغة

ارتبطت شعرية المرأة الخليجية المعاصرة بعنصري الصدام والدهشة، كفعل انقلابي على أرض واقع وموروث مكرَّس بسلطة ذكورية خرقت المتخيل الثقافي والأدبي منذ القرن الثالث هجري؛ حين كان النقد ذكوريا والكتابة ذكورية واللغة أيضا، ولم يُسند للمرأة حينها وإلى يومنا سوى المعنى والصورة التي تتسابق الذكورة إلى نسجها وفق معايير جسدية وثيولوجية مفروضة ومعدّة مسبقا. من هنا ظهرت الكتابة الشعرية في الخليج كفعل انقلابي لأن « الشرط الأساسي في كل كتابة جديدة هو شرط انقلابي، وهو شرط لا يمكن التساهل فيه أو المساومة عليه، وبغير هذا الشرط الانقلابي تغدو الكتابة تأليفا لما سبق تأليفه، وشرحا لما انتهى شرحه، ومعرفة بما سبق معرفته »12.

إن السبب الرئيس في تحرّر الكتابة النسوية في منطقة الخليج من سلطة الفحولة وتكريس المعنى، هو الرغبة الجامحة في تحقيق الذات ضمن فضاء ثقافي متميز، ساهمت في إبرازه مختلف مظاهر الحياة الخليجية المعاصرة، سواء كانت هذه المظاهر ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية، بل أن التيمة الفاعلة في تقديري ذاتية؛ تحاول خلالها كل شاعرة أن تنتقل إلى مرحلة وأد الفحولة من خلال وأد لغتها، ومتطلباتها الثقافية الراسخة عبر الزمن، والتخلص من أزلية : المرأة معنى والرجل لغة. وعليه فقد

« كتبت المرأة أخيرا ودخلت إلى لغة الآخر واقتحمتها ورأت أسرارها وفكّت شفرتها، فتكلمت المرأة عن مأساتها الحضارية وأعلنت إدانتها للثقافة والحضارة، وبينت أن هذه الحضارة المزعومة ليست تحظرا أو تطورا فكريا، فالحضارة التي تقمع المرأة ليست حضارة... »13.

إن الكتابة الشعرية المعاصرة في المجتمعات العربية عموما، والمجتمع الخليجي على وجه التخصيص، هي كتابة تقف عند معادلة الذات والآخر، والأنا والأنا الآخر؛ فتحقيق الذات الشاعرة في منطقة الخليج يتطلب كسر جدلية الصراع الثقافي الكامن في المحمولات المتراكمة منذ القرن الثالث والرابع الهجريين، وعلى مدّ الأزمنة والأمكنة لا تستقيم العملية الانقلابية إلا بإعلاء الذات وتضخيم الأنا الأنثوية في فضاء كتابة نسوية مدعمة بنظرية وافدة على المنطقة؛ عدت من بين الروافد الأساسية المؤثرة في تفعيل الكتابة الشعرية النسوية في الخليج. لقد تساءل الدكتور عبد الله الغدامي حين قارب الإشكالية قائلا :

« ... هل تستطيع المرأة أن تسجل من خلال إبداعها اللغوي اختلافا أنثويا إيجابيا يضيف إلى اللغة والثقافة بعدا إنسانيا جديدا ويجعل من التعبير اللغوي تعبيرا ذا جسد طبيعي حينما يسير على قدمين اثنتين مؤنثة ومذكرة، ويجعل الأنوثة معادلا إبداعيا يوازي الفحولة ولا يقل عنها ولا يقبل بكون الأنوثة فحولة ناقصة؟ .. . »14.

أنطلق من هذا التساؤل الهام لمقاربة بعض النماذج الإبداعية الخليجية، عند شاعرات أعتقد أنهن أدركن الغاية من الكتابة، وإعادة إنتاج المختلف والمتشاكل في الثقافة العربية من خلال هدم نظرية الفحولة اللغوية وتأسيس الذات الأنثوية بعد غياب الأنوثة التام عبر التاريخ؛ كونها غابت عن اللغة وعن الكتابة الثقافية « وتفردت الفحولة باللغة، فجاء الزمن مكتوبا ومسجلا بقلم المذكر واللفظ الفحل... »15.

أصحيت وقتَ مقاربة تفاصيل هذا البحث، عددا كبيرا من الشاعرات الخليجيات في فضاء الممارسة والكتابة الإبداعية، فهناك أسماء برزت منذ عقود(الثمانينيات) وما تزال تُفاعل الكتابة والتشكيل وفق قناعات ذاتية ومتطلبات شكلية ووجودية نامية ومتغيرة. وفي المقابل كانت أسماء أخرى تضيء في مرحلة ثم يخفت صداها؛ وكأنها اعتزلت أو تنتظر لحظة التجلي من جديد، فظاهرة الاعتزال في الأدب الخليجي النسوي ظاهرة حاضرة بقوة وبفعل ما ذكر سابقا من رواسب ثقافية وحمولات حضارية. و معا هذا فان الشاعرات الانقلابيات على نظرية الفحولة ومنطق لغة الفحولة رفضن دوما مفهوم الأنوثة كمعنى؛ وقد ساهم في تسجيل حضورهن ضمن المشهد الأدبي الخليجي أسبابا كثيرة، ربما تكو ن الصحافة بعد انتشار التعليم في صفوف البنات هي أبرز العوامل المنشّطة للأدب النسوي في الخليج ، وتناولت الأدبية الإماراتية « ظبية خميس » أسباب التطور والانتشار لأدب المرأة في الخليج قائلة :

« أننا في مرحلة تحول وانتقال ثقافي وحضاري وسياسي كبيرة، إن التغيرات الحادة في المجتمعات الخليجية والتقدم المادي السريع، وتحول المنطقة إلى بوتقة للعولمة على كل المستويات، لا بد أن يفرز طرقا جديدة للتعبير عن الذات بما في ذلك التعبير الأدبي والفني، وهي مرحلة سوف يرافقها الكثير من الإنتاج الإبداعي الأدبي... »16.

وعليه أضحى الشعر النسوي ظاهرة وملمحا ومتطلبا اقتحاميا، ورافدا من روافد الشعرية العربية المعاصرة المدجّجة بجدلية الهدم والتأسيس : هدم ثنائية الفحولة والذكورة، وتأسيس لثنائية النسوية واللغة بعيدا عن منطق : الرجل لغة والمرأة معنى.

ونظر للعدد الكبير من الشاعرات المتميزات والحاملات للواء التأسيس الشعري النسوي، ارتأيت أن أعرض لنماذج منتقاة من التشكيل الشعري الحر والنثري لكل من : الشاعرة هدى سعدي( الإمارات)، والشاعرة صالحة غابش (الإمارات)، والشاعرة سعاد الصباح( الكويت)،والشاعرة زكية مال الله (قطر)، ولعل السبب في هذا الانتقاء والتخصيص يرجع إلى تقدير أكاديمي وشخصي مفاده أن القصيدة الحديثة حرة(شعر التفعيلة)كانت أو نثرية(قصيدة نثر) هي أفضل تيمة يمكنها أن تَعرِض لثنائية الرفض والبناء الشعريين ،فلقد تمردت الشاعرة الخليجية على الكثير من النماذج الشكلانية المتوارثة شعريا، وهذا ما يؤكده صلاح فضل حين قال :

« أول ما يتبادر إلى الذهن الآن أن هذا الجنس المهجن الجديد(قصيدة النثر) قد أصبح أكثر الأشكال الفنية تلاؤما واتساقا مع صوت المرأة الحاد الرفيع، الذي أخذ يشق فضاء الثقافتين العربية والعالمية، ويزاحم أصوات الرجال الجشة وإيقاعاتهم الخشنة المسرفة »17،

ولن يتحقق هذا التفرد في التشكيل عند المرأة الخليجية في تقديري إلا عندما تبتعد عن سياج الشكل في القصيدة العربية القديمة التي كرست ثنائية « اللفظ فحولة والمعنى أنوثة »، والبحث عن أنموذج تشكيلي يراعي متطلبات الذات الرافضة ويحقق رغبة الانعتاق والتحرر.

إن كتابة الشاعرة الخليجية لنموذجي الشعر الحر وقصيدة النثر وفر لها في تقديري آليات الرفض والتأسيس معا، وجعلها تجد الوعاء المناسب لصبّ تجربتها المكتومة عبر عصور مديدة لبث شجونها ونفث همومها، وتحقيق معادلة اللغة والمعنى كلاهما امرأة، ففي البدء كانت الكلمة وفي البدء أيضا خُلقت المرأة لتقول الكلمة الموءودة. لقد أدرك عبد الله السمطي أمرين ملفتين حين راجع الشعرية النسوية في الخليج هما :

أولا : النظر إلى أن هذا النتاج يعد ظاهرة فنية وتعبيرية غير مسبوقة في إنتاج الأدب العربي، فلأول مرة نعثر على هذا الكم الوفير من الشاعرات ومن الإصدارات الشعرية النسوية في فترة وجيزة تتمثل في العقدين الأخيرين.

الثاني : تعدد أنماط هذا النتاج وتحوله جماليا ودلاليا خلال هذه الفترة، فلقد أصبح الوعي الماثل بكتابة المرأة وعيا بالفكر الإنساني العام المطروح عبر انبثاق مفهوم النسوية في الرؤى والمفاهيم الغربية المعاصرة.18

3. الحضور والتجلي النسوي

.3.1 الشاعرة هُدى السَعدِي بين تفعيل الحسّ القومي وإدراك تفاصيل الذات (الإمارات)

هي الشاعرة هدى محمد على السعدي، من مواليد 1977 بدولة الإمارات، حاصلة على الباكلوريوس من قسم اللغة العربية وعلومها، كتبت في فنون وأجناس أدبية مختلفة مثل القصة، والقصة القصيرة، والمقالة الصحفية، ولكن حضورها الشعري المتميز بدأ مع صدور ديوانها الشعري الموسوم بـ : « دموع البنفسج » (2004) ،وديوان « أبجدية البوح الصاخب » (الشارقة 2008) . تعاملت هدى السعدي كشاعرة في مختلف دواوينها الشعرية مع التفاصيل اليومية للحياة العربية المعاصرة بمختلف أبعادها القومية والاجتماعية، فكتبت عن الوطن وعن المقاومة في العراق وفلسطين ومختلف البلدان العربية، ظهر هذا جليا في ديوانها الأول « دموع البنفسج » حيث ترافقت المعاني في قصيدة هدى مع سيل جارف من الدفق الثوري العربي الذي فرضته المقاومة الحرة والشريفة على خط مسار الكتابة عندها. لقد جاء شعرها وهي بعيدة جغرافيا عن مواقع الثوار ليعطي دلالة فكرية وبنيوية عميقة، أساسها ذلك التأثير الشعري في الوجدان القومي؛ حيث اختَصر الشعر العفوي المدرك في أسطر قصائدها كل مساحات الزمن، لتعلن وحدة الشعور القومي وما يستتبعه من تأثيرات تجمع ماجدة الإمارات إلى ماجدات فلسطين والعراق ولبنان.. .

حرصت هدى السعدي في مختلف قصائدها على إحداث الدهشة الشعرية في المتلقي، بل سعت إلى تأكيد ذلك خلال مستويات خطاب تشدك مباشرة إلى الصرخة المنبعثة من بين الكلمات، حينها تتعمَد الغوص في جدران سجون الذات لتكتشف انتخاءات أمة عربية، تقول في قصيدة « عبلة » تواسي المعتقلات العراقيات :

هذا دمي... 
قد جاءنا ناعي الكرامةِ نادباًَ أقمارَ بغدادَ السبيةَ في الهوادج ِ ذاتَ عرس ٍ .. مأتم ِ
من كان يزدانُ العفافُ مبرقعاً بنقابها لم تؤتَ كلّةُ خدرها من بابها
لكنها هُتكت - و يا للعار- من حُجّابها و يبيتُ عنترُ فوق ظهر ِ حشيةٍ
و تبيت عبلةُ دون عبس ٍ كلها .. شمّاء فوق سراةِ أدهمَ مُلجم
أواهُ يا مجداً يُضاعْ كأنـه سقط المتاعْ و يباعْ كل قرارتين بدرهم ٍ
زفراته انبطحت توسد خدها التاريخ 
تقضم شوك شوقٍ بات يزهر بالردى 
متمجساً متهوِّدا 
متنعماً بسعير جنّاتِ السُّــدى 
أواهُ يا شرفاً لنا ولغت به سود الكلاب ..
ومضمضت أفواهها من زمزم ِ
ضاقت مرامي أرضنا عن عرضنا لم يبق فيها من ملابْ
فترى الذبابْ .. بها يغني وحده هزجاً كفعل الشاربِ المترنم
اللهُ يا بنت العراق و أنتِ تعطين َ الورى درس الفدى بتألم ٍ .. و تبسّم ِ
اللهْ إذ تقِفينَ ما بين المُدى تتهكمينَ على الردى 
و تعلميّن النخلَ أن زوابع الأنواءِ أعراضٌ سدى 
لن تركعي في وجهها ، لن تُهزمي .. 
أو تُعدِمي الجبّن الذي استشرى بنا أو تُعدَمي
ما راعني إلا حمولة أهلها) تطوي اليفاعا 
وتجدُّ تمشي فرسخاً إن يمشِ ركب البين يتبعها ذراعا 
من ممعنٍ هرباً ومن مستسلم
يتقاذفون الصمت في الحلم المجرَّحِ .. ذلك المنداحِ لحناً عن شخير النوَّمِ 
وكأنما الزوراء ما عادت كما عهدي بها زوراء تنفر عن حياض الديلمِ 
ويموت عنترُ .. غير أن فحيح صوت الصمت لم يبرح 
ينادي : ويكِ عبلةُ أقـدمي !
ويفوح جرحك بالسنا ثملاً يناغي بسمة الشفق المخضب
قائلاً والزهو يملأ وعيه : هذا دمي19

وتقف الشاعرة أيضا عند ظاهرة تفعيل الحزن وتثويره ومساءلته ضمن جدلية أزلية تؤسس لتيمة شعرية تضاف لمختلف ثيمات الصورة في الديوان، إنها تخاطب حزنها الذاتي والعربي والقومي معا، وتساءل ذاتها الأنثوية وتبحث عن الانعتاق من قيود الماضي والراهن، تؤسس لفلسفة في الكتابة لها مسوغاتها ضمن إشارات الدهشة في القصيدة الحرة، تقول في قصيدة « باختصار » :

و تدمدمُ الأشواق في روحي
يسابقُ عدوَها
عدوُ الأنين
فيغيب عن وعيي القرارْ
و يصارع الأفكارَ في رأسي
نشيجُ الطفل ِ
........
اخضرارُ ملامح الأشواق ِ
في معزوفة الحنّاء و الكحل ِ
احمرارُ مشارق الأحلام
من خَفَر الوليدةِ
و هي تنضحُ جمرةَ الخدين
بالدمع الضحوكِ
تشمُّ أمشاج السعادةِ
إذ تضم لصدرها همس القلادةِ
في ثياب العرس ِ ساهمةً
يناغيها السوارْ
و تجادلُ الأقدارَ في زمن الذكورةِ
شهرزادٌ فيَّ
تأبى أن يُهدهدَها لتغفوَ في سرير النوم
إلاّ .. شهرَيــارْ20

لم تستطع الشاعرة كإنسانة وأنثى أن توقف مستويات البوح الذاتي في ديوانيها « دموع البنفسج » و« أبجدية البوح الصاخب »؛ ورغم استعارتها للشخوص التاريخية النسوية المتفردة مثل « عبلة » و« شهرزاد » وغيرهما من الذاكرة الشعرية والسردية العربية القديمة في عملية تناص واعٍ مع التاريخ، إلا أنها في قصائد أخرى قررّت التجرّد من كل التماهيات المضمونية في النص الشعري، واكتفت بتفعيل الذات الشاعرة كأنثى رافضة لأحكام الذكورة ضمن سياقات اجتماعية طالما سعت إلى رفضها داخل التشكيل الشعري الحر، تقول في قصيدة « نجوى » :

لا تتصلْ
من قال أني أنتظرْ
يومي مليءٌ بالأغاني و الصورْ
لحظات ساعاتي
تفتش عن فراغ ٍ
ما لـَه في عمرها المشحونِ ظِلْ
و الوقت في وقتي
يفتش عن مداهُ
و كيف يملك وعيَه الوقتُ الثمِلْ
إن كنت تحسب أنك المهديُّ
يا هذا
فلست المنتظَرْ
..................
يا ضمّة ً
أملتُ رفعَ اسمي بها
فإذا بها بعد التأمل حرف جَرْ
كن شاعراً
و اجعل سواقي الخمر
تجري تحت أبيات الغزلْ
كن نجمة ً
و اجعل مناطَكَ في زحلْ
بالمختصر :
كن ما تشاء
فلن أكون سوى قمر22

ونقرأ لها أيضا في متن الديوان خطابا سوداويا قاتمة صوره، يبرز ذلك في قصيدة « أول النعت »، حيث تتشاكل أمام المتلقي أسئلة وجودية عديدة لا تقدَم لها إجابة ضمن حوارية النص المعتم، وإنما تومئ وتشير وتؤسس إلى عالم سريالي جديد على أنقاض عوالم الظلمة والمأساة. لقد استطاعت هدى الشاعرة الأنثى أن تستعير في قصيدتها نمطا تشكيليا شاع وازدهر عند شعراء العصر الحديث في فرنسا أمثال : « رامبو » و« مالارميه »، و« لويس برتران » الخ، إنها تقود المتلقي بفحولة اللغة والمعني نحو إدراك سوداوية المدينة العربية شأن « بودلير » وقتَ أدرك « سوداوية باريس » في ديوانه الشعري الشهير . تقول :

الأم تزفر روحها..
و الطفل يلعق نبضه
متمسكاً بقرارهِ
أن لا يزجّ بنفسهِ
في عالم القرَفِ الجديدْ
عيناهُ مغلقتانْ
تتجمع الأطراف
خوفاً
و القوابل تستجرُّهْ
و الشقاء يلوح شرُّهْ
الهينماتُ تموج بالفرح الغبيّ
تزف بشرى للأب المشغوف
بالنبأ السعيدْ
و الغيب يضحك ساخراً
إذ ما هنا بيت القصيد ! !21

.3.2 الشاعرة صالحة غابش : رُؤيا الرفض وفَرادَة التشكيل (الإمارات)

صالحة غابش روائية وشاعرة إماراتية معاصرة، صدر لها أربعة دواوين شعرية من دور نشر إماراتية ومصرية، وهي على التوالي : « بانتظار الشمس »1992 ، « المرايا ليست هي »1997 ،« الآن عرفت »1999 « بمن يا بثين تلوذين »2002 . استطاعت منذ منتصف الثمانينيات تحقيق الحلم الذي تفجر في شريان الأدب الخليجي عموما والإماراتي على وجه التخصيص، بدأت مسارها الشعري بمقارعة عمود الشعر، فكتبت القصيدة العمودية التي أرهقتها متطلباتها، ولم تستطع التخلص من قيودها إلا بعد ولوج عوالم الرؤيا والتشكيل من خلال كتابة قصيدة النثر، فقد لاحظ القارئ اختلافا جوهريا من حيث التحديثات المضمونية والبنائية الوافدة على أنموذج « النص القصيدة »عند غابش .

تولدُ القصيدة عندها من رغبة أنثوية جامحة في التحرّر والانعتاق، ومن تمردٍ على التقاليد الشعرية والعروضية، وعلى تقاليد اللغة ذاتها، وكان هدفها في دواوينها الأربعة وخاصة « المرايا ليست هيَ » و« بمن تلوذين يا بثين » هو إبعاد الشعر عن فن نظم الشعر، والبحث عن إيقاع نثري أنثوي تستمد منه قصائدها نتائج شعرية جديدة ومختلفة تماما عن السائد في الشعرية الكلاسيكية عند المرأة. لقد فضلت صالحة اعتماد لغة النثر، وقرّرت أن تكتب بالنثر لأنه بكل بساطة يحرّرها من القوالب الجاهزة، وهذا ما جعل قارئ شعرها يدرك مباشرة رفضها المستمر للقوالب الجاهزة والإيقاعات الجاهزة؛ فمضت هاربة من الشعر إلى النثر، ومن التراكيب البلاغية والقيم الدلالية المسطرة إلى مرونة الفكرة الشعرية التي يخلقها النثر جراء إغنائه للشاعرية ببضع صيغ لا يمكن قبولها بسهولة في النظم التقليدي.

لقد أدرك هذه التيمة الرؤيوية في أشعار صالحة الناقد ناصر أبو عون حين قال : « ... تدخل صالحة غابش إلى الذات العربية المنكّسة حينا والشامخة أحايين كثيرة موصولة بمنجز إبداعي ينتمي إلى جيل الرواد في قصيدة النثر الإماراتية، وتجربة شعرية ثرّة يؤرَخ لها بديوانين سابقين، ويعدُ (المرايا ليست هي) أكثر تعبيرا عن رؤيتها الشعرية حيث تنكشف فيه عورة الروح وتتوارى الذات خلف زجاج هش تتبدى على سطحه الخارجي انكسارات العقل العربي بينما المرايا كاذبة تعكس تضخم الذات بينما هي تنطوي على خراب وخواء معرفي ونفسي. وربما يكون ديوانها الأول (بانتظار الشمس) يحمل حداثة التجربة وإن كان يشي بمحاولة جادة للبحث عن موطئ قدم للشاعرة على طريق الذائقة الشعرية العربية. »22

ففي ديوانها « بمن تلوذين يا بثين » كتبت صالحة من منطلق القصيدة كوحدة موضوعية متكاملة، شأنها في ذلك شأن شعراء ورواد قصيد النثر، ففضلت أن تقوم بتأطير الرؤيا ضمن فضاء المتخيل المدعم بلغة القناع، ولعل الهدف من هذا هو خلق نوع من الدهشة الشعرية غير المألوفة عند المتلقي الخليجي الذي تعوّد لغة الوصف واجترار المعاني الجاهزة، ضمن السياق الاجتماعي من جهة، وفحولة لغة الذكورة من جهة أخرى. يقودنا عنوان الديوان إلى استحضار الوجع الأنثوي عبر التاريخ من خلال قصة بثينة بنت المعتمد بن عباد؛ وهي الأميرة التي شهدت مباهج الحياة، كتبت شعرا لم يبق منة إلا القليل، إذ عندما حلت النكبة بأبيها الملك المعتمد وأُسر وتعرض قصره للسلب والنهب، كانت بثينة في جملة من ُسبي من نساء القصر فاشتراها أحد تجار إشبيلية في الأندلس وأهداها إلى ابنه وهو لا يعلم من أمرها شيئا، فلما أراد الابن الدخول بها امتنعت وأظهرت له نسبها، وقالت : لا أحل لك إلا بعقد يوافق علية أبي، وأشارت عليه بتوجيه كتاب إلى أبيها الذي كان أمر أسرها أسوأ علية من زوال الملك لتعلقه الشديد بها. فكتبت خطابا إلية ضَمَّنته قصتها كاملة، وجعلت منه قصيدة موشاه بحكمة الشيوخ وهي في عمر الزهور، ومن شعرها قولها لما كانت في الأسر :

اسمع كلامي واستمع لمقالتي *** فهي السلوك بدت على الأجياد 
لا تنكروا أنـي سبيت وأنني *** بنت لملـك من بني عبـــاد »23

فجاء الديوان صالحة بما يحمل عنوانه من أبعاد ودلالات سيمائية عبارة عن عملية اقتحام ونفور لكل ما هو نمطي يكسر التواصل، وأسسّت قصائده في تقديري للبديل الشعري غير الثابت زمنيا، وتمكنت من توجيه المتلقي لديوانها نحو الحالة الفنية المدركة كليا وليس المتفردة في قصائد وأسطر شعرية . تقول في قصيدة « مسك الرميكية » أين تستحضر التاريخ وتومئ إلى قصة بثينة بنت المعتمد بن عباد الأندلسي :

أللآن رهن محاولة الحلم أنت
وأغنية تتأجل
حتى تفيق اليمامات في صوت هذا المدى؟
أللآن يكسرك الانتظار؟
تقاسمك الحزن في رحلة العابرين رغيفا
وحيدا
يحاور رائحة الطرقات
ولم ينكسر قلم يتقاسمه الدفء
لحظة جاء فتاك
ليكتب وردته في يديك.
وأهداك مسك رميكية
قدماها طين المنافي
وأشعل في الأبجديةِ موقدهُ
فاختتمت القصائد باسمه
إهداء روح إليه24

لقد أدركت الشاعرة صالحة غابش كيفية تثوير الذات الأنثوية من خلال ربط راهنها بتاريخٍ، وبعتباتٍ نصيةٍ لها دلالاتها في الزمن الماضي؛ ولذلك دلالات عديدة، منها أنها بصدد تقديم فكرة معينة، وإنها حريصة على تقديم رؤيتها لمتلقيها كاملة، وهو ما يجعلها من أولئك الشعراء الذين لا يرون في الحداثة الشعرية مجرد شكل ولغة، بل إنها تعبر عن همٍّ خاص، هو في المحصلة، همٌ عامٌ، « وإن كانت الشاعرة تعتمد الرمز، والقناع، والإسقاط، عبر تساوق السبي حتى الآن. إن مجرد ذكر خسارة الملك، وسقوط الأندلس، لتدفع إلى التحسّر على ذلك الفردوس المفقود، الذي تتناوله بثينة، وبمرارة كبيرة، مشخِصة أسباب ذلك، من خلال البطانة الفاسدة حول والدها الملك، كي تقدم المفارقة الصارخة وهي سبي نساء قصر الملك، وسقوط العرش، وبيع ابنة الملك نفسه، التي تأبى ذلك من خلال إصرارها على أن يتم اقترانها بابن التاجر الاشبيلي بعد مباركة أبيها. ثمّة التقاط ذكي وبارع من جانب الشاعرة اللاحقة للحدث التاريخي، ومن ثم وضعه في سياق جديد، من قبلها، لإثارة أسئلة اللحظة الأكثر إيلاماً »25 .

ويجد المتلقي وقارئ باقي قصائد الديوان أن الكثير منها يحمل قاسما مشتركا واحدا؛ إنه الحزن المترامي بين سطور القصيدة والكامن في رؤاها الباهتة منذ سقوط عرش المعتمد بن عباد إلى يومها، إنه التماهي مع التاريخ ومع الوجع الأنثوي عند بثينة المرأة وبثينة الشاعرة، وهو الحال أيضا عند صالحة غابش المرأة في زمن سقطت فيه أقنعة الخشية الأبدية. إن القصائد الوارد فيها اسم « بثينة » ببعدها في التاريخ أو في الراهن، هي قصائد امرأة وشاعرة يطوقها الفقدان والألم؛ يتضح ذلك جليا في قصيدة « لا تنكروا أني سبيت » حيث بثينة المرأة ساكنة وخاضعة لمصيرها. تقول :

هنا كنت أدفن دمعة صبري
أمزق أوراق كل الوعود
التي سخرت من وفائي
وظلت تراقبني أتجمد شيئا فشيئا
بثلج انتظاراتي الساذجة.26

وتصر الشاعرة على البوح بالوجع الأنثوي الخليجي بجرأة حين تجعل من بثينة اسما تقف على قدميه دلالات الأنوثة والذكورة الحاملة للألم الدفين منذ زمن وأد البنات. لقد أدركت أن أسر بثينة هو المعادل السيميائي والدلالي للسر الواقع على المرأة المكفّنة بسوادها، ومع هذا لا يبقى لبثينة وللمرأة في المخيال الرؤيوي عند الشاعرة صالحة إلا الانتظار. تقول :

مدينة ظنكِ واقفة
تتأهب منذ سنين لضوء فتى
ليس يؤلمك
يعبر الحلم نحوك سيدة أنت أولى
على عرش دولته
تخرجين إلى ضوئه تصعدين المنصة شاعرة حرة
تطلقين اسمه بين أفق وماء
فتلتقط البجعات حديثك عنه غناء
تماهى بأبيض رقصتها الهادئة27

ورغم السوداوية القاتمة التي نقرأها في المقطع السابق إلا أن المتمعن في إدراك إشارات الرؤيا في الديوان يدرك بعضا من التفاؤل عند بثينة رغم معاناتها، ويقف عند خلجات الفؤاد العامر بالفتوة والشباب لتنقلنا إلى إشراقة جديدة ترتبط بالذكريات وبالتراث في خطابها الذي ازدوج مضمونه على مواصلة المعركة لأن الأمل والحرية هو وعدُ ربِّ السماء. تقول :

أفتشُ في الدمعة العربية عن ملْحها..
وعن لون زيتونكمْ
وللبرتقال بمشرقنا طعمُ حريةٍ
سوف يأتي إلينا به
وَعْدُ ربِّ السماء.

يومئ المقطع السابق إلى تجمع الصورة الشعرية في عناصر غاية في التباعد، لكنها سرعان ما تأتلف في إطار شعوري واحد فعمق الصورة تجلّى في زيتون المغرب وبرتقال المشرق، وجمالها يرينا التشبث بالأصالة التي ساعدتها في عنف الطيران الحرّ، « متخطية المشاعر اليومية لتبوح بعزيمتها العالية في استنهاض الهمم لتصارع خيبة الأمل الحاضرة في ساحتنا العربية اليوم ».28.

لقد تمكنت صالحة غابش في دواوينها المختلفة وخاصة في قصائدها النثرية أن تدرك القدرة على فهم المشاعر وعلى الوصول أو إنتاج المشاعر التي تسهل الخيال المعرفي بحسب قول « بيتر سالفوني Peter Salovey » فيما يعرف بنظرية الذكاء العاطفي والعقل الوجداني، لهذا حملت دواوينها الأربعة دلالات المكان بأبعاده الثلاثة، فتحظر القبيلة كمكان يطغى بجبروته على المشاعر والأحلام الخافتة، تقول في قصيدة « فضائي والأجنحة » :

الحزن قبيلة نارٍ‏
تحرق كل وثائقها في قلب فتاة‏
تنمو فوق رمال براءتها‏
وحديث يسرق ذاته‏
ثم يغادر ثكنته المطمورة في استرخاء لا يهدأ.‏
ديوان الآن عرفت …29

.3.3 سعاد الصُباح ومستويات النحت الجمالي (الكويت)

الشاعرة سعاد الصُباح من مواليد الكويت في 22/5/1942، هي الابنة البكر لوالدها الشيخ محمد الصُبـاح الذي حمل أسم جده الشيخ محمد الصباح حاكم الكويت من العام 1892-1896، تلقت علومها الأولية بالكويت، اقترنت عام 1960 بالشيخ عبد الله مبارك الصباح، نائب حاكم الكويت ، تابعت تعليمها حيث حصلت على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة القاهرة عام 1973 ،ثم شهادة الدكتـوراه من جامعة « ساري جلفورد » البريطانية في الاقتصاد عن دراستها بالإنجليزية « التخطيط والتنمية في الاقتصاد الكويتي ودور المرأة » 1981، من أهم أعمالها الشعرية والأدبية :

« في البدء كانت الأنثى » مشورات رياض الريس/لندن 1988
« امرأة بلا سواحل » دار سعاد الصباح للنشر/ الكويت 1994
 « قصائد حب » دار سعاد الصباح للنشر / الكويت 1992
« القصيدة أنثى و الأنثى قصيدة» مختارات شعرية /دار سعاد الصباح للنشر /الكويت 1999
« رسائل من الزمن الجميل» بيروت 2006
« والورود تعرف الغضب» بيروت 2005

 لقي إبداعهـا الشعري اهتمـام الدارسين الجامعيـين فكان محور رسائل ماجستير ودكتوراه في الأردن ومصر ولبنان والبحرين والجزائر. فضلا عن عشرات المقابلات التليفزيونية التي سجلت صورا من سيرتها ومن عطائها الشعري. احتفت الأوساط الثقافية بها فأحيت أمسيات شعرية في مصر، لبنان، سورية، مسقط ،الإمارات الأردن، سويسرا، فرنسا، البحرين، السعودية، بريطانيا، الولايات المتحدة، العراق، تونس، قطر، المغرب، السودان.

صرخت سعاد منذ سبعينيات القرن الماضي في وجه المجتمع الذكوري الذي حاول سلبها الحق في البوح بالكينونة الأنثوية، فرسمت الكلمة الشعرية وفق متطلبات ذاتها الرافضة لكل سلطة خارجية لا يفرضها الجسد ولا تؤسسها الروح، فأصبحت القصيدة عند سعاد في الكثير من دواوينها عبارة عن قصيدة نحت جمالي بمهارات برناسية30؛ تقول في مقطع من قصيدة « للأُنثى قصيدتها وللرجل شهوة القتل» :

مـا تـعـوَّدْتُ بـأن أنـظُـرَ يـومـاً لـلـوَراءِ . .
فـأنـا أعـرفُ دَربـي جـيـداً
والـصَّـعـالـيـكُ ـ عـلـى كَـثْـرَتِـهِـمْ ـ
لـن يـطـالـوا أبـداً كـَعْـبَ حِـذائـي .
لـن يـنـالـوا شـَعْـرَةً واحـدةً مـنْ كِـبْـريـائـي .
فـلـقـد عـَلـَّمـَنـي الـشِّـعْـرُ، بـأنْ أمـْـشِـي
و رأسـي فـي الـسَّـمـاءِ . .31

لقد أدركت الشاعرة أن قصيدة النحت الجمالي والجسدي هي أفضل وسيلة لتقديم البديل الجديد ضمن فضاء الرفض الاجتماعي بمقاييس جمالية شاذة عن طقوس القبيلة ومعايير الكتابة الذكورية، فعملية التجاوز والكسر والتخطي تولّد بالضرورة عملية تشكيل وإبداع وخلق مختلفة تماما عن ذوقية الشرع الذكوري المتسلّط، حيث تعمد إلى تصوير كل ما أضحي مكسورا أو متخطى أو متجاوزا، سواء بفعل رفض الزمن له، أو بحكم عدم مطابقته لواقع الحال. ... هذا ما جعلها في قصيدة « تمنيات استثنائية لرجل استثنائي» تؤسس لمفهوم حب برناسي جديدة معالمه ، تقول في المقطع الأول من القصيدة الطويلة :

عـامٌ سـعـيـدْ . .
إنـِّي أُفـضِّـلُ أنْ نـقـولَ لـِبَـعْـضِـنـَا :
 »حُـبٌّ سـعـيـد« .
مـا أضـيَـقَ الـكَـلِـمـاتِ حـيـنَ نـقـولُـهـا كـالآخـريـنْ .
أنـا لا أريـدُ بـأنْ تـكـونَ عـواطـفـي
مَـنْـقـولـةً عـن أُمْـنِـيـاتِ الآخـريـنْ . .
أنـا أرفـضُ الـحُـبَّ الـمُـعـبَّـأَ فـي بـطـاقـاتِ الـبـريـدْ . .
إنـّي أحـِبُّـكَ فـي بـدايـاتِ الـسَّـنَـهْ . .
وأنـا أحِـبُّـكَ فـي نـهـايـاتِ الـسَّـنَـهْ . .
فـالـحُـبُّ أكـبَـرُ مِـن جـمـيـع الأزمِـنَـهْ
و الـحُـبُّ أرحَـبُ مـن جـمـيـعِ الأمـكِـنَـهْ
و لـذا أُفَـضِّـلُ أنْ نـقـولَ لـِبَـعْـضِـنـَا
 »حُـبٌّ سـعـيـد« . .
حُـبٌّ يـثـورُ عـلـى الـطـقـوس الـمـسـرحـيَّـةِ فـي الـكـلامْ .
حُـبٌّ يـثـورُ عـلـى الأُصـولِ . .
عـلـى الـجـذورِ . .
عـلـى الـنـظـامْ . .
حُـبٌّ يـحـاولُ أنْ يُـغَـيِّـرَ كٌـلَّ شـيءٍ
فـي قـوامـيـسِ الـغـرامْ ! ! .32

لقد صار الشعر عند سعاد الصباح المرأة الثائرة بأنوثتها مثل » كلمة السر؛ من عرف متى يقولها وكيف يقولها استطاع أن يزحزح الصخرة المسحورة عن المغارة ويصل إلى صناديق المرجان والحور المقصورات في الجنان ...الشعر يمد يده إلى الأشياء الميتة فيحييها كما فعل موسى تماما، والفارق الوحيد، أن أداة موسى هي العصا ...و أداة الشعر هي القلم …»33.

وتشترك سعاد الصباح في تشكيل الصورة البرناسية المطعّمة انطلاقا من واقع المرأة العربية من جهة ومن كونها عضو في المنظمّة العربية لحقوق الإنسان، فقد تطوّعت للدفاع عن حقوق بنات جنسها بصوت قوي صريح. صوًرت ما تعانيه المرأة المكبوتة والمخنوقة الصوت في المجتمعات الذكورية. وعكفت على تثوير حق المرأة في الحب والإحساس بالآخر ضمن حق أنوثتها المغيب، فصرخت في قصيدة « المجنونة» صرخة الشاعر البرناسي الثائر على واقع لا يجعل الحب دستورا أبديا للحياة، تقول :

أنا في حالة حبٍّ… ليس لي منها شفاءْ
وأنا مقهورةٌ في جسدي
كملايينِ النساءْ
وأنا مشدودةُ الأعصابِ لو تنفخُ في أُذْني تطايرتُ دُخاناً في الهواءْ
انتمائي هو للحبِّ وما لي سوي الحبِّ انتماءْ34.

إن آلية التخيُّل الجمالي التي تندرج من الأدنى إلى الأعلى، حتى تصل إلى اللامحدود تنبئ عن قدرة الشاعرة العربية البرناسية في حقل الرياضيات الإقليدية التي تبدع فيها شيئاً أكثر من أن تحفظ جدول الضرب عن ظهر قلب. إنَّ هذه الطريقة الكلاسيكية التي تتخصص بمعالجة جانب الواقع الموضوعي من زاوية المجال، وضمن تشعبات وأبنية هندسية، تؤدي بها إلى إطلاق الساكن والخروج عن مجال التفاعل الحيوي بين الفكر والطبيعة من جهة، والإحساس والواقع من جهة ثانية، فهي لا تأخذ من الكلاسيكية التي استوعبت مناخات الفكر الإنساني منذ فجر تشكّله حتى اليوم، سوى القشرة الخارجية، التي ستبقى على سطح الواقع تطفو ضمن علائقها الذهنية المتشابكة.

.3.4 زكية مال الله والكتابة بالكشف. ( قطر)

زكية علي مال الله من مواليد الدوحة العام 1959، حصلت من جامعة القاهرة على دكتوراه في الصيدلة سنة 1990. هي عضو في رابطة الأدب الحديث بالقاهرة 1988، والأكاديمية العالمية للثقافة والفنون بأمريكا 1991، والأكاديمية العالمية للشعراء بالهند 1991.عملت في القسم الثقافي بجريدة الشرق، واشتركت في برامج إذاعية مختلفة في مصر والدوحة، ونشرت قصائدها في العديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية، وشاركت في العديد من الندوات الأدبية والأمسيات الشعرية في كل من قطر ومصر والكويت وتركيا. لها دواوين شعرية منها : في معبد الأشواق 1985- ألوان من الحب 1987- من أجلك أغني 1989- في عينيك يورق البنفسج 1990- أسفار الذات 1991. شفى حفرة من البوح ، الخ.

تنتهج الشاعرة زكية مال الله أسلوب الصدام مع الذات من منظور التجلي والحضور، بحثا عن الأبعاد الانثوية الرافضة لسلطة الآخر عبر تكريس الفعل ضمن الموروث الثقافي الراهن، ولتحقيق هذا التجلي أدركت الشاعرة أن آليات القصيدة التقليدية لا تستطيع أن تفعل البوح الانثوي الكامن في داخلها، وعليه قررت الكتابة بأدوات جديدة تمكنها من تأسيس الذات الانثوية الفاعلة تجاه متلق ذكوري طالما رفض كينونتها المتشاكلة والمختلفة عن كينونته وعن تفكيره... . لقد أدركت الشاعرة زكية مال الله أن الكتابة تساؤل، وان كل محاولة في عوالم الشعر المعاصر لتقديم إجابة عما نطرحه من تساؤل هو طمس لروح الشعرية والشاعرية في الذات المبدعة، فانتهجت الكتابة من منطلق الكشف والبحث عن الرؤيا؛ من منطق أن كل راء كشاف وكل كشاف مبدع، فجاء إبداعها متقاطعا من ذاتها الرائية، رؤيا الأنثى المختلف عن الذات وعن الاخر معا ... تقول في أسطر من قصيدة اعترافات :

من بدء التكوين وخلق الموجودات
اشتعلت نار في طيني.....
جللني عبق
انسابت في جلد تصاويري أشباه
الشق الأول « لامرأة »
أرصفة تعترض الخصلات
تتماوج
تكبو... تتساقط
يلعقها غيم النظرات
الشق الثاني « مرآة »
والشق الثالث أسفار من وجه مرسوم القسمات
أتعثر بين سطور الخط وأفواج الكلمات
تنشق نقاطي
لا قيد .... قد حل وثاقي...35

وعلى خطى اعترافات الذات المتجلية الهاربة نحو أفق توقعاتها الأنثوية، تكتب زكية مستعيرة الطريقة الرمبوية (نسبة لآرثر رامبو) في قصيدة النثر، وهي الطريقة التي تؤسس للرفض المطلق في عالم عبثي يفضي للامعقول، إنها تحاول أن تجعل من النص – القصيدة في أبهى تجلياته الكلام المصفّى المتألق، الخارق للعادة في محاولة مستمرة لهدم الاحتذاء، إنه تشكيلٌ جديد للسكون بواسطة الكلمات36.... تقول في قصيدة سفر البهجة :

يصعد بي
حيث اللامطلق…
اللاموجود..
حيث إنا لم أبذر بعد..
أكتبه في اللامعنى
يكتبني في اللامحدود .... .37

وتقترب هذه الرؤيا المشعة من أسطر القصيدة – النص، من موقف « ألبيرس» حين قال أن الشعر لا يمكن أن يحدوه منطق لغوي معيّن، لأنه يخلق لغته الخاصة به دون النثر الذي عادة ما يرتبط بقوانين تقترب إلى العقل والانضباط، فالشعر هو التعبير» بواسطة اللغة البشرية عن انفعال أو حقيقة لم تُخلق اللغة البشرية للتعبير عنه، وبذلك يصبح الشعر مُخاَتَلةً، تمردا، نضالا ضد اللغة «38، ويتكرر هذا في الكثير من قصائدها خاصة في ديوان أسفار الذات أين تعبث الشاعر من منظور سريالي على استنطاق الأنا ضمن الجسد الأنثوي المضمر، تقول في اسطر من قصيدة هذيان جسد :

لا يعنيه أن يتكوم بين مداه
يلعق هذيان الشمس
يتسلط خلف حدود القمر
يلبس تاج الملكوت
لا يعنيه أن يدعى بالجسد الرق
يتآكل من دوده
يرغب أن يدفن في مقبرة عاج
يكتب بالصلصال
الجسد انا
قد كنت بما أحببت
فاستعمرني الدود39

يتسارع عرض الذات والكشف عن الرؤيا في مختلف أشعار زكية مال الله ، خاصة قصائد النثر منها ، حيث تستعيض الشاعرة عن الأسس النمطية في القصيدة التقليدية بآليات حداثية مستلهمة من الروافد الفرنسية في تشكيل القصيدة الرؤيا، لقد آمنت زكية في تقدير ي ومن خلال استقراء أشعارها المختلفة وتجربتها التشكيلية في مجال القصيدة بأن « الشعر لا يتكلم عن العالم بقدر ما يتكلم بلسان العالم وليس من مهامه تفسير العالم وتوضيحه لك بل المنتظر منه هو صوغ تجربة مع العالم تعتمد صلة حميمية بمكوناته تسبق كل فكرة عنه لأن وظيفته الجوهرية هي الإيحاء وليس المطابقة. إنه السمّو بتعبيرية الأشياء والسعي إلى إحداث عملية تشويش مقصودة في قاموس اللغة حين تسند صفات لأشياء غير معهودة تُربك القرائن بين المسند والمسند إليه ... »40.

. 5 خاتمة

أقف في نهاية هذا البحث وقفة تقدير للشعرية العربية النسوية في الخليج لما لها من وسائل تفعيل الذات وامتطاء صهوة المتغير، ونبذ الثابت الذي طالما أرهق الكتابة حين خصّ الذكورة بالتفرد اللفظي صياغة وتشكيلا، وجعل المرأة معنى ضمن فضاءات النظم الذكوري، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نسجل أن الكتابة النسوية الخليجية وصلت إلى ملتقى حضاري تثاقفي هام، جراء الطفرة الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة التي تعيشها بلدان الخليج منذ التسعينيات من القرن الماضي، وهو ما انعكس على مستويات الكتابة الأدبية عامة والشعرية خاصة، فراجعت الشاعرة الخليجية حاضرها وماضيها معا، وانطلقت بعد مقاربة واعية للتاريخ في ضوء متطلبات الراهن لتؤسس عوامل رؤيا مبنية على جملة من التساؤلات الفكرية والفلسفية عجلت بظهور أنماط شعرية تتماشي مع التصور الفكري الجديد عندهن. ولعل هذا ما يفسر الحضور القوي لقصيدة النثر وشعر التفعيلة. كما لا يجب إغفال المناخ الثقافي الجيد في دول الخليج وانتشار الدورات الفكرية والثقافية والورشات التدريبية النقدية والأدبية، والأمسيات الشعرية، والقراءات الأدبية المختلفة في بعث مواهب التشكيل بقوة.

ومجمل القول في فلسفة المقاربة السابقة نسجله في النتائج الآتية :

  • حضر التأسيس للكتابة النسوية في الخليج حضورا قويا ولافتا، واستطاع أن يؤسس لظاهرة فنية وتشكيلية جديدة في الشعرية العربية، ويستدل على هذا بالكم الوفير والمتميز من الإصدارات الشعرية النسوية في فترة وجيزة تمثلت في العقود الثلاثة الأخيرة.

  • أصبح الوعي الماثل في كتابة المرأة وعيا بالفكر الإنساني العام المطروح عبر انبثاق مفهوم النسوية في الرؤى والمفاهيم الغربية المعاصرة. ويتجلى هذا في تعدد أنماط النتاج الإبداعي النسوي الخليجي وتحوله جماليا ودلاليا الى مشروع مكاشفة ووعي ومثاقفة في الآن ذاته.

  • تمكنت الشاعرات – النسويات – الخليجيات من مقاربة وتمثل نماذج التشكيل المعاصرة؛ فلقد وفر لهن الشعر الحر وقصيدة النثر آليات ممارسة الرفض والتأسيس معا، وجعلهن يدركن الوعاء المناسب لصبّ تجربتهن المكتومة عبر عصور مديدة لبث شجونها ونفث همومها.

  • عملت الشعرية النسوية المعاصرة في الخليج على كسر جدلية الصراع الثقافي الكامن في المحمولات المتراكمة منذ القديم، وعلى إعلاء الذات وتضخيم الأنا الأنثوية في فضاء كتابة نسوية مدعمة بنظرية وافدة على المنطقة؛ عدت من بين الروافد الأساسية المؤثرة في تفعيل الكتابة الشعرية النسوية في الخليج

  • المصادر ( دواوين الشعر)

نازك الأعرجي : صوت الأنثى ، دار الأهالي، دمشق، سورية 1997

هدى السعدي : دموع البنفسج، دار عكرمة، سورية 2004

صالحة غابش : ديوان « بمن تلوذين يا بثين، دائرة الثقافة و الإعلام ، الشارقة 2002

صالحة غابش : ديوان »فضائي والأجنحة« ، منشورات الدار المصرية اللبنانية، القاهرة 1998

سعاد الصباح : ديوان امرأة بلا سواحل، دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع الكويت 1994

سعاد الصباح : لآلئ الخليج، مختارات شعرية بالعربية والألمانية. ترجمة د. عدنان جواد الطعمة. ط1/ ماربورغ 1995

زكية مال الله ، ديوان اسفار الذات، الأعمال الكاملة ، ج 2، المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، قطر 2006

زكية مال الله، ديوان مرجان الضوء، مركز الحضارة العربية ،ط1، القاهرة، 2006

حمادي ، عبد الله . ديوان البرزخ والسكين،ط3، دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر،2002 .

  • المراجع

  • كتب

إحسان عباس : عبد الحميد بن يحي الكاتب وما تبقى من رسائله ورسائل ابي العلاء ، دار الشروق للتوزيع والنشر، عمان ،الأردن 1988

سهيل زكار : في التاريخ العباسي والاندلسي : السياسي والحضاري جامعة دمشق 1998

شرين ابو النجا : نسائي أو نسوي ، منشورات مكتبة الأسرة، القاهرة 2002

صلاح فضل : قراءة الصورة، وصورة القراءة، دار الشروق، القاهرة،ط1،1997

عبد الله الغدامي : المرأة واللغة، المركز الثقافي العربي، بيروت 2006

نزار قباني : الكتابة عمل انقلابي ، منشورات نزار قباني،ط1،بيروت 1975

زهرة الجلاصي : النص المؤنث، دار ساريس ،تونس ،2002

ألبيرس ، ر. م . الاتجاهات الأدبية الحديثة ، ترجمة جورج طرابيشي،ط3، منشورات عوبدات ، بيروت / باريس ، 1983 ، ص 126

Catharine Stimpson: The Building of feminist Criticism, published in.R.Cohen ed. New York.1989.

. Rita Felski,Literature after Feminism, The university of Chicago Press,2003

  • مجلات ثقافية وأدبية متخصصة

مجلة نزوى ، مجلة أدبية ثقافية فصلية، تصدر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، العددان : 24 /2000 و 55/ يوليو 2008

مجلة الموقف الأدبي - مجلة أدبية شهرية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق - العدد 443 آذار 2008

مجلة الدوحة، وزارة الثقافة القطرية، عدد 21

مجلة »الآداب" البيروتية ، عدد 04 ، أبريل 1957

  • جرائد

جريدة عمان ،الصادرة في سلطنة عمان، الملحق الثقافي : شرفات الأدبي

جريدة الخليج الثقافي ،تصدر عن لمؤسسة دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر

روابط الواب

http://www.saaid.net/female/064.htm

http://nasseroon.maktoobblog.com

3 https://fr.wikipedia.org/wiki/Clara_Zetkin

1 للتوسع والاستزادة راجع : تر الباحث Rita Felski,Literature after Feminism, The university of Chicago Press,2003 p-27-29

2 راجع :مسوعة ويكيبيديا الحرة : https://fr.wikipedia.org/wiki/Clara_Zetkin

3 عصام واصل : في تحليل الخطاب الشعري، دراسات سيميائية، داتر التنوير ن الجزائر ، ط1 2013. ص 123

4 - فاطمة الشيدي : هوية الكتابة الأنثوية في عمان ، مجلة نزوى ، مجلة أدبية ثقافية فصلية، تصدر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، العدد رقم 24 /

5 - نازك الأعرجي : صوت الأنثى، دار الأهالي، دمشق 1997، ص 26-31

6 - للاستزادة ينظر : زهرة الجلاصي : النص المؤنث، دار سراس ،تونس 2002، ص11

7 - شرين أبو النجا : نسائي أو نسوي، منشورات مكتبة الأسرة، القاهرة 2002،ص 8-9

8 - إبراهيم الناصر : الحركة النسوية الغربية ومحاولات العولمة، ينظر موقع الكاتب على الواب ورابط الدراسة هو :

http://www.saaid.net/female/064.htm

9 - راجع : إحسان عباس : عبد الحميد بن يحى الكاتب وما تبقى من رسائله ورسائل أبي العلاء، دار الشروق للتوزيع والنشر، الأردن 1988،ص 44 -45

10 - عبد الله الغدامي : المرأة واللغة، المركز الثقافي العربي، بيروت 2006 ص6

11 - المرجع نفسه ص 8

12 - نزار قباني : الكتابة عمل انقلابي ، منشورات نزار قباني،ط1،بيروت 1975،ص 4

13 -،تر : الباحث . Catharine Stimpson : The Building of feminist Criticism, published in .R .Cohen ed. New York.1989.p135

14 - عبد الله الغدامي : المرأة واللغة ، ص 10

15 - المرجع نفسه، ص 11

16 - ظبية خميس : أدب العورة، مجلة الدوحة، مجلة شهرية ثقافية تصدر عن وزارة الثقافة القطرية، عدد 21، ص

17 - صلاح فضل :قراءة الصورة، وصورة القراءة، دار الشروق، القاهرة،ط1،1997،ص107

18 - عبد الله السمطي : انبثاق قصيدة النثر النسوية، مجلة نزوى ، مجلة أدبية ثقافية فصلية، تصدر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، العدد 55/ يوليو

19 - هدى السعدي : دموع البنفسج، دار عكرمة،دمشق، سورية 2004 ص 32

20 - المصدر نفسه ص 43

21 - نفسه ص 46

22- نفسه ص 50

22 - ناصر أبو عون : جريدة عُمان، الصادرة في سلطنة عُمان، الملحق الثقافي : شرفات الأدبي ، الرابط المختصر https://goo.gl/bh51Tr

23 - سهيل زكار : في التاريخ العباسي والأندلسي : السياسي والحضاري، جامعة دمشق 1998،ص338 وما بعدها

24 - صالحة غابش : ديوان "بمن تلوذين يا بثين"، دائرة الثقافة والإعلام ، الشارقة 2002 ،ص 35

25 - إبراهيم اليوسف : صالحة غابش والاشتغال في قلب الحداثة الشعرية، جريدة الخليج الثقافي ،تصدر عن لمؤسسة دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر عدد ، 26/10

26 - صالحة غابش : ديوان "بمن تلوذين يا بثين ص 14

27 - المصدر نفسه ص 65

28 - سميرة رباحية طرابلسي : مجلة الموقف الأدبي - مجلة أدبية شهرية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق - العدد 443 آذار 2008ص 164

29 - صالحة غابش : ديوان فضائي والأجنحة، منشورات الدار المصرية اللبنانية، القاهرة 1998، ص 34

30 - البرناسية Le parnassisme ou le Parnasse : مذهب أدبي فلسفي لا ديني قام على معارضة الرومانسية من حيث أنها مذهب الذاتية في الشعر، وعرض عواطف الفرد

31 - سعاد الصباح : امرأة بلا سواحل، قصيدة :للأنثى قصيدتها،،،وللرجل شهوة القتل، دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع الكويت 1994، ص61

32 - سعاد الصباح : لآلئ الخليج، مختارات شعرية بالعربية والألمانية. ترجمة د. عدنان جواد الطعمة. ط1/ ماربورغ 1995 ، ص 81

33 - نزار قباني : "الله و الشعر " ، مجلة "الآداب" البيروتية ، عدد 04 ، أفريل 1957 ، ص 02 .

34 - سعاد الصباح : لآلئ الخليج، ترجمة د. عدنان جواد الطعمة، ص 123

35 زكية مال الله ، ديوان اسفار الذات، الأعمال الكاملة ، ج 2، المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، قطر 2006

36 بنظر حمادي ، عبد الله . البرزخ والسكين ، دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع، ط3، الجزائر،2002 ، ص 05

37 زكية مال الله، ديوان مرجان الضوء، مركز الحضارة العربية ،ط1، القاهرة، 2006ص 64.

38 ألبيرس ، ر. م . الاتجاهات الأدبية الحديثة ، ترجمة جورج طرابيشي،ط3، منشورات عوبدات ، بيروت / باريس ، 1983 ، ص 126

39 زكية مال الله، ديوان من أسفار الذات ،

40 حمادي ، عبد الله . البرزخ والسكين ، ص 06 .

1 للتوسع والاستزادة راجع : تر الباحث Rita Felski,Literature after Feminism, The university of Chicago Press,2003 p-27-29

2 راجع :مسوعة ويكيبيديا الحرة : https://fr.wikipedia.org/wiki/Clara_Zetkin

3 عصام واصل : في تحليل الخطاب الشعري، دراسات سيميائية، داتر التنوير ن الجزائر ، ط1 2013. ص 123

4 - فاطمة الشيدي : هوية الكتابة الأنثوية في عمان ، مجلة نزوى ، مجلة أدبية ثقافية فصلية، تصدر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، العدد رقم 24 / أكتوبر 2000 ، ص 45

5 - نازك الأعرجي : صوت الأنثى، دار الأهالي، دمشق 1997، ص 26-31

6 - للاستزادة ينظر : زهرة الجلاصي : النص المؤنث، دار سراس ،تونس 2002، ص11

7 - شرين أبو النجا : نسائي أو نسوي، منشورات مكتبة الأسرة، القاهرة 2002،ص 8-9

8 - إبراهيم الناصر : الحركة النسوية الغربية ومحاولات العولمة، ينظر موقع الكاتب على الواب ورابط الدراسة هو :

http://www.saaid.net/female/064.htm

9 - راجع : إحسان عباس : عبد الحميد بن يحى الكاتب وما تبقى من رسائله ورسائل أبي العلاء، دار الشروق للتوزيع والنشر، الأردن 1988،ص 44 -45

10 - عبد الله الغدامي : المرأة واللغة، المركز الثقافي العربي، بيروت 2006 ص6

11 - المرجع نفسه ص 8

12 - نزار قباني : الكتابة عمل انقلابي ، منشورات نزار قباني،ط1،بيروت 1975،ص 4

13 -،تر : الباحث . Catharine Stimpson : The Building of feminist Criticism, published in .R .Cohen ed. New York.1989.p135

14 - عبد الله الغدامي : المرأة واللغة ، ص 10

15 - المرجع نفسه، ص 11

16 - ظبية خميس : أدب العورة، مجلة الدوحة، مجلة شهرية ثقافية تصدر عن وزارة الثقافة القطرية، عدد 21، ص

17 - صلاح فضل :قراءة الصورة، وصورة القراءة، دار الشروق، القاهرة،ط1،1997،ص107

18 - عبد الله السمطي : انبثاق قصيدة النثر النسوية، مجلة نزوى ، مجلة أدبية ثقافية فصلية، تصدر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، العدد 55/ يوليو 2008

19 - هدى السعدي : دموع البنفسج، دار عكرمة،دمشق، سورية 2004 ص 32

20 - المصدر نفسه ص 43

21 - نفسه ص 46

22- نفسه ص 50

22 - ناصر أبو عون : جريدة عُمان، الصادرة في سلطنة عُمان، الملحق الثقافي : شرفات الأدبي ، الرابط المختصر https://goo.gl/bh51Tr

23 - سهيل زكار : في التاريخ العباسي والأندلسي : السياسي والحضاري، جامعة دمشق 1998،ص338 وما بعدها

24 - صالحة غابش : ديوان "بمن تلوذين يا بثين"، دائرة الثقافة والإعلام ، الشارقة 2002 ،ص 35

25 - إبراهيم اليوسف : صالحة غابش والاشتغال في قلب الحداثة الشعرية، جريدة الخليج الثقافي ،تصدر عن لمؤسسة دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر عدد ، 26/10/2010

26 - صالحة غابش : ديوان "بمن تلوذين يا بثين ص 14

27 - المصدر نفسه ص 65

28 - سميرة رباحية طرابلسي : مجلة الموقف الأدبي - مجلة أدبية شهرية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق - العدد 443 آذار 2008ص 164

29 - صالحة غابش : ديوان فضائي والأجنحة، منشورات الدار المصرية اللبنانية، القاهرة 1998، ص 34

30 - البرناسية Le parnassisme ou le Parnasse : مذهب أدبي فلسفي لا ديني قام على معارضة الرومانسية من حيث أنها مذهب الذاتية في الشعر، وعرض عواطف الفرد الخاصة على الناس شعراً واتخاذه وسيلة للتعبير عن الذات.. بينما تقوم البرناسية على اعتبار الفن غاية في ذاته لا وسيلة للتعبير عن الذات، وهي تهدف إلى جعل الشعر فناً موضوعياً همه استخراج الجمال من مظاهر الطبيعة أو إضفائه على تلك المظاهر، وترفض البرناسية التقيد سلفاً بأي عقيدة أو فكر أو أخلاق سابقة. وهي تتخذ شعار "الفن للفن.

31 - سعاد الصباح : امرأة بلا سواحل، قصيدة :للأنثى قصيدتها،،،وللرجل شهوة القتل، دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع الكويت 1994، ص61

32 - سعاد الصباح : لآلئ الخليج، مختارات شعرية بالعربية والألمانية. ترجمة د. عدنان جواد الطعمة. ط1/ ماربورغ 1995 ، ص 81

33 - نزار قباني : "الله و الشعر " ، مجلة "الآداب" البيروتية ، عدد 04 ، أفريل 1957 ، ص 02 .

34 - سعاد الصباح : لآلئ الخليج، ترجمة د. عدنان جواد الطعمة، ص 123

35 زكية مال الله ، ديوان اسفار الذات، الأعمال الكاملة ، ج 2، المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، قطر 2006

36 بنظر حمادي ، عبد الله . البرزخ والسكين ، دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع، ط3، الجزائر،2002 ، ص 05

37 زكية مال الله، ديوان مرجان الضوء، مركز الحضارة العربية ،ط1، القاهرة، 2006ص 64.

38 ألبيرس ، ر. م . الاتجاهات الأدبية الحديثة ، ترجمة جورج طرابيشي،ط3، منشورات عوبدات ، بيروت / باريس ، 1983 ، ص 126

39 زكية مال الله، ديوان من أسفار الذات ،

40 حمادي ، عبد الله . البرزخ والسكين ، ص 06 .

حبيب بُـوهْـرُورْ

أستاذ الأدب والنقد الحديث المشارك قسم اللغة العربية، كلية الآداب والعلوم، جامعة قطر

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article